تفسير سورة النازعات

1 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرء والنازعات لم يمت الا ريانا ولم يبعثه الله الا ريانا.

2 - في مجمع البيان وقال أبو عبد الله عليه السلام من قرءها لم يمت الا ريان، ولم يبعثه الله الا ريان، ولم يدخل الجنة الا ريان.

3 - أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن قرء سورة والنازعات لم يكن حبسه وحسابه يوم القيامة الا كقدر صلاة مكتوبة حتى يدخل الجنة.

4 - والنازعات غرقا اختلف في معناه على وجوه: أحدها انه يعنى الملائكة الذين ينزعون أرواح الكفار عن أبدانهم بالشدة كما يغرق النازع بالقوس فيبلغ بها غاية المد وروى ذلك عن علي عليه السلام.

5 - وقيل هو الموت ينزع النفوس وروى ذلك عن الصادق عليه السلام.

6 - في تفسير علي بن إبراهيم " والنازعات غرقا " قال نزع الروح والناشطات نشطا قال: الكفار ينشطون في الدنيا.

7 - في مجمع البيان " والناشطات نشطا " في معناه أقوال وثانيها انها الملائكة تنشط أرواح الكفار ما بين الجلد والأظفار حتى تخرجها من أجوافهم بالكرب والغم عن علي عليه السلام يقال: نشط الجلد نشطا: نزعها.

8 - والسابحات سبحا فيه أقوال: أحدها الملائكة يقبضون أرواح المؤمنين يسلونها سلا رفيقا ثم يدعونها حتى تستريح كالسابح بالشئ في الماء يرمى به عن علي عليه السلام.

9 - في تفسير علي بن إبراهيم في قوله فالسابقات سبقا يعنى أرواح المؤمنين تسبق أرواحهم إلى الجنة بمثل الدنيا، وأرواح الكافرين بمثل ذلك إلى النار.

10 - في مجمع البيان " فالسابقات سبقا " فيه أقوال أيضا أحدها انها الملائكة لأنها سبقت ابن آدم بالخير والايمان والعمل الصالح عن مجاهد، وقيل إنها تسبق الشياطين بالوحي إلى الأنبياء، وقيل: إنها تسبق أرواح المؤمنين إلى الجنة عن علي عليه السلام ومقاتل.

(وثانيها) انها أنفس المؤمنين تسبق إلى الملائكة الذين يقبضونها و قد عاينت السرور شوقا إلى رحمة الله ولقاء ثوابه وكرامته عن ابن مسعود.

11 - في عيون الأخبار باسناده إلى الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عليهم السلام قال: كان قوم من خواص الصادق عليه السلام جلوسا بحضرته في ليلة مقمرة مصبحة (1) فقالوا: يا بن رسول الله ما أحسن أديم (2) هذه السماء ونور هذه النجوم والكواكب؟فقال الصادق عليه السلام: انكم لتقولون هذا وان المدبرات الأربعة جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت عليهم السلام ينظرون إلى الأرض فيرونكم واخوانكم في أقطار الأرض، و نوركم إلى السماوات واليهم أحسن من نور هذه الكواكب، وانهم ليقولون كما تقولون: ما أحسن أنوار هؤلاء المؤمنين؟.

12 - في مجمع البيان فالمدبرات أمرا فيه أقوال أيضا أحدها انها الملائكة تدبر أمر العباد من السنة إلى السنة عن علي عليه السلام.

13 - وثالثها انها الأفلاك يقع فيها أمر الله تعالى فيجرى به القضاء في الدنيا رواه علي بن إبراهيم، أقسم الله بهذه الأشياء التي عددها، وقيل تقديره ورب النازعات، وما ذكره بعدها، وهذا ترك الظاهر بغير دليل، وقد قال الباقر والصادق عليهما السلام: ان لله تعالى ان يقسم بما شاء من خلقه، وليس لخلقه ان يقسموا الا به.

