قال عز من قائل: ﴿وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ﴾

109 - في عيون الأخبار باسناده إلى الحسين بن خالد الصيرفي عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: إن نوحا لما ركب السفينة أوحى الله عز وجل إليه: يا نوح ان خفت الغرق فهللني ألفا ثم اسألني النجاة أنجك من الغرق ومن آمن معك، قال: فلما استوى و من معه في السفينة ورفع القلس عصفت الريح عليهم (1) فلم يأمن نوح عليه السلام الغرق وأعجلته الريح فلم يدرك ان يهلل الف مرة، فقال بالسريانية هيلويا (2) ألفا ألفا يا ماريا يا ماريا اتقن، قال: فاستوى القلس واستمرت السفينة (3) فقال نوح عليه السلام: ان كلاما نجاني الله به من الغرق لحقيق ان لا يفارقني، قال: فنقش في خاتمه لا إله إلا الله الف مرة يا رب اصلحني.

وفي كتاب الخصال - عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام قال: إن نوحا لما ركب في السفينة أوحى الله عز وجل إليه وذكر نحو ما في عيون الأخبار.

110 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي " رحمه الله " وعن معمر بن راشد قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان نوحا لما ركب السفينة وخاف الغرق قال: اللهم إني أسئلك بمحمد وآل محمد لما انجيتني من الغرق فنجاه الله عز وجل والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

111 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى سهل بن زياد الآدمي قال: حدثني عبد العظيم بن عبد الله الحسني قال: سمعت علي بن محمد العسكري عليه السلام يقول: عاش نوح عليه السلام الفين وخمسمأة سنة، وكان يوما في السفينة نائما فهبت الريح فكشفت عورته فضحك حام ويافث فزجرهما سام عليه السلام ونهاهما عن الضحك، وكلما كان غطى سام شيئا تكشفه الريح كشفه حام ويافث، فانتبه نوح عليه السلام فرآهم وهم يضحكون فقال: ما هذا؟فأخبره سام بما كان. فرفع نوح يده إلى السماء يدعو ويقول اللهم غير ماء صلب حام حتى لا يولد له ولد الا السودان، اللهم غير ماء صلب يافث فغير الله ماء صلبيهما، فجميع السودان حيث كانوا من حام، وجميع الترك والصقالب و يأجوج ماجوج والصين من يافث حيث كانوا، وجميع البيض سواهم من سام، و قال نوح عليه السلام لحام ويافث: جعل الله ذريتكما خولا (4) لذرية سام إلى يوم القيمة لأنه برني وعققتماني، فلا زالت سمة عقوقكما لي في ذريتكما ظاهرة، وسمة البربي في ذرية سام ظاهرة ما بقيت الدنيا.

112 - في تفسير العياشي عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: ونادى نوح ابنه قال: انما في لغة طي " ابنه " بنصب الألف يعني ابن امرأته.

113 - عن موسى عن العلا بن سيابة عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله: " ونادى نوح ابنه " قال: ليس بابنه انما هو ابن امرأته وهو لغة طي يقولون لابن امرأته ابنه.

114 - عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في قول نوح: يا بني اركب معنا قال: ليس ابنه قال: قلت: ان نوحا قال: يا بني؟قال: فان نوحا قال ذلك وهو لا يعلم.

115 - في مجمع البيان وروى عن علي بن أبي طالب عليه السلام وأبي جعفر محمد بن علي وأبي عبد الله جعفر بن محمد عليهم السلام ونادى نوح ابنه (5).

116 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى علي بن أبي حمزة عن أبي نعيم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن النجف كان جبلا وهو الذي قال ابن نوح: سآوي إلى جبل يعصمني من الماء ولم يكن على وجه الأرض جبل أعظم منه، فأوحى الله عز وجل إليه: يا جبل أيعتصم بك مني؟فتقطع قطعا إلى بلاد الشام وصار رملا دقيقا وصار بعد ذلك بحرا عظيما وكان يسمى ذلك البحر بحر " ني " ثم جف بعد ذلك فقيل نيجف فسمى بنجف ثم صار الناس بعد ذلك يسمونه نجف لأنه كان أخف على ألسنتهم.

117 - في من لا يحضره الفقيه روى صفوان بن مهران الجمال عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام قال: سار وانا معه في القادسية حتى أشرف على النجف، فقال: هو الجبل الذي اعتصم به ابن جدي نوح فقال: " سآوي إلى جبل يعصمني من الماء فأوحى الله عز وجل إليه: يا جبل أيعتصم بك مني أحد؟فغار في الأرض وتقطع إلى الشام.

118 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن صفوان عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما أراد الله هلاك قوم نوح وذكر حديثا طويلا يقول فيه عليه السلام: فقال الله عز وجل: " اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرسيها " يقول: مجريها اي مسيرها و مرساها اي موقفها، فدارت السفينة ونظر نوح إلى ابنه يقع ويقوم: فقال له: " يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين " فقال ابنه: كما حكى الله عز وجل: " سآوي إلى جبل يعصمني من الماء " فقال نوح عليه السلام " لا عاصم اليوم من الله الا من رحم " ثم قال نوح عليه السلام: " رب ان ابني من أهلي وان وعدك الحق وأنت احكم الحاكمين " فقال الله عز وجل " يا نوح انه ليس من أهلك انه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم اني أعظك أن تكون من الجاهلين " فقال نوح عليه السلام كما حكى الله عز وجل رب اني أعوذ بك ان أسئلك ما ليس لي به علم والا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين فكان كما حكى الله عز وجل وحال بينهما الموج فكان من المغرقين فقال أبو عبد الله عليه السلام: " فدارت السفينة وضربتها الأمواج حتى وافت مكة، وطافت ثم بالبيت وغرق جميع الدنيا الا موضع البيت، وانما سمى البيت العتيق لأنه أعتق من الغرق، فبقي الماء ينصب من السماء أربعين صباحا، ومن الأرض العيون حتى ارتفعت السفينة فمسحت السماء، قال: فرفع نوح عليه السلام يده فقال: " يا رهمان انفر " وتفسيرها يا رب احبس، فأمر الله عز وجل الأرض ان تبلع ماءها وهو قوله عز وجل: يا ارض ابلعي مائك ويا سماء اقلعي اي امسكي وغيض الماء وقضى الامر واستوت على الجودى فبلعت الأرض ماؤها فأراد ماء السماء ان يدخل في الأرض فامتنعت الأرض من قبولها: وقالت: انما امرني الله عز وجل ان ابلع مائي فبقي ماء السماء على وجه الأرض واستوت السفينة على جبل الجودى وهو بالموصل جبل عظيم، فبعث الله عز وجل جبرئيل فساق الماء إلى بحار حول الدنيا.

119 - في تهذيب الأحكام باسناده إلى المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل يقول فيه: ان الله عز وجل أوحى إلى نوح عليه السلام وهو في السفينة ان يطوف بالبيت أسبوعا، فطاف بالبيت كما أوحى إليه، ثم نزل في الماء إلى ركبتيه فاستخرج تابوتا فيه عظام آدم عليه السلام، فحمله في جوف السفينة حتى طاف ما شاء الله ان يطوف، ثم ورد إلى باب الكوفة في وسد مسجدها، ففيها قال الله تعالى للأرض: " ابلعي ماءك " فبلعت ماءها من مسجد الكوفة كما بدء الماء منه، وتفرق الجمع الذي كان مع نوح عليه السلام في السفينة.

120 - في تفسير العياشي إبراهيم بن أبي العلا عن غير واحد عن أحدهما قال: لما قال الله " يا ارض ابلعي مائك ويا سماء اقلعي " قال الأرض: انما أمرت ان أبلع مائي أنا فقط ولم أؤمر أن ابلع ماء السماء قال: فبلعت الأرض مائها وبقى ماء السماء فصير بحرا حول الدنيا.

121 - عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: " يا ارض ابلعي مائك " قال: نزلت بلغة الهند اشربي.

122 - وفي رواية عباد عنه: " يا ارض ابلعي مائك " حبشية.

123 - عن أبي بصير عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: قال: يا أبا محمد ان الله أوحى إلى الجبال اني مهرق سفينة نوح على جبل منكن في الطوفان فتطاولت وشمخت وتواضع جبل عندكم بالموصل يقال له الجودى، فمرت السفينة تدور في الطوفان على الجبال كلها أشرفت إلى الجودى فوقفت عليه، فقال نوح: بارات قنى بارات قنى (6) قال: قلت: جعلت فداك اي شئ هذا الكلام؟فقال: اللهم أصلح، اللهم أصلح.

124 - عن أبي بصير عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: كان نوح في السفينة فلبث فيها ما شاء الله فكانت مأمورة فخلى سبيلها نوح، فأوحى الله إلى الجبال اني واضع سفينة عبدي نوح على جبل منكن فتطاولت الجبال وشمخت غير الجودى وهو جبل بالموصل، فضرب جؤجؤ السفينة (7) الجبل فقال نوح عند ذلك رب اتقن وهو بالعربية: رب أصلح.

125 - وروى كثير النوا عن أبي جعفر عليه السلام يقول: سمع نوح صرير السفينة على الجودى فخاف عليها فأخرج رأسه من كوة (8) كانت فيها فرفع يده وأشار بإصبعه وهو يقول: رهمان (9) اتقن، تأويلها رب أحسن.

126 - في مجمع البيان " وقيل يا أرض ابلعي مائك " قيل: إنها لم تبتلع ماء السماء لقوله: " مائك " وان ماء السماء صار بحارا وأنهارا وهو المروى عن أئمتنا عليهم السلام.

127 - في أصول الكافي أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه عن علي بن الحكم رفعه عن أبي بصير قال: دخلت على أبي الحسن موسى عليه السلام في السنة التي قبض فيها أبو عبد الله عليه السلام فقلت: جعلت فداك ما لك ذبحت كبشا ونحر فلان بدنة؟فقال: يا أبا محمد ان نوحا عليه السلام كان في السفينة وكان فيها ما شاء الله وكانت السفينة مأمورة فطافت بالبيت وهو طواف النساء وخلا سبيلها نوح فأوحى الله عز وجل إلى الجبال اني واضع سفينة نوح عبدي على جبل منكن، فتطاولت وشمخت وتواضع الجودى وهو جبل عندكم، فضربت السفينة بجؤجؤها الجبل، قال: فقال نوح عند ذلك: يا بار اتقن (10) وهو بالسريانية: رب أصلح، قال فظننت ان أبا الحسن عليه السلام عرض بنفسه.

128 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن هشام الخراساني عن المفضل بن عمر قال: قلت له: كم لبث نوح في السفينة حتى نضب الماء، وخرجوا منها؟فقال: لبثوا فيها سبعة أيام ولياليها، فطافت بالبيت أسبوعا ثم استوت على الجودى وهو فرات الكوفة، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

129 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن الحسن بن صالح الثوري عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن سفينة نوح سعت بين الصفا والمروة، وطافت بالبيت سبعة أشواط ثم استوت على الجودى.

130 - في الكافي محمد بن يحيى عن بعض أصحابه عن الوشاء عن علي بن أبي حمزة قال: قال لي أبو الحسن عليه السلام: ان سفينة نوح كانت مأمورة فطافت بالبيت حيث غرقت الأرض ثم أتت مني في أيامها، ثم رجعت السفينة وكانت مأمورة وطافت بالبيت طواف النساء.

131 - في تهذيب الأحكام علي بن الحسن عن محمد بن عبد الله بن زرارة عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبان بن عثمان الأحمر عن كثير النوا عن أبي جعفر عليه السلام قال: لزقت السفينة يوم عاشورا على الجودى فامر نوح عليه السلام من معه من الجن والإنس ان يصوموا ذلك اليوم.

132 - في تفسير العياشي عن عبد الحميد بن أبي الديلم قال: لما ركب نوح عليه السلام في السفينة " قيل بعدا للقوم الظالمين ".

133 - في مجمع البيان ويروى ان كفار قريش أرادوا ان يتعاطوا معارضة القرآن فعكفوا على الباب البر ولحوم الضان وسلاف الخمر (11) أربعين يوما لتصفو أذهانهم فلما أخذوا فيما أرادوا سمعوا هذه الآية فقال بعضهم لبعض: هذا كلام لا يشبه كلام المخلوقين وتركوا ما أخذوا فيه وافترقوا.

134 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن صفوان عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما أراد الله هلاك قوم نوح وذكر حديثا طويلا وفيه ثم " قال نوح: " رب ان ابني من أهلي " إلى قوله: " من الخاسرين " وقد سبق مع قوله: " يا بني اركب معنا " فيه أيضا.

135 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي عليهم السلام قال: إن يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنين عليه السلام: فهذا نوح صبر في ذات الله عز وجل واعذر قومه إذ كذب؟قال له علي عليه السلام: لقد كان كذلك ومحمد صلى الله عليه وآله صبر في ذات الله واعذر قومه إذ كذب وشرد وحصب بالحصى، وعلاه أبو لهب بسلا ناقة، (12) فأوحى الله تبارك وتعالى إلى جابيل ملك الجبال ان شق الجبال، وانته إلى أمر محمد صلى الله عليه وآله، فأتاه فقال له: اني أمرت لك بالطاعة فان أمرت ان أطبقت عليهم الجبال فأهلكتهم بها؟قال عليه السلام: انما بعثت رحمة، رب اهد أمتي فإنهم لا يعلمون، ويحك يا يهودي ان نوحا لما شاهد غرق قومه رق عليهم رقة القرابة وأظهر عليهم شفقة، فقال: " رب ابني من أهلي " فقال الله تبارك وتعالى اسمه: " انه ليس من أهلك انه عمل غير صالح " أراد جل ذكره أن يسليه بذلك، و محمد صلى الله عليه وآله لما علنت من قومه المعاندة (13) شهر عليهم سيف النقمة ولم تدركه فيهم رقة القرابة ولم ينظر إليهم بعين مقة، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

136 - وعن أمير المؤمنين حديث طويل وفيه يقول عليه السلام مجيبا لبعض الزنادقة وقد قال: وأجده قد شهر هفوات أنبيائه بتكذيبه نوحا لما قال: " ان ابني من أهلي " بقوله: " انه ليس من أهلك ": واما هفوات الأنبياء عليهم السلام وما بينه الله في كتابه فان ذلك من أدل الدلائل على حكمة الله عز وجل الباهرة وقدرته القاهرة وعزته الظاهرة، لأنه علم أن براهين الأنبياء عليهم السلام تكبر في صدور أممهم، وان منهم من يتخذ بعضهم الها كالذي كان من النصارى في ابن مريم فذكرها دلالة علي تخلفهم عن الكمال الذي تفرد به عز وجل.

