تفسير سورة العنكبوت والروم

1 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرأ سورة العنكبوت والروم في شهر رمضان ليلة ثلاث وعشرين فهو والله يا أبا محمد من أهل الجنة لا أستثني فيه أبدا، ولا أخاف عليه ان يكتب الله على في يميني اثما، وان لهاتين السورتين من الله مكانا.

2 - في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن قرأ سورة العنكبوت كان له من الاجر عشر حسنات بعدد كل المؤمنين والمنافقين.

3 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه السلام قال: جاء العباس إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقال: انطلق بنا نبايع لك الناس فقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: أو تراهم فاعلون؟قال: نعم. قال: فأين قوله عز وجل: ألم أحسب الناس ان يتركوا ان يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم أي اختبرناهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين.

4 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة توقيع من صاحب الزمان عليه السلام كان خرج إلى العمرى وابنه رضي الله عنهما رواه سعد بن عبد الله قال الشيخ أبو جعفر: وجدت مثبتا بخط سعد بن عبد الله رحمه الله: وفقكما الله وثبتكما على دينه وأسعدكما بمرضاته، انتهى إلينا بما ذكرتما ان المسمى أخبركما عن المختار ومناظرته من لقى واحتجاجه بأنه لا خلف غير جعفر بن علي وتصديقه، وفهمت جميع ما كتبتما به مما قال أصحابكم عنه، وانا أعوذ بالله من العمى بعد الجلا ومن الضلالة بعد الهدى، ومن موبقات الأعمال ومرديات الفتن، وانه عز وجل يقول: (ألم أحسب الناس ان يتركوا أن يقولوا آمنا وهو لا يفتنون) كيف يتساقطون في الفتنة ويترددون في الحيرة و يأخذون يمينا وشمالا، فارقوا دينهم أم ارتابوا أم عاندوا الحق أم جهلوا ما جاءت به الروايات الصادقة والأخبار الصحيحة وعلموا فتناسوا والتوقيع طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

5 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن معمر بن خلاد قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: (ألم احسب الناس ان يتركوا ان يقولوا آمنا و هم لا يفتنون) ثم قال لي: ما الفتنة؟قلت: جعلت فداك الفتنة في الدين فقال: يفتنون كما يفتن الذهب، ثم قال: يخلصون كما يخلص الذهب.

6 - في نهج البلاغة وقام إليه عليه السلام رجل فقال: أخبرنا عن الفتنة وهل سألت رسول الله صلى الله عليه وآله عنها؟فقال عليه السلام: لما أنزل الله سبحانه قوله: (ألم احسب الناس ان يتركوا ان يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) علمت أن الفتنة لا تنزل بنا ورسول الله صلى الله عليه وآله بين أظهرنا، فقلت: يا رسول الله ما هذه الفتنة التي أخبرك الله بها؟فقال: يا علي ان أمتي سيفتنون من بعدى، فقلت: يا رسول الله أوليس لي قد قلت لي يوم أحد حيث استشهد من استشهد من المسلمين وأحيزت عنى الشهادة فشق ذلك على فقلت لي: ابشر فان الشهادة من ورائك، فقال لي: ان ذلك لكذلك فكيف صبرك إذا؟فقلت يا رسول الله ليس هذا مواطن الصبر ولكن من مواطن البشرى والشكر، وقال: يا علي سيفتنون بعدى بأموالهم، ويمنون بدينهم على ربهم ويتمنون رحمته ويأمنون سطوته، ويستحلون حرامه بالشبهات الكاذبة والأهواء الساهية، فيستحلون الخمر بالنبيذ والسحت بالهدية والربا بالبيع. قلت: يا رسول الله فبأي المنازل أنزلهم عند ذلك أبمنزلة ردة أم بمنزلة فتنة؟قال: بمنزلة فتنة.

7 - في مجمع البيان عند قوله: (أو يلبسكم شيعا) وفى تفسير الكلبي انه لما نزلت هذه الآية قام النبي صلى الله عليه وآله فتوضأ وأسبغ وضوئه، ثم قام وصلى فأحسن صلاته ثم سأل الله سبحانه ان لا يبعث عذابا من فوقهم أو من تحت أرجلهم أو يلبسهم شيعا ولا يذيق بعضهم بأس بعض، فنزل جبرئيل عليه السلام ولم يجرهم من الخصلتين الأخيرتين، فقال عليه السلام: يا جبرئيل ما بقاء أمتي مع قتل بعضهم بعضا؟فقام وعاد إلى الدعاء فنزل: (ألم أحسبوا ان يتركوا) الآيتين فقال لا بد من فتنة تبتلى بها الأمة بعد نبيها ليتعين الصادق من الكاذب، لان الوحي انقطع وبقى السيف وافتراق الكلمة إلى يوم القيامة.

8 - وفيه قيل: إن معنى يفتنون يبتلون في أنفسهم وأموالهم وهو المروى عن أبي عبد الله عليه السلام.

9 - وفيه قرء علي عليه السلام (فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) بضم الياء وكسر اللام فيهما، وهو المروى عن جعفر بن محمد ومحمد بن عبد الله بن الحسن.

10 - في تفسير العياشي عن جابر قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: (ليس لك من الامر شئ) فسره لي قال: فقال أبو جعفر عليه السلام: يا جابر ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان عند الله خلاف ما أراد رسول الله صلى الله عليه وآله قال: قلت: فما معنى ذلك؟قال: نعم عنى بذلك قول الله لرسوله صلى الله عليه وآله ليس لك من الامر شئ يا محمد في علي الامر إلي في علي عليه السلام وغيره ألم انزل عليك يا محمد فيما أنزلت من كتابي إليك (ألم احسب الناس ان يتركوا ان يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) إلى قوله (وليعلمن) قال: فوض رسول الله صلى الله عليه وآله الامر إليه.

