النوع الثاني (ما أوله باء)

(بدأ) بدأ بالأمر: مهموز، وبداه بمعنى قال تعالى: ﴿كما بدأنا أول خلق نعيده﴾ (1) و ﴿فبداء بأوعيتهم﴾ (2) و ﴿بادئ الرأي﴾ (3) بالهمزة أول الرأي وبغير همز ظاهر الرأي، قال أبو إسحاق (4): أي في بادئ الرأي فحذفت في.

ويجوز أن يكون اتباعا ظاهرا وكلهم قرأ بغير همز غير أبي عمرو (5)، و ﴿وما يبدئ الباطل﴾ (6) يعني إبليس، وإبداء الشئ ظهوره.

قال تعالى: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها﴾ (7) ومنه سميت البادية لظهورها، ومنه ﴿ثم بدا لهم﴾ (8) وباد من البلد، وقال تعالى: ﴿سواء العاكف فيه والباد﴾ (9) وبادون في الأعراب خارجون إلى البدو.

(برا) البرية: الخلق مأخوذ من براء الله الخلق أي خلفهم فترك همزها إذ العرب تترك الهمزة في خمس: البرية من براء، والنبي من أنبياء، و الذرية من ذراء، والروية من رواء، والأخبية من خباء، ومنهم من يجعلها من إبرأ، وهو التراب لخلق آدم منه، والخالق الباري المصور، قيل الخالق المقدر لما يوجد، والبارئ المميز بعضه عن بعض الأشكال المختلفة، والمصور الممثل، وقوله: ﴿ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها﴾ (10).

نبرأها للنفس أو المصيبة والمراد بالمصيبة في الأرض مثل القحط ونقص الثمار، وفي الأنفس مثل الأمراض والثكل بالأولاد، والمراد بالكتاب اللوح المحفوظ، ثم بين تعالى وجه الحكمة في ذلك بقوله: ﴿لكيلا تأسوا على ما فاتكم﴾ (11) من نعم الدنيا ﴿ولا تفرحوا بما أتيكم﴾ (12) الله، والمعنى: إنكم إذا علمتم أن كل شئ مقدر مكتوب عند الله قل حزنكم على الفائت وفرحكم على الآتي، وكذا إذا علمتم أن شيئا منها لا يبقى لم تهتموا لأجله، واهتممتم لأمور الآخرة التي تدوم ولا تبعيد، وبراء بالضم أي بريئون، وقرئ أنا براء بالفتح ومما تعبدون.

(بطاء) ﴿وإن منكم لمن ليبطئن﴾ (13) المبطئون المنافقون الذين تثاقلوا وتخلفوا عن الجهاد من بطاء بمعنى أبطأ.

(بغا) البغي: المرأة الفاجرة، وقال تعالى ﴿وما كانت أمك بغيا﴾ (14) والبغي الزناء، وبغيت الشئ طلبته.

قال تعالى: ﴿أ فغير دين الله يبغون﴾ (15) و ﴿بغيا أن ينزل الله﴾ (16) أي طلبا أن ينزل، وباغ طالب.

وقوله: ﴿غير باغ ولا عاد﴾ (17) أي لا يبغي الميتة ولا يطلبها وهو يجد غيرها: ولا عاد أي لا يعدو شبعه، وأصل البغي الحسد، سمي الظالم بغيا لأن الحاسد ظالم، ومنه ﴿بغى عليه﴾ (18) والبغي الفساد، و ﴿بغيكم على أنفسكم﴾ (19) أي فسادكم عليها، و ﴿فبغى عليهم﴾ (20) ترفع عليهم وجاوز المقدار ﴿وما ينبغي للرحمن﴾ (21) أي ما يتأتى للرحمن اتخاذ الولد ولا يصلح له ذلك، يقال: ما ينبغي لك أن تفعل كذا، أي ما يصلح لك ذلك.

(بقا) ﴿بقية الله خير لكم﴾ (22) أي ما أبقى الله لكم من الحلال ولم يحرمه عليكم فيه مقنع ورضى فذلك خير لكم ﴿وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون﴾ (23) أي في التابوت ما تكسر من الألواح التي كتب الله لموسى عليه السلام وعصى موسى وثيابه وعمامة هارون، و ﴿أولوا بقية﴾ (24) تميزا وطاعة، وفي فلان بقية أي فضل مما يمدح به والباقي من صفات الله تعالى لذاته، ومعناه الموجود لم يذل (25) ﴿فهل ترى لهم من باقية﴾ (26) أي بقية، أو من نفس باقية، أو من بقاء مصدر كالعافية ﴿والباقيات الصالحات﴾ (27) الصلاة الخمس، ويقال سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.

