قال عز من قائل: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا﴾
4 - في عيون الأخبار باسناده إلى حمدان بن سليمان قال: كتبت إلى الرضا عليه السلام أساله عن أفعال العباد أمخلوقة أم غير مخلوقة؟فكتب عليه السلام: أفعال العباد مقدرة في علم الله قبل خلق العباد بألفي عام.
5 - وفيه في باب ما كتبه الرضا عليه السلام للمأمون من محض الاسلام وشرائع الدين وأن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى، خلق تقدير لا خلق تكوين، والله خالق كل شئ ولا نقول بالجبر والتفويض.
6 - وفيه عن الرضا عليه السلام باسناده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان الله عز وجل قدر المقادير ودبر التدبير قبل ان يخلق آدم بألفي عام.
7 - في كتاب الخصال مرفوع إلى علي عليه السلام قال: الأعمال على ثلاثة أحوال فرائض وفضائل ومعاصي، اما الفرائض فبأمر الله وبرضاء الله وبقضاء الله وتقديره و مشيته وعلمه عز وجل. واما الفضائل فليس بأمر الله ولكن برضاء الله وبقضاء الله و بمشية الله وبعلم الله تعالى. واما المعاصي فليست بأمر الله ولكن بقضاء الله وبقدر الله و بمشيته وبعلمه ثم يعاقب عليها.
قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله: المعاصي بقضاء الله معناه بنهي الله، لان حكمة الله تعالى فيها على عباده الانتهاء عنها ومعنى قوله: بقدر الله أي يعلم بمبلغها وتقديرها مقدارها، ومعنى قوله: وبمشيته فإنه عز وجل شاء أن لا يمنع العاصي عن المعاصي الا بالزجر والقول والنهى، دون الجبر والمنع بالقوة والدفع بالقدر (انتهى).
8 - الأعمش عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال: هذه شرائع الدين إلى أن قال عليه السلام: وأفعال العباد مخلوقة خلق تقدير لا خلق تكوين، والله خالق كل شئ ولا نقول بالجبر والتفويض.
9 - في أصول الكافي علي بن محمد بن عبد الله عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه عن محمد بن سليمان الديلمي عن علي بن إبراهيم الهاشمي قال: سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام يقول: لا يكون شئ الا ما شاء الله وأراد وقدر وقضى، قلت ما معنى شاء؟قال: ابتدأ الفعل، قلت: ما معنى قدر؟قال: تقدير الشئ من طوله و عرضه، قلت: ما معنى قضى؟قال: إذا قضى أمضاه فذلك الذي لا مرد له.
10 - علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس بن عبد الرحمن عن أبان عن أبي بصير قال: قلت: لأبي عبد الله عليه السلام: شاء وأراد وقدر وقضى؟قال: نعم قلت: وأحب؟قال: لا، قلت: وكيف شاء وأراد وقدر وقضى ولم يحب؟قال: هكذا خرج إلينا.
11 - الحسين بن محمد عن معلى بن محمد قال: سئل العالم عليه السلام كيف علم الله؟قال: علم وشاء وأراد وقضى وقدر وأمضى فأمضى ما قضى وقضى ما قدر و قدر ما أراد، فبعلمه كانت المشية وبمشيته كانت الإرادة، وبإرادته كان التقدير وبتقديره كان القضاء، وبقضائه كان الامضاء، والعلم متقدم المشية والمشية ثانية والإرادة ثالثة، والتقدير واقع على القضاء بالامضاء، فلله تبارك وتعالى البداء فيما علم متى شاء، وفيما أراد لتقدير الأشياء، فإذا وقع القضاء بالامضاء فلا بداء، فالعلم في المعلوم قبل كونه، والمشية في المنشأ قبل عينه، والإرادة في المراد قبل قيامه والتقدير لهذه المعلومات قبل تفصيلها وتوصيلها عيانا وقتا بالامضاء هو المبرم من المفعولات، ذوات الأجسام المدركات بالحواس، من ذوي لون وريح ووزن وكيل وما دب ودرج من انس وجن وطير وسباع، وغير ذلك مما يدرك بالحواس، فلله تبارك وتعالى فيه البداء مما لا عين له، فإذا وقع العين المفهوم المدرك فلا بداء، والله يفعل ما يشاء، فبالعلم علم الأشياء قبل كونها وبالمشية عرف صفاتها وحدودها وأنشأها قبل اظهارها، وبالإرادة ميز أنفسها في ألوانها وصفاتها، وبالتقدير قدر أقواتها و عرف أولها وآخرها، وبالقضاء أبان للناس أماكنها، ودلهم عليها وبالامضاء شرح عللها وأبان أمرها وذلك تقدير العزيز العليم.
12 - في كتاب التوحيد عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل وفيه يقول عليه السلام لا حاجة به إلى شئ مما خلق، وخلقه جميعا يحتاجون إليه وانما خلق الأشياء من غير حاجة ولا سبب اختراعا وابتداعا.
13 - وباسناده إلى عبد الرحمن العزرمي باسناده رفعه إلى من قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: قدر الله المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرضين بخمسين ألف سنة.
14 - وباسناده إلى علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان الله عز وجل قدر المقادير ودبر التدابير قبل أن يخلق آدم بألفي عام.
15 - وباسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: أفعال العباد مخلوقة خلق تقدير لا خلق تكوين، ومعنى ذلك ان الله تبارك وتعالى لم يزل عالما بمقاديرها قبل كونها.
16 - وباسناده إلى عبد الاعلى عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل في آخره قال عليه السلام: الله خالق الأشياء لا من شئ كان.
17 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى أبى اسحق الليثي عن الباقر عليه السلام حديث طويل وفيه يقول عليه السلام: ان الله تبارك وتعالى لم يزل عالما قديما خلق الأشياء لا من شئ ومن زعم أن الله عز وجل خلق الأشياء من شئ فقد كفر، لأنه لو كان ذلك الشئ الذي خلق منه الأشياء قديما معه في أزليته وهويته كان ذلك (الشئ أنايا بل خلق عز وجل الأشياء كلها لا من شئ.
18 - في أصول الكافي خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام وفيها وكل صانع شئ فمن شئ صنع، والله لا من شئ صنع ما خلق.
19 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس قال: قال الرضا عليه السلام: تدرى ما التقدير؟قلت: لا قال: هو وضع الحدود من الآجال والأرزاق والبقاء والفناء، تدري ما القضاء؟قلت: لا قال: هو إقامة العين والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة. ثم حكى عز وجل أيضا وقال الذين كفروا ان هذا يعنى القرآن الا افك افتراه واعانه عليه قوم آخرون قالوا: إن هذا الذي يقرأه رسول الله صلى الله عليه وآله ويخبرنا به اما يتعلمه من اليهود ويكتبه من علماء النصارى ويكتب عن رجل يقال له: قسطه ينقله عنه بالغداة والعشي، فحكى سبحانه وتعالى قولهم فرد عليهم، فقال جل ذكره: (وقال الذين كفروا ان هذا الا افك افتراه) إلى قوله (بكرة وأصيلا) فرد الله عز وجل عليهم فقال: قل لهم يا محمد أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض انه كان غفورا رحيما.
20 - وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عز وجل: (افك افتراه) قال: الإفك الكذب (واعانه عليه قوم آخرون) يعنون أبا فهيكة وحبرا وعداسا وعابسا مولى خويطب، وقوله عز وجل: (أساطير الأولين اكتتبها) فهو قول النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة.
21 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله وعن أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام قال: قلت لأبي علي بن محمد عليهما السلام هل كان رسول الله صلى الله عليه وآله يناظر اليهود و المشركين إذا عاتبوه ويحاجهم؟قال: مرارا كثيرة وذلك أن رسول الله كان قاعدا ذات يوم بفناء الكعبة فابتدأ عبد الله بن أبي أمية المخزومي فقال: يا محمد لقد ادعيت دعوى عظيمة وقلت مقالا هائلا، زعمت أنك رسول رب العالمين وما ينبغي لرب العالمين وخالق الخلق أجمعين أن يكون مثلك رسوله بشرا مثلنا، تأكل كما نأكل وتمشى في الأسواق كما نمشي، فقال رسول الله: اللهم أنت السامع لكل صوت والعالم بكل شئ، تعلم ما قاله عبادك فأنزل الله عليه يا محمد وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام إلى قوله: مسحورا ثم قال الله تعالى: انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا ثم قال: تبارك الذي ان شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجرى من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا عبد الله اما ما ذكرت من أنى آكل الطعام كما تأكلون وزعمت أنه لا يجوز لأجل هذه ان أكون لله رسولا، فإنما الامر لله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، وهو محمود وليس لي ولا لاحد الاعتراض بلم وكيف، ألا ترى ان الله كيف أفقر بعضا وأغنى بعضا وأعز بعضا وأذل بعضا وأصح بعضا وأسقم بعضا وشرف بعضا ووضع بعضا، وكلهم ممن يأكل الطعام، ثم ليس للفقراء ان يقولوا: لم أفقرتنا و أغنيتهم، ولا للوضعاء ان يقولوا: لم وضعتنا وشرفتهم ولا للزمناء والضعفاء ان يقولوا لم أزمنتنا وأضعفتنا وصححتهم ولا للأذلاء ان يقولوا لم أذللتنا وأعززتهم، ولا لقباح الصور ان يقولوا: لم أقبحتنا وجملتهم، بل إن قالوا ذلك كانوا على ربهم رادين وله في أحكامه منازعين و به كافرين، ولكن جوابه لهم: انا الملك الخافض الرافع المغنى المفقر المعز المذل المصحح المسقم، وأنتم العبيد ليس لكم الا التسليم لي والانقياد لحكمي، فان سلمتم كنتم عبادا مؤمنين وان أبيتم كنتم بي كافرين وبعقوباتي من الهالكين، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: واما قولك ما أنت الأرجل مسحور فكيف أكون كذلك وقد تعلمون انى في صحة التمييز والعقل فوقكم، فهل جربتم مذ نشأت إلى أن استكملت أربعين سنة خزبة أو ذلة، أو كذبة أو خيانة أو خطأ من القول أو سفها من الرأي أتظنون ان رجلا يعتصم طول هذه المدة بحول نفسه وقوتها أو بحول الله وقوته؟وذلك ما قال الله: (انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
22 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثنا محمد بن عبد الله عن أبيه عن محمد بن الحسين عن ابن سنان عن عمار بن مروان عن منخل بن جميل الرقي عن جابر بن يزيد الجعفي قال: قال أبو جعفر عليه السلام نزل جبرئيل على رسول الله صلى الله عليه وآله بهذه الآية هكذا: (وقال الظالمون لآل محمد حقهم ان تتبعون الا رجلا مسحورا انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا إلى ولاية علي عليه السلام) وعلى هو السبيل.
حدثني محمد بن همام عن جعفر بن محمد بن مالك قال: حدثني محمد بن المثنى عن أبيه عن عثمان بن زيد عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر عليه السلام بمثله.
23 - في ارشاد المفيد باسناده إلى الأصبغ بن نباته عن علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان لله تعالى قصرا من ياقوت أحمر لا يناله الا نحن وشيعتنا وساير الناس منه بريئون.
24 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثنا أحمد بن علي قال: حدثني الحسين بن أحمد عن أحمد بن هلال عن عمرو الكلبي عن أبي الصامت قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ان الليل والنهار اثنا عشر ساعة، وان علي بن أبي طالب صلوات الله عليه أشرف ساعة من اثنى عشر ساعة وهو قول الله عز وجل: بل كذبوا بالساعة واعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا.
25 - في مجمع البيان: إذا رأتهم من مكان بعيد أي من مسيرة مأة عام عن السدى والكلبي وقال أبو عبد الله عليه السلام: من مسيرة سنة.
26 - في ارشاد المفيد رحمه الله عن النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل وفيه: وتزفر النار بمثل الجبال شررا.