11 - في ارشاد المفيد رحمه الله وقد جاءت الرواية انه لما تم لأبي بكر ماتم و بايعه من بايع، جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام وهو يسوى قبر رسول الله صلى الله عليه وآله بمسحاة في يده وقال له: ان القوم قد بايعوا أبا بكر ووقعت الخذلة في الأنصار لاختلافهم، وبدر الطلقاء للعقد للرجل خوفا من ادراككم الامر؟فوضع طرف المسحاة على الأرض ويده عليها ثم قال: (بسم الله الرحمن الرحيم ألم أحسب الناس ان يتركوا ان يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين * أم حسب الذين اجترحوا السيئات ان يسبقونا ساء ما يحكمون).

12 - الفضل بن شاذان عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: لا يكون ما تمدون إليه أعناقكم حتى تميزوا وتمحصوا، ولا يبقى منكم الا القليل ثم قرء: (ألم احسب الناس ان يتركوا ان يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) ثم قال: إن من علامات الفرج حدث يكون بين المسجدين، ويقتل فلان من ولد فلان خمسة عشر كبشا من العرب.

13 - في الكافي وروى أن أمير المؤمنين عليه السلام قال: في خطبة له: ولو أراد الله جل ثنائه بأنبيائه حيث بعثهم أن يفتح لهم كنوز الذهبان ومعادن البلدان ومغارس الجنان وأن يحشر طير السماء ووحش الأرض معهم لفعل، ولو فعل لسقط البلاء وبطل الجزاء واضمحل الابتلاء (1) ولما وجب للقائلين أجر المبتلين (2) ولا لحق المؤمنين ثواب المحسنين، ولا لزمت الأسماء أهاليها على معنى مبين، ولذلك لو أنزل الله من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين، ولو فعل لسقط البلوى عن الناس أجمعين، ولكن الله جل ثنائه جعل رسله أولى قوة في عزائم نياتهم، وضعفة فيما ترى الأعين من حالاتهم من قناعة تملأ القلوب والعيون غناؤه وخصاصة يملأ الاسماع والابصار أداؤه.

ولو كانت الأنبياء أهل قوة لا ترام وعزة لا تضام وملك يمد نحوه أعناق الرجال، ويشد إليه عقد الرحال لكان أهون على الخلق في الاختبار وأبعدهم في الاستكبار، ولأمنوا عن رغبة قاهرة لهم أو رهبة مائلة بهم، فكانت النيات مشتركة والحسنات مقتسمة، ولكن الله أراد أن يكون الاتباع لرسله والتصديق بكتبه والخشوع لوجهه والاستكانة لامره والاستسلام إليه، أمورا خاصة لا يشوبها من غيرها شائبة، وكلما كانت البلوى والاختبار أعظم كانت المثوبة والجزاء أجزل، ألا ترون ان الله جل ثناؤه اختبر الأولين من لدن آدم إلى آخرين من هذا العالم بأحجار ما تضر ولا تنفع، ولا تبصر ولا تسمع، فجعلها بيته الحرام الذي جعله للناس قياما. ثم جعله بأوعر (3) بقاع الأرض حجرا وأقل نتائق الدنيا مدرا (4) وأضيق بطون الأودية معاشا، وأغلظ محال المسلمين مياها بين جبال خشنة ورمال دمثة (5) وقرى منقطعة واثر من مواضع قطر السماء داثر (6) ليس يزكو به خف ولا ظلف ولا حافر (7) ثم أمر آدم وولده أن يثنوا أعطافهم نحوه فصار مثابة لمنتجع أسفارهم وغاية لملقى رحالهم تهوى إليه ثمار الأفئدة من مفاوز قفار متصلة وجزائر بحار منقطعة ومهاوي فجاج عميقة حتى يهزوا مناكبهم ذللا لله حوله ويرملوا على أقدامهم شعثا غبرا له قد نبذوا القنع والسرابيل وراء ظهورهم وحسروا بالشعور حلقا عن رؤسهم (8) ابتلاءا عظيما واختبارا كبيرا وامتحانا شديدا وتمحيصا بليغا وقنوتا مبينا (9) جعله الله سببا لرحمته ووصلة ووسيلة إلى جنته وعلة لمغفرته وابتلاء للخلق برحمته فلو كان الله تبارك وتعالى وضع بيته الحرام ومشاعره العظام بين جنات وانهار وسهل و قرار، جم الأشجار دانى الثمار ملتف النبات، متصل القرى من برة سمراء، وروضة خضراء وأرياف محدقة، وعراص مغدقة وزروع ناضرة، وطرق عامرة، وحدائق كثيرة لكان قد صغر الجزاء على حسب ضعف البلا (10) ثم لو كانت الأساس المحمول عليها أو الأحجار المرفوع بها بين زمردة خضراء، و ياقوتة حمراء ونور وضياء، لخفف ذلك مصارعة الشك في الصدور، ولو وضع مجاهدة إبليس عن القلوب، ولنفى معتلج الريب من الناس، ولكن الله جل وعز يختبر عبيده بأنواع الشدائد ويتعبدهم بألوان المجاهد ويبتليهم بضروب المكاره اخراجا للتكبر من قلوبهم واسكانا للتذلل في أنفسهم وليجعل ذلك أبوابا فتحا إلى فضله وأسبابا ذللا لعفوه وفتنة (11) كما قال: (ألم احسب الناس ان يتركوا ان يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين).

14 - في جوامع الجامع وفى الحديث قد كان من قبلكم يؤخذ فيوضع المنشار على رأسه فيفرق فرقتين ما يصرفه ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون عظمه من لحم وعصب ما يصرفه ذلك عن دينه.

