تفسير سورة القصص
1 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرأ سور الطواسين الثلاث في ليلة الجمعة كان من أولياء الله وفى جواره وكنفه، لم يصبه في الدنيا بؤس أبدا، وأعطى في الآخرة حتى يرضى وفوق رضاه، وزوجه الله مأة زوجة من الحور العين.
2 - في مجمع البيان وروى أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال، من قرأ الطواسين الثلاث وذكر مثله وزاد في آخره: وأسكنه الله في جنة عدن وسط الجنة مع النبيين والمرسلين والوصيين الراشدين.
3 - أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ومن قرء طسم القصص اعطى من الاجر عشر حسنات بعدد من صدق بموسى وكذب به، ولم يبق ملك في السماوات والأرض الا شهد له يوم القيامة انه كان صادقا، ان كل شئ هالك الا وجهه.
4 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أعطيت طه والطواسين من ألواح موسى.
5 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى سفيان بن سعيد الثوري عن الصادق عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام: واما طسم فمعناه أنا الطالب السميع المبدئ المعيد.
6 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم خاطب الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وآله فقال: نتلو عليك يا محمد من نبأ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون ان فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبنائهم ويستحيى نساءهم انه كان من المفسدين فأخبر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وآله بما لقى موسى عليه السلام وأصحابه من فرعون من القتل والظلم، ليكون تعزية له فيما يصيبه في أهل بيته صلوات الله عليهم من أمته، ثم بشره بعد تعزيته انه يتفضل عليهم بعد ذلك ويجعلهم خلفاء في الأرض وأئمة على أمته، ويردهم إلى الدنيا مع أعدائهم حتى ينتصفوا منهم، فقال جل ذكره: ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين * ونمكن لهم في الأرض ونرى فرعون وهامان وجنودهما وهم الذين غصبوا آل محمد حقهم وقوله منهم أي من آل محمد ما كانوا يحذرون أي من القتل والعذاب ولو كانت هذه نزلت في موسى عليه السلام وفرعون لقال ونرى فرعون وهامان وجنودهما منه ما كانوا يحذرون أي من موسى ولم يقل منهم، فلما تقدم قوله: (نريد ان نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة) علمنا أن المخاطبة للنبي صلى الله عليه وآله وما وعد الله به رسوله فإنما يكون بعده. والأئمة يكونون من ولده، وانما ضرب الله هذا المثل لهم في موسى و بني إسرائيل وفى أعدائهم بفرعون وهامان وجنودهما، فقال: ان فرعون قتل بني إسرائيل فظفر الله موسى بفرعون وأصحابه حتى أهلكهم الله، وكذلك أهل بيت رسول الله أصابهم من أعدائهم القتل والغصب ثم يردهم الله ويرد أعدائهم إلى الدنيا حتى يقتلوهم.
قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه يمكن إرادة موسى وفرعون وإرادة أهل البيت وأعدائهم، وما قيل إنه مانع لا منع فيه كما يظهر بأدنى تأمل على إرادة كل من المعنيين في الظاهر والباطن، كما نطقت به الأخبار الكثيرة عنهم عليهم السلام وقد ذكرنا في هذا الكتاب من ذلك ما فيه كفاية لمن تتبعه، ووقف على طريقهم عليهم السلام ويؤيد ذلك ما رواه في الكافي باسناده إلى حفص بن غياث قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يا حفص ان من صبر صبر قليلا، وان من جزع جزع قليلا إلى أن قال عليه السلام: ثم بشر في عترته بالأئمة ووصفوا بالصبر فقال جل ثناؤه: (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون) فعند ذلك قال صلى الله عليه وآله: الصبر من الايمان كالرأس من الجسد فشكر الله عز وجل ذلك له فأنزل الله عز وجل: (وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون) فقال صلى الله عليه وآله: انه بشرى وانتقام مع ما رواه في أصول الكافي في كتاب فضل القرآن مسندا عن رسول الله صلى الله عليه وآله من قوله وقد ذكر القرآن وله ظهر وبطن فظاهره حكم وباطنه علم ظاهره أنيق وباطنه عميق.
7 - في تفسير علي بن إبراهيم متصل بقوله: حتى يقتلوهم وقد ضرب أمير المؤمنين عليه السلام في أعدائه مثلا ما ضرب الله لهم في أعدائهم بفرعون وهامان، فقال: يا أيها الناس ان أول من بغى على الله عز وجل على وجه الأرض عناق بنت آدم عليه السلام خلق الله لها عشرين إصبعا لكل إصبع منها ظفران طويلان كالمنجلين العظيمين (1) وكان مجلسها في الأرض موضع جريب، فلما بغت بعث الله عز وجل لها أسدا كالفيل، وذئبا كالبعير ونسرا كالحمار، وكان ذلك في الخلق الأول فسلطهم الله عز وجل عليها فقتلوها، الا وقد قتل الله عز وجل فرعون وهامان وخسف الله تعالى بقارون، وانما هذا المثل لأعدائه الذين غصبوا حقه فأهلكهم الله، ثم قال علي صلوات الله عليه على أثر هذا المثل الذي ضربه: وقد كان لي حق حازه دوني من لم يكن له ولم أكن أشركه فيه ولا توبة له الا بكتاب منزل أو برسول مرسل، وانى له بالرسالة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، ولا نبي بعد محمد، فانى يتوب وهو في برزخ القيامة، غرته الأماني وغره بالله الغرور، وقد أشفى على جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدى القوم الظالمين، وكذلك مثل القائم عليه السلام في غيبته وهربه واستتاره مثل موسى عليه السلام خائفا مستترا إلى أن يأذن الله في خروجه، وطلب حقه وقتل أعدائه في قوله: (اذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وان الله على نصرهم لقدير * الذين اخرجوا من ديارهم بغير حق) وقد ضرب الحسين بن علي عليهما السلام مثلا في بني إسرائيل بذلتهم من أعدائهم.
8 - حدثني أبي عن النضر بن سويد عن عاصم بن حميد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لقى المنهال بن عمر علي بن الحسين عليهما السلام فقال له: كيف أصبحت يا ابن رسول - الله؟فقال: ويحك اما آن لك ان تعلم كيف أصبحت؟أصبحنا في قومنا مثل بني إسرائيل في آل فرعون، يذبحون أبنائنا ويستحيون نسائنا، وأصبح خير البرية بعد محمد صلى الله عليه وآله يلعن على المنابر، وأصبح عدونا يعطى المال والشرف، وأصبح من يحبنا محقورا منقوصا حقه، وكذلك لم يزل المؤمنون، وأصبحت العجم تعرف للعرب حقها بان محمدا كان منها، وأصبحت العرب تعرف لقريش بأن محمدا صلى الله عليه وآله كان منها، وأصبحت قريش تفتخر على العرب بان محمدا صلى الله عليه وآله كان منها، وأصبحت العرب تفتخر على العجم بأن محمدا صلى الله عليه وآله كان منها، وأصبحنا أهل البيت لا يعرف لنا حق فهكذا أصبحنا يا منهال.
9 - في مجمع البيان وقال سيد العابدين علي بن الحسين عليهما السلام: والذي بعث محمدا بالحق بشيرا ونذيرا ان الأبرار منا أهل البيت وشيعتهم بمنزلة موسى وشيعته و ان عدونا وأشياعهم بمنزلة فرعون وأشياعه.
10 - في نهج البلاغة قال عليه السلام: لتعطفن الدنيا علينا بعد شماسها عطف الضروس على ولدها (2) وتلا عقيب ذلك (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين).
11 - في كتاب الغيبة لشيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى محمد بن الحسين عن أبيه عن جده عن علي عليه السلام في قوله: (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض و نجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين) قال: هم آل محمد يبعث الله مهديهم بعد جهدهم فيعزهم ويذل عدوهم.
12 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشا عن أبان بن عثمان عن أبي الصباح الكناني قال: نظر أبو جعفر عليه السلام إلى أبى عبد الله عليهما - السلام يمشى فقال: ترى هذا؟هذا من الذين قال الله عز وجل: (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين).
13 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى حكيمة قالت: لما كان اليوم السابع من مولد القائم عليه السلام جئت إلى أبى محمد عليه السلام فسلمت عليه وجلست فقال: هلمى إلى ابني، فجئت بسيدي وهو في الخرقة ففعل به كفعله الأول ثم أدلى لسانه في فيه كأنما يغذيه لبنا وعسلا، ثم قال: تكلم يا بنى قال: أشهد ان لا إله إلا الله وثنى بالصلاة على محمد وعلى أمير المؤمنين وعلى الأئمة الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين حتى وقف على أبيه عليه السلام ثم تلا هذه: (بسم الله الرحمن الرحيم ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين * ونمكن لهم في الأرض ونرى فرعون وهامان و جنودهما منهم ما كانوا يحذرون) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
14 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى محمد بن سنان عن مفضل بن عمر قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وآله نظر إلى علي والحسن والحسين عليهم السلام فبكى وقال: أنتم المستضعفون بعدى. قال المفضل: فقلت له: ما معنى ذلك يا ابن رسول الله؟قال قال: معناه انكم الأئمة بعدى ان الله عز وجل يقول: (ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين) فهذه الآية جارية فينا إلى يوم القيامة.
15 - في أمالي الصدوق رحمه الله باسناده إلى علي عليه السلام قال: هي لنا أو فينا هذه الآية (ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين).