27 - في مجمع البيان: وإذا اتقوا منها مكانا ضيقا وفى الحديث قال عليه السلام في هذه الآية: والذي نفسي بيده انهم يستكرهون في النار كما يستكره الوتد في الحائط.
28 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا أراد الله أن يبعث الخلق أمطر السماء على الأرض أربعين صباحا، فاجتمعت الأوصال ونبتت اللحوم. وقال: اتى جبرئيل رسول الله صلى الله عليه وآله فأخذه فأخرجه إلى البقيع، فانتهى به إلى قبر فصوت بصاحبه فقال: قم بإذن الله، فخرج منه رجل أبيض الرأس واللحية يمسح التراب عن وجهه وهو يقول: الحمد لله والله أكبر، فقال جبرئيل عليه السلام: عد بإذن الله ثم انتهى به إلى قبر آخر فقال: قم بإذن الله: فخرج منه رجل مسود الوجه يقول: يا حسرتاه يا ثبوراه ثم قال له جبرئيل عليه السلام: إلى ما كنت فيه بإذن الله، فقال: يا محمد هكذا يحشرون يوم القيامة، فالمؤمنون يقولون هذا القول، وهؤلاء يقولون ما ترى.
29 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى كثير بن طارق قال: سألت زيد بن علي بن الحسين عن قول الله تعالى: لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا فقال: يا كثير انك رجل صالح ولست بمتهم وانى أخاف عليك ان تهلك، ان كل امام جائر فان اتباعهم إذا أمر بهم إلى النار نادوا باسمه فقالوا: يا فلان يا من أهلكنا هلم الان فخلصنا مما نحن فيه، ثم يدعون بالويل والثبور فعندها يقال لهم: (لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا).
30 - في تفسير علي بن إبراهيم (وإذا ألقوا منها (أي فيها) مكانا ضيقا مقرنين) قال: مقيدين بعضهم مع بعض دعوا هنالك ثبورا.
31 - في مجمع البيان وروى أبو جعفر وزيد عن يعقوب ان نتخذ بضم النون و فتح الخاء وهو قراءة زيد وأبى الدرداء وروى عن جعفر بن محمد عليهما السلام وروى عن علي عليه السلام ويمشون في الأسواق بضم الياء وفتح الشين مشددة.
32 - في تفسير علي بن إبراهيم واما قوله عز وجل: وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا فإنه حدثني أبي عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال: يبعث الله عز وجل يوم القيامة قوما بين أيديهم نور كالقباطي (1) ثم يقول له: (كن هباء منثورا) ثم قال: اما والله يا أبا حمزة انهم كانوا يصومون ويصلون، ولكن كانوا إذا عرض لهم شئ من الحرام أخذوه، وإذا ذكر لهم شئ عن فضل أمير المؤمنين عليه السلام أنكروه، قال: والهباء المنثور هو الذي تراه يدخل البيت في الكوة مثل شعاع الشمس.
33 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى أبى اسحق الليثي عن الباقر عليه السلام حديث طويل يقول فيه أبو إسحق بعد أن قال: وأجد من أعدائكم ومن ناصبيكم من يكثر من الصلاة ومن الصيام ويخرج الزكاة ويتابع بين الحج والعمرة، ويحض على الجهاد ويأثر على البر وعلى صلة الأرحام، ويقضى حقوق اخوانه ويواسيهم من ماله، ويتجنب شرب الخمر والزنا واللواط وساير الفواحش، وارى الناصب على ما هو عليه مما وصفته من أفعالهم لو أعطى أحد ما بين المشرق والمغرب ذهبا وفضة أن يزول عن محبة الطواغيت وموالاتهم إلى موالاتكم ما فعل، ولا زال ولو ضربت خياشيمه (2) بالسيوف فيهم ولو قتل فيهم ما ارتدع ولا رجع، وإذا سمع أحدهم منقبة لكم وفضلا اشمأز من ذلك وتغير لونه ورئى كراهة ذلك في وجهه، وبغضا لكم ومحبة لهم؟قال: فتبسم الباقر عليه السلام ثم قال: يا إبراهيم (هيهنا هلكت العاملة الناصبة تصلى نارا حامية تسقى من عين آنية) ومن ذلك قال عز وجل: (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءا منثورا) ، .
34 - في بصائر الدرجات أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن منصور عن سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: إن أعمال العباد تعرض كل خميس على رسول الله صلى الله عليه وآله، فإذا كان يوم عرفة هبط الرب تبارك وتعالى وهو قول الله تبارك وتعالى: (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءا منثورا) فقلت: جعلت فداك أعمال من هذه؟فقال: أعمال مبغضينا ومبغضي شيعتنا.
35 - في أصول الكافي ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن سليمان بن خالد قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءا منثورا) فقال: أما والله إن كانت أعمالهم أشد بياضا من القباطي (3) ولكن كانوا إذا عرض لهم حرام لم يدعوه.
36 - في الكافي علي بن محمد عن صالح بن أبي حماد عن ابن أبي عمير عن بعض ض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله عز وجل: (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا) قال: إن كانت أعمالهم لأشد بياضا من القباطي فيقول الله عز وجل لها: كونى هباء، وذلك انهم كانوا إذا شرع لهم الحرام أخذوه.
37 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن عمرو بن عثمان وعدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر والحسن بن علي جميعا عن أبي جميلة مفضل بن صالح عن جابر عن عبد الاعلى وعلي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن إبراهيم ابن عبد الاعلى عن سويد بن غفلة قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: ان ابن آدم إذا كان في آخر يوم من أيام الدنيا وأول يوم من أيام الآخرة مثل له ماله وولده وعمله فيلتفت إلى ماله فيقول: والله ان كنت عليك لحريصا شحيحا فمالي عندك؟فيقول: خذ منى كفنك، قال: فيلتفت إلى ولده فيقول: والله انى كنت لكم محبا وانى كنت عليكم محاميا فماذا عندكم؟فيقولون: نؤديك إلى حفرتك نواريك فيها، قال: فيلتفت إلى عمله فيقول: والله ان كنت فيك لزاهدا وان كنت على لثقيلا فماذا عندك؟فيقول: انا قرينك في قبرك ويوم نشرك حتى أعرض أنا وأنت على ربك، قال: فإن كان لله وليا أتاه أطيب الناس ريحا وأحسنهم منظرا وأحسنهم رياشا فيقول: ابشر بروح وريحان وجنة نعيم، ومقدمك خير مقدم، فيقول له: من أنت؟فيقول: انا عملك الصالح ارتحل من الدنيا إلى الجنة، وانه ليعرف غاسله ويناشد حامله أن يعجله، فإذا دخل قبره أتاه ملكا القبر يجران أشعارهما ويخدان الأرض بأقدامهما، أصواتهما كالرعد القاصف و أبصارهما كالبرق الخاطف، فيقولان له: من ربك وما دينك ومن نبيك؟فيقول: الله ربى وديني الاسلام ونبيي محمد صلى الله عليه وآله، فيقولان: ثبتك الله فيما تحب وترضى وهو قول الله عز وجل: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفى الآخرة) ثم يفسحان له في قبره مد بصره ثم يفتحان له بابا إلى الجنة، ثم يقولان له: نم قرير - العين نوم الشاب الناعم، فان الله عز وجل يقول: أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا و أحسن مقيلا والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
38 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عز وجل: (أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا) فبلغنا والله أعلم انه إذا استوى أهل النار إلى النار لينطلق بهم قبل ان يدخلوا النار، فيقال لهم: ادخلوا إلى ظل ذي ثلاث شعب من دخان النار، فيحسبون انها الجنة، ثم يدخلون النار أفواجا وذلك نصف النهار، وأقيل أهل الجنة فيما اشتهوا من التحف حتى يعطوا منازلهم في الجنة نصف النهار، فذلك قول الله عز وجل: (أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا).
39 - في مجمع البيان وروى عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا ينتصف ذلك اليوم حتى يقيل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار.
40 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثنا محمد بن همام قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك عن محمد بن حمدان عن محمد بن سنان عن يونس بن ظبيان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن قول الله عز وجل: ويوم تشقق السماء بالغمام قال: الغمام أمير المؤمنين (ع) وقوله: ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا قال أبو جعفر عليه السلام: يقول: يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا عليا وليا يا ويلتي ليتني لم اتخذ فلانا خليلا يعنى الثاني لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جائني يعنى الولاية وكان الشيطان وهو الثاني للانسان خذولا.
41 - في روضة الكافي خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام وهي خطبة الوسيلة يقول فيها عليه السلام: في مناقب لو ذكرتها لعظم بها الارتفاع فطال لها الاستماع، ولئن تقمصها دوني الاشقيان ونازعاني فيما ليس لهما بحق، وركباها ضلالة واعتقداها جهالة فلبئس ما عليه وردا ولبئس ما لأنفسهما مهدا يتلاعنان في دورهما ويتبرأ كل منهما من صاحبه، يقول لقرينه إذا التقيا: (يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين) فيجيبه الأشقى على رثوثة (4) (يا ليتني لم أتخذك خليلا لقد أضللتني عن الذكر بعد إذ جائني وكان الشيطان للانسان خذولا) فانا الذكر الذي عنه ضل، والسبيل الذي عنه مال، والايمان الذي به كفر، والقرآن الذي إياه هجر، والدين الذي به كذب، والصراط الذي عنه نكب.
42 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل يقول فيه لبعض الزنادقة وقد قال: ثم وارى أسماء من اغتر وفتن خلقه وضل و أضل وكنى عن أسمائهم في قوله: (ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا يا ويلتي ليتني لم اتخذ فلانا خليلا لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جائني) فمن هذا الظالم الذي لم يذكر من اسمه ما ذكر من أسماء الأنبياء ولم يكن عن أسماء الأنبياء تحيرا وتقررا بل تعريفا لأهل الاستبصار، ان الكناية عن أسماء ذوي الجرائر العظيمة من المنافقين في القرآن، ليست من فعله تعالى وانها من فعل المعيرين والمبدلين الذين جعلوا القرآن عضين واعتاضوا الدنيا من الدين.
43 - في تفسير العياشي عن داود بن فرقد عمن أخبره عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لو قرئ القرآن كما انزل لألفيتنا فيه مسمين.
44 - عن إبراهيم بن عمر قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ان في القرآن ما مضى و ما يحدث وما هو كائن، كانت فيه أسماء الرجال فألقيت، وانما الاسم الواحد منه في وجوه لا تحصى يعرف ذلك الوصاة.
45 - في مجمع البيان وقال أبو عبد الله عليه السلام: ليس رجل من قريش الا ونزلت فيه آية أو آيتان تقوده إلى الجنة أو تسوقه إلى النار، تجرى فيمن بعده ان خيرا فخير وان شرا فشر.
46 - في عيون الأخبار في باب العلل التي ذكر الفضل بن شاذان في آخرها انه سمعها عن الرضا عليه السلام مرة بعد مرة وشيئا بعد شئ: فان قال: فلم أمروا بالقراءة في الصلاة قيل: لئلا يكون القرآن مهجورا مضيعا. وليكون محفوظا فلا يضمحل ولا يجهل.
47 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: وذكر حديثا طويلا يقول فيه: فإذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن فإنه شافع مشفع و ما حل مصدق ومن جعله امامه قادة إلى الجنة ومن جعله خلفه ساقه إلى النار، وهو الدليل يدل على خير سبيل، وهو كتاب فيه تفصيل وبيان وتحصيل، وهو الفصل ليس بالهزل وله ظهر وبطن، فظاهره حكم وباطنه علم ظاهره أنيق وباطنه عميق له تخوم وعلى تخومه تخوم (5) لا تحصى عجائبه ولا تبلى غرائبه، مصابيح الهدى ومنار الحكمة، ودليل على المغفرة لمن عرف الصفة.
