قال عز من قائل: ﴿وهو القاهر فوق عباده﴾
28 - في كتاب التوحيد عن الرضا عليه السلام حديث طويل وفيه يقول عليه السلام واما القاهر فإنه ليس على معنى علاج ونصب واحتيال ومدارة ومكر، كما يقهر العباد بعضهم بعضا، فالمقهور منهم يعود قاهرا والقاهر يعود مقهورا، ولكن ذلك من الله تبارك وتعالى على أن جميع ما خلق ملتبس به الذل لفاعله وقلة الامتناع لما أراد به لم يخرج منه طرفة عين، غير أنه يقول له: كن فيكون، والقاهر منا على ما ذكرت ووصفت فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى.
29 - وباسناده إلى محمد بن عيسى بن عبيد قال: قال لي أبو الحسن عليه السلام ما تقول إذا قيل لك اخبرني عن الله عز وجل أشئ هو أم لا شئ؟قال: فقلت له: قد أثبت الله عز وجل نفسه شيئا حيث يقول: قل أي شئ أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم فأقول: انه شئ (لا كالأشياء، إذ في نفى الشيئية عنه ابطاله ونفيه، قال لي صدقت وأصبت.
30 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله (قل أي شئ أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم) وذلك أن مشركي أهل مكة قالوا يا محمد ما وجد الله رسولا يرسله غيرك؟ما نرى أحدا يصدقك بالذي تقول، - وذلك في أول ما دعاهم، وهو يومئذ بمكة - قالوا: ولقد سئلنا عنك اليهود والنصارى فزعموا أنه ليس لك ذكر عندهم فأئتنا من يشهد انك رسول الله، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (الله شهيد بيني وبينكم) الآية قال أإنكم لتشهدون ان مع الله آلهة أخرى يقول الله لمحمد: فان شهدوا فلا تشهد معهم، قل لا اشهد قل انما هو اله واحد واننى برئ مما تشركون.
31 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن أحمد بن عائذ عن ابن أذينة عن مالك الجهني قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام قوله عز وجل (وأوحى إلى هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ) قال من بلغ أن يكون إماما من آل محمد فهو ينذر بالقرآن كما أنذر به رسول الله صلى الله عليه وآله.
32 - في مجمع البيان وفى تفسير العياشي قال أبو جعفر وأبو عبد الله عليهما السلام: (ومن بلغ) معناه من بلغ أن يكون إماما من آل محمد فهو ينذر بالقرآن كما أنذر به رسول الله صلى الله عليه وآله.
33 - في كتاب علل الشرايع حدثني أحمد بن محمد بن يحيى العطار (ره) قال حدثنا سعد بن عبد الله قال حدثنا عبد الله بن عامر عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن يحيى بن عمران الحلبي عن أبيه عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئل عن قول الله عز وجل: (وأوحى إلى هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ) قال لكل انسان (1).
34 - في عيون الأخبار باسناده إلى الحسين بن خالد قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: لم يزل الله عز وجل عليما قادرا حيا قديما سميعا بصيرا فقلت له: يا بن رسول الله ان قوما يقولون: لم يزل الله عالما بعلم وقادرا بقدرة وحيا بحيوة وقديما بقدم وسميعا بسمع وبصيرا ببصر؟فقال عليه السلام: من قال ذلك ودان به فقد اتخذ مع الله آلهة أخرى، وليس من ولايتنا على شئ، ثم قال عليه السلام لم يزل عليما قادرا حيا قديما سميعا بصيرا لذاته، تعالى عما يقول المشركون والمشبهون علوا كبيرا.
35 - في كتاب التوحيد باسناده إلى الفضل بن شاذان قال: سأل رجل من الثنوية أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام وانا حاضر، فقال: انى أقول إن صانع العالم اثنان فما الدليل على أنه واحد؟فقال: قولك انه اثنان دليل على أنه واحد، لأنك لم تدع الثاني الا بعد اثباتك الواحد، فالواحد مجمع عليه والأكثر من واحد مختلف فيه.
