تفسير سورة براءة والأنفال

1 - في تفسير العياشي عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: من قرأ براءة والأنفال في كل شهر لم يدخله نفاق ابدا، وكان من شيعة أمير المؤمنين عليه السلام حقا، ويأكل يوم القيمة من موائد الجنة مع شيعته حتى يفرغ الناس من الحساب.

2 - في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرء سورة الأنفال وسورة براءة في كل شهر لم يدخله النفاق ابدا، وكان من شيعة أمير المؤمنين عليه السلام.

3 - في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: من قرأ سورة الأنفال وبرائة فانا شفيع له وشاهد يوم القيمة انه برئ من النفاق، وأعطى من الاجر بعدد كل منافق ومنافقة في دار الدنيا عشر حسنات، ومحى عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات وكان العرش وحملته يصلون عليه أيام حياته في الدنيا.

4 - وفيه قرأ علي بن الحسين وأبو جعفر محمد بن علي الباقر وجعفر بن محمد الصادق عليهم السلام يسئلونك الأنفال.

5 - في تهذيب الأحكام محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد قال: حدثنا بعض أصحابنا رفع الحديث قال: الخمس من خمسة أشياء: من الكنوز، والمعدن، والغوص، والمغنم الذي يقاتل عليه ولم يحفظ الخامس، وما كان من فتح لم يقاتل عليه ولم يوجف عليه بخيل ولا ركاب إلا أن أصحابنا يأتونه فيعاملون عليه فكيف ما عاملهم عليه النصف أو الثلث أو الربع، أو ما كان يسهم له خاصة وليس لاحد فيه شئ الا ما أعطاه هو منه، وبطون الأودية ورؤس الجبال والموات كلها هوله، وهو قوله تعالى: " يسئلونك عن الأنفال " ان تعطيهم منه قال: قل الأنفال لله وللرسول وليس هو يسئلونك عن الأنفال (1) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

6 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الأنفال ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، أو قوم صالحوا، أو قوم أعطوا بأيديهم، وكل ارض خربة وبطون الأودية فهو لرسول الله صلى الله عليه وآله وهو للامام من بعده يضعه حيث يشاء.

7 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن علي بن أبي حمزة عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: الأنفال هو النفل، وهو في سورة الأنفال جدع الانف (2).

8 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن شعيب عن أبي الصباح قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: نحن قوم فرض الله طاعتنا، لنا الأنفال ولنا صفو المال.

9 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمد عن رفاعة عن أبان بن تغلب عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يموت ولا وارث له ولا مولى؟قال: هو أهل هذه الآية " يسئلونك عن الأنفال ".

10 - في الكافي أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار ومحمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا عن صفوان بن يحيى عن ابن مسكان عن محمد الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى: " يسئلونك عن الأنفال " قال: من مات ليس له مولى فماله من الأنفال.

11 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد بن عثمان عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من مات وليس له مولى فماله من الأنفال.

12 - عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد جميعا عن ابن محبوب عن العلا عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: من مات و ليس له وارث من قرابته ولا مولى عتاقه جريرته فماله من الأنفال.

13 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن فضالة بن أيوب عن أبان بن عثمان عن إسحاق بن عمار قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الأنفال فقال: هي القرى التي قد خربت وانجلى أهلها فهي لله وللرسول، وما كان للملوك فهو للامام، وما كان من أرض خربة لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب وكل أرض لا رب لها، و المعادن، ومن مات وليس له مولى فماله من الأنفال. وقال: نزلت يوم بدر لما انهزم الناس كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله على ثلث فرق: فصنف كانوا عند خيمة النبي صلى الله عليه وآله، وصنف أغاروا على النهب، وفرقة طلبت العدو وأسروا وغنموا، فلما جمعوا الغنايم والأسارى تكلمت الأنصار في الأسارى فأنزل الله تبارك وتعالى: " ما كان لنبي أن يكون له اسرى حتى يثخن في الأرض " فلما أباح الله لهم الأسارى والغنايم تكلم سعد بن معاذ وكان ممن قام عند خيمة النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله ما منعنا ان نطلب العدو زهادة في الجهاد، ولا جبنا من العدو، ولكنا خفنا ان يعرى موضعك فتميل عليك خيل المشركين، وقد أقام عند الخيمة وجوه المهاجرين والأنصار ولم يشك أحد منهم والناس كثير يا رسول الله والغنايم قليلة، ومتى تعطي هؤلاء لم يبق لأصحابك شئ، وخاف ان يقسم رسول الله صلى الله عليه وآله الغنايم واسلاب القتلى بين من قاتل، ولا يعطي من تخلف على خيمة رسول الله صلى الله عليه وآله شيئا، فاختلفوا فيما بينهم حتى يسئلوا رسول الله فقالوا: لمن هذه الغنائم فأنزل الله: " ويسئلونك عن الأنفال قل الأنفال لله وللرسول " فرجع الناس وليس لهم في الغنيمة شئ ثم انزل الله بعد ذلك " واعلموا انما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول و لذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل " فقسمه رسول الله صلى الله عليه وآله بينهم، فقال ابن أبي وقاص: يا رسول الله أتعطي فارس القوم الذي يحميهم مثل ما تعطي الضعيف؟فقال النبي صلى الله عليه وآله: ثكلتك أمك وهل تنصرون الا بضعفائكم؟قال: فلم يخمس رسول الله صلى الله عليه وآله ببدر وقسم بين أصحابه، ثم استقبل يأخذ الخمس بعد البدر، فأنزل الله قوله: " ويسئلونك عن الأنفال " بعد انقضاء حرب بدر، فقد كتب ذلك في أول السورة وكتب بعده خروج النبي صلى الله عليه وآله إلى الحرب.

14 - في تفسير العياشي عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام: قال الأنفال ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب.

15 - عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الأنفال؟قال: هي القرى التي جلى أهلها وهلكوا فخربت فهي لله وللرسول.

16 - عن أبي أسامة بن زيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الأنفال قال: هو كل أرض خربة وكل ارض لم يوجف عليها خيل ولا ركاب.

17 - عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: لنا الأنفال، قلت: وما الأنفال؟قال: منها المعادن، والآجام (3) وكل ارض لا رب لها، وكل ارض باد أهلها (4) فهو لنا.

18 - عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول في الملوك الذين يقطعون الناس هو من الفئ والأنفال وأشباه ذلك.

19 - وفي رواية أخرى عن الثمالي قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله: " يسئلونك عن الأنفال " قال يسئلونك الأنفال (5) قال: ما كان للملوك فهو للامام.

20 - عن سماعة بن مهران قال: سألته عن الأنفال؟قال: كل ارض خربة وأشياء كانت تكون للملوك فذلك خاص للإمام عليه السلام، ليس للناس فيه سهم، قال: ومنها البحرين لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب.

21 - عن داود بن فرقد قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما الأنفال؟قال: بطون الأودية ورؤس الجبال والآجام والمعادن، وكل أرض لم يوجف عليها خيل ولا ركاب، وكل أرض ميتة قد جلى أهلها وقطايع الملوك.

22 - عن أبي مريم الأنصاري قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قوله: " يسئلونك عن الأنفال قل الأنفال لله وللرسول " قال: سهم لله وسهم للرسول قال: قلت: فلمن سهم الله؟فقال: للمسلمين.

23 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم فإنها نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام وأبا ذر وسلمان والمقداد رضي الله عنهم.

24 - في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن يزيد قال: حدثنا أبو عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: بتمام الايمان دخل المؤمنون الجنة، وبالزيادة في الايمان تفاضل المؤمنون بالدرجات عند الله، و بالنقصان دخل المفرطون النار.

25 - في مجمع البيان: كما أخرجك ربك من بيتك في حديث أبي حمزة فالله ناصرك كما أخرجك من بيتك.

26 - في تفسير علي بن إبراهيم ثم ذكر بعد ذلك الأنفال وقسمة الغنايم و خروج رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الحرب فقال: كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وان فريقا من المؤمنون لكارهون يجادلونك في الحق بعدما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون وكان سبب ذلك ان عير القريش (6) خرجت إلى الشام فيها خزاينهم، فأمر النبي صلى الله عليه وآله بالخروج ليأخذوها، فأخبرهم الله ان الله وعده إحدى الطائفتين اما العير أو قريش ان ظفر بهم، فخرج في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا فلما قارب بدرا كان أبو سفيان في العير، فلما بلغه ان رسول الله صلى الله عليه وآله قد خرج يتعرض للعير خاف خوفا شديدا ومضى إلى الشام، فلما وافى النقرة (7) اكترى ضمضم بن عمرو الخزاعي بعشرة دنانير وأعطاه قلوصا (8) وقال له: امض إلى قريش وأخبرهم ان محمدا والصباة (9) من أهل يثرب قد خرجوا يتعرضون لعيركم فأدركوا العير وأوصاه أن يخرم ناقته (10) ويقطع أذنها حتى يسيل الدم ويشق ثوبه (11) من قبل ودبر، فإذا دخل مكة ولى وجهه إلى ذنب البعير وصاح بأعلى صوته: يا آل غالب يا آل غالب! اللطيمة اللطيمة! العير العير! أدركوا أدركوا وما أريكم تدركون! فان محمدا والصباة من أهل يثرب قد خرجوا يتعرضون لعيركم، فخرج ضمضم يبادر إلى مكة. ورأت عاتكة بنت عبد المطلب قبل قدوم ضمضم في منامها بثلاثة أيام كأن راكبا قد دخل مكة فينادي يا آل غدر ويا آل فهر اغدوا إلى مصارعكم صبح ثالثه، ثم وافى بجمله إلى أبي قبيس فأخذ حجرا فدهدهه (12) من الجبل، فما ترك دارا من قريش الا أصابه منه فلذة، وكأن وادي مكة قد سال من أسفله دما فانتبهت ذعرة فأخبرت العباس بذلك فأخبر العباس عتبة بن ربيعه، فقال عتبة، هذه مصيبة تحدث في قريش وفشت الرؤيا في قريش وبلغ ذلك أبا جهل فقال: ما رأت عاتكة هذه الرؤيا، وهذه نبية ثانية في بني عبد المطلب واللات والعزى لننظرن ثلاثة أيام فإن كان ما رأت حقا فهو كما رأت، وإن كان غير ذلك لنكتبن بيننا كتابا: انه ما من أهل بيت من العرب أكذب رجالا ونساء من بني هاشم، فلما مضى يوم قال أبو جهل: هذا يوم قد مضى، فلما كان اليوم الثاني قال أبو جهل هذان يومان قد مضيا. فلما كان اليوم الثالث وافى ضمضم ينادي في الوادي: يا آل غالب اللطيمة اللطيمة العير العير، أدركوا أدركوا ما وراكم وما أراكم تدركون، فان محمدا والصباة من أهل يثرب قد خرجوا يتعرضون لعيركم التي فيها خزائنكم، فتصايح الناس بمكة وتهيئوا للخروج، وقام سهيل بن عمرو وصفوان بن أمية وأبو البختري بن هشام ومنبه ونبيه ابنا الحجاج، ونوفل بن خويلد فقالوا: يا معشر قريش والله ما أصابكم مصيبة أعظم من هذه أن يطمع محمد والصباة من أهل يثرب أن يتعرضوا لعيركم التي فيها خزائنكم، فوالله ما قرشي ولا قرشية الأولى في هذه العير نش (13) فصاعدا، ان هو الا الذل والصغار أن يطمع محمد في أموالكم، ويفرق بينكم وبين متجركم فاخرجوا، وأخرج صفوان بن أمية خمسمأة دينار وجهز بها، واخرج سهيل بن عمرو و ما بقي أحد من عظماء قريش الا اخرجوا مالا وحملوا وقودا وخرجوا على الصعب والذلول لا يملكون أنفسهم كما قال الله تبارك وتعالى: " خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس " وخرج معهم العباس بن عبد المطلب ونوفل بن حارث وعقيل بن أبي طالب وأخرجوا معهم القينات (14) يشربون الخمر ويضربون بالدفوف.