48 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن سنان عن أبي الجارود قال: قال أبو جعفر عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: انا أول وافد على العزيز الجبار يوم القيامة وكتابه وأهل بيتي ثم أمتي، ثم أسألهم ما فعله بكتاب الله وبأهل بيتي.
49 - أبو علي الأشعري عن بعض أصحابه عن الخشاب رفعه قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: لا والله لا يرجع الامر والخلافة إلى آل أبي بكر وعمر ابدا ولا إلى بنى أمية ابدا ولا في ولد طلحة والزبير أبدا، وذلك انهم نبذوا القرآن وأبطلوا السنن وعطلوا الاحكام، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: القرآن هدى من الضلالة وتبيان من العمى، واستقالة من العثرة، ونور من الظلمة، وضياء من الاحداث، وعصمة من الهلكة، ورشد من الغواية، وبيان من الفتن، وبلاغ من الدنيا في الآخرة، وفيه كمال دينكم، وما عدل أحد من القرآن الا إلى النار.
50 - ابن أبي عمير عن إبراهيم بن عبد الحميد عن يعقوب الأحمر قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ان علي دينا كثيرا وقد دخلني ما كان القرآن ينفلت (6) منى فقال أبو عبد الله عليه السلام: القرآن القرآن ان الآية من القرآن والسورة لتجئ يوم القيامة حتى تصور ألف درجة يعنى في الجنة فتقول: لو حفظتني لبلغت بك هيهنا.
51 - أبو علي الأشعري عن الحسن بن علي بن عبد الله عن العباس بن عامر عن الحجاج الخشاب عن أبي كهمس الهيثم بن عبيد قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل قرأ القرآن ثم نسيه فرددت عليه ثلاثا أعليه فيه حرج؟قال: لا.
52 - على عن أبيه عن حماد عن حريز عن أبي عبد الله عليه السلام قال: القرآن عهد الله إلى خلقه فقد ينبغي للمسلم ان ينظر في عهده وان يقرأ منه في كل يوم خمسين آية.
قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: قد سبق قريبا عن روضة الكافي من كلام أمير - المؤمنين (ع) تصريح بأن القرآن المهجور هو صلوات الله عليه.
53 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل وفيه يقول عليه السلام مجيبا لبعض الزنادقة: واما ما ذكرته من الخطاب الدال على تهجن النبي صلى الله عليه وآله والإزراء به والتأنيب له ما أظهره الله تبارك وتعالى في كتابه من تفضيله إياه على سائر أنبيائه، فان الله عز وجل جعل لكل نبي عدوا من المشركين كما قال في كتابه بحسب جلالة منزلة نبينا صلى الله عليه وآله عند ربه، كذلك عظم محنته لعدوه الذي عاذ منه في حال شقاقه ونفاقه كل اذى ومشقة لدفع نبوته وتكذيبه إياه، وسعيه في مكارهه وقصده لنقض كل ما أبرمه، واجتهاده ومن والاه على كفره وعناده ونفاقه في ابطال دعواه، وتغيير ملته ومخالفة سنته، ولم ير شيئا أبلغ في تمام كيده من تنفيرهم عن موالاة وصيه وايحاشهم منه، وصدهم عنه واعراءهم بعداوته والقصد لتغيير الكتاب الذي جاء به واسقاط ما فيه من فضل ذوي الفضل، و كفر ذوي الكفر منه، ولقد علم الله ذلك منهم، فقال: ان الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا إلى قوله عليه السلام وتركوا منه قدروا انه لهم وهو عليهم، وزادوا فيه ما ظهر تناكره وتنافره، والذي بدأ في الكتاب من الازراء على النبي صلى الله عليه وآله من فرية الملحدين.
قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: وهنا كلام يطلب في آل عمران عند قوله تعالى: (واشتروا به ثمنا قليلا) الآية.
54 - في مجمع البيان: ورتلناه ترتيلا وروى عن النبي صلى الله عليه وآله قال: يا ابن عباس إذا قرأت القرآن ترتله ترتيلا، قال: وما الترتيل؟قال: بينه تبيانا و لا تنثره نثر الرمل، ولا تهذه هذ الشعر (7) فقفوا عند عجائبه وحركوا به القلوب، و لا يكون هم أحدكم آخر السورة (8).
55 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن علي بن سعيد عن واصل بن سليمان عن عبد الله بن سليمان قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: (و رتل القرآن ترتيلا) قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: بينه تبيانا ولا تهذه هذ الشعر ولا تنثره نثر الرمل ولكن افرغوا قلوبكم، ولا يكن هم أحدكم آخر السورة.
قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: نقلنا ما في مجمع البيان تبعا له وما في أصول الكافي تأييدا لذلك وإن كان في النقل هنا بعض الخفاء.
56 - في مجمع البيان: الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم وروى أنس قال: إن رجلا قال: يا نبي الله كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟قال: إن الذي أمشاه على رجليه قادر أن يمشيه على وجهه يوم القيامة أورده البخاري في الصحيح.
57 - فدمرناهم تدميرا في الشواذ فدمرناهم تدميرا على التأكيد بالنون الثقيلة وروى ذلك عن أمير المؤمنين عليه السلام. وعنه (9) فدمرناهم وهذا كأنه أمر لموسى وهارون عليهما السلام أن يدمرانهم.
58 - في عيون الأخبار باسناده إلى صالح الهروي قال: حدثنا علي بن موسى الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عليهم السلام قال: أتى علي بن أبي طالب عليه السلام قبل مقتله بثلاثة أيام رجل من أشراف تميم يقال له عمرو فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن أصحاب الرس في أي عصر كانوا، وأين كانت منازلهم، ومن كان ملكهم، و هل بعث الله تعالى إليهم رسولا أم لا، وبماذا أهلكوا؟فانى أجد في كتاب الله تعالى ذكرهم ولا أجد خبرهم فقال له علي عليه السلام: لقد سألت عن حديث ما سألني عنه أحد قبلك ولا يحدثك به أحد بعدي الا عنى، وما في كتاب الله تعالى آية الا وانا أعرفها و اعرف تفسيرها وفى أي مكان نزلت من سهل أو جبل، وفى أي وقت من ليل أو نهار، وان هناك لعلما جما وأشار إلى صدره ولكن طلابه يسير، وعن قليل تندمون لو فقدتموني. كان من قصصهم يا أخا تميم انهم كانوا قوما يعبدون شجرة صنوبر يقال لها شاه درخت، كان يافث بن نوح غرسها على شفير عين يقال لها دوشاب. كانت أنبطت (10) لنوح عليه السلام بعد الطوفان، وانما سموا أصحاب الرس لأنهم رسوا نبيهم في الأرض وذلك بعد سليمان بن داود عليهما السلام وكانت لهم اثنى عشرة قرية على شاطئ نهر يقال له الرس من بلاد المشرق، وبهم يسمى ذلك النهر ولم يكن يومئذ في الأرض نهر أغزر منه ولا أعذب منه، ولا قرى أكثر ولا أعمر منها، تسمى إحداهن آبان و الثانية آذر والثالثة دى والرابعة بهمن والخامسة اسفندار والسادسة فروردين والسابعة آذربهشت والثامنة ارذار (11) والتاسعة مرداد والعاشرة تير والحادي عشرة مهر والثاني - عشرة شهريور وكانت أعظم مدائنهم اسفندار وهي التي ينزلها ملكهم وكان يسمى تر كوذبن عابور بن يارش بن سار بن نمرود بن كنعان فرعون إبراهيم عليه السلام وبها العين والصنوبرة وقد غرسوا في كل قرية منها حبة من طلع تلك الصنوبرة فنبتت الحبة وصارت شجرة عظيمة، وحرموا ماء العين والأنهار ولا يشربون منها ولا انعامهم، ومن فعل ذلك قتلوه ويقولون هو حياة آلهتنا، فلا ينبغي لاحد أن ينقص من حيوتها ويشربون هم وأنعامهم عن نهر الرس الذي عليه قراهم، وقد جعلوا في كل شهر من السنة في كل قرية عيدا يجتمع إليه أهلها فيضربون على الشجرة التي بها كلة (12) من حرير فيها من أنواع الصور ثم يأتون بشياة وبقر فيذبحونها قربانا للشجرة، ويشتعلون فيها النيران بالحطب، فإذا سطع دخان الذبايح وقتارها (13) في الهواء، وحال بينهم و بين النظر إلى السماء خروا سجدا للشجرة يبكون ويتضرعون إليها أن ترضى عنهم، وكان الشيطان يجئ، فيحرك أغصانها ويصيح من ساقها صياح الصبي: انى قد رضيت عنكم عبادي فطيبوا نفسا وقروا عينا فيرفعون رؤسهم عند ذلك ويشربون الخمر و يضربون بالمعازف (14) ويأخذون الدست بند، فيكون على ذلك يومهم وليلتهم ثم ينصرفون، وانما سمت العجم شهورها بابان ماه وآذر ماه وغيرهما اشتقاقا من أسماء تلك القرى، لقول أهلها بعضهم لبعض هذا عيد شهر كذا، وعيد شهر كذا، حتى إذا كان عيد قريتهم العظمى اجتمع عليها صغيرهم وكبيرهم، فضربوا عند الصنوبرة والعين سرادقات من ديباج عليه أنواع الصورة اثنى عشر بابا، كل باب لأهل قرية منهم ويسجدون للصنوبرة خارجا من السرداق، ويقربون لها الذبائح أضعاف ما قربوا للشجرة في قراهم، فيجئ إبليس عند ذلك فيحرك الصنوبرة تحريكا شديدا فيتكلم من جوفها كلاما جهوريا ويعدهم ويمنيهم بأكثر مما وعدتهم ومنتهم الشياطين كلها، فيرفعون رؤسهم من السجود وبهم من الفرح والنشاط ما لا يفيقون ولا يتكلمون من الشرب والعزف فيكونون على ذلك اثنى عشر يوما ولياليها بعد أعيادهم سائر السنة: ثم ينصرفون.
فلما طال كفرهم بالله عز وجل وعبادتهم غيره، بعث الله عز وجل إليهم نبيا من بني إسرائيل من ولد يهود ابن يعقوب، فلبث فيهم زمانا يدعوهم إلى عبادة الله عز وجل ومعرفته وربوبيته فلا يتبعونه، فلما رأى شدة تماديهم في الغى والضلال، وتركهم قبول ما دعاهم إليه من الرشد والنجاح، وحضر عيد قريتهم العظمى قال: يا رب ان عبادك أبوا الا تكذيبي والكفر، وغدوا يعبدون شجرة لا تنفع ولا تضر، فأيبس شجرهم أجمع وأرهم قدرتك وسلطانك فأصبح القوم وقد يبس شجرهم، فهالهم ذلك وفظع بهم وصاروا فرقتين، فرقة قال: سحر آلهتكم هذا الرجل الذي زعم أنه رسول رب السماء والأرض إليكم ليصرف وجوهكم عن آلهتكم إلى إلهه، وفرقة قالت: لا، بل غضب آلهتكم حين رأت هذا الرجل يعيبها ويقع فيها ويدعوكم إلى عبادة غيرها، فحجبت حسنها وبهاءها لكي تغضبوا عليه فتنتصروا منه، فأجمع رأيهم على قتله فاتخذوا أنابيب (15) طوالا من رصاص واسعة الأفواه، ثم أرسلوها في قرار العين إلى أعلى الماء واحدة فوق الأخرى مثل البرابخ (16) ونزحوا فيها من الماء، ثم حفروا في قرارها بئرا ضيقة المدخل عميقة وأرسلوا فيها نبيهم وألقموا فاها صخرة عظيمة، ثم أخرج الأنابيب من الماء وقالوا نرجو الان أن ترضى عنها آلهتنا إذا رأت انا قد قتلنا من كان يقع فيها ويصد عن عبادتها ودفناه تحت كبيرها يتشفى منه، فيعود لنا نورها ونضرتها كما كان، فبقوا عامة يومهم يسمعون أنين نبيهم عليه السلام وهو يقول: سيدي قد ترى ضيق مكاني وشدة كربي فارحم ضعف ركني وقلة حيلتي، وعجل بقبض روحي ولا تؤخر إجابة دعوتي حتى مات عليه السلام فقال الله جل جلاله لجبرئيل: يا جبرئيل أيظن عبادي هؤلاء الذين غرهم حلمي وأمنوا مكرى وعبدوا غيري وقتلوا رسولي أن يقوموا لغضبي ويخرجوا من سلطاني؟كيف وانا المنتقم ممن عصاني ولم يخش عقابي، وانى حلفت بعزتي لأجعلنهم عبرة ونكالا للعالمين، فلم يرعهم وهم في عيدهم ذاك الا بريح عاصف شديدة الحمرة، فتحيروا فيها وذعروا منها وتضام بعضهم إلى بعض، ثم صارت الأرض من تحتهم حجر كبريت يتوقد، وأظلتهم سحابة سوداء فألقت عليهم كالقبة جمرا يلتهب فذابت أبدانهم كما يذوب الرصاص في النار، فنعوذ بالله تعالى ذكره من غضبه ونزول نقمته ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
59 - في نهج البلاغة قال عليه السلام: أين أصحاب مدائن الرس الذين قتلوا النبيين وأطفأوا سنن المرسلين وأحيوا سنن الجبارين.
