قال عز من قائل: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي﴾
167 - في روضة الكافي خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام وهي خطبة الوسيلة يقول فيها عليه السلام: ولئن تقمصها دوني الاشقيان، ونازعاني فيما ليس لهما بحق، وركباها ضلالة واعتقداها جهالة، فلبئس ما عليه وردا، ولبئس ما لأنفسهما مهدا، يتلاعنان في دورهما، ويتبرأ كل منهما من صاحبه، يقول لقرينه إذا التقيا: " يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين " فيجيبه الأشقى على رثونة: " يا ليتني لم أتخذك خليلا لقد أضللتني عن الذكر بعد إذ جائني وكان الشيطان للانسان خذولا " فأنا الذي عنه ضل .
168 - في تفسير علي بن إبراهيم أخبرنا أحمد بن إدريس قال: حدثنا أحمد بن محمد عن عمر بن عبد العزيز عن إبراهيم بن المستنير عن معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: قول الله: ان له معيشة ضنكا قال: هي والله للنصاب، قال: قلت: جعلت فداك قد تراهم دهرهم الأطول في كفاية حتى ماتوا؟قال: ذاك والله في الرجعة يأكلون العذرة .
169 - في مجمع البيان " فان له معيشة ضنكا " أي عيشا ضيقا إلى قوله: و قيل هو عذاب القبر عن ابن مسعود وأبى سعيد الخدري والسدي، ورواه أبو هريرة مرفوعا .
170 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن الحسين بن عبد الرحمن عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: " ومن أعرض عن ذكرى فان له معيشة ضنكا " قال: يعنى ولاية أمير المؤمنين عليه السلام قلت: ونحشره يوم القيامة أعمى؟قال: يعنى أعمى البصر في الآخرة أعمى القلب في الدنيا عن ولاية أمير المؤمنين عليه السلام، قال: وهو متحير في القيمة يقول: لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها قال الآيات الأئمة وكذلك اليوم تنسى يعنى تركتها وكذلك اليوم تترك في النار كما تركت الأئمة عليهم السلام، فلم تطع أمرهم ولم تسمع قولهم .
171 - في من لا يحضره الفقيه وروى عن معاوية بن عمار قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل لم يحج قط وله مال؟فقال: هو ممن قال الله عز وجل: " و نحشره يوم القيمة أعمى " فقلت: سبحان الله أعمى! فقال: أعماه الله عن طريق الخير .
172 - في الكافي حميد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة عن أحمد بن الحسن الميثمي عن أبان بن عثمان عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: من مات وهو صحيح موسر لم يحج فهو ممن قال الله عز وجل: " ونحشره يوم القيمة أعمى " قال: قلت: سبحان الله أعمى! قال: نعم أعماه الله عن طريق الحق .
173 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن فضالة عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن رجل لم يحج قط وله مال؟قال: هو ممن قال الله: " ونحشره يوم القيمة أعمى " قلت: سبحان الله أعمى! قال: أعماه الله عن طريق الجنة .
174 - في أصول الكافي متصل بقوله عليه السلام سابقا ولم تسمع قولهم قلت: وكذلك نجزى من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى قال: يعنى من أشرك بولاية أمير المؤمنين غيره، ولم يؤمن بآيات ربه ترك الأئمة معاندة، فلم يتبع آثارهم ولم يتولهم، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة .
175 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: أو لم يهد لهم يقول: يبين لهم قوله: ان في ذلك لايات لأولي النهى قال: نحن أولوا النهى، وقوله: ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى قال: كان ينزل بهم العذاب، ولكن قد أخرهم إلى أجل مسمى .
176 - وفيه أيضا وقوله: لكان لزاما قال: اللزام الهلاك .
177 - في كتاب الخصال عن إسماعيل بن الفضل قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله: فسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فقال: فريضة على كل مسلم أن يقول قبل طلوع الشمس عشر مرات وقبل غروبها عشر مرات: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحكم يحيى ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شئ قدير قال: فقلت: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيى و يميت ويميت ويحيى، فقال: يا هذا لا شك في أن الله يحيى ويميت ويميت ويحيى، ولكن قل كما قلت .
178 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى الحسن بن عبد الله عن آبائه عن جده الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وقد سأله بعض اليهود عن مسائل: وأما صلاة الفجر فان الشمس إذا طلعت تطلع على قرني شيطان، فأمرني الله عز وجل ان أصلى صلاة الفجر الغداة قبل طلوع الشمس وقبل أن يسجد لها الكافر فتسجد أمتي لله عز وجل .