وخرج رسول الله صلى الله عليه وآله في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا فلما كان بقرب بدر على ليلة منها بعث بشير بن أبي الزغباء ومجدي بن عمرو يتجسسان خبر العير فأتيا ماء بدر وأناخا راحلتيهما واستعذباه من الماء وسمعا جاريتين قد تشبثت إحديهما بالأخرى تطالبها بدرهم كان لها عليها، فقالت: عير قريش نزلت أمس في موضع كذا وهي تنزل غدا هيهنا وانا أعمل لهم وأقضيك، فرجع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبراه بما سمعا، فاقبل أبو سفيان بالعير، فلما شارف بدرا تقدم العير وأقبل وحده حتى انتهى إلى ماء بدر، و كان بها رجل من جهينة يقال له كسب الجهني، فقال له: يا كسب هل لك علم بمحمد صلى الله عليه وآله؟قال: لا، قال: واللات والعزى لئن كتمتنا أمر محمد لا تزال قريش لك معادية آخر الدهر، فإنه ليس أحد من قريش الا وله في هذه العير نش فصاعدا فلا تكتمني فقال: والله ما لي علم بمحمد وأصحابه بالتخبار الا اني رأيت في هذا اليوم راكبين أقبلا واستعذبا من الماء وأناخا راحلتيهما ورجعا فلا أدري من هما؟فجاء أبو سفيان إلى موضع مناخ ابلهما ففت (15) ابعار الإبل بيده فوجد فيها النوى، فقال: هذه علايف يثرب، هؤلاء والله عيون محمد، فرجع مسرعا وامر بالعير فأخذ بها نحو ساحل البحر وتركوا الطريق ومروا مسرعين.

ونزل جبرئيل على رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبره ان العير قد أفلتت وان قريشا قد أقبلت لتمنع عن عيرها، وأمره بالقتال ووعده النصر، وكان نازلا بالصفراء (16) فأحب ان يبلو الأنصار لأنهم انما وعدوه ان ينصروه في الدار، فأخبرهم ان العير قد جازت وان قريشا أقبلت لتمنع عن عيرها، وان الله تبارك وتعالى قد أمرني بمحاربتهم فجزع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله من ذلك وخافوا خوفا شديدا فقال رسول الله أشيروا علي، فقام أبو بكر فقال: يا رسول الله انها قريش وخيلاها (17) ما آمنت منذ كفرت ولا ذلت منذ عزت ولم نخرج على هيئة الحرب فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: اجلس فجلس، فقال أشيروا علي فقام عمر فقال مثل مقالة أبي بكر، فقال: اجلس، ثم قام المقداد فقال: يا رسول الله انها قريش وخيلاها وقد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا ان ما جئت به حق من عند الله ولو امرتنا ان نخوض جمر الغضا وشوك الهراس (18) لخضنا معك ولا نقول لك ما قالت بنو إسرائيل لموسى عليه السلام " اذهب أنت وربك فقاتلا انا هيهنا قاعدون " ولكنا نقول: اذهب أنت وربك فقاتلا انا معكما مقاتلون، فجزاه النبي صلى الله عليه وآله خيرا ثم جلس، ثم قال: أشيروا علي، فقام سعد بن معاذ فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله كأنك أردتنا؟قال: نعم، قال: فلعلك خرجت على أمر قد أمرت بغيره؟قال: نعم، قال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله صلى الله عليه وآله اننا قد آمنا بك وصدقناك وشهدنا ان ما جئت به حق من عند الله فمرنا بما شئت وخذ من أموالنا ما شئت واترك منه ما شئت والذي أخذت منه أحب إلي من الذي تركت منه، والله لو أمرتنا أن نخوض هذا البحر لخضنا معك، ثم قال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله والله ما أخذت هذا الطريق قط ومالي به من علم وقد خلفنا بالمدينة قوما ليس نحن باشد جهادا لك منهم، ولو علموا انه الحرب لما تخلفوا، ولكن نعد لك الرواحل ونلقي عدونا صبر عند اللقاء أنجاد في الحرب (19) وانا لنرجو ان يقر الله عز وجل عينيك بنا فان يك ما تحب فهو ذاك، وان لم يكن غير ذلك قعدت على رواحلك فلحقت بقومنا فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أو يحدث الله غير ذلك؟كأني بمصرع فلان هيهنا وبمصرع فلان هيهنا، و بمصرع أبي جهل وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة ومنبه ونبيه ابنا الحجاج، فان الله قد وعدني إحدى الطائفتين ولن يخلف الله الميعاد، فنزل جبرئيل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله بهذه الآية كما أخرجك ربك من بيتك بالحق إلى قوله ولو كره المجرمون فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله بالرحيل حتى نزل عشاء على ماء بدر وهي العدوة الشامية، و أقبلت قريش فنزلت بالعدوة اليمانية وبعثت عبيدها تستعذب من الماء فأخذهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وحبسوهم فقالوا لهم: من أنتم؟قالوا: نحن عبيد قريش قالوا: فأين العير؟قالوا: لا علم لنا بالعير، فأقبلوا يضربونهم وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي، فانفتل من صلاته (20) فقال: ان صدقوكم ضربتموهم وان كذبوكم تركتموهم؟علي بهم، فأتوا بهم فقال لهم: من أنتم؟قالوا: يا محمد نحن عبيد قريش قال: كم القوم؟قالوا: لا علم لنا بعددهم، قال: كما ينحرون في كل يوم جزورا (21) قالوا: تسعة إلى عشرة، فقال صلى الله عليه وآله: القوم تسعمأة إلى ألف، قال: فمن فيهم من بني هاشم؟قالوا: العباس بن عبد المطلب ونوفل بن الحارث وعقيل بن أبي طالب فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله بهم فحبسوا، فبلغ قريشا ذلك وخافوا خوفا شديدا.

ولقى عتبة بن ربيعة أبا البختري بن هشام فقال له: اما ترى هذا البغي والله ما أبصر موضع قدمي، خرجنا لنمنع عيرنا وقد أفلتت فجئنا بغيا وعدوانا والله ما أفلح قوم قط بغوا، ولوددت ان ما في العير من أموال بني عبد مناف ذهب كله ولم نسر هذا المسير، فقال له أبو البختري: انك سيد من سادات القريش وتحمل العير التي أصابها محمد صلى الله عليه وآله وأصحابه بنخلة ودم ابن الحضرمي (22) فإنه حليفك فقال عتبة: أنت علي بذلك (23) وما على أحد منا خلاف ذلك الا ابن الحنظلية يعني أبا جهل فسر إليه اني قد تحملت العير التي قد أصابها محمد ودم ابن الحضرمي فقال أبو البختري: فقصدت خباه (24) وإذا هو قد أخرج درعا له، فقلت له: ان أبا الوليد بعثني إليك برسالة فغضب، ثم قال: اما وجد عتبة رسولا غيرك؟فقلت: اما والله لو غيره أرسلني ما جئت ولكن أبا الوليد سيد العشيرة فغضب غضبة أخرى فقال: تقول: سيد العشيرة فقلت: أنا أقوله وقريش كلها تقول، انه قد تحمل العير ودم ابن الحضرمي؟فقال: ابن عتبة أطول الناس لسانا وأبلغهم في الكلام ويتعصب لمحمد فإنه من بني عبد مناف وابنه معه يريد أن يحذر الناس، لا واللات والعزى حتى نقحم عليهم (25) بيثرب، ونأخذهم أسارى فندخلهم مكة وتتسامع العرب بذلك، ولا يكون بيننا وبين متجرنا أحد نكرهه.