60 - في الكافي علي بن إبراهيم عن ابن أبي عمير عن محمد بن أبي حمزة وهشام وحفص عن أبي عبد الله عليه السلام انه دخل عليه نسوة فسألته امرأة منهن عن السحق؟فقال: حدها حد الزاني، فقالت المرأة: ما ذكره الله عز وجل في القرآن؟فقال: بلى، فقالت: وأين هو؟قال: هن الرس.
61 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن جميل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: دخلت امرأة مع مولاة لها على أبى عبد الله عليه السلام فقالت: ما تقول في اللواتي مع اللواتي؟قال: هن في النار، إذا كان يوم القيامة اتى بهن فألبسن جلبابا من نار وخفين من نار وقناعا من نار، وأدخل في أجوافهن وفروجهن أعمدة من نار وقذف بهن في النار، فقالت: ليس هذا في كتاب الله! قال: نعم، قالت: أين هو؟قال: قوله: وعادا وثمود وأصحاب الرس فهن الراسيات.
62 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن المعلى بن محمد عن محمد بن على قال: أخبرني سماعة بن مهران قال: أخبرني الكلبي النسابة قال: صرت إلى منزل جعفر بن محمد عليهما السلام فقرعت الباب فخرج غلام له فقال: ادخل يا أخا كلب فوالله لقد أدهشني. فدخلت وانا مضطرب ونظرت فإذا شيخ على مصلى بلا مرفقة ولا بردعة (17) فابتدأني بعد ان سلمت عليه، فقال لي: من أنت؟فقلت في نفسي: يا سبحان الله غلامه يقول لي بالباب: ادخل يا أخا كلب ويسألني المولى من أنت؟فقلت له: انا الكلبي النسابة، فضرب بيده على جبهته وقال: كذب العادلون بالله وضلوا ضلالا بعيدا وخسروا خسرانا مبينا، يا أخا كلب ان الله عز وجل يقول: وعادا وثمود وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا فتنسبها أنت؟فقلت: لا، جعلت فداك والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
63 - في كتاب معاني الأخبار أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن خالد البرقي عمن ذكره عن حفص بن غياث عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: وكلا تبرنا تتبيرا يعنى كسرنا تكسيرا.
64 - في تفسير علي بن إبراهيم أخبرنا أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بن محمد بن خالد عن حفص بن غياث عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: (وكلا تبرنا تتبيرا) يعنى كسرنا تكسيرا قال: هي لفظة بالنبطية.
65 - وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال: واما القرية التي أمطرت مطر السوء فهي سدوم قرية قوم لوط، أمطر الله عليهم حجارة من سجيل يعنى من طين.
66 - وقال علي بن إبراهيم في قوله تعالى: أرأيت من اتخذ إلهه هواه قال: نزلت في قريش وذلك أنه ضاق عليهم المعاش، فخرجوا من مكة وتفرقوا، فكان الرجل إذا رأى شجرة حسنة أو حجرا حسنا هويه فعبده، وكانوا ينحرون لها النعم و ويلطخونها بالدم ويسمونها سعد الصخرة، وكان إذا أصابهم داء في إبلهم وأغنامهم جاؤوا إلى الصخرة فيمسحون بها الغنم والإبل، فجاء رجل من العرب بابل يريد أن يمسح بالصخرة إبله ويتبارك عليها فنفرت إبله فتفرقت فقال الرجل شعرا: أتيت إلى سعد ليجمع شملنا * فشتتنا سعد فما نحن من سعد وما سعد الا صخرة مستوية * من الأرض لا تهدى لغى ولا رشد ومر به رجل من العرب والثعلب يبول عليه فقال شعرا: ورب يبول الثعلبان برأسه * لقد ذل من بالت عليه الثعالب.
67 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه رفعه عن محمد بن داود الغنوي عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل ستقف عليه بتمامه في الواقعة إن شاء الله تعالى وفيه يقول عليه السلام: فاما أصحاب المشأمة فهم اليهود والنصارى، يقول الله عز وجل: (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم) يعرفون محمدا والولاية في التوراة والإنجيل كما يعرفون أبناءهم في منازلهم (وان فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون الحق من ربك) انك الرسول إليهم (فلا تكونن من الممترين) فلما جحدوا ما عرفوا ابتلاهم بذلك فسلبهم روح الايمان، وأسكن أرواحهم ثلاثة أرواح: روح القوة وروح الشهوة وروح البدن، ثم أضافهم إلى الانعام فقال: ان هم الا كالانعام لان الدابة انما تحمل بروح القوة وتعتلف بروح الشهوة وتسير بروح البدن.
68 - في روضة الكافي ابن محبوب عن عبد الله بن غالب عن أبيه عن سعيد بن المسيب قال: سمعت علي بن الحسين عليهما السلام يقول: إن رجلا جاء إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال: أخبرني ان كنت عالما عن الناس وعن أشباه الناس وعن النسناس، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: يا حسين أجب الرجل فقال الحسين عليه السلام: اما قولك: النسناس فهم السواد الأعظم وأشار بيده إلى جماعة الناس، ثم قال: (ان هم الا كالانعام بل هم أضل سبيلا) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
69 - في كتاب الخصال عن أبي يحيى الواسطي عمن ذكره انه قيل لأبي عبد الله عليه السلام: أترى هذا الخلق كله من الناس؟فقال: الق منهم التارك للسواك، والمتربع في موضع الضيق، والداخل فيما لا يعنيه، والمماري فيما لا علم له به، والمستمرض من غير علة، والمستشفى من غير مصيبة، والمخالف على أصحابه في الحق وقد اتفقوا عليه، و المفتخر بآبائه وهو خلو من صالح أعمالهم. فهو بمنزلة الخلنج (18) يقشر لحا عن لحا، حتى يوصل إلى جوهريته، وهو كما قال الله تعالى: (ان هم الا كالانعام بل هم أضل سبيلا).
70 - في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عز وجل: ألم تر إلى ربك كيف مد الظل فقال: الظل ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس.
71 - في مجمع البيان - وجاهدهم به أي بالقرآن عن ابن عباس جهادا كبيرا أي تاما شديدا، وفى هذا دلالة على أن من أجل الجهاد وأعظمه منزلة عند الله سبحانه جهاد المتكلمين في حل شبه المبطلين وأعداء الدين ويمكن ان يتأول عليه قوله صلى الله عليه وآله: رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر.
72 - في الكافي وفى رواية أحمد بن سليمان انهما قالا عليهما السلام: يا أبا سعيد تأتى ما ينكر ولايتنا في كل يوم ثلاث مرات، ان الله وعز عرض ولايتنا على المياه فما قبل ولايتنا عذب وطاب، وما جحد ولايتنا جعله الله عز وجل مرا وملحا أجاجا.
73 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن علي بن الحكم عن سيف بن عميرة عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال للأبرش: يا أبرش هو كما وصف نفسه كان عرشه على الماء والماء على الهواء والهواء لا يحد، ولم يكن يومئذ خلق غيرهما، والماء يومئذ عذب فرات إلى أن قال: وكانت السماء خضراء والأرض غبراء على لون الماء العذب، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة. وهو بتمامه مذكور عند قوله تعالى: (كانتا رتقا ففتقناهما) (19).
74 - حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن هشام بن سالم عن بريد العجلي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن قول الله عز وجل: وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا فقال: ان الله تبارك وتعالى خلق آدم من الماء العذب، وخلق زوجته من سنخه، فبرأها من أسفل أضلاعه، فجرى بذلك الضلع بينهما سبب نسب، ثم زوجها إياه فجرى بينهما بسبب ذلك صهرا، فذلك قوله: (نسبا وصهرا) فالنسب يا أخا بنى عجل ما كان من نسب الرجال والصهر ما كان بسبب نسب النساء.
75 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد وعلي بن إبراهيم عن أبيه جميعا عن ابن محبوب عن هشام بن سالم عن بريد العجلي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل وذكر كما في تفسير علي بن إبراهيم الا ان في آخره: يا أخا بنى عجل ما كان بسبب الرجال والصهر ما كان بسبب النساء.
76 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: الا وانى مخصوص في القرآن بأسماء احذروا ان تقلبوا عليها فتضلوا في دينكم، انا الصهر يقول الله عز وجل: (وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
77 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وآله حديث طويل وفيه قال انس: قلت: يا رسول الله علي أخوك؟قال: نعم علي أخي، قلت: يا رسول الله صف لي كيف علي أخوك؟قال: إن الله عز وجل خلق ما تحت العرش قبل ان يخلق آدم بثلاثة آلاف عام، وأسكنه في لؤلؤة خضراء في غامض علمه، إلى أن خلق آدم فلما خلق آدم نقل ذلك الماء من اللؤلؤة فأجراه في صلب آدم إلى أن قبضه الله تعالى، ثم نقله إلى صلب شيث، فلم يزل ذلك الماء ينقل من ظهر إلى ظهر حتى صار في عبد المطلب، ثم شقه عز وجل نصفين، فصار نصفه في أبى، عبد الله بن عبد المطلب ونصف في أبى طالب فانا من نصف الماء وعلي من النصف الآخر، فعلي أخي في الدنيا والآخرة، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وآله: (وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا).
78 - في روضة الواعظين للمفيد رحمه الله قال رسول الله صلى الله عليه وآله: خلق الله عز وجل نطفة بيضاء مكنونة فنقلها من صلب إلى صلب حتى نقلت النطفة إلى صلب عبد المطلب، فجعل نصفين فصار نصفها في عبد الله ونصفها في أبى طالب، فأنا من عبد الله وعلي من أبى طالب، وذلك قول الله عز وجل: (وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا).
79 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب وخطب النبي صلى الله عليه وآله على المنبر في تزويج فاطمة خطبة رواها يحيى بن معين في أماليه وابن بطة في الإبانة باسنادهما عن أنس بن مالك مرفوعا وروينا عن الرضا عليه السلام فقال: الحمد لله المحمود بنعمته، المعبود بقدرته، المطاع في سلطانه، المرغوب فيما عنده، المرهوب من عذابه، النافذ امره في سمائه وارضه، الذي خلق الخلق بقدرته وميزهم بأحكامه وأعزهم بدينه، وأكرمهم بنبيه محمد صلى الله عليه وآله، ان الله جعل المصاهرة نسبا لاحقا وأمرا معترضا وشج به الأرحام والزمها الأنام، قال الله تعالى: (وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا) ثم إن الله امرني ان أزوج فاطمة من على، وقد زوجتها إياه على مأة مثقال فضة أرضيت يا علي (20)؟قال: رضيت يا رسول الله.
