طائفة يروونه ويقولون به

وهم الّذين أوردوا الأحاديث والآثار الظاهرة أو الصريحة في نقصان القرآن من غير جواب أو تأويل، وهؤلاء عدّة من العلماء وليس عددهم بقليل...

فمثلاً:

يقول ابن جزي الكلبي في تفسيره: " والصابئون. قراءة السبعة بالواو، وهي مشكلة، حتى قالت عائشة: هي من لحن كتاب المصحف "(1).

- " والمقيمين " منصوب على المدح بإضمار فعل، وهو جائز كثيراً في الكلام، وقالت عائشة: هو من لحن كتّاب المصحف، وفي مصحف ابن مسعود: (والمقيمون) على الأصل "(2).

- " إنّ هذان لساحران " قرىء: إنّ هذين، بالياء، ولا إشكال في ذلك... وقالت عائشة رضي الله عنها: هذا ممّا لحن فيه كتاب المصحف "(3).

ويقول الخطيب الشربيني في تفسيره: " وحكي عن عائشة - رضي الله تعالى عنها - وأبان بن عثمان: أنّ ذلك غلط من الكتاب، ينبغي أن يكتب " والمقيمون الصلاة ". وكذلك قوله في سورة المائدة: (إنّ الّذين آمنوا والّذين هادوا والصابئون والنصارى) وقوله تعالى: (إنّ هذان لساحران) قالا: ذلك خطأ من الكاتب، وقال عثمان: إنّ في المصحف لحناً وستقيمه العرب بألسنتها، فقيل له: ألا تغيّره؟! فقال: دعوه فإنّه لا يحلّ حراماً ولا يحرّم حلالاً. وعامّة الصحابة وأهل العلم على أنّه صحيح "(4).

وإذا ما قارنت بين هذا الموقف وموقف الطائفة الثالثة من هذه الأحاديث، وأساليبهم في ردّها، أمكنك نسبة القول بالتحريف إلى هذين العالمين الجليلين وأمثالهما من أهل السنّة...


1- التسهيل لعلوم التنزيل 1: 173 وابن جزي الكلبي المالكي وصفه الداودي في طبقات المفسرين 1: 101 بقوله: كان شيخاً جليلاً ورعاً زاهداً عابداً متقلّلاً من الدنيا وكان فقيهاً مفسّراً وله تفسير القرآن العزيز، توفّي في حدود العشرين وستمّائة.

2- التسهيل لعلوم التنزيل 1: 164.

3- التسهيل لعلوم التنزيل 3: 15.

4- السراج المنير 1: 345 لمحمد بن أحمد الخطيب الشربيني الفقيه الشافعي المفسّر، توفي سنة 977، له ترجمة في الشذرات 8: 384.