15 - في كتاب التوحيد حديث طويل عن علي عليه السلام يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات وقوله: (من كان يرجو لقاء الله فان أجل الله لات يعنى بقوله من كان يؤمن بأنه مبعوث فان وعد الله لآت من الثواب والعقاب، فاللقاء هيهنا ليس بالرؤية، واللقاء هو البعث فافهم جميع ما في كتاب الله من لقائه فإنه يعنى بذلك البعث.

16 - في تفسير علي بن إبراهيم (من كان يرجو لقاء الله فان أجل الله لآت) قال: من أحب لقاء الله جاءه الاجل ومن جاهد نفسه عن اللذات والشهوات والمعاصي فإنما يجاهد لنفسه ان الله لغنى عن العالمين ووصينا الانسان بوالديه حسنا قال: هما اللذان ولداه.

17 - 18 واما قوله عز وجل: ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله قال: إذا آذاه انسان أو أصابه ضر أو فاقة أو خوف من الظالمين دخل معهم في دينهم فرأى أن ما يفعلوه هو مثل عذاب الله الذي لا ينقطع، ولئن جاء نصر من ربك يعنى القائم صلوات الله عليه ليقولن انا كنا معكم أوليس الله بأعلم بما في صدور العالمين وقوله عز وجل: وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم قال: كان الكفار يقولون للمؤمنين: كونوا معنا فان الذي تخافون أنتم ليس بشئ فإن كان حقا نتحمل نحن ذنوبكم فيعذبهم الله عز وجل مرتين مرة بذنوبهم ومرة بذنوب غيرهم.

19 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل في مكالمة بينه وبين اليهود وفيه قال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله: لقد أقام نوح في قومه ودعاهم ألف سنة الا خمسين عاما، ثم وصفهم الله تعالى فقللهم فقال: (وما آمن معه الا قليل) ولقد تبعني في سنى القليلة وعمري اليسير ما لم يتبع نوحا في طول عمره وكبر سنه.

20 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى محمد بن الفضل عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام: فمكث نوح ألف سنة الا خمسين عاما لم يشاركه في نبوته أحد.

في روضة الكافي باسناده إلى أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام مثله.

21 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبان بن عثمان عن إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام قال: لبث فيهم نوح ألف سنة الا خمسين عاما يدعوهم سرا وعلانية، فلما أبوا وعتوا قال: (رب انى مغلوب فانتصر) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

22 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من خبر الشامي وما سأل عنه أمير المؤمنين عليه السلام في جامع الكوفة حديث طويل وفيه: وسأله عن اسم نوح ما كان فقال: اسمه سكن، وانما سمى نوحا لأنه ناح على قومه ألف سنة الا خمسين عاما.

23 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى أحمد بن الحسن الميثمي عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان اسم نوح عليه السلام عبد الغفار وانما سمى نوحا لأنه كان ينوح على نفسه.

24 - وباسناده إلى سعد بن جناح عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: اسم نوح عبد الملك، وانما سمى نوحا لأنه بكى خمسمأة عام.

25 - باسناده إلى محمد بن اورمه عمن ذكره عن سعيد بن جناح عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان اسم نوح عبد الاعلى وانما سمى نوحا لأنه بكى خمسمأة عام.

26 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه السلام قال: والوجه الخامس من الكفر كفر البراءة، وقال: انما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ويوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا يعنى يتبرأ بعضكم من بعض، و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

27 - في روضة الكافي يحيى الحلبي عن ابن مسكان عن مالك الجهني قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا مالك انه ليس من قوم ائتموا بامام في الدنيا الا جاء يوم القيامة يلعنهم ويلعنونه الا أنتم، ومن كان على مثل حالكم، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

28 - في كتاب التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل يقول عليه السلام فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات: واما قوله: (يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون الا من اذن له الرحمن وقال صوابا) وقوله: (والله ربنا ما كنا مشركين) وقوله: (يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا) وقوله (ان ذلك لحق تخاصم أهل النار) وقوله: (لا تختصموا لدى وقد قدمت إليكم بالوعيد).

وقوله: (اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون) فان ذلك في مواطن غير واحد من مواطن ذلك اليوم الذي كان مقداره خمسين الف سنة، يجمع الله عز وجل الخلائق يومئذ في مواطن يتفرقون، ويكلم بعضهم بعضا ويستغفر بعضهم لبعض، أولئك الذين كان منهم الطاعة في دار الدنيا الرؤساء والاتباع ويلعن أهل المعاصي الذين بدت منهم البغضاء، وتعاونوا على الظلم والعدوان في دار الدنيا المستكبرين والمستضعفين يكفر بعضهم ببعض، ويلعن بعضهم بعضا، والكفر في هذه الآية البراءة يقول فيبرء بعضهم من بعض، ونظيرها في سورة إبراهيم قول الشيطان: (انى كفرت بما أشركتمون من قبل) وقول إبراهيم خليل الرحمن: (كفرنا بكم أي تبرأنا.

29 - في محاسن البرقي عنه عن أبيه عن حمزة بن عبد الله عن جميل بن دراج عن مالك بن أعين قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يا مالك أما ترضون ان يأتي كل قوم يلعن بعضهم بعضا الا أنتم ومن قال بمقالتكم.

30 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى محمد بن الفضل عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام حديث طويل يقول في أواخره عليه السلام: وان الأنبياء بعثوا خاصة وعامة، اما إبراهيم نبوته بكوثا وهي قرية من قرى السواد فيها بدا أول أمره، ثم هاجر منها وليست بهجرة فقال: وذلك قول الله عز وجل: (انى مهاجر إلى ربى سيهدين) وكانت هجرة إبراهيم بغير قتال، واما إسحاق فكانت نبوته بعد إبراهيم، واما يعقوب فكانت نبوته بأرض كنعان ثم هبط إلى مصر فتوفى فيها.