16 - في كتاب الغيبة لشيخ الطائفة نور الله مرقده باسناده إلى حكيمة حديث طويل تذكر فيه مولد القائم عليه السلام تقول فيه: وقد ذكرت أم القائم عليه السلام وجلست منها حيث تقعد المرأة من المرأة للولادة، فقبضت على كفى وغمزته غمزة شديدة ثم أنت أنة وتشهدت ونظرت تحتها فإذا أنا بولي الله صلى الله عليه متلقيا الأرض بمساجده، فأخذت بكتفيه فأجلسته في حجري وإذا هو نظيف مفروغ منه، فناداني أبو محمد عليهما السلام يا عمة هلمى فايتيني بابنى، فأتيته به فتناوله وأخرج لسانه فمسحه على عينيه ففتحها، ثم أدخله في فيه فحنكه ثم أدخله في أذنيه وأجلسه في راحته اليسرى فاستوى ولى الله جالسا فمسح يده على رأسه وقال له: يا بنى أنطق فقدره الله، فاستعاذ ولى الله من الشيطان الرجيم واستفتح: (بسم الله الرحمن الرحيم ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونرى فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون) وصلى على رسول الله وأمير المؤمنين والأئمة عليهم السلام واحدا واحدا حتى انتهى إلى أبيه، فناولنيه أبو محمد عليه السلام وقال: يا عمة رديه إلى أمه حتى تقر عينها ولا تحزن ولتعلم ان وعد الله حق ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
17 - في تفسير علي بن إبراهيم واما قوله عز وجل: وأوحينا إلى أم موسى ان ارضعيه فإذا خفت عليه فالقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني انا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين فإنه حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن العلا بن رزين عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: إنه لما حملت به أمه لم يظهر حملها الا عند وضعها له، و كان فرعون قد وكل بنساء بني إسرائيل نساء من القبط يحفظونهن وذلك أنه كان لما بلغه عن بني إسرائيل انهم يقولون إنه يولد فينا رجل يقال له موسى بن عمران يكون هلاك فرعون وأصحابه على يده فقال فرعون عند ذلك: لأقتلن ذكور أولادهم حتى لا يكون ما يريدون، وفرق بين الرجال والنساء، وحبس الرجال في المجالس فلما وضعت أم موسى بموسى عليه السلام نظرت إليه وحزنت عليه واغتمت وبكت وقالت: يذبح الساعة؟فعطف الله عز وجل قلب الموكلة بها عليه فقالت لام موسى: مالك قد اصفر لونك؟فقالت: أخاف أن يذبح ولدى، فقالت: لا تخافي وكان موسى لا يراه أحد الا أحبه، وهو قول الله (وألقيت عليك محبة منى) فأحبته القبطية الموكلة بها وأنزل الله على أم موسى التابوت. ونوديت أمه ضعيه في التابوت فاقذفيه في اليم وهو البحر ولا تخافي ولا تحزني انا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين فوضعته في التابوت و أطبقته عليه وألقته في النيل.
18 - في روضة الواعظين للمفيد رحمه الله عن النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل يقول فيه صلى الله عليه وآله مخاطبا لجمع من أصحابه: وعلمتم ان موسى بن عمران كان فرعون في طلبه يشق بطون الحوامل ويذبح الأطفال ليقتل موسى، فلما ولدته أمه أمرت أن تأخذه من تحتها وتقذفه في التابوت، وتلقى بالتابوت في اليم، فقالت وهي ذعرة من كلامه: يا بنى انى أخاف عليك الغرق، فقال لها: لا تحزني ان الله رادني إليك فبقيت حيرانة حتى كلمها موسى فقال لها: يا أم اقذفيني في التابوت والقى التابوت في اليم فقال: ففعلت ما أمرت به فبقي في التابوت في اليم إلى أن قذفه في الساحل ورده إلى أمه برمته لا يطعم طعاما ولا يشرب شرابا معصوما وروى أن المدة كانت سبعين يوما وروى سبعة أشهر.
19 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى سدير الصيرفي عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل وفيه يقول عليه السلام اما مولد موسى عليه السلام فان فرعون لما وقف على أن زوال ملكه على يده أمر باحضار الكهنة فدلوه على نسبه، وأنه يكون من بني إسرائيل. و لم يزل يأمر أصحابه بشق بطون الحوامل من نساء بني إسرائيل حتى قتل في طلبه نيفا وعشرين ألف مولود، وبعد عليه الوصول إلى قتل موسى عليه السلام بحفظ الله تبارك وتعالى إياه.
20 - وباسناده إلى حكيمة بنت محمد بن علي بن موسى الرضا عمة أبى محمد الحسن عليهم السلام انها قالت كنت عند أبي محمد عليه السلام فقال: بيتي الليلة عندنا فإنه سيلد الليلة المولود الكريم على الله عز وجل الذي يحيى به الله عز وجل الأرض بعد موتها، فقلت: ممن يا سيدي؟ولست أرى بنرجس شيئا من أثر الجعل، فقال: من نرجس لا من غيرها، قالت: فوثبت إليها فقلبتها ظهر البطن فلم أر بها أثر الحبل، فعدت إليه عليه السلام فأخبرته بما فعلت فتبسم ثم قال لي: إذا كان وقت الفجر يظهر لك الحبل لان مثلها مثل أم موسى لم يظهر بها الحبل ولم يعلم بها أحد إلى وقت ولادتها، لان فرعون كان يشق بطون الحبالى في طلب موسى وهذا نظير موسى عليه السلام وقالت حكيمة في أواخر هذا الحديث: لما ولد القائم عليه السلام صاح بي أبو محمد فقال: يا عمتاه هاتيه فتناولته واتيت به نحوه، فلما مثلته بين يدي أبيه وهو على يدي سلم على أبيه فتناوله الحسن عليه السلام منى والطير ترفرف على رأسه، فصاح بطير منها فقال: أحمله واحفظه ورده إلينا في كل أربعين يوما، فتناوله الطير وطار به في جو السماء واتبعه الطير فسمعت أبا محمد عليه السلام يقول: استودعك الذي أودعته أم موسى فبكت نرجس فقال: اسكتي فان الرضاع محرم عليه الا من ثديك وسيعاد إليك كما رد موسى إلى أمه، وذلك قول الله عز وجل: فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن.
21 - وباسناده إلى محمد الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن يوسف بن يعقوب صلوات الله عليهما حين حضرته الوفاة جمع آل يعقوب وهم ثمانون رجلا، فقال: ان هؤلاء سيظهرون عليكم ويسومونكم سوء العذاب وانما ينجيكم الله من أيديهم برجل من ولد لاوي بن يعقوب اسمه موسى بن عمران غلام طوال جعد ادم، فجعل الرجل من بني إسرائيل يسمى ابنه عمران ويسمى عمران ابنه موسى. فذكر أبان بن عثمان أبى الحصين عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: ما خرج موسى حتى خرج قبله خمسون كذابا من بني إسرائيل كلهم يدعى انه موسى بن عمران، فبلغ فرعون انهم يرجفون به (3) ويطلبون هذا الغلام، فقال له كهنته وسحرته: ان هلاك دينك وقومك على يدي هذا الغلام يولد العام من بني إسرائيل، فوضع القوابل على النساء وقال: لا يولد العام ولد الا ذبح، ووضع على أم موسى قابلة فلما رأى ذلك بنو إسرائيل قالوا: إذا ذبح الغلمان واستحيى النساء هلكنا فلم نبق فتعالوا الا نقرب النساء فقال عمران أبو موسى عليه السلام: بل ائتوهن فان أمر الله واقع ولو كره المشركون، اللهم من حرمه فانى لا أحرمه ومن تركه فانى لا اتركه، ووقع على أم موسى فحملت فوضع على أم موسى قابلة تحرسها إذا قامت قامت وإذا قعدت قعدت، فلما حملته أمه وقعت عليها المحبة وكذلك بحجج الله على خلقه، فقالت لها القابلة مالك يا بنية تصفرين وتذوبين؟قالت: لا تلوميني فانى إذا ولدت اخذ ولدى فذبح، قالت: لا تحزني فانى سوف اكتم عليك فلم تصدقها، فلما ان ولدت التفتت إليها وهي مقبلة فقالت: ما شاء الله، فقالت لها: ألم أقل: انى سوف اكتم عليك ثم حملته فأدخلته المخدع (4) وأصلحت أمره، ثم خرجت إلى الحرس فقالت: انصرفوا - وكانوا على الباب - فإنما خرج دم مقطع، فانصرفوا فأرضعته، فلما خافت عليه الصوت أوحى الله إليها ان اعملي التابوت ثم اجعليه فيه ثم أخرجيه ليلا فاطرحيه في نيل مصر، فوضعته في التابوت ثم دفعته في اليم فجعل يرجع إليها وجعلت تدفعه في الغمر (5) وان الريح ضربته فانطلقت به فلما رأته قد ذهب به الماء همت ان تصيح، فربط الله على قلبها. قال: وكانت المرأة الصالحة امرأة فرعون وهو من بني إسرائيل قالت لفرعون: انها أيام الربيع فأخرجني واضرب لي قبة على شط النيل حتى أتنزه هذه الأيام، فضربت لها قبة على شط النيل إذ أقبل التابوت يريدها، فقالت: هل ترون ما أرى على الماء؟قالوا: أي والله يا سيدتنا انا لنرى شيئا. فلما دنى منها ثارت (6) إلى الماء فتناولته بيدها، وكان الماء يغمرها حتى تصايحوا عليها فجذبته وأخرجته من الماء فأخذته ووضعته في حجرها، فإذا هو غلام أجمل الناس وأسرهم فوقعت عليها منه محبة فوضعته في حجرها وقالت: هذا ابني فقالوا: أي والله يا سيدتنا، يا والله مالك ولد ولا للملك فاتخذي هذا ولدا، فقامت إلى فرعون وقالت: انى أصبت غلاما طيبا حلوا نتخذه ولدا فيكون قرة عين لي ولك فلا تقتله، فقال: من أين هذا الغلام؟فقالت: والله لا أدرى الا ان الماء قد جاء به، فلم تزل به حتى رضى، فلما سمع الناس ان الملك قد تبنى ابنا لم يبق أحد من رؤس من كان مع فرعون الا بعث إليه امرأته ليكون له ظئرا وتحضنه فأبى أن يأخذ من امرأة منهن ثديا، فقالت امرأة فرعون: اطلبوا لابني ظئرا ولا تحقروا أحدا فجعل لا يقبل من امرأة منهن فقالت أم موسى لأخته: قصيه انظري أترين له أثرا فانطلقت حتى أتت باب الملك فقالت: قد بلغني انكم تطلبون ظئرا وهيهنا امرأة صالحة تأخذ ولدكم وتكفله لكم، فقالت: ادخلوها فلما دخلت قالت لها امرأة فرعون: ممن أنت؟قالت: من بني إسرائيل قالت: اذهبي يا بنية فليس لنا فيك حاجة فقالت لها النساء: انظري عافاك الله يقبل أم لا؟فقالت امرأة فرعون: أرأيتم لو قبل هل يرضى فرعون أن يكون الغلام من بني إسرائيل والمرأة من بني إسرائيل تعنى الظئر فلا يرضى، قلن: فانظري يقبل أم لا؟قالت امرأة فرعون: فاذهبي فادعيها فجائت إلى أمها وقالت: ان امرأة الملك تدعوك فدخلت عليها فدفع إليها موسى فوضعته في حجرها ثم ألقمته ثديها فازدحم اللبن في حلقه فلما رأت امرأة فرعون ان ابنها قد قبل قامت إلى فرعون فقالت: انى قد أصبت لا بنى ظئرا و قد قبل منها، فقال: ممن هي؟قالت: من بني إسرائيل. قال فرعون: هذا مما لا يكون ابدا. الغلام من بني إسرائيل والظئر من بني إسرائيل؟فلم تزل تكلمه فيه وتقول: لا تخف من هذا الغلام انما هو ابنك ينشو في حجرك حتى قلبته عن رأيه ورضى.