36 - في نهج البلاغة واعلم يا بنى انه لو كان لربك شريك لأتتك رسله ولرأيت آثار ملكه وسلطانه ولعرفت أفعاله وصفاته، ولكنه اله واحد كما وصف نفسه لا يضاده في ملكه أحد ولا يزول أبدا.
37 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن حماد عن حريز عن أبي عبد الله عليه السلام قال: نزلت هذه الآية في اليهود والنصارى يقول الله تبارك وتعالى الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه يعنى رسول الله صلى الله عليه وآله كما يعرفون أبنائهم لان الله عز وجل قد أنزل عليهم في التوراة والإنجيل والزبور صفة محمد صلى الله عليه وآله وصفة أصحابه ومبعثه ومهاجره، وهو قوله تعالى: (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تريهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من اثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل فهذه صفة رسول الله صلى الله عليه وآله في التوراة والإنجيل وصفة أصحابه فلما بعثه الله عز وجل عرفه أهل الكتاب كما قال جل جلاله، (فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به).
38 - في مجمع البيان ثم لم تكن فتنتهم اختلف في معنى الفتنة هنا على وجوه، ثانيها: ان المراد لم يكن معذرتهم الا ان قالوا وهو المروى عن أبي عبد الله عليه السلام.
39 - في كتاب التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل يذكر فيه أحوال أهل المحشر وفيه يقول عليه السلام: ثم يجتمعون في مواطن أخر فيستنطقون فيه فيقولون: والله ربنا ما كنا مشركين فيختم الله تبارك وتعالى على أفواههم ويستنطق الأيدي والأرجل والجلود، فتشهد بكل معصية كانت منهم، ثم يرفع عن ألسنتهم الختم فيقولون لجلودهم (لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شئ).
40 - في تفسير العياشي عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن الله يعفو يوم القيامة عفوا لا يخطر على بال أحد حتى يقول أهل الشرك: (والله ربنا ما كنا مشركين).
41 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل يذكر فيه أحوال أهل القيامة وفيه: ثم يجتمعون في مواطن أخر فيستنطقون فيه فيقولون: والله ربنا ما كنا مشركين، وهؤلاء خاصة هم المقرون في دار الدنيا بالتوحيد، فلم ينفعهم ايمانهم بالله تعالى لمخالفتهم رسله، وشكهم فيما أتوا به عن ربهم ونقضهم عهودهم في أوصيائهم، واستبدا لهم الذي هو أدنى بالذي هو خير، فكذبهم الله فيما انتحلوه من الايمان بقوله: انظر كيف كذبوا على أنفسهم.
42 - في تفسير علي بن إبراهيم أخبرنا الحسين بن محمد عن المعلى بن محمد عن علي بن أسباط عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله، (والله ربنا ما كنا مشركين) بولاية على.
43 - في روضة الكافي علي بن محمد عن علي بن العباس عن الحسين بن عبد الرحمن عن عاصم بن حميد عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عز وجل: (ربنا ما كنا مشركين) قال: يعنون بولاية علي عليه السلام.
44 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثنا أحمد بن محمد قال: حدثنا جعفر بن عبد الله قال حدثنا كثير بن عياش عن أبي الجارود عن أبي جعفر صلوات الله عليه في قوله والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم) يقول: صم عن الهدى وبكم لا يتكلمون بخير (في الظلمات) يعنى ظلمات الكفر (من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم وهو رد على قدرية هذه الأمة يحشرهم الله يوم القيامة مع الصابئين والنصارى والمجوس فيقولون: (والله ربنا ما كنا مشركين) يقول الله: (انظر كيف كذبوا على أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون).
45 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله وهم ينهون عنه وينأون عنه قال: بنو هاشم كانوا ينصرون رسول الله صلى الله عليه وآله ويمنعون قريشا عنه) وينأون عنه) أي يساعدونه ولا يؤمنون (2) به قوله ولو ترى إذ وقفوا على النار الآية قال نزلت في بنى أمية ثم قال بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل قال: من عداوة أمير المؤمنين عليه السلام، ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وانهم لكاذبون.
