تفسير سورة الأنعام
1 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن ابن عباس قال: من قرأ سورة الأنعام في كل ليلة كان من الآمنين يوم القيامة ولم ير بعينه مقدم النار أبدا.
وقال أبو عبد الله عليه السلام: نزلت سورة الأنعام جملة واحدة شيعها سبعون ألف ملك حتى نزلت على محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فعظموها وبجلوها، فان اسم الله فيها في سبعين موضعا، ولو علم الناس ما فيها ما تركوها.
في أصول الكافي باسناده إلى الحسن بن علي بن أبي حمزة رفعه قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ان سورة الأنعام نزلت جملة، وذكر كما في ثواب الأعمال سواء الا ان في آخر الحديث ولو يعلم الناس ما في قراءتها ما تركوها.
2 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: نزلت الانعام جملة شيعها سبعون ألف ملك لهم زجل (1) بالتسبيح والتهليل والتكبير فمن قرأها سبحوا له إلى يوم القيامة.
3 - في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وآله قال: أنزلت على الانعام جملة واحدة شيعها سبعون ألف ملك لهم زجل بالتسبيح والتحميد، فمن قرأها صلى عليه أولئك السبعون ألف ملك بعدد كل آية من الانعام يوما وليلة.
4 - جابر بن عبد الله الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: من قرأ ثلاث آيات من أول سورة الأنعام إلى قوله: (ويعلم ما تكسبون) وكل الله به أربعين ألف ملك يكتبون له مثل عبادتهم إلى يوم القيامة، وينزل ملك من السماء السابعة ومعه مرزبة من حديد (2) فإذا أراد الشيطان أن يوسوس أو يوحى في قلبه شيئا ضربه بها ضربة إلى آخر الخبر.
5 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) قال أبو محمد الحسن العسكري ذكر عند الصادق عليه السلام الجدال في الدين وان رسول الله والأئمة المعصومين عليهم السلام قد نهوا عنه فقال الصادق عليه السلام: لم ينه عنه مطلقا ولكنه نهى عن الجدال بغير التي هي أحسن اما تسمعون قول الله تعالى.
(ولا تجادلوا أهل الكتاب الا بالتي هي أحسن) وقوله تعالى (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إلى أن قال الصادق عليه السلام ولقد حدثني أبي الباقر عن جدي علي بن الحسين زين العابدين عن أبيه الحسين بن علي سيد الشهداء عن علي بن أبي طالب أمير المؤمنين صلوات الله عليهم انه اجتمع يوما عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أهل خمسة أديان اليهود والنصارى والدهرية والثنوية ومشركوا العرب إلى أن قال عليه السلام.
ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وآله على الدهرية فقال وأنتم فما الذي دعاكم إلى القول بأن الأشياء لا بد لها وهي دائمة لم تزل ولا تزال، فقالوا لأنا لا نحكم الا بما نشاهد ولم نجد للأشياء محدثا فحكمنا بأنها لم تزل ولم نجد لها انقضاء وفناء فحكمنا بأنها لا تزال، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله، فوجدتم لها قدما أم وجدتم لها بقاءا أبدا لابد؟