31 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن أبي يحيى الواسطي عن هشام ودرست بن أبي منصور عنه قال: قال أبو عبد الله عليه السلام الأنبياء والمرسلون على أربع طبقات: فنبي منبأ في نفسه لا يعدو غيرها، ونبى يرى في النوم ويسمع الصوت ولا يعاينه في اليقظة، ولم يبعث إلى أحد وعليه امام، مثل ما كان إبراهيم على لوط عليهما السلام، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

32 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه وعدة من أصحابنا عن سهل بن زياد جميعا عن الحسن بن محبوب عن إبراهيم بن أبي زياد الكرخي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول كانت أم إبراهيم وأم لوط صلى الله عليهما سارة وورقة وفى نسخة رقية أختين، وهما ابنتان للاحج وكان الاحج نبيا منذرا ولم يكن رسولا، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

33 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام: اعلموا يا عباد الله ان المؤمن من يعمل لثلاث من الثواب، اما لخير فان الله يثيبه بعمله في دنياه، قال سبحانه لإبراهيم: وآتيناه اجره في الدنيا و انه في الآخرة لمن الصالحين فمن عمل لله تعالى أعطاه أجره في الدنيا والآخرة و كفاه المهم فيهما.

34 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى أبي بصير عن أحدهما عليهما السلام في قول لوط: انكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين فقال: ان إبليس أتاهم في صورة حسنة فيه تأنيث، عليه ثياب حسنة فجاء إلى شبان منهم فأمرهم أن يقعوا به ولو طلب إليهم ان يقع بهم لأبوا عليه، ولكن طلب إليهم ان يقعوا به فلما وقعوا به التذوه، ثم ذهب عنهم وتركهم فأحال بعضهم على بعض.

في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن ابان ابن عثمان عن أبي بصير عن أحدهما عليهما السلام مثله.

35 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله جل ذكره: وتأتون في ناديكم المنكر قال: هم قوم لوط كان يضرط بعضهم على بعض.

36 - في عوالي اللئالي وروى عن النبي صلى الله عليه وآله انه رأى رجلا يخذف بحصاة في المسجد (12) فقال عليه السلام: ما زالت تلعنه حتى وقعت، ثم قال: الخذف في النادي من أخلاق قوم لوط، ثم تلا قوله تعالى: (وتأتون في ناديكم المنكر) قال هو الخذف.

37 - في مجمع البيان (وتأتون في ناديكم المنكر) قيل فيه وجوه: أحدها هو انهم كانوا يتضارطون في مجالسهم من غير حشمة ولا حياء عن ابن عباس وروى ذلك عن الرضا عليه السلام.

38 - في جوامع الجامع وفى الحديث من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة.

39 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن فضال عن داود بن فرقد عن أبي زيد الحماد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله عز وجل بعث أربعة املاك في اهلاك قوم لوط: جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وكروبيل، فمروا بإبراهيم عليه السلام وهم معتمون فسلموا عليه فلم يعرفهم، ورأى هيئة حسنة فقال: لا يخدم هؤلاء الا أنا بنفسي وكان صاحب ضيافة، فشوى لهم عجلا سمينا حتى انضجه ثم قربه إليهم فلما وضعه بين أيديهم (رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة) فلما رأى ذلك جبرئيل عليه السلام حسر العمامة (13) عن وجهه فعرفه إبراهيم فقال: أنت هو؟قال: نعم، ومرت سارة امرأته (فبشرناها بإسحاق ومن وراء اسحق يعقوب) فقالت ما قال الله عز وجل فأجابوها بما في الكتاب فقال لهم إبراهيم: لماذا جئتم؟قالوا في اهلاك قوم لوط، فقال لهم: إن كان فيها مأة من المؤمنين أتهلكونهم؟فقال جبرئيل عليه السلام: لا، قال: فإن كان فيها خمسون؟قال: لا قال: فإن كان فيها ثلاثون؟قال: لا، قال: فإن كان فيها عشرون؟قال: لا قال: فإن كان فيها عشرة؟قال: لا قال: فإن كان فيها خمسة؟قال: لا، قال: فإن كان فيها واحد؟قال: لا، قال فان فيها لوطا قالوا نحن اعلم بمن فيها لننجينه وأهله الا امرأته كانت من الغابرين قال الحسن بن علي (ع): لا اعلم هذا القول الا وهو يستبقيهم وهو قول الله عز وجل: (يجادلنا في قوم لوط).

40 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى أبى حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله سأل جبرئيل كيف كان مهلك قوم لوط؟فقال: ان قوم لوط كانوا أهل قرية لا ينتظفون من البول والغائط ولا يتطهرون من الجنابة، بخلاء أشحاء على الطعام، وان لوطا لبث فيهم ثلاثين سنة، وانما كان نازلا عليهم ولم يكن منهم ولا عشيرة له فيهم ثلاثين سنة ولا قوم، وانه دعاهم إلى الله عز وجل والى الايمان واتباعه، ونهاهم عن الفواحش وحثهم على طاعة الله فلم يجيبوه ولم يطيعوه، وان الله عز وجل لما أراد عذابهم بعث إليهم رسلا منذرين عذرا نذرا، فلما عتوا عن أمره بعث إليهم ملائكة ليخرجوا من كان في قريتهم من المؤمنين، فما وجدوا فيها غير بيت من المسلمين فاخرجوهم منها، وقالوا للوط: (أسر باهلك) من هذه القرية الليلة (بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد وامضوا حيث تؤمرون) فلما انتصف الليل سار لوط ببناته وتولت امرأته مدبرة فانقطعت إلى قومها تسعى بلوط، وتخبرهم ان لوطا قد سار ببناته وانى نوديت من تلقاء العرش لما طلع الفجر يا جبرئيل حق القول من الله تحتم عذاب قوم لوط، فاهبط إلى قرية قوم لوط وما حوت فاقلبها من تحت سبع أرضين، ثم أعرج بها إلى السماء فأوقفها حتى يأتيك أمر الجبار في قلبها، ودع منها آية بينة من منزل لوط عبرة للسيارة، فهبطت على أهل القرية الظالمين فضربت بجناحي الأيمن على ما حوى عليه شرقها، وضربت بجناحي الأيسر على ما حوى عليه غربها، فاقتلعتها يا محمد من تحت سبع أرضين الا منزل لوط آية للسيارة، ثم عرجت بها في حوافي جناحي حتى أوقفتها حيث يسمع أهل السماء زقاء ديوكها (14) ونباح كلابها فلما طلعت الشمس نوديت من تلقاء العرش: يا جبرئيل! اقلب القرية على القوم، فقلبتها عليهم حتى صار أسفلها أعلاها وأمطر الله عليهم حجارة من سجيل مسومة عند ربك وما هي من الظالمين من أمتك ببعيد.

قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: قد نقلنا أخبارا في بيان سبب هلاك قوم لوط وكيف كان مهلكهم وأحوال قراهم المهلكة وما يتعلق بذلك في سورة هود.

41 - في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام بعد ان ذكر الشيطان: ولا يغرنك تزيينه الطاعات عليك فإنه يفتح لك تسعة وتسعين بابا من الخير ليظفر بك عند تمام المأة، فقابله بالخلاف والصد عن سبيله والمصادة باستهوائه.

42 - في كتاب الخصال عن جعيد (15) همدان قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: ان في التابوت الأسفل من النار اثنى عشر: ستة من الأولين وستة من الآخرين، فاما الستة من الأولين فابن آدم قاتل أخيه، وفرعون الفراعنة، والسامري، والدجال كتابه في الأولين ويخرج في الآخرين، وهامان وقارون.

43 - وفيه قال أبو ذر: ألستم تشهدون ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: شر الأولين و الآخرين اثنا عشر ستة من الأولين وستة من الآخرين، ثم سمى الستة من الأولين ابن آدم الذي قتل أخاه، وفرعون وهامان وقارون والسامري والدجال اسمه في الأولين ويخرج في الآخرين.

والحديثان طويلان أخذنا منهما موضع الحاجة.

44 - عن أبي عبد الله عن أبيه عن جده عليهم السلام قال: المسوخ من بني آدم ثلاثة عشر إلى أن قال: واما العنكبوت فكانت امرأة سيئة الخلق عاصية لزوجها مولية عنه فمسخها الله عنكبوتا.

45 - عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله عن المسوخ فقال: هي ثلاثة عشر إلى أن قال صلى الله عليه وآله: واما العنكبوت فكانت امرأة تخون زوجها.

46 - عن سعيد بن علاقة قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول: ترك نسج العنكبوت في البيت يورث الفقر.

47 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى علي بن جعفر عن أخيه موسى ابن جعفر عليه السلام حديث طويل يقول فيه: واما العنكبوت فكانت امرأة سخرت (16) زوجها.

وباسناده إلى علي بن جعفر عن معتب مولى جعفر عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله مثله.

48 - في تفسير علي بن إبراهيم وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها الا العالمون يعنى آل محمد صلوات الله عليهم.

49 - في مجمع البيان (وما يعقلها الا العالمون) وروى الواحدي بالاسناد عن جابر قال: تلا النبي صلى الله عليه وآله هذه الآية وقال: العالم الذي عقل عن الله فعمل بطاعته و اجتنب سخطه.

50 - في بصائر الدرجات محمد بن الحسن عن يزيد شعر عن هارون بن حمزة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم) قال: هم الأئمة خاصة (وما يعقلها الا العالمون) فزعم أن من عرف الامام والآيات، ممن يعقل ذلك.

51 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم خاطب الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وآله فقال جل ذكره: أتل ما أوحى إليك من الكتاب وأقم الصلاة ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر قال: من لم تنهه الصلاة عن الفحشاء والمنكر لم تزده من الله عز وجل الا بعدا.

52 - في كتاب التوحيد وقد روى عن الصادق عليه السلام أنه قال: الصلاة حجزة الله وذلك انها تحجز المصلى عن المعاصي ما دام في صلاته، قال الله عز وجل: (ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر).

53 - في أصول الكافي علي بن محمد عن علي بن العباس عن الحسين بن عبد الرحمن عن سفيان الحريري عن أبيه عن سعد الخفاف عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت جعلت فداك يا أبا جعفر وهل يتكلم القرآن؟فتبسم ثم قال: رحم الله الضعفاء من شعيتنا انهم أهل تسليم. ثم قال: نعم يا سعد والصلاة تتكلم ولها صورة وخلق تأمر وتنهى قال: فتغير لذلك لوني وقلت: هذا شئ لا أستطيع ان أتكلم به في الناس، فقال أبو جعفر: وهل الناس الا شيعتنا فمن لم يعرف الصلاة فقد أنكر حقها، ثم قال: يا سعد أسمعك كلام القرآن؟قال سعد: فقلت: بلى صلى الله عليك فقال: (ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر) فالنهي كلام والفحشاء والمنكر رجال، و نحن ذكر الله ونحن أكبر، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

54 - في مجمع البيان وروى انس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله الا بعدا.

55 - وأيضا عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: لا صلاة لمن لم يطع الصلاة وطاعة الصلاة ان ينتهى عن الفحشاء والمنكر.

56 - وروى أنس ان فتى من الأنصار كان يصلى الصلوات مع رسول الله صلى الله عليه وآله ويرتكب الفواحش، فوصف ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله: ان صلاته تنهاه يوما ما.

57 - وعن جابر قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وآله: ان فلانا يصلى بالنهار ويسرق بالليل؟فقال: ان صلاته لتردعه.