14 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد عن محمد بن مسلم قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: قول الله عز وجل: " والليل إذا يغشى " " والنجم إذا هوى " وما أشبه ذلك قال: إن لله عز وجل أن يقسم من خلقه بما شاء وليس لخلقه أن يقسموا الا به.

15 - فيمن لا يحضره الفقيه وروى عن علي بن مهزيار قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: قوله عز وجل: " والليل إذا يغشى * والنهار إذا تجلى " وقوله عز وجل: " والنجم إذا هوى " وما أشبه هذا.

فقال: ان لله عز وجل أن يقسم من خلقه بما شاء وليس لخلقه أن يقسموا الا به.

16 - وفى تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم في قوله: يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة قال: تنشق الأرض بأهلها، والرادفة الصيحة يقولون أئنا لمردودون في الحافرة قال: قالت قريش أنرجع بعد الموت أئذا كنا عظاما نخرة أي بالية تلك إذا كرة خاسرة قال: قالوا هذه على حد الاستهزاء، فقال الله: انما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة قال: الزجرة النفخة الثانية في الصور، والساهرة موضع بالشام عند بيت المقدس.

17 - في نهج البلاغة وصارت الأجساد شحبة بعد بضتها، والعظام نخرة بعد قوتها.

(3)

18 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قوله: " أإنا لمردودون في الحافرة " يقول: في الخلق الجديد واما قوله " فإذا هم بالساهرة " والساهرة الأرض كانوا في القبور فلما سمعوا الزجرة خرجوا من قبورهم فاستووا على الأرض.

19 - في مجمع البيان روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله " تبدل الأرض غير الأرض والسماوات " فيبسطها ويمدها مد الأديم العكاظي (4) " لا ترى فيها عوجا ولا أمتا " ثم يزجر الله الخلق زجرة فإذا هم في هذه المبدلة في مثل مواضعهم من الأولى، ما كان في بطنها كان في بطنها، وما كان في ظهرها كان على ظهرها.

20 - في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم في قوله: فحشر فنادى يعنى فرعون فنادى فقال انا ربكم الاعلى فأخذه الله نكال الآخرة والأولى والنكال العقوبة، والآخرة هو قوله: " انا ربكم الاعلى " والأولى قوله: " ما علمت لكم من اله غيري " فأهلكه الله بهذين القولين.

21 - في كتاب الخصال عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال املى الله لفرعون ما بين الكلمتين أربعين سنة ثم أخذه الله نكال الآخرة والأولى، فكان بين أن قال الله تعالى لموسى وهارون: " قد أجيبت دعوتكما " وبين أن عرفه الإجابة أربعين سنة، ثم قال: قال جبرئيل عليه السلام: نازلت ربى في فرعون منازلة شديدة، فقلت: يا رب تدعه وقد قال أنا ربكم الاعلى؟فقال: انما يقول هذا عبد مثلك.

22 - عن رجل من أصحاب أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: إن أشد الناس عذابا يوم القيامة سبعة نفر أولهم ابن آدم الذي قتل أخاه إلى قوله: وفرعون الذي قال: " انا ربكم الاعلى " الحديث.

23 - في مجمع البيان " فأخذه الله نكال الآخرة والأولى " بأن أغرقه في الدنيا ويعذبه في الآخرة، وقيل معناه فعاقبه الله بكلمة الأخرى وكلمة الأولى، فالأخرى قوله: " انا ربكم الاعلى " والأولى قوله: " ما علمت لكم من اله غيري " فنكل به نكال هاتين الكلمتين، وجاء في التفسير عن أبي جعفر عليه السلام أنه كان بين الكلمتين أربعون سنة.

24 - وروى أبو بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: قال جبرئيل قلت: يا رب تدع فرعون وقد قال: انا ربكم الاعلى؟فقال: انما يقول هذا مثلك من يخاف الفوت.