فان قلتم، انكم وجدتم ذلك أنهضتم لأنفسكم انكم لم تزالوا على هيئتكم وعقولكم بلا نهاية ولا تزالون كذلك ولئن قلتم هذا دفعتم العيان وكذبكم العالمون الذين يشاهدونكم؟قالوا: بل لم نشاهد لها قدما ولا بقاءا أبد الأبد قال رسول الله صلى الله عليه وآله فلم صرتم بان تحكموا بالقدم والبقاء دائما لأنكم لم تشاهدوا حدوثها وانقضائها أولى من تارك التميز لها مثلكم فيحكم لها بالحدوث والانقضاء والانقطاع لأنه لم يشاهد لها قدما ولا بقاءا أبدا لابد ولستم تشاهدون الليل والنهار وان أحدهما بعد الاخر؟فقالوا: نعم، فقال: أترونهما لم يزالا ولا يزالان؟فقالوا: نعم فقال أفيجوز عندكم اجتماع الليل والنهار! فقالوا: لا، فقال صلى الله عليه وآله: فإذا ينقطع أحدهما عن الاخر فيسبق أحدهما ويكون الثاني جاريا بعده قالوا كذلك هو فقال: فقد حكمتم بحدوث ما تقدم من ليل ونهار ولم تشاهدوهما فلا تنكروا لله قدره ثم قال صلى الله عليه وآله أتقولون ما قبلكم من الليل والنهار متناه أو غير متناه فان قلتم غير متناه فقد وصل إليكم آخر بلا نهاية لا وله وان قلتم انه متناه فقد كان ولا شئ منهما؟قالوا: نعم قال لهم أقلتم ان العالم قديم غير محدث وأنتم عارفون بمعنى ما أقررتم به ومعنى ما جحدتموه؟قالوا: نعم فقال رسول الله: فهذا الذي تشاهدونه من الأشياء بعضها إلى بعض مفنقر لأنه لأقوام للبعض الا بما يتصل به، الا ترى البناء محتاجا بعض اجزائه إلى بعض والا لم يبق ولم يستحكم وكذلك ساير ما ترى قال: فإذا كان هذا المحتاج بعضه إلى بعض لقوته وتمامه هو القديم فأخبروني أن لو كان محدثا كيف كان يكون وماذا كان تكون صفته قال: فبهتوا وعلموا انهم لا يجدون للمحدث صفة يصفونه بها الا وهي موجودة في هذا الذي زعموا انه قديم فوجموا (3) وقالوا سننظر في أمرنا، ثم اقبل رسول الله صلى الله عليه وآله على الثنوية الذين قالوا إن النور والظلمة هما المدبر ان فقال: وأنتم فما الذي دعاكم إلى ما قلتموه من هذا؟قالوا لأنا وجدنا العالم صنفين خيرا وشرا ووجدنا الخير ضد للشر، فأنكرنا أن يكون فاعل واحد يفعل الشئ وضده بل لكل واحد منهما فاعل الا ترى ان الثلج محال ان يسخن كما أن النار محال أن تبرد فأثبتنا لذلك صانعين قديمين ظلمة ونورا، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أفلستم قد وجدتم سوادا وبياضا وحمرة وصفرة وخضرة وزرقة وكل واحد ضد لسايرها لاستحالة اجتماع اثنين منها في محل واحد كما كان الحر والبرد ضدين لاستحالة اجتماعهما في محل واحد قالوا: نعم، قال فهل لا أثبتم بعدد كل لون صانعا قديما ليكون فاعل كل الضد من هذه الألوان غير فاعل ضد الاخر؟قال.
فسكتوا، ثم قال: وكيف اختلط هذا النور والظلمة وهذا من طبعه الصعود وهذا من طبعه النزول أرأيتم لو أن رجلا أخذ شرقا يمشى إليه والاخر أخذ غربا أكان يجوزان يلتقيا ماداما سايرين على وجوههما؟قالوا: لا، فقال: وجب أن لا يختلط النور بالظلمة لذهاب كل واحد منهما في غير جهة الاخر، فكيف وجدتم حدث هذا العالم من امتزاج ما يحال أن يمتزج بل هما مدبران جميعا مخلوقان؟فقالوا.