وبلغ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله كثرة القريش ففزعوا فزعا شديدا وشكوا وبكوا و استغاثوا فأنزل الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وآله إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم اني ممدكم بألف من الملائكة مردفين وما جعله الله الا بشرى لكم ولتطمئن به قلوبكم وما النصر الا من عند الله العزيز الحكيم فلما امسى قابل رسول الله صلى الله عليه وآله وجنه الليل (26) ألقى الله على أصحابه النعاس حتى ناموا، وأنزل الله تبارك وتعالى عليهم السماء (27) وكان نزول رسول الله صلى الله عليه وآله في موضع لا يثبت فيه القدم، فأنزل عليهم السماء ولبد الأرض (28) حتى ثبتت أقدامهم وهو قول الله تعالى: إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماءا ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وذلك أن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وآله احتلم وليربط على قلوبكم ويثبت به الاقدام وكان المطر على قريش مثل العزالي (29) وكان على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله رذاذا (30) بقدر ما لبد الأرض وخافت قريش خوفا شديدا، فأقبلوا يتحارسون يخافون البيات، فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله عمار بن ياسر وعبد الله بن مسعود فقال: ادخلا في القوم وأتونا بأخبارهم فكانا يجولان في عسكرهم فلا يرون الا خائفا ذعرا إذا سمعوا صهل الفرس وثبت على جحفلته (31) فسمعوا منبه بن الحجاج يقول: لا يترك الجوع لنا مبيتا * لابد ان نموت أو نميتا قال: قد والله كانوا أشباعا ولكنهم من الخوف قالوا هذا، والقى الله في قلوبهم الرعب كما قال تبارك وتعالى " سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب " فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وآله عبأ (32) أصحابه وكان في عسكر رسول الله صلى الله عليه وآله فرسان: فرس للزبير بن العوام وفرس للمقداد، وكان في عسكر أصحابه سبعون جملا يتعاقبون عليها، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي بن أبي طالب عليه السلام ومرثد بن أبي مرثد الغنوي على جمل يتعاقبون عليه والجمل للمرثد، وكان في عسكر قريش أربعمأة فرس، فعبأ رسول الله صلى الله عليه وآله أصحابه بين يديه، فقال: غضوا أبصاركم ولا تبدوهم بالقتال ولا يتكلمن أحد.

فلما نظرت قريش إلى قلة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله قال أبو جهل: ما هم الا اكلة رأس ولو بعثنا إليهم عبيدنا لاخذوهم اخذا باليد، فقال عتبة: أترى لهم كمينا و مددا فبعثوا عمرو بن وهلب الجمحي وكان شجاعا فجال بفرسه حتى طاف على عسكر رسول الله صلى الله عليه وآله ثم صعد في الوادي وصوت ثم رجع إلى قريش فقال: ما لهم كمين ولا مدد، ولكن نواضح يثرب قد حملت الموت الناقع (33) أما ترونهم خرساء لا يتكلمون يتلمظون تلمظ الأفعى (34) ما لهم ملجأ الا سيوفهم وما أراهم يولون حتى يقتلون، ولا يقتلون حتى يقتلوا بعددهم فارتأوا رأيكم؟فقال أبو جهل: كذبت وجبنت وانتفخ سحرك (35) حين نظرت إلى سيوف أهل يثرب وفزع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله حين نظروا إلى كثرة قريش وقوتهم، وانزل الله عز وجل على رسوله: " وان جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله " وقد علم الله عز وجل انهم لا يجنحون ولا يجيبوا إلى السلم وانما أراد بذلك ليطيب قلوب أصحاب النبي صلى الله عليه وآله فبعث رسول الله إلى قريش، فقال: يا معشر قريش ما أجد من العرب أبغض إلي من أن أبدأ بكم فخلوني والعرب، فان أك صادقا فأنتم أعلى بي عينا، وان أك كاذبا كفتكم ذؤبان العرب (36) أمري فارجعوا فقال عتبة: والله ما أفلح قوم قط ردوا هذا، ثم ركب جملا له أحمر فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وآله يجول في العسكر وينهى عن القتال فقال: ان يك عند أحد خير فعند صاحب الجمل الأحمر ان يطيعوه يرشدوا فأقبل عتبة يقول: يا معشر قريش اجتمعوا واسمعوا ثم خطبهم فقال: يمن مع رحب ورحب مع يمن يا معشر قريش أطيعوني اليوم واعصوني الدهر، وارجعوا إلى مكة واشربوا الخمور وعانقوا الحور فان محمدا له إل وذمة وهو ابن عمكم، فارجعوا فلا تردوا رأيي، وانما تطالبون محمدا بالعير التي أخذها بنخلة ودم ابن الحضرمي وهو حليفي وعلي عقله، فلما سمع أبو جهل ذلك غاظه وقال: ان عتبة أطول الناس لسانا وأبلغهم في الكلام، ولئن رجعت قريش بقوله ليكونن سيد قريش آخر الدهر ثم قال: يا عتبة نظرت إلى سيوف بني عبد المطلب وجبنت وانتفخ سحرك، وتأمر الناس بالرجوع وقد رأينا آثارنا بأعيننا، فنزل عتبة عن جمله وحمل على أبي جهل وكان على فرس وأخذ بشعره فقال الناس: يقتله فعرقب فرسه (37) فقال: أمثلي يجبن؟وستعلم قريش اليوم أينا ألام وأجبن، وأينا المفسد لقومه لا يمشي الا أنا وأنت إلى الموت عيانا، ثم قال: هذا جناي وخياره فيه * وكل جان يده إلى فيه (38) ثم اخذ بشعره يجره فاجتمع إليه الناس فقالوا: يا أبا الوليد الله الله! لا تفت في أعضاد الناس تنهى عن شئ تكون أوله، فخلصوا أبا جهل من يده فنظر عتبة إلى أخيه شيبة ونظر إلى ابنه الوليد فقال: قم يا بني ثم لبس درعه وطلبوا له بيضة تسع رأسه فلم يجدوها لعظم هامته فاعتجر بعمامتين (39) ثم أخذ سيفه وتقدم هو وأخوه وابنه ونادى: يا محمد أخرج إلينا أكفاءنا من قريش، فبرز إليه ثلاثة نفر من الأنصار عوذ ومعوذ وعوف بني عفرا فقال عتبة: من أنتم انتسبوا لنعرفكم؟فقالوا: نحن بنو عفرا أنصار الله وأنصار رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا: ارجعوا فانا لسنا إياكم نريد، انما نريد الأكفاء من قريش، فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وآله ان ارجعوا فرجعوا، وكره أن يكون أول الكرة بالأنصار فرجعوا ووقفوا مواقفهم.

ثم نظر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب وكان له سبعون سنة فقال له: قم يا عبيدة فقام بين يديه بالسيف، ثم نظر إلى حمزة بن عبد المطلب فقال له: قم يا عم، ثم نظر إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال له: قم يا علي، - وكان أصغر القوم - فاطلبوا بحقكم الذي جعله الله لكم، فقد جاءت قريش بخيلائها وفخرها تريد أن تطفئ نور الله ويأبى الله الا أن يتم نوره، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا عبيدة عليك بعتبة، وقال لحمزة: عليك بشيبة، وقال لعلي عليه السلام: عليك بالوليد بن عتبة فمروا حتى انتهوا إلى القوم فقال عتبة: من أنتم انتسبوا لنعرفكم؟فقال: انا عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب، فقال: كفو كريم فمن هذان؟فقال: حمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب، فقال: كفوان كريمان، لعن الله من أوقفنا وإياكم هذا الموقف، فقال شيبة لحمزة: من أنت؟فقال: أنا حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله، فقال له شيبة: لقد لقيت أسد الحلفاء فانظر كيف تكون صولتك يا أسد الله فحمل عبيدة على عتبة فضربه على رأسه ضربة فلق هامته: وضرب عتبة عبيدة على ساقه وقطعها وسقطا جميعا، وحمل حمزة على شيبة فتضاربا بالسيفين حتى تثلما (40) وكل واحد منهما يتقي بدرقته (41) وحمل أمير المؤمنين صلوات الله عليه على الوليد بن عتبة فضربه على حبل عائقه فأخرج السيف من إبطه (42) فقال علي صلوات الله عليه: فأخذ يمينه المقطوعة بيساره فضرب بها هامتي فظننت ان السماء قد وقعت على الأرض، ثم اعتنق حمزة وشيبة فقال المسلمون: يا علي أما ترى الكلب قد بهر عمك (43) فحمل عليه علي عليه السلام فقال: يا عم طأطئ رأسك وكان حمزة أطول من شيبة فادخل حمزة رأسه في صدره، فضربه أمير المؤمنين على رأسه فطير نصفه، ثم جاء إلى عتبة وبه رمق فأجهز عليه وحمل عبيدة بين حمزة وعلي عليه السلام حتى أتيا به رسول الله صلى الله عليه وآله، فنظر إليه رسول الله واستعبر (44) فقال: يا رسول الله بأبي أنت وأمي ألست شهيدا؟فقال: بلى أنت أول شهيد من أهل بيتي فقال: اما لو أن عمك حيا لعلم اني أولى بما قال منه، قال: وأي أعمامي تعني؟قال: أبو طالب حيث يقول: كذبتم وبيت الله نبرى محمدا * ولما نطاعن دونه ونناضل وننصره حتى نصرع حوله * ونذهل عن أبنائنا والحلائل (45) فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أما ترى ابنه كالليث العادي بين يدي الله ورسوله، وابنه الاخر في جهاد الله تعالى بأرض الحبشة، فقال: يا رسول الله أسخطت علي في هذه الحالة؟فقال: ما سخطت عليك ولكن ذكرت عمي فانقبضت لذلك. وقال أبو جهل لقريش: لا تعجلوا ولا تبطروا كما عجل وبطر ابنا ربيعة، عليكم بأهل يثرب فاجزروهم جزرا وعليكم بقريش فخذوهم أخذا حتى ندخلهم مكة فنعرفهم ضلالتهم التي كانوا عليها، وكانت فئة من قريش أسلموا بمكة فاحتبسهم آباؤهم، فخرجوا مع قريش إلى بدر وهم على الشك والارتياب والنفاق، منهم قيس بن الوليد بن المغيرة، وأبو قيس بن الفاكهة، والحارث بن ربيعة، وعلي بن أمية بن خلف، والعاص بن المنبه، فلما نظروا إلى قلة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله قالوا: مساكين هؤلاء غرهم دينهم فيقتلون الساعة، فأنزل الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وآله: " إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم ومن يتوكل على الله فان الله عزيز حكيم ".