80 - في مجمع البيان (وهو الذي خلق) الآية وقال ابن سيرين نزلت في النبي صلى الله عليه وآله وعلي بن أبي طالب زوج فاطمة عليا فهو ابن عمه، وزوج ابنته فكان نسبا وصهرا.
81 - في بصائر الدرجات عبد الله بن عامر عن أبي عبد الله البرقي عن الحسن بن عثمان عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله: وكان الكافر على ربه ظهيرا قال: تفسيرها في بطن القرآن على هو ربه في الولاية والرب هو الخالق الذي لا يوصف.
82 - في تفسير علي بن إبراهيم واما قوله عز وجل: (وكان الكافر على ربه ظهيرا) قال علي بن إبراهيم رحمه الله: قد يسمى الانسان ربا بهذا الاسم لغة كقوله تعالى: (اذكرني عند ربك) وكل مالك يسمى ربه فقوله تعالى: (وكان الكافر على ربه ظهيرا) فقال: الكافر الثاني كان على أمير المؤمنين صلوات الله عليه ظهيرا.
83 - في روضة الكافي باسناده إلى عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن الله عز وجل خلق الخير يوم الأحد، وما كان ليخلق الشر قبل الخير، وفى يوم الأحد والاثنين خلق الأرضين، وخلق أقواتها يوم الثلاثاء وخلق السماوات يوم الأربعاء ويوم الخميس، وخلق أقواتها يوم الجمعة، وذلك قول الله عز وجل خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام.
84 - في مجمع البيان وروى أن اليهود حكوا عن ابتداء خلق الأشياء بخلاف ما أخبر الله تعالى عنه فقال سبحانه: فاسال به خبيرا.
85 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله عز وجل وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن قال: جوابه الرحمن علم القرآن خلق الانسان علمه البيان وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: تبارك وتعالى تبارك الذي جعل في السماء بروجا فالبروج الكواكب، والبروج التي للربيع والصيف الحمل والثور والجوزا والسرطان والأسد والسنبلة، وبروج الخريف والشتاء الميزان والعقرب والقوس والجدي والدلو والحوت، وهي اثنا عشر برجا.
86 - في كتاب الإهليلجة قال الصادق عليه السلام في كلام طويل: وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا يسبحان في فلك يدور بهما دائبين يطلعهما تارة ويوفلهما أخرى حتى تعرف عدة الأيام والشهور والسنين وما يستأنف من الصيف والربيع والشتاء والخريف أزمنة مختلفة باختلاف الليل والنهار.
87 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن صالح بن عقبة عن جميل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال له رجل: جعلت فداك يا ابن رسول الله ربما فاتتني صلاة الليل الشهر والشهرين والثلاثة فأقضيها بالنهار أيجوز ذلك؟قال: قرة عين لك والله، قرة عين لك والله قالها ثلاثا ان الله يقول: وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة الآية فهو قضاء صلاة النهار بالليل، وقضاء صلاة الليل بالنهار، وهو من سر آل محمد المكنون.
88 - في من لا يحضره الفقيه قال الصادق عليه السلام: كلما فاتك بالليل فاقضه بالنهار، قال الله تبارك وتعالى: (وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا) يعنى أن يقضى الرجل ما فاته بالليل بالنهار وما فاته بالنهار بالليل.
89 - في مجمع البيان: الذين يمشون على الأرض هونا وقال أبو عبد الله عليه السلام هو الرجل يمشى بسجيته التي جبل عليها لا يتكلف ولا يتبختر.
90 - في تفسير علي بن إبراهيم أخبرنا أحمد بن إدريس قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن أبي نجران عن حماد عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا) قال: الأئمة عليهم السلام يمشون على الأرض هونا خوفا من عدوهم.
91 - وعنه عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن سليمان بن جعفر قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن قول الله عز وجل: (وعباد الرحمان الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما * والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما) قال: هم الأئمة يتقون في مشيهم.
92 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن محبوب عن محمد بن النعمان عن سلام قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قوله تعالى (الذين يمشون على الأرض هونا) قال: هم الأوصياء مخافة من عدوهم.
93 - في مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام في كلام طويل: ولا يعرف ما في معنى حقيقة التواضع الا المقربون من عباده، المتصلون بوحدانيته، قال الله تعالى: (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما).
94 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب كان إبراهيم بن المهدى شديد الانحراف عن أمير المؤمنين عليه السلام، فحدث المأمون يوما فقال: رأيت عليا عليه السلام في النوم فمشيت معه حتى جئنا قنطرة، فذهب يتقدمني لعبورها فأمسكته وقلت له: انما أنت رجل تدعى هذا الامر بامرأة ونحن أحق به منك، فما رأيته بليغا في الجواب قال: وأي شئ قال لك؟قال: ما زادني على أن قال: سلاما سلاما، فقال المأمون: قد والله أجابك أبلغ جواب، قال: كيف؟قال: عرفك انك جاهل لا تجاب قال الله تعالى: وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما.
95 - في كتاب الخصال عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام: قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله: كل عين باكية يوم القيامة الا ثلاثة أعين: عين بكت من خشية الله، وعين غضت عن محارم الله، وعين باتت ساهرة في سبيل الله.
96 - وفيه أيضا عن السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا سهر الا في ثلاث: متهجد بالقرآن، أو في طلب العلم، أو عروس تهدى إلى زوجها.
97 - في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: ان عذابها كان غراما يقول: ملازما لا يفارق. وقوله عز وجل: والذين إذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا والاسراف الانفاق في المعصية في غير حق (ولم يقتروا) لم يبخلوا عن حق الله عز وجل وكان بين ذلك قواما القوام العدل والانفاق فيما أمر الله به.
98 - في تفسير العياشي عن الحلبي عن بعض أصحابنا عنه قال: قال أبو جعفر لأبي عبد الله عليهما السلام: يا بنى عليك بالحسنة بين السيئتين تمحوهما، قال: و كيف ذلك يا أبة؟قال: مثل قوله: (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا) فاسرفوا سيئة واقتروا سيئة، (وكان بين ذلك قواما) حسنة، فعليك بالحسنة بين السيئتين و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
99 - عن عبد الرحمن قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قوله: (يسئلونك ماذا ينفقون قل العفو) قال: (الذين إذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما) نزلت هذه بعد هذه.
100 - في كتاب الخصال عن محمد بن عمر بن سعيد عن بعض أصحابه قال: سمعت العياشي وهو يقول: استأذنت الرضا عليه السلام في النفقة على العيال فقال: بين المكروهين، قال: فقلت: جعلت فداك لا والله ما أعرف المكروهين، فقال: بلى يرحمك الله أما تعرف ان الله تعالى كره الاسراف وكره الأقتار، فقال: (والذين إذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما).
101 - في أصول الكافي أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن ابن فضال عن عبد الله بن إبراهيم عن جعفر بن إبراهيم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أربعة لا يستجاب لهم: رجل كان له مال فأفسده فيقول: اللهم ارزقني، فيقال: ألم آمرك بالاقتصاد؟ألم آمرك بالاصلاح؟ثم قال: (والذين إذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
102 - في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن الحسن بن محبوب عن مالك بن عطية عن عامر بن جذاعة قال: جاء رجل إلى أبى عبد الله عليه السلام فقال له أبو عبد الله: اتق الله ولا تسرف ولا تقتر ولكن بين ذلك قواما، ان التبذير من الاسراف، قال الله تعالى (ولا تبذر تبذيرا) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
103 - علي بن إبراهيم عن أبيه وعدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد جميعا عن عثمان بن عيسى عن إسحاق بن عبد العزيز عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: انا نكون في طريق مكة فنريد الاحرام فنطلي ولا يكون معنا تنخالة رنتدلك بها من النورة فندلك بالدقيق وقد دخلني من ذلك ما الله أعلم به؟فقال: مخافة الاسراف؟قلت نعم: فقال: ليس فيما أصح البدن اسراف، انى ربما أمرت بالنقى فيلت بالزيت فأتدلك به، انما الاسراف فيما أفسد المال وأضر بالبدن، قلت: فما الأقتار؟قال: اكل الخبز و والملح وأنت تقدر على غيره، قلت: فما القصد؟قال: الخبز واللحم واللبن والخل والسمن، مرة هذا ومرة هذا.
104 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه عن القاسم بن محمد الجوهري عن جميل بن صالح عن عبد الملك بن عمرو الأحول قال: تلا أبو عبد الله عليه السلام هذه الآية: (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما) قال: فأخذ قبضة من حصى وقبضها بيده، فقال: هذا الأقتار الذي ذكره الله عز وجل في كتابه، ثم قبض قبضة أخرى فارخى كفه كلها، ثم قال: هذا الاسراف ثم أخذ قبضة أخرى فأرخى بعضها وأمسك بعضها وقال: هذا القوام.
105 - عنه عن أبيه عن محمد بن عمرو عن عبد الله بن أبان قال: سألت أبا الحسن الأول عليه السلام عن النفقة على العيال؟فقال: ما بين المكروهين الاسراف والاقتار.
106 - أحمد بن محمد بن علي عن محمد بن سنان عن أبي الحسن عليه السلام في قول الله عز وجل: (وكان بين ذلك قواما) قال: القوام هو المعروف، على الموسع قدره: وعلى المقتر قدره على قدر عياله ومؤنتهم التي هي صلاح له ولهم، لا يكلف الله نفسا الا ما آتاها.
107 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد وأحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن عبد الله بن سنان في قوله تبارك وتعالى: (والذين إذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما) فبسط كفه وفرق أصابعه وحباها شيئا، وعن قوله تعالى (و لا تبسطها كل البسط) فبسط راحته وقال: هكذا، وقال: القوام ما يخرج من بين الأصابع ويبقى في الراحة منه شئ.
108 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة قال: دخل سفيان الثوري على أبى عبد الله عليه السلام فرأى عليه ثياب بيض كأنها غرقئ البيض (21) فقال له: ان هذا اللباس ليس من لباسك فقال له: اسمع منى وع ما أقول لك، فإنه خير لك عاجلا وآجلا، ان أنت مت على السنة والحق ولم تمت على بدعة أخبرك ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان في زمان مقفر جدب (22) فاما إذا أقبلت الدنيا فأحق أهلها بها ابرارها لا فجارها، ومؤمنوها لا منافقوها، ومسلموها لا كفارها، فلما أنكرت يا ثوري فوالله انني لمع ما ترى ما اتى على منذ عقلت صباح ولا مساء ولله في مالي حق امرني ان أضعه موضعا الا وضعته، قال: واتاه قوم ممن يظهر الزهد ويدعو الناس ان يكونوا معهم على مثل الذي هم عليه من التقشف (23) قالوا له: ان صاحبنا حصر عن كلامك ولم يحضره حجة، فقال لهم فهاتوا حججكم فقالوا له: ان حججنا من كتاب الله فقال لهم: فدلوا بها فإنها أحق ما اتبع وعمل به، فقالوا: يقول الله تبارك وتعالى مخبرا عن قوم من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله: (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون) فمدح فعلهم وقال في موضع آخر: (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا) فنحن نكتفي بهذا، فقال رجل من الجلساء: انا رأيناكم تزهدون في الأطعمة الطيبة ومع ذلك تأمرون الناس بالخروج من أموالهم حتى تمتعوا أنتم منها فقال له أبو عبد الله عليه السلام دعوا عنكم علم ما ينتفع به أخبروني أيها النفر ألكم علم بناسخ القرآن من منسوخه و محكمه من متشابهه الذي في مثله ضل من ضل وهلك من هلك من هذه الأمة؟فقالوا له: أو بعضه فاما كله فلا. فقال لهم: فمن هيهنا أتيتم، وكذلك أحاديث رسول الله واما ما ذكرتم من اخبار الله عز وجل إيانا في كتابه عن القوم الذين أخبر عنهم بحسن فعالهم فقد كان مباحا جايزا ولم يكونوا نهوا عنه وثوابهم منه على الله عز وجل، وذلك أن الله جل وتقدس أمر بخلاف ما عملوا به فصار أمره ناسخا لعملهم، وكان نهى الله تبارك و تعالى رحمة منه للمؤمنين ونظرا لكي لا يضروا بأنفسهم وعيالاتهم منهم الضعفة الصغار و الولدان والشيخ الفاني والعجوز الكبيرة الذين لا يصبرون على الجوع، فان تصدقت برغيفي ولا رغيف لي غيره ضاعوا وهلكوا جوعا، ثم هذا ما نطق به الكتاب ردا لقولكم ونهيا عنه مفروضا من الله العزيز الحكيم، قال: (والذين إذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما) فلا ترون ان الله تبارك وتعالى قال غير ما أراكم تدعون الناس إليه من الأثرة على أنفسهم، وسمى من فعل ما تدعون إليه مسرفا، وفى غير آية من كتاب الله يقول: (انه لا يحب المسرفين) فنهاهم عن الاسراف ونهاهم عن التقتير، لكن أمر بين أمرين، لا يعطى جميع ما عنده ثم يدعو الله ان يرزقه والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
109 - في مجمع البيان روى عن معاذ أنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله عن ذلك فقال: من اعطى في غير حق فقد أسرف، ومن منع من حق فقد قتر.