179 - وباسناده إلى سليمان بن جعفر الجعفري عن الرضا عليه السلام حديث طويل يقول فيه: لا ينبغي لاحد أن يصلى إذا طلعت الشمس لأنها تطلع بقرني شيطان
180 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار قال: بالغداة والعشي .
181 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: وأطراف النهار لعلك ترضى قال: يعنى تطوع بالنهار .
182 - في تهذيب الأحكام الحسين بن سعيد عن صفوان عن ابن بكير عن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل وفيه بعد ان ذكر عليه السلام ما جرت به السنة في الصلاة فقال أبو الخطاب: أفرأيت ان قوى فزاده؟قال: فجلس وكان متكيا فقال: ان قويت فصلها كما كانت تصلى وكما ليست في ساعة من النهار فليست في ساعة من الليل ان الله عز وجل يقول: " ومن آناء الليل فسبح "(1).
183 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى قال أبو عبد الله عليه السلام: لما نزلت هذه الآية استوى رسول الله صلى الله عليه وآله جالسا ثم قال: من لم يتعز بعزاء الله تقطعت نفسه على الدنيا حسرات، ومن أتبع بصره ما في أيدي الناس طال همه ولم يشف غيظه، ومن لم يعرف ان لله عليه نعمة لا في مطعم ولا في مشرب قصر أجله ودنا عذابه .
184 - في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن أبي المغرا عن زيد الشحام عن عمرو بن سعيد بن هلال عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال: إياك وان تطمح نفسك إلى من فوقك وكفى بما قال الله عز وجل لرسول الله صلى الله عليه وآله: " فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم " وقال الله عز وجل لرسول الله صلى الله عليه وآله: ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة .
185 - في عوالي اللئالي وروى عن الباقر عليه السلام في قوله تعالى: وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها قال: أمر الله نبيه ان يخص أهل بيته وأهله من دون الناس، ليعلم الناس ان لأهله عند الله منزلة ليست لغيرهم، فأمرهم من الناس عامة ثم أمرهم خاصة .
186 - في عيون الأخبار في باب ذكر مجلس الرضا عليه السلام مع المأمون في الفرق بين العترة والأمة حديث طويل وفيه: قالت العلماء: فسرنا هل فسر الله تعالى الاصطفاء في الكتاب؟فقال الرضا عليه السلام: فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثنى عشر موطنا وموضعا، فأول ذلك إلى أن قال: وأما الثاني عشر فقوله عز وجل: " وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها " فخصنا الله تعالى بهذه الخصوصية إذ أمرنا مع الأمة بإقامة الصلاة، ثم خصنا من دون الأمة فكان رسول الله صلى الله عليه وآله يجئ إلى باب على وفاطمة عليهما السلام بعد نزول هذه الآية تسعة أشهر كل يوم عند حضور كل صلاة خمس مرات فيقول: الصلاة رحمكم الله، وما أكرم الله أحدا من ذرارى الأنبياء عليهم السلام بمثل هذه الكرامة التي أكرمنا بها، وخصنا من دون جميع أهل بيتهم، فقال المأمون والعلماء: جزاكم الله أهل بيت نبيكم عن الأمة خيرا، فما نجد الشرح والبيان فيما اشتبه علينا الا عندكم .
187 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بعض أصحابه عن أبي حمزة عن عقيل الخزاعي ان أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان إذا حضر الحرب وصى المسلمين بكلمات: يقول: تعاهدوا الصلاة وحافظوا عليها وتقربوا بها إلى أن قال عليه السلام: وكان رسول الله صلى الله عليه وآله منصبا لنفسه بعد البشرى له بالجنة من ربه فقال عز وجل: " وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها " الآية فكان يأمر بها أهله ويصبر عليها نفسه والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة .
188 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: " وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها " فان الله أمره أن يخص أهله دون الناس ليعلم الناس ان لأهل محمد عند الله منزلة خاصة ليست للناس إذ أمرهم من الناس، ثم أمرهم خاصة، فلما أنزل الله هذه الآية كان رسول الله صلى الله عليه وآله يجئ كل يوم عند صلاة الفجر حتى يأتي باب على و فاطمة، فيقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فيقول على وفاطمة والحسن و الحسين عليهم السلام: وعليك السلام يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، ثم يأخذ بعضادتي الباب فيقول: الصلاة الصلاة يرحمكم الله، انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا، فلم يزل يفعل ذلك كل يوم إذا شهد المدينة حتى فارق الدنيا، وقال أبو حمراء خادم النبي صلى الله عليه وآله: أنا شهدته يفعل ذلك.