22 - في تفسير علي بن إبراهيم متصل بقوله: وألقيه في النيل آخر ما نقلنا عنه، أولا: وكان لفرعون قصر على شط النيل منزها فنظر من قصره ومعه آسية امرأته إلى سواد في النيل ترفعه الأمواج والرياح تضربه حتى جاءت به إلى باب قصر فرعون، فأمر فرعون بأخذه فأخذ التابوت ورفع إليه فلما فتحه وجد فيه صبيا فقال: هذا إسرائيلي فألقى الله في قلب فرعون لموسى محبة شديدة وكذلك في قلب آسية رحمة الله عليها، وأراد فرعون أن يقتله فقالت آسية: لا تقتله عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وهم لا يشعرون انه موسى.
23 - في مجمع البيان (قرة عين لي ولك لا تقتلوه) الآية قال ابن عباس: ان أصحاب فرعون لما علموا بموسى جاؤوا ليقتلوه فمنعتهم وقالت لفرعون: (قرة عين لي ولك لا تقتلوه) قال فرعون: قرة عين لك فاما لي فلا، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: والذي يحلف به لو أقر فرعون بان يكون له قرة عين كما أقرت امرأته لهداه الله به كما هداها. ولكنه أبى للشقاء الذي كتبه الله عليه.
24 - في تفسير علي بن إبراهيم متصل بقوله انه موسى ولم يكن لفرعون ولد فقال: اطلبوا له ظئرا تربيه. فجاؤوا بعدة نساء قد قتل أولادهن فلم يشرب لبن أحد من النساء وهو قول الله: وحرمنا عليه المراضع من قبل وبلغ أمه ان فرعون قد أخذه فحزنت وبكت كما قال الله تعالى: وأصبح فؤاد أم موسى فارغا ان كادت لتبدى به قال: كادت ان تخبر بخبره أو تموت ثم حفظت نفسها فكانت كما قال الله: لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين ثم قالت لأخته قصيه أي اتبعيه فجاءت أخته إليه فبصرت به عن جنب أي عن بعد وهم لا يشعرون فلما لم يقبل موسى يأخذ ثدي أحد من النساء اغتم فرعون غما شديدا فقالت أخته: هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون فقال: نعم فجائت بأمه فلما أخذته في حجرها وألقمته ثديها التقمه وشرب، ففرح فرعون وأهله وأكرموا أمه فقالوا لها ربيه لنا ولك من الكرامة ما تختارين، وذلك قول الله تعالى: فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن ولتعلم ان وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون.
وفيه قال الراوي: فقلت لأبي جعفر عليه السلام: فكم مكث موسى غائبا عن أمه حتى رده الله إليها؟قال: ثلاثة أيام.
25 - في جوامع الجامع وروى أنها لما قالت: (وهم له ناصحون) قال هامان: انها لتعرفه وتعرف أهله فقالت: انما أردت وهم للملك ناصحون.
26 - في تفسير علي بن إبراهيم متصل بقوله: (ولكن أكثرهم لا يعلمون) قريب آخر ما نقلنا عنه قريبا، وكان فرعون يقتل أولاد بني إسرائيل كلما يلدون ويربى موسى ويكرمه وهو لا يعلم أن هلاكه على يده، فلما درج موسى كان يوما عند فرعون فعطس موسى فقال: الحمد لله رب العالمين فأنكر فرعون ذلك عليه ولطمه وقال: ما هذا الذي يقول فوثب موسى على لحيته وكان طويل اللحية فهلبها أي قلعها فألمه ألما شديدا فهم فرعون بقتله فقالت له امرأته: هذا غلام حدث لا يدرى ما يقول وقد لطمته بلطمتك إياه فقال فرعون: بلى يدرى، فقالت له: ضع بين يديه تمرا وجمرا فان ميز بين التمر والجمر فهو الذي تقول، فوضع بين يديه تمرا وجمرا وقال له: كل فمد يده إلى التمر فجاء جبرئيل عليه السلام فصرفها إلى الجمر فأخذ الجمر في فيه فاحترق لسانه وصاح وبكى، فقالت آسية لفرعون: ألم أقل لك انه لم يعقل؟فعفى عنه.
27 - في كتاب معاني الأخبار حدثنا أبي رحمه الله قال: حدثنا محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد عن أحمد بن هلال عن محمد بن سنان عن محمد بن عبد الله بن رباط عن محمد بن النعمان الأحول عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: فلما بلغ أشده واستوى قال: أشده ثمان عشر سنة (واستوى) التحى.
28 - في تفسير علي بن إبراهيم قال: فلم يزل موسى عليه السلام عند فرعون في أكرم كرامة حتى بلغ مبلغ الرجال وكان ينكر عليه ما يتكلم به موسى عليه السلام من التوحيد حتى هم به، فخرج موسى من عنده ودخل المدينة، فإذا رجلان يقتتلان أحدهما يقول بقول موسى، والاخر يقول بقول فرعون، فاستغاثه الذي من شيعته فجاء موسى فوكز صاحب فرعون فقضى عليه وتوارى في المدينة.
29 - في مجمع البيان وروى أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ليهنكم الاسم. قال: قلت: وما الاسم؟قال: الشيعة اما سمعت الله سبحانه يقول (فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه).
30 - في تفسير علي بن إبراهيم متصل بقوله في المدينة فلما كان الغد جاء آخر فتشبث بذلك الرجل الذي يقول بقول موسى عليه السلام فاستغاث بموسى، فلما نظر صاحبه إلى موسى قال له: أتريد ان تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس فخلى عن صاحبه وهرب.