46 - في عيون الأخبار باسناده إلى الحسين بن بشار عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام قال: سألته أيعلم الله الشئ الذي لم يكن أن لو كان كيف يكون؟فقال: ان الله تعالى هو العالم بالأشياء قبل كون الأشياء، قال عز وجل: (انا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون) وقال لأهل النار: (ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وانهم لكاذبون) فقد علم عز وجل انه لوردهم لعادوا لما نهوا عنه.
47 - في كتاب التوحيد باسناده إلى الفتح بن يزيد الجرحاني عن أبي - الحسن عليه السلام حديث طويل وفى آخره قلت: جعلت فداك قد بقيت مسألة قال: هات لله أبوك، قلت: يعلم القديم الشئ الذي لم يكن ان لو كان كيف كان يكون؟قال: ويحك ان مسائلك لصعبة، أما سمعت الله يقول: ولو كان فيهما آلهة الا الله لفسدتا) وقوله: (ولعلا بعضهم على بعض) وقال يحكى قول أهل النار: (ارجعنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل) وقال: (ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه) فقد علم الشئ الذي لم يكن أن لو كان كيف يكون.
48 - في تفسير العياشي عن محمد بن مسلم عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام في خطبة: فلما وقفوا عليها قالوا: (يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين) إلى قوله: (وانهم لكاذبون).
49 - عن عثمان بن عيسى عن بعض أصحابه عنه عليه السلام قال: إن الله قال لماء: كن عذبا فراتا أخلق منك جنتي وأهل طاعتي، وقال لماء: كن ملحا أجاجا أخلق منك ناري وأهل معصيتي، فأجرى المائين على الطين، ثم قبص قبضة بهذه وهي يمين، فخلقهم خلقا كالذر، ثم أشهدهم على أنفسهم ألست بربكم وعليكم طاعتي؟قالوا بلى، قال فقال للنار كونى نارا فإذا نار تأجج وقال لهم قعوا فيها فمنهم من أسرع ومنهم من أبطئ.
في السعي، ومنهم من لم يبرح مجلسه، فلما وجدوا حرها رجعوا فلم يدخلها منهم أحد، ثم قبض قبضة بهذه فخلقهم خلقا مثل الذر مثل أولئك، ثم أشهدهم على أنفسهم مثل ما أشهد الآخرين، ثم قال لهم: قعوا في هذه النار فمنهم من أبطأ ومنهم من أسرع ومنهم من مر بطرف العين فوقعوا فيها كلهم فقال: اخرجوا منها سالمين، فخرجوا لم يصبهم شئ وقال الآخرون: يا ربنا أقلنا نفعل كما فعلوا، قال: قد أقلتكم فمنهم من أسرع في السعي ومنهم من أبطأ ومنهم من لم يبرح مجلسه مثل ما صنعوا في المرة الأولى، فذلك قوله: (ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وانهم لكاذبون):
50 - عن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه) وانهم ملعونون في الأصل.
51 - في مجمع البيان يا حسرتنا على ما فرطنا فيها قيل: إن الهاء تعود إلى الجنة أي في طلبها والعمل لها عن السدى ويدل عليه ما رواه الأعمش عن أبي صالح عن النبي صلى الله عليه وآله في هذه الآية قال: ترى أهل النار منازلهم من الجنة فيقولون يا حسرتنا
52 - وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم قال الزجاج: جايز أن يكون جعل ما ينالهم من العذاب بمنزلة أثقل ما يحمل، لان الثقل كما يستعمل في الوزن يستعمل في الحال أيضا، كما تقول ثقل على خطاب فلان ومعناه كرهت خطابه كراهة اشتدت على، فعلى هذا يكون المعنى انهم يقاسون عذاب آثامهم مقاساة تثقل عليهم ولا تزايلهم، والى هذا أشار أمير المؤمنين صلوات الله عليه في قوله: تخففوا تلحقوا فإنما ينتظر بأولكم آخركم.
53 - في أصول الكافي بعض أصحابنا رفعه عن هشام بن الحكم قال: قال لي أبو - الحسن موسى بن جعفر عليه السلام: يا هشام ان الله وعظ أهل العقل ورغبهم في الآخرة فقال: وما الحياة الدنيا الا لعب ولهو وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون.