سننظر في أمرنا، ثم أقبل على مشركي العرب فقال: وأنتم فلم عبدتم الأصنام من دون الله؟فقالوا: نتقرب بذلك إلى الله تعالى، فقال: أوهى صامعة مطيعة لربها عابدة له حتى تتقربوا بتعظيمها إلى الله؟قالوا: لا، قال: فأنتم الذين نحتموها بأيديكم فلان تعبدكم هي لو كان يجوز منها العبادة أحرى من أن تعبدوها إذا لم يكن أمركم بتعظيمها من هو العارف بمصالحكم وعواقبكم والحكيم فيما يكلفكم؟قال: فلما قال رسول الله صلى الله عليه وآله هذا القول اختلفوا فقال بعضهم: ان الله قد حل في هياكل رجال كانوا على هذه الصورة فصورنا هذه الصور نعظمها لتعظيمنا تلك الصور التي حل فيها ربنا وقال آخرون منهم: ان هذه صور أقوام سلفوا كانوا مطيعين لله عز وجل قبلنا فمثلنا صورهم وعبدناها تعظيما لله وقال آخرون منهم، ان الله تعالى لما خلق آدم وامر الملائكة بالسجود له فسجدوه تقربا لله كنا نحن أحق بالسجود لآدم من الملائكة، ففاتنا ذلك فصورنا صورته فسجدنا لها تقربا إلى الله تعالى كما تقربت الملائكة بالسجود لآدم إلى الله، وكما أمرتم بالسجود بزعمكم إلى جهة مكة ففعلتم ثم نصبتم في غير ذلك البلد بأيديكم محاريب سجدتم إليها وقصدتم الكعبة لا محاريبكم وقصدكم بالكعبة إلى الله عز وجل لا إليها؟فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخطأتم الطريق وظللتم أما أنتم وهو صلى الله عليه وآله يخاطب الذين قالوا إن الله يحل في هياكل رجال كانوا على هذه الصور التي صورناها فصورنا هذه الصور ونعظمها لتعظيمنا لتلك الصور التي حل فيها ربنا -: فقد وصفتم ربكم بصفة المخلوقات، أو يحل ربكم في شئ يحيط به بذلك الشئ فأي فرق بينه إذا وبين ساير ما يحل فيه من لونه وطعمه ورايحته ولينه وخشونته وثقله وخفته ولم صار هذا المحلول فيه محدثا وذلك قديما دون أن يكون ذلك محدثا وهذا قديما وكيف يحتاج إلى المحال من لم يزل قبل المحال وهو عز وجل كما لم يزل، وإذا وصفتموه بصفة المحدثات في الحلول فقد لزمكم أن تصفوه بالزوال، وما وصفتموه بالزوال والحدوث فصفوه بالفناء، فان ذلك أجمع من صفات الحال والمحلول فيه، وجميع ذلك متغير الذات.
فإن كان لم يتغير ذات الباري عز وجل بحلوله في شئ جاز أن لا يتغير بان يتحرك ويسكن ويسود ويبيض ويحمر ويصفر، وتحله الصفات التي تتعاقب على الموصوف بها حتى يكون فيه جميع صفات المحدثين، ويكون محدثا تعالى عن ذلك علوا كبيرا ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: فإذا بطل ما ظننتموه من أن الله يحل في شئ فقد فسد ما بنيتم عليه قولكم قال: فسكت القوم وقالوا سننظر في أمرنا ثم اقبل على الفريق الثاني فقال: أخبرونا عنكم إذا عبدتم صور من كان يعبد الله فسجدتم لها وصليتم فوضعتم الوجوه الكريمة على التراب بالسجود لها فما الذي بقيتم لرب العالمين؟أما علمتم ان من حق من يلزم تعظيمه وعبادته أن لا يساوي به عبده، أرأيتم ملكا أو عظيما إذا ساويتموه بعبيده في التعظيم والخشوع والخضوع أيكون في ذلك وضع من الكبير كما يكون زيادة في تعظيم الصغير؟فقالوا نعم، قال أفلا تعلمون انكم من حيث تعظمون الله بتعظيم صور عباده المطيعين له تزرون على رب العالمين؟قال فسكت القوم بعد ان قالوا.