137 - في مجمع البيان وروى علي بن مهزيار عن الحسن بن علي الوشاء عن الرضا عليه السلام قال: قال أبو عبد الله: ان الله تعالى قال لنوح: " انه ليس من أهلك " لأنه كان مخالفا له وجعل من اتبعه من أهله.

138 - في كتاب الغيبة لشيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى إسحاق بن يعقوب قال: سألت محمد بن عثمان العمري أن يوصل لي كتابا قد سألت فيه عن مسائل أشكلت علي فورد التوقيع بخط مولانا صاحب الدار عليه السلام: اما ما سألت عنه أرشدك الله وثبتك من أمر المنكرين لي من أهل بيتنا وبني عمنا، فاعلم أنه ليس بين الله عز وجل وبين أحد قرابة، ومن أنكرني فليس مني وسبيله سبيل ابن نوح.

139 - في عيون الأخبار حدثني أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي الوشاء عن الرضا عليه السلام قال: سمعته يقول: قال أبي: قال أبو عبد الله عليه السلام: ان الله عز وجل " قال يا نوح انه ليس من أهلك " لأنه كان مخالفا له، وجعل من اتبعه من أهله، قال: وسألني كيف يقرؤن هذه الآية في ابن نوح؟فقلت: يقرؤها الناس على وجهين: انه عمل غير صالح، وانه عمل غير صالح (14) فقال: كذبوا هو ابنه ولكن الله عز وجل نفاه عنه حين خالفه في دينه.

140 - في باب ذكر مجلس الرضا عليه السلام مع المأمون في الفرق بين العترة والأمة حديث طويل يقول فيه الرضا عليه السلام: اما علمتم وقعة الوراثة والطهارة على المصطفين المهتدين دون سايرهم؟قالوا: ومن أين يا أبا الحسن؟قال: من قول الله عز وجل: " ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة و الكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون " فصارت وراثة النبوة والكتاب للمهتدين دون الفاسقين، أما علمتم ان نوحا حين سأل ربه عز وجل فقال: " رب ان ابني من أهلي وان وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين " وذلك أن الله عز وجل وعده أن ينجيه وأهله فقال ربه عز وجل " يا نوح انه ليس من أهلك انه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم اني أعظك أن تكون من الجاهلين ".

141 - في باب قول الرضا عليه السلام لأخيه زيد بن موسى حين افتخر على من في مجلسه باسناده إلى الحسن بن موسى الوشا البغدادي قال: كنت بخراسان مع علي بن موسى الرضا (ع) في مجلس وزيد بن موسى حاضر قد اقبل على جماعة في المجلس يفتخر عليهم ويقول: نحن، وأبو الحسن عليه السلام مقبل على قوم يحدثهم فسمع مقالة زيد فالتفت إليه فقال: يا زيد أغرك قول ناقلي الكوفة ان فاطمة أحصنت فرجها فحرم الله تعالى ذريتها على النار، والله ما ذاك الا للحسن والحسين عليهما السلام وولد بطنها خاصة، واما أن يكون موسى بن جعفر عليه السلام يطيع الله ويصوم نهاره ويقوم ليله وتعصيه أنت ثم تجيئان يوم القيمة سواء لانت أعز على الله عز وجل منه، ان علي بن الحسين كان يقول: لمحسننا كفلان من الاجر، ولمسيئنا ضعفان من العذاب، قال الحسن الوشا: ثم التفت إلي فقال: يا حسن كيف تقرؤن هذه الآية: " قال يا نوح انه ليس من أهلك انه عمل غير صالح "؟فقلت: من الناس من يقرء " انه عمل غير صالح " ومنهم من يقرء " انه عمل غير صالح " فمن قرء انه عمل غير صالح نفاه عن أبيه فقال عليه السلام: كلا لقد كان ابنه ولكن لما عصى الله عز وجل نفاه عن أبيه، كذا من كان منا لم يطع الله عز وجل فليس منا وأنت إذا أطعت الله فأنت منا أهل البيت.

142 - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه ومحمد بن موسى المتوكل وأحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنهم، قالوا: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم قال: حدثني ياسر انه خرج زيد بن موسى أخو أبي الحسن عليه السلام بالمدينة وأحرق وقتل وكان يسمى زيد النار فبعث إليه المأمون فاسر وحمل إلى المأمون فقال المأمون: اذهبوا به إلى أبي الحسن، قال ياسر: فلما ادخل إليه قال له أبو الحسن الرضا عليه السلام يا زيد أغرك قول سفلة أهل الكوفة ان فاطمة أحصنت فرجها فحرم الله تعالى ذريتها على النار؟ذلك للحسن والحسين عليهما السلام خاصة، ان كنت ترى انك تعصى الله وتدخل الجنة وموسى بن جعفر أطاع الله ودخل الجنة فأنت إذا أكرم على الله تعالى من موسى بن جعفر ما ينال أحد ما عند الله الا بطاعته وزعمت انك تناله بمعصيته فبئس ما زعمت فقال له زيد: انا أخوك وابن أبيك؟فقال له أبو الحسن عليه السلام: أنت أخي ما أطعت الله عز وجل ان نوحا عليه السلام " قال: إن ابني من أهلي وان وعدك الحق وأنت احكم الحاكمين " فقال الله عز وجل: " انه ليس من أهلك انه عمل غير صالح " فأخرجه الله عز وجل من أن يكون من أهله بمعصيته.

143 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن صفوان عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما أراد الله عز وجل هلاك قوم نوح عليه السلام وذكر حديثا طويلا وفي آخره: وانزل الله على نوح: يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن " معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب اليم " فنزل نوح بالموصل من السفينة مع الثمانين وبنوا مدينة الثمانين وكان لنوح ابنة ركبت معه السفينة فتناسل الناس منها، وذلك قول النبي صلى الله عليه وآله: نوح أحد الأبوين.

144 - في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما هبط نوح عليه السلام من السفينة اتاه إبليس عليه اللعنة فقال: ما في الأرض أعظم منة علي منك، دعوت على هؤلاء الفساق فأرحتني منهم الا أعلمك خصلتين؟: إياك والحسد فهو الذي عمل بي ما عمل وإياك والحرص فهو الذي عمل بآدم ما عمل.

145 - في الكافي عنه عن القاسم بن الريان عن أبان بن عثمان عن موسى بن العلا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما حسر الماء (15) عن عظام الموتى فرأى ذلك نوح عليه السلام جزع جزعا شديدا واغتم لذلك، فأوحى الله عز وجل هذا عملك بنفسك أنت دعوت عليهم، فقال: يا رب اني استغفرك وأتوب إليك: فأوحى الله عز وجل إليه ان: كل العنب الأسود ليذهب غمك.

146 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى عبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: بقي نوح بعد النزول من السفينة خمسين سنة ثم أتاه جبرئيل عليه السلام فقال له: يا نوح قد انقضت نبوتك واستكملت أيامك، فانظر الاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة التي معك فادفعها إلى ابنك سام، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

147 - في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: عاش نوح ألفي سنة وثلثمأة سنة منها ثمانمأة وخمسين سنة قبل أن يبعث، وألف سنة الا خمسين عاما وهو في قومه يدعوهم وخمسمأة عام بعد ما نزل من السفينة ونضب الماء (16) فمصر الأمصار وأسكن ولده البلدان، ثم إن ملك الموت جاءه وهو في الشمس، فقال: السلام عليك فرد عليه نوح صلى الله عليه، فقال: ما جاء بك يا ملك الموت؟قال: جئتك لأقبض روحك، قال: دعني ادخل من الشمس إلى الظل؟فقال له: نعم: فتحول فقال: يا ملك الموت ما مر بي من الدنيا مثل تحولي من الشمس إلى الظل (17).

148 - في عيون الأخبار في باب ذكر مجلس الرضا عليه السلام مع المأمون في الفرق بين العترة والأمة حديث طويل وفيه: قالت العلماء له: فأخبرنا هل فسر الله تعالى الاصطفاء في الكتاب؟فقال الرضا عليه السلام: فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثني عشر موطنا وموضعا، فأول ذلك إلى قوله: والآية السادسة قول الله عز وجل: قل لا أسئلكم عليه اجرا الا المودة في القربى، وهذه خصوصية للنبي صلى الله عليه وآله إلى يوم القيمة وخصوصية للآل دون غيرهم وذلك أن الله تعالى حكى ذكر نوح عليه السلام في كتابه: " يا قوم لا أسئلكم عليه مالا ان أجري الا على الله وما أنا بطارد الذين آمنوا انهم ملاقوا ربهم ولكني أريكم قوما تجهلون " وحكى عز وجل عن هود صلى الله عليه أنه قال: لا أسئلكم عليه اجرا ان أجري الا على الذي فطرني أفلا تعقلون وقال عز وجل لنبيه محمد صلى الله عليه وآله: " قل يا محمد لا أسئلكم عليه اجرا الا المودة في القربى " ولم يفترض الله تعالى مودتهم الا وقد علم أنهم لا يرتدون عن الدين أبدا ولا يرجعون إلى الضلال ابدا.

149 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم قال علي بن إبراهيم ثم حكى الله عز وجل خبر هود صلى الله عليه وهلاك قومه فقال: " والى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره ان أنتم الا مفترون * يا قوم لا أسئلكم عليه اجرا إن أجري الا على الذي فطرني أفلا تعقلون " قال إن عادا كانت بلادهم في البادية من الشقوق إلى الاجفر (18) أربعة منازل، وكان لهم زرع ونخيل كثير ولهم اعمار طويلة وأجسام طويلة فعبدوا الأصنام وبعث الله إليهم هودا يدعوهم إلى الاسلام وخلع الأنداد فأبوا ولم يؤمنوا بهود وآذوه، فكفت السماء عنهم سبع سنين حتى قحطوا، وكان هود زارعا وكان يسقى الزرع، فجاء قوم إلى بابه يريدونه فخرجت عليهم امرأة شمطاء عوراء فقالت من أنتم، قالوا: نحن من بلاد كذا وكذا أجدبت بلادنا (19) فجئنا إلى هود نسأله ان يدعو الله حتى نمطر وتخصب بلادنا، فقالت: لو استجيب لهود لدعا لنفسه فقد احترق زرعه لقلة الماء، قالوا: فأين هود؟قالت: هو في موضع كذا وكذا، فجاؤوا إليه فقالوا: يا نبي الله أجدبت بلادنا ولم نمطر فسل الله أن تخصب بلادنا ونمطر فتهيأ للصلاة وصلى ودعا لهم، فقال لهم: ارجعوا فقد أمطرتم وأخصبت بلادكم فقالوا يا نبي الله انا رأينا عجبا قال: وما رأيتم؟قالوا رأينا في منزلك امرأة شمطاء عوراء فقالت لنا من أنتم ومن تريدون؟فقلنا: جئنا إلى هود ليدعو الله لنا فنمطر فقالت: لو كان هود داعيا لدعى لنفسه فان زرعه قد احترق؟فقال هود ذاك أهلي وانا أدعو الله لها بطول البقاء فقالوا: وكيف ذلك؟قال: لأنه ما خلق الله مؤمنا الا وله عدو يؤذيه وهي عدوتي فلان يكون عدوي ممن أملكه خير من أن يكون عدوي ممن يملكني، فبقي هود في قومه يدعوهم إلى الله وينهاهم عن عبادة الأصنام حتى تخصب بلادهم وانزل الله تعالى عليهم المطر وهو قوله عز وجل: يا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين فقالوا كما حكى الله: يا هود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين إلى آخر الآية، فلما لم يؤمنوا ارسل الله عليهم الريح الصرصر يعني الباردة وهو قوله في سورة اقتربت " كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر انا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر " وحكى في سورة الحاقة فقال: " واما عاد فاهلكوا بريح صرصر عاتية سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما " قال: كان القمر منحوسا بزحل سبع ليال وثمانية أيام، قال: فحدثني أبي عن ابن أبي عمير عن عبد الله بن سنان عن معروف بن خربوذ عن أبي جعفر عليه السلام قال: الريح العقيم تخرج من تحت الأرضين السبع: وما خرج منها شئ قط الا على قوم عاد حين غضب الله عليهم فأمر الخزان ان يخرجوا منها مثل سعة الخاتم، فعصت على الخزنة فخرج منها مثل مقدار منخر الثور تغيظا منها على قوم عاد، فضج الخزنة إلى الله من ذلك فقالوا: يا ربنا انها قد عصت علينا ونحن نخاف ان يهلك من لم يعصك من خلقك وعمار بلادك، فبعث الله جبرئيل فردها بجناحه وقال لها: أخرجي على ما أمرت به، فخرجت على ما أمرت به، فأهلكت قوم عاد ومن كان بحضرتهم.

