النوع العاشر (ما أوله الراء)

(راء) ﴿ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم﴾ (1) قال ابن عرفة: ألم تعجب.

وقال سيبويه (2): سألت الخليل عن ﴿ألم تر﴾ (3) فقال: معناه التنبيه كأنه قال ألم تسمع ﴿ورؤيا﴾ (4) بهمزة ساكنة قبل الياء ما رأيت من شارة وهيئة وان شئت قلت المنظر الحسن، وريا بغير همز يجوز أن يكون من الري أي منظرهم مرتو من النعمة.

وزيا بالزاي المعجمة يعني هيئة ومنظرا وقرئت بهذه الثلاثة أوجه ﴿وأرنا مناسكنا﴾ (5) أي عرفنا والرؤية بمعنى العلم، قال تعالى: ﴿لأريناكهم﴾ (6) فهو يرى ﴿وما جعلنا الرؤيا التي أريناك فتنة للناس﴾ (7) قيل: هي رؤية العين المذكورة من الاسراء إلى بيت المقدس، والمعارج، والفتنة الامتحان وشدة التكليف ليعرض المصدق بذلك لجزيل الثواب، والمكذب لأليم العقاب، وقيل الرؤيا التي في قوله: ﴿لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام﴾ (8) رأى رسول الله و هو بالمدينة حين صده المشركون، وإنما كانت فتنة لما دخل على بعض المسلمين من الشبهة و الشك لما تراخى الدخول إلى مكة حتى العام القابل، وقيل: هي رؤيا في منامه ان قرودا تصعد منبره وتنزل، وعلى هذا التأويل قيل: ان الشجرة الملعونة في القرآن هي بنو أمية، و ﴿أ رأيتم إن كنت﴾ (9) أي أخبروني عن هذا، و قيل ﴿أ رأيتكم﴾ (10) هو استفهام تعجب والكاف حرف خطاب أكد به الضمير للتأكيد لا محل له من الأعراب لأنك تقول: أ رأيك زيدا ما شأنه! فلو جعلت الكاف مفعولا كما قال الكوفيون: عديت الفعل إلى ثلاث مفاعيل، وللزم أن تقول: أرأيتموكم بل الفعل معلق عن العمل بالاستفهام أو المفعول محذوف تقديره أرأيتكم آلهتكم تنفعكم إذا تدعونها.

(ربا) ﴿أربى من أمة﴾ (11) أي أزيد عددا، ومن هذا سمي الرباء ويربو يزيد ﴿وربت﴾ (12) انتفخت، و ﴿زبدا رابيا﴾ (13) عاليا، و ﴿أخذة رابية﴾ (14) شديدة زائدة في الشدة كما زادت قبائحهم في القبح، و ﴿ربوة ذات قرار ومعين﴾ (15) قيل هي دمشق، والربوة مثلثة الراء الارتفاع من الأرض، وذات قرار يستقر فيها الماء للعمارة.

ومعين ماء طاهر جار، و ﴿ربا﴾ (16) أصله الزيادة لأن صاحبه يزيد على ماله، ومنه أربى فلان إذا زاد عليه في القول.

(رجا) ﴿و الملك على أرجائها﴾ (17) أي جوانبها واحدها رجى مقصور يعني ان السماء تتشقق وهي مسكن الملائكة فيفيضون إلى أطرافها وحافاتها، و ﴿ترجي﴾ (18) بهمز وغير همز تؤخر، وتؤوي، تضم يعني تترك مضاجعة من تشاء منهن أو تطلق من تشاء وتمسك من تشاء، ولا تقسم لأيتهن شئت، وكان صلى الله عليه وآله يقسم بين أزواجه فأبيح له ترك ذلك، و ﴿مرجعون﴾ (19) مؤخرون و ﴿أرجه﴾ (20) أي إحبسه وآخر أمره.

(رخا) ﴿رخاء حيث أصاب﴾ (21) أي رخوة لينة ﴿حيث أصاب﴾ (22) حيث أراد، ويقال: أصاب الله بك خيرا، أي أراد الله بك خيرا، نقل ان الريح كانت مطيعة لسليمان إذا أراد أن تعصف عصفت وإذا أراد أن ترخي أرخت، وهو معنى قوله: ﴿رخاء حيث أصاب﴾ (23).

(ردا) ﴿ردءا يصدقني﴾ (24) أي معينا، يقال: ردأته على عدوه، أي أعنته عليه ورداء: زيادة.

وعن الفراء (25) العرب تقول: الإبل تردى على مائة، أي تزيد عليها و ﴿أرديكم﴾ (26) أي أهلككم، وكذلك ﴿تردى﴾ (27) فإنه تفعل من الودي أعني الهلاك، ويقال: سقط على رأسه، من قولهم: تردى فلان من رأس الجبل إذا سقط أي مات فسقط في قبره ﴿والمتردية﴾ (28) التي تردت وسقطت من جبل أو حائط أوفي بئر وما تدرك ذكاتها.

