قال عز من قائل: ﴿وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ﴾
47 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن محمد بن إسحاق المدني عن أبي جعفر عليه السلام قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وذكر حديثا طويلا يقول فيه صلى الله عليه وآله حاكيا حال أهل الجنة: والثمار دانية منهم، وهو قوله عز وجل: (و دانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا) من قربها منهم يتناول المؤمن من النوع الذي يشتهيه من الثمار بعينه وهو متكئ، وان الأنواع من الفاكهة ليقلن لولى الله: يا ولى الله كلني قبل أن تأكل هذا قبلي، قال: وليس من مؤمن في الجنة الا وله جنان كثيرة معروشات وغير معروشات، وأنهار من خمر وانهار من ماء غير آسن وانهار من لبن وانهار من عسل، فإذا دعى ولى الله بغذائه اتى بما تشتهى نفسه عند طلبه الغذاء من غير أن يسمى شهوته.
48 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن عاصم بن حميد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت: جعلت فداك انى أردت أن أسئلك عن شئ أستحيى منه هل في الجنة غناء؟قال: إن في الجنة شجرا يأمر الله رياحها فتهب فتضرب تلك الشجرة بأصوات لم يسمع الخلايق مثلها حسنا، ثم قال: هذا عوض لمن ترك السماع للغناء في الدنيا مخافة الله.
49 - في كتاب جعفر بن محمد الدوريستي باسناده إلى عبد الله بن عباس رحمة الله عليه أنه سمع النبي صلى الله عليه وآله يقول: إن الجنة ليتخذ وترين (1) من الحول إلى الحول لدخول شهر رمضان، فإذا كان أول ليلة من شهر رمضان هبت ريح من تحت العرش يقال لها المبشرة فتصفق ورق أشجار الجنان وحلق المصاريع فيسمع لذلك طنين لم يسمع السامعون أحسن منه، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
50 - في تفسير العياشي عن جابر قال: قلت لمحمد بن علي عليهما السلام: قول الله تبارك وتعالى في كتابه (الذين آمنوا ثم كفروا) قال: هما والثالث والرابع وعبد الرحمان وطلحة وكانوا سبعة عشر رجلا، قال: لما وجه النبي صلى الله عليه وآله علي بن أبي طالب عليه السلام و عمار بن ياسر رحمه الله إلى أهل مكة قالوا: بعث هذا الصبي ولو بعث غيره يا حذيفة إلى أهل مكة، وفى مكة صناديدها، وكانوا يسمون عليا الصبي لأنه كان اسمه في كتاب الله الصبي لقول الله: ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وهو صبي و قال انني من المسلمين والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
51 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم أدب الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وآله فقال: ولا تستوى الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن قال ادفع سيئة من أساء إليك بحسنتك، حتى يكون الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم.
52 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه وعلي بن محمد القاساني جميعا عن القاسم بن محمد الأصبهاني عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث قال قال أبو عبد الله عليه السلام: يا حفص ان من صبر صبر قليلا، وان من جزع جزع قليلا، ثم قال: عليك بالصبر في جميع أمورك فان الله عز وجل بعث محمدا صلى الله عليه وآله فأمره بالصبر والرفق، فقال تبارك وتعالى: (ادفع بالتي هي أحسن السيئة فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم * وما يلقاها الا الذين صبروا وما يلقيها الا ذو حظ عظيم) فصبر حتى نالوه بالعظائم ورموه بها، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
53 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد عن حريز عمن أخبره عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: (ولا تستوى الحسنة ولا السيئة) قال الحسنة التقية، والسيئة الإذاعة، وقوله عز وجل: (ادفع بالتي هي أحسن السيئة) قال: التي هي أحسن التقية، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم.