25 - في كتاب سعد السعود لابن طاوس (ره) نقلا عن تفسير الكلبي محمد عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أن جبرئيل قال لرسول الله صلى الله عليه وآله: يا محمد لو رأيتني وفرعون يدعو بكلمة الاخلاص " آمنت انه لا اله الا الذي آمنت به بنوا إسرائيل وانا من المسلمين " وانا أرسه في الماء والطين لشدة غضبى عليه مخافة ان يتوب فيتوب الله عز وجل عليه؟قال رسول الله: ما كان شدة غضبك عليه يا جبرئيل؟قال: لقوله انا ربكم الاعلى وهي كلمته الأخرى منهما قالها حين انتهى إلى البحر وكلمته الأولى " ما علمت لكم من اله غيري " فكان بين الأولى والآخرة أربعون سنة وانما قال ذلك لقومه " انا ربكم الاعلى " حين انتهى إلى البحر فرآه قد يبست فيه الطريق فقال لقومه: ترون البحر قد يبس من فرقى فصدقوه لما رأوا وذلك قوله عز وجل: " وأضل فرعون قومه وما هدى ".

26 - في روضة الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن محمد بن داود عن محمد بن عطية عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال لرجل من أهل الشام: وكان الخالق قبل المخلوق، ولو كان أول ما خلق من خلقه الشئ من الشئ إذا لم يكن له انقطاع ابدا، ولم يزل الله إذا ومعه شئ وليس هو يتقدمه، ولكنه كان إذ لا شئ غيره، وخلق الشئ الذي جميع الأشياء منه فجعل نسب كل شئ إلى الماء ولم يجعل الماء نسبا يضاف إليه، وخلق الريح من الماء، ثم سلط الريح على الماء فشققت الريح متن الماء حتى ثار من الماء زبد على قدر ما شاء ان يثور، فخلق من ذلك الزبد أرضا بيضاء نقية ليس فيها صدع ولا ثقب ولا صعود ولا هبوط ولا شجرة ثم طواها فوضعها فوق الماء، ثم خلق الله النار من الماء فشققت النار متن الماء حتى ثار من الماء دخان على قدر ما شاء الله أن يثور، فخلق من ذلك الدخان سماء صافية نقية ليس فيها صدع ولا ثقب، وذلك قوله: والسماء بناها رفع سمكها فسواها وأغطش ليلها واخرج ضحاها قال: ولا شمس ولا قمر ولا نجوم ولا سحاب، ثم طواها فوضعها فوق الأرض، ثم نسب الخلقتين فرفع السماء قبل دحوا الأرض فذلك قوله عز ذكره: والأرض بعد ذلك دحاها يقول بسطها والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

27 - في نهج البلاغة كلام طويل يذكر فيه عليه السلام ابتداء خلق السماوات السبع وفيه قال عليه السلام: جعل سفلاهن موجا مكفوفا وعلياهن سقفا محفوظا وسمكا مرفوعا.

28 - في الكافي محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد عن الحسين بن علي بن مروان عن عدة من أصحابنا عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال كذلك ذكر البيت العتيق ان الله خلقه قبل الأرض، ثم خلق الأرض من بعده فدحاها من تحته.

29 - علي بن محمد عن سهل بن زياد عن منصور بن العباس عن صالح اللفائفي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله تعالى دحا الأرض من تحت الكعبة إلى منى، ثم دحاها من منى إلى عرفات، ثم دحاها من عرفات إلى منى، فالأرض من عرفات، و عرفات من منى، ومنى من الكعبة.

30 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن سيف بن عميرة عن أبي زرارة التميمي عن أبي حسان عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما أراد الله تعالى أن يخلق الأرض أمر الرياح فضربن وجه الماء حتى صار موجا ثم أزبد فصار زبدا واحدا، فجمعه في موضع البيت، ثم جعله جبلا عن زبد ثم دحا الأرض من تحته وهو قول الله تعالى: " ان أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا ".