31 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة متصل بقوله حتى قلبته عن رأيه ورضى آخر ما نقلنا عنه قريبا، فنسى موسى صلى الله عليه في آل فرعون وكتمت أمه خبره وأخته والقابلة حتى هلكت أمه والقابلة التي قبلته، فنشئ عليه السلام لا يعلم به بنو إسرائيل قال: وكانت بنو إسرائيل تطلبه وتسأل عنه فعمى عليهم خبره، قال: فبلغ فرعون انهم يطلبونه ويسألون عنه فأرسل إليهم وزاد عليهم في العذاب وفرق بينهم ونهاهم عن الاخبار به والسؤال عنه. قال: فخرجت بنو إسرائيل ذات ليلة مقمرة إلى شيخ لهم عنده علم. فقالوا: كنا نستريح إلى الأحاديث فحتى متى والى متى نحن في هذا البلاء؟قال والله انكم لا تزالون فيه حتى يجئ الله تعالى ذكره بغلام من ولد لاوي بن يعقوب اسمه موسى بن عمران، غلام طوال جعد، فبينا هم كذلك إذ أقبل موسى عليه السلام يسير على بغلة حتى وقف عليهم، فرفع الشيخ رأسه فعرفه بالصفة فقال له: ما اسمك يرحمك الله؟قال: موسى. قال: ابن من؟قال: ابن عمران، قال: فوثب إليه الشيخ فأخذ بيده فقبلها وثاروا إلى رجله فقبلوها فعرفهم وعرفوه واتخذ شيعة، فمكث بعد ذلك ما شاء الله ثم خرج فدخل مدينة لفرعون فيها رجل من شيعته يقاتل رجلا من آل فرعون من القبط (فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه) القبطي (فوكزه موسى فقضى عليه) وكان موسى عليه السلام قد اعطى بسطة في الجسم وشدة في البطش فذكره الناس وشاع أمره، وقالوا ان موسى قتل رجلا من آل فرعون (فأصبح في المدينة خائفا يترقب) فلما أصبحوا من الغد إذا الرجل الذي استنصره بالأمس يستصرخه على آخر فقال له موسى انك لغوى مبين بالأمس رجل واليوم رجل، فلما أراد ان يبطش بالذي هو عدو لهما قال: يا موسى أتريدان تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس ان تريد الا أن تكون جبارا في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين.
32 - في عيون الأخبار باسناده إلى علي بن محمد بن الجهم قال: حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا عليه السلام فقال له المأمون: يا ابن رسول الله أليس من قولك ان الأنبياء معصومون؟قال: بلى، قال: فأخبرني عن قول الله تعالى (فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان) قال الرضا عليه السلام: ان موسى عليه السلام دخل مدينة من مدائن فرعون على حين غفلة من أهلها وذلك بين المغرب والعشاء (فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه، فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فقضى) عليه السلام على العد وبحكم الله تعالى ذكره فوكزه فمات (قال هذا من عمل الشيطان) يعنى الاقتتال الذي وقع بين الرجل لا ما فعله موسى عليه السلام من قتله (انه) يعنى الشيطان (عدو مضل مبين) قال المأمون: فما معنى قول موسى (رب انى ظلمت نفسي فاغفر لي) قال: يقول: وضعت نفسي في غير موضعها بدخول هذه المدينة (فاغفر لي) أي استرني من أعدائك لئلا يظفروا بي فيقتلوني (فغفر له انه هو الغفور الرحيم) قال موسى: (رب بما أنعمت على) من القوة حتى قتلت رجلا بوكزة (فلن أكون ظهيرا للمجرمين) بل أجاهدهم في سبيلك بهذه القوة حتى ترضى (فأصبح) موسى عليه السلام (في المدينة خائفا يترقب فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه) على آخر (قال له موسى انك لغوى مبين) قاتلت رجلا بالأمس وتقاتل هذا اليوم لأؤدبنك وأراد ان يبطش به (فلما أراد ان يبطش بالذي هو عدو لهما) وهو من شيعته (قال يا موسى أتريد ان تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس ان تريد الا أن تكون جبارا في الأرض وما تريدان تكون من المصلحين) قال المأمون: جزاك الله عن أنبيائه خيرا يا أبا الحسن.
33 - في تفسير علي بن إبراهيم متصل بقوله عن صاحبه وهرب وكان خازن فرعون مؤمنا بموسى عليه السلام قد كتم ايمانه ستمأة سنة، وهو الذي قال الله عز وجل: (وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم ايمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربى الله) وبلغ فرعون خبر قتل موسى الرجل فطلبه ليقتله فبعث المؤمن إلى موسى عليه السلام (ان الملاء يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج انى لك من الناصحين فخرج منها) كما حكى الله عز وجل (خائفا يترقب) قال: يلتفت يمنة ويسرة ويقول (رب نجنى من القوم الظالمين).
34 - في ارشاد المفيد رحمه الله في مقتل الحسين فسار الحسين عليه السلام إلى مكة و هو يقرأ (فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجنى من القوم الظالمين) ولزم الطريق الأعظم فقال له أهل بيته: لو تنكبت الطريق الأعظم كما صنع ابن الزبير لئلا يلحق الطلب فقال: لا والله لا أفارقه حتى يقضى الله ما هو قاض، ولما دخل الحسين عليه السلام مكة كان دخوله إليها ليلة الجمعة لثلاث مضين من شعبان دخلها وهو يقول: (ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربى ان يهديني سواء السبيل).
35 - في مجمع البيان وروى عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول كانت عصى موسى قضيب آس من الجنة أتاه به جبرئيل لما توجه تلقاء مدين.
36 - في من لا يحضره الفقيه قال أمير المؤمنين عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من خرج في سفر ومعه عصا لوز مر وتلا هذه الآية (ولما توجه تلقاء مدين) إلى قوله (والله على ما نقول وكيل) آمنه الله من كل سبع ضار، ومن كل لص عاد ومن كل ذات حمة حتى يرجع إلى أهله ومنزله، وكان معه سبعة وسبعون من المعقبات (7) يستغفرون له حتى يرجع ويضعها.
وفى كتاب ثواب الأعمال مثله سواء.
37 - في تفسير علي بن إبراهيم متصل بقوله: (من القوم الظالمين) ومر نحو مدين وكان بينه وبين مدين مسيرة ثلاثة أيام، فلما بلغ باب مدين رأى بئرا يستقى الناس منها لأغنامهم ودوابهم، فقعد ناحية ولم يكن أكل منذ ثلاثة أيام شيئا فنظر إلى جاريتين في ناحية ومعهما غنيمات لا تدنوان من البئر فقال لهما: مالكما لا تستقيان؟فقالتا كما حكى الله عز وجل: لا نسقى حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير فرحمهما موسى عليه السلام ودنا من البئر فقال لمن على البئر: أسقى لي دلوا ولكم دلوا وكان الدلو يمده عشرة رجال، فاستقى وحده دلوا لمن على البئر ودلوا لبنتي شعيب عليه السلام وسقى أغنامهما ثم تولى إلى الظل فقال رب انى لما أنزلت إلى من خير فقير كان شديد الجوع، قال أمير المؤمنين عليه السلام كان موسى كليم الله حيث سقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال: رب انى لما أنزلت إلى من خير فقير: والله ما سأل الله عز وجل الا خبزا يأكله لأنه كان يأكله بقلة الأرض، ولقد رأوا خضرة البقل في صفاق بطنه (8) من هزاله.
38 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل حكاية عن موسى عليه السلام (رب انى لما أنزلت إلى من خير فقير) قال: سأل الطعام.
39 - في تفسير العياشي عن حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه السلام في قول موسى لفتاه: (آتنا غداءنا) وقوله: (رب انى لما أنزلت إلى من خير فقير) قال: انما عنى الطعام، فقال أبو عبد الله عليه السلام: ان موسى لذو جوعات.
40 - عن ليث بن سليم عن أبي جعفر عليه السلام شكى موسى إلى ربه الجوع في ثلاثة مواضع: (آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا) (لاتخذت عليه اجرا) (لما أنزلت (إلي من خير فقير).
41 - في نهج البلاغة قال عليه السلام: وان شئت ثنيت بموسى كليم الله صلوات الله عليه إذ يقول: (انى لما أنزلت إلي من خير فقير) والله ما سأله الا خبزا يأكله لأنه كان يأكل بقلة الأرض، ولقد كانت خضرة البقل ترى من شفيف صفاق بطنه لهزاله وتشذب لحمه (9).
42 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة متصل بقوله: (أن تكون من المصلحين) آخر ما نقلنا عنه سابقا وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال يا موسى ان الملاء يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج انى لك من الناصحين فخرج منها خائفا يترقب من مصر بغير ظهر ولا دابة ولا خادم تحفظه أرض وترفعه أخرى حتى انتهى إلى أرض مدين، فانتهى إلى أصل شجرة فنزل فإذا تحتها بئر وإذا عندها أمة من الناس يسقون، وإذا جاريتان ضعيفتان، وإذا معهما غنيمة لهما قال ما خطبكما قالتا أبونا شيخ كبير ونحن جاريتان ضعيفتان لا نقدر ان نزاحم الرجال فإذا سقى الناس سقينا، فرحمهما عليه السلام فاخذ دلوهما فقال لهما: قدما غنمكما فسقى لهما ثم رجعتا بكرة قبل الناس، ثم تولى موسى إلى الشجرة فجلس تحتها وقال: (رب انى لما أنزلت إلى من خير فقير) فروى أنه قال ذلك وهو محتاج إلى شق تمرة، فلما رجعتا إلى أبيهما قال: ما أعجلكما في هذه الساعة؟قالتا: وجدنا رجلا صالحا رحمنا فسقى لنا، فقال لإحداهما: اذهبي فادعيه لي فجاءته إحداهما تمشى على استحياء قالت إن أبى يدعوك ليجزيك اجر ما سقيت لنا.
43 - في تفسير علي بن إبراهيم متصل بقوله من هزاله آخر ما نقلنا عنه سابقا، فلما رجعت ابنتا شعيب إلى شعيب قال لهما: أسرعتما الرجوع فأخبرتاه بقصة موسى عليه السلام ولم تعرفاه، فقال شعيب لواحدة منهن: اذهبي إليه فادعيه لنجزيه أجر ما سقى لنا، فجائت إليه كما حكى الله تعالى: (تمشى على استحياء فقالت إن أبى يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا) فقام موسى معهما ومشت امامه فسفقتها الرياح (10) فبأن عجزها فقال لها موسى: تأخري ودليني على الطريق بحصاة تلقينها امامي أتبعها، فانا من قوم لا ينظرون في ادبار النساء، فلما دخل على شعيب قص عليه قصته فقال له شعيب عليه السلام: (ولا تخف نجوت من القوم الظالمين).