110 - وروى عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: ليس في المأكول والمشروب سرف وان كثر.
111 - وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما بالاسناد عن عبد الله بن مسعود قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله أي الذنوب أعظم؟قال: أن تجعل لله ندا وهو خلقك، قال: قلت: ثم أي؟قال إن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك، قلت: : ثم أي؟قال: إن تزاني حليلة جارك، فأنزل الله تصديقا والذين لا يدعون مع الله إلها آخر) الآية 112 - في تفسير علي بن إبراهيم واما قوله عز وجل: والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله الا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق آثاما وآثام واد من أودية جهنم من صفر مذاب قدامها حرة (24) في جهنم، يكون فيه من عبد غير الله تعالى، ومن قتل النفس التي حرم الله، ويكون فيه الزناة ويضاعف لهم فيه العذاب.
113 - حدثني أبي عن المحمودي ومحمد بن عيسى بن عبيد عن محمد بن إسماعيل الرازي عن محمد بن سعيد، ان يحيى بن أكثم سأل موسى بن علي بن محمد عن مسائل وفيه أخبرنا عن قول الله عز وجل: (أو يزوجهم ذكرانا وإناثا) فهل يزوج الله عباده الذكران وقد عاقب قوما فعلوا ذلك، فسأل موسى أخاه أبا الحسن العسكري صلوات الله عليه وكان من جواب أبى الحسن عليه السلام: اما قوله: (أو يزوجهم ذكرانا وإناثا)، فان الله تبارك وتعالى يزوج ذكران المطيعين إناثا من الحور، وإناث المطيعات من الانس من ذكران المطيعين، ومعاذ الله أن يكون الجليل عنى ما لبست على نفسك تطلب الرخصة لارتكاب المآثم، فمن يفعل ذلك يلق آثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا) أي ان لم يتب.
114 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا رفعه قال: إن الله عز وجل اعطى التائبين ثلاث خصال لو اعطى خصلة منها جميع أهل السماوات والأرض لنجوا بها، قوله عز وجل: (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله الا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق آثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا الا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما).
115 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن بكر بن صالح عن الحسن بن علي عن عبد الله بن إبراهيم عن علي بن علي اللهبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أربع من كن فيه وكان من قرنه إلى قدمه ذنوبا بدلها الله عز وجل حسنات: الصدق والحياء وحسن الخلق والشكر.
116 - في محاسن البرقي عنه عن ابن فضال عن علي بن عقبة عن أبيه عن سليمان بن خالد قال: كنت في محملي اقرأ، إذ ناداني أبو عبد الله عليه السلام: اقرأ يا سليمان فانا في هذه الآيات التي في آخر تبارك: (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله الا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق آثاما يضاعف) فقال: هذه فينا، اما والله لقد وعظنا وهو يعلم انا لا نزني، اقرأ يا سليمان فقرأت حتى انتهيت إلى قوله: الا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات قال: قف هذه فيكم، انه يؤتى بالمؤمن يوم القيامة حتى يوقف بين يدي الله عز وجل فيكون هو الذي يلي حسابه فيوقفه على سيئاته شيئا شيئا، فيقول: عملت كذا في يوم كذا في ساعة كذا فيقول: اعرف يا رب حتى يوقفه على سيئاته كلها كل ذلك يقول عرف، فيقول: سترتها عليك في الدنيا واغفرها لك اليوم، ابدلوها لعبدي حسنات قال: فترفع صحيفته للناس فيقولون: سبحان الله ما كانت لهذا العبد ولا سيئة واحدة! فهو قول الله عز وجل: (فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات).
117 - في كتاب سعد السعود لابن طاوس رحمه الله نقلا عن تفسير الكلبي قال: لما جعل مطعم بن عيسى بن نوفل لغلامه وحشى ان هو قتل حمزة ان يعتقه، فلما قتله وقدموا مكة لم يعتقه فبعث وحشى وجماعة إلى النبي عليه السلام انه ما يمنعنا من دينك الا اننا سمعناك تقرأ في كتابك ان من يدعو مع الله إلها آخر ويقتل النفس ويزنى يلق آثاما ويخلد في العذاب، ونحن قد فعلنا هذا كله، فبعث إليهم بقوله تعالى: (الا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا) فقالوا: نخاف ألا نعمل صالحا، فبعث إليهم (ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) فقالوا: نخاف الا ندخل في المشية فبعث إليهم: (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا) فجاؤوا واسلموا فقال النبي صلى الله عليه وآله لوحشي قاتل حمزة رضوان الله عليه: غيب وجهك عنى فإنني لا أستطيع النظر إليك، قال: فلحق بالشام فمات في الخبر (25) هكذا ذكر الكلبي.
118 - في عوالي اللئالي وعن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله يؤتى بالرجل يوم القيامة فيقال: اعرضوا عليه صغار ذنوبه وتخبأ كبارها فيقال: عملت يوم كذا وكذا وهو يقر ليس ينكر، وهو مشفق من الكبائر أن تجئ فإذا أراد الله خيرا قال: اعطوه مكان كل سيئة حسنة، فيقول: يا رب لي ذنوب ما رأيتها ههنا قال: ورأيت رسول الله صلى الله عليه وآله ضحك حتى بدت نواجده، ثم تلا: (فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات).
119 - في روضة الواعظين للمفيد رحمه الله وقال صلى الله عليه وآله: ما جلس قوم يذكرون الله الا نادى بهم مناد من السماء: قوموا فقد بدل الله سيئاتكم حسنات وغفر لكم جميعا.
120 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى محمد بن مسلم الثقفي قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام عن قول الله عز وجل: فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما فقال عليه السلام: يؤتى بالمؤمن المذنب يوم القيامة حتى يوقف بموقف الحساب فيكون الله تعالى هو الذي يتولى حسابه لا يطلع على حسابه أحدا من الناس، فيعرفه بذنوبه حتى إذا أقر بسيئاته قال الله عز وجل للكتبة: بدلوها حسنات واظهروها للناس، فيقول الناس حينئذ: ما كان لهذا العبد سيئة واحدة، ثم يأمر الله به إلى الجنة فهذا تأويل الآية وهي في المذنبين من شيعتنا خاصة.
121 - وباسناده إلى الرضا عن أبيه عن جده عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: حبنا أهل البيت يكفر الذنوب ويضاعف الحسنات، وان الله ليتحمل من محبنا أهل البيت ما عليهم من مظالم العباد، الا ما كان منهم فيها على اضرار وظلم للمؤمنين، فيقول للسيئات: كونى حسنات.
122 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من الاخبار المجموعة، و بهذا الاسناد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا كان يوم القيامة يخلى الله عز وجل لعبده المؤمن فيقفه على ذنوبه ذنبا ذنبا، ثم يغفر له لا يطلع الله على ذلك ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا، ويستر عليه ما يكره أن يقف عليه أحد، ثم يقول لسيئاته: كونى حسنات.
123 - وفى باب استسقاء المأمون بالرضا عليه السلام عنه عليه السلام قيل: يا رسول الله هلك فلان، يعمل من الذنوب كيت وكيت؟فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: بل قد نجى ولا يختم الله تعالى عمله الا بالحسنى، وسيمحو الله عنه السيئات ويبدلها حسنات، انه كان مرة يمر في طريق عرض له مؤمن قد انكشفت عورته وهو لا يشعر فسترها عليه ولم يخبره بها مخافة ان يخجل، ثم إن ذلك المؤمن عرفه في مهواه فقال له: اجزل الله لك الثواب، وأكرم لك المآب، ولا ناقشك الحساب فاستجاب الله له فيه، فهذا العبد لا يختم له الا بخير بدعاء ذلك المؤمن فاتصل قول رسول الله صلى الله عليه وآله بهذا الرجل فتاب وأناب واقبل على طاعة الله عز وجل، فلم يأت عليه سبعة أيام حتى أغير على سرح المدينة (26) فوجه رسول الله صلى الله عليه وآله في اثرهم جماعة ذلك الرجل أحدهم فاستشهد فيهم.
124 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى اسحق القمي قال: دخلت على أبى جعفر الباقر عليه السلام فقلت: جعلت فداك فقد أرى المؤمن الموحد الذي يقول بقولي ويدين الله بولايتكم وليس بيني وبينه خلاف، يشرب المسكر ويزنى ويلوط، وآتيه في حاجة واحدة فاصيبه معبس الوجه كالح اللون (27) ثقيلا في حاجتي بطيئا فيها، وقد أرى الناصب المخالف لما انا عليه (28) ويعرفني بذلك فآتيه في حاجة فاصيبه طلق الوجه حسن البشر، مسرعا في حاجتي، فرحا بها، يحب قضاها، كثير الصلاة، كثير الصوم كثير الصدقة، يؤدى الزكاة ويستودع فيؤدى الأمانة؟قال: يا اسحق ليس تدرون من أين أوتيتم؟قلت: لا والله جعلت فداك الا تخبرني؟فقال: يا اسحق ان الله عز وجل لما كان متفردا بالوحدانية ابتدأ الأشياء لا من شئ فأجرى الماء العذب على ارض طيبة طاهرة سبعة أيام مع لياليها ثم نضب الماء عنها (29) فقبض قبضة من صفا ذلك الطين وهي طينة أهل البيت ثم قبض قبضة من تلك الطينة وهي طينة شيعتنا، ثم اصطفانا لنفسه، فلو ان طينة شيعتنا تركت كما تركت طينتنا لما زنى أحد منهم ولا سرق ولا لاط ولا شرب الخمر ولا ارتكب شيئا مما ذكرت، ولكن الله عز وجل اجرى الماء المالح على ارض ملعونة سبعة أيام ولياليها ثم نضب الماء عنها، ثم قبض قبضة وهي طينة ملعونة من حمأ مسنون وهي طينة خبال وهي طينة أعدائنا، فلو ان الله عز وجل ترك طينتهم كما أخذها لم تروهم في خلق الآدميين ولم يقروا بالشهادتين، ولم يصوموا ولم يصلوا ولم يزكوا ولم يحجوا البيت، ولم تروا أحدا منهم بحسن خلق، ولكن الله تبارك وتعالى جمع الطينتين: طينتكم وطينتهم فخلطها وعركها عرك الأديم (30) و مزجها بالمائين، فما رأيت من أخيك المؤمن من شر لوط (31) أو زنا أو شئ مما ذكرت من شرب مسكر أو غيره فليس من جوهريته ولا من ايمانه انما هو بمسحة الناصب اجترح (32) هذه السيئات التي ذكرت، وما رأيت من الناصب من حسن وجهه وحسن خلق أو صوم أو صلاة أو حج بيت أو صدقة أو معروف فليس من جوهريته، انما تلك الأفاعيل من مسحة الايمان اكتسبها وهو اكتساب مسحة الايمان قلت: جعلت فداك فإذا كان يوم القيمة فمه؟قال لي: يا اسحق لا يجمع الله الخير والشر في موضع واحد، إذا كان يوم القيامة نزع الله عز وجل مسحة الايمان منهم فردها إلى شيعتنا، ونزع مسحة الناصب بجميع (33) ما اكتسبوا من السيئات فردها على أعدائنا وعاد كل شئ إلى عنصره الأول الذي منه كان ابتدأ، أما رأيت الشمس إذا هي بدت الا ترى لها شعاعا زاجرا متصلا بها أو بائنا منها؟قلت: جعلت فداك الشمس إذا غربت بدا إليها الشعاع كما بدا منها، ولو كان بائنا منها لما بدا إليها، قال: نعم يا اسحق كل شئ يعود إلى جوهره الذي منه بدا، قلت: جعلت فداك تؤخذ حسناتهم فترد إلينا وتؤخذ سيئاتنا فترد إليهم قال: أي والله الذي لا إله إلا هو، قلت: جعلت فداك اخذتها من كتاب الله عز وجل قال: نعم يا اسحق: قلت: أي مكان قال لي: يا اسحق ما تتلو هذه الآية (أولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما) فلم يبدل الله سيئاتهم حسنات والله يبدل لكم.
