سُورَة النمل
مكيّة وَعَدَدُ آياتها ثلاث وتَسعون آية
محتوى سورة النمل
هذه السورة نزلت بمكّة - كما ذكرنا آنفاً - والمعروف أنّها نزلت بعد سورة الشعراء.
ومحتوى هذه السورة - بصورة عامّة - كمحتوى سائر السور المكية، فأكثر اهتمامها - من الوجهة الإعتقادية - ينصبّ على المبدأ والمعاد... وتتحدث عن الوحي والقرآن وآيات الله في عالم الإِيجاد والخلق، وكيفية المعاد والقيامة؟
وأمّا من ناحية المسائل العملية والاخلاقية، فالقسم الكبير منها يتحدث عن قصص خمسة أنبياء كرام ومواجهاتهم لاُممهم المنحرفة، لتكون هذه السورة تسلية للمؤمنين القلّة بمكّة في ذلك اليوم، وفي الوقت ذاته تكون إنذاراً للمشركين المعاندين الظالمين ليروا عواقب أمرهم في صفحات تاريخ الظلمة الماضين، فلعلهم يحذرون ويرجعون إلى الرشد.
وأحد خصائص هذه السورة هي بيان قسم مهم من قصّة النّبي سليمان وملكة سبأ، وكيفية إِيمانها بالتوحيد، وكلام الطير - كالهدهد، والحشرات كالنمل - مع سليمان(ع).
وهذه السورة سُمّيت سورة "النمل" لورود ذكر النمل فيها، والعجيب أنّها سمّيت بسورة "سليمان" كما في بعض الرّوايات "والنمل أُخرى" سليمان أحياناً، وكما سنلاحظ... فإِنّ هذه التسميات للسور ليست اعتباطاً، بل هي مدروسة ودقيقة في تسميتها، فهي من تعليمات النّبي(ص)، وتكشف عن حقيقةمهمّة يغفل عنها الناس في الظروف الإِعتيادية!.
وتتحدث هذه السورة ضمناً عن علم الله غير المحدود، وهيمنته وسلطانه على كل شيء في عالم الوجود، وحاكميته عالم عباده... والإِلتفات إلى ذلك له أثره الكبير في المسائل التربوية للإِنسان.
وتبدأ هذه السورة بالبشرى وتنتهي بالتهديد، فالبشرى للمؤمنين، والتهديد للناس بأنّ الله غير غافل عن أعمالكم.
فضيلة سورة النمل:
جاء في بعض أحاديث النّبي(ص) أنّه قال: "من قرأ طس سليمان كان له من الأجر عشر حسنات بعدد من صدّق سليمان وكذّب به، وهود وشعيب وصالح وإِبراهيم ويخرج من قبره وهو ينادي لا إله إلاّ الله"(1).
وبالرغم من أنّ هذه السورة تتحدث عن موسى وسليمان وداود وصالح ولوط، وليس فيها كلام عن هود وشعيب وإبراهيم، إِلاّ أنّه حيث أنّ جميع الأنبياء سواءٌ في دعوتهم إلى الله - فلا مجال لأن نعجب من هذا التعبير.
وورد في حديث آخر عن الإِمام الصادق(ع) أنّه قال: "من قرأ سور الطواسين الثلاث "يعني سور الشعراء والنمل والقصص" في ليلة جمعة كان من أولياء الله وفي جواره وكنفه، ولم يصبه في الدنيا بؤس أبداً، وأعطي في الآخرة من الجنّة حتى يرضى وفوق رضاه، وزوجه الله مئة زوجة من الحور العين" (2).
1- مجمع البيان ذيل الآيات وتفسير الثقلين، ج4، ص 74.
2- "ثواب الأعمال" نقلا، نور الثقلين، ج 4، ص 74.