44 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة متصل بقوله: (اجر ما سقيت لنا) فروى أن موسى عليه السلام قال لها: وجهيني إلى الطريق وامشي خلفي فانا بنى يعقوب لا ننظر في اعجاز النساء)، فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين).
45 - في تفسير علي بن إبراهيم متصل بقوله: (من القوم الظالمين) قالت إحدى بنات شعيب: يا أبت استأجره ان خير من استأجرت القوى الأمين فقال لها شعيب: اما قوته فقد عرفتنيه انه يستقى الدلو وحده، فبم عرفت أمانته؟فقالت: انه لما قال لي: تأخري عنى ودليني على الطريق فانا من قوم لا ينظرون في أدبار النساء عرفت انه ليس من الذين ينظرون أعجاز النساء فهذه أمانته.
46 - في جوامع الجامع وروى أن الرعاة كانوا يضعون على رأس البئر حجرا لا يقله الا سبعة رجال وقيل: عشرة وقيل: أربعون فأقله وحده وسألهم دلوا فأعطوه دلوهم، وكان لا ينزعها الا عشرة فاستقى بها وحده مرة واحدة، فروى غنمهما وأصدرهما.
47 - في من لا يحضره الفقيه وروى صفوان بن يحيى عن أبي الحسن عليه السلام في قول الله: (يا أبت استأجره ان خير من استأجرت القوى الأمين) قال: قال لها شعيب: يا بنية هذا قوى قد عرفتيه برفع الصخرة، الأمين من أين عرفتيه؟قالت: يا أبة انى مشيت قدامه فقال: امشي من خلفي فان ضللت فأرشديني إلى الطريق فانا قوم لا ننظر في أدبار النساء.
48 - في مجمع البيان قال أمير المؤمنين علي عليه السلام: لما قالت المرأة هذا قال شعيب: وما علم لك بأمانته وقوته؟قالت: أما قوته فإنه رفع الحجر الذي لا يرفعه كذا بكذا، واما أمانته فإنه قال لي: امشي خلفي فانا أكره ان تصيب الريح ثيابك فتصف لي جسدك.
49 - وروى الحسن بن سعيد عن صفوان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سئل أيتهما التي قالت إن أبى يدعوك؟قال: التي تزوج بها، قيل: فأي الأجلين قضى قال: أوفاهما و أبعدهما عشر سنين، قيل: فدخل بها قبل أن يمضى الشرط أو بعد انقضائه؟قال: قبل أن ينقضى، قيل له: فالرجل يتزوج المرأة ويشترط لأبيها إجارة شهرين أيجوز ذلك؟قال: إن موسى علم أنه سيتم له شرطه، قيل: كيف؟قال: علم أنه سيبقى حتى يفي.
50 - في الكافي علي بن محمد بن بندار عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه عن ابن سنان عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن الإجارة، فقال: صالح لا بأس به إذا نصح قدر طاقته، قد آجر موسى عليه السلام نفسه واشترط، فقال: ان شئت ثمان وان شئت عشرا فأنزل الله عز وجل فيه أن تأجرني ثماني حجج وان أتممت عشرا فمن عندك.
51 - في من لا يحضره الفقيه وروى إسماعيل بن أبي زياد عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام ان عليا عليه السلام قال: لا يحل النكاح اليوم في الاسلام بإجارة بان يقول اعمل عندك كذا وكذا على أن تزوجني أختك أو ابنتك، قال: هو حرام لأنه ثمن رقبتها وهي أحق بمهرها.
52 - في حديث آخر انما كان ذلك لموسى بن عمران لأنه علم من طريق الوحي هل يموت قبل الوفاء أم لا، فوفى بأتم الأجلين.
53 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة (قال: أريد ان أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فان أتممت عشرا فمن عندك) فروى أنه قضى أتمهما لان الأنبياء عليهم السلام لا تأخذ الا بالفضل والتمام.
54 - في تفسير العياشي وقال الحلبي سئل أبو عبد الله عليه السلام عن البيت أكان يحج قبل أن يبعث النبي صلى الله عليه وآله؟قال: نعم وتصديقه في القرآن قول شعيب حين قال لموسى حيث تزوج: (على أن تأجرني ثماني حجج) ولم يقل ثماني سنين.
55 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: بكى شعيب عليه السلام من حب الله عز وجل حتى عمى، فرد الله عز وجل عليه بصره، ثم بكى حتى عمى، فرد الله عز وجل عليه بصره، ثم بكى حتى عمى فرد الله عليه بصره، فلما كانت الرابعة أوحى الله إليه: يا شعيب إلى متى يكون هذا أبدا منك؟إن يكن هذا خوفا من النار فقد آجرتك، وان يكن شوقا إلى الجنة فقد أبحتك، فقال: الهى وسيدي أنت تعلم انى ما بكيت خوفا من نارك ولا شوقا إلى جنتك ولكن عقد حبك على قلبي فلست أصبر أو أراك، فأوحى الله جل جلاله إليه اما إذا كان هذا هكذا فمن أجل هذا سأخدمك كليمي موسى بن عمران.
قال مصنف هذا الكتاب: والله يعنى بذلك لا زال أبكى أو أراك قد قبلتني حبيبا.
56 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل وفيه يقول عليه السلام: ان يوشع بن نون وصي موسى عليهما السلام عاش بعد موسى ثلاثين سنة، وخرجت عليه صفيرا بنت شعيب زوجة موسى عليه السلام فقالت: انا أحق منك بالامر فقاتلها فقتل مقاتلتها وأحسن أسرها.
57 - وفيه حديث طويل يقول فيه صلى الله عليه وآله: وقد ذكر موسى عليه السلام وخرج إلى مدينة مدين فأقام عند شعيب ما أقام، فكانت الغيبة الثانية أشد عليهم من الأولى، و كانت نيفا وخمسين سنة.
58 - وباسناده إلى عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول في القائم عليه السلام: سنة من موسى بن عمران عليه السلام فقلت: وما سنة من موسى بن عمران؟قال: خفاء مولده وغيبته عن قومه، فقلت: وكم غاب موسى عن أهله قال: ثمانية وعشرين سنة.
59 - في مجمع البيان وروى الواحدي بالاسناد عن ابن عباس قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وآله: أي الأجلين قضى موسى؟قال أوفاهما وأبطأهما.
60 - وبالاسناد عن أبي ذر قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا سئلت أي الأجلين قضى موسى؟فقل: خيرهما وأبرهما، وان سئلت أي المرأتين تزوج موسى فقل: الصغرى منهما وهي التي جاءت، وقالت يا أبت استأجره.
61 - في تفسير علي بن إبراهيم قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أي الأجلين قضى؟قال: أتمهما عشر حجج، قلت له: فدخل بها قبل أن يقضى الاجل أو بعد؟قال: قبل، قال: قلت: فالرجل يتزوج المرأة ويشترط لأبيها إجارة شهرين مثلا أيجوز ذلك؟قال: إن موسى عليه السلام علم أنه يتم له شرطه فكيف لهذا ان يعلم أنه يبقى حتى يفي قلت له: جعلت فداك أيهما زوجه شعيب من بناته؟قال: التي ذهبت إليه فدعته وقالت لأبيها: (يا أبت استأجره ان خير من استأجرت القوى الأمين * فلما قضى موسى الاجل) قال لشعيب: لابد لي أن أرجع إلى وطني وأمي وأهل بيتي فمالى عندك؟فقال شعيب عليه السلام: ما وضعت أغنامي في هذه السنة من غنم بلق فهو لك، فعمل موسى عليه السلام عندما أراد أن يرسل الفحل على الغنم إلى عصاه فقشر منه بعضه وترك بعضه، وغرزه في وسط مربض الغنم وألقى عليه كساء أبلق ثم أرسل الفحل على الغنم فلم يضع الغنم في تلك السنة الا بلقا، فلما حال عليه الحول حمل موسى امرأته وزوده شعيب من عنده وساق غنمه، فلما أراد الخروج قال لشعيب: أبغى عصا يكون معي وكانت عصى الأنبياء عليهم السلام عنده قد ورثها مجموعة في بيت، فقال له شعيب: ادخل هذا البيت وخذ عصا من بين العصى، فدخل فوثب إليه عصا نوح وإبراهيم عليهما السلام و صارت في كفه فأخرجها ونظر إليها شعيب فقال: ردها وخذ غيرها، فردها ليأخذ غيرها فوثبت إليه تلك بعينها فردها حتى فعل ذلك ثلاث مرات، فلما رأى شعيب عليه السلام ذلك قال له: اذهب فقد خصك الله عز وجل بها، فساق غنمه فخرج يريد مصر فلما صار في مفازة ومعه أهله أصابهم برد شديد وريح وظلمة، وجنهم الليل فنظر موسى إلى نار قد ظهرت كما قال الله تعالى: فلما قضى موسى الاجل وسار باهله آنس من جانب الطور نارا قال لأهله امكثوا انى آنست نارا لعلى آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون فاقبل نحو النار يقتبس فإذا شجرة ونار تلتهب عليها فلما ذهب نحو النار يقتبس منها أهوت ففزع وعدا ورجعت النار إلى الشجرة، فالتفت إليها وقد رجعت إلى الشجرة فرجع الثانية ليقتبس فأهوت إليه فعدا وتركها، ثم التفت وقد رجعت إلى الشجرة، فرجع إليها الثالثة فأهوت إليه فعدا ولم يعقب أي لم يرجع، فناداه الله عز وجل ان: يا موسى انى انا الله رب العالمين.
