قال عز من قائل: ﴿قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ﴾
96 - في نهج البلاغة كلام يؤمى به عليه السلام إلى وصف الأتراك: كأني أراهم قوما كأن وجوههم المجان المطرقة (1) يلبسون السرق والديباج ويعتقبون الخيل العتاق (2) ويكون هناك استحرار قتل حتى يمشى المجروح على المقتول ويكون المفلت أقل من المأسور (3) فقال له بعض أصحابه: لقد أعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب؟ فضحك؟وقال للرجل وكان كلبيا: يا أخا كلب ليس هو بعلم غيب، وانما هو تعلم من ذي علم، وانما علم الغيب علم الساعة وما عدده الله سبحانه بقوله: (ان الله عنده علم الساعة) الآية فيعلم سبحانه ما في الأرحام من ذكر أو أنثى، وقبيح أو جميل، وسخى أو بخيل، وشقي أو سعيد. ومن يكون للنار حطبا، وفى الجنان للنبيين مرافقا، فهذا علم الغيب الذي لا يعلمه الا الله، وما سوى ذلك فعلم علمه الله نبيه صلى الله عليه وآله فعلمنيه، ودعا لي أن يعيه صدري وتضطم عليه جوارحي.
97 - في تفسير علي بن إبراهيم: بل ادارك علمهم في الآخرة يقول: علموا ما كانوا جهلوا في الدنيا.
98 - في كتاب الخصال: وسئل الصادق عليه السلام عن قول الله تعالى: أو لم يسيروا في الأرض قال معناه أولم ينظروا في القرآن؟.
99 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن أبي زاهر أو غيره عن محمد بن حماد عن أخيه أحمد بن حماد عن إبراهيم عن أبيه عن أبي الحسن عليه السلام أنه قال: وقد أورثنا نحن هذا القرآن الذي فيه ما تسير به الجبال وتقطع به البلدان و يحيى به الموتى، ونحن نعرف الماء تحت الهواء، وان في الكتاب لآيات ما يراد بها أمرا لا أن يأذن الله به مع ما قد يأذن الله مما كتبه الماضون، جعله الله لنا في أم الكتاب، ان الله يقول: وما من غائبة في السماء والأرض الا في كتاب مبين ثم قال: (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) فنحن الذين اصطفانا الله عز وجل، وأورثنا هذا الكتاب فيه تبيان كل شئ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
100 - في كتاب الغيبة لشيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى علي بن مهزيار حديث طويل يذكر فيه دخوله على صاحب الامر عليه السلام وسؤاله إياه، وفيه فقلت: يا سيدي متى يكون هذا الامر؟فقال: إذا حيل بينكم وبين سبيل الكعبة واجتمع الشمس و القمر واستدان بهما الكواكب والنجوم، فقلت: متى يا ابن رسول الله؟فقال لي: في سنة كذا وكذا تخرج دابة الأرض من بين الصفا والمروة، ومعه عصا موسى وخاتم سليمان يسوق الناس إلى المحشر.
101 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى النزال بن سيارة عن أمير المؤمنين حديث طويل قال فيه عليه السلام بعد أن ذكر الدجال ومن يقتله وأين يقتل: ألا ان بعد ذلك الطامة الكبرى، قلنا: وما ذلك يا أمير المؤمنين قال: عليه السلام خروج دابة الأرض من عند الصفا معها خاتم سليمان وعصى موسى عليهما السلام، تضع الخاتم على وجه كل مؤمن فينطبع فيه: هذا مؤمن حقا، وتضعه على وجه كل كافر فيكتب هذا كافر حقا، حتى أن المؤمن لينادي: الويل لك حقا يا كافر، وان الكافر ينادى: طوبى لك يا مؤمن، وددت انى كنت مثلك فأفوز فوزا عظيما، ترفع الدابة رأسها من بين الخافقين بأذن الله جل جلاله وذلك بعد طلوع الشمس من مغربها، فعند ذلك ترفع التوبة فلا تقبل توبة ولا عمل يرفع (ولا ينفع نفسا ايمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في ايمانها خيرا) ثم قال عليه السلام: لا تسألوني عما يكون بعد هذا فإنه عهد إلى حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله الا أخبر به غير عترتي.
