الآيتان 108 - 109

﴿تِلْكَ ءَايَـاتُ اللهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِ وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعَـالَمِينَ *وَللهِ مَا فِي السَّمَـاوَاتِ وَمَا فِي الاَْرْضِ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الاُْمُورُ﴾

التّفسير

هذه الآية إشارة إلى ما تعرضت الآيات السابقة له حول الإيمان والكفر، والإتحاد، والإختلاف، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وآثارها وعواقبها، إذ تقول: (تلك آيات الله نتلوها عليك بالحقّ وما الله يريد ظلماً للعالمين) فكلّ هذه الآيات تحذيرات عن تلك العواقب السيئة التي تترتب على أفعال الناس أنفسهم (وما الله يريد ظلماً للعالمين) وإنما هي آثار سيئة يجنيها الناس بأيديهم.

ويدلُّ على ذلك أن الله لا يحتاج إلى ظلم أحد، كيف وهو القوي المالك لكلّ شيء وإنما يحتاج إلى الظلم الضعيف، وإلى هذا يشير قوله سبحانه (ولله ما في السماوات وما في الأرض وإلى الله ترجع الأُمور).

فالآية- في الحقيقة- تشتمل على دليلين على عدم صدور الظلم منه سبحانه:

الأوّل: إن الله مالك الوجود كلّه فله ما في السماوات وما في الأرض، فلا معنى للظلم ولا موجب له عنده، وإنما يظلم الآخرين ويعتدي عليهم من يفقد شيئاً، وإلى هذا يشير المقطع الأول من الآية وهو قوله تعالى: (ولله ما في السماوات وما في الأرض).

الثاني: إن الظلم يمكن صدوره ممّن تقع الأُمور دون إرادته ورضاه، أما من ترجع إليه الأُمور جميعاً، وليس لأحد أن يعمل شيئاً بدون إذنه فلا يمكن صدور الظلم منه، وإلى هذا يشير قوله سبحانه: (وإلى الله ترجع الأُمور).