وجاء إبليس إلى قريش في صورة سراقة بن مالك فقال لهم: أنا جاركم فادفعوا إلي، أرايتكم فدفعوها إليه، وجاء بشياطينه يهول بهم على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله، ويخيل إليهم ويفزعهم، وأقبلت قريش يقدمها إبليس ومعه الراية، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: غضوا أبصاركم وعضوا على النواجذ (46) ولا تستلوا سيفا حتى آذن لكم، ثم رفع يده إلى السماء وقال: يا رب ان تهلك هذه العصابة لم تعبد وان شئت ان لا تعبد لا تعبد، ثم اصابه الغشى فسرى عنه وهو يسكب العرق (47) عن وجهه ويقول: هذا جبرئيل عليه السلام قد أتاكم في ألف من الملائكة مردفين، قال: فنظرنا فإذا بسحابة سوداء فيها برق لائح قد وقعت على عسكر رسول الله صلى الله عليه وآله وقائل يقول: أقدم حيزوم أقدم حيزوم (48) وسمعنا قعقعة السلاح من الجو.

ونظر إبليس عليه اللعنة إلى جبرئيل عليه السلام فتراجع ورمى باللواء فأخذ منبه ابن الحجاج بمجامع ثوبه ثم قال: ويلك يا سراقة تفت في أعضاد الناس؟فركله إبليس ركلة في صدره (49) وقال: اني برئ منكم اني أرى ما لا ترون اني أخاف الله وهو قول الله عز وجل: " وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس واني جار لكم فلما ترائت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني برئ منكم اني أرى ما لا ترون اني أخاف الله والله شديد العقاب " ثم قال عز وجل: " ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق " وحمل جبرئيل عليه السلام على إبليس لعنه الله فطلبه حتى غاص في البحر وقال: رب أنجز لي ما وعدتني من البقاء إلى يوم الدين.

وروى في الخبر ان إبليس التفت إلى جبرئيل عليه السلام وهو في الهزيمة فقال: يا هذا بدالكم فيما أعطيتمونا؟فقيل لأبي عبد الله عليه السلام أترى كان يخاف ان يقتله؟فقال: لا ولكنه كان يضربه ضربة يشينه منها إلى يوم القيمة، وانزل الله على رسوله: إذ يوحى ربك إلى الملائكة اني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان قال: أطراف الأصابع، فقد جاءت قريش بخيلائها وفخرها تريد ان تطفئ نور الله ويأبى الله الا ان يتم نوره.

وخرج أبو جهل من بين الصفين فقال: اللهم ان محمدا قطعنا الرحم واتانا بما لا نعرفه فأحنه الغداة (50) فأنزل الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وآله: ان تستفتحوا فقد جائكم الفتح وان تنتهوا فهو خير لكم وان تعودوا نعد ولن تغنى عنكم فئتكم شيئا ولو كثرت وان الله مع المؤمنين ثم اخذ رسول الله صلى الله عليه وآله كفا من حصاة فرمى به في وجوه قريش وقال: شاهت الوجوه شاهت الوجوه، فبعث الله عز وجل رياحا تضرب في وجوه قريش فكانت الهزيمة ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اللهم لا يغلبك فرعون هذه الأمة: أبو جهل بن هشام فقتل منهم سبعون وأسر سبعون والتقى عمرو بن الجموح مع أبي جهل فضرب عمرو أبا جهل على فخذه وضرب أبو جهل عمرو على يده فأبانها من العضد، فتعلقت بجلده فاتكى عمرو على يده برجله ثم تراخى في السماء حتى انقطعت الجلدة ورمى بيده. وقال عبد الله بن مسعود: انتهيت إلى أبي جهل وهو يتشحط بدمه (51) فقلت: الحمد لله الذي أخزاك، فرفع رأسه فقال: انما أخزى الله عبد بن أم عبد، لمن الدين ويلك (52)؟قلت: لله ولرسوله واني قاتلك، ووضعت رجلي على عنقه فقال: لقد ارتقيت مرتقى صعبا يا رويعي الغنم، اما انه ليس شئ أشد من قتلك إياي في هذا اليوم الا تولى قتلى رجلا من المطلبيين أو رجلا من الاحلاف؟فانقلعت بيضة كانت على رأسه فقتلته واخذت رأسه وجئت به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فقلت: يا رسول الله البشرى هذا رأس أبي جهل بن هشام فسجد لله عز وجل شكرا.

وأسر أبو يسر الأنصاري العباس بن عبد المطلب وعقيل بن أبي طالب وجاء بهما إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال له: هل أعانك عليهما أحد؟قال: نعم رجل عليه ثياب بيض، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ذاك من الملائكة، ثم قال رسول الله للعباس افد نفسك وابن أخيك، فقال: يا رسول الله لقد كنت أسلمت ولكن القوم استكرهوني، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: الله اعلم باسلامك، ان يكن ما تذكر حقا، فان الله عز وجل يجزيك عليه، فأما ظاهر امرك فقد كنت علينا ثم قال: يا عباس انكم خاصمتم الله فخصمكم، ثم قال: أفد نفسك وابن أخيك وقد كان العباس اخذ معه أربعين أوقية من ذهب فغنمها رسول الله فلما قال رسول الله للعباس: افد نفسك، قال: يا رسول الله احسبها من فدائي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا ذاك شئ أعطانا الله منك فأفد نفسك وابن أخيك، فقال العباس: ليس لي مال غير الذي ذهب مني، قال: بل المال الذي خلفته عند أم الفضل بمكة فقلت لها: ان حدث علي حدث فاقسموه بينكم؟فقال له: أتتركني وانا اسأل الناس بكفي؟فأنزل الله على رسوله في ذلك: " يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الاسرى ان يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما اخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم " ثم قال الله تبارك وتعالى: " وان يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم والله عليم حكيم ". ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعقيل: قد قتل الله تبارك وتعالى يا أبا يزيد أبا جهل بن هشام وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة ونبيه ومنبه ابنا الحجاج، ونوفل بن خويلد، وأسر سهيل بن عمرو والنضر بن الحارث بن كلدة وعقبة بن أبي معيط وفلان وفلان، فقال عقيل: إذا لا تنازعوا في تهامة فان كنت قد اثخنت القوم والا فاركب أكتافهم، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وآله من قوله وكان القتلى ببدر سبعين والاسرى سبعين، قتل منهم أمير المؤمنين صلوات الله عليه سبعة وعشرين ولم يؤسر أحدا فجمعوا الأسارى وقرنوهم في الحبال وساقوهم على أقدامهم، وجمعوا الغنايم وقتل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله تسعة رجال، منهم سعد بن خيثمة وكان من النقباء فرحل رسول الله صلى الله عليه وآله ونزل الأثيل عند غروب الشمس وهو من بدر على ستة أميال، فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى عقبة بن أبي معيط والى النضر ابن الحارث بن كلدة وهما في قرن واحد (53) فقال النضر لعقبة: يا عقبة انا وأنت مقتولان، قال: عقبة من بين قريش؟قال: نعم لان محمدا قد نظر إلينا نظرة رأيت فيها القتل، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي علي بالنضر وعقبة وكان النضر رجلا جميلا عليه شعر، فجاء علي فأخذ بشعره فجره إلى رسول الله فقال النضر: يا محمد أسئلك بالرحم بيني وبينك الا أجريتني كرجل من قريش ان قتلتهم قتلتني وان فاديتهم فاديتني وان أطلقتهم أطلقتني: فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا رحم بيني وبينك، قطع الله عز وجل الرحم بالاسلام قدمه يا علي فاضرب عنقه، فقال عقبة: يا محمد ألم تقل لا تصبر قريش اي لا يقتلون صبرا؟قال: و أنت من قريش؟انما أنت علج من أهل صفورية لانت في الميلاد أكبر من أبيك الذي تدعى إليه ليس منها، قدمه يا علي فاضرب عنقه فقدمه فضرب عنقه.

فلما قتل رسول الله صلى الله عليه وآله النضر وعقبة خافت الأنصار أن يقتل الأسارى كلهم، فقاموا إلى رسول الله فقالوا: يا رسول الله قد قتلنا سبعين وأسرنا سبعين وهم قومك وأساراك هبهم لنا يا رسول الله وخذ منهم الفداء وأطلقهم، فأنزل الله: " ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم * لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم * فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا " فأطلق لهم ان يأخذوا الفداء ويطلقوهم، وشرط ان يقتل منهم في عام قابل بعدد من يأخذوا منهم الفداء فرضوا منه بذلك، فلما كان يوم أحد قتل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله سبعون رجلا، فقال من بقي من أصحابه: يا رسول الله ما هذا الذي أصابنا وقد كنت تعدنا بالنصر؟فأنزل الله عز وجل فيهم: " أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها " ببدر قتلتم سبعين وأسرتم سبعين " قلتم انى هذا قل هو من عند أنفسكم " بما اشترطتم.

رجع الحديث إلى تفسير الآيات التي لم تكتب قوله: وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين انها لكم قال: العير أو قريش وقوله عز وجل: وتودون ان غير ذات الشوكة تكون لكم قال: ذات الشوكة الحرب، قال: تودون العير لا الحرب ويريد الله ان يحق الحق بكلماته قال: الكلمات الأئمة صلوات الله عليهم.

27 - في تفسير العياشي عن محمد بن يحيى الخثعمي عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: " وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين انها لكم وتودون ان غير ذات الشوكة تكون لكم " فقال: الشوكة التي فيها القتال.

28 - عن جابر قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن تفسير هذه الآية في قول الله " يريد الله ان يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين " قال أبو جعفر عليه السلام: تفسيرها في الباطن " يريد الله " فإنه شئ يريده ولم يفعله بعد، واما قوله: " يحق الحق بكلماته " فإنه يعني يحق حق آل محمد صلى الله عليه وآله واما قوله: " بكلماته " قال: كلماته في الباطن علي هو كلمات الله في الباطن واما قوله: " ويقطع دابر الكافرين " فهو بني أمية هم الكافرون يقطع الله دابرهم واما قوله " ليحق الحق " فإنه يعني ليحق حق آل محمد حين يقوم القائم عليه السلام واما قوله: " ويبطل الباطل " يعني القائم فإذا قام يبطل باطل بني أمية وذلك ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون.