62 - في تهذيب الأحكام أبو القاسم جعفر بن محمد عن محمد بن الحسن ابن علي بن مهزيار عن أبيه عن جده علي بن مهزيار عن الحسين بن سعيد عن علي بن الحكم عن مخرمة بن ربعي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: شاطئ الوادي الأيمن الذي ذكره الله في القرآن هو الفرات، والبقعة المباركة هي كربلاء.
63 - في مجمع البيان وروى أبو بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: (لما قضى موسى الاجل وسار بأهله) نحو البيت المقدس أخطأ الطريق فرأى نارا (قال لأهله امكثوا انى آنست نارا).
64 - في تفسير علي بن إبراهيم متصل بقوله: (رب العالمين) قال موسى عليه السلام: فما الدليل على ذلك؟قال الله عز وجل: ما في يمينك يا موسى، قال: هي عصاي قال: القها يا موسى فألقاها فإذا هي حيه تسعى ففزع منها موسى وعدا، فناداه الله عز وجل: خذها ولا تخف انك من الآمنين اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء أي من غير علة، وذلك أن موسى عليه السلام كان شديد السمرة (11) فأخرج يده من جيبه فأضائت له الدنيا، فقال الله عز وجل: فذانك برهانان من ربك إلى فرعون وملائه انهم كانوا قوما فاسقين.
65 - في كتاب طب الأئمة عليهم السلام باسناده إلى جابر الجعفي عن الباقر عليه السلام قال: وقال الله عز وجل في قصة موسى عليه السلام: (ادخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء) يعنى من غير برص، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
66 - في مجمع البيان وروى عن أبي جعفر عليه السلام في حديث طويل قال: فلما رجع موسى إلى امرأته قالت: من أين جئت؟قال: من عند رب تلك النار.
67 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن أبي جميلة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو فان موسى ابن عمران ذهب يقتبس نارا لأهله فانصرف إليهم وهو نبي مرسل.
68 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن علي بن محمد القاساني عمن ذكره عن عبد الله بن القاسم عن أبي عبد الله عن أبيه عن جده قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليهم: كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو، فان موسى بن عمران صلى الله عليه خرج يقتبس نارا لأهله فكلمه الله ورجع نبيا والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
69 - في تفسير علي بن إبراهيم قال موسى كما حكى الله: رب انى قتلت منهم نفسا فأخاف ان يقتلون واخى هارون هو أفصح منى لسانا فأرسله معي ردءا يصدقني انى أخاف ان يكذبون قال الراوي: فقلت لأبي جعفر عليه السلام فكم مكث موسى عليه السلام غائبا عن أمه حتى رده الله عز وجل عليها؟قال: ثلاثة، قال: فقلت: فكان هارون أخا موسى عليهما السلام لأبيه وأمه؟قال: نعم أما تسمع الله عز وجل يقول: (يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي) فقلت: فأيهما كان أكبر سنا؟قال: هارون عليه السلام قلت: وكان الوحي ينزل عليهما جميعا؟قال: كان الوحي ينزل على موسى عليه السلام وموسى يوحيه إلى هارون فقلت له: اخبرني عن الاحكام والقضاء والامر والنهى كان ذلك إليهما؟قال: كان موسى عليه السلام الذي يناجى ربه ويكتب العلم ويقضى بين بني إسرائيل و هارون يخلفه إذا غاب من قومه للمناجاة، قلت: فأيهما مات قبل صاحبه؟قال: مات هارون قبل موسى عليه السلام وماتا جميعا في التيه، قلت: فكان لموسى ولد؟قال: لا كان الولد لهارون الذرية له.
70 - في كتاب طب الأئمة عليهم السلام باسناده إلى الأصبغ بن نباتة السلمى عن أمير المؤمنين عليه السلام قال الأصبغ: أخذت هذه العوذة منه عليه السلام وقال لي: يا اصبغ هذه عوذة السحر والخوف من السلطان تقولها سبع مرات: بسم الله وبالله (سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون اليكما بآياتنا أنتما ومن أتبعكما الغالبون) و تقول في وجه الساحر إذا فرغت من صلاة الليل قبل ان تبدأ بصلاة النهار سبع مرات فإنه لا يضرك إن شاء الله تعالى.
71 - في كتاب سعد السعود لابن طاوس رحمه الله نقلا عن تفسير الكلبي محمد عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ان جبرئيل عليه السلام قال لرسول الله صلى الله عليه وآله: يا محمد لو رأيتني وفرعون يدعو بكلمة الاخلاص: (آمنت انه لا إله إلا الله الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين) وانا أدسه في الماء والطين لشدة غضبى عليه مخافة أن يتوب فيتوب الله عز وجل عليه؟قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: وما كان شدة غضبك عليه يا جبرئيل؟قال: لقوله: (انا ربكم الاعلى) وهي كلمته الآخرة منهما، وانا قالها حين انتهى إلى البحر وكلمته (وما علمت لكم من اله غيري) فكان بين الأولى والآخرة أربعون سنة.
73 - في تفسير علي بن إبراهيم واما قوله عز وجل: وقال فرعون يا أيها الملاء ما علمت لكم من اله غيري فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحا لعلى اطلع إلى اله موسى وانى لأظنه من الكاذبين فبنى هامان له في الهواء صرحا حتى بلغ مكانا في الهواء، لا يتمكن الانسان أن يقيم عليه من الرياح القائمة في الهواء، فقال لفرعون: لا نقدر أن نزيد على هذا فبعث الله عز وجل رياحا فرمت به فاتخذ فرعون و هامان منذ ذلك التابوت وعمدا إلى أربعة أنسر، فأخذا أفراخها وربياها حتى إذا بلغت القوة وكبرت، عمدوا إلى جوانب التابوت الأربعة فغرسا في كل جانب منه خشبة، وجعلا على رأس كل خشبة لحما وجوعا الا نسر وشد أرجلها بأصل الخشبة، فنظر الأنسر إلى اللحم فأهوت إليه وصفقت بأجنحتها وارتفعت بهما في الهواء وأقبلت تطير يومها، فقال فرعون لهامان: انظر إلى السماء هل بلغناها؟فنظر هامان فقال: أرى السماء كما كنت أراها من الأرض في البعد، فقال: انظر إلى الأرض فقال: لا أرى الأرض ولكن أرى البحار والماء، فلم يزل النسر ترتفع حتى غابت الشمس وغابت عنهم البحار والماء فقال فرعون: يا هامان انظر إلى السماء فنظر إلى السماء فقال: أراها كما كنت أراها من الأرض، فلما جنهم الليل نظر هامان إلى السماء فقال فرعون: هل بلغناها؟قال: أرى الكواكب كما كنت أراها من الأرض ولست أرى من الأرض الا الظلمة، قال: ثم حالت الرياح القائمة في الهواء فاقلبت التابوت بهما، فلم يزل يهوى بهما حتى وقع على الأرض وكان فرعون أشد ما كان عتوا في ذلك الوقت.
74 - في جوامع الجامع وكل متكبر سوى الله عز وجل فاستكباره بغير الحق وهو جل جلاله المتكبر على الحقيقة أي البالغ في كبرياء الشأن قال عليه السلام فيما حكاه عن ربه عز وجل: الكبرياء ردائي والعظمة إزاري، فمن نازعني واحدا منهما ألقيته في النار.
75 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد ومحمد بن الحسن عن محمد بن يحيى عن طلحة بن زيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال: إن الأئمة في كتاب الله عز وجل امامان: قال الله تبارك وتعالى: (وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا) لا بأمر الناس يقدمون أمر الله قبل أمرهم وحكم الله قبل حكمهم، قال: وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار يقدمون أمرهم قبل أمر الله وحكمهم قبل حكم الله، و يأخذون بأهوائهم خلاف ما في كتاب الله عز وجل.
76 - في مجمع البيان وجاءت الرواية بالاسناد عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ما أهلك الله قوما ولا قرنا ولا أمة ولا أهل قرية بعذاب من السماء منذ أنزل التوارة على وجه الأرض غير أهل القرية التي مسخوا قردة. ألم تر ان الله تعالى قال: ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى.
