الآيتان 62 - 63
﴿إِنَّ هَـذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَـه إِلاَّ اللهُ وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللهَ عَلِيمُ بِالْمُفْسِدِينَ﴾
التّفسير
تقول الآية- بعد شرح حياة المسيح (عليه السلام) ـ: إنّ ما قصصناه عليك من قصة عيسى حقيقة أنزلها الله عليك.
وعليه، فإنّ المزاعم الباطلة القائلة باُلوهية المسيح، أو إعتباره ابن الله، أو بعكس ذلك إعتباره لقيطاً، كلّها خرافات باطلة (إنَّ هذا لهوَ القصصُ الحقّ).
ثمّ تضيف للتوكيد: إنّ الذي يليق للعبادة هو الله (وما من إله إلاَّ الله)وحده، وأن اتّخاذ معبود آخر دونه عمل بعيد عن الحقّ والحقيقة (وان الله لهو العزيز الحكيم) فهو قادر على أن يخلق ولداً بدون أب، وذلك على الله يسير.
"القصص" مفرد، تعني القصّة، وهي في الأصل من "القص" بمعنى تعقّب الأثر.
في موضع آخر من القرآن قالت أُمّ موسى لابنتها "قصّيه" أي عقّبيه وابحثيعنه (وقالت لأُخته قصّيه)(1) وقولهم لثأر الدم "القصاص" لأنّه تتبعلحقوق أصحاب الدم.
و"القصّة" تعني بتاريخ القدامى والبحث في سير حياتهم ومن ذلك يعلم أن المشار إليه في (هذا) هو قصة حياه المسيح لا القرآن الكريم ولا قصص الأنبياء.
الآية الثانية تهدد من لم يستسلم هؤلاء للحقّ بعد الاستدلالات المنطقية في القرآن بشأن المسيح (عليه السلام)، وكذلك إذا لم يخضعوا للمباهلة واستمرّوا في عنادهم وتعصّبهم، لأن ذلك دليل على أنّهم ليسوا طلاّب حقّ، بل هم مقيّدون بأغلال تعصّبهم المجحف، وأهوائهم الجامحة، وتقاليدهم المتحجّرة، وبذلك يكونون من المفسدين في المجتمع: (فان تولوا فإن الله عليم بالمفسدين).
لأن هدفهم تخدير الناس وإفساد العقائد السليمة لأفراد المجتمع، ومن المعلوم أن الله تعالى يعرف هؤلاء، ويعلم بنياتهم وسيجازيهم في الوقت المناسب.
1- النحل: 120.