لا دليل على أنّ هذه الآيات منسوخة

الثاني: وعلى فرض تمامية الكبرى فإنّه لا دليل على أنّ هذه الآيات التي حكتها الآثار المذكور منسوخة، إذ لم ينقل نسخها، ولم يرد في حديث عن النبي - (صلّى الله عليه وآله وسلم) - في واحد منها أنّها منسوخة، ولقد كان المفروض أن يبلّغ - (صلّى الله عليه وآله وسلم) - الأمّة بالنسخ كما بلّغ بالنزول.

فقد ورد في الحديث أنّه قال لابيّ: " إنّ الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن " فقرأ عليه (آية الرغبة)، فلو كانت منسوخة - كما يزعمون - لأخبره بذلك ولنهاه عن تلاوتها، ولكنّه لم يفعل - إذا لو فعل لنقل - ولذا بقي اُبَيّ - كما في حديث آخر عن أبي ذرّ - يقرأ الآية بعد رسول الله - (صلّى الله عليه وآله) - معتقداً بكونها من آي القرآن العظيم.

ونازع عمر ابيّاً في قراءته (آية الحميّة) وغلّط له، فخصمه ابيّ بقوله: " لقد علمت أنّي كنت أدخل على النبي - (صلّى الله عليه وآله وسلم) - ويقرؤني وأنت بالباب، فإن أحببت أن أقرىء الناس على ما أقرأني وإلاّ لم أقرىء حرفاً ما حييت "، فقال له عمر: " بل أقرىء الناس ".

وهذا يدلّ على أنّ اُبَيّاً قد تعلّم الآية هكذا من النبي - صلّى الله عليه وآله - وجعل يقرئ الناس على ما أقرأه، ولو كان ثمّه ناسخ لعلمه ابيّ أو أخبره الرسول - (صلّى الله عليه وآله) - فكفّ عن تلك القراءة.. هذا من جهة.

ومن جهة اخرى، فإنّ قول عمر في جوابه: " بل أقرئ الناس " يدلّ على عدم وجود ناسخ للآية أصلاً، وإلاّ لذكره له في الجواب.