29 - في مجمع البيان " إذ تستغيثون ربكم " الآية قيل: إن النبي صلى الله عليه وآله لما نظر إلى كثرة عدد المشركين وقلة عدد المسلمين استقبل القبلة وقال: اللهم انجز لي ما وعدتني، اللهم ان تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض فما زال يهتف به مادا يديه حتى سقط رداؤه من منكبه، فأنزل الله تعالى: " إذ تستغيثون ربكم " الآية وهو المروى عن أبي جعفر عليه السلام، قال: ولما أمسى رسول الله صلى الله عليه وآله وجنه الليل ألقى الله على أصحابه النعاس و كانوا قد نزلوا في موضع كثير الرمل لا يثبت فيه قدم، فأنزل الله عليهم المطر رذادا حتى لبدوا وثبتت أقدامهم، وكان المطر على قريش مثل العزالي، والقى الله في قلوبهم الرعب كما قال الله تعالى: سألقى في قلوب الذين كفروا الرعب.

قال مؤلف هذا الكتاب " عفى عنه ": قوله عز وجل: " بألف من الملائكة مردفين " سبق في القصة عن علي بن إبراهيم له بيان، وقوله: " وينزل عليكم من السماء ماءا " وقوله: " ويثبت به الاقدام " سبق لهما بيان في القصة، وفي ما نقلناه عن مجمع البيان وقوله: " ويذهب عنكم رجز الشيطان " سبق له بيان في القصة.

30 - في كتاب الخصال عن أمير المؤمنين عليه السلام اشربوا ماء السماء فإنه يطهر البدن ويدفع الأسقام، قال الله تبارك وتعالى: " وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان ويثبت به الاقدام " وفي الكافي باسناده إلى أبي عبد الله عليه السلام مثله.

31 - في تفسير العياشي عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن هذه الآية في البطن " وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الاقدام " فالسماء في الباطن رسول الله صلى الله عليه وآله، والماء علي عليه السلام، جعل الله عليا عليه السلام من رسول الله صلى الله عليه وآله، فذلك قوله: " ماءا ليطهركم به " فذلك علي يطهر الله به قلب من والاه، واما قوله: " ويذهب عنكم رجز الشيطان " من والى عليا يذهب الرجز عنه ويقوي عليه (54) " ويربط على قلوبكم ويثبت به الاقدام " فإنه يعني عليا من والى عليا يربط الله على قلبه بعلي فيثبت على ولايته.

32 - عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله: " ويذهب عنكم رجز - الشيطان " قال: لا يدخلنا ما يدخل الناس من الشك.

33 - عن محمد بن يوسف قال: اخبرني أبي قال: سألت أبا جعفر عليه السلام فقلت: إذ يوحى ربك إلى الملائكة اني معكم قال: القائم.

قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه " قوله عز وجل: " سألقى في قلوب الذين كفروا الرعب " سبق له بيان في القصة وفيما نقلناه عن مجمع البيان: وقوله " واضربوا منهم كل بنان " سبق له بيان في القصة.

34 - في الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بعض أصحابه عن أبي حمزة عن عقيل الخزاعي ان أمير المؤمنين عليه السلام كان إذا حضر الحرب يوصى المسلمين بكلمات: يقول: تعاهدوا الصلاة إلى أن قال عليه السلام: ثم إن الرعب والخوف من جهاد المستحق للجهاد والمتوازرين على الضلال ضلال في الدين، وسلب للدنيا مع الذل والصغار وفيه استيجاب النار بالفرار من الزحف عند حضرة لقتال يقول الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الادبار.

35 - أحمد بن محمد الكوفي عن ابن جمهور عن أبيه عن محمد بن سنان عن مفضل ابن عمر عن أبي عبد الله عليه السلام، وعن عبد الله بن عبد الرحمان الأصم عن حريز عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام لأصحابه: إذا لقيتم عدوكم في الحرب فأقلوا الكلام واذكروا الله عز وجل ولا تولوهم الادبار فتسخطوا الله تبارك وتعالى وتستوجبوا غضبه.

36 - في عيون الأخبار في باب ما كتب به الرضا عليه السلام إلى محمد بن سنان في جواب مسائله في العلل: وحرم الله تعالى الفرار من الزحف لما فيه من الوهن في الدين والاستخفاف بالرسل والأئمة العادلة عليهم السلام، وترك نصرتهم على الأعداء والعقوبة لهم على انكار ما دعوا إليه من الاقرار بالربوبية واظهار العدل وترك الجور وإماتة الفساد (55) لما في ذلك من جرءة العدو على المسلمين وما يكون من السبي والقتل وابطال دين الله عز وجل وغيره من الفساد.

37 - في كتاب الخصال في مناقب أمير المؤمنين عليه السلام وتعدادها قال عليه السلام: واما الثالثة والستون فاني لم أفر من الزحف قط، ولم يبارزني أحد الا سقيت الأرض من دمه.

38 - في تفسير العياشي عن زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال: قلت: الزبير شهد بدرا؟قال: نعم ولكنه فر يوم الجمل، فإن كان قاتل المؤمنين فقد هلك بقتاله إياهم، وإن كان قاتل كفارا فقد باء بغضب من الله حين ولاهم دبره.

39 - عن أبي جعفر عليه السلام: ما شأن أمير المؤمنين عليه السلام حين ركب منه ما ركب لم يقاتل؟فقال: للذي سبق في علمه (56) أن يكون ما كان لأمير المؤمنين عليه السلام أن يقاتل وليس معه الا ثلاثة رهط، فكيف يقاتل؟ألم تسمع قول الله عز وجل: " يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا " إلى " وبئس المصير " فكيف يقاتل أمير المؤمنين عليه السلام بعدها؟فإنما هو يومئذ ليس معه مؤمن غير ثلاثة رهط.

40 - عن أبي أسامة زيد الشحام قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام جعلت فداك انهم يقولون ما منع عليا إن كان له حق ان يقوم بحقه؟فقال: ان الله لم يكلف هذا أحدا الا نبيه عليه وآله السلام قال له: " قاتل في سبيل الله لا تكلف الا نفسك " وقال لغيره: " الا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة " فعلي لم يجد فيه ولو وجد فيه لقاتل ثم قال: لو كان جعفر وحمزة حيين انما بقي رجلان، (57) قال: " متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة " قال: متطردا (58) يريد الكرة عليهم، أو متحيزا يعني متأخرا إلى أصحابه من غير هزيمة، فمن انهزم حتى يجوز صف أصحابه فقد باء بغضب من الله.

41 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن محبوب عن الحسن بن صالح عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان يقول. من فر من رجلين في الفتال. من الزحف فقد فر، ومن فر من ثلاثة في القتال من الزحف فلم يفر.

42 - في تفسير العياشي عن محمد بن كليب الأسدي عن أبيه قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله: وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى قال علي عليه السلام: ناول رسول الله صلى الله عليه وآله القبضة التي رمى بها.

43 - وفي خبر آخر عنه: ان عليا ناوله قبضة من تراب رمى بها.

44 - عن عمرو بن أبي المقدام عن علي بن الحسين قال: ناول رسول الله صلى الله عليه وآله علي بن أبي طالب كرم الله وجهه قبضة من التراب التي رمى بها في وجوه المشركين فقال الله: " وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ".

45 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي " رحمه الله " عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل وفيه وقال: " فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى " فسمى فعل النبي فعلا له، الا ترى تأويله على غير تنزيله.

46 - في كتاب الخصال في مناقب أمير المؤمنين وتعدادها قال عليه السلام: واما الخامسة والثلاثون فان رسول الله صلى الله عليه وآله وجهني يوم بدر فقال: أتيني بكف حصيات مجموعة في مكان واحد، فأخذتها ثم شممتها فإذا هي طينة يفوح منها رايحة المسك، فأتيته بها فرمى بها وجه المشركين، وتلك الحصيات أربع منها كن من الفردوس، وحصاة من المشرق، وحصاة من المغرب، وحصاة من تحت العرش، مع كل حصاة مأة الف ملك مددا لنا لم يكرم الله عز وجل بهذه الفضيلة أحدا قبلنا ولا بعدنا قال مؤلف هذا الكتاب " عفى عنه " سبق لهذه الآية بيان في القصة الطويلة المنقولة عن علي بن إبراهيم.

47 - في مجمع البيان: ان تستفتحوا فقد جائكم الفتح وفي حديث أبي حمزة قال أبو جهل: اللهم ربنا ديننا القديم ودين محمد الحديث فأي دينين كان أحب إليك وارضى عندك فانصر أهله اليوم.

قال مؤلف هذا الكتاب " عفى عنه ": قد سبق لهذه أيضا بيان في القصة السابقة.

48 - في مجمع البيان: ان شر الدواب عند الله الصم الآيتين وقال الباقر عليه السلام نزلت الآية في بني عبد الدار لم يكن أسلم منهم غير مصعب بن عمير و حليف لهم يقال له سويط.

49 - في أصول الكافي علي بن محمد ومحمد بن الحسن عن سهل بن زياد عن القاسم بن الربيع عن عبيدة بن عبد الله بن أبي هاشم الصيرفي عن عمرو بن مصعب عن سلمة بن محرز قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن من علم ما أوتينا تفسير القرآن واحكامه وعلم تغيير الزمان وحدثانه، إذا أراد الله بقوم خيرا أسمعهم ولو اسمع من لم يسمع لولى معرضا كأن لم يسمع، ثم أمسك هنيئة ثم قال: ولو وجدنا أوعية أو مستراحا لقلنا والله المستعان.

50 - في روضة الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد ابن خالد والحسين بن سعيد جميعا عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن عبد الله ابن مسكان عن زيد بن الوليد الخثعمي عن أبي الربيع الشامي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم قال: نزلت في ولاية علي عليه السلام.

51 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: " يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم " قال: الحياة الجنة.