58 - وروى أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أحب أن يعلم قبلت صلاته أم لم تقبل فلينظر هل منعته صلاته عن الفحشاء والمنكر فبقدر ما منعته قبلت صلاته.

59 - في كتاب سعد السعود لابن طاوس رحمه الله وقد روينا في الجزء الأول من كتاب المهمات والتتمات صفة الصلاة الناهية عن الفحشاء والمنكر.

60 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: (ولذكر الله أكبر) يقول: ذكر الله لأهل الصلاة أكبر من ذكرهم إياه الا ترى أنه يقول: اذكروني أذكركم.

61 - في مجمع البيان وروى أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (ولذكر الله أكبر) قال: ذكر الله عندما أحل وحرم.

62 - وعن معاذ بن جبل قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله أي الأعمال أحب إلى الله؟قال: إن تموت ولسانك رطب من ذكر الله عز وجل.

63 - وقال صلى الله عليه وآله: يا معاذ ان السابقين الذين يسهرون بذكر الله عز وجل، و من أحب ان يرتع في رياض الجنة فليكثر من ذكر الله عز وجل.

64 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله وروى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: نحن المجادلون في دين الله على لسان سبعين نبيا.

65 - وقال أبو محمد الحسن العسكري عليه السلام: ذكر عند الصادق عليه السلام الجدال في الدين، وأن رسول الله صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام قد نهوا عنه، فقال الصادق عليه السلام: لم ينه عنه مطلقا ولكنه نهى عن الجدال بغير التي هي أحسن، أما تسمعون الله يقول: ولا تجادلوا أهل الكتاب الا بالتي هي أحسن قيل: يا ابن رسول الله ما الجدال بالتي هي أحسن وبالتي ليست بأحسن؟قال: اما الجدال الذي بغير التي هي أحسن ان تجادل مبطلا فيورد عليك مبطلا فلا ترده بحجة قد نصبها الله، ولكن تجحد قوله أو تجحد حقا يريد ذلك المبطل أن يعين به باطله فتجحد الحق مخافة أن يكون له عليك فيه حجة لأنك لا تدرى كيف المخلص منه، فذلك حرام على شيعتنا، أن يصيروا فتنة على ضعفاء اخوانهم وعلى المبطلين، اما المبطلون فيجعلون ضعف الضعيف منكم إذا تعاطى مجادلة وضعف في يده، حجة له على باطله، واما الضعفاء منكم فتعمى قلوبهم لما يرون من ضعف المحق في يد المبطل، واما الجدال بالتي هي أحسن فهو ما أمر الله تعالى به نبيه ان يجادل به من جحد البعث بعد الموت واحياءه له، فقال الله حاكيا عنه: (وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيى العظام وهي رميم) فقال الله في الرد عليه: (قل) يا محمد (يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم * الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون) فأراد الله من نبيه ان يجادل المبطل الذي قال: كيف يجوز ان يبعث هذه العظام وهي رميم، قال: فقل يحييها الذي أنشأها أول مرة أفيعجز من ابتدأه لا من شئ ان يعيده بعد ان يبلى، بل ابتداءه أصعب عندكم من اعادته، ثم قال: (الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا) أي إذا كمن النار الحارة في الشجر الأخضر الرطب ثم يستخرجها فعرفكم انه على إعادة من بلى، أقدر، ثم قال: (أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم) أي إذا كان خلق السماوات والأرض أعظم وابعد في أوهامكم و قدركم أن تقدروا عليه من إعادة البالي فكيف جوزتم من الله خلق هذا الأعجب عندكم والاصعب لديكم، ولم تجوزوا منه ما هو أسهل عندكم من إعادة البالي؟قال الصادق عليه السلام: فهذا الجدال بالتي هي أحسن، لان فيها قطع عذر الكافرين وإزالة شبههم، واما الجدال بغير التي هي أحسن فان تجحد حقا لا يمكنك أن تفرق بينه وبين باطل من تجادله، وانما تدفعه عن باطله بأن تجحد الحق فهذا هو المحرم لأنك مثله جحد هو حقا، وجحدت أنت حقا آخر. قال أبو محمد الحسن العسكري عليه السلام: فقام إليه رجل آخر فقال: يا ابن رسول الله أيجادل رسول الله صلى الله عليه وآله؟قال الصادق عليه السلام: مهما ظننت برسول الله من شئ فلا تظنن به مخافة الله تعالى أليس الله قال: (وجادلهم بالتي هي أحسن) و (قل يحييها الذي أنشأها أول مرة) لمن ضرب الله مثلا فتظن ان رسول الله صلى الله عليه وآله خالف ما أمره الله به فلم يجادل ما أمره به، ولم يخبر عن أمر الله بما أمره أن يخبره به.

66 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد قال: حدثنا أبو عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه السلام وذكر حديثا طويلا قال فيه عليه السلام بعد ان قال: إن الله تبارك وتعالى فرض الايمان على جوارح ابن آدم وقسمه عليها وفرقه فيها: وفرض الله على اللسان القول والتعبير عن القلب بما عقد عليه وأقر به قال الله تبارك وتعالى: (وقولوا للناس حسنا) وقال: قولوا آمنا بالله وما انزل إلينا وما انزل إليكم والهنا والهكم واحد ونحن له مسلمون فهذا ما فرض الله على اللسان وهو عمله.

67 - في تفسير علي بن إبراهيم واما قوله: عز وجل: فالذين آتيناهم الكتاب يؤمنون به فهم آل محمد صلوات الله عليهم ومن هؤلاء من يؤمن به يعنى أهل الايمان من أهل القبلة وقوله عز وجل: وما يجحد بآياتنا يعنى ما يجحد بأمير المؤمنين صلوات الله عليه والأئمة صلوات الله عليهم الا الكافرون.

