الآيتان 70 - 71

﴿يَـأَهْلَ الْكِتَـابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَـاتِ اللهِ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ *يَأَهْلَ الْكِتَـابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَـاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾

التّفسير

كتمان الحقّ لماذا؟

تعقيباً للحديث عن الأعمال التخريبية لأهل الكتاب الواردة في الآية السابقة، توجّه هاتان الآيتان الخطاب لأهل الكتاب وتلومهم على كتمانهم للحقائق وعدم التسليم لها.

فتقول:

(يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون)(1).

السؤال هنا أيضاً موجه إلى أهل الكتاب عمّا يدعوهم إلى العناد واللجاجة والإصرار عليهما بعد أن قرأوا علامات نبي الإسلام في التوراة والإنجيل ويعلمون ما فيهما، فلماذا ينكرونها؟

(يا أهل الكتاب لم تلبسون الحقّ بالباطل).

مرّة اُخرى يستنكر القرآن قيامهم بالخلط بين الحقّ والباطل، وإخفاءهم الحقّ مع علمهم به، فهم على علمهم بالأمارات الواردة في التوراة والإنجيل عن رسول الإسلام (ص) يخفونها.

إنّه يوبّخهم أوّلاً على إنحرافهم عن طريق الحقّ مع علمهم به، ثمّ يوبّخهم في الآية الثانية على تضليلهم الآخرين(2).


1- "طائفة" من مادة الطواف. بمعنى الحركة حول الشيء. وبما أن الناس كانوا في السابق يسافرون بشكل جماعات لاحراز الأمان اطلقت هذه الكلمة عليها، ثمّ استعملت في كل فئة وجماعة.

2- "لو" في جملة (لو يضلّونكم) بمعنى (أن) المصدرية، وبما أن (لو) تعطي معنى التمني جاءت في هذه الجملة بدل (أن) ليكون التعبير أبلغ. - جملة "تشهدون" تعني العلم والمعرفة وفقاً للتفسير أعلاه، كما ورد في مجمع البيان وغيره - وهذا العلم ناشىء من اطلاعهم على أوصاف النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)الواردة في التوراة والإنجيل، ولكن البعض يرى أن المراد بالعلم هنا هو كفاية المعجزات لإثبات نبوة نبي الإسلام. وذهب آخرون إلى أن المراد تنكرون بها في الظاهر، ولكن في جلساتكم الخاصّة تشهدون بصدق دعوة نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم)وحقانيته.