52 - حدثنا أحمد بن محمد عن جعفر بن عبد الله عن كثير بن عياش عن أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: " يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم " يقول: ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام، فان اتباعكم إياه وولايته أجمع لامركم وأبقى للعدل فيكم، واما قوله: واعلموا ان الله يحول بين المرء وقلبه يقول: بين المؤمن ومعصيته ان تقوده إلى النار، وبين الكافر وبين طاعته أن يستكمل بها الايمان، واعلموا ان الأعمال بخواتيمها.

53 - في كتاب التوحيد حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد " رحمة الله عليه " قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار وسعد بن عبد الله جميعا قالا: حدثنا أيوب ابن نوح عن محمد بن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: " واعلموا ان الله يحول بين المرء وقلبه " قال: يحول بينه وبين ان يعلم أن الباطل حق.

54 - في مجمع البيان وقيل: إنه سبحانه يملك تقليب القلوب من حال إلى حال كما جاء في الدعاء: يا مقلب القلوب، وروى يونس بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام: معناه لا يستيقن القلب ان الحق باطل أبدا، ولا يستيقن القلب ان الباطل حق ابدا.

55 - في تفسير العياشي عن حمزة بن الطيار عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: " يحول بين المرء وقلبه " قال هو ان يشتهي الشئ بسمعه وبصره ولسانه ويده. اما ان هو غشى شيئا مما يشتهي فإنه لا يأتيه الا وقلبه منكر لا يقبل الذي يأتي، يعرف ان الحق ليس فيه.

56 - عن حمزة بن الطيار عن أبي عبد الله عليه السلام " واعلموا ان الله يحول بين المرء وقلبه " قال: هو ان يشتهي الشئ بسمعه وبصره ولسانه ويده، واما انه لا يغشى شيئا منها وإن كان يشتهيه فإنه لا يأتيه الا وقلبه منكر، لا يقبل الذي يأتي، يعرف ان الحق ليس فيه.

57 - عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: هذا الشئ يشتهيه الرجل بقلبه وسمعه وبصره لا تتوق (59) نفسه إلى غير ذلك فقد حيل بينه وبين قلبه الا ذلك الشئ.

58 - عن عبد الرحمن بن سالم عنه في قوله: واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة قال: أصابت الناس فتنة بعد ما قبض الله نبيه حتى تركوا عليا و بايعوا غيره، وهي الفتنة التي فتنوا فيها، وقد أمرهم رسول الله صلى الله عليه وآله باتباع علي والأوصياء من آل محمد عليهم السلام.

59 - عن إسماعيل السري عن النبي صلى الله عليه وآله: " واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة " قال: أخبرت انهم أصحاب الجمل.

60 - في أصول الكافي باسناده إلى أبي عبد الله عليه السلام عن علي بن الحسين عليهما السلام حديث طويل وفيه ثم قال في بعض كتابه: " واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة " في انا أنزلناه في ليلة القدر (60) يقول: إن محمدا حين يموت يقول أهل الخلاف لأمر الله عز وجل: مضت ليلة القدر مع رسول الله صلى الله عليه وآله، فهذه فتنة أصابتهم خاصة.

61 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: " واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة " فهذه أصحاب النبي صلى الله عليه وآله، قال الزبير يوم هرم أصحاب الجمل: لقد قرأت هذه الآية وما احسب اني من أهلها حتى كان اليوم، لقد كنت أتقيها ولا أعلم اني من أهلها.

62 - في مجمع البيان قرأ أمير المؤمنين وأبو جعفر الباقر عليهما السلام لتصيبن.

63 - عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية " واتقوا فتنة " قال النبي صلى الله عليه وآله: من ظلم عليا عليه السلام مقعدي هذا بعد وفاتي فكأنما جحد نبوتي ونبوة الأنبياء قبلي.

64 - في كشف المحجة لابن طاووس " عليه الرحمة " عن أمير المؤمنين عليه السلام حديث طويل وفيه: فاما الآيات التي في قريش فهي قوله تعالى واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون ان يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون.

65 - في مجمع البيان - يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول و تخونوا أماناتكم الآيتان قال الكلبي والزهري: أنزلت في أبي لبابة بن عبد المنذر الأنصاري، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله حاصر يهود قريظة إحدى وعشرين ليلة فسئلوا رسول الله صلى الله عليه وآله على ما صالح عليه اخوانهم من بني النظير على أن يسيروا إلى اخوانهم إلى اذرعات وادي من ارض الشام، فأبى ان يعطهم ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله الا ان ينزلوا على حكم سعد بن معاذ، فقالوا: ارسل إلينا أبا لبابة وكان مناصحا لهم لان عياله وماله وولده كانت عندهم، فبعثه رسول الله صلى الله عليه وآله فأتاهم فقالوا: ما ترى يا أبا لبابة أنزل على حكم سعد بن معاذ؟فأشار أبو لبابة بيده إلى حلقه انه الذبح فلا تفعلوا فاتاه جبرئيل عليه السلام فأخبره بذلك، قال أبو لبابة: فوالله ما زالت قدماي من مكانهما حتى عرفت اني قد خنت الله ورسوله، فنزلت الآية فيه، فلما نزلت شد نفسه على سارية من سواري المسجد وقال: والله لا أذوق طعاما ولا شرابا حتى خر مغشيا عليه، ثم تاب الله عليه فقيل له: يا أبا لبابة قد تيب عليك فقال: لا والله لا أحل نفسي حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وآله هو الذي يحلني، فجاءه فحله بيده، ثم قال أبو - لبابة: ان من تمام توبتي ان اهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب وان انخلع من مالي، فقال النبي صلى الله عليه وآله: يجزيك الثلث ان تصدق به وهو المروى عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام.

66 - في تفسير علي بن إبراهيم وفى رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل: " يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون " فخيانة الله والرسول معصيتهما، واما خيانة الأمانة فكل انسان مأمون على ما افترض الله عز وجل عليه.

67 - في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل وقع لي عنده مال و كابرني عليه وحلف، ثم وقع له عندي مال فاخذه مكان مالي الذي اخذه واجحده واحلف عليه كما صنع؟فقال: ان خانك فلا تخنه، فلا تدخل فيما عبته عليه.

68 - علي بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن ابن أبي عمير عن إبراهيم بن عبد الحميد عن معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الرجل يكون لي عليه الحق فيجحدنيه ثم يستودعني مالا إلى أن آخذ مالي عنده؟قال: لا، هذه خيانة.

69 - عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد وسهل بن زياد عن ابن محبوب عن سيف بن عميرة عن أبي بكر الحضرمي قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام: رجل كان له على رجل مال فجحده إياه وذهب به، ثم صار بعد ذلك للرجل الذي ذهب بماله مال قبله أيأخذه منه مكان ماله الذي ذهب به منه ذلك الرجل؟قال: نعم، ولكن لهذا كلام يقول: " اللهم إني آخذ هذه المال مكان مالي الذي اخذه مني واني لم آخذ ما أخذت منه خيانة ولا ظلما ".

70 - في مجمع البيان عن أمير المؤمنين عليه السلام لا يقولن أحدكم اللهم إني أعوذ بك من الفتنة لأنه ليس أحد الا وهو مشتمل على فتنة، ولكن من استعاذ فليستعذ من مضلات الفتن فان الله سبحانه يقول: واعلموا انما أموالكم وأولادكم فتنة.

71 - في كتاب المناقب لابن شهرآشوب روى يحيى بن أبي كثير وسفيان بن عيينة باسنادهما انه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله بكاء الحسن والحسين عليهما السلام وهو على المنبر، فقام فزعا ثم قال: أيها الناس ما الولد الا فتنة، لقد قمت إليهما وما معي عقلي. وفي رواية بريدة وما أعقل.

72 - عن عبد الله بن بريدة قال: سمعت أبي يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يخطب على المنبر فجاء الحسن والحسين عليهما السلام وعليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران فنزل رسول الله صلى الله عليه وآله من المنبر فحملهما ووضعهما على يديه ثم قال: صدق الله حيث قال: " انما أموالكم وأولادكم فتنة " إلى آخر كلامه.

73 - وفي خبر آخر: أولادنا أكبادنا يمشون على الأرض.

74 - في أمالي شيخ الطائفة قدس سره باسناده إلى جابر بن عبد الله بن حزام الأنصاري " رحمة الله عليه " قال: تمثل إبليس لعنه الله في أربع صور إلى قوله: وتصور يوم اجتماع قريش في دار الندوة في صورة شيخ من أهل نجد وأشار إليهم في النبي صلى الله عليه وآله بما أشار، فأنزل الله تعالى: وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.

75 - في تفسير العياشي عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أحدهما (ع) ان قريشا اجتمعت فخرج من كل بطن أناس، ثم انطلقوا إلى دار الندوة ليشاوروا فيما يصنعون برسول الله صلى الله عليه وآله، فإذا هم بشيخ قائم على الباب فإذا ذهبوا إليه ليدخلوا قال: ادخلوني معكم قالوا: ومن أنت يا شيخ؟قال: أنا شيخ من بني مضر ولي رأي أشير به عليكم، فدخلوا وجلسوا وتشاوروا وهو جالس، وأجمعوا أمرهم على أن يخرجوه، فقال: ليس هذا لكم برأي ان أخرجتموه جلب عليكم الناس (61) فقاتلوكم، قالوا: صدقت ما هذا برأي، ثم تشاوروا فأجمعوا أمرهم على أن يوثقوه، قال: ليس هذا بالرأي ان فعلتم هذا ومحمد رجل حلو اللسان أفسد عليكم أبنائكم وخدمكم وما ينفع أحدكم إذا فارقه أخوه وابنه أو امرأته، ثم تشاوروا فأجمعوا أمرهم على أن يقتلوه يخرجون من كل بطن منهم بشاهر فيضربوه بأسيافهم جميعا عند الكعبة ثم قرأ هذه الآية " وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك " إلى آخر الآية.

