إبهام العقوبة ، لماذا؟

ويلاحظ هنا: أنه يوجد نوع من الإبهام للعقوبة التي تنزل بهذا النوع من الناس، حيث اكتفى بالإشارة إلى أنهم سيواجهون واديا في جهنم اسمه "ويل". ولو أخذنا جانب الإطلاق في كلمة "ويل"، وفسّرناه بما يوجب الحَرَبَ والويل، والمصائب والبلايا، فإننا نجد أنه لم يذكر ما هو حجم العقوبة ولا حدّد نوعها. فهو لم يقل: أنه سيعذّبهم بعذاب جهنم، أو أن لهم مقامع من حديد، أو أنه سيطعمهم من الزقّوم والضريع الخ. بل ترك الأمر مبهماً فيما يرتبط بما سيواجهونه من مصير.

فقد يقال: إن هذا الإبهام قد قصد به التهويل بالأمر وتعظيمه ليذهب تفكير الإنسان وخياله في تصور هول هذا العذاب أو هذا المصير المشؤوم إلى أي مدى شاء؛ بحيث لا يريد أن يضع لتصوراته أي حدود أو قيود.

وقد يكون سبب هذا الإبهام ( إذا فسرنا الويل بالمصائب والبلايا ) أنه يريد أن لا يتحدّث عن عذابهم بصورة تفصيلية، فاكتفى بإثبات المصاب العظيم لهم، ولم يحدد كونه في الآخرة أو في الدنيا، ولا غير ذلك من خصوصياته وحالاته. وذلك مسايرة منه للتخيّل الحاصل لهم؛ لأنهم يكذبون بالدين، فإن إبهام العقاب، وكميته، ونوعه، وموقعه: أين، وكيف، وما هي وسائله، ومراحله، يتناسب مع ما يدور في خلدهم، ومع الذهنية التي يعيشونها؛ وذلك ليفهمهم أن تكذيبهم بالدين لا يحل مشكلتهم، ولا ينجيهم من عقابه سبحانه وتعالى.