تفسير سورة البلد
1 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من كان قرائته في فريضة " لا أقسم بهذا البلد " كان في الدنيا معروفا انه من الصالحين، وكان في الآخرة معروفا أن له من الله مكانا، وكان يوم القيامة من رفقاء النبيين والشهداء والصالحين.
2 - في مجمع البيان أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قرأها أعطاه الله الامن من غضبه يوم القيامة.
3 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن أحمد بن محمد بن عبد الله رفعه في قوله تعالى: لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد ووالد وما ولد قال: أمير المؤمنين عليه السلام وما ولد من الأئمة.
4 - في الكافي علي بن إبراهيم عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: كانت الجاهلية يعظمون المحرم ولا يقسمون به، ولا شهر رجب ولا يعرضون فيهما لمن كان فيهما ذاهبا أو جائيا وإن كان قتل أباه.
ولا لشئ يخرج من الحرم دابة أو شاة أو بعيرا أو غير ذلك، فقال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وآله: " لا أقسم بهذا البلد * وأنت حل بهذا البلد " قال: فبلغ من جهلهم انهم استحلوا قتل النبي صلى الله عليه وآله وعظموا أيام الشهر حيث يقسمون به فينقضون.
5 - علي بن إبراهيم عن إسماعيل بن مهران عن يونس عن بعض أصحابنا قال: سألته عن قول الله عز وجل " فلا أقسم بمواقع النجوم " قال: عظم اثم من يحلف بها، قال: وكان أهل الجاهلية يعظمون الحرم ولا يقسمون به ويستحلون حرمة الله فيه، ولا يعرضون لمن كان فيه ولا يخرجون منه دابة، فقال الله تبارك وتعالى: " لا أقسم بهذا البلد * وأنت حل بهذا البلد * ووالد وما ولد " قال: يعظمون البلدان يحلفون به ويستحلون فيه حرمة رسول الله صلى الله عليه وآله.
6 - في مجمع البيان " لا أقسم بهذا البلد " أجمع المفسرون على أن هذا قسم بالبلد الحرام وهو مكة " وأنت حل بهذا البلد " تشرف من حل به من الرسول الداعي إلى توحيده واخلاص عبادته، وقيل معناه وأنت محل بهذا البلد وهو ضد المحرم، والمراد أنت حلال لك قتل من رأيت من الكفار، وذلك حين أمر بالقتال يوم فتح مكة فأحلها الله له حتى قاتل وقتل وقد قال صلى الله عليه وآله: لم تحل لاحد قبلي ولا تحل لاحد بعدى ولم تحل لي الا ساعة من نهار، عن ابن عباس ومجاهد و عطا وهذا وعد من الله لنبيه صلى الله عليه وآله أن يحل له مكة حتى يقاتل فيها ويفتحها على يده ويكون بها يصنع بها ما يريد من القتل والأسر، وقد فعل سبحانه ذلك فدخلها غلبة وكرها وقتل ابن أخطل وهو متعلق بأستار الكعبة، ومقيس بن صبابة (1) وغيرهما وقيل: معناه: لا أقسم بهذا البلد وأنت حلال منتهك الحرمة مستباح العرض لا تحترمفلا يبقى للبلد حرمة حيث هتكت عن أبي مسلم وهو المروى عن أبي عبد الله عليه السلام قال كانت قريش تعظم البلد وتستحل محمدا فيه، فقال: " لا أقسم بهذا البلد * و أنت حل بهذا البلد " يريد انهم استحلوك فيه وكذبوك وشتموك، وكانوا لا يأخذ الرجل منهم فيه قاتل أبيه ويتقلدون لحاء شجر الحرم فيأمنون بتقليدهم إياه فاستحلوا من رسول الله صلى الله عليه وآله ما لم يستحلوا من غيره فعاب الله ذلك عليهم.
" ووالد وما ولد " يعنى آدم وذريته إلى قوله وقيل آدم وما ولد من الأنبياء والأوصياء وأتباعهم عن أبي عبد الله عليه السلام.
7 - في تفسير علي بن إبراهيم " لا أقسم بهذا البلد " والبلد مكة " وأنت حل بهذا البلد " قال: كانت قريش لا يستحلون ان يظلموا أحدا في هذا البلد ويستحلون ظلمك فيه " ووالد وما ولد " قال: آدم وما ولد من الأنبياء والأوصياء لقد خلقنا الانسان في كبد أي منتصبا.
8 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى حماد بن عثمان قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام انا نرى الدواب في بطون أيديها الرقعتين مثل الكي فمن أي شئ ذلك؟فقال: ذلك موضع منخريه في بطن أمه، وابن آدم منتصب في بطن أمه، وذلك قول الله عز وجل: " لقد خلقنا الانسان في كبد " وما سوى ابن آدم فرأسه في دبره ويداه بين يديه.