102 - في كتاب علل الشرايع باسناد إلى محمد بن سنان عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: انا قسيم الله بين الجنة والنار وانا الفاروق الأكبر، وانا صاحب العصا والميسم.
103 - في أصول الكافي محمد بن يحيى وأحمد بن محمد جميعا عن محمد بن الحسن عن علي بن حسان قال: حدثني أبو عبد الله الرياحي عن أبي الصامت الحلواني عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: ولقد أعطيت الست علم المنايا والبلايا والوصايا وفصل الخطاب، وانى لصاحب الكرات ودولة الدول، وانى لصاحب العصا والميسم والدابة التي تكلم الناس.
104 - في تفسير علي بن إبراهيم واما قوله: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة) إلى قوله: (بآياتنا لا يوقنون) فإنه حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: انتهى رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أمير المؤمنين عليه السلام وهو قائم في المسجد قد جمع رملا ووضع رأسه عليه فحركه برجله ثم قال: قم يا دابة الأرض فقال رجل من أصحابه: يا رسول الله أيسمى بعضنا بعضا بهذا الاسم؟فقال: لا والله ما هو الا له خاصة، وهو الدابة الذي ذكره الله في كتابه فقال عز وجل: (وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم ان الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون) ثم قال: يا علي إذا كان آخر الزمان أخرجك الله في أحسن صورة ومعك ميسم تسم به أعدائك، فقال رجل لأبي عبد الله عليه السلام: ان العامة يقولون: ان هذه الآية انما تكلمهم؟فقال أبو عبد الله عليه السلام: كلمهم الله في نار جهنم انما هو تكلمهم من الكلام.
105 - وفيه قال أبو عبد الله عليه السلام: قال رجل لعمار بن ياسر: يا أبا اليقظان ان آية في كتاب الله أفسدت قلبي وشككتني؟قال: وأية آية هي؟قال: قوله عز وجل: (وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم ان الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون) فأية دابة هذه؟قال عمار: والله ما أجلس ولا آكل ولا أشرب حتى أريكها، فجاء عمار مع الرجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام وهو يأكل تمرا وزبدا، فقال عليه السلام: يا أبا اليقظان هلم، فأقبل عمار وجلس يأكل معه، فتعجب الرجل منه فلما قام قال الرجل: سبحان الله انك حلفت ان لا تأكل ولا تشرب ولا تجلس حتى تريني الدابة! قال: أريتكها ان كنت تعقل.
106 - في مجمع البيان بعد أن نقل هذا الحديث الأخير وروى العياشي هذه القصة بعينها عن أبي ذر أيضا، وروى محمد بن كعب القرظي قال سئل علي عليه السلام عن عن الدابة؟فقال: أما والله مالها ذنب وان لها اللحية.
107 - وعن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وآله قال: دابة الأرض طولها ستون ذراعا ولا يدركها طالب ولا يفوتها هارب، فتسم المؤمن بين عينيه ويكتب بين عينيه مؤمن، وتسم الكافر بين عينيه وتكتب بين عينيه كافر، ومعها عصا موسى وخاتم سليمان فتجلو وجه المؤمن بالعصا، وتحطم أنف الكافر بالخاتم حتى يقال: يا مؤمن ويا كافر.
108 - وروى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه يكون للدابة ثلاثة خرجات من الدهر، فتخرج خروجا بأقصى المدينة فيفشو ذكرها في البادية، ولا يدخل ذكرها القرية يعنى مكة ثم تمكث زمانا طويلا ثم تخرج خرجة أخرى قريبا من مكة فيفشو ذكرها في البادية، ولا يدخل ذكرها القرية يعنى مكة، ثم سار النار في أعظم المساجد على الله عز وجل حرمة وأكرمها على الله المسجد الحرام، لم ترعهم الا وهي في ناحية المسجد وتدنو كذا ما بين الركن الأسود إلى باب بنى مخزوم عن يمين الخارج في وسط من ذلك، فيرفض الناس عنها ويثبت لها عصابة عرفوا انهم لن يعجزوا الله فخرجت عليهم ينفض رأسها عن التراب، فمرت بهم فحلت عن وجوههم حتى تركتها كأنها الكواكب الدرية ثم ولت في الأرض لا يدركها طالب ولا يعجزها هارب حتى أن الرجل ليقوم فيتعوذ منها في الصلاة فتأتيه عن خلفه فيقول: يا فلان الان تصلى فيقبل عليها بوجهه فتسمه في وجهه فيتجاور الناس في ديارهم ويصطحبون في أسفارهم، ويشتركون في الأموال يعرف الكافر من المؤمن فيقال للمؤمن يا مؤمن وللكافر: يا كافر.