77 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من الاخبار المتفرقة حديث طويل وفيه ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: لما بعث الله عز وجل موسى بن عمران عليه السلام واصطفاه نجيا وفلق له البحر، ونجى بني إسرائيل وأعطاه التوراة والألواح، رأى مكانه من ربه عز وجل فقال: يا رب لقد أكرمتني بكرامة لم تكرم بها أحدا قبلي، فقال الله جل جلاله: يا موسى أما علمت أن محمدا أفضل عندي من جميع مليكتي وجميع خلقي؟قال موسى: يا رب فإن كان محمد أكرم عندك من جميع خلقك فهل في آل الأنبياء أكرم من إلى؟قال الله جل جلاله: يا موسى أما علمت أن فضل آل محمد على جميع آل النبيين كفضل محمد على جميع المرسلين؟فقال موسى: يا رب فإن كان آل محمد كذلك فهل في أمم الأنبياء عندك أفضل من أمتي؟ظللت عليهم الغمام وأنزلت عليهم المن والسلوى وفلقت لهم البحر؟فقال الله جل جلاله: يا موسى أما علمت أن فضل أمة محمد على جميع الأمم كفضله على جميع خلقي؟قال موسى: يا رب ليتني كنت أراهم فأوحى الله عز وجل إليه: يا موسى لن تراهم وليس هذا أوان ظهورهم ولكن سوف تراهم في الجنان جنات عدن والفردوس بحضرة محمد في نعيمها يتقلبون، و في خيراتها يتبحبحون (12) أفتحب ان أسمعك كلامهم؟قال: نعم الهى قال الله جل جلاله: قم بين يدي واشدد مئزرك قيام العبد الذليل بين يدي الملك الجليل، ففعل ذلك موسى عليه السلام فنادى ربنا عز وجل: يا أمة محمد فأجابوه كلهم وهم في أصلاب آبائهم وأرحام أمهاتهم: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة والملك لك لا شريك لك، قال: فجعل الله عز وجل تلك الإجابة شعار الحاج ثم نادى ربنا عز وجل: يا أمة محمد ان قضائي عليكم رحمتي سبقت غضبى وعفوي قبل عقابي فقد استجبت لكم من قبل ان تدعوني، وأعطيتكم من قبل ان تسألوني، من لقيني بشهادة ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله صادق في أقواله محق في أفعاله وان علي بن أبي طالب أخاه ووصيه من بعده ووليه ويلتزم طاعته كما يلتزم طاعة محمد، وان أولياءه المصطفين المطهرين الطاهرين المبانين (13) بعجائب آيات الله ودلائل حجج الله من بعدهما أولياءه أدخلته جنتي وإن كانت ذنوبه مثل زبد البحر، قال: فلما بعث الله عز وجل محمدا صلى الله عليه وآله قال: يا محمد وما كنت بجانب الطور إذ نادينا أمتك بهذه الكرامة قال عز وجل لمحمد صلى الله عليه وآله: قل الحمد لله رب العالمين على ما اختصني به من هذه الفضيلة، وقال لامته: قولوا الحمد لله رب العالمين على ما اختصنا به من هذه الفضائل.
78 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: سحران تظاهرا قال: موسى وهارون.
79 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن عليه السلام في قول الله عز وجل: ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله قال: يعنى من اتخذ دينه رأيه بغير امام من أئمة الهدى.
80 - علي بن إبراهيم عن صالح بن السندي عن جعفر بن بشير ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن فضال جميعا عن أبي جميلة عن خالد بن عمار عن سدير قال: قال أبو جعفر عليه السلام: يا سدير أفأريك الصادين عن دين الله ثم نظر إلى أبي حنيفة و سفيان الثوري في ذلك الزمان وهم حلق في المسجد فقال: هؤلاء الصادون عن دين الله بلا هدى من الله ولا كتاب مبين، ان هؤلاء الأخابث لو جلسوا في بيوتهم فجال الناس فلم يجدوا أحدا يخبرهم عن الله تبارك وتعالى وعن رسوله صلى الله عليه وآله حتى يأتونا فنخبرهم عن الله تبارك وتعالى وعن رسوله صلى الله عليه وآله والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
81 - في بصائر الدرجات أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن القاسم بن سليمان عن المعلى بن خنيس عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: (ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله) يعنى من اتخذ دينه رأيا بغير امام من أئمة الهدى.
82 - عباد بن سليمان عن سعد بن سعد عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه السلام في قول الله عز وجل: (ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله) يعنى من اتخذ دينه هواه بغير هدى من أئمة الهدى.
83 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن جمهور عن حماد بن عيسى عن عبد الله بن جندب قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن قول الله عز وجل: ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون قال: امام إلى امام.
84 - في تفسير علي بن إبراهيم أخبرنا أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد عن معاوية بن حكيم عن أحمد بن محمد عن يونس بن يعقوب عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله تعالى: (ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون) قال: امام بعد امام.
85 - وقال علي بن إبراهيم رحمه الله في قوله عز وجل: أولئك يؤتون اجرهم مرتين بما صبروا قال: الأئمة صلوات الله عليهم.
وقال الصادق عليه السلام: نحن صبراء و شيعتنا أصبر منا، وذلك انا صبرنا على ما نعلم، وصبروا على ما لا يعلمون، وقوله عز وجل: ويدرؤن بالحسنة السيئة أي يدفعون سيئة من أساء إليهم بحسناتهم.
86 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم وغيره عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: (أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا) على التقية (ويدرؤن بالحسنة السيئة) قال: الحسنة التقية والسيئة الإذاعة.
87 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: وإذا سمعوا اللغو اعرضوا عنه قال: اللغو الكذب واللهو الغناء، وهم الأئمة صلوات الله عليهم يعرضون عن ذلك كله.
88 - وقوله عز وجل: انك لا تهدى من أحببت قال: نزلت في أبى طالب كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: يا عم قل: لا إله إلا الله أنفعك بها يوم القيامة فيقول: يا ابن أخي انا أعلم بنفسي، فلما مات شهد العباس بن عبد المطلب عند رسول الله صلى الله عليه وآله انه تكلم بها عند الموت فقال رسول الله: اما أنا فلم أسمعها منه وأرجو أن أنفعه يوم القيامة، وقال صلى الله عليه وآله: لو قمت المقام المحمود لشفعت في أمي وأبى وعمى وأخ كان لي مواخيا في الجاهلية.
89 - في مجمع البيان قيل نزل قوله: (انك لا تهدى من أحببت) في أبى طالب فان النبي صلى الله عليه وآله كان يحب اسلامه، فنزلت هذه الآية وكان يكره اسلام وحشى قاتل حمزة فنزل فيه: (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله) الآية فلم يسلم أبو طالب وأسلم وحشى، ورووا ذلك عن ابن عباس وغيره وفى هذا نظر كما يرى فان النبي صلى الله عليه وآله لا يجوز أن يخالف الله سبحانه في ارادته، كما لا يجوز أن يخالف أوامره ونواهيه، وإذا كان الله تعالى على ما زعم القوم لم يرد ايمان أبى طالب وأراد كفره، و أراد النبي صلى الله عليه وآله ايمانه فقد حصل غاية الخلاف بين إرادتي الرسول والمرسل، وكان سبحانه يقول على مقتضى اعتقادهم: انك يا محمد تريد ايمانه ولا أريد ايمانه، ولا أخلق فيه الايمان مع تكلفه بنصرتك وبذل مجهوده في اعانتك، والذب عنك ومحبته لك ونعمته عليك، وتكره أنت ايمان وحشى لقتله حمزة عمك وانا أريد ايمانه واخلق في قلبه الايمان وفى هذا ما فيه وقد ذكرنا في سورة الأنعام ان أهل البيت عليهم السلام قد أجمعوا على أن أبا طالب مات مسلما.
وتظاهرت الروايات بذلك عنهم، وأوردنا هناك طرفا من أشعاره الدالة على تصديقه للنبي صلى الله عليه وآله، وتوحيده، فان استيفاء جميعه لا يتسع له الطوامير، وما روى من ذلك في كتب المغازي وغيرها أكثر من أن يحصى، يكاشف فيها من كاشف النبي صلى الله عليه وآله ويناضل عنه ويصحح نبوته، وقال بعض الثقات: ان قصائده في هذا المعنى التي تنفث في عقد السحر وتغبر في وجه الشعر الدهر تبلغ قدر مجلد و أكثر من هذا ولا شك في أنه لم يختر تمام مجاهرة الأعداء استصلاحا لهم، وحسن تدبيره في دفع كيادهم لئلا يلجئوا الرسول إلى ما ألجأوه إليه بعد موته.
90 - في جوامع الجامع وقالوا: ان الآية نزلت في أبى طالب وقد ورد عن أئمة الهدى عليهم السلام ان أبا طالب مات مسلما وأجمعت الامامية على ذلك وأشعاره مشحونة بالاسلام وتصديق النبي صلى الله عليه وآله (14).
91 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن فضال عن علي بن عقبة عن أبيه قال قال أبو عبد الله عليه السلام: اجعلوا أمركم هذا لله، ولا تجعلوه للناس فاما ما كان لله فهو لله، وما كان للناس فلا يصعد إلى السماء، ولا تخاصموا بدينكم الناس فان المخاصمة ممرضة للقلب، ان الله عز وجل قال لنبيه صلى الله عليه وآله: (انك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء) وقال: (أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) ذروا الناس فان الناس أخذوا عن الناس وانكم أخذتم عن رسول الله صلى الله عليه وآله و علي عليه السلام ولا سواء، وانى سمعت أبي عليه السلام يقول: إذا كتب الله على عبد أن يدخله في هذا الامر كان أسرع إليه من الطير إلى وكره، وفى كتاب التوحيد مثله سواء.
92 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى جبير بن نوف ان أمير المؤمنين عليه السلام كتب إلى معاوية وأصحابه يدعوهم إلى الحق وذكر الكتاب بطوله قال: فكتب إليه معاوية اما بعد انه: ليس بيني وبين عمرو عتاب * غير طعن الكلى وضرب الرقاب فلما وقف أمير المؤمنين عليه السلام على جوابه بذلك قال: (انك لا تهدى من أحببت و لكن الله يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم).