9 - في أصول الكافي علي بن محمد مرسلا عن أبي الحسن الرضا عليه السلام حديث طويل وفيه يقول عليه السلام: وهو قائم ليس على معنى انتصاب وقيام على ساق في كبد كما قامت الأشياء، ولكن قائم يخبر انه حافظ كقول الرجل القائم بأمرنا فلان.
10 - في تفسير علي بن إبراهيم باسناده إلى الحسين بن أبي يعقوب عن بعض أصحابه عن أبي جعفر عليه السلام في قوله أيحسب ان لن يقدر عليه أحد يعنى يقتل في قتله ابنة النبي صلى الله عليه وآله يقول: أهلكت مالا لبدا يعنى الذي جهز به النبي صلى الله عليه وآله في جيش العسرة.
وفيه " يقول أهلكت مالا لبدا " قال: اللبد المجتمع.
وفي رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: يقول أهلكت مالا لبدا قال: هو عمرو بن عبد ود حين عرض عليه علي بن أبي طالب عليه السلام الاسلام يوم الخندق و قال: فأين ما أنفقت فيكم مالا لبدا، وكان أنفق مالا في الصد عن السبيل الله فقتله علي عليه السلام أيحسب أن لم يره أحد قال: في فساد كان في نفسه.
ألم نجعل له عينين رسول الله صلى الله عليه وآله ولسانا يعنى أمير المؤمنين عليه السلام وشفتين يعنى الحسنين عليهما السلام.
11 - في مجمع البيان وروى عبد الحميد المدائني عن أبي حازم أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إن الله تعالى يقول: يا بن آدم ان نازعك لسانك فيما حرمت عليك فقد أعنتك عليه بطبقتين فأطبق، وان نازعك بصرك إلى بعض ما حرمت عليك فقد أعنتك عليه بطبقتين فاطبق، وان نازعك فرجك إلى ما حرمت عليك فقد أعنتك عليه بطبقتين فاطبق، وهديناه النجدين أي سبيل الخير وسبيل الشر عن علي عليه السلام.
12 - وروى أنه قيل لأمير المؤمنين عليه السلام: ان أناسا يقولون في قوله: " وهديناه النجدين " انهما الثديان فقال: لا، هما الخير والشر.
13 - وقال الحسن بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: أيها الناس هما نجدان نجد الخير ونجد الشر، فما جعل نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير؟14 - في تفسير علي بن إبراهيم متصل بآخر ما نقلنا عنه قريبا أعني قوله: يعنى الحسن والحسين " وهديناه النجدين " إلى ولايتهما.
15 - في أصول الكافي باسناده إلى حمزة بن محمد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن قول الله تعالى: " وهديناه النجدين " قال: نجد الخير والشر.
16 - في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم في قوله: " وهديناه النجدين " قال: بينا له طريق الخير وطريق الشر.
17 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن جمهور عن يونس قال: أخبرني من رفعه إلى أبى عبد الله عليه السلام في قوله عز وجل: فلا اقتحم العقبة وما ادراك ما العقبة فك رقبة يعنى بقوله: فك رقبة ولاية أمير المؤمنين، فان ذلك فك رقبة.
18 - علي بن محمد عن سهل بن زياد عن محمد بن سليمان الديلمي عن أبيه عن أبان بن تغلب عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: جعلت فداك قوله: " فلا اقتحم العقبة " قال: من أكرمه الله بولايتنا فقد جاز العقبة ونحن تلك العقبة التي من اقتحمها نجا، قال: فسكت فقال لي: فهلا أفيدك حرفا خير لك من الدنيا وما فيها؟قلت: بلى جعلت فداك، قال: قوله: " فك رقبة " ثم قال: الناس كلهم عبيد النار غيرك وأصحابك، فان الله فك رقابكم من النار بولايتنا أهل البيت.
19 - في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن محمد بن علي عن محمد بن عمر بن يزيد قال: أخبرت أبا الحسن الرضا عليه السلام انى أصبت بابنين وبقى لي ابن صغير قال: تصدق عنه، ثم قال حين حضر قيامي مر الصبي فليتصدق بيده بالكسرة والقبضة والشئ وان قل، فان كل شئ يراد به الله وان قل بعد أن تصدق النية فيه عظيم، ان الله تعالى يقول: " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره " وقال: " فلا اقتحم العقبة * وما ادراك ما العقبة * فك رقبة * أو اطعام في يوم ذي مسغبة * يتيما ذا مقربة * أو مسكينا ذا متربة " علم الله عز وجل ان كل أحد لا يقدر على فك رقبة فجعل اطعام اليتيم والمسكين مثل ذلك تصدق عنه.
