المكذب بالدين لا ينتفع بأفضل أعماله

تفسير قوله تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ﴾ (الماعون/4) ﴿الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ (الماعون/5)

ثم قال تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ﴾ ولنبدأ حديثنا في هذه الآية عن الفاء، فهل هي للسببية أو للتفريع؛ فإن كانت للسببية، كان المعنى: أن من يفعل تلك الأمور يصير إنسانًا سيئًا إلى درجة أن تنقلب حسناته، وأشرف وأفضل أعماله إلى سيئات، مع أنها يفترض أن تسهم في تهذيب نفسه، وترسيخ كمالاته، وتصفية روحه، وتأكيد فضائله. حتى أن صلاته، التي يفترض أن تكون معراجه إلى الله، ووسيلة القرب إليه تعالى، وتسهم بتطهير نفسه، تصبح في خدمة الرذيلة، حين يستعملها لخدمة الأهداف السيئة، ومعولاً يستعمله في هدم فضائله وكمالاته، ومروءته، وشرفه، فهو يرائي بصلاته، وبأعماله الصالحة ليخدع الناس، ويكيدهم بها، وليتوغّل في المعصية، وليسيء إلى الآخرين، فيسلب أموالهم، ويتسلّط عليهم، ويتوصل بها إلى ارتكاب الموبقات، التي تلوّث روحه وتهدم شخصيته الإيمانية والإنسانية.