125 - أبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن محمد بن أحمد السياري قال حدثنا محمد بن عبد الله بن مهران الكوفي قال: حدثني حنان بن سدير عن أبيه عن أبي إسحاق الليثي قال قلت لأبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام: يا بن رسول الله انى أجد من شيعتكم من يشرب الخمر ويقطع الطريق ويخيف السبيل ويزنى ويلوط ويأكل الربا ويرتكب الفواحش ويتهاون بالصلاة والصيام والزكاة ويقطع الرحم ويأتي الكبائر، فكيف هذا ولم ذلك فقال: يا إبراهيم هل يختلج في صدرك شئ غير هذا قلت: نعم يا ابن رسول الله أخرى أعظم من ذلك! فقال: وما هو يا أبا إسحاق قال: قلت: يا ابن رسول الله وأجد من أعدائكم ومن ناصبيكم من يكثر من الصلاة ومن الصيام ويخرج الزكاة ويتابع بين الحج والعمرة ويحض على الجهاد ويأثر على البر وعلى صلة الأرحام ويقضى حقوق اخوانه ويواسيهم من ماله، ويتجنب شرب الخمر والزنا واللواط وساير الفواحش فمم ذلك ولم ذاك فسره لي يا ابن رسول الله وبرهنه وبينه فقد والله كثر فكرى واسهر ليلى وضاق ذرعي (34) قال: فتبسم صلوات الله عليه ثم قال: يا إبراهيم خذ إليك بيانا شافيا فيما سألت وعلما مكنونا من خزائن علم الله وسره، اخبرني يا إبراهيم كيف تجد اعتقادهما؟قلت: يا ابن رسول الله أجد محبيكم وشيعتكم على ما فيه مما وصفته من أفعالهم لو أعطى أحدهم ما بين المشرق والمغرب ذهبا وفضة ان يزول عن ولايتكم لما فعل ولا عن محبتكم إلى موالاة غيركم والى محبتهم ما زال، ولو ضربت خياشيمه (35) بالسيوف فيكم ولو قتل فيكم ما ارتدع ولا رجع من محبتكم وولايتكم، وأرى الناصب على ما هو عليه مما وصفته من أفعالهم لو اعطى أحدهم ما بين المشرق والمغرب ذهبا و فضة ان يزول عن محبة الطواغيت وموالاتهم إلى موالاتكم ما فعل ولا زال ولو ضربت خياشيمه بالسيوف فيهم، ولو قتل فيهم ما ارتدع ولا رجع وإذا سمع أحدهم منقبة لكم و فضلا اشمأز من ذلك وتغير لونه ورأى كراهة ذلك في وجهه، وبغضا لكم ومحبة لهم، قال: فتبسم الباقر عليه السلام ثم قال: يا إبراهيم هيهنا هلكت العاملة الناصبة تصلى نارا حامية تسقى من عين آنية، ومن ذلك قال عز وجل: (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا) ويحك يا إبراهيم أتدري ما السبب والقصة في ذلك وما الذي قد خفى على الناس منه قلت: يا بن رسول الله فبينه لي واشرحه وبرهنه قال: يا إبراهيم ان الله تبارك وتعالى لم يزل عالما قديما خلق الأشياء لا من شئ، ومن زعم أن الله عز وجل خلق الأشياء من شئ فقد كفر، لأنه لو كان ذلك الشئ الذي خلق منه الأشياء قديما معه في أزليته وهويته كان ذلك الشئ أزليا، بل خلق عز وجل الأشياء كلها لا من شئ ومما خلق الله عز وجل أرضا طيبة ثم فجر منها ماءا عذبا زلالا، فعرض عليها ولا يتنا أهل البيت فقبلتها، فأجرى ذلك الماء عليها سبعة أيام حتى طبقها وعمها ثم نضب ذلك الماء عنها (36) فاخذ من صفوة ذلك الطين طينا فجعله طين الأئمة عليهم السلام، ثم أخذ ثفل ذلك الطين فخلق منه شيعتنا ولو ترك طينكم يا إبراهيم كما ترك طيننا لكنتم ونحن شيئا واحدا، قلت: يا ابن رسول الله فما فعل بطينتنا؟قال: أخبرك يا إبراهيم، خلق الله عز وجل بعد ذلك أرضا سبخة خبيثة منتنة، ثم فجر منها ماءا أجاجا آسنا مالحا (37) فعرض عليها ولايتنا أهل البيت فلم تقبلها، فاجرى ذلك الماء عليها سبعة أيام حتى طبقها وعمها، ثم نضب ذلك الماء عنها ثم أخذ من ذلك فخلق منه الطغاة وأئمتهم، ثم مزجه بثفل طينتكم ولو ترك طينتهم على حاله ولم يمزج بطينتكم لم يشهدوا الشهادتين ولا صلوا ولا صاموا ولا زكوا ولا حجوا ولا أدوا أمانة ولا أشبهوكم في الصور، وليس شئ أكبر على المؤمن ان يرى صورة عدوه مثل صورته، قلت: يا ابن رسول الله فما صنع بالطينتين؟قال: مزج بينهما بالماء الأول والماء الثاني ثم عركهما عرك الأديم، ثم أخذ من ذلك قبضة فقال: هذه إلى الجنة ولا أبالي، وأخذ قبضة أخرى وقال: هذه إلى النار ولا أبالي، ثم خلط بينهما فوقع من سنخ (38) المؤمن وطينته على سنخ الكافر وطينته، ووقع من سنخ الكافر وطينته على سنخ المؤمن وطينته، فما رأيته من شيعتنا من زنا أو لواط أو ترك صلاة أو صيام أو حج أو جهاد أو جناية أو كبيرة من هذه الكبائر فهو من طينة الناصب وعنصره الذي قد مزج فيه، لان من سنخ الناصب وعنصره وطينته اكتساب المآثم والفواحش والكبائر، وما رأيت من الناصب ومواظبته على الصلاة والصيام والزكاة والحج والجهاد وأبواب البر فهو من طينة المؤمن وسنخه الذي قد مزج فيه، لان من سنخ المؤمن وعنصره وطينته اكتساب الحسنات واشتغال الخير واجتناب المآثم، فإذا عرضت هذه الأعمال كلها على الله عز وجل قال: انا الله عدل لا أجور، ومنصف لا أظلم، وحكم لا أحيف ولا أميل ولا اشطط، الحقوا الأعمال السيئة التي اجترحها المؤمن بنسخ الناصب وطينته، وألحقوا الأعمال الحسنة التي اكتسبها الناصب بسنخ المؤمن وطينته، ردوها كلها إلى أصلها، فانى انا الله لا اله الا أنا عالم السر وأخفى، وانا المطلع على قلوب عبادي لا أحيف ولا أظلم ولا ألزم أحدا الا ما عرفته منه قبل ان أخلقه. ثم قال الباقر عليه السلام: يا إبراهيم اقرأ هذه الآية قلت: يا ابن رسول الله أية آية؟قال: قوله تعالى: (قال معاذ الله ان نأخذ الا من وجدنا متاعنا عنده انا إذا لظالمون) هو في الظاهر ما تفهمونه، هو والله في الباطن هذا بعينه يا إبراهيم، ان للقرآن ظاهرا وباطنا ومحكما ومتشابها وناسخا ومنسوخا ثم قال: اخبرني يا إبراهيم عن الشمس إذا طلعت وبدا شعاعها في البلدان أهو بائن من القرص؟قلت: في حال طلوعه بائن، قال: أليس إذا غابت الشمس اتصل ذلك يعود كل شئ إلى سنخه وجوهره وأصله، فإذا كان يوم القيامة نزع الله عز وجل طينة الناصب مع أثقاله وأوزاره من المؤمن، فيلحقها كلها بالناصب، وينزع سنخ المؤمن وطينته مع حسناته وأبواب بره واجتهاده من الناصب فيلحقها كلها بالمؤمن. افترى هيهنا ظلما أو عدوانا؟قلت: لا يا بن رسول الله، قال: هذا والله القضاء الفاصل والحكم القاطع والعدل البين لا يسأل عما يفعل وهم يسألون هذا يا إبراهيم، الحق من ربك ولا تكن من الممترين، هذا من حكم الملكوت قلت: يا بن رسول الله وما حكم الملكوت؟قال: حكم الله وحكم أنبيائه، وقصة الخضر وموسى عليهما السلام حين استصحبه، فقال: (انك لن تستطيع معي صبرا وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا) افهم يا إبراهيم واعقل.
أنكر موسى على الخضر واستفظع أفعاله (39) حتى قال له الخضر: يا موسى (ما فعلته عن أمرى) انما فعلته من أمر الله عز وجل، من هذا، ويحك يا إبراهيم قرآن يتلى واخبار تؤثر عن الله عز وجل من رد منها حرفا فقد كفر وأشرك ورد على الله عز وجل. قال الليثي: فكأني لم أعقل الآيات وانا أقرأها أربعين سنة الا ذلك اليوم. فقلت: يا ابن رسول الله ما أعجب هذا تؤخذ حسنات أعدائكم فترد على شيعتكم وتؤخذ سيئات محبيكم فترد على مبغضيكم؟قال: أي والله الذي لا إله إلا هو فالق الحبة وبارئ النسمة وفاطر الأرض والسماء، ما أخبرتك ولا أنبأتك الا بالصدق، وما ظلمهم الله وما الله بظلام للعبيد، وان ما أخبرتك لموجود في القرآن كله قلت: هذا بعينه، يوجد في القرآن؟قال: نعم يوجد في أكثر من ثلاثين موضعا في القرآن، أتحب ان اقرأ ذلك عليك قلت: بلى يا ابن رسول الله فقال: قال الله عز وجل: (وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من خطاياهم من شئ وانهم لكاذبون وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم) الآية أزيدك يا إبراهيم؟قلت: بلى يا ابن رسول الله. قال: (ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم الا ساء ما يزرون). أتحب ان أزيدك؟قلت: بلى يا ابن رسول الله قال: (فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما) يبدل الله سيئات شيعتنا حسنات، ويبدل الله حسنات أعدائنا سيئات، وجلال الله ووجه الله ان هذا لمن عدله وانصافه لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه وهو السميع العليم، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
126 - في تفسير علي بن إبراهيم وحدثني أبي عن جعفر وإبراهيم عن أبي الحسن الرضا صلوات الله عليه قال: إذا كان يوم القيامة أوقف الله عز وجل المؤمن بين يديه وعرض عليه عمله فينظر في صحيفته، فأول ما يرى سيئاته فيتغير لذلك لونه و ترتعد فرائصه، ثم تعرض عليه حسناته فتفرح لذلك نفسه فيقول الله عز وجل: بدلوا سيئاتهم (40) حسنات وأظهروها للناس، فيبدل الله لهم فيقول الناس: اما كان لهؤلاء سيئة واحدة؟وهو قوله تعالى: (يبدل الله سيئاتهم حسنات الا من تاب وآمن) إلى قوله: (فإنه يتوب إلى الله متابا) يقول: لا يعود إلى شئ من ذلك باخلاص ونية صادقة.