109 - في جوامع الجامع وروى: فتضرب المؤمن فيما بين عينيه بعصا موسى، فتنكت نكتة بيضاء فتفشوا تلك النكتة في وجهه حتى يضئ لها وجهه، وتكتب بين أيديه: مؤمن، وتنكت الكافر بالخاتم فتفشوا تلك النكتة حتى يسود لها وجهه وتكتب بين عينيه كافر.
110 - وعن الباقر عليه السلام كلم الله من قرأ يكلمهم ولكن تكلمهم بالتشديد.
111 - في تفسير علي بن إبراهيم متصل بقوله سابقا انما هو يكلمهم من الكلام والدليل على أن هذا في الرجعة قوله: ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون حتى إذا جاؤوا قال أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علما اما ذا كنتم تعملون قال: الآيات أمير المؤمنين والأئمة عليهم السلام، فقال الرجل لأبي عبد الله عليه السلام: ان العامة تزعم أن قوله عز وجل: (يوم نحشر من كل أمة فوجا) عنى في يوم القيامة فقال أبو عبد الله عليه السلام: فيحشر الله عز وجل يوم القيامة من كل أمة فوجا و يدع الباقين؟لا ولكنه في الرجعة واما آية القيامة فهو: (وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا).
112 - حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن حماد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما يقول الناس في هذه الآية: (يوم نحشر من كل أمة فوجا)؟قلت: يقولون انها في القيامة قال: ليس كما يقولون انها في الرجعة، أيحشر الله في القيامة من كل فوجا ويدع الباقين؟انما آية القيامة: (وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا).
113 - حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن المفضل عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله عز وجل: (ويوم نحشر من كل أمة فوجا) قال: ليس أحد من المؤمنين قتل الا و يرجع حتى يموت، ولا يرجع الا من محض الايمان محضا ومن محض الكفر محضا.
114 - في مجمع البيان واستدل بهذه الآية على صحة الرجعة من ذهب إلى ذلك من الامامية، بان قال: إن دخول من في الكلام يوجب التبعيض فدل ذلك على أن اليوم المشار إليه في الآية يحشر فيه قوم دون قوم، وليس ذلك من صفة يوم القيامة الذي يقول فيه سبحانه: (وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا) وقد تظاهرت الاخبار عن أئمة الهدى من آل محمد عليهم السلام في أن الله تعالى سيعيد عند قيام المهدى قوما ممن تقدم موتهم من أوليائه وشيعته ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته، ويبتهجون بظهور دولته، ويعيد أيضا قوما من أعدائه لينتقم فيهم وينالوا بعض ما يستحقونه من العقاب في القتل على أيدي شيعته أو الذل والخزي بما يشاهدون من علو كلمته، ولا يشك عاقل ان هذا مقدور لله تعالى غير مستحيل في نفسه، وقد فعل الله في الأمم الخالية، ونطق القرآن بذلك في عدة مواضع مثل قصة عزير وغيره على ما فسرناه في موضعه، وصح عن النبي صلى الله عليه وآله قوله: سيكون في أمتي كل ما كان في بني إسرائيل حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة حتى لو أن أحدهم دخل جحر ضب لدخلتموه، على أن جماعة من الامامية تأولوا ما ورد من الاخبار في الرجعة على رجوع الدولة والامر والنهى دون رجوع الاشخاص واحياء الأموات، وأولوا الاخبار في ذلك لما ظنوا ان الرجعة تنافى التكليف، وليس كذلك لأنه ليس فيها ما يلجئ إلى فعل الواجب والامتناع من القبيح، والتكليف يصح معها كما يصح مع ظهور المعجزات الباهرة والآيات القاهرة كفلق البحر وقلب العصا ثعبانا وما أشبه ذلك، ولان الرجعة لم تثبت بظواهر الاخبار المنقولة فيتطرق التأويل عليها وانما المعول في ذلك على اجماع الشيعة الإمامية وإن كانت الاخبار تعضده وتؤيده.