54 - علي بن إبراهيم عن أبيه وعلي بن محمد القاساني جميعا عن القاسم بن محمد الأصبهاني عن سليمان بن داود المنقري عن حفص قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا حفص ان من صبر صبر قليلا وان من جزع جزع قليلا، ثم قال لي: عليك بالصبر في جميع أمورك، فان الله عز وجل بعث محمدا صلى الله عليه وآله وسلم فأمره بالصبر والرفق، فصبر صلى الله عليه وآله حتى نالوه بالعظائم ورموه بها فضاق صدره فأنزل الله عز وجل: (ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين) ثم كذبوه ورموه فحزن لذلك فأنزل الله عز وجل: قد نعلم أنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا فألزم النبي صلى الله عليه وآله نفسه الصبر،
55 - محمد بن الحسين وغيره عن سهل عن محمد بن عيسى ومحمد بن يحيى ومحمد بن الحسين جميعا عن محمد بن سنان عن إسماعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمرو عن عبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد الله عليها السلام حديث طويل يقول فيه حاكيا عن رسول الله صلى الله عليه وآله ذكر من فضل وصيه ذكرا فوقع النفاق في قلوبهم فعلم رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك وما يقولون، فقال الله جل ذكره: يا محمد (ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون) لكنهم يجحدون بغير حجة لهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يتألفهم ويستعين ببعضهم على بعض، ولا يزال يخرج لهم شيئا في فضل وصيه حتى نزلت هذه السورة، فاحتج عليهم حين أعلم بموته ونعيت إليه نفسه.
56 - في روضة الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن محمد بن أبي حمزة عن يعقوب بن شعيب عن عمران بن ميثم عن أبي عبد الله عليه السلام قال قرأ رجل على أمير المؤمنين عليه السلام (فإنهم لا يكذبونك) ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون) فقال: بلى والله لقد كذبوه أشد التكذيب ولكنها مخففة (لا يكذبونك لا يأتون بباطل يكذبون به حقك:
57 - في تفسير العياشي عن الحسين بن منذر عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله (فإنهم لا يكذبونك) قال: لا يستطيعون ابطال قولك.
58 - في مجمع البيان (فإنهم لا يكذبونك) اختلف في معناه على وجوه: أحدها ان معناه لا يكذبونك بقلوبهم اعتقادا وهو قول أكثر المفسرين ويشهد لهذا الوجه ما روى سلام بن مسكين عن أبي يزيد المدني ان رسول الله صلى الله عليه وآله لقى أبا جهل فصافحه أبو جهل فقيل له في ذلك؟فقال والله انى لاعلم انه لصادق ولكنا متى كنا تبعا لعبد مناف؟فأنزل الله تعالى الآية.
59 - في روضة الكافي حدثنا علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن فضال عن حفص المؤذن عن أبي عبد الله عليه السلام قال في رسالة طويلة إلى أصحابه: انه لا يتم الامر حتى يدخل عليكم مثل الذي دخل على الصالحين قبلكم، وحتى تبتلوا في أنفسكم وأموالكم وحتى تسمعوا من أعداء الله اذى كثيرا فتصبروا وتعركوا بجنوبكم وحتى يستذلوكم ويبغضوكم وحتى تحملوا عليكم (3) الضيم فتحتملوه منهم تلتمسون بذلك وجه الله والدار الآخرة، وحتى تكظموا الغيظ الشديد في الأذى في الله جل وعز يجترمونه إليكم (4) وحتى يكذبوكم بالحق ويعاندوكم فيه ويبغضوكم عليه فتصبروا على ذلك منهم، ومصداق ذلك كله في كتاب الله الذي أنزله جبرئيل على نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم سمعتم قول الله عز وجل لنبيكم صلى الله عليه وآله وسلم: (فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم) ثم قال: (ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا فقد كذب نبي الله والرسل من قبله (واو ذوا مع التكذيب بالحق.