ورواه أيضا عن سيف بن عميرة عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد الله عليه السلام مثله.

31 - محمد بن أحمد عن الحسين بن علي بن مروان عن عدة من أصحابنا عن أبي حمزة الثمالي قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام في المسجد الحرام: لأي شئ سماه الله العتيق؟فقال: انه ليس من بيت وضعه الله على وجه الأرض الا له رب وسكان يسكنونه غير هذا البيت، فإنه لا رب له الا الله تعالى، وهو الحرم.

ثم قال: إن الله تعالى خلقه قبل الأرض، ثم خلق الأرض من بعده فدحاها من تحته.

32 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن علي بن الحكم عن سيف بن عميرة عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: خرج هشام بن عبد الملك حاجا ومعه الأبرش الكلبي فلقيا أبا عبد الله عليه السلام في المسجد الحرام فقال هشام للأبرش: تعرف هذا؟قال: لا.

قال هذا الذي تزعم الشيعة انه نبي من كثرة علمه، فقال الأبرش: لاسئلنه عن مسألة لا يجيبني فيها الا نبي أو وصى نبي، فقال وددت انك فعلت ذلك فلقى الأبرش أبا عبد الله عليه السلام فقال يا أبا عبد الله أخبرني عن قول الله " أولم ير الذين كفروا ان السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما " بما كان رتقهما وبما كان فتقهما؟فقال أبو عبد الله عليه السلام أبا أبرش هو كما وصف نفسه كان عرشه على الماء والماء على الهواء والهواء لا تحد ولم يكن يومئذ خلق غيرهما والماء يومئذ عذب فرات، فلما أراد أن يخلق الأرض أمر الرياح فضربت الماء حتى صار موجا ثم أزبد فصار زبدا واحدا، فجمعه في موضع البيت ثم جعله جبلا من زبد، ثم دحى الأرض من تحته فقال الله تعالى: " ان أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا " ثم مكث الرب تبارك وتعالى ما شاء فلما.

أراد أن يخلق السماء أمر الرياح فضربت البحور حتى أزبدتها، فخرج من ذلك الموج والزبد من وسطه دخان من غير نار فخلق منه السماء وجعل فيها البروج والنجوم ومنازل الشمس والقمر، و اجراها في الفلك وكانت السماء خضراء على لون الماء الأخضر، وكانت الأرض غبراء على لون الماء العذب والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

33 - حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن محمد بن النعمان الأحول عن سلام بن المستنير عن ثوير بن أبي فاخته عن علي بن الحسين عليهما السلام ونقل حديثا طويلا يقول فيه عليه السلام: وتبدل الأرض غير الأرض، يعنى بأرض لم تكسب عليها الذنوب بارزة ليس عليها الجبال ولا نبات كما دحاها أول مرة.

34 - في نهج البلاغة كبس الأرض على مور أمواج مستفحلة، ولجج بحار زاخرة; يلتطم أو أذى أمواجها، وتصطفق متقاذفات أثباجها، وترغو زبدا كالفحول عند هياجها، فخضع جماح الماء المتلاطم لثقل حملها، وسكن هيج ارتمائه إذ وطأته بكلكلها، وذل مستخذيا إذ تمعكت عليه بكواهلها، فأصبح بعد اصطخاب أمواجه ساجيا مقهورا.

وفى حكمة الذل منقادا أسيرا، وسكنت الأرض مدحوة في لجة تياره، وردت من نخوة بأوه واعتلائه، وشموخ أنفه وسمو غلوائه، وكعمته على كظة جريئة فهمد بعد نزقاته ولبد بعد زيفان وثباته (5).

35 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل وفيه قال السائل: فخلق النهار قبل الليل؟قال: نعم خلق النهار قبل الليل، و الشمس والقمر والأرض قبل السماء.

قال عز من قائل: اخرج منها ماءها ومرعاها.