150 - في تفسير العياشي عن ابن معمر قال: قال علي بن أبي طالب عليه السلام في قوله: ان ربي على صراط مستقيم يعني انه على حق يجزي بالاحسان احسانا وبالسئ سيئا ويعفو عمن يشاء ويغفر سبحانه وتعالى.

151 - في مجمع البيان وروى جابر بن عبد الله الأنصاري ان رسول الله صلى الله عليه وآله لما نزل الحجر في غزوة تبوك قام فخطب الناس وقال: أيها الناس لا تسئلوا نبيكم الآيات، هؤلاء قوم صالح عليه السلام سألوا نبيهم ان يبعث لهم الناقة فكانت ترد من هذا الفج فتشرب مائهم يوم ورودها ويحلبون من لبنها مثل الذي كانوا يشربون من مائها يوم غبها (20) فعتوا عن أمر ربهم فقال: " تمتعوا في داركم ثلاثة أيام " فذلك وعد من الله غير مكذوب ثم جائتهم الصيحة فأهلك الله من كان في مشارق الأرض ومغاربها منهم الا رجلا كان في حرم الله، فمنعه حرم الله من عذاب الله تعالى يقال له أبو زعال، قيل: يا رسول الله من أبو زعال؟قال: أبو ثقيف.

152 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من خبر الشامي وما سأل عنه أمير المؤمنين في جامع الكوفة حديث طويل وفيه ثم قام إليه آخر فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن يوم الأربعاء وتطيرنا منه وثقله وأي أربعاء هو؟قال آخر أربعاء في الشهر وهو المحاق، وفيه قتل قابيل هابيل أخاه إلى أن قال عليه السلام: ويوم الأربعاء عقروا الناقة.

153 - في روضة الكافي علي بن محمد عن علي بن العباس عن الحسن بن عبد الرحمان عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل يذكر فيه قصة صالح عليه السلام وقومه وفيه قال: يا قوم انكم تصبحون غدا ووجوهكم مصفرة واليوم الثاني ووجوهكم محمرة، واليوم الثالث ووجوهكم مسودة، فلما كان أول يوم أصبحوا ووجوههم مصفرة، فمشى بعضهم إلى بعض وقالوا: قد جائكم ما قال لكم صالح، فقال العتاة منهم: لا نسمع قول صالح ولا نقبل قوله وإن كان عظيما فلما كان اليوم الثاني أصبحت وجوههم محمرة فمشى بعضهم إلى بعض فقالوا: يا قوم قد جائكم ما قال لكم صالح فقال العتاة منهم: لو أهلكنا جميعا ما سمعنا قول صالح ولا تركنا آلهتنا التي كان آباؤنا يعبدونها ولم يتوبوا ولم يرجعوا، فلما كان اليوم الثالث أصبحوا ووجوههم مسودة، فمشى بعضهم إلى بعض وقالوا: يا قوم أتاكم ما قال لكم صالح، فقال العتاة منهم: قد أتانا ما قال لنا صالح، فلما كان نصف الليل أتاهم جبرئيل فصرخ بهم صرخة خرقت تلك الصرخة أسماعهم، وفلقت قلوبهم وصدعت أكبادهم وقد كانوا في تلك الثلاثة الأيام قد تحنطوا وتكفنوا وعلموا ان العذاب نازل بهم، فماتوا أجمعين في طرفة عين صغيرهم وكبيرهم، فلم يبق منهم ناعقة ولا راغية (21) ولا شئ الا أهلكه الله، فأصبحوا في ديارهم وكانت مضاجعهم موتى أجمعين ثم أرسل عليهم مع الصيحة النار من السماء فأحرقتهم أجمعين.

154 - في أصول الكافي محمد بن أبي عبد الله رفعه إلى أبي هاشم الجعفري قال: كنت عند أبي جعفر الثاني عليه السلام فسأله رجل فقال: أخبرني عن الرب تبارك وتعالى له أسماء وصفات في كتابه وأسماؤه وصفاته هي هو؟فقال أبو جعفر عليه السلام ان لهذا الكلام وجهين إلى قوله: وكذلك سمينا ربنا قويا، لا بقوة البطش المعروف من المخلوق ولو كانت قوته قوة البطش المعروف من المخلوق لوقع التشبيه، ولاحتمل الزيادة وما احتمل الزيادة احتمل النقصان، وما كان ناقصا كان غير قديم، وما كان غير قديم كان عاجزا.

155 - في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن محمد بن سعيد قال: أخبرني زكريا بن محمد عن أبيه عن عمرو عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان قوم لوط من أفضل قوم خلقهم الله، فطلبهم إبليس الطلب الشديد وكان من فضلهم وخيرتهم انهم إذا خرجوا إلى العمل خرجوا بأجمعهم وتبقى النساء خلفهم وكان إبليس يعتادهم (22) فكانوا إذا رجعوا خرب إبليس ما كانوا يعملون، فقال بعضهم لبعض تعالوا: نرصد هذا الذي يخرب متاعنا فرصدوه فإذا هو غلام أحسن ما يكون من الغلمان، فقالوا له: أنت الذي تخرب متاعنا مرة بعد مرة؟فاجتمع رأيهم على أن يقتلوه فبيتوه عند رجل، فلما كان الليل صاح فقال له: مالك؟فقال كان أبي ينومني على بطنه فقال له: تعال فنم على بطني، قال: فلم يزل يدلك الرجل حتى علمه انه يفعل بنفسه، فأولا علمه إبليس والثانية علمه هو ثم انسل (23) ففر منهم وأصبحوا، فجعل الرجل يخبر بما فعل بالغلام ويعجبهم منه وهم لا يعرفونه، فوضعوا أيديهم فيه حتى اكتفى الرجال بالرجال بعضهم ببعض ثم جعلوا يرصدون مارة الطريق فيفعلون بهم حتى تنكب مدينتهم الناس، ثم تركوا نساءهم واقبلوا على الغلمان، فلما رأى أنه قد أحكم امره في الرجال جاء إلى النساء فصير نفسه امرأة ثم قال: إن رجالكن يفعل بعضهم ببعض؟قلن: نعم، قد رأينا ذلك وكل ذلك يعظهم لوط ويوصيهم وإبليس يغويهم، حتى استغنى النساء بالنساء فلما كملت عليهم الحجة بعث الله جبرئيل و ميكائيل وإسرافيل في زي غلمان، عليهم أقبية، فمروا بلوط وهو يحرث، فقال: أين تريدون ما رأيت أجمل منكم قط؟قالوا: أرسلنا سيدنا إلى رب هذه المدينة. قال: أولم يبلغ سيدكم ما يفعل أهل هذه المدينة؟يا بني انهم والله يأخذون الرجال فيفعلون بهم حتى يخرج الدم، فقالوا: أمرنا سيدنا ان نمر وسطها، قال: فلي إليكم حاجة، قالوا: وما هي؟قال: تصبرون ههنا إلى اختلاط الظلام قال: فجلسوا قال: فبعث ابنته فقال: جيئ لهم بخبز وجيئ لهم بماء في القرعة (24) وجيئ لهم بما يتغطون بها من البرد، فلما ان ذهبت الابنة اقبل المطر والوادي، فقال لوط: الساعة يذهب بالصبيان الوادي قوموا حتى نمضي وجعل لوط يمشي في أصل الحائط وجعل جبرئيل وميكائيل وإسرافيل يمشون وسط الطريق فقال: يا بني امشوا ههنا فقالوا: أمرنا سيدنا ان نمر في وسطها وكان لوط يستغنم الظلام ومر إبليس واخذ من حجر امرأة صبيا فطرحه في البئر فتصايح أهل المدينة كلهم على باب لوط فلما ان نظروا إلى الغلمان في منزل لوط قالوا: يا لوط قد دخلت في عملنا؟فقال: هؤلاء ضيفي فلا تفضحون في ضيفي، قالوا: هم ثلاثة خذوا واحدا وأعطنا اثنين، قال: فأدخلهم الحجرة وقال لوط: لو أن لي أهل بيت يمنعوني منكم، قال: وتدافعوا على الباب وكسروا باب لوط وطرحوا لوطا، فقال له جبرئيل: انا رسل ربك لن يصلوا إليك فاخذ كفا من البطحاء (25) فضرب بها وجوههم وقال: شاهت الوجوه (26) فعمى أهل المدينة كلهم، قال لهم لوط: يا رسل ربي فما أمركم ربي فيهم؟قالوا: أمرنا ان نأخذهم بالسحر قال: فلي إليكم حاجة قالوا: وما حاجتك؟قال: تأخذونهم الساعة فاني أخاف ان يبدو لربي فيهم، فقالوا: يا لوط ان موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب لمن يريد ان يأخذ فخذ أنت بناتك وامض ودع امرأتك. فقال أبو جعفر عليه السلام: رحم الله لوطا لو يدري من معه في الحجرة لعلم انه منصور حيث يقول: لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد اي ركن أشد من جبرئيل معه في الحجرة فقال الله عز وجل لمحمد صلى الله عليه وآله: وما هي من الظالمين ببعيد من ظالمي أمتك ان عملوا ما عمل قوم لوط قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من ألح في وطي الرجال لم يمت حتى يدعو الرجال إلى نفسه.

156 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن فضال عن داود بن فرقد عن أبي يزيد الحمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله عز وجل بعث أربعة املاك في اهلاك قوم لوط: جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وكروبيل، فمروا بإبراهيم عليه السلام وهم معتمون، فسلموا عليه فلم يعرفهم ورأى هيئة حسنة، فقال: لا يخدم هؤلاء الا أنا بنفسي وكان صاحب ضيافة، فشوى لهم عجلا سمينا حتى أنضجه ثم قربه إليهم، فلما وضعه بين أيديهم رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة فلما رأى ذلك جبرئيل عليه السلام حسر العمامة عن وجهه فعرفه إبراهيم عليه السلام فقال: أنت هو؟قال: نعم، ومرت سارة امرأته فبشرها بإسحاق ومن رواء اسحق يعقوب، فقالت: ما قال الله عز وجل، فأجابوها بما في الكتاب، فقال لهم إبراهيم عليه السلام: لماذا جئتم؟قالوا: في اهلاك قوم لوط، فقال: إن كان فيهم مأة من المؤمنين أتهلكونهم؟فقال جبرئيل لا، قال: فإن كان فيها خمسون؟قال: لا قال: فإن كان فيها ثلاثون؟قال: لا قال: فإن كان فيها عشرون؟قال: لا قال: فإن كان فيها عشرة؟قال: لا قال: فإن كان فيها خمسة؟قال: لا قال: فإن كان فيها واحد قال: لا، قال: فان فيها لوطا قالوا: نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله الا امرأته كانت من الغابرين " قال الحسن بن علي: (27) لا أعلم هذا القول الا وهو يستبقيهم، وهو قول الله عز وجل: يجادلنا في قوم لوط فأتوا لوطا وهو في زراعة قرب القرية فسلموا عليه وهم معتمون، فلما رأى هيئة حسنة عليهم ثياب بيض وعمائم بيض فقال لهم: المنزل؟فقالوا: نعم، فتقدمهم ومشوا خلفه، فندم على عرضه المنزل عليهم فقال: أي شئ صنعت؟آتي بهم قومي وانا أعرفهم؟فالتفت إليهم فقال: انكم لتأتون شرارا من خلق الله، قال جبرئيل لا نعجل عليهم حتى يشهد عليهم ثلث مرات، فقال جبرئيل عليه السلام: هذه واحدة ثم مشى ساعة ثم التفت إليهم فقال: انكم لتأتون شرارا من خلق الله، فقال جبرئيل عليه السلام: هذه ثنتان، ثم مشى فلما بلغ باب المدينة التفت إليهم فقال: انكم لتأتون شرارا من خلق الله، فقال جبرئيل عليه السلام: هذه الثالثة، ثم دخل ودخلوا معه حتى دخل منزله، فلما رأتهم امرأته رأت هيئة حسنة فصعدت فوق السطح فصفقت فلم يسمعوا فدخنت فلما رأوا الدخان اقبلوا يهرعون (28) حتى جاؤوا إلى الباب فنزلت إليهم فقالت: عنده قوم ما رأيت قوما قط أحسن منهم هيئة فجاؤوا إلى الباب ليدخلوا فلما رآهم لوط قام إليهم فقال لهم: يا قوم اتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد و قال هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فدعاهم إلى الحلال فقالوا ما لنا في بناتك من حق وانك لتعلم ما نريد فقال لهم: لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد فقال جبرئيل: لو يعلم اي قوة له؟قال: فكابروه حتى دخلوا البيت، فصاح بهم (29) جبرئيل عليه السلام وقال: يا لوط دعهم يدخلون، فلما دخلوا اهوى جبرئيل عليه السلام بإصبعه نحوهم فذهبت أعينهم وهو قوله عز وجل: " فطمسنا على أعينهم " ثم ناداه جبرئيل عليه السلام فقال له: انا رسل ربك لن يصلوا إليك فاسر باهلك بقطع من الليل وقال له جبرئيل: انا بعثنا في اهلاكهم، فقال: يا جبرئيل عجل، فقال: ان موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب فأمره ان يتحمل ومن معه الا امرأته، ثم اقتلعها يعني المدينة جبرئيل بجناحيه من سبعة أرضين، ثم رفعها حتى سمع أهل السماء الدنيا نباح الكلاب وصراخ الديكة: ثم قلبها وامطر عليها وعلى من حول المدينة حجارة من سجيل.

157 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن محمد بن أبي حمزة عن أبي حمزة عن يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله عليه السلام في قول لوط عليه السلام: " هؤلاء بناتي هن أطهر لكم " قال: عرض عليهم التزويج.

158 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن عثمان بن سعيد عن محمد بن سليمان عن ميمون البان قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فقرء عنده آيات من هود، فلما بلغ: وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد قال: فقال: من مات مصرا على اللواط لم يمت حتى يرميه الله بحجر من تلك الأحجار، فيكون فيه منيته.