20 - أحمد بن محمد عن أبيه عن جعفر بن خلاد قال: كان أبو الحسن الرضا عليه السلام إذا اكل اتى بصحفة فتوضع قرب مائدته فيعمد إلى أطيب الطعام مما يؤتى به، فيأخذ من كل شئ شيئا، فيضع في تلك الصحفة، ثم يأمر بها للمساكين ثم يتلو هذه الآية: " فلا اقتحم العقبة " ثم يقول: علم الله عز وجل انه ليس كل انسان يقدر على عتق رقبة فجعل لهم السبيل إلى الجنة.
21 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: " فلا اقتحم العقبة * وما ادراك ما العقبة " قال: العقبة الأئمة من صعدها فك رقبته من النار.
22 - وفيه " فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة " يقول: ما أعلمك وكل شئ في القرآن وما ادراك فهو ما أعلمك.
حدثنا جعفر بن محمد قال: حدثنا عبد الله بن مسعود عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبيه عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: " فك رقبة " قال: بنا تفك الرقاب وبمعرفتنا، ونحن المطعمون في يوم الجوع والمسغبة.
23 - في مجمع البيان واما المراد بالعقبة ففيه وجوه: أحدها انه مثل ضربه الله لمجاهدة النفس والهوى والشيطان في اعمال الخير والشر إلى قوله: وثانيها انها عقبة حقيقة، قال الحسن وقتادة: هي عقبة شديدة في النار دون الجسر فاقتحموها بطاعة الله عز وجل، وروى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: إن امامكم عقبة كئودا (2) لا يجوزها المثقلون وانا أريد أن أخفف عنكم لتلك العقبة.
24 - وروى مرفوعا عن البراء بن عازب قال: جاء اعرابي إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله علمني عملا يدخلني الجنة، قال: إن كنت أقصرت الخطبة لقد أعرضت المسألة أعتق النسمة وفك الرقبة فقال: أوليسا واحدا؟قال: لا، عتق الرقبة ان تتفرد بعتقها، وفك الرقبة ان تعين في ثمنها، والفئ على ذي الرحم الظالم، فإن لم يكن ذلك فأطعم الجائع، واسق الظمآن، وامر بالمعروف وانه عن المنكر، فإن لم تطق ذلك فكف لسانك الامن خير.
25 - وروى محمد بن عمر بن يزيد قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام: ان لي ابنا شديد العلة قال: مره تتصدق بالقبضة من الطعام بعد القبضة، فان الله تعالى يقول: " فلا اقتحم العقبة " وقرأ الآيات.
26 - في محاسن البرقي عنه عن أبيه عن سعدان بن مسلم العامري عن بعض أصحابه قال: رأيت أبا الحسن الرضا عليه السلام يأكل فتلا هذه الآية " فلا اقتحم العقبة * وما ادراك ما العقبة * فك رقبة " إلى آخر الآية ثم قال: علم الله أن ليس كل خلقه يقدر بعتق رقبة، فجعل لهم سبيلا إلى الجنة باطعام الطعام.
27 - في مجمع البيان: في يوم ذي مسغبة وفى الحديث عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أشبع جائعا في يوم مسغب (3) ادخله الله يوم القيامة من باب من أبواب الجنان لا يدخلها الامن فعل مثل ما فعل.
28 - وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من موجبات المغفرة اطعام المسلم السغبان (4).
29 - في تفسير علي بن إبراهيم: يتيما ذا مقربة يعنى رسول الله صلى الله عليه وآله المقربة قرباه أو مسكينا ذا متربة يعنى أمير المؤمنين عليه السلام مترب بالعلم، وفيه " أو مسكينا ذا متربة " قال: لا يقيه من التراب شئ.
30 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمد الأشعري عن عبد الله بن ميمون القداح عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أطعم مؤمنا حتى يشبعه لم يدر أحد من خلق الله ماله من الاجر في الآخرة، لاملك مقرب و لانبى مرسل الا الله رب العالمين، ثم قال: من موجبات المغفرة اطعام المسلم السغبان، ثم تلا قول الله عز وجل: " أو اطعام في يوم ذي مسغبة * يتيما ذا مقربة * أو مسكينا ذا متربة ".
وفى محاسن البرقي مثله سواء مع زيادة الجنة بعد موجبات و " ثم كان من الذين آمنوا " أخيرا.
31 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: أصحاب الميمنة أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام والذين كفروا بآياتنا قال: الذين خالفوا أمير المؤمنين عليه السلام هم أصحاب المشأمة وقال: المشأمة أعداء آل محمد عليهم السلام نار مؤصدة أي مطبقة.
1- أي صعبة شاقة المصعد.
2- يوم مسغب أو مسغبة أي مجاعة.
3- السغبان: الجائع.
4- اليافوخ: الموضع الذي يتحرك من رأس الطفل.