36 - في روضة الكافي باسناده إلى أبى الربيع عن أبي جعفر عليه السلام حديث طويل وفيه يقول عليه السلام: ان الله تبارك وتعالى اهبط آدم إلى الأرض وكانت السماء رتقا لا تمطر، وكانت الأرض رتقا لا تنبت شيئا، فلما تاب الله عز وجل على آدم عليه السلام أمر السماء فتفطرت بالغمام ثم امرها فأرخت عزاليها (6) ثم أمر الأرض فأنبتت الأشجار وأثمرت الثمار، وتفيهت بالأنهار فكان ذلك رتقها وهذا فتقها.

37 - وباسناده إلى محمد بن عطية عن أبي جعفر عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام فان قول الله عز وجل " كانتا رتقا " يقول: كانت السماء رتقا لا تنزل المطر و كانت الأرض رتقا لا تنبت الحب، فلما خلق الله تبارك وتعالى الخلق وبث فيهما من كل دابة فتق السماء بالمطر، والأرض بنبات الحب.

38 - في تفسير علي بن إبراهيم باسناده إلى أبى بكر الحضرمي عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام: وقد ذكر السماء والأرض وكانتا رتقا مرتوقتين ليس لهما أبواب، ولم يكن للأرض أبواب وهو النبت، ولم تمطر السماء عليها، فتنبت ففتق السماء بالمطر وفتق الأرض بالنبات.

39 - في نهج البلاغة وجبل جلاميدها ونشوز متونها وأطوادها، فأرساها في مراسيها فالزمها قرارتها، فمضت رؤسها في الهواء، ورست أصولها في الماء فأنهد جبالها عن سهولها، وأساخ قواعدها في متون أقطارها ومواضع أنصابها فأشهق قلالها، وأطال أنشازها، وجعلها للأرض عمادا وأرزها فيها أوتادا، فسكنت على حركتها من أن يميد بأهلها أو تسيخ بحملها أو تزول عن مواضعها (7).

40 - وفيه فلما ألقت السحاب برك بوانيها، وبعاع ما استقلت به من العب ء المحمول عليها، اخرج به من هوامد الأرض النبات، ومن زعر الجبال الأعشاب، فهي تبهج بزينة رياضها، وتزدهي بما ألبسته من ريط أزاهيرها، وحلية ما سمطت به من ناضر أنوارها، وجعل ذلك بلاغا للأنام ورزقا للانعام.

(8)

41 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى النزال بن سيارة عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل يقول فيه وقد ذكر الدجال ومن يقتله وأين يقتل: ألا ان بعد ذلك الطامة الكبرى قلنا: وما ذلك يا أمير المؤمنين قال: خروج دابة الأرض من عند الصفا، معها خاتم سليمان وعصى موسى عليهما السلام، تضع الخاتم على وجه كل مؤمن فينطبع فيه هذا مؤمن حقا، وتضعه على وجه كل كافر فيكتب هذا كافر، حتى أن المؤمن لينادي: الويل لك حقا يا كافر، وان الكافر ينادى: طوبى لك يا مؤمن وددت انى كنت مثلك فأفوز فوزا عظيما، ثم ترفع الدابة رأسها فيراها من بين الخافقين بإذن الله جل جلاله، وذلك بعد طلوع الشمس من مغربها، فعند ذلك ترفع التوبة فلا تقبل توبة ولا عمل يرفع، ولا ينفع نفسا ايمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في ايمانها خيرا، ثم قال عليه السلام: لا تسألوني عما يكون بعد هذا، فإنه عهد إلى حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله ان لا أخبر به غير عترتي.

42 - في تفسير علي بن إبراهيم حديث طويل عن النبي صلى الله عليه وآله وفيه يقول: كفى بالموت طامة (9) يا جبرئيل فقال جبرئيل: ان ما بعد الموت أطم وأطم من الموت قوله: يوم يتذكر الانسان ما سعى قال: يذكر ما عمله كله وبرزت الجحيم لمن يرى قال: أحضرت.