159 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن يحيى عن طلحة بن زيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أمكن من نفسه طائعا يلعب به ألقى الله عليه شهوة النساء.

160 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن علي بن معبد عن عبيد الله (30) الدهقان عن درست بن ابن منصور عن عطية أخي أبي الغرام قال: ذكرت لأبي عبد الله عليه السلام المنكوح من الرجال، فقال ليس يبلى الله بهذا البلاء أحدا وله فيه حاجة، ان في ادبارهم أرحاما منكوسة وحياء ادبارهم كحياء المرأة (31) قد شرك فيهم ابن لإبليس يقال له زوال، فمن شرك فيه من الرجال كان منكوحا ومن شرك فيه (32) من النساء كانت من الموارد والعامل على هذا من الرجال إذا بلغ أربعين سنة لم يتركه وهم بقية سدوم اما اني لست أعني به بقيتهم انهم ولدهم ولكن من طينتهم، قال: قلت: سدوم التي قلبت؟قال: هي أربع مداين سدوم وصريم ولدما وعميرا (33) اتاهن جبرئيل عليه السلام وهن مقلوعات إلى تخوم (34) الأرض السابعة فوضع جناحه تحت السفلى منهن ورفعهن جميعا حتى سمع أهل السماء الدنيا نباح كلابهم ثم قلبها.

161 - محمد عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن عبد الرحمان العزرمي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: ان لله عبادا لهم في أصلابهم أرحام كارحام النساء، قال: فسئل: فما لهم لا يحملون؟فقال: انها منكوسة ولهم في أدبارهم غدة كغدة الجمل والبعير، فإذا هاجت هاجوا وإذا سكنت سكنوا.

162 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد ومحمد بن يحيى عن موسى بن الحسن عن عمر بن علي بن عمر بن يزيد عن محمد بن عمر عن أخيه الحسين عن أبيه عمر بن يزيد قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام وعنده رجل فقال له: جعلت فداك اني أحب الصبيان، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: فتصنع ماذا؟قال: أحملهم على ظهري، فوضع أبو عبد الله عليه السلام يده على جبهته وولى وجهه عنه، فبكى الرجل فنظر إليه أبو عبد الله عليه السلام كأنه رحمه فقال: إذا أتيت بلدك فاشتر جزورا (35) سمينا وأعقله عقالا شديدا وخذ السيف واضرب السنام ضربة تقشر عنه الجلدة واجلس عليه بحرارته، قال عمر: قال الرجل: فأتيت بلدي واشتريت جزورا فعقلته عقالا شديدا و أخذت السيف فضربت السنام ضربة وقشرت عنه الجلد وجلست عليه بحرارته فسقط مني على ظهر البعير شبة الوزغ أصغر من الوزغ وسكن ما بي.

163 - محمد بن يحيى عن موسى بن الحسن عن الهيثم النهدي رفعه قال: شكى رجل إلى أبي عبد الله عليه السلام الابنة، فمسح أبو عبد الله عليه السلام ظهره فسقطت منه دودة حمراء فبرء.

164 - الحسين بن محمد عن محمد بن عمران عن عبد الله بن جبلة عن إسحاق ابن عمار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: هؤلاء المخنثون مبتلون بهذا البلاء فيكون المؤمن مبتلا والناس يزعمون أنه لا يبتلى به أحد لله فيه حاجة؟فقال: نعم، قد يكون مبتلى به فلا تكلموهم، فإنهم يجدون لكلامكم راحة، قلت: جعلت فداك فإنهم ليس يصبرون؟قال: هم يصبرون ولكن يطلبون بذلك اللذة.

165 - في كتاب علل الشرايع حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن هشام بن سالم عن أبي بصير قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يتعوذ من البخل؟فقال: نعم يا أبا محمد في كل صباح ومساء ونحن نتعوذ بالله من البخل لقول الله: " ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون " وسأخبرك عن عاقبة البخل ان قوم لوط كانوا أهل قرية أشحاء على الطعام فأعقبهم البخل داء لا دواء له في فروجهم فقلت: وما اعقبهم؟فقال: ان قرية قوم لوط كانت على طريق السيارة إلى الشام و مصر، فكانت السيارة تنزل بهم فيضيفونهم، فلما كثر ذلك عليهم ضاقوا بذلك ذرعا بخلا (36) ولؤما، فدعاهم البخل إلى أن كانوا إذا نزل بهم الضيف فضحوه من غير شهوة لهم إلى ذلك، وانما كانوا يفعلون ذلك بالضيف حتى ينكل الناس (37) عنهم فشاع أمرهم في القرية وحذرهم النازلة فأورثهم البخل بلاء لا يستطيعون دفعه عن أنفسهم عن غير شهوة بهم إلى ذلك حتى صاروا يطلبونه من الرجال في البلاد، ويعطونهم عليه الجعل ثم قال: فأي داء أدوى من البخل ولا أضر عاقبة ولا أفحش عند الله عز وجل، قال أبو بصير: فقلت له: جعلت فداك فهل كان أهل قرية لوط كلهم هكذا يعملون؟فقال: نعم الا أهل بيت منهم من المسلمين، أما تسمع لقوله تعالى: " فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين " ثم قال أبو جعفر عليه السلام: ان لوطا لبث في قومه ثلثين سنة يدعوهم إلى الله عز وجل ويحذرهم عذابه، وكانوا قوما لا يتنظفون من الغائط ولا يتطهرون من الجنابة، وكان لوط ابن خالة إبراهيم، و كانت امرأة إبراهيم سارة أخت لوط، وكان لوط وإبراهيم نبيين مرسلين منذرين وكان لوط رجلا سخيا كريما يقري الضيف إذا نزل به ويحذرهم قومه، قال: فلما رأى قوم لوط ذلك منه قالوا: انا ننهاك عن العالمين لا تقري ضيفا ينزل بك ان فعلت فضحنا ضيفك الذي ينزل بك وأخزيناك، فكان لوط إذا نزل به الضيف يكتم أمره مخافة ان يفضحه قومه، وذلك أنه لم يكن للوط عشيرة، وقال: ولم يزل لوط وإبراهيم يتوقعان نزول العذاب على قوم لوط، فكانت لإبراهيم وللوط منزلة من الله عز وجل شريفة، وان الله عز وجل كان إذا أراد عذاب قوم لوط أدركته مودة إبراهيم وخلته ومحبة لوط فيراقبهم فيؤخر عذابهم. قال أبو جعفر عليه السلام: فلما اشتد اسف الله على قوم لوط وقدر عذابهم وقضى أن يعوض إبراهيم من عذاب قوم لوط بغلام عليم فيسلي به مصابه بهلاك قوم لوط، فبعث الله رسلا إلى إبراهيم يبشرونه بإسماعيل، فدخلوا عليه ليلا ففزع منهم وخاف ان يكونوا سراقا، فلما رأته الرسل فزعا مذعورا " قالوا سلاما قال سلام انا منكم وجلون قالوا: لا توجل انا " رسل ربك " نبشرك بغلام عليم " قال أبو جعفر عليه السلام: والغلام العليم هو إسماعيل بن هاجر فقال إبراهيم للرسل: " أبشرتموني على أن مسني الكبر فبم تبشرون قالوا بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين " فقال إبراهيم: فما خطبكم بعد البشارة قالوا انا أرسلنا إلى قوم مجرمين قوم لوط انهم كانوا قوما فاسقين لننذرهم عذاب رب العالمين، قال أبو جعفر عليه السلام: فقال إبراهيم للرسل: " ان فيها لوطا قالوا نحن اعلم بمن فيها لننجينه وأهله أجمعين الا امرأته قدرنا انها من الغابرين " قال: " فلما جاء آل لوط المرسلون قال إنكم قوم منكرون قالوا بل جئناك بما كانوا فيه " قومك من عذاب الله " يمترون وآتيناك بالحق " لتنذر قومك العذاب " وانا لصادقون فاسر باهلك " يا لوط إذا مضى لك من يومك هذا سبعة أيام ولياليها، " بقطع من الليل " إذا مضى " نصف الليل ولا يلتفت منكم أحد الا امرأتك انه مصيبها ما أصابهم وامضوا " في تلك الليلة " حيث تؤمرون ".

قال أبو جعفر عليه السلام: فقضوا ذلك الامر إلى لوط ان دابر هؤلاء مقطوع مصبحين قال: قال أبو جعفر عليه السلام: فلما كان اليوم الثامن من طلوع الفجر قدم الله عز وجل رسلا إلى إبراهيم يبشرونه بإسحاق ويعزونه بهلاك قوم لوط وذلك قوله: ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام فما لبث ان جاء بعجل حنيذ يعني ذكيا مشويا نضيجا فلما رأى إبراهيم أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف انا أرسلنا إلى قوم لوط وامرأته قائمة فبشروها بإسحاق ومن وراء اسحق يعقوب فضحكت يعني فتعجبت من قولهم، قالت يا ويلتي أألد وانا عجوز وهذا بعلي شيخا ان هذا لشئ عجيب قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت انه حميد مجيد.

قال أبو جعفر عليه السلام: فلما جاءت إبراهيم البشارة بإسحاق وذهب عنه الروع أقبل يناجي ربه في قوم لوط يسئله كف البلاء عنهم فقال الله عز وجل: يا إبراهيم اعرض عن هذا انه قد جاء أمر ربك وانهم آتيهم عذاب بعد طلوع الفجر من يومك مختوم وغير مردود.

166 - وبهذا الاسناد عن الحسن بن محبوب عن مالك بن عطية عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله سئل جبرئيل كيف كان مهلك قوم لوط؟فقال: ان قوم لوط كانوا أهل قرية لا يتنظفون من الغائط ولا يتطهرون من الجنابة بخلاء أشحاء على الطعام، وان لوطا لبث فيهم ثلاثين سنة، وانما كان نازلا عليهم ولم يكن منهم ولا عشيرة له فيهم ولا قوم، وانه دعاهم إلى الله عز وجل والى الايمان به واتباعه، ونهاهم عن الفواحش وحثهم على طاعة الله فلم يجيبوه ولم يطيعوه: وان الله عز وجل لما أراد عذابهم بعث إليهم رسلا منذرين عذرا و نذرا فلما عتوا عن امره بعث إليهم ملائكة ليخرجوا من كان في قريتهم من المؤمنين، فما وجدوا فيها غير بيت من المسلمين فأخرجوهم منها وقالوا للوط: أسر باهلك من هذه القرية بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد، وامضوا حيث تؤمرون، فلما انتصف الليل سار لوط ببناته وتولت امرأته مدبرة، فانقطعت إلى قومها تسعى بلوط وتخبرهم ان لوطا قد سار ببناته واني نوديت من تلقاء العرش لما طلع الفجر: يا جبرئيل حق القول من الله، تحتم عذاب قوم لوط فاهبط إلى قرية قوم لوط وما حوت فاقلعها من تحت سبع أرضين ثم اعرج بها إلى السماء فأوقفها حتى يأتيك أمر الجبار في قلبها ودع منها آية بينة من منزل لوط عبرة للسيارة فهبطت على أهل القرية الظالمين فضربت بجناحي الأيمن على ما حوى عليه شرقها وضربت بجناحي الأيسر على ما حوى عليه غربها فاقتلعتها يا محمد من تحت سبع أرضين الا منزل لوط آية للسيارة ثم عرجت بها في خوافي جناحي حتى أوقفتها حيث يسمع أهل السماء زقاء ديوكها (38) ونباح كلابها فلما طلعت الشمس نوديت من تلقاء العرش: يا جبرئيل اقلب القرية على القوم فقلبتها عليهم حتى صار أسفلها أعلاها وامطر الله عليها حجارة من سجيل مسومة عند ربك وما هي من الظالمين من أمتك ببعيد قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا جبرئيل وأين كانت قريتهم من البلاد؟فقال جبرئيل: كان موضع قريتهم في موضع بحيرة طبرية اليوم، وهي في نواحي الشام، قال: فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله أرأيتك حين قلبتها عليهم في اي موضع من الأرضين وقعت القرية وأهلها؟فقال: يا محمد وقعت فيما بين بحر الشام إلى مصر فصارت تلولا (39) في البحر.

167 - أبي " رحمه الله " قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن ابان عن أبي بصير وغيره عن أحدهما عليهما السلام قال: إن الملائكة لما جاءت في هلاك قوم لوط قالوا انا مهلكوا أهل هذه القرية قالت سارة وعجبت من قلتهم وكثرة أهل القرية فقالت: ومن يطيق قوم لوط؟فبشروها بإسحاق ومن وراء اسحق يعقوب فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم، وهي يومئذ ابنة تسعين سنة وإبراهيم ابن عشرين و مائة سنة، فجادل إبراهيم عنهم وقال: " ان فيها لوطا "؟قال جبرئيل " نحن أعلم بمن فيها " فزاده إبراهيم فقال جبرئيل: " يا إبراهيم اعرض عن هذا انه قد جاء أمر ربك وانهم آتيهم عذاب غير مردود " قال: وان جبرئيل لما أتى لوطا في هلاك قومه فدخلوا عليه وجاءه قومه يهرعون إليه فقام ووضع يده على الباب ثم ناشدهم فقال: " اتقوا الله ولا تخزون في ضيفي قالوا أولم ننهك عن العالمين " ثم أعرض عليهم بناته نكاحا " قالوا مالنا في بناتك من حق وانك لتعلم ما نريد قال فما منكم رجل رشيد " قال: فأبوا " قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد " قال: وجبرئيل ينظر إليهم فقال: لو يعلم أي قوة له ثم دعاه فأتاه، ففتحوا الباب ودخلوا فأشار إليهم جبرئيل بيده فرجعوا عميانا يلتمسون الجدار بأيديهم يعاهدون الله لان أصحبنا لا نستبقي أحدا من آل لوط، قال: فلما قال جبرئيل " انا رسل ربك " قال له لوط: يا جبرئيل عجل، قال: نعم، قال: يا جبرئيل عجل قال: " ان موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب " ثم قال جبرئيل: يا لوط اخرج منها أنت وولدك حتى تبلغ موضع كذا، قال: يا جبرئيل ان حمري ضعاف " قال: ارتحل فاخرج منها، قال: فارتحل حتى إذا كان السحر نزل إليها جبرئيل فادخل جناحه تحتها حتى إذا استعلت قلبها عليهم ورمى جدران المدينة بحجارة من سجيل، و سمعت امرأة لوط الهدة (40) فهلكت منها.