(رسا) ﴿قدور راسيات﴾ (29) يعني ثابتات في أماكنها لا تزلزل لعظمها، ويقال: أثافيها ومراسيها، أي ارساؤها أي افراءها، وقرئ ﴿مرساها﴾ (30) بالفتح أي استقرارها، وقرئ ﴿مجريها ومرسيها﴾ (31) بالياء، و ﴿أيان مرساها﴾ (32) أي متى مثبتها من أرساها الله أثبتها، أي متى الوقت التي تقوم فيه القيامة، وليس من القيام على الرجل وإنما هو كقولك: قام الحق، أي خلا وثبت، و ﴿رواسي﴾ (33) ثوابت معنى ﴿والجبال أرساها﴾ (34) أثبتها.

(رعا) ﴿الرعاء﴾ (35) جمع الراع، و ﴿راعنا﴾ (36) من الرعى، وهو حفظ العين لمصلحة، يقال: رعيت الرجل إذا تأملته وحفظته وتعرفت أحواله، ومنه ﴿راعون﴾ (37) فكان المسلمون يقولون للنبي صلى الله عليه وآله: راعنا، وكان اليهود يقولونها وهي بلغتهم سب، فأمر الله المؤمنين أن لا يقولوها، وعن الأزهري: الظاهر أن معنى راعنا أرعنا سمعك، وكان اليهود يذهبون بها إلى الرعونة وهي الحمق، قوله ﴿واسمع غير مسمع وراعنا﴾ (38) أي انظرنا نكلمك أو نفهم كلامك (39).

(رقا) رقاء. صاحب رقية، وقوله: ﴿وقيل من راق﴾ (40) أي هل من طبيب يرقى، وقيل.

معنى من راق يرقى بروحه ملائكة، أو ملائكة العذاب، و ﴿ترقى في السماء﴾ (41) أي في معارج السماء فحذف المضاف ﴿ولن نؤمن لرقيك﴾ (42) أي لأجل رقيك، وقوله: ﴿فليرتقوا في الأسباب﴾ (43) أي فليصعدوا في معارج السماء وطرقها التي يتوصل بها إلى العرش ويدبر أوامر العالم.

(رها) ﴿رهوا﴾ (44) أي ساكنا كهيئته بعد أن ضربه موسى عليه السلام.

وذلك أن موسى عليه السلام لما سأل ربه يرسل البحر خوفا من فرعون أن يعبر في أثره، قال تعالى: ﴿واترك البحر رهوا إنهم جند مغرقون﴾ (45) ويقال: رهوا منفرجا، ورهوا حال من موسى أي على هيئتك، ويجوز أن يكون من البحر أي دعه ساكنا، وقيل رهوا طريقا واسعا، وعن ابن الاعرابي (46) واسعا، وقيل دمثا وهو السهل الذي ليس برمل.


1. البقرة: 243.

2. مريم: 74.

3. البقرة: 128.

4. محمد 30.

5. اسرى: 60.

6. الفتح: 27.

7. هود: 28، 63، 88.

8. الأنعام: 40، 47.

9. النحل: 92.

10. الحج: 5.

11. الرعد: 19.

12. الحاقة: 10.

13. المؤمنون: 51.

14. الروم: 29.

15. الحاقة: 17.

16. الأحزاب: 51.

17. التوبة: 107.

18. الأعراف: 110، الشعراء: 36.

19. ص 36.

20. ص 36.

21. ص 36.

22. القصص: 34.

23. الفراء أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله ابن مروان الديلمي النحوي اللغوي، الملقب بالفراء توفى بطريق مكة سنة 207 للهجرة عن سبع وستين سنة.

24. فصلت: 23.

25. الليل: 11.

26. المائدة: 4.

27. سبأ: 13.

28. هود: 11.

29. هود: 11.

30. الأعراف: 186.

31. الحجر: 19، الرعد: 3، النحل: 15، الأنبياء: 31، النمل 61، المرسلات: 27.

32. النازعات: 32.

33. القصص: 23.

34. البقرة: 104، النساء: 45.

35. المؤمنون: 8.

36. النساء: 45.

37. في مجمع البحرين: أي أرعنا سمعك من أرعية سمعي أي أصغيت إليه والياء ذهبت للامر.

38. القيامة: 27.

39. اسرى: 93.

40. اسرى: 93.

41. ص: 10.

42. الدخان: 24.

43. الدخان: 24.

44. ابن الأعرابي: أبو عبد الله محمد بن زياد الكوفي المشتهر بابن الأعرابي ولد في رجب سنة 150 للهجرة وتوفي في شعبان سنة 231 للهجرة.

45. يوسف: 88.

46. يوسف: 88.