سُورَة الروم

مكيّة وَعَدَدُ آياتها ستون آية"سورة الروم"

محتوى سورة الروم:

حيث أنّ هذه السورة جميعها نزلت بمكّة - كما هو المشهور - فإنّ محتوى السور المكية، وروحها باد عليها... أي إنّها تبحث قبل كل شيء عن المبدأ والمعاد، لأنّ فترة مكّة هي فترة تعلم الإعتقادات الإسلامية الأصلية الأساسية، كالتوحيد ومواجهة الشرك والتوجه ليوم المعاد ومحكمة العدل الإلهي والبعث والنشور.. الخ... كما تُثار خلال هذه المباحث مسائل أُخرى ترتبط بها.

ويمكن تلخيص مضامين هذه السورة في سبعة أقسام:

1 - التنبؤ بانتصار الرُوم على الفُرس في معركة تحدث في المستقبل، وذلك لما جرى من الحديث بين المسلمين والمشركين في هذا الصدد، وسيأتي تفصيل ذلك في الصفحات المقبلة بإذن الله.

2 - جانب من طريقة التفكير عند غير المؤمنين وكيفية أحوالهم، ثمّ التهديدات لهم بالعذاب والجزاء (الإلهي) في يوم القيامة.

3 - قسم مهم من آيات "عظمة الله" في الأرض والسماء، وفي وجود الإنسان، من قبيل خروج الحي من الميت، وخروج الميت من الحيّ.. وخلق الإنسان من تراب، ونظام الزوجية بالنسبة للناس، وعلاقة المودة بين كل من الزوجين، خلق السماوات والأرض واختلاف الألسن، نعمة النوم في الليلوالحركة في النهار، وظهور البرق والرعد والغيث وحياة الأرض بعد موتها، وتدبير الله لأمر السماء والأرض.

4 - الكلام عن التوحيد "الفطري" بعد بيان دلائله في الآفاق وفي الأنفس لمعرفة الله سبحانه.

5 - العودة إلى شرح أحوال غير المؤمنين والمذنبين وتفصيل حالاتهم، وظهور الفساد في الأرض نتيجة لآثامهم وذنوبهم.

6 - إشارة إلى مسألة التملك، وحق ذوي القربى، وذم الربا.

7 - العودة - مرّة أُخرى - إلى دلائل التوحيد، وآيات الله وآثاره، والمسائل المتعلقة بالمعاد.

وبشكل عام فإنّ في هذه السورة - كباقي سور القرآن الأُخرى مسائل استدلالية و عاطفية وخطابية ممزوجة مزجاً.. حتى غدت "مزيجاً" كاملا لهداية النفوس وتربيتها.

فضيلة سورة الروم:

ورد في حديث للإمام الصادق(ع) كما أشرنا إليه من قبل، في فضيلة هذه السورة وسورة العنكبوت مايلي: "من قرأ سورة العنكبوت والروم في شهر رمضان ليلة ثلاث وعشرين فهو والله ? (يا أبا محمّد) - من أهل الجنّة لا أستثني فيه أبداً، ولا أخاف أن يكتب الله علي في يميني إثماً، وإن لهاتين السورتين من الله مكاناً" (1).

وفي حديث آخر عن النّبي(ص) ورد مايلي "من قرأها كان له من الأجر عشر حسنات بعدد كل ملك سبح الله بين السماء والأرض، وأدرك ما ضيع في يومه وليلته" (2).

ومن البديهي أن من جعل محتوى هذه السورة التي هي درس عامٌ للتوحيد ومحكمة القيامة الكبرى، في روحه وقلبه، وراقب الله في كل لحظة، واعتقد بيوم الجزاء حقاً، فإن تقوى الله تملأ قلبه حتى يكون حقيقاً بهذا الأجر والثواب.


1- يونس، الآية 12.

2- ثواب الأعمال للصدوق، طبقاً لنقل تفسير نور الثقلين، ج 4، ص 164.