115 - في جوامع الجامع وقد استدل بعض الامامية بهذه الآية على صحة الرجعة وقال: ان المذكور فيها يوم يحشر فيه من كل جماعة فوج وصفة يوم القيامة انه يحشر فيه الخلايق بأسرهم كما قال سبحانه: (وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا) وورد عن آل محمد صلوات الله عليهم ان الله تعالى يحيى عند قيام المهدى قوما من أعدائهم قد بلغوا الغاية في ظلمهم واعتدائهم، وقوما من مخلصي أوليائهم قد ابتلوا بمعاناة كل عناء ومحنة في ولايتهم لينتقم هؤلاء من أولئك ويتشفوا مما تجرعوه من الغموم بذلك، وينال كلا من الفريقين بعض ما استحقه من الثواب والعقاب.
116 - وروى عنه عليه السلام: سيكون في أمتي كل ما كان في بني إسرائيل حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة، وعلى هذا فيكون المراد بالآيات الأئمة الهادية عليهم السلام.
117 - في ارشاد المفيد رحمه الله وروى عن عبد الكريم الخثعمي قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: كم يملك القائم عليه السلام؟قال: سبع سنين يطول الله له الأيام والليالي يكون السنة من سنيه مقدار عشر سنين من سنيكم، فيكون سنى ملكه سبعين سنة من سنيكم هذه، وإذا آن قيامه مطر الناس جمادى الآخرة وعشرة أيام من رجب مطرا لم ير الخلائق مثله، فينبت الله به لحوم المؤمنين وأبدانهم في قبورهم، وكأني انظر إليهم مقبلين من قبل جهينة ينفضون شعورهم عن التراب.
118 - في مجمع البيان ويوم ينفخ في الصور واختلف في معنى الصور إلى قوله: وقيل هو قرن ينفخ فيه شبه البوق، وقد ورد ذلك في الحديث: الا من شاء الله من الملائكة الذين يثبت الله قلوبهم إلى قوله: وقيل: يعنى الشهداء فإنهم لا يفزعون ذلك اليوم وروى ذلك في خبر مرفوع.
119 - في مصباح شيخ الطائفة رحمه الله في دعاء أم داود المنقول عن أبي الحسن الرضا عليه السلام: اللهم صل على إسرافيل حامل عرشك وصاحب الصور المنتظر لأمرك.
120 - في تفسير علي بن إبراهيم وقوله عز وجل: وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي اتقن كل شئ قال: فعل الله الذي أحكم كل شئ وقوله عز وجل: من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار قال: الحسنة والله ولاية أمير المؤمنين صلوات الله عليه والسيئة والله عداوته.
121 - حدثني أبي عن محمد بن أبي عمير عن منصور بن يونس عن عمر بن شيبة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول ابتداء منه: ان الله إذا بدا له أن يبين خلقه و يجمعهم لما لابد منه أمر مناديا ينادى، فاجتمع الجن والإنس في أسرع من طرفة عين إلى أن قال عليه السلام: رسول الله وعلي وشيعته على كثبان من المسك الأذفر، على منابر من نور يحزن الناس ولا يحزنون، وتفزع الناس ولا يفزعون، ثم تلا هذه الآية: (من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون) فالحسنة والله ولاية علي عليه السلام.