127 - وقوله عز وجل والذين لا يشهدون الزور قال: الغناء ومجالسة أهل اللهو.
128 - في الكافي أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان عن أبي أيوب الخزاز عن محمد بن مسلم عن أبي الصباح عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله عز وجل: (لا يشهدون الزور) قال: الغنا.
129 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبي أيوب عن محمد بن مسلم و أبى الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: (والذين لا يشهدون الزور) قال: الغنا.
130 - في جوامع الجامع (ولا يشهدون الزور) أي مجالس الفساق ولا يحضرون الباطل وقيل: هو الغنا وروى ذلك عن السيدين الباقر والصادق عليهما السلام. وفى مواعظ عيسى بن مريم عليه السلام: إياكم ومجالس الخطائين.
131 - في مجمع البيان (والذين لا يشهدون الزور) وقيل: هو الغنا وهو المروى عن أبي جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام.
132 - في محاسن البرقي عنه عن ابن فضال عن علي بن عقبة عن أبيه عن سليمان ابن خالد قال: كنت في محملي اقرأ إذ ناداني أبو عبد الله عليه السلام: اقرأ يا سليمان فانا في هذه الآيات التي في آخر تبارك إلى قوله: قال: ثم: قرأت حتى انتهيت إلى قوله: (والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما) فقال: هذه فينا.
133 - في مجمع البيان وإذا مروا باللغو مروا كراما وقيل: هم الذين إذا أرادوا ذكر الفرج كنوا عنه عن أبي جعفر عليه السلام.
134 - في الكافي سهل بن زياد عن سعيد بن جناح عن حماد عن أبي أيوب الخزاز قال: نزلنا المدينة فاتينا أبا عبد الله عليه السلام فقال لنا: أين نزلتم؟قلنا على فلان صاحب القيان (41) فقال: كونوا كراما فوالله ما علمنا ما أراد به وظننا أنه يقول: تفضلوا عليه، فعدنا إليه فقلنا: انا لا ندري ما أردت بقولك: كونوا كراما، فقال: اما سمعتم قول الله عز وجل في كتابه: (وإذا مروا باللغو مروا كراما).
135 - في عيون الأخبار باسناده إلى محمد بن أبي عباد وكان مشتهرا بالسماع ويشرب النبيذ، قال: سألت الرضا عليه السلام عن السماع فقال: لأهل الحجاز رأى فيه وهو في حيز الباطل واللهو أما سمعت الله عز وجل يقول: (وإذا مروا باللغو مروا كراما).
136 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم ابن بريد قال: حدثنا أبو عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه السلام وذكر حديثا طويلا يقول فيه عليه السلام: وفرض الله على السمع ان يتنزه عن الاستماع إلى ما حرم الله وأن يعرض عما لا يحل له مما نهى الله عز وجل عنه، والاصغاء إلى ما أسخط الله فقال في ذلك: (وقد نزل عليكم في الكتاب) إلى أن قال عليه السلام: وقال: (وإذا مروا باللغو مروا كراما) فهذا ما فرض على السمع من الايمان أن لا يصغى إلى ما لا يحل له وهو عمله وهو من الايمان.
137 - في روضة الكافي علي بن محمد عن علي بن العباس عن محمد بن زياد عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا قال مستبصرين ليسوا بشكاك.
138 - في محاسن البرقي عنه عن ابن فضال عن علي بن عقبة عن أبيه عن سليمان بن خالد قال: كنت في محملي اقرأ إذ ناداني أبو عبد الله عليه السلام اقرأ يا سليمان فانا في هذه الآيات التي في آخر تبارك إلى قوله: ثم قرأت: (والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا) فقال: هذه فيكم إذا ذكرتم فضلنا لم تشكوا، ثم قرأت: والذين يقولون، ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين إلى آخر السورة. فقال: هذه فينا.
139 - في تفسير علي بن إبراهيم قال: وقرئ عند أبي عبد الله عليه السلام: (و الذين يقولون: هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما) فقال: قد سألوا الله عظيما ان يجعلهم للمتقين أئمة، فقيل له: كيف هذا يا ابن رسول الله؟قال: انما انزل الله: (الذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعل لنا من المتقين إماما).
140 - حدثنا محمد بن أحمد قال: حدثنا الحسن بن محمد عن حماد عن أبان ابن تغلب قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: (الذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما) قال: نحن هم أهل البيت.
141 - وروى غيره ان (أزواجنا) خديجة (وذرياتنا) فاطمة (وقرة أعين) الحسن والحسين (واجعلنا للمتقين إماما) علي بن أبي طالب والأئمة صلوات الله عليهم.
142 - في جوامع الجامع وعن الصادق عليه السلام في قوله: (واجعلنا للمتقين إماما) فقال عليه السلام: إيانا عنى.
143 - وروى عنه عليه السلام أنه قال: هذه فينا.
144 - وعن أبي بصير قال: (واجعلنا للمتقين إماما) فقال عليه السلام: سألت ربك عظيما انما هي واجعل لنا من المتقين له إماما.
145 - في روضة الواعظين للمفيد رحمه الله قال رسول الله صلى الله عليه وآله: حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات، قال الله تعالى لداود عليه السلام: حرام على كل قلب عالم محب للشهوات ان اجعله إماما للمتقين.
146 - في كتاب لمناقب لابن شهرآشوب أبو الفضل بن دكين عن سفيان عن الأعمش عن مسلم بن البطين عن سعيد بن جبير في قوله تعالى: (والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا) الآية قال: هذه الآية والله خاصة في أمير المؤمنين علي عليه السلام، كان أكثر دعائه يقول: (ربنا هب لنا من أزواجنا) يعنى فاطمة (وذرياتنا) الحسن والحسين (قرة أعين) قال أمير المؤمنين والله ما سألت ربى ولدا نضير الوجه ولا سألته ولدا حسن القامة، ولكن سألت ربى ولدا مطيعين لله خائفين وجلين منه، حتى إذا نظرت إليه وهو مطيع لله قرت به عيني قال: (واجعلنا للمتقين إماما) قال: نقتدى بمن قبلنا من المتقين فيقتدى المتقون بنا من بعدنا، وقال: أولئك يجزون الغرفة بما صبروا يعنى علي بن أبي طالب والحسن والحسين وفاطمة ويلقون فيها تحية وسلاما خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما.
147 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى جعفر بن محمد عن آبائه عن علي بن أبي طالب عليهم السلام أنه قال: أربع للمرء لا عليه إلى قوله: والدعاء فإنه قال: قل ما يعبأ بكم ربى لولا دعاؤكم.
148 - في مجمع البيان وروى العياشي باسناده عن بريد بن معاوية العجلي قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: كثرة القراءة أفضل أو كثرة الدعاء؟قال كثرة الدعاء أفضل وقرء هذه الآية.
149 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عز وجل: (قل ما يعبأ بكم ربى لولا دعاؤكم) يقول: ما يفعل ربى بكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاما.
1. القباطي جمع القبطية - بضم القاف وقد تكسر - ثياب من كتان تنسج بمصر منسوبة إلى القبط. .
2. خياشيم جمع الخيشوم: أقصى الانف. .
3. مر معناه في صفحة 9 .
4. الرثاثة: البذاذة ومن اللباس: البالي، وفى الوافي (على وثوبه) .
5. الأنيق. الحسن المعجب. والتخوم جمع تخم - بالفتح -: منتهى الشئ. .
6. تفلت الطائر من الصائد: تخلص. وكأنه أراد انه نسي ما حفظه من القرآن من شدة ما دخله من هم الدين. .
7. هذ الشعر: أسرع في قرائته .
8. قد بسط الكلام رحمه الله في بيان الترتيل عند قوله تعالى: (ورتل القرآن ترتيلا) ونقلنا أيضا طرفا شافيا من الاخبار في بيانه هناك (منه - ره) .
9. أي عن مسلم بن محارب المذكور في كتاب مجمع البيان. .
10. نبط الماء ينبط: نبع، والبئر: استخرج ماؤها. .
11. كذا في النسخ وفى المصدر (اردى بهشت) بدل (آذر بهشت) و (خرداد) مكان (ارذار) .
12. الكلة - بالكسر -: الستر الزقيق. غشاء رقيق يخاط كالبيت يتوقى به من البعوض ويقال له بالفارسية (پشه بند). .
13. القتار - بالضم -: الدخان من المطبوخ. .
14. المعازف: آلات الطرب كالطنبور والعود. .
15. الأنابيب جمع الأنبوب: ما بين العقدتين من القصب أو الرمح ويستعار لكل أجوف مستدير كالقصب، ومنه أنبوب الماء لغناته. .
16. البربخ - بالبائين الموحدتين والخاء المعجمة - ما يعمل من الخزف للبئر ومجاري الماء. .
17. المرفقة، المتكأ والمخدة. والبردعة: الحلس ويقال له بالفارسية (پلاس) .
18. الخلنج: شجر كالطرفاء وزهره أبيض واحمر واصفر، وحبه كالخردل وخشبه تصنع منها القصاع كقوله (لبن البخت في قصاع الخلنج) قال في الصراح: خلنج معرب (خدنك) .
19. سورة الأنبياء الآية 30، وقد مر الحديث بتمامه في صفحه 425 من الجزء الثالث .
20. وفى المصدر (ان رضيت يا علي). .
21. الغرقئ: القشرة الملتزقة ببياض البيض، وقيل: البياض الذي يؤكل. .
22. اقفر المكان: خلا من الماء والكلاء والناس والجدب: القحط .
23. تقشف الرجل: قذر جلده ولم يتعهد النظافة. واصل القشف خشونة العيش وشدته .
24. الحرة. الأرض ذات أحجار سود. .
25. كذا في النسخ وكأنه اسم مكان قال الحموي في المعجم: الخبر موضع على سنة أميال من مسجد سعد بن أبي وقاص وفيها قصور على طريق الحاج. اه ولكن ذكر في أسد الغابة أنه قال موسى بن عقبة عن ابن شهاب: مات وحشى في الخمر أخرجه الثلاثة (انتهى) وقال ابن حجر في تهذيب التهذيب في ترجمته: وكان مغرما بالخمر وفرض له عمر في الفين ثم ردها إلى ثلاثمأة بسبب الخمر. (انتهى) فيحتمل التصحيف. .
26. السرح: المال السائم. .
27. عبس وجهه بمعنى كلح وهو الافراط في التعبيس وقيل: الكلوح في الأصل: بدو الأسنان عند العبوس. .
28. وفى المصدر (لما آتي عليه) والظاهر هو المختار. .
29. نضب عنه البحر: نزح ماؤه ونشف. .
30. عرك الأديم: دلكه. .
31. وفى المصدر (من شر لفظ) مكان (من شر لوط). .
32. اجترح بمعنى اكتسب. .
33. وفى بعض النسخ (يجتمع) بدل (بجميع) والمختار هو الظاهر الموافق للمصدر. .
34. ضاق بالامر ذرعا: ضعفت طاقته ولم يجد من المكروه فيه مخلصا، واصل الذرع بسط اليد، فكأنك تريد مددت يدي إليه فلم تنله. .
35. الخياشيم جمع الخيشوم: أقصى الانف وقد مر. .
36. أي غار. .
37. الآسن: المتغير الطعم. .
38. السنخ - بالكسر -: الأصل. .
39. استفظع الامر: وجده فظيعا شنيعا. .
40. وفى بعض النسخ (سيئاته). .
41. القيان جمع القينه: الجارية المغنية. .