189 - وفيه أيضا " وأمر أهلك بالصلاة " أي أمتك " واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى " قال: للمتقين .
190 - في نهج البلاغة كان رسول الله صلى الله عليه وآله نصبا (2) بالصلاة بعد التبشير له بالجنة، لقول الله سبحانه وأمر هلك بالصلاة واصطبر عليها فكان يأمر بها ويصبر عليها بنفسه.
191 - في مجمع البيان روى أبو سعيد الخدري قال: لما نزلت هذه الآية كان رسول الله صلى الله عليه وآله يأتي باب فاطمة وعلى عليهما السلام تسعة أشهر عند كل صلاة فيقول: الصلاة رحمكم الله، " انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " رواه ابن عقدة باسناده من طرق كثيرة عن أهل البيت وعن غيرهم مثل أبى بردة وأبى رافع .
192 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى أبى الحميرا قال: شهدت النبي صلى الله عليه وآله أربعين صباحا يجئ إلى باب على وفاطمة فيأخذ بعضادتي الباب ثم يقول: السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته، الصلاة يرحمكم الله، انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا .
قال من عز من قائل: ﴿ لا نسالك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى ﴾.
193 - في كتاب الخصال عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله قال: إن أول ما يدخل به النار أمتي الأجوفان، قالوا: يا رسول الله وما الأجوفان؟قال: الفرج و الفم، وأكثر ما يدخل به الجنة تقوى الله وحسن الخلق .
194 - في كتاب التوحيد باسناده إلى الأصبغ بن نباتة قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: قال الله تبارك وتعالى لموسى عليه السلام: يا موسى احفظ وصيتي لك بأربعة إلى أن قال: والثانية ما دمت لا ترى كنوزي قد نفدت فلا تغتم بسبب رزقك .
195 - وباسناده إلى الأصبغ بن نباتة قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: أما بعد فان الاهتمام بالدنيا غير زائد في الموظوف، وفيه تضييع الزاد .
والاقبال على الآخرة غير ناقص في المقدور، وفيه احراز المعاد وانشد يقول: لو كان في صخرة في البحر راسية * صماء ملموسة ملس نواحيها (3) رزق لنفس يراها الله لانفلقت * عنه فأدت كل ما فيها أو كان بين طباق السبع مجمعة * يسهل الله في المرقى مراقيها حتى يوفى الذي في اللوح خط له * ان هي اتته والا فهو آتيها.
196 - في كشف المحجة لابن طاوس رحمه الله حديث طويل عن أمير المؤمنين عليه السلام وفيه قيل: فمن الولي يا رسول الله؟قال: وليكم في هذا الزمان أنا، ومن بعدى وصيي، ومن وصيي لكل زمان حجج الله، لكيلا يقولون كما قال الضلال من قبلكم فارقهم نبيهم ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل ان نذل ونخزى وانما كان تمام ضلالتهم جهالتهم بالآيات، وهم الأوصياء، فأجابهم الله: قل كل متربص فتربصوا فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى وانما كان تربصهم ان قالوا: نحن في سعة في معرفة الأوصياء حتى يعلن امام علمه .
197 - في تفسير علي بن إبراهيم واما قوله: " قل كل متربص فتربصوا " أي انتظروا أمرا " فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى " فإنه حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال: والله نحن السبيل الذي أمركم الله باتباعه، ونحن والله الصراط المستقيم، ونحن والله الذين أمر الله بطاعتهم، فمن شاء فليأخذ هنا، ومن شاء فليأخذ هنا لا تجدون والله عنا محيصا .
1. قال المحدث الكاشاني (ره): يعنى إن كانت لك زيادة قوة فاصرفها في كيفية الصلاة من الاقبال عليها والخشوع فيها ثم المداومة عليها ثم تفريق صلاة الليل على آناته كتفريق صلاة النهار على ساعاته، كما كان رسول الله صلى الله عليه وآله يفعله، ومراده عليه السلام تنبيهه على أنه ان يقدر على الاتيان بهذا العدد أيضا كما ينبغي، ثم نبه عليه السلام على تفريق صلاة الليل بما معناه انه كما أن الصلاة ليست مختصة بساعة من النهار بل مفرقة على اجزاء النهار فكذلك ليست مختصة بساعة من الليل بل مفرقة على اجزائها، وآناء الليل ساعاته، وأبو الخطاب هذا هو محمد بن مقلاص الغالي الملعون. .
2. أي تعبا. .
3. الصخرة الصماء: الغليظة الشديدة. .