122 - حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن معاوية بن عمار عن أبي العباس المكبر قال: دخل مولى لامرأة علي بن الحسين عليهما السلام على أبى جعفر عليه السلام فقال له أبو أيمن: يا أبا جعفر تغرون الناس وتقولون: شفاعة محمد شفاعة محمد؟فغضب أبو جعفر عليه السلام حتى تربد وجهه (4) ثم قال: ويحك يا أبا أيمن أغرك ان عف بطنك وفرجك؟أما لو قد رأيت افزاع القيامة لقد احتجت إلى شفاعة محمد صلى الله عليه وآله، ويلك فهل يشفع الا لمن وجبت له النار؟والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
123 - في كتاب سعد السعود لابن طاوس رحمه الله قال وقد نقل عن الفراء قوله: (من جاء بالحسنة) لا إله الا الله والسيئة الشرك، أقول: هذا تأويل غريب غير مطابق للمعقول والمنقول لان لفظ لا إله إلا الله يقع من الصادق والمنافق، ولان اليهود تقول: لا إله إلا الله وكل فرق الاسلام تقول ذلك وواحدة منها ناجية واثنان وسبعون في النار، وهذه الآية وردت مورد الأمان لمن جاء بالحسنة، فكيف تناولها على ما لا يقتضيه ظاهرها؟أقول: وقد رأيت النقل متظاهرا ان الحسنة معرفة الله ورسوله ومعرفة الذين يقومون مقامه صلوات الله عليه وعليهم انتهى ما أردناه.
124 - في كتاب الخصال عن يونس بن ظبيان قال: قال الصادق جعفر بن محمد عليه السلام: ان الناس يعبدون الله تعالى على ثلاثة أوجه فطبقة يعبدونه رغبة في ثوابه فتلك عبادة الحرصاء وهو الطمع وآخرون يعبدونه فرقا من النار فتلك عبادة العبد وهي الرهبة، ولكني أعبده حبا له فتلك عبادة الكرام وهو الامن، لقوله تعالى: (وهم من فزع يومئذ آمنون) ولقوله تعالى: (قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم) فمن أحب الله أحبه الله، ومن أحبه الله كان من المؤمنين.
125 - عن حمزة بن يعلى يرفعه باسناده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من مقت نفسه دون مقت الناس آمنه الله من فزع يوم القيامة.
126 - في كتاب معاني الأخبار حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن عثمان بن عيسى عن أبي أيوب الخزاز قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لما نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه وآله (من جاء بالحسنة فله خير منها) قال رسول الله: اللهم زدني فأنزل الله عز وجل: (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له اضعافا كثيرة) فعلم رسول الله صلى الله عليه وآله ان الكثير من الله لا يحصى وليس له منتهى.
127 - في أصول الكافي الحسن بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن أورمة ومحمد بن عبد الله عن علي بن حسان عن عبد الرحمان بن كثير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أبو جعفر عليه السلام: دخل أبو عبد الله الجدلي على أمير المؤمنين عليه السلام فقال يا أبا عبد الله ألا أخبرك بقول الله عز وجل: (من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون * ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون الا ما كنتم تعملون) قال: بلى يا أمير المؤمنين جعلت فداك، فقال: الحسنة معرفة الولاية وحبنا أهل البيت، والسيئة انكار الولاية وبغضنا أهل البيت ثم قرأ عليه السلام الآية.
128 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من وقر ذا شيبة في الاسلام آمنه الله من فزع يوم القيامة.
129 - في روضة الكافي علي بن محمد عن علي بن العباس عن علي بن حماد عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل: (ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا) قال: من تولى الأوصياء من آل محمد صلى الله عليه وآله واتبع آثارهم فذاك يزيده ولاية من النبيين والمؤمنين الأولين حتى يصل ولايتهم إلى آدم عليه السلام، وهو قول الله: (من جاء بالحسنة فله خير منها) تدخله الجنة والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
130 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى عمار بن موسى الساباطي قال قال أبو عبد الله عليه السلام: لا يقبل الله من العباد الأعمال الصالحة التي يعملونها إذا تولوا الامام الجائر الذي ليس من الله تعالى، فقال له عبد الله بن أبي يعفور: أليس الله تعالى قال: (من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون) فكيف لا ينفع العمل الصالح ممن تولى أئمة الجور؟فقال له أبو عبد الله عليه السلام: وهل تدرى ما الحسنة التي عناها الله تعالى في هذه الآية؟هي معرفة الامام وطاعته وقد قال الله عز وجل: (ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون الا ما كنتم تعملون) وانما أراد بالسيئة انكار الامام الذي هو من الله تعالى ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: من جاء يوم القيامة بولاية امام جائر ليس من الله وجاء منكرا لحقنا جاحدا لولايتنا أكبه الله تعالى يوم القيامة في النار.