76 - عن زرارة وحمران عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قوله: " والله خير الماكرين " قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قد كان لقى من قومه بلاءا شديدا حتى اتوه ذات يوم وهو ساجد حتى طرحوا عليه رحم شاة فأتته ابنته وهو ساجد لم يرفع رأسه، فرفعت عنه ومسحته ثم أراه الله بعد ذلك الذي يحب انه كان ببدر وليس معه غير فارس واحد، ثم كان معه يوم الفتح اثنا عشر ألفا، ثم جعل أبو سفيان والمشركون يستعينون، ثم لقى أمير المؤمنين عليه السلام من الشدة والبلاء والتظاهر عليه ولم يكن معه أحد من قومه بمنزلته، اما حمزة عليه السلام فقتل يوم أحد واما جعفر عليه السلام فقتل يوم موتة.

77 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: " وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين " فإنها نزلت بمكة قبل الهجرة وكان سبب نزولها انه لما أظهر رسول الله صلى الله عليه وآله الدعوة بمكة قدمت عليه الأوس والخزرج فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله: تمنعوني وتكونون لي جارا حتى اتلوا عليكم كتاب ربي و ثوابكم على الله الجنة؟فقالوا: نعم خذ لربك ولنفسك ما شئت، فقال لهم: موعدكم العقبة في الليلة الوسطى من ليالي التشريق، فحجوا ورجعوا إلى منى وكان فيهم ممن قد حج بشر كثير.

فلما كان يوم الثاني من أيام التشريق قال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا كان الليل فاحضروا دار عبد المطلب على العقبة ولا تنبهوا نائما ولينسل واحد فواحد، فجاء سبعون رجلا من الأوس والخزرج فدخلوا الدار، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله: تمنعوني وتجيروني حتى اتلو عليكم كتاب ربي وثوابكم على الله الجنة؟فقال سعد بن زرارة والبراء بن معرور وعبد الله بن حزام: نعم يا رسول الله اشترط لربك ولنفسك ما شئت، فقال: اما ما اشترط لربي فان تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، واشترط لنفسي ان تمنعوني مما تمنعون أنفسكم وتمنعون أهلي مما تمنعون أهليكم وأولادكم فقالوا: فما لنا على ذلك؟قال: الجنة في الآخرة وتملكون العرب وتدين لكم العجم في الدنيا، وتكونون ملوكا في الجنة فقالوا: قد رضينا، فقال: اخرجوا إلي منكم اثنى عشر نقيبا يكونون شهداء عليكم بذلك كما اخذ موسى من بني إسرائيل اثنى عشرنقيبا، فأشار إليهم جبرئيل عليه السلام فقال: هذا نقيب، وهذا نقيب، تسعة من الخزرج، وثلاثة من الأوس، فمن الخزرج سعد بن زرارة والبراء بن معرور، وعبد الله بن حزام، وأبو جابر بن عبد الله، ورافع بن مالك، وسعد بن عبادة، والمنذر بن عمرو، وعبد الله ابن رواحة، وسعد بن الربيع، وعبادة بن الصامت، ومن الأوس أبو الهيثم بن التيهان و هو من اليمن، وأسيد بن حضير وسعد بن خيثمة.

فلما اجتمعوا وبايعوا رسول الله صلى الله عليه وآله صاح إبليس: يا معشر قريش والعرب هدا محمد والصباة من أهل يثرب على جمرة العقبة يبايعونه على حربكم فأسمع أهل منى وهاجت قريش فأقبلوا بالسلاح، وسمع رسول الله صلى الله عليه وآله النداء، فقال للأنصار: تفرقوا فقالوا: يا رسول الله ان أمرتنا ان نميل عليهم بأسيافنا فعلنا؟فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لم أومر بذلك ولم يأذن الله لي في محاربتهم، قالوا: فتخرج معنا؟قال: أنتظر أمر الله، فجائت قريش على بكرة أبيها (62) قد أخذوا السلاح، وخرج حمزة وأمير المؤمنين عليهما السلام ومعهما السيف فوقفا على العقبة فلما نظرت قريش إليهما قالوا: ما هذا الذي اجتمعتم له؟فقال حمزة: ما اجتمعنا وما هيهنا أحد، والله لا يجوز هذه العقبة أحد الا ضربته بسيفي، فرجعوا إلى مكة وقالوا لا نأمن ان يفسد أمرنا ويدخل واحد من مشايخ قريش في دين محمد صلى الله عليه وآله، فاجتمعوا في الندوة وكان لا يدخل دار الندوة الا من قد أتى عليه أربعون سنة فدخلوا أربعين رجلا من مشايخ قريش وجاء إبليس في صورة شيخ كبير، فقال له البواب: من أنت فقال: أنا شيخ من أهل نجد، لا يعدمكم مني رأي صايب اني حيث بلغني اجتماعكم في أمر هذا الرجل فجئت لأشير عليكم، فقال: ادخل، فدخل إبليس فلما أخذوا مجلسهم قال أبو جهل: يا معشر قريش انه لم يكن أحد من العرب أعز منا، نحن أهل الله وتغدو إلينا العرب في السنة مرتين ويكرمونا، ونحن في حرم الله لا يطمع فينا طامع، فلم نزل كذلك حتى فشا فينا محمد بن عبد الله فكنا نسميه الأمين لصلاحه وسكونه وصدق لهجته حتى إذا بلغ ما بلغ وأكرمناه ادعى انه رسول الله وان اخبار السماء تأتيه فسفه أحلامنا وسب آلهتنا، وافسد شبابنا وفرق جماعتنا، وزعم أنه من مات من أسلافنا ففي النار، فلم يرد علينا شئ أعظم من هذا وقد رأيت فيه رأيا، قالوا: وما رأيت؟قال: رأيت أن يدس إليه رجل منا ليقتله فان طلبت بنو هاشم بديته أعطيناهم عشر ديات فقال الخبيث: هذا رأي خبيث، قالوا: وكيف ذاك؟قال: لان قاتل محمد مقتول لا محالة فمن هذا الذي يبذل نفسه للقتل منكم؟فإنه إذا قتل محمد تعصبت بنو هاشم وحلفاؤهم من خزاعة، وان بني هاشم لا ترضى أن يمشي قاتل محمد على الأرض فتقع بينكم الحروب في حرمكم و تتفانوا، وقال آخر منهم: فعندي رأي آخر، قال: وما هو؟قال: ثبته في بيت ونلقى إليه قوته حتى تأتي إليه ريب المنون فيموت كما مات زهير والنابغة وامرؤ القيس، فقال: إبليس هذا أخبث من الآخر، قال: وكيف ذلك؟قال: لان بني هاشم لا ترضى بذلك فإذا جاء موسم من مواسم العرب استغاثوا واجتمعوا بهم عليكم فأخرجوه، قال آخر منهم: لا ولكنا نخرجه من بلادنا ونتفرغ نحن لعبادة آلهتنا فقال إبليس: هذا أخبث من الرأيين المتقدمين، قالوا: وكيف ذلك؟قال: لأنكم تعمدون إلى أصبح الناس وجها وأنطق الناس لسانا وأفصحهم لهجة، فتحملوه إلى بوادي العرب فيخدعهم و يسحرهم بلسانه فلا يفجأكم الا وقد ملاؤها عليكم خيلا ورجلا فبقوا حايرين، ثم قالوا لإبليس: فما الرأي فيه يا شيخ؟قال: ما فيه الا رأي واحد، قالوا: وما هو؟قال: يجتمع من كل بطن من بطون قريش واحد ويكن معهم من بني هاشم رجل فيأخذون سكينة أو حديدة أو سيفا فيدخلون عليه فيضربونه كلهم ضربة واحدة حتى يتفرق دمه في قريش كلها فلا تستطيع بنو هاشم أن يطلبوا بدمه وقد شاركوا فيه، فان سألوكم أن تعطوا الدية فأعطوهم ثلث ديات، قالوا: نعم وعشر ديات، ثم قالوا: الرأي رأي الشيخ النجدي فاجتمعوا ودخل معهم في ذلك أبو لهب عم النبي صلى الله عليه وآله ونزل جبرئيل على رسول الله صلى الله عليه وآله وأخبره ان قريشا قد اجتمعت في دار الندوة يدبرون عليك، وانزل الله في ذلك: " وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين " واجتمعت قريش ان يدخلوا عليه ليلا فيقتلوه وخرجوا إلى المسجد يصفرون ويصفقون ويطوفون بالبيت فأنزل الله: وما كان صلاتهم عند البيت الا مكاء وتصدية فالمكاء التصفير، والتصدية صفق اليدين وهذه الآية معطوفة على قوله: " وإذ يمكر بك الذين كفروا " وقد كتبت بعد آيات كثيرة، فلما أمسى رسول الله صلى الله عليه وآله جاءت قريش ليدخلوا عليه فقال أبو لهب: لا أدعكم ان تدخلوا عليه بالليل فان في الدار صبيانا ونساءا ولا نأمن ان يقع بهم يد خاطئة فنحرسه الليلة، فإذا أصبحنا دخلنا عليه، فناموا حول حجرة رسول الله صلى الله عليه وآله وامر رسول الله ان يفرش له، ففرش له فقال لعلي بن أبي طالب صلوات الله عليه: إفدني بنفسك، قال: نعم يا رسول الله قال: نم على فراشي والتحف ببردتي، فنام على فراش رسول الله صلى الله عليه وآله والتحف ببردته.

وجاء جبرئيل عليه السلام فأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وآله فأخرجه على قريش وهم نيام وهو يقرء عليهم: " وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون " وقال له جبرئيل عليه السلام: خذ على طريق ثور وهو جبل على طريق منى له سنام كسنام الثور، فدخل الغار وكان من امره ما كان، فلما أصبحت قريش وثبوا إلى الحجرة وقصدوا الفراش فوثب علي في وجوههم فقال: ما شأنكم؟قالوا له: أين محمد؟قال: جعلتموني عليه رقيبا؟ألستم قلتم نخرجه من بلادنا؟فقد خرج عنكم فاقبلوا على أبي لهب يضربونه ويقولون: أنت تخدعنا منذ الليلة، فتفرقوا في الجبال وكان فيهم رجل من خزاعة يقال له أبو كرز يقفو الآثار فقالوا له: يا أبا كرز اليوم اليوم فوقف بهم على باب حجرة رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: هذا قدم محمد و الله لأنها أخت القدم التي في المقام، وكان أبو بكر استقبل رسول الله صلى الله عليه وآله فرده معه وقال أبو كرز: وهذه قدم ابن أبي قحافة أو أبيه ثم قال: وهيهنا غير ابن أبي قحافة فما زال بهم حتى أوقفهم على باب الغار، ثم قال: ما جاوزوا هذا المكان اما ان يكونوا صعدوا إلى السماء أو دخلوا تحت الأرض، وبعث الله العنكبوت فنسجت على باب الغار، وجاء فارس من الملائكة حتى وقف على باب الغار ثم قال: ما في الغار أحد فتفرقوا في الشعاب، وصرفهم عن رسول الله صلى الله عليه وآله ثم اذن لنبيه في الهجرة.

