موقف علماء الشيعة من هذه الأخبار والآثار

أمّا علماء الشيعة فإنّ موقفهم من هذه الأحاديث والآثار المنقولة عن الصحابة نفس الموقف الذي اتّخذوه تجاه الأحاديث المرويّة في كتبهم أنفسهم... فإنّهم بعدما قالوا بعدم تحريف القرآن - للأدلّة القائمة عليه كتاباً وسنّة وإجماعاً - حملوا ما أمكن حمله من أحاديثهم المعتبرة سنداً على بعض الوجوه، وطرحوا كل خبر غير معتبر سنداً أو غير قابل للتأويل... كما عرفت في (الباب الأول) بالتفصيل.

وهذا هو النهج الذي ينبغي اتّباعه بالنسبة إلى أحاديث التحريف في كتب أهل السنّة... وبه يتمّ الجمع بين الإعتقاد بعدم التحريف والإعتقاد بصحّة أخبار الصحيحين وغيرهما... على اصول أهل السنّة...

إنّ التأويل إمّا الحمل على التفسير، وإمّا الحمل على اختلاف القراءة، وإمّا الحمل على نسخ التلاوة. لكنّ التأويل على الوجهين الأوّلين لا يتمّ إلاّ بالنسبة إلى قليل جدّاً من الأحاديث، والحمل على نسخ التلاوة غير تامّ صغروياً وكبروياً، كما ستعرف في " الفصل الرابع ".

فلا مناص من الردّ والتكذيب... ولا مانع، إلاّ ما اشتهر بينهم من عدالة جميع الصحابة وصحّة أخبار الصحيحين وأمثالها... لكنّ هذين المشهورين لا أصل لهما... كما ستعرف في " الفصل الخامس ".

هذه خلاصة الطريقة الصحيحة لعلاج هذه الأحاديث، وعليها المحقّقون من أهل السنّة، كما سيظهر في هذا الفصل والفصلين اللاحقين.