43 - في أصول الكافي باسناده إلى أمير المؤمنين عليه الاسلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام: ومن طغى ضل على عمل بلا حجة.

(10)

44 - وباسناده إلى داود الرقي عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: " ولمن خاف مقام ربه جنتان " قال من علم أن الله يراه ويسمع ما يقول، ويعلم ما يعمله من خير أو شر فيحجزه ذلك عن القبيح من الأعمال، فذلك الذي خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى.

45 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن الحسن بن شمون عن عبد الله بن عبد الرحمان الأصم عن عبد الرحمان بن الحجاج قال: قال لي أبو الحسن عليه السلام: اتق المرتقى السهل إذا كان منحدره وعرا (11) قال: وكان أبو عبد الله عليه السلام يقول.

لا تدع النفس وهواها فان هواها في رداها، وترك النفس وما تهوى داءها، وكف النفس عما تهوى دواءها.

46 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن عبد الله بن بكير عن حمزة بن حمران عن أبي جعفر عليه السلام قال: الجنة محفوفة بالمكاره والصبر، فمن صبر على المكاره في الدنيا دخل الجنة، وجهنم محفوفة باللذات والشهوات، فمن اعطى نفسها لذتها وشهوتها دخل النار.

47 - وباسناده إلى يحيى بن عقيل قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: انما أخاف عليكم الاثنين اتباع الهوى وطول الأمل، اما اتباع الهوى فإنه يصد عن الحق، و اما طول الأمل فينسى الآخرة.

48 - وباسناده إلى أبى جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يقول الله عز وجل: وعزتي وجلالي وكبريائي ونوري وعلوي وارتفاع مكاني لا يؤثر عبد هواه على هواي الا شتت عليه أمره، ولبست عليه دنياه، وشغلت قلبه بها، ولم أوته منها الا ما قدرت له، وعزتي وجلالي وعظمتي ونوري وعلوي وارتفاع مكاني لا يؤثر عبد هواي على هواه الا واستحفظته ملائكتي، وكفلت السماوات والأرضيين رزقه، وكنت له من وراء تجارة كل تاجر، وأتته الدنيا وهي راغمة.

49 - وباسناده إلى أبى محمد الوابشي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: احذروا أهوائكم كما تحذرون أعدائكم، فليس شئ أعدى للرجال من اتباع أهوائهم وحصائد ألسنتهم.

50 - في تفسير علي بن إبراهيم " واما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى * فان الجنة هي المأوى " قال: هو العبد إذا وقف على معصية الله وقدر عليها ثم تركها مخافة الله ونهى الله ونهى النفس عنها فمكافاته الجنة.

قوله: يسألونك إيان مرساها قال: متى تقوم فقال الله: إلى ربك منتهاها.

أي علمها عند الله قوله: كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا الا عشية أو ضحاها قال: بعض يوم ...... .


1- أديم السماء: وجهها.

2- الشحب: الهلاك. والبض: الرخص الجسد الرقيق الجلد الممتلئ.

3- منسوب إلى عكاظ وهي سوق من أسواق العرب كانت تقوم هلال ذي القعدة و تستمر عشرين يوما وقيل شهرا.