68 - وقال علي بن إبراهيم رحمه الله في قوله عز وجل: وما كنت تتلوا من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون وهو معطوف على قوله تعالى في سورة الفرقان: (اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا) فرد الله عليهم فقال: كيف تدعون ان الذي تقرأه أو تخبر به تكتبه عن غيرك وأنت ما كنت تتلوا من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون أي شكوا.

69 - في عيون الأخبار في باب مجلس للرضا عليه السلام مع أهل الأديان والمقالات في التوحيد قال الرضا عليه السلام في أثناء المحاورات: وكذلك أمر محمد صلى الله عليه وآله وما جاء به وأمر كل نبي بعثه الله، ومن آياته انه كان يتيما فقيرا راعيا أجيرا لم يتعلم كتابا و لم يختلف إلى معلم، ثم جاء بالقرآن الذي فيه قصص الأنبياء عليهم السلام وأخبارهم حرفا حرفا، وأخبار من مضى ومن بقي إلى يوم القيامة.

70 - في أصول الكافي أحمد بن مهران عن محمد بن علي عن حماد بن عيسى عن الحسين بن المختار عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول في هذه الآية بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم فأومى بيده إلى صدره.

71 - عنه عن محمد بن علي عن ابن محبوب عن عبد العزيز العبدي عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم) قال: هم الأئمة عليهم السلام.

72 - وعنه عن محمد بن علي عن عثمان بن عيسى عن سماعة عن أبي بصير قال: قال أبو جعفر عليه السلام: هذه الآية (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم) ثم قال: اما والله يا أبا محمد ما قال بين دفتي المصحف، قلت: من هم جعلت فداك؟قال: من عسى أن يكون غيرنا؟.

73 - محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن بريد عن هارون بن حمزة عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول: (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم) قال: هم الأئمة خاصة.

74 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن محمد بن الفضيل قال: سألته عن قول الله عز وجل: (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم) قال: هم الأئمة عليهم السلام خاصة.

75 - في بصائر الدرجات يعقوب بن يزيد ومحمد بن الحسين عن ابن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن بريد بن معاوية عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم) فقال: أنتم هم من عسى ان يكونوا؟.

76 - أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن صفوان عن ابن مسكان عن حجر عن حمران عن أبي جعفر عليه السلام وأبى عبد الله البرقي عن أبي الجهم عن أسباط عن أبى عبد الله عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى: (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم) قال: نحن.

77 - أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن عثمان بن عيسى عن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام انه قرأ هذه الآية: (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم) قال: يا أبا محمد والله ما قال بين دفتي المصحف، قلت: من هم جعلت فداك؟قال: من عسى أن يكونوا غيرنا؟.

78 - محمد بن الحسين عن جعفر بن بشير والحسن بن علي بن فضال عن مثنى الحناط عن الحسن الصيقل قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم) قال: نحن، وإيانا عنى.

79 - أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن أيوب بن حسن عن حمران قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله تبارك وتعالى: (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم) أنتم هم؟قال: من عسى أن يكونوا؟.

80 - محمد بن الحسين عن يزيد شعر عن هارون بن حمزة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم) قال: هم الأئمة خاصة، وما يعقلها الا العالمون، فزعم أن من عرف الامام والآيات ممن يعقل.

81 - محمد بن خالد الطيالسي عن سيف بن عميرة عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم) قلت: أنتم هم؟قال: من عسى ان يكونوا؟.

82 - أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمد الجوهري عن محمد بن يحيى عن عبد الرحيم عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن هذا العلم انتهى إلى في القرآن ثم جمع أصابعه ثم قال: (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم).

83 - في مجمع البيان ان في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون وقيل: إن قوما من المسلمين كتبوا شيئا من كتب أهل الكتاب فهددهم سبحانه في هذه الآية ونهاهم عنه وقال النبي صلى الله عليه وآله: جئتكم ببيضاء نقية.

84 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: يا عبادي الذين آمنوا ان ارضى واسعة يقول: لا تطيعوا أهل الفسق من الملوك فان خفتموهم أن يفتنوكم عن دينكم فان أرضى واسعة، وهو يقول: (فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض) فقال: (ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها).

85 - في مجمع البيان وقال أبو عبد الله عليه السلام: معناه إذا عصى الله في ارض أنت بها فاخرج منها إلى غيرها.

86 - في جوامع الجامع وعن النبي صلى الله عليه وآله من فر بدينه من أرض إلى أرض وإن كان شبرا من الأرض استوجب الجنة، وكان رفيق إبراهيم ومحمد عليهما السلام.

87 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من الاخبار المجموعة وباسناده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لما نزلت هذه الآية (انك ميت وانهم ميتون) قلت: يا رب أيموت الخلائق كلهم وتبقى الأنبياء؟فنزلت: كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون.

88 - في تفسير العياشي عن زرارة قال: كرهت ان أسأل أبا جعفر عليه السلام عن الرجعة واستخفيت ذلك قلت: لأسألن مسألة لطيفة أبلغ فيها حاجتي، فقلت: أخبرني عمن قتل أمات؟قال: لا، الموت موت والقتل قتل، قلت: ما أحد يقتل الا وقد مات؟فقال: قول الله أصدق من قولك، فرق بينهما في القرآن فقال: (أفإن مات أو قتل) وقال (لئن متم أو قتلتم لإلى الله تحشرون) وليس كما قلت يا زرارة، الموت موت والقتل قتل قلت: فان الله يقول: (كل نفس ذائقة الموت)؟قال: من قتل لم يذق الموت، ثم قال: لابد من أن يرجع حتى يذوق الموت.