168 - وباسناده إلى الحسن بن محبوب عن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قيل له: كيف كان يعلم قوم لوط انه قد جاء لوطا رجل؟قال: كانت امرأته تخرج فتصفر فإذا سمعوا التصفير جاؤوا فلذلك كره التصفير.

169 - في كتاب معاني الأخبار أبي رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: " فضحكت فبشرناها بإسحاق " قال: حاضت.

170 - وفيه ان الصادق عليه السلام سلم على رجل فقال الرجل: وعليكم السلام و رحمة الله وبركاته ورضوانه، فقال: لا تجاوزوا بنا قول الملائكة لأبينا إبراهيم عليه السلام " رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت انه حميد مجيد ".

171 - في أصول الكافي أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن جميل عن أبي - عبيدة الحذاء عن أبي جعفر عليه السلام قال: مر أمير المؤمنين عليه السلام بقوم فسلم عليهم فقالوا: عليك السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته ورضوانه، فقال لهم أمير المؤمنين عليه السلام: لا تجاوزا بنا مثل ما قالت الملائكة لأبينا إبراهيم انما قالوا: " رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت ".

172 - في روضة الكافي علي بن محمد عن علي بن العباس عن علي بن حماد عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: " توقد من شجرة مباركة " فأصل الشجرة المباركة إبراهيم صلى الله عليه، وهو قول الله عز وجل: " رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت انه حميد مجيد " والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

173 - في تفسير العياشي عن أبي عبيدة عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن علي بن أبي طالب عليه السلام مر بقوم فسلم عليهم فقالوا وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته ورضوانه، فقال لهم أمير المؤمنين عليه السلام: لا تجاوزوا بنا ما قالت الأنبياء لأبينا إبراهيم انما قالوا: " رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت انه حميد مجيد ".

وروى الحسن بن محمد مثله غير أنه قال: ما قالت الملائكة لأبينا عليهم السلام.

174 - عن عبد الرحمن عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل " ان إبراهيم لحليم أواه منيب " قال: دعاء.

عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام مثله.

175 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: " ان إبراهيم لاواه حليم " قال الأواه هو الدعاء.

176 - في تهذيب الأحكام أحمد بن محمد بن عيسى عن موسى بن عبد الملك والحسين بن علي بن يقطين وموسى بن عبد الملك عن رجل قال سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن اتيان الرجل المراة من خلفها؟قال: أحله آية من كتاب الله عز وجل قول لوط: " هؤلاء بناتي هن أطهر لكم " وقد علم أنهم لا يريدون الفرج.

في تفسير العياشي عن الحسين بن علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن عن اتيان الرجل المرأة من خلفها وذكر مثله.

قال مؤلف هذا الكتاب " عفى عنه " قد سبق في الكافي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: عرض عليهم التزويج.

177 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى أبي بصير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ما كان قول لوط: " لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد " الا تمنيا لقوة القائم عليه السلام، ولا ذكر ركن الا شدة أصحابه، لان الرجل منهم يعطي قوة أربعين رجلا وان قلبه لأشد من زبر الحديد، ولو مروا بجبال الحديد لقطعوها لا يكفون سيوفهم حتى يرضى الله عز وجل.

178 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى ابن مسعود قال: احتجوا في مسجد الكوفة فقالوا ما بال أمير المؤمنين لم ينازع الثلاثة كما نازع طلحة والزبير وعايشة ومعاوية؟فبلغ ذلك عليا عليه السلام فأمر أن ينادي الصلاة الجامعة، فلما اجتمعوا صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: معاشر الناس انه بلغني عنكم كذا وكذا؟قالوا صدق أمير المؤمنين قد قلنا ذلك، قال: إن لي بسنة الأنبياء أسوة فيما فعلت، قال الله تعالى في محكم كتابه: " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة " قالوا: ومن يا أمير المؤمنين؟قال أولهم إبراهيم عليه السلام إلى أن قال: ولي بابن خالته لوط أسوة إذ قال لقومه: " لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد " فان قلتم ان لوطا كانت له بهم قوة فقد كفرتم وان قلتم لم يكن له بهم قوة فالوصي أعذر.

179 - في تفسير علي بن إبراهيم محمد بن جعفر قال: حدثنا محمد بن أحمد عن محمد بن الحسين عن موسى بن سعدان عن عبد الله بن القاسم عن صالح عن أبي عبد الله عليه السلام قال في قوله " قوة " قال: القوة لقائم عليه السلام، و " الركن الشديد " ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا.

180 - اخبرني الحسن بن علي بن مهزيار عن أبيه عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام قال ما بعث الله نبيا بعد لوطا الا في عز من قومه.

181 - في تفسير العياشي عن علي بن أبي حمزة عن أبي عبد الله عليه في قول الله " انا رسل ربك لن يصلوا إليك فاسر باهلك بقطع من الليل مظلما " قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: وهكذا قرئه أمير المؤمنين عليه السلام (41).

182 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من خبر الشامي وما سأل عنه أمير المؤمنين عليه السلام في جامع الكوفة حديث طويل وفيه: ثم قام إليه آخر فقال يا أمير المؤمنين أخبرني عن يوم الأربعاء وتطيرنا منه وثقله وأي أربعاء هو؟قال آخر أربعاء في الشهر وهو المحاق، وفيه قتل قابيل هابيل أخاه إلى أن قال عليه السلام: و يوم الأربعاء جعل الله عز وجل قوم لوط عاليها سافلها، ويوم الأربعاء أمطر عليهم حجارة من سجيل.

183 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن سليمان الديلمي عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله: وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل منضودة مسومة قال: ما من عبد يخرج من الدنيا يستحل عمل قوم لوط الا رمى الله كبده من تلك الحجارة يكون منيته فيها ولكن الخلق لا يرونه.

184 - في تفسير العياشي عن السكوني عن جعفر عن أبيه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: لما عمل قوم لوط ما عملوا بكت الأرض إلى ربها حتى بلغ دموعها العرش، فأوحى الله عز وجل إلى السماء ان احصبيهم (42) وأوحى إلى الأرض ان إخسفي بهم.

185 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم ذكر عز وجل هلاك أهل مدين فقال: والى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان اني أريكم بخير واني أخاف عليكم عذاب يوم محيط ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين قال: بعث الله عز وجل شعيبا إلى مدين وهي قرية على طريق الشام فلم يؤمنوا به.

186 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه وعدة من أصحابنا عن أحمد ابن محمد جميعا عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن ابان عن رجل عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: خمس ان أدركتموهن فتعوذوا بالله منهن، إلى أن قال: ولم ينقصوا المكيال والميزان الا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان.

187 - علي بن إبراهيم وعدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد جميعا عن ابن محبوب عن مالك بن عطية عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: وجدنا في كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله فإذا طفف المكيال والميزان اخذهم الله بالسنين والنقص والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

188 - في من لا يحضره الفقيه وقال عليه السلام في قول الله عز وجل: " اني أريكم بخير " قال: كان سعرهم رخيصا.

189 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن خالد البرقي عن سعد بن سعد عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن قوم يصغرون القفزان يبيعون بها، قال: أولئك الذين يبخسون الناس أشياءهم.

190 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن حفص بن محمد قال: حدثني إسحاق بن إبراهيم الدينوري عن عمر بن زاهر عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سأله رجل عن القائم يسلم عليه بإمرة المؤمنين؟قال: لا ذاك اسم سمى الله به أمير المؤمنين عليه السلام، لم يسم به أحد قبله ولا يتسمى به بعده الا كافر، قلت: جعلت فداك كيف يسلم؟قال: يقولون السلام عليك يا بقية الله، ثم قرأ: بقية الله خير لكم ان كنتم مؤمنين.

191 - الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن علي بن أسباط عن صالح بن حمزة عن أبيه عن أبي بكر الحضرمي قال: لما حمل أبو جعفر عليه السلام إلى الشام إلى هشام بن عبد الملك وصار ببابه قال لأصحابه ومن كان بحضرته من بني أمية إذا رأيتموني قد وبخت محمد بن علي ثم رأيتموني قد سكت فليقبل عليه كل رجل منكم فليوبخه، ثم أمر أن يؤذن له فلما دخل عليه أبو جعفر عليه السلام قال بيده: السلام عليكم فعمهم جميعا بالسلام ثم جلس فازداد هشام عليه حنقا (43) بتركه السلام عليه بالخلافة وجلوسه بغير اذن، فاقبل يوبخه ويقول فيما يقول له: يا محمد بن علي لا يزال الرجل منكم قد شق عصا المسلمين و دعا إلى نفسه وزعم أنه الامام سفها وقلة علم ووبخه بما أراد أن يوبخه، فلما سكت اقبل عليه القوم رجل بعد رجل يوبخه حتى انقضى آخرهم، فلما سكت القوم نهض عليه السلام قائما ثم قال: أيها الناس أين تذهبون وأين يراد بكم؟بنا هدى الله أولكم وبنا يختم آخركم، فان يكن لكم ملك معجل فان لنا ملكا مؤجلا وليس بعد ملكنا ملك لأنا أهل العاقبة: يقول الله عز وجل ": والعاقبة للمتقين " فأمر به إلى الحبس فلما صار إلى الحبس تكلم فلم يبق في الحبس رجل الا ترشفه وحن إليه (44) فجاء صاحب الحبس إلى هشام فقال له يا أمير المؤمنين اني خائف عليك من أهل الشام ان يحولوا بينك وبين مجلسك هذا، ثم اخبره بخبره فأمر به فحمل على البريد هو وأصحابه ليردوا إلى المدينة، وامر ان لا يخرج لهم الأسواق وحال بينهم وبين الطعام والشراب فساروا ثلثا لا يجدون طعاما ولا شرابا حتى انتهوا إلى مدين، فأغلق باب المدينة دونهم، فشكى أصحابه الجوع والعطش، قال: فصعد جبلا يشرف عليهم فقال بأعلى صوته: يا أهل المدينة الظالم أهلها انا بقية الله يقول الله " بقية الله خير لكم ان كنتم مؤمنين وما انا عليكم بحفيظ " قال: وكان فيهم شيخ كبير فأتاهم فقال لهم: يا قوم هذه والله دعوة شعيب النبي، والله لئن لم تخرجوا إلى هذا الرجل بالأسواق لتؤخذن من فوقكم ومن تحت أرجلكم، فصدقوني في هذه المرة وأطيعوني وكذبوني فيما تستأنفون فاني ناصح لكم، فبادروا فاخرجوا إلى محمد بن علي وأصحابه بالأسواق، فبلغ هشام بن عبد الملك خبر الشيخ فبعث إليه فحمله فلم يدر ما صنع به.

192 - في عيون الأخبار في باب ذكر مولد الرضا عليه السلام حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي رضي الله عنه قال: حدثني أبي عن أحمد بن علي الأنصاري عن علي بن ميثم عن أبيه قال: سمعت أمي تقول: سمعت نجمة أم الرضا عليه السلام تقول: لما حملت بابني علي لم أشعر بثقل الحمل، وكنت اسمع في منامي تسبيحا وتهليلا و تمجيدا من بطني، فيفزعني ذلك ويهولني. فإذا انتبهت لم اسمع شيئا، فلما وضعته وقع إلى الأرض واضعا يده على الأرض رافعا رأسه إلى السماء يحرك شفتيه كأنه يتكلم، فدخل إليه أبوه موسى بن جعفر عليه السلام فقال لي: هنيئا لك يا نجمة كرامة ربك، فناولته إياه في خرقة بيضاء فاذن في اذنه الأيمن وأقام في الأيسر ودعى بماء الفرات فحنكه به (45) ثم رده إلي وقال: خذيه فإنه بقية الله عز وجل في ارضه.

193 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة حدثنا علي بن عبد الله الوراق قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعري قال: خرج أبو محمد الحسن بن علي عليه السلام علينا وعلى عاتقه غلام كان وجهه القمر ليلة البدر من أبناء ثلث سنين، فقال: يا أحمد بن إسحاق لولا كرامتك على الله عز وجل وعلى حججه ما عرضت عليك ابني هذا، انه سمى رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أن قال: فنطق الغلام عليه السلام بلسان عربي فصيح فقال.

انا بقية الله في ارضه والمنتقم من أعدائه، ولا تطلب اثرا بعد عين، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

194 - وباسناده إلى محمد بن مسلم الثقفي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام حديث طويل يذكر فيه القائم عليه السلام يقول فيه: فإذا خرج أسند ظهره إلى الكعبة واجتمع إليه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا فأول ما ينطق به هذه الآية " بقية الله خير لكم ان كنتم مؤمنين " ثم يقول: انا بقية الله وحجته وخليفته عليكم فلا يسلم إليه مسلم الا قال: السلام عليك يا بقية الله في ارضه.

195 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام وقد ذكر الحجج: هم بقية الله يعني المهدي عليه السلام الذي يأتي عند انقضاء هذه النظرة، فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما.