سننظر في أمرنا، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للفريق الثالث: لقد ضربتم لنا مثلا وشبهونا بأنفسهم ولا سواء ذلك، انا عباد الله مخلوقون مربوبون ونأتمر له فيما أمرنا وننزجر عما زجرنا ونعبده من حيث يريده منا، فإذا أمرنا بوجه من الوجوه أطعناه ولم نتعد إلى غيره مما لم يأمرنا ولم يأذن لنا لأنا لا ندري لعله وان أراد منا الأول فهو يكره الثاني وقد نهانا ان نتقدم بين يديه، فلما أمرنا ان نعبده بالتوجه إلى الكعبة أطعنا ثم أمرنا بعبادته بالتوجه نحوها في ساير البلدان التي نكون بها، فأطعنا فلم نخرج في شئ من ذلك عن اتباع امره، والله عز وجل حيث أمرنا بالسجود لآدم لم يأمر بالسجود لصورته التي هي غيره فليس لكم أن تقيسوا ذلك عليه، لأنكم لا تدرون لعله يكره ما تفعلون إذا لم يأمركم به، ثم قال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أرأيتم لو أذن لكم رجل دخول داره يوما بعينه ألكم أن تدخلوها بعد ذلك بغير أمره، أولكم ان تدخلوا دارا له أخرى مثلها بغير أمره؟أو وهب لكم رجل ثوبا من ثيابه أو عبدا من عبيدة أو دابة من دوابه الكم ان تأخذوا ذلك؟قالوا: نعم، قال: فإن لم تأخذوه أخذتم آخر مثله؟قالوا: لا، لأنه لم يأذن لنافى الثاني كما اذن في الأول، قال عليه السلام: فأخبروني الله أولى بان لا يتقدم على ملكه بغير امره أو بعض المملوكين؟قالوا: بل الله أولى بان لا يتصرف في ملكه بغير اذنه قال: فلم قلتم ومتى أمركم ان تسجد ولهذه الصور؟قال: فقال القوم سننظر في أمرنا، وقال الصادق عليه السلام: فوالذي بعثه بالحق نبيا ما أتت على جماعتهم ثلاثة أيام حتى اتوا رسول الله صلى الله عليه وآله فأسلموا، وكانوا خمسة وعشرين رجلا من كل فرقة خمسة وقالوا: ما رأينا مثل حجتك يا محمد نشهد انك رسول الله صلى الله عليه وآله وقال الصادق عليه السلام قال أمير المؤمنين عليه السلام: فأنزل الله تعالى: الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون وكان في هذه الآية رد على ثلاثة أصناف منهم لما قال: الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض فكان ردا على الدهرية الذين قالوا: إن الأشياء لابدء لها وهي دائمة ثم قال: (وجعل الظلمات والنور) فكان ردا على الثنوية الذين قالوا: إن النور والظلمة هما المدبر ان ثم قال، (ثم الذين كفروا بربهم يعدلون) فكان ردا على مشركي العرب الذين قالوا: إن أوثاننا آلهة، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
6 - في تفسير العياشي جعفر بن أحمد عن العمركي بن علي عن العبيدي عن يونس بن عبد الرحمن عن علي بن جعفر عن أبي إبراهيم عليه السلام قال: لكل صلاة وقتان ووقت يوم الجمعة زوال الشمس ثم تلا هذه الآية: (الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون) قال: يعدلون بين الظلمات والنور وبين الجور والعدل.
7 - في كتاب التوحيد خطبة لعلى عليه السلام يقول فيها: فمن ساوى ربنا بشئ فقد عدل به، والعادل به كافر بما تنزلت به محكمات آياته، ونطقت به شواهد حجج بيناته، لأنه الله الذي لم يتناها في العقول، فيكون في نهب فكرها مكيفا، وفى حواصل رويات همم النفوس محدودا مصرفا، المنشى أصناف الأشياء بلا روية احتاج إليها، و لا قريحة غريزة اضمرها عليها، ولا تجربة أفادها من موجودات الدهور، ولا شريك أعانه على ابتداع عجائب الأمور.
8 - وفيها أيضا كذبك العادلون بالله إذ شبهوه بمثل أصنافهم، وحلوه حلية المخلوقين بأوهامهم وجزوه بتقدير منتج خواطرهم، وقدروه على الخلق المختلفة القوى بقرايح عقولهم.
9 - في تهذيب الأحكام في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام قال: وإذا قرأتم (الذين كفروا بربهم يعدلون) أن يقول: كذب العادلون بالله قلت لهم فإن لم: يقل الرجل شيئا من هذا إذا قرأ؟قال: ليس عليه شئ والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.
1- المرزبة: عصية من حديد:.
2- وجم وجما: سكت وعجز عن التكلم.
3- السمت: هيئة أهل الخير.