93 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله: ان نتبع الهدى معك نتخطف من ارضنا قال: نزلت في قريش حين دعاهم رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الاسلام والهجرة (وقالوا ان نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا) فقال الله عز وجل: أو لم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شئ رزقا من لدنا ولكن أكثرهم لا يعلمون.
94 - في كشف المحجة لابن طاوس عليه الرحمة عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل وفيه: فاما الآيات اللواتي في قريش فهي قوله إلى قوله: والثالثة قول قريش لنبي الله حين دعاهم إلى الاسلام والهجرة فقالوا: (ان نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا) فقال الله: (أو لم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شئ رزقا من لدنا ولكن أكثرهم لا يعلمون).
95 - في روضة الواعظين للمفيد رحمه الله قال علي بن الحسين عليهما السلام: كان أبو طالب يضرب عن رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أن قال: فقال أبو طالب: يا ابن أخ إلى الناس كافة أرسلت أم إلى قومك خاصة؟قال: لا بل إلى الناس أرسلت كافة الأبيض والأسود والعربي والعجمي، والذي نفسي بيده لأدعون إلى هذا الامر الأبيض و الأسود ومن على رؤس الجبال ومن في لجج البحار، ولأدعون السنة فارس والروم فتحيرت قريش واستكبرت وقالت: أما تسمع إلى ابن أخيك وما يقول، والله لو سمعت بهذا فارس والروم لاختطفتنا من أرضنا ولقلعت الكعبة حجرا حجرا فأنزل الله تبارك وتعالى: (وقالوا ان نتبع الهدى معك نتخطف من ارضنا أو لم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شئ) إلى آخر الآية.
96 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: (ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين) فان العامة قد رووا ان ذلك في القيامة، واما الخاصة فإنه حدثني أبي عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن عبد الحميد الطائي عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن العبد إذا دخل قبره جاءه منكر وفزع منه يسأل عن النبي صلى الله عليه وآله فيقال له: ماذا تقول في هذا الرجل الذي كان بين أظهركم؟فإن كان مؤمنا قال: اشهد أنه رسول الله جاء بالحق فيقال له: ارقد رقدة لا حلم فيها ويتنحى عنه الشيطان، ويفسح له في قبره سبعة أذرع، ويرى مكانه في الجنة قال: وإذا كان كافرا قال: ما أدرى فيضرب ضربة يسمعها كل من خلق الله الا الانسان، ويسلط عليه الشيطان، وله عينان من نحاس أو نار تلمعان كالبرق الخاطف فيقول له: انا أخوك ويسلط عليه الحيات والعقارب، ويظلم عليه قبره ثم يضغطه ضغطة يختلف أضلاعه عليه، ثم قال بأصابعه فشرجها (15).
97 - قوله عز وجل: وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة قال: يختار الله عز وجل الامام وليس لهم ان يختاروا.
98 - في أصول الكافي أبو القاسم بن العلا رحمه الله رفعه عن عبد العزيز بن مسلم عن الرضا عليه السلام حديث طويل في فضل الامام وصفاته يقول فيه عليه السلام: هل يعرفون قدر الإمامة ومحلها من الأمة فيجوز فيها اختيارهم إلى قوله عليه السلام: لقد راموا صعبا وقالوا افكا وضلوا ضلالا بعيدا، ووقعوا في الحيرة إذ تركوا الامام عن بصيرة، زين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين، رغبوا عن اختيار الله واختيار رسول الله إلى اختيارهم، والقرآن يناديهم: (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون) وقال عز وجل: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم).
99 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى سعد بن عبد الله القمي عن الحجة القائم عليه السلام حديث طويل وفيه: قلت: فأخبرني يا ابن مولاي عن العلة التي تمنع القوم من اختيار الإمام لأنفسهم؟قال: مصلح أم مفسد؟قلت: مصلح، قال: فهل يجوز ان تقع خيرتهم على المفسد بعد أن لا يعلم أحد ما يخطر ببال غيره من صلاح أو فساد؟قلت: بلى. قال: فهي العلة، وأوردها لك ببرهان ينقاد لك عقلك. ثم قال عليه السلام: اخبرني عن الرسل الذين اصطفاهم الله عز وجل وانزل عليهم الكتب وأيدهم بالوحي والعصمة إذ هم اعلام الأمم اهدى إلى الاختيار منهم مثل موسى وعيسى عليهم السلام هل يجوز مع وفور عقلهما إذ هما بالاختيار ان تقع خيرتهما على المنافق وهما يظنان انه مؤمن؟قلت: لا قال: هذا موسى كليم الله مع وفور عقله وكمال علمه ونزول الوحي عليه اختار من أعيان قومه ووجوه عسكره لميقات ربه عز وجل سبعين رجلا ممن لا يشك في ايمانهم واخلاصهم، فوقع خيرته على المنافقين قال الله عز وجل: (واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا) إلى قوله: (لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم) فلما وجدنا اختيار من قد اصطفاه الله عز وجل للنبوة واقعا على الافسد دون الأصلح وهو يظن أنه الأصلح دون الافسد، علمنا أن الاختيار لا يجوز أن يفعل الا ممن يعلم ما تخفى الصدور، وتكن الضماير، وتنصرف إليه السرائر، وان لا خطر لاختيار المهاجرين والأنصار بعد وقوع خيرة الأنبياء على ذوي الفساد لما أرادوا أهل الصلاح.
100 - في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام في كلام طويل: وتعلم أن نواصي الخلق بيده فليس له نفس ولا لحظة الا بقدرته ومشيته وهم عاجزون عن اتيان أقل شئ في مملكته الا باذنه وارادته، قال الله عز وجل: (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة من أمرهم سبحان الله وتعالى عما يشركون).
101 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: ونزعنا من كل أمة شهيدا يقول: من هذه الأمة امامها فقلنا هاتوا برهانكم فعلموا ان الحق لله وضل عنهم ما كانوا يفترون.
102 - في مجمع البيان: ان قارون كان من قوم موسى أي كان من بني إسرائيل ثم من سبط موسى وهو ابن خالته عن عطا عن ابن عباس وروى ذلك عن أبي عبد الله عليه السلام.
103 - في تفسير علي بن إبراهيم، وآتيناه من الكنوز ما ان مفاتحه لتنوء بالعصبة أولى القوة والعصبة ما بين العشرة إلى تسعة عشر (16) قال: كان يحمل مفاتيح خزائنه العصبة أولوا القوة.
104 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام: وما يكون أولوا قوة الا عشرة آلاف.
1. المنجل - كمنبر: آلة من حديد عكفاء يقضب به الزرع .
2. الشماس: مصدر شمس الفرس: إذا منع من ظهره: والضروس: الناقة السيئة الخلق تعض حالبها. .
3. أي يخوضون في ذكره واخباره قصدان يهيجوا الناس به. .
4. المخدع - بكسر الميم وضمها - بيت يكون داخل البيت الكبير يحرز فيه الشئ وضم الميم بناءا على أنه اسم مكان من اخدعه: إذا أخفاه، وكسرها بناءا على أنه اسم آلة من الخدع بمعنى الاخفاء. .
5. الغمر: معظم الماء .
6. كذا في النسخ لكن في المصدر وكذا المنقول عنه في البحار (قامت) بدل (ثارت) .
7. الحمة: السم أو الإبرة تضرب بها الزنبور والحية ونحو ذلك أو تلدغ بها، قاله الفيض (ره) في الوافي. وقال (ره) أيضا: والمعقبات: ملائكة الليل والنهار .
8. الصفاق: الجلد الباطن الذي فوقه الجلد الظاهر من البطن. .
9. تشذب اللحم: تفرقه .
10. من سفقت الباب واسفقته أي رددته .
11. سمر: كان لونه بين السواد والبياض. .
12. تبحبح الرجل وتبحبح: إذا تمكن في المقام والحلول وقيل: (تبحبحون) من بحبوحة الجنان أي يتوسطون في أوساط الجنان لا في أطرافه لان الوسط خير من الطرف .
13. المبانين أي المظهرين وفى بعض النسخ (المنبئين) .
14. وقد تفرد العلامة الأميني دام ظله في كتابه (الغدير) بابا في اسلام أبى طالب والذب عما قيل في عدم اسلامه سلام الله عليه وذكر طرفا من اشعاره وكلماته المنبئة عن ايمانه بالنبي صلى الله عليه وآله وبما جاء به من الله الحكيم فراجع ج 7: 331 - 409 و ج 8: 3 - 29. ط طهران .
15. قال المجلسي (ره) في البحار: (ثم قال بأصابعه) القول هنا بمعنى الفعل أي أدخل أصابعه بعضها في بعض لتوضيح اختلاف الأضلاع، أي تدخل أضلاعه من جانب في أضلاعه من جانب آخر وقوله (شرجها) في أكثر النسخ بالجيم، قال الفيروزآبادي: الشرج: الفرقة والمزج والجمع ونضد اللبن والتشريج: الخياطة المتباعدة. وتشرج اللحم بالشحم: تداخل (انتهى) وفى بعض النسخ بالحاء المهملة أي أوضح وبين اختلاف الأضلاع. .
16. وفى بعض النسخ (خمسة عشر) بدل (تسعة عشر). .