سورة الأنبياء

مكّيّة وعددُ آياتِها مائة وإثنتا عشرة آية

فضل سورة الأنبياء

روي عن النّبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) في فضل تلاوة هذه السورة أنّه قال (صلى الله عليه وآله وسلم): "من قرأ سورة الأنبياء حاسبه الله حساباً يسيراً، وصافحه وسلّم عليه كلّ نبي ذكر إسمه في القرآن"(1).

وعن الإمام الصادق (ع): "من قرأ سورة الأنبياء حبّاً لها كان كمن رافق النبيّين أجمعين في جنّات النعيم، وكان مهيباً في أعين الناس حياة الدنيا"(2).

إنّ جملة "حبّاً لها" مفتاح في الواقع لفهم معنى الرّوايات التي وصلتنا في مجال فضل سورة القرآن، وهي تعني أنّ الهدف ليس هو التلاوة وتلفّظ الكلمات فقط، بل عشق المحتوى، ومن المسلّم أنّ عشق المحتوى بلا عمل لا معنى له، وإذا ما ادّعى شخص أنّه يعشق السورة الفلانيّة، ويخالف عمله مفاهيمها، فإنّه يكذب.

وقد قلنا مراراً: إنّ القرآن كتاب عقيدة وعمل، والقراءة مقدّمة للتفكير والتدبّر، وهو مقدّمة للإيمان والعمل!.

محتوى السورة

1 - إنّ هذه السورة كما تدلّ عليها تسميتها هي سورة الأنبياء، لأنّ إسم ستّة

عشر نبيّاً قد جاء في هذه السورة، بعضهم بذكر نماذج وصور من حالاتهم، والبعض كإشارة، وهم:

موسى - هارون - إبراهيم - لوط - إسحاق - يعقوب - نوح - داود - سليمان - أيّوب - إسماعيل - إدريس - ذو الكفل - ذو النون (يونس) - زكريا - يحيى (عليهم السلام)، وبناءً على هذا فإنّ عمدة البحوث المهمّة في هذه السورة تدور حول مناهج الأنبياء.

وإضافة إلى هؤلاء الأنبياء، فإنّ هناك أنبياء آخرين لم تذكر أسماؤهم صريحاً في هذه السورة، لكن قد ورد الكلام حولهم، كرسول الله محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم)والمسيح عيسى بن مريم(عليهما السلام).

2 - إضافة إلى ما مرّ، فإنّ خاصية السور المكّية التي تتحدّث عن العقائد الدينيّة، وبالأخصّ المبدأ والمعاد، منعكسة تماماً في هذه السورة.

3 - بحثت هذه السورة كذلك عن توحيد الخالق، وأنّه لا خالق ولا معبود سواه، وكذلك عن خلق العالم على أساس الهدف والتخطيط، ووحدة القوانين الحاكمة على هذا العالم، وكذلك وحدة مصدر ومنبع الحياة والوجود، وكذلك إشتراك الموجودات في مسألة الفناء والموت.

4 - وتحدث جانب آخر من هذه السورة عن إنتصار الحقّ على الباطل، والتوحيد على الشرك، وجنود الحقّ على جنود إبليس.

5 - والذي يلفت النظر هنا أنّ هذه السورة تبتدىء بتهديد الناس الغافلين الجاهلين بالحساب الشديد، وتنتهي بتهديدات أُخرى في هذا المجال أيضاً.

إنّ الأنبياء الذين وردت أسماؤهم في هذه السورة، ذُكر تفصيل حياة ونشاطات بعضهم في سورة أُخرى، إلاّ أنّ التأكيد في هذه السورة كان أغلبه على أنّ هؤلاء العظام عندما كانوا يبتلون بالضائقات والمواقف الصعبة، كانوا يمدّون يد التوسّل والإستعانة نحو لطف الله وعونه، وكيف أنّ الله سبحانه كان يفتح أمامهم الطرق المغلقة، وينجّيهم من الدوامات وتلاطم أمواج البلايا.

فإبراهيم حين اُبتلي بنار نمرود.

ويونس حينما حلّ في بطن الحوت.

وزكريا عندما رأى أنّ شمس عمره قد أوشكت على الغروب ولا خليفة له يكمل مسيره.

كما أنّها تتكلّم على سائر الأنبياء عند وقوعهم في المشاكل الصعبة العسيرة.


1- تفسير نور الثقلين ج3 ص412.

2- المصدر السابق.