(بكا) ﴿بكيا﴾ (28) جمع باك وأصله بكويا على فعول فأدغمت الواو في الياء ﴿فما بكت عليهم السماء والأرض﴾ (29) عن ابن عباس (30) ما من مؤمن إلا ويبكي عليه - إذا مات - مصلاه وباب ارتفاع عمله، وقيل أهل السماء فحذف.

وقيل العرب تقول إذا هلك العظيم فيها بكت عليه السماء وكسفت لموته الشمس.

(بلا) البلاء: الاسم من بلاه يبلوه إذا اختبره، قال تعالى: ﴿إن هذا لهو البلاء المبين﴾ (31) أي الاختبار، وقيل أي النعمة من أبلاه، والبلاء على ثلاث أوجه نعمة واختبار ومكروه، وتبلوه تخبره، ولنبلون لنختبرن ﴿وإذا أبتلى إبراهيم ربه بكلمات﴾ (32) اختبره بما تعبده به من السنين، وقيل هي عشر خصال، خمس في الرأس، وهي: الفرق، والسواك، والمضمضة، والاستنشاق، وقص الشارب.

وخمس في البدن: الختان، وحلق العانة، والاستنجاء، وتقليم الأظافر، نتف الإبط.

﴿فأتمهن﴾ (33) عمل بهن ولم يدع منهن شيئا.

(بنا) ﴿بنيان مرصوص﴾ (34) البنيان الحائط و ﴿أبنوا عليهم بنيانا﴾ (35) عن ابن عباس بنوا له حائطا من حجارة طوله في السماء ثلاثون ذراعا وعرضه عشرون ذراعا وملؤه نارا وألقوه فيها.

(بوا) ﴿وبائوا بغضب﴾ (36) انصرفوا بذلك ولا يقال إلا بالشر ويقال باء بكذا إذا أقر به و ﴿تبوء باسمي واسمك﴾ (37) تنصرف بهما يعني باثم قتلي وإثمك الذي من أجله لم يتقبل قربانك فتكون من أصحاب النار.

قوله: ﴿ولقد بوأنا بني إسرائيل﴾ (38) أي أنزلناهم ويقال جعلنا لهم مباء وهو المنزل الملزوم.

وتبوأ الدار لزمها واتخذها مسكنا، و ﴿ولنبوئنهم في الدنيا حسنة﴾ (39) قيل معناه لنبوئهم مباءة حسنة وهي المدينة أو أهم الأنصار ونصروهم ﴿والذين تبوؤا الدار﴾ (40) أي المدينة، و ﴿تبوأ لقومكما بمصر بيوتا﴾ (41) أي اتخذا بناء، و ﴿تبوى المؤمنين مقاعد للقتال﴾ (42) أي تنزلهم أو تسوي، وتهئ لهم ﴿يتبوأ منها حيث يشاء﴾ (43) أي ينزل من بلدها حيث يهوى.


1. هود: 27.

2. أبو إسحاق، عمرو بن عبد الله بن علي الكوفي الهمذاني السبيعي من أعيان التابعين، وكان من ثقات الإمام علي بن الحسين " ع " ولد لثلاث سنين بقين من خلافة عثمان وتوفى سنة 127 للهجرة وقيل السنة 128 وقيل سنة 119 للهجرة.

3. أبي عمرو: أبو عمرو بن العلاء المازني البصري، قيل إن كنيته اسمه وقيل اسمه زبان بن العلاء وهو أحد القراء السبعة، كان أعلم الناس بالقرآن والعربية والشعر والنحو، وكان من أشراف العرب ووجوهها، توفي سنة 154 للهجرة. ودفن بالكوفة.

4. النور: 31.

5. سبأ: 49.

6. يوسف: 35.

7. الحج: 25.

8. الحديد: 22.

9. الحديد: 23.

10. الحديد: 23.

11. النساء: 71.

12. مريم: 28.

13. آل عمران: 83.

14. البقرة: 90.

15. الأنعام: 145.

16. الحج: 60.

17. هود: 86.

18. القصص: 76.

19. مريم: 93.

20. يونس: 23.

21. البقرة: 248.

22. هود: 117.

23. وهو من لا ينتهي تقدير وجوده في الاستقبال إلى آخر ينتهي إليه.

24. الحاقة: 8.

25. هود: 47.

26. مريم: 58.

27. الدخان: 29.

28. ابن عباس: عبد الله ابن العباس بن عبد المطلب، كان حبر هذه الأمة وترجمان القرآن، له تفسير مطبوع كف بصره في أواخر عمره وتوفي بالطائف سنة 68 للهجرة.

29. الصافات: 106.

30. البقرة: 124.

31. البقرة: 124.

32. الصف: 4.

33. الكهف: 21.

34. البقرة: 61.

35. المائدة: 32.

36. يونس: 92.

37. النحل: 41.

38. الحشر: 9.

39. يونس: 87.

40. آل عمران/121.

41. يوسف: 56.

42. الدهر: 13.

43. البقرة: 102.