60 - في أمالي الصدوق (ره) باسناده إلى أبى عبد الله عليه السلام أنه قال لعلقمة: ان رضا الناس لا يملك وألسنتهم لا تضبط وكيف يسلمون مما لم يسلم منه أنبياء الله ورسله وحجج الله عليهم السلام ألم ينسبوه إلى الكذب في قوله: انه رسول من الله إليهم، حتى انزل الله عز وجل عليه: (ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
61 - في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبى الجارود عن أبي جعفر صلى الله عليه وآله وسلم في قوله: وإن كان كبر عليك اعراضهم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحب اسلام الحرث ابن عامر بن نوفل بن عبد مناف دعاه رسول الله صلى الله عليه وآله وجهد به أن يسلم، فغلب عليه الشقاء فشق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأنزل الله: (وإن كان كبر عليك اعراضهم) إلى قوله: (نفقا في الأرض) يقول سربا (5).
62 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل وفيه يقول عليه السلام مجيبا لبعض الزنادقة وقد قال: واجده وقد بين فضل نبيه على ساير الأنبياء ثم خاطبه في اضعاف ما أثنى عليه في الكتاب من الازراء عليه وانتقاص محله وغير ذلك من تهجينه وتأنيبه ما لم يخاطب به أحد من الأنبياء مثل قوله: (ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين) والذي بدا في الكتاب من الازراء على النبي صلى الله عليه وآله من فرية الملحدين وهنا كلام طويل مفصل يطلب عند قوله تعالى: (ان الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا).
63 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب باسناده إلى سلمان الفارسي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حديث طويل يقول فيه عليه السلام: يا علي أن الله تبارك وتعالى قد قضى الفرقة والاختلاف على هذه الأمة، فلو شاء الله لجمعهم على الهدى حتى لا يختلف اثنان من هذه الأمة، ولا ينازع في شئ من أمره، ولا يجحد المفضول لذي الفضل فضله.
64 - في تفسير علي بن إبراهيم قل ان الله قادر على أن ينزل آية ولكن أكثرهم لا يعلمون قال: لا يعلمون ان الآية إذا جاءت ولم يؤمنوا بها يهلكوا وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: (ان الله قادر على أن ينزل آية) وسيريك في آخر الزمان آيات منها دابة الأرض والدجال ونزول عيسى بن مريم وطلوع الشمس من مغربها، قوله: وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه الا أمم أمثالكم يعنى خلق مثلكم وقال: كل شئ مما خلق خلق مثلكم.
65 - في نهج البلاغة في كلام له عليه السلام في ذم اختلاف العلماء في الفتيا أم أنزل الله دينا ناقصا فاستعان بهم على اتمامه أم كانوا شركاء فلهم ان يقولوا وعليه أن يرضى، أم انزل الله دينا تاما فقصر الرسول صلى الله عليه وآله عن تبليغه وأدائه: والله سبحانه يقول: ما فرطنا في الكتاب من شئ وفيه تبيان كل شئ.
66 - في أصول الكافي باسناده إلى أبى الجارود قال قال أبو جعفر عليه السلام إذا حدثتكم بشئ فاسئلوني من كتاب الله ثم قال في بعض حديثه ان رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن القيل والقال وفساد المال وكثرة السؤال فقيل له: يا بن رسول الله أين هذا من كتاب الله؟قال: إن الله عز وجل يقول: (لاخير في كثير من نجويهم ألا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس) وقال: (لا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما) وقال: (لا تسألوا عن أشياء ان تبد لكم تسؤكم).
67 - في عيون الأخبار باسناده إلى عبد العزيز بن مسلم عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: يا عبد العزيز جهل القوم وخدعوا عن أديانهم، ان الله تعالى لم يقبض نبيه صلى الله عليه وآله وسلم حتى أكمل له الدين وانزل عليه القرآن وفيه تفصيل كل شئ بين فيه الحلال والحرام والحدود والاحكام وجميع ما يحتاج إليه كملا.
فقال عز وجل: (ما فرطنا في الكتاب من شئ).
1- وفى المصدر (وينأون عنه أي يباعدون عنه ولا يؤمنون).
2- يقال عرك الأذى بجنبه أي احتمله. والضيم: الظلم.
3- في القاموس: اجترم عليهم واليهم جريمة: جنى جناية.
4- السرب: الطريق.
5- العنز: أنثى المعز، ونطحه الثور وغيره: اصابه بقرنه وانتطح الكبشان، نطح أحدهما الاخر.