سورة الشعراء

مكيَّة وَعَدَدُ آياتِهَا مئتان وسبع وعشرون آية

محتوى سورة الشعراء:

المعروف بين المفسّرين أنّ جميع آيات هذه السورة المائتين وسبع وعشرين نزلت في مكّة عدا الآيات الأربع الأخيرة.(1)

إيقاع آيات هذه السورة يتناغم أيضاً مع إيقاعات السور المكية الأُخرى، ونعلم أنّ السور المكية التي أنزلت في بداية دعوة الإسلام، تستند على بيان الأُصول الإعتقادية: التوحيد والمعاد، ودعوة أنبياء الله، وأهمية القرآن.

وتدور جميع موضوعات سورة الشعراء حول هذه المسائل تقريباً.

و يمكن تلخيص محتوى هذه السورة في عدة أقسام:

القسم الأوّل: مطلع هذه السورة الذي يتكون من الحروف المقطعة، ثمّ يتحدث في عظمة القرآن، وتسلية النّبي(ص) في مواجهة إصرار وحماقة المشركين، والإشارة إلى بعض دلائل التوحيد، وصفات الله تبارك وتعالى.

القسم الثّاني: يحكي جوانب من قصص سبعة أنبياء عظام ومواجهاتهم مع أقوامهم، وفي مكابرات وحماقات أُولئك حيال هؤلاء الأنبياء، حيث فصّل الحديث أكثر في بعض منها، كما في قصة موسى وفرعون، واختصره في بعض آخر منها، كما في قصّة إبراهيم ونوح وهود وصالح ولوط وشعيب.

في هذا القسم بخاصّة، أشير إلى منطق المشركين. الضعيف الممزوج بالتعصب في كل عصر وزمان في مواجهة أنبياء الله، والذي يشبه كثيراً منطق مشركي عصر النّبي(ص) ، فكان هذا سبباً في تسلية النّبي(ص) والمؤمنين الأوائل:، ليعلموا تاريخ هذا الصنف من الناس ومنطقهم، حتى لا يتأثروا ويتراخوا، وحتى لا يفسحوا للضعف والفتور ليجد طريقاً إلى أنفسهم.

وفيه بشكل خاص أيضاً، تركيز على العذاب العظيم والإبتلاءات المروعة التي حلّت بهذه الأمم، والذي هو بذاته تهديد مؤثر لأعداء النّبي في تلك الشرائط.

القسم الثّالث: وتغلب عليه جنبه الإستنتاج من القسمين الأوليين، يتناول الحديث حول النّبي(ص) ، وعظمة القرآن، وتكذيب المشركين، والأوامر الصادرة إلى النّبي(ص) فيما يتعلق بطريقة الدعوة، وكيفية التعامل مع المؤمنين، ويختم السورة بالبشرى للمؤمنين الصالحين، وبالتهديد الشديد للظالمين.

وبالمناسبة، فإنّ اسم هذه السورة أخذ من مجموعة الآيات الأخيرة التي تتحدّث حول الشعراء غير المؤمنين.

وهناك نكتة جديرة بالإِهتمام أيضاً، وهي أن هذه السورة تعتبر من أكبر السور بعد سورة البقرة من حيث عدد الآيات، وإن كانت ليست كذلك من حيث عدد الكلمات، بل هي أقصر من كثير من السور.

فضيلة سورة الشعراء:

ورد في الحديث الشريف عن رسول الاسلام(ص) في بيان أهمية تلاوة هذه السورة أنّه قال:

"من قرأ سورة الشعراء كان له من الأجر عشر حسنات بعدد كل من صدّق بنوح وكذب به، وهود وشعيب وصالح وابراهيم، وبعدد كل من كذب بعيسى وصدق بمحمّد".

ولا يخفى أن كلّ هذا الأجر والثواب ليس على التلاوة بدون التفكر والعمل بها، بل ان القرائن المتعدد في روايات فضائل السور تحكي عن أن المراد من التلاوة هي ما كانت مقدمة للتفكر، ثمّ العزم والعمل، وقد أشرتا الى ذلك سابقاً.

وممّا يؤيد هذا المعنى التعبير الوارد في نفس الحديث اعلاه، لأنّ استحقاق الحسنات بعدد المصدّقين والمكذبين للانبياء من أجل أن يكون الشخص في صف المصدّقين ويتجنّب منهج المكذبين.


1- المصدر السابق.