78 - قوله: وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك الآية فإنها نزلت لما قال رسول الله صلى الله عليه وآله لقريش: ان الله بعثني ان أقتل جميع ملوك الدنيا وأجر الملك إليكم فأجيبوني إلى ما أدعوكم إليه تملكوا بها العرب وتدين لكم بها العجم، وتكونوا بها ملوكا في الجنة، فقال أبو جهل: " اللهم إن كان هذا " الذي يقول محمد " هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب اليم " حسدا لرسول الله صلى الله عليه وآله ثم قال: كنا وبني هاشم كفرسي رهان (63) نحمل إذا حملوا، ونطعن إذا طعنوا، ونوقد إذا أوقدوا فلما استوى بنا وبهم الركب، قال قائل منهم: منا نبي لا نرضى بذلك أن يكون في بني هاشم ولا يكون في بني مخزوم، ثم قال: غفرانك اللهم، فأنزل الله في ذلك وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون حين قال: غفرانك اللهم، فلما هموا بقتل رسول الله صلى الله عليه وآله واخرجوه من مكة، قال الله: وما لهم الا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام وما كانوا أوليائه يعني قريشا ما كانوا أولياء مكة ان أولياؤه الا المتقون أنت وأصحابك يا محمد، فعذبهم الله بالسيف يوم بدر.

79 - في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن سليمان عن أبيه عن أبي بصير قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وآله جالسا وذكر كلاما طويلا في فضل علي عليه السلام إلى أن قال: فغضب الحارث بن عمرو الفهري فقال: " اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك " ان بني هاشم يتوارثون هرقل (64) " فأرسل علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب اليم " فأنزل الله عليه مقالة الحارث ونزلت هذه الآية " وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون " ثم قال له: يا ابن عمرو اما تبت واما رحلت؟فدعى براحلته فركبها، فلما صار بظهر المدينة اتته جندلة فرضت هامته (65) فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لمن حوله من المنافقين انطلقوا إلى صاحبكم فقد أتاه ما استفتح به، قال الله عز وجل: " واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد " وحذفنا من الحديث أشياء ستقف عليها انشاء الله عند قوله: " ولما ضرب ابن مريم مثلا " الآية وفي أول " سأل سائل ".

80 - في مجمع البيان باسناده إلى سفيان بن عيينة عن جعفر بن محمد الصادق عن آبائه (ع) قال: لما نصب رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام يوم غدير خم فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، طار ذلك في البلاد، فقدم على النبي صلى الله عليه وآله النعمان بن الحارث الفهري فقال: أمرتنا من الله أن نشهد ان لا إله إلا الله وانك رسول الله، وأمرتنا بالجهاد والحج والصوم والصلاة والزكاة فقبلناها، ثم لم ترض حتى نصبت هذا الغلام فقلت: من كنت مولاه، فعلي مولاه فهذا شئ منك أو أمر من عند الله؟فقال: والله الذي لا إله إلا هو هذا من الله، فولى النعمان بن الحارث وهو يقول: " اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء " فرماه الله بحجر على رأسه فقتله.

81 - في روضة الكافي علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن محمد بن أبي حمزة وغير واحد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان لكم في حيوتي خيرا وفي مماتي خيرا، قال: فقيل: يا رسول الله اما حيوتك فقد علمنا فمالنا في وفاتك؟فقال: أما في حيوتي فان الله عز وجل يقول: " وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم " واما في مماتي فتعرض علي أعمالكم فأستغفر لكم.

82 - في نهج البلاغة وحكى أبو جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام انه صلى الله عليه وآله قال: كان في الأرض أمانان من عذاب الله سبحانه، فرفع أحدهما فدونكم الآخر فتمسكوا به، اما الأمان الذي رفع فهو رسول الله صلى الله عليه وآله واما الأمان الباقي فالاستغفار، قال الله جل من قائل: " وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ".

83 - في من لا يحضره الفقيه وقال النبي صلى الله عليه وآله: حيوتي خير لكم ومماتي خير لكم، فقالوا: يا رسول الله وكيف ذاك؟فقال: اما حيوتي فان الله يقول: و ما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم " والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

84 - في كتاب ثواب الأعمال وعن أبي جعفر عليه السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: الاستغفار لكم حصن حصين من العذاب، فمضى أكبر الحصنين وبقى الاستغفار فأكثروا منه، فإنه ممحاة للذنوب قال الله عز وجل: " وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ".

85 - في تفسير العياشي عن عبد الله بن محمد الجعفي قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وآله والاستغفار حصنين حصينين لكم من العذاب فمضى أكبر الحصنين وبقى الاستغفار فأكثروا منه فإنه ممحاة للذنوب، وان شئتم فاقرأوا: " وما كان الله ليعذبهم وأنت فيه وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ".

86 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى عمرو بن شمر عن جابر بن يزيد الجعفي قال: قلت لأبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام: لأي شئ يحتاج إلى النبي والامام؟فقال: لبقاء العالم على صلاحه وذلك أن الله عز وجل يرفع العذاب عن أهل الأرض إذا كان فيها نبي أو امام، قال الله عز وجل: " وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم " وقال النبي صلى الله عليه وآله: النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا ذهبت النجوم اتى أهل السماء ما يكرهون، وإذا ذهب أهل بيتي اتي أهل الأرض ما يكرهون، يعني بأهل بيته الأئمة عليهم السلام الذين قرن الله عز وجل طاعتهم بطاعته.

87 - في أمالي شيخ الطائفة " قدس سره " باسناده إلى سدير عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وهو في نفر من أصحابه: ان مقامي بين أظهركم خير لكم، وان مفارقتي إياكم خير لكم، فقام إليه جابر بن عبد الله الأنصاري وقال: يا رسول الله اما مقامك بين أظهرنا فهو خير لنا، فكيف يكون مفارقتك إيانا خيرا لنا؟فقال: اما مقامي بين أظهركم خير لكم لان الله عز وجل يقول: " وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون " يعني يعذبهم بالسيف، فاما مفارقتي إياكم فهو خير لكم لان أعمالكم تعرض علي كل اثنين وخميس، فما كان من حسن حمدت الله عليه، وما كان من سئ استغفرت لكم.

88 - وباسناده إلى جعفر بن محمد عليهما السلام عن آبائه عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال: أربع للمرء لا عليه، إلى قوله: والاستغفار فإنه قال: " وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ".

89 - في مجمع البيان: وما كانوا أوليائه اي وما كان المشركين أولياء مسجد الحرام وان سعوا في عمارته ان أوليائه الا المتقون معناه وما أولياء المسجد الحرام الا المتقون وهو المروى عن أبي جعفر عليه السلام.

قال مؤلف هذا الكتاب " عفى عنه " سبق لهذه الآية بيان فيما نقلناه قريبا عن علي ابن إبراهيم.

90 - في تفسير العياشي عن إبراهيم بن عمر اليماني عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله: وهم يصدون عن المسجد الحرام وما كانوا أوليائه يعني أولياء البيت يعني المشركين " ان أوليائه الا المتقون " حيث كانوا هم أولى به من المشركين وما كان صلاتهم عند البيت الا مكاء وتصدية قال: التصفير والتصفيق (66).

91 - في عيون الأخبار قال الرضا عليه السلام: وسميت مكة مكة لان الناس كانوا يمكون فيها، وكان يقال لمن قصدها: قد مكا، وذلك قول الله تعالى: " وما كان صلاتهم عند البيت الا مكاء وتصدية " فالمكاء التصفير، والتصدية صفق اليدين.

قال مؤلف هذا الكتاب " عفى عنه ": قد سبق لهذه الآية بيان فيما نقلناه قريبا عن علي بن إبراهيم.

92 - في مجمع البيان وروى أن النبي صلى الله عليه وآله كان إذا صلى في المسجد الحرام قام رجلان من بني عبد الدار عن يمينه فيصفران ورجلان عن يساره ويصفقان بأيديهما فيخلطان عليه صلاته فقتلهم الله جميعا ببدر.

93 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله: ان الذين كفروا ينفقون أموالهم إلى قوله: يحشرون قال: نزلت في قريش لما وافاهم ضمضم وأخبرهم بخبر رسول الله صلى الله عليه وآله في طلب العير، فاخرجوا أموالهم وحملوا وأنفقوا وخرجوا إلى محاربة رسول الله صلى الله عليه وآله ببدر، فقتلوا وصاروا إلى النار، وكان ما أنفقوا حسرة عليهم.

قال مولف هذا الكتاب " عفى عنه ". مر في تفسيره عند قوله: " كما أخرجك ربك " تسمية بعض المنفقين.

94 - في تفسير العياشي عن علي بن دراج الأسدي قال: دخلت على أبي جعفر عليه السلام فقلت له: اني كنت عاملا لبني أمية فأصبت مالا كثيرا فظننت ان ذلك لا يحل لي، قال: فسألت عن ذلك غيري؟قال: قلت: قد سئلت فقيل لي: ان أهلك و مالك وكل شئ لك حرام، قال: ليس كما قالوا لك، قلت: جعلت فداك فلى توبة؟قال: نعم توبتك في كتاب الله قل للذين كفروا ان ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف.

95 - في روضة الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن محمد بن مسلم قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: في قول الله عز ذكره: وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