54 - في أمالي الصدوق رحمه الله باسناده إلى عبد الله بن وهب بن زهير قال: وفد العلا بن الحضرمي على النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله إن لي أهل بيت أحسن إليهم فيسيئون وأصلهم فيقطعون؟فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: (إدفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم) فقال العلاء بن الحضرمي: إني قد قلت شعرا هو أحسن من هذا قال: وما قلت؟فأنشده: وحى ذوي الأضغان تسب قلوبهم * تحيتك العظمى فقد يرفع النغل (2) فان أظهروا خيرا فجاز بمثله * وإن خنسوا عنك الحديث فلا تسل (3) فان الذي يؤذيك منه سماعه * فان الذي قالوا وراءك لم يقل فقال النبي صلى الله عليه وآله: إن من الشعر لحكما، وإن من البيان لسحرا، وإن شعرك لحسن، وإن كتاب الله أحسن.
55 - في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنين عليه السلام أصحابه من الأربعمأة باب مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه: صافح عدوك وإن كره فإنه مما أمر الله به عباده يقول (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم * وما يلقيها إلا الذين صبروا وما يلقيها إلا ذو حظ عظيم) ما تكافى عدوك بشئ أشد من أن تطيع الله فيه، و حسبك أن ترى عدوك يعمل بمعاصي الله.
56 - في مجمع البيان وروى عن أبي عبد الله عليه السلام: وما يلقيها إلا كل ذي حظ عظيم.
57 - في تفسير علي بن إبراهيم: واما ينزغنك من الشيطان نزغ أي عرض لقلبك نزغ (4) من الشيطان فاستعذ بالله والمخاطبة لرسول الله والمعنى للناس (5).
58 - في كتاب الخصال فيما علم أمير المؤمنين عليه السلام أصحابه من الأربعمأة باب مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه إذا وسوس الشيطان إلى أحدكم فليستعذ بالله وليقل: آمنت بالله مخلصا له الدين.
59 - في مجمع البيان والمروى عن ابن عباس وقتادة وابن المسيب ان موضع السجود عند قوله وهم لا يسأمون وعن ابن مسعود والحسن عند قوله: ان كنتم إياه تعبدون وهو اختيار أبى عمرو بن أبى العلا وهو المروى عن أئمتنا عليهم السلام.
60 - في جوامع الجامع وموضع السجدة عند الشافعي (تعبدون) وهو المروى عن أئمتنا عليهم السلام وعند أبي حنيفة (يسأمون).
61 - فيمن لا يحضره الفقيه قد روى أنه يقول في سجدة العزايم: لا إله إلا الله حقا حقا لا إله إلا الله ايمانا وتصديقا لا إله إلا الله عبودية ورقا سجدت لك يا رب تعبدا ورقا لا مستنكفا ولا مستكبرا بل أنا عبد ذليل خائف مستجير، ثم يرفع رأسه ثم يكبر.
62 - في عيون الأخبار (6) باسناده إلى علي بن الحسن بن علي بن فضال عن أبيه عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: قلت له: لم خلق الله عز وجل الخلق على أنواع شتى ولم يخلقه نوعا واحدا؟قال: لئلا يقع في الأوهام انه عاجز، فلا تقع صورة في وهم ملحد الا وقد خلق الله عز وجل عليها خلقا، ولا يقول قائل: هل يقدر الله تعالى على أن يخلق على صورة كذا وكذا الا وجد ذلك في خلقه تبارك وتعالى فيعلم بالنظر إلى أنواع خلقه أنه على كل شئ قدير.