4- كبس الأرض: أي أدخلها في الماء بقوة واعتماد شديد. والمور: مصدر مار: أي ذهب وجاء. قوله عليه السلام " مستفحلة " أي هائجة هيجان الفحول. واستفحل الامر. تفاقم واشتد. زخر الماء: امتد جدا وارتفع. والأواذي جمع آذى وهو الموج. وتصطفق: يضرب بعضها بعضا، والأثباج هيهنا أعالي الأمواج وأصل الثبج: ما بين الكاهل إلى الظهر فنقل إلى هذا الموضع استعارة والرغاء: صوت البعير وغيره من ذوات الخف. وجماح الماء: صعوده وغليانه واصله من جمح الفرس: ركب رأسه لا يثنيه شئ، يقال رجل جموح لمن يركب هو له فلا يمكن رده، وهيج الماء: اضطرابه. وارتمائه: تلاطمه. وكلكلها: صدرها. والمستخذي ; الخاضع وتمعكت: تمرغت، والكواهل جمع كاهل وهو ما بين الكتفين والاصطخاب: افتعال من الصخب وهو الصياح والجلبة. والساجي: الساكن. و حكمة - محركة -: ما أحاط من اللجام بحنك الدابة. قوله عليه السلام " مدحوة " أي مبسوطة. والتيار: أعظم الموج. ولجته: أعمقه. والبأو: الكبر والفخر. والشموخ: العلو. قوله عليه السلام " غلوائه " أي غلوه وتجاوزه الحد. وكعمته أي شدت فمه لما هاج، من الكعام وهو شئ يجعل في فم البعير. والكظة: الجهد والثقل الذي يعترى الانسان عند الامتلاء من الطعام. وهمد بمعنى سكن. والنزقة: الخفة والطيش. ولبد الشئ بالأرض: لصق بها. والزيفان: شدة هبوب الريح.

5- كناية عن شدة وقع المطر. وقد مر الحديث بمعناه في صفحة 106 من هذا المجلد أيضا فراجع

6- قوله عليه السلام " وجبل جلاميدها " أي خلق صخورها. والنشوز جمع نشز وهو المرتفع من الأرض. ومتونها: جوانبها وأطوادها: جبالها. قوله عليه السلام فأرساها في مراسيها أي أثبتها في مواضعها قوله عليه السلام - " فألزمها قرارتها " أي أمسكها حيث استقرت قوله عليه السلام " فأنهد جبالها " أي أعلاها من نهد ثدي الجارية إذا أشرف وكعب. قوله عليه السلام " وأساخ... اه " أي غيب قواعد الجبال في جوانب أقطار الأرض، " والأنصاب " الأجسام المنصوبة. قوله عليه السلام " فأشهق قلالها " جمع قلة وهي ما علا من رأس الجبل. وأشهقها أي جعلها شاهقة أي عالية. والنشز: المرتفع من الأرض - وقد مر أيضا - " وأرزها " أي أثبتها فيها.

7- البرك: الصدر. وبوانيها تثنية بوان - على زنة فعال بكسر الفاء - وهو عمود الخيمة. وبعاع السحاب: ثقله بالمطر. والعب ء: الثقل. واستقلت أي ارتفعت ونهضت وهو أمد الأرض: التي لا نبات بها. وزعر الجبال جمع أزعر والمراد به قلة العشب والكلاء وأصله من الزعر وهو قلة الشعر في الرأس. والبهج والسرور. وتزدهي أي تتكبر. والريط جمع ريطة: كل ملاءة ليست ذات لفقين أي قطعتين متضامتين كلها نسج واحد وقطعة واحدة والأزاهير: النور ذو الألوان. " وسمطت به " علق عليها السموط جمع سمط وهو العقد وفى نسخة الأصل " شمطت " أراد ما خالط سواد الرياض من النور الأبيض كالأقحوان ونحوه. والناضر ذو النضارة وهي الحسن والطراوة.

8- الطامة: الداهية تغلب ما سواها قيل لها ذلك لأنها تطم كل شئ أي تعلوه وتغطيه،

9- كذا.

10- الوعر: المكان الصلب ضد السهل. قال الفيض (ره): ولعل المراد بصدر الحديث النهى عن طلب الجاه والرياسة وساير شهوات الدنيا ومرتفعاتها فإنها وإن كانت مواتية على اليسر والخفض الا ان عاقبتها عاقبة سوء والتخلص من غوائلها وتبعاتها في غاية الصعوبة. أعاذنا الله وساير المؤمنين من شرور الدنيا وغرورها.

11- ألقت: الفصفصة، وهي الرطبة من علف الدواب.