89 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن العلاء عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام يقول: أيما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين بن علي عليهما السلام حتى يسيل على خده بوأه الله بها في الجنة غرفا يسكنه أحقابا.

90 - وقال علي بن إبراهيم رحمه الله في قوله عز وجل: وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم قال: كانت العرب يقتلون أولادهم مخافة الجوع فقال الله عز وجل: الله يرزقهم وإياكم.

91 - في مجمع البيان وعن عطا عن ابن عمر قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله حتى دخلنا بعض حيطان الأنصار فجعل سقط من التمر ويأكل، فقال: يا ابن عمر مالك لا تأكل؟فقلت: لا أشتهيه يا رسول الله، قال: لكني أشتهيه وهذه صبح رابعة منذ لم أذق طعاما ولو شئت لدعوت ربى فأعطاني مثل ملك كسرى وقيصر، فكيف بك يا ابن عمر إذا بقيت مع قوم يخبأون رزق سنتهم لضعف اليقين، فوالله ما برحنا حتى نزلت: (وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم).

92 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله عز وجل: والذين جاهدوا فينا أي صبروا وجاهدوا مع رسول الله صلى الله عليه وآله لنهدينهم سبلنا أي نثبتهم وان الله لمع المحسنين وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال: هذه الآية لآل محمد صلوات الله عليهم ولأشياعهم.

93 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عن أمير المؤمنين عليهما السلام أنه قال: الا وانى مخصوص في القرآن بأسماء احذروا ان تغلبوا عليها فتضلوا في دينكم، انا المحسن يقول الله عز وجل: (ان الله لمع المحسنين) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.


1. وفى النهج والمصدر (واضمحلت الأبناء) بدل (الابتلاء). .

2. (القائلين) من القيلولة يعنى لو لم يكن ابتلاء لكانوا مستريحين فلا ينالون أجور المبتلين قاله المحدث الكاشاني (ره) في الوافي. .

3. وعر المكان: صلب. .

4. قال الجزري في حديث على (عليه السلام) في صفة مكة: والكعبة أقل نتائق الدنيا مدرا، النتائق جمع نتيقة، فعيلة بمعنى مفعولة من النتق وهو ان تقلع الشئ فترفعه من مكانه لترمى به هذا هو الأصل وأراد بها ههنا البلاد لرفع بنائها وشهرتها في موضعها. (انتهى) وقال الشارح المعتزلي: أصل هذه اللفظة من قولهم امرأة منتاق أي كثيرة الحبل والولادة، ويقال: ضيعة منتاق أي كثيره الريع فجعل عليه السلام الضياع ذوات المدر التي تثار للحرث نتائق وقال إن مكة أقلها صلاحا المزرع لان أرضها حجرية. .

5. رما - دمثة: سهلة وكلما كان الرمل أسهل كان أبعد عن أن ينبت .

6. الأثر: بقية رسم الشئ، والدثور: الدروس وهو أن تهب الرياح على المنزل فيغشى رسومه الرمل ويغطيه. .

7. الخف ههنا هو الإبل والحافر الخيل والحمير، والظلف الشاة (ولا يزكو بها) أي لا تزيد أي ليس حولها مرعى ترعاه تلك فتسمن. .

8. قوله عليه السلام: (يثنوا أعطافهم نحوه... اه) الثنى: العطف، وعطفا الرجل: جابناه أي يقصدوه ويحجوه، يقال: ثنا عطفه نحوه أي توجه إليه والمثابة: المرجع والمنتجع: محل الكلاء والنجعة: طلب الكلاء في الأصل ثم سمى كل من قصد أمرا يروم النفع منه منتجعا. قال المحدث الكاشاني (ره) وفى قوله عليه السلام: (تهوى إليه ثمار الأفئدة) استعارة لطيفة ونظر إلى قوله سبحانه حكاية عن خليله عليه السلام (واجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم...) والقفر من المفاوز: ما لا ماء فيه ولا كلاء. والمهاوي: المساقط والفجاج جمع الفج وهو الطريق بين الجبلين، والهز: التحريك، قال الشارح المعتزلي: أي يحركهم الشوق نحوه إلى أن يسافروا إليه فكنى عن السفر بهز المناكب وذللا حال اما منهم أو من المناكب وواحد المناكب منكب بكسر الكاف وهو مجمع عظم العضد والرمل: السعي فوق المشي قليلا. والشعث: انتشار الامر واغبرار الرأس وتلبد الشعر، والقنع جمع القناع والحسر، الكشف قال الفيض (ره): وبه يتعلق قوله (ورؤسهم). .

9. القنوت: الخضوع. .

10. قوله عليه السلام (جم الأشجار) أي كثيرها وداني الثمار: قريبها والنغاف النبات اشتباكها وفى النهج (ملتف البني) ى مشتبك العبارة والبرة: الواحدة من البر وهو الحنطة. والأرياف جمع الريف: ارض فيها زرع وخضب وما قارب الماء من ارض العرب، و المحدقة: المحيطة وعراص جمع عرصة، الساحة والمغدقة: كثيرة الماء. .

11. قوله عليه السلام (مصارعة الشك في الصدور...) المصارعة: المحاولة والإعتلاج: الاقتتال، قال الفيض (ره): وفى قوله عليه السلام مصارعة الشك استعارة لطيفة وكذا في قوله معتلج الريب ومعناهما متقاربان. والمجاهد جمع مجهدة وهي المشقة، و أبوابا فتحا أي مفتوحة. وأسبابا ذللا أي سهلة. .

12. خذف بالحصاة أو النواة ونحوهما: رمى بها من بين سبابتيه .

13. أي كشفها. .

14. الزقاء بمعنى الصياح .

15. وفى بعض النسخ (حميد) بدل (جعيد) لكن الصحيح هو المخار ويوافقه المصدر أيضا. .

16. وفى بعض النسخ (سحرت) بالحاء المهملة. .