131 - وباسناده إلى أبى عبد الله الجدلي قال: قال لي علي بن أبي طالب عليه السلام: الا أحدثك يا أبا عبد الله بالحسنة التي من جاء بها امن من فزع يوم القيامة، وبالسيئة التي من جاء بها أكب الله وجهه في النار؟قلت: بلى يا أمير المؤمنين. قال: الحسنة حبنا والسيئة بغضنا.
132 - في روضة الواعظين للمفيد رحمه الله قال الباقر عليه السلام: (من جاء بالحسنة فله خير منها ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار) الحسنة ولاية على و حبه، والسيئة عداوته وبغضه، ولا يرفع معهما عمل.
133 - في تفسير علي بن إبراهيم وقال علي بن إبراهيم رحمه الله في قوله عز وجل: انما أمرت ان أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها قال: مكة وله كل شئ وأمرت ان أكون من المسلمين.
134 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن النعمان عن سعيد الأعرج عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن قريشا لما هدموا الكعبة وجدوا في قواعده حجرا فيه كتاب لم يحسنوا قراءته، حتى دعوا رجلا فقرأه فإذا فيه: انا الله ذو بكة حرمتها يوم حللت السماوات والأرض، ووضعتها بين هذين الجبلين وحففتها بسبعة أملاك حفا.
135 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن ابن بكير عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: حرم الله حرمه أن يختلى خلاه ويعضد شجره الا الإذخر، أو يصاد طيره.
136 - على ابن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن حريز عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وآله مكة يوم افتتحها فتح باب الكعبة فأمر بصور في الكعبة فطمست، فأخذ بعضادتي الباب فقال: الا ان الله قد حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض، فهي حرام بحرام الله إلى يوم القيامة لا ينفر صيدها ولا يعضد شجرها، ولا يختلى خلاها، ولا تحل لقطتها الا لمنشد فقال العباس: يا رسول الله الا الإذخر (5) فإنه للقبر والبيوت فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: الا الإذخر.
137 - علي بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا عن ابن أبي عمير عن معاوية بن عمار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله يوم فتح مكة: ان الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض وهي حرام إلى أن تقوم الساعة، لم تحل لاحد قبلي ولا تحل لاحد بعدى ولم تحل لي الا ساعة من نهار.
138 - في تفسير علي بن إبراهيم سيريكم آياته فتعرفونها قال: الآيات أمير المؤمنين والأئمة عليهم السلام إذا رجعوا يعرفهم أعدائهم إذا رأوهم، والدليل على أن الآيات هم الأئمة قول أمير المؤمنين عليه السلام: والله ما لله آية أكبر منى فإذا رجعوا إلى الدنيا يعرفهم أعداؤهم إذا رأوهم في الدنيا (انتهى).
1. المجان - بالفتح - جمع مجن بكسر الميم وهو الفرس. والمطرقة بفتح الراء والتخفيف - التي تطبق وتخصف كطبقات النعل وريش طباق: إذا كان بعضه فوق بعض. .
2. السرق: شقق الحرير. واحدتها سرقة. قال أبو عبيدة في المحكى عنه. هي البيض منها وهو فارسي معرب أصله سره أي جيد كالإستبرق الغليظ من الديباج، ويعتقبون الخيل أي يجنبونها لينتقلوا من غيرها إليها .
3. استحرار القتل: شدته. والفلت: الهارب قال الشارح المعتزلي: واعلم أن هذا الغيب الذي أخبر (ع) عنه قد رأيناه نحن عيانا ووقع في زماننا وكان الناس ينتظرونه من أول الاسلام حتى ساقه القضا والقدر إلى عصرنا وهم التتار الذين خرجوا من أقاصي المشرق حتى وردت خيلهم العراق والشام وفعلوا بملوك الخطا وقفجاق وببلاد ما وراء النهر وبخراسان و ما والاها من بلاد العجم ما لم تحتو التواريخ منذ خلق الله تعالى آدم إلى عصرنا هذا على مثله ثم ذكر طرفا من اخبارهم وابتداء ظهورهم فراجع ان شئت شرح ابن أبي الحديد ج 2: 363 ط مصر .
4. تربد لونه: تغير .
5. الإذخر: نبات طيب الرائحة. .