63 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام مجيبا لبعض الزنادقة: وأما ما ذكرته من الخطاب الدال على تهجين النبي صلى الله عليه وآله والإزراء به والتأنيب له (7) مع ما أظهره الله تبارك وتعالى في كتابه من تفضيله إياه على ساير أنبيائه فان الله عز وجل جعل لكل نبي عدوا من المشركين كما قال في كتابه وبحسب جلالة منزلة نبينا صلى الله عليه وآله عند ربه كذلك عظم محنته لعدوه الذي عاذ منه في حال شقاقه ونفاقه، وكل أذى ومشقة لدفع نبوته وتكذيبه إياه وسعيه في مكارهه وقصده لنقض كل ما أبرمه، واجتهاده ومن مالاه على كفره وعناده ونفاقه والحاده في ابطال دعوته وتغيير ملته ومخالفة سنته، ولم ير شيئا أبلغ في تمام كيده من تنفيرهم عن موالاة وصيه وإيحاشهم منه وصدهم عنه واغرائهم بعداوته، والقصد لتغيير الكتاب الذي جاء به، واسقاط ما فيه من فضل ذوي الفضل وكفر ذوي الكفر، منه وممن وافقه على ظلمه وبغيه وشركه، ولقد علم الله ذلك منهم فقال: ان الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا وقال: (يريدون ان يبدلوا كلام الله) ولقد أحضروا الكتاب مكملا مشتملا على التأويل والتنزيل والمحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ، لم يسقط منه حرف الف ولا لام، فلما وقفوا على ما بينه الله من أسماء أهل الحق والباطل، وان ذلك ان ظهر ما عقدوه، قالوا: لا حاجة لنا فيه نحن مستغنون عنه بما عندنا، و لذلك قال: (فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون) ثم دفعهم الاضطرار بورود المسائل عليهم عما لا يعلمون تأويله إلى جمعه وتأليفه وتضمينه من تلقائهم ما يقيمون به دعائم كفرهم، فصرخ مناديهم: من كان عنده شئ من القرآن فليأتنا به ووكلوا تأليفه ونظمه إلى بعض من وافقهم على معاداة أولياء الله فألفه على اختيارهم، وما يدل للمتأمل على اختلال تمييزهم وافترائهم وتركوا منه ما قدروا انه لهم وهو عليهم، وزادوا فيه ما ظهر تناكره وتنافره، وعلم الله أن ذلك يظهر ويبين، فقال: (ذلك مبلغهم من العلم) وانكشف لأهل الاستبصار عوارهم وافترائهم، والذي بدا في الكتاب من الازراء على النبي صلى الله عليه وآله من فرية الملحدين ولذلك قال: (انهم يقولون منكرا من القول وزورا) فيذكر جل ذكره لنبيه صلى الله عليه وآله ما يحدثه عدوه في كتابه من بعده بقوله: (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي الا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقى الشيطان ثم يحكم الله آياته) يعنى انه ما من نبي تمنى مفارقة ما يعانيه من نفاق قومه وعقوقهم والانتقال إلى دار الإقامة الا القى الشيطان المعرض لعداوته عند فقده في الكتاب الذي أنزل عليه ذمه والقدح فيه والطعن عليه، فينسخ الله ذلك من قلوب المؤمنين فلا تقبله ولا تصغي إليه غير قلوب المنافقين والجاهلين، ويحكم الله آياته بأن يحمى أوليائه من الضلال والعدوان ومشايعة أهل الكفر والعدوان والطغيان الذين لم يرض الله أن يجعلهم كالانعام، حتى قال: (بل هم أضل سبيلا) فافهم هذا و اعمل به، وأعلم انك ما قد تركت مما يجب عليك السؤال عنه أكثر مما سألت، وانى قد اقتصرت على تفسير يسير من كثير لعدم حملة العلم وقلة الراغبين في التماسه، وفى دون ما بينت لك البلاغ لذوي الألباب.
1. كذا في النسخ والظاهر أنه مصحف لتتحلى وتتزين .
2. الأضغان جمع الضغن: الحقد. والنغل - محركة -، الافساد بين القوم. .
3. خنس عنه: رجع وتنحى. .
4. النزغ: الاغراء والافساد ونزغ الشيطان: وساوسه ونخسه في القلب بما يسول للانسان من المعاصي. .
5. وقد مر نظير ذلك كثيرا فهو من باب إياك أعني واسمعي يا جارة كما ورد في أحاديث عديدة ان القرآن نزل بإياك أعني واسمعي يا جارة. .
6. ذكره في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من العلل. (منه ره) .
7. ازرى عليه: عابه وعاتبه. والتأنيب: للوم. .