196 - في تفسير علي بن إبراهيم: قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك ان نترك ما يعبد آبائنا إلى قوله، الحليم الرشيد قال: قالوا: انك لانت السفيه الجاهل فكنى الله عز وجل قولهم (46) فقالوا انك لانت الحليم الرشيد ".

197 - في نهج البلاغة من كتاب له عليه السلام إلى معاوية جوابا قال فيه عليه السلام بعد ان ذكر عثمان وقتله: " وما كنت لاعتذر من اني كنت انقم عليه احداثا فإن كان الذنب إليه ارشادي وهدايتي له فرب ملوم لا ذنب له وقد يستفيد ظنة المتنصح وما أردت الا الاصلاح وما استطعت وما توفيقي الا بالله عليه توكلت.

198 - في كتاب التوحيد باسناده إلى عبد الله بن الفضل الهاشمي عن أبي عبد الله عليه السلام حديث طويل وفيه فقلت: قوله عز وجل: وما توفيقي الا بالله وقوله عز وجل: " ان ينصركم الله فلا غالب لكم وان يخذلكم فمن الذي ينصركم من بعده " فقال: إذا فعل العبد ما أمره الله عز وجل به من الطاعة كان فعله وفقا لأمر الله عز وجل، وسمى العبد به موفقا، وإذا أراد العبد أن يدخل في شئ من معاصي الله فحال الله تبارك وتعالى بينه وبين تلك المعصية فتركها كان تركه لها بتوفيق الله تعالى ذكره، ومتى خلى بينه وبين المعصية فلم يخله بينه وبينها حتى يرتكبها فقد خذله ولم ينصره ولم يوفقه.

199 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد جميعا عن ابن محبوب عن محمد بن النعمان الأحول عن سلام بن المستنير عن أبي جعفر عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله حديث طويل يقول فيه لأصحابه: ولولا أنكم تذنبون فتستغفرون الله لخلق الله خلقا حتى يذنبوا ثم يستغفروا الله فيستغفر لهم ان المؤمن مفتن تواب، اما سمعت قول الله عز وجل: " ان الله يحب التوابين ويحب المتطهرين " وقال: استغفروا ربكم ثم توبوا إليه.

200 - في كتاب الخصال عن أبي عبد الله عن أبيه عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله أربع خصال من كن فيه كان في نور الله الأعظم إلى أن قال: ومن إذا أصاب خطيئة قال: استغفر الله وأتوب إليه.

201 - في تفسير العياشي عن محمد بن الفضيل عن الرضا عليه السلام قال: سألته عن انتظار الفرج من الفرج؟قال: إن الله تبارك وتعالى يقول: وارتقبوا اني معكم رقيب.

202 - في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: قال الرضا عليه السلام: ما أحسن الصبر وانتظار الفرج أما سمعت قول الله عز وجل يقول: " فارتقبوا اني معكم رقيب " وقوله عز وجل: " فانتظروا اني معكم من المنتظرين " فعليكم بالصبر فإنه انما يجيئ الفرج على اليأس، فقد كان الذي من قبلكم أصبر منكم.

203 - في مجمع البيان وروى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: كان شعيب عليه السلام خطيب الأنبياء.

204 - في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من خبر الشامي وما سأل عن أمير المؤمنين عليه السلام في جامع الكوفة حديث طويل وفيه ثم قام إليه آخر فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن يوم الأربعاء وتطيرنا منه وثقله وأي أربعاء هو؟قال: آخر أربعاء في الشهر وهو المحاق وفيه قتل قابيل هابيل أخاه إلى أن قال عليه السلام ويوم الأربعاء أخذتهم الصيحة.

205 - في تفسير العياشي عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قرأ " فمنها قائما و وحصيدا " بالنصب ثم قال: يا أبا محمد لا يكون الحصيد الا بالحديد، وفي رواية أخرى فمنها قائما وحصيدا يكون الحصيد بالحديد.

206 - في مجمع البيان: وكذلك اخذ ربك إذ اخذ القرى وهي ظالمة ان اخذه اليم شديد وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: إن الله يمهل الظالم حتى إذا أخذه لم يفلته.

207 - في كتاب معاني الأخبار حدثنا أبي رحمه الله قال: حدثنا أحمد بن إدريس عن محمد بن أحمد بن يحيى ومحمد بن علي بن محبوب عن محمد بن عيسى بن عبيد عن صفوان بن يحيى عن إسماعيل بن جابر عن رجاله عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود قال: الشهود يوم عرفة، والمجموع له الناس يوم القيمة.

208 - وباسناده إلى محمد بن هاشم عمن روى عن أبي جعفر عليه السلام قال: سأله الأبرش الكلبي عن قول الله عز وجل: " وشاهد ومشهود " فقال أبو جعفر عليه السلام: ما قيل لك؟فقال: قالوا: شاهد يوم الجمعة والمشهود يوم عرفة فقال أبو جعفر عليه السلام ليس كما قيل لك، الشاهد يوم عرفة والمشهود يوم القيمة اما تقرأ القرآن قال الله عز وجل: " ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود ".

209 - في تفسير العياشي عن محمد بن مسلم عن أحدهما قال في قول الله ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود فدلك يوم القيمة وهو اليوم الموعود.

210 - في روضة الكافي كلام لعلي بن الحسين عليه السلام في الوعظ والزهد في الدنيا وفيه: واعلم يا بن آدم ان من وراء هذا أعظم وأفضع وأوجع للقلوب يوم القيمة ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود " يجمع الله عز وجل فيه الأولين والآخرين.

211 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن بريد بن معاوية عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في خطبة يوم الجمعة الخطبة الأولى: الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه إلى أن قال عليه السلام: وقد أخبركم الله من منازل من آمن وعمل صالحا ومن منازل من كفر وعمل في غير سبيله، وقال: " ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود وما نؤخره الا لأجل معدود يوم يأتي لاتكلم نفس الا باذنه فمنهم شقى وسعيد * فاما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض الا ما شاء ربك ان ربك فعال لما يريد * واما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض الا ما شاء ربك عطاء " غير مجذوذ " نسأل الله الذي جمعنا لهذا الجمع ان يبارك لنا في يومنا هذا، وان يرحمنا جميعا انه على كل شئ قدير.

212 - في كتاب التوحيد باسناده إلى عبد الله بن سلام مولى رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله فقلت: اخبرني أيعذب الله عز وجل خلقا بلا حجة؟فقال: معاذ الله، قلت: فأولاد المشركين في الجنة أم في النار، فقال: الله تبارك و تعالى أولى بهم انه إذا كان يوم القيمة وجمع الله عز وجل الخلايق لفصل القضاء يأتي بأولاد المشركين فيقول لهم: عبيدي وإمائي من ربكم وما دينكم وما أعمالكم قال: فيقولون: اللهم ربنا أنت خلقتنا ولم نخلق شيئا، وأنت أمتنا ولم نمت شيئا، ولم تجعل لنا ألسنة تنطق ولا اسماعا تسمع، ولا كتابا نقرأه ولا رسولا فنتبعه، ولا علم لنا الا ما علمتنا، قال فيقول لهم عز وجل: عبيدي وإمائي ان أمرتكم بأمر تفعلونه؟ فيقولن: السمع والطاعة لك يا ربنا: قال: فيأمر الله عز وجل نارا يقال له الفلق أشد شئ في جهنم عذابا.

فتخرج من مكانها سوداء مظلمة بالسلاسل والأغلال فيأمرها لله عز وجل أن تنفخ في وجوه الخلايق نفخة، فتنفخ فمن شدة نفختها تنقطع السماء وتنطمس النجوم وتجمد البحار وتزول الجبال وتظلم الابصار وتضع الحوامل حملها، وتشيب الولدان من هولها يوم القيمة ثم يأمر الله تبارك وتعالى أطفال المشركين ان يلقوا أنفسهم في تلك النار، فمن سبق له في علم الله عز وجل أن يكون سعيدا القى نفسه فيها فكانت عليه بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم عليه السلام ومن سبق له في علم الله عز وجل أن يكون شقيا امتنع فلم يلق نفسه في النار، فيأمر الله تبارك وتعالى النار فتلتفظ لتركه أمر الله وامتناعه من الدخول فيها فيكون تبعا لآبائه في جهنم وذلك قول الله عز وجل: فمنهم شقي وسعيد فاما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض الا ما شاء ربك ان ربك فعال لما يريد * واما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض الا ما شاء ربك عطاءا غير مجذوذ.

213 - حدثنا الشريف أبو علي محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب قال: حدثنا محمد بن قتيبة النيسابوري عن الفضل بن شاذان عن محمد بن أبي عمير قال: سألت أبا الحسن موسى بن جعفر عليه السلام عن معنى قول رسول الله صلى الله عليه وآله: الشقي من شقى في بطن أمه والسعيد من سعد في بطن أمه، فقال: الشقي من علم الله عز وجل وهو في بطن أمه انه سيعمل عمل الأشقياء، والسعيد من علم الله وهو في بطن أمه انه سيعمل عمل السعداء.

214 - في أصول الكافي محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن صفوان بن يحيى عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله خلق السعادة والشقاوة قبل ان يخلق خلقه، فمن خلقه الله سعيدا لم يبغضه ابدا وان عمل شرا أبغض عمله ولم يبغضه ابدا وإن كان شقيا لم يحبه أبدا وان عمل صالحا أحب عمله وأبغضه لما يصير إليه فإذ أحب الله شيئا لم يبغضه ابدا وإذا أبغض شيئا لم يحبه ابدا.

215 - علي بن محمد رفعه عن شعيب العقرقوفي عن أبي بصير قال: كنت بين يدي أبي عبد الله عليه السلام جالسا وقد سأله سائل فقال: جعلت فداك يا بن رسول الله من أين لحق الشقاء أهل المعصية حتى حكم لهم في علمه بالعذاب على عملهم؟فقال أبو عبد الله عليه السلام: أيها السائل حكم الله عز وجل لا يقوم له أحد من خلقه بحقه، فلما حكم بذلك وهب لأهل محبته القوة على معرفته، ووضع عنهم ثقل العمل بحقيقة ما هم أهله، ووهب لأهل المعصية القوة على معصيتهم لسبق فيهم، ومنعهم إطاقة القبول منه، فواقعوا ما سبق لهم في علمه ولم يقدروا ان يأتوا حالا تنجيهم من عذابه، لان علمه أولى بحقيقة التصديق، وهو معنى شاء ما شاء وهو سره (47).

216 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن النضر بن سويد عن يحيى بن عمران الحلبي عن معلى بن عثمان عن علي بن حنظلة عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: يسلك بالسعيد في طريق الأشقياء حتى يقول الناس: ما أشبهه بهم بل هو منهم، ثم تتداركه السعادة، وقد يسلك بالشقي طريق السعداء حتى يقول الناس: ما أشبهه بهم بل هو منهم ثم يتداركه الشقاء، ان من كتبه الله سعيدا وان لم يبق من الدنيا الا فواق ناقة ختم له بالسعادة.

217 - في كتاب التوحيد عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: إن الله تعالى ينقل العبد من الشقاء إلى السعادة، ولا ينقله من السعادة إلى الشقاء.

218 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى محمد بن عبد الله بن زرارة عن علي بن عبد الله عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل يقول فيه عليه السلام: تحول النطفة في الرحم أربعين يوما، فمن أراد ان يدعو الله عز وجل ففي تلك الأربعين قبل ان تخلق، ثم يبعث الله عز وجل ملك الأرحام فيأخذها فيصعد بها إلى الله عز وجل فيقف ما شاء الله فيقول: يا الهي أذكر أم أنثى؟فيوحي الله عز وجل ما يشاء ويكتب الملك ثم يقول: الهي أشقي أم سعيد؟فيوحى الله عز وجل من ذلك ما يشاء ويكتب الملك.

219 - في كتاب معاني الأخبار حدثنا محمد بن القاسم المفسر الجرجاني قال: حدثنا أحمد بن الحسن الحسيني عن الحسن بن علي الناصر عن أبيه عن محمد ابن علي عن أبيه الرضا عليه السلام عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد ابن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين عليهم السلام قال: قيل لأمير المؤمنين عليه السلام: صف لنا الموت، فقال علي عليه السلام: على الخبير سقطتم، هو أحد أمور ثلاثة يرد عليها، اما بشارة بنعيم أبدا، واما بشارة بعذاب أبدا، واما تخويف وتهويل وامر مبهم لا يدري من أي الفريقين هو، فاما ولينا المطيع لامرنا فهو المبشر بنعيم الأبد واما عدونا المخالف علينا فهو المبشر بعذاب الأبد، واما المبهم أمره الذي لا يدري ما حاله فهو المؤمن المسرف على نفسه لا يدري ما يؤل إليه حاله، يأتيه الخبر مبهما محزنا ثم لن يسويه الله عز وجل بأعدائنا لكن يخرجه من النار بشفاعتنا، فاعملوا وأطيعوا ولا تنكلوا ولا تستصغروا عقوبة الله عز وجل، فان من المسرفين من لا يلحق شفاعتنا الا بعد عذاب ثلاثمائة ألف سنة.

220 - في كتاب الخصال عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي عليهم السلام أنه قال: حقيقة السعادة أن يختم للرجل عمله بالسعادة، وحقيقة الشقاوة أن يختم للمرء عمله بالشقاوة.

221 - عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله من علامات الشقاء جمود العينين وقسوة القلب وشدة الحرص في طلب الرزق، والإصرار على الذنب.

222 - وبالاسناد عن علي عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: يا علي أربع خصال من الشقاء جمود العين وقساوة القلب وبعد الأمل وحب البقاء.

223 - في تفسير العياشي عن مسعدة بن صدقة قال قص أبو عبد الله عليه السلام قصص أهل الميثاق من أهل الجنة وأهل النار فقال في صفات أهل الجنة: فمنهم من لقى الله شهيدا لرسله ثم من في صفتهم حتى بلغ من قوله: ثم جاء الاستثناء من الله في الفريقين جميعا، فقال الجاهل بعلم التفسير: ان هذا الاستثناء من الله انما هو لمن دخل الجنة والنار، وذلك أن الفريقين جميعا يخرجان منها وليس فيهما أحد، وكذبوا، انما عنى بالاستثناء ان ولد آدم كلهم وولد الجان معهم على الأرض والسماوات تظلهم فهو ينقل المؤمنين حتى يخرجهم إلى ولاية الشياطين وهي النار، فذلك الذي عنى الله في أهل الجنة والنار ما دامت السماوات والأرض، يقول في الدنيا، والله تبارك وتعالى ليس مخرج أهل الجنة منها ولاكل أهل النار منها ابدا، كيف يكون ذلك وقد قال الله في كتابه: " ماكثين فيها ابدا " ليس فيها استثناء وكذلك قال أبو جعفر: من دخل في ولاية آل محمد دخل الجنة ومن دخل في ولاية عدوهم دخل النار، وهذا الذي على الله تفسير من الاستثناء في الخروج من الجنة والنار والدخول.

224 - عن زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام في قول الله: واما الذين سعدوا ففي الجنة إلى آخر الآيتين قال: هاتان الآيتان في غير أهل الخلود من أهل الشقاوة والسعادة، إن شاء الله يجعلهما حين (48) ولا تزعم يا زرارة اني ازعم ذلك.

225 - حمران قال: سألت أبا جعفر عليه السلام قلت: جعلت فداك قول الله: خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض الا ما شاء ربك لأهل النار، أفرأيت قوله لأهل الجنة " خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض الا ما شاء ربك " قال: نعم ان شاء جعل لهم دنيا فردهم وما شاء، وسئل عن قول الله: " خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض الا ما شاء ربك " فقال: هذه في الذين يخرجون من النار.

226 - عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: " فمنهم شقي وسعيد " قال: في ذكر أهل النار استثنى وليس في ذكر أهل الجنة استثناء " اما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض الا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ " (49) وفي رواية حماد عن حريز عن أبي عبد الله عليه السلام عطاء غير مجذوذ بالذال (50).

227 - في روضة الكافي علي بن محمد عن علي بن العباس عن الحسين بن عبد الرحمن عن عاصم بن حميد عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل: ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه.

قال: اختلفوا كما اختلف هده الأمة في الكتاب وسيختلفون في الكتاب الذي مع القائم الذي يأتيهم به حتى ينكره ناس كثير، فيقدمهم فيضرب أعناقهم، واما قوله: " ولولا كلمة الفصل لقضى بينهم و ان الظالمين لهم عذاب اليم " قال: لولا ما تقدم فيهم من الله عز ذكره ما أبقى القائم منهم أحدا.

228 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: وان كلا لما ليوفينهم ربك أعمالهم قال: في القيمة ولا تركنوا إلى الذين ظلموا قال: ركون مودة ونصيحة وطاعة.

229 - في مجمع البيان وروى عنهم عليهم السلام ان الركون المودة والنصيحة والطاعة.

230 - في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد رفعه عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار قال: هو الرجل يأتي السلطان فيحب بقاءه إلى أن يدخل يده كيسه فيعطيه.

231 - في روضة الكافي كلام لعلي بن الحسين عليهما السلام في الوعظ و الزهد في الدنيا: ولا تركنوا إلى الدنيا فان الله عز وجل قال لمحمد صلى الله عليه وآله: " ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ".

232 - في كتاب الخصال وعن الحسين بن علي عليهما السلام قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله أوصى علي بن أبي طالب عليه السلام فيما كان أوصى به ان قال: لا تركن إلى ظالم وإن كان حميما قريبا.

233 - في تفسير العياشي عن أبي عبد الله عليه السلام " ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار " قال: اما انه لم يجعلها خلودا ولكن تمسكم فلا تركنوا إليهم.

234 - في تهذيب الأحكام أحمد بن محمد بن عيسى عن حماد عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام حديث طويل وفيه: وقال في ذلك: أقم الصلاة طرفي النهار وطرفاه المغرب والغداة وزلفا من الليل وهي صلاة العشاء الآخرة.

234 - في الكافي محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عمن حدثه عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: ان الحسنات يذهبن السيئات قال: صلاة المؤمن بالليل تذهب بما عمل من ذنب النهار.

235 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن فضيل بن عثمان المرادي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أربع من كن فيه لم يهلك على الله بعدهن الا هالك (51) يهم العبد بالحسنة فيعملها فان هو لم يعملها كتب الله له حسنة بحسن نيته وان هو عملها كتب الله له عشرا، ويهم بالسيئة ان يعملها فإن لم يعملها لم يكتب عليه شئ، وان هو عملها أجل سبع ساعات وقال صاحب الحسنات لصاحب السيئات وهو صاحب الشمال: لا تعجل عسى ان يتبعها بحسنة تمحوها فان الله عز وجل يقول: " ان الحسنات يذهبن السيئات " أو الاستغفار فان هو قال: استغفر الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم الغفور الرحيم ذا الجلال والاكرام وأتوب إليه، لم يكتب عليه شئ، وان مضت سبع ساعات ولم يتبعها بحسنة واستغفار قال صاحب الحسنات لصاحب السيئات. اكتب على الشقي المحروم.

236 - في مجمع البيان وروى أصحابنا عن ابن محبوب عن إبراهيم الكرخي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: واعلم أنه ليس شئ أضر عاقبة ولا أسرع ندامة من الخطيئة، وانه ليس شئ أشد طلبا ولا أسرع دركا للخطيئة من الحسنة، اما انها لتدرك الذنب العظيم القديم المنسي عند صاحبه فنحته وتسقطه وتذهب به بعد اثباته و ذلك قوله سبحانه: " ان الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين ".

237 - وروى عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أحدهما عليهما السلام يقول: إن عليا قال: سمعت حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: أرجى آية في كتاب الله " أقم الصلاة طرفي النهار " وقرأ الآية كلها، قال: يا علي والذي بعثني بالحق بشيرا ونذيرا ان أحدكم ليقوم إلى وضوئه فتساقط عن جوارحه الذنوب، فإذا استقبل الله بقلبه ووجهه لم ينفتل (52) وعليه من ذنوبه شئ كما ولدته أمه، فان أصاب شيئا بين الصلاتين كان له مثل ذلك حتى عد الصلوات الخمس ثم قال: يا علي انما منزلة الصلوات الخمس لامتي كنهر جار على باب أحدكم، فما يظن أحدكم إذا كان في جسده درن ثم اغتسل في ذلك النهر خمس مرات كان يبقى في جسده درن؟فكذلك والله الصلوات الخمس لامتي.

238 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل يقول فيه: وان الله تعالى يكفر بكل حسنة سيئة، قال الله عز وجل: " ان الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين ".

239 - في كتاب ثواب الأعمال عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا يغرك الناس من نفسك فان الامر يصل إليك من دونهم، ولا تقطع النهار بكذا وكذا فان معك من يحفظ عليك، ولم أر شيئا قط أشد طلبا ولا أسرع دركا من الحسنة المحدثة للذنب القديم، ولا تصغر شيئا من الخير فإنك تراه غدا حيث يسرك ولا تصغر شيئا من الشر فإنك تراه غدا حيث يسوءك ان الله عز وجل يقول: " ان الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين ".

240 - في تفسير العياشي عن إبراهيم الكرخي قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فدخل عليه مولى له فقال: يا فلان متى جئت؟فسكت فقال أبو عبد الله عليه السلام: جئت من هيهنا ومن هيهنا انظر بما تقطع به يومك، فان معك ملكا موكلا يحفظ عليك ما تعمل، فلا تحتقر سيئة وإن كانت صغيرة فإنها ستسوءك يوما ولا تحتقر حسنة فإنه ليس شئ أشد طلبا ولا أسرع دركا من الحسنة، انها لتدرك الذنب العظيم القديم فتذهب به، وقال الله في كتابه: " ان الحسنات يذهبن السيئات " قال: قال صلاة الليل تذهب بذنوب النهار، وقال: تذهب بما جرحتم (53).

241 - عن إبراهيم عن عمر رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام في قول الله: " أقم الصلاة طرفي النهار " إلى " السيئات " فقال: صلاة المؤمن بالليل تذهب بما عمل من ذنب بالنهار.

242 - عن سماعة بن مهران قال: سأل أبا عبد الله عليه السلام رجل من أهل الجبال عن رجل أصاب مالا من اعمال السلطان فهو يتصدق به ويصل قرابته ويحج ليغفر له ما اكتسب وهو يقول: " ان الحسنات يذهبن السيئات "؟فقال أبو عبد الله عليه السلام: (54) إن كان خلط مع الحرام حلالا فاختلط جميعا فلم يعرف الحلال من الحرام فلا بأس.

243 - وعنه في رواية المفضل بن سويد أنه قال: انظر ما أصبت فعد به على اخوانك، فان الله يقول: " ان الحسنات يذهبن السيئات " قال المفضل: كنت خليفة أخي على الديوان قال: وقد قلت: جعلت فداك قد ترى مكاني من هؤلاء القوم فما يرى لي؟قال: لو لم يكن كنت.

244 - عن المفضل بن مزيد الكاتب قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام وقد أمرت ان اخرج لبني هاشم جوائز فلم اعلم الا وهو على رأسي وانا مستخل فوثبت إليه فسألني عما أمر لهم فناولتهم الكتاب فقال: ما أرى لإسماعيل هيهنا شيئا؟فقلت: هذا الذي خرج إلينا، ثم قلت له: جعلت فداك قد ترى مكاني من هؤلاء القوم فقال: لي: انظر ما أصبت فعد به على اخوانك فان الله يقول: " ان الحسنات يذهبن السيئات ".

245 - عن ابن خراش عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " ان الحسنات يذهبن السيئات " قال: صلاة الليل يكفر ما عمل به من ذنوب النهار.

246 - في مجمع البيان: وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون وروى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " وأهلها مصلحون " ينصف بعضهم بعضا.

247 - في كتاب علل الشرايع حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن عبد الله بن سنان قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين الا من رحم ربك ولذلك خلقهم فقال: كانوا أمة واحدة فبعث الله النبيين ليتخذ عليهم الحجة.

248 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن حماد بن عثمان عن أبي عبيدة الحذاء قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الاستطاعة وقول الناس؟فقال: وتلا هذه الآية: " ولا يزالون مختلفين الا من رحم ربك ولذلك خلقهم " يا أبا عبيدة! الناس مختلفون في إصابة القول وكلهم هالك، قال: قلت: قوله: " الا من رحم ربك " قال: هم شيعتنا ولرحمته خلقهم، وهو قوله: " ولذلك خلقهم " يقول: لطاعة الامام الرحمة التي يقول: " ورحمتي وسعت كل شئ " يقول: علم الإمام وسع علمه الذي هو من علمه كل شئ هو شيعتنا (55) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

249 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عبد الله ابن سنان قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام عن قول الله تبارك وتعالى: " ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين الا من رحم ربك " فقال: وكانوا أمة واحدة فبعث الله النبيين ليتخذ عليهم الحجة.

250 - في كتاب التوحيد باسناده إلى علي بن سالم عن أبيه عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن قول الله عز وجل: " ولا يزالون مختلفين الا من رحم ربك ولذلك خلقهم " قال: خلقهم ليفعلوا ما يستوجبون به رحمة الله فيرحمهم.

251 - في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال: " لا يزالون مختلفين " في الدين " الا من رحم ربك ولذلك خلقهم " يعني آل محمد و اتباعهم، يقول الله: " ولذلك خلقهم " يعني أهل رحمة لا يختلفون في الدين.

252 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي عن علي عليه السلام قال: لما خطب أبو بكر قام أبي بن كعب فقال: يا معشر المهاجرين الذين - إلى قوله: ويا معاشر الأنصار - إلى قوله -: أخبرنا باختلافكم فقال: " ولا يزالون مختلفين الا من رحم ربك و لذلك خلقهم " اي الرحمة وهم آل محمد.

والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

253 - في تفسير العياشي عن عبد الله بن غالب عن أبيه عن رجل قال سألت علي بن الحسين عليهما السلام عن قول الله: " ولا يزالون مختلفين الا من رحم ربك " قال: عنى بذلك من خالفنا من هذه الأمة مخالف بعضهم بعضا في دينهم واما قوله: " الا من رحم ربك و لذلك خلقهم " فأولئك أوليائنا من المؤمنين " ولذلك خلقهم " من الطينة طيبا، اما تسمع لقول إبراهيم: " رب اجعل هذا البلد آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله " قال: إيانا عنى وأوليائه وشيعته وشيعة وصيه، قال: " ومن كفر فأمتعه قليلا ثم اضطره إلى عذاب النار " قال: عنى بذلك من جحد وصيه ولم يتبعه من أمته، وكذلك والله حال هذه الأمة.

254 - عن سعيد بن المسيب عن علي بن الحسين عليهما السلام في قوله: " ولا يزالون مختلفين الا من رحم ربك ولذلك خلقهم " فأولئك هم أولياؤنا من المؤمنين ولذلك خلقهم من الطينة طيبا إلى آخر ما سبق.

255 - عن يعقوب بن سعيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن قول الله: " وما خلقت الجن والإنس الا ليعبدون " قال: خلقهم للعبادة قال: قلت وقوله: " ولا يزالون مختلفين الا من رحم ربك ولذلك خلقهم "؟فقال: نزلت هذه بعد تلك.

256 - في مجمع البيان: ولله غيب السماوات والأرض وقد وجدت بعض المشايخ ممن يتسم بالعدل والتشنيع قد ظلم الشيعة الإمامية في هذا الموضع من تفسيره، فقال: هذا يدل على أن الله سبحانه يختص بعلم الغيب خلافا لما يقوله الرافضة: ان الأئمة يعلمون الغيب، ولا شك انه عنى بذلك من يقول بامامة الاثني عشر ويدين بأنهم أفضل الأنام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، فان هذا دأبه وديدنه فيهم يشنع في مواضع كثيرة من كتابه عليهم وينسب القبايح والفضايح إليهم، ولا نعلم أن أحدا منهم استجاز الوصف بعلم الغيب لاحد من الخلق، وانما يستحق الوصف بذلك من يعلم جميع المعلومات لا بعلم مستفاد وهذه صفة القديم سبحانه العالم لذاته لا يشركه فيها أحد من المخلوقين، ومن اعتقد ان غير الله سبحانه يشركه في هذه الصفة فهو خارج عن ملة الاسلام.

واما ما نقل عن أمير المؤمنين عليه السلام ورواه عنه الخاص والعام من الاخبار بالغايبات في خطب الملاحم وغيرها. مثل قوله يؤمى إلى صاحب الزنج (56): كأني به يا أحنف وقد سار بالجيش الذي ليس له غبار ولا لجب ولا قعقعة لجم (57) ولا صهيل خيل يثيرون الأرض باقدامهم كأنها أقدام النعام.

وقوله يشير إلى مروان بن الحكم: اما ان له امرة كلعقة الكلب انفه هو أبو الأكبش الأربعة (58) وستلقى الأمة منه ومن ولده يوما احمر (59) وما نقل من هذا الفن عن أئمة الهدى عليهم السلام مثل ما قاله أبو عبد الله لعبد الله بن الحسن وقد اجتمع هو وجماعة من العلوية والعباسية ليبايعوا ابنه محمدا: والله ما هي إليك ولا إلى ابنك ولكنها لهم - وأشار إلى العباسية - وان ابنيك لمقتولان ثم قام و توكأ على يد عبد العزيز بن عمران الزهري، فقال له: أرأيت صاحب الرداء الأصفر يعني أبا جعفر المنصور؟قال: نعم، قال: والله انا نجده يقتله فكان كما قال.

ومثل قول الرضا عليه السلام: بورك قبر بطوس وقبران ببغداد، فقيل له: قد عرفنا واحدا فمن الآخر؟فقال: ستعرفونه، ثم قال: قبري وقبر هارون هكذا وضم إصبعيه وقوله في القصة المشهورة لأبي حبيب البناجي (60) وقد ناوله قبضة من التمر: لو زادك رسول الله صلى الله عليه وآله لزدناك.

وقوله في حديث علي بن أحمد الوشاء حين قدم مرو من الكوفة: معك حلة في السفط (61) الفلاني دفعتها إليك ابنتك وقالت لك: اشتر لي بثمنها فيروزجا والحديث مشهور، إلى غير ذلك مما روى عنهم عليهم السلام فان جميع ذلك متلقى عن الرسول صلى الله عليه وآله مما اطلعه الله تعالى عليه، فلا معنى لنسبة من روى عنهم هذه الأخبار المشهورة إلى أن يعتقد كونهم عالمين للغيب، وهل هذا الا سبب قبيح وتضليل، بل تكفير ولا يرتضيه من هو بالمذهب خبير، والله يحكم بينه وبينهم واليه المصير.


1. قال ابن الأثير في النهاية: في الحديث مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من تخلف عنها زخ في النار اي دفع ورمى. .

2. القلس: حبل للسفينة ضخم من ليف وقيل من غيره، وعصفت الريح: اشتدت .

3. وفي المصدر " هيلوليا ". .

4. وفي المصدر واستقرت السفينة " وهو الظاهر. .

5. الخول جمع الخولي: العبيد والإماء. .

6. يعني مخفف " ابنها " راجع المجمع ج 3: 160. .

7. وفي المصدر " ياراتقي ياراتقي ". .

8. جؤجؤ السفينة: صدرها. .

9. الكوة: الخرق في الحائط. .

10. وفي نسخة " رهان " وقد مر نظيره وفي المصدر " ربعمان ". .

11. وفي نسخة: " ياماري اتقن ". وتوافقه المصدر أيضا. .

12. السلاف: ما تحلب وسال قبل العصر وهو أفضل الخمر. .

13. السلى: الجلدة التي يكون فيه الولد من الناس والمواشي وان انقطع في البطن هلكت الام وهلك الولد. .

14. وفي نسخة " لما غلبت من قومه المعاندة ". .

15. على نصب " غير " وأن يكون " عمل " فعل ماض في الأول، و " عمل " اسم مرفوع منون و " غير " بالرفع في الثاني أو بالعكس. .

16. حسر الشئ: كشفه يقال حسرت الجارية خمارها كشفته عن وجهها. .

17. نضب الماء: غار في الأرض وسفل. .

18. " في تهذيب الأحكام محمد بن أحمد بن داود عن محمد بن تمام قال أخبرنا محمد بن * * محمد عن علي بن محمد قال حدثني أحمد بن ميثم الطلحي عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبيه عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أين دفن أمير المؤمنين عليه السلام؟قال: دفن في قبر أبيه نوح، قلت: وأين قبر نوح؟الناس يقولون إنه في المسجد؟قال: لا ذاك في ظهر الكوفة. منه عفى عنه " (عن هامش بعض النسخ). .

19. الشقوق - بضم الشين -: منزل بطريق مكة بعد واقصة من الكوفة، والاجفر - بضم الفاء -: أيضا منزل بطريق مكة بين الخزيمة وفيد. .

20. أجدب القوم: أصابهم الجدب اي المحل وهو انقطاع المطر ويبس الأرض. .

21. الغب - بالكسر -: من أوراد الإبل أن ترد الماء يوما وتدعه يوما ثم تعود. .

22. النعيق: صوت الراعي بغنمه قال المجلسي (ره): اي لم يبق منهم من يتأتى منه النعيق. " انتهى " وحكى عن بعض نسخ الروضة " فلم يبق لهم ثاغية ولا راغية " وهو الظاهر. والثاغية: الشاة. والراغية: البعير. .

23. قال المجلسي (ره) اي يعتاد المجئ إليهم كل يوم أو ينتابهم كلما رجعوا أقبل إبليس، قال الفيروزآبادي: العود انتياب الشئ كالاعتياد، وفى محاسن البرقي: " فلما حسدهم إبليس لعادتهم كانوا إذا رجعوا.. اه " وفي ثواب الأعمال: " فأتى إبليس عبادتهم ". .

24. انسل: انطلق في استخفاء. .

25. القرعة: الجراب الصغير. وقال في الوافي: القرعة واحدة القرع. حمل اليقطين. .

26. البطحاء: مسيل واسع فيه دقاق الحصى. .

27. شاهت الوجوه اي قبحت. .

28. فيه كلام طويل ذكره المجلسي (ره) في مرآة العقول فراجع. ونقله في ذيل الكافي ج 5: 547. .

29. الهرع: المشي باضطراب وسرعة. .

30. وفي المصدر " فصاح به " ولعله أوفق بالسياق. .

31. وفي المصدر " عبد الله ". .

32. الحياء: فرج المرأة. .

33. وفي بعض النسخ: شارك فيه .

34. وفي المصدر " لدماء وعميراء " ممدودا. .

35. التخوم: الحدود. .

36. الجزور: من الإبل خاصة. .

37. ضاق بالامر ذرعا إذا لم يقدر عليه. .

38. نكل عن الشئ: نكص وجبن. .

39. الخوافي: ريشات من الجناح إذا ضم الطائر جناحيه خفيت والزقاء: الصياح. .

40. التلول جمع التل. .

41. الهدة: صوت وقع الحائط ونحوه. .

42. " في تفسير علي بن إبراهيم وكان في قوم لوط رجل عالم، فقال لهم: يا قوم قد جائكم الذي كان يعدكم لوط، فاحرسوه، ولا تدعوه يخرج من بينكم فإنه ما دام فيكم لا يأتيكم العذاب، فاجتمعوا حول داره يحرسونه، فقال جبرئيل: يا لوط اخرج من بينهم فقال: كيف اخرج وقد اجتمعوا حول داري؟فوضع بين يديه عمودا من نور فقال له: اتبع هذ العمود ولا يلتفت منكم أحد، فخرجوا من القرية من تحت الأرض فالتفت امرأته فأرسل الله عليها صخرة فقتلتها، فلما طلع الفجر صارت الملائكة الأربعة كل واحد في طرف من قريتهم فقلعوها من سبع أرضين إلى تخوم الأرض ثم رفعوها في الهواء حتى سمع أهل السماء نباح الكلاب وصراخ الديكة ثم قلبوها عليهم " منه عفى عنه " (عن هامش بعض النسخ). .

43. اي أمطر عليهم الحصباء وهو الحصى. .

44. الحنق: الغيظ الذي يلازم الانسان ويلتصق به. .

45. الترشف بمعنى المص قال الفيض (ره) وتصحيحه في هذا المقام لا يخلو من تكلف وظني انه بالسين المهملة يعني مشى إليه مشى المقيد يتحامك برجله مع القيد " انتهى " وفي هامش الكافي: ترشفه: اي مصه وهو كناية عن المبالغة في اخذ العلم عنه. وحن إليه: اشتاق. .

46. اي دلك أعلى داخل فمه به. .

47. وفي بعض النسخ " فحكى الله عز وجل قولهم ". .

48. لهذا الحديث بيان طويل للعلامة الأستاذ الطباطبائي دام ظله ذكره في ذيله في الكافي ج 1: 153 ويظهر منه معنى الحديث الآتي أيضا فراجع. .

49. كذا في النسخ ولا يخلو عن التصحيف وفي المصدر " يجعلهم خارجين " وهو الظاهر. .

50. في البحار " غير مجدود " بالدال المهملة وهو الصحيح بحسب السياق .

51. للمجلسي (ره) في تلك الأخبار بيان طويل راجع ج 3 ط كمباني ص 392. .

52. في هذه العبارة احتمالات بل أقوال ذكرها المجلسي (ره) في مرآة العقول ونقله عنه في ذيل أصول الكافي ج 2: 429 من الطبعة الحديثة فراجع. .

53. انفتل من صلاته: انصرف عنها. .

54. جرح الرجل الذنب: اكتسب. (11) وفي المصدر هكذا: " فقال أبو عبد الله عليه السلام: ان الخطيئة لا تكفر الخطيئة ولكن الحسنة تكفر الخطيئة، ثم قال اجر عبد الله عليه السلام: إن كان خلط الحلال. اه ". .

55. وفي المصدر " هم شيعتنا ". .

56. صاحب الزنج هو رجل ظهر في فرات البصرة سنة 255 وزعم أنه علي بن محمد ابن أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام. قال ابن أبي الحديد: وأكثر الناس يقدحون في نسبه وخصوصا الطالبيين وجمهور النسابين اتفقوا على أنه من عبد القيس إلى أن قال: وذكر المسعودي في كتابه المسمى بمروج الذهب ان أفعال علي بن محمد صاحب الزنج تدل على أنه لم يكن طالبيا " انتهى ". والزنج الذين أشار إليهم كانوا عبيدا لدهاقين البصرة وبناتها ولم يكونوا ذوي زوجات وأولاد، بل كانوا على هيئة الشطار عزابا فلا نادبة لهم. .

57. اللجب: الصوت. القعقعة: تحرك الشئ اليابس مع صوت، واللجم - بضمتين جمع اللجام. .

58. الامرة - بالكسرة -: الولاية ولعق الشئ لعقة: لحسه اي اكله بلسانه. وأراد عليه السلام بهذا القول قصر مدة ملكه وكذلك كانت مدة خلافة مروان فإنه ولي تسعة أشهر. والأكبش الأربعة بنو عبد الملك: الوليد وسليمان ويزيد وهشام ولم يل الخلافة من بني أمية ولا من غيرهم أربعة اخوة الا هؤلاء. .

59. يقال لليوم الشديد: يوم أحمر. .

60. بناج ككتاب: قرية بالبادية كما قاله الفيروزآبادي وقصة أبي حبيب على ما ذكره الصدوق (ره) في كتاب عيون الأخبار في باب دلالات الرضا عليه السلام: أنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله في المنام وقد وافى البناج ونزل بها في المسجد الذي ينزله الحاج في كل سنة، وكأني مضيت إليه وسلمت عليه ووقفت بين يديه ووجدت عنده طبقا من خوص - وهو ورق النخل - نخل المدينة فيه تمر صيحاني، فكأنه قبض قبضة من ذلك التمر فناولني منه فعددته فكان ثمانية عشرة تمرة، فتأولت اني أعيش بعدد كل تمرة سنة، فلما كان بعد عشرين يوما كنت في ارض تعمر بين يدي للزراعة حتى جاءني من أخبرني بقدوم أبي الحسن الرضا عليه السلام من المدينة ونزوله ذلك المسجد، ورأيت الناس يسعون إليه، فمضيت نحوه فإذا هو جالس في الموضع الذي كنت رأيت فيه النبي صلى الله عليه وآله وتحته حصير مثل ما كان تحته، وبين يديه طبق خوص فيه تمر صيحاني، فسلمت عليه فرد السلام علي واستدناني، فناولني قبضة من ذلك التمر فعددته فإذا عدده مثل ذلك التمر الذي ناولني رسول الله صلى الله عليه وآله، فقلت له: زدني منه يا بن رسول الله، فقال: لو زادك رسول الله صلى الله عليه وآله سلم لزدناك. .

61. السفط: الوعاء الذي يعبأ فيه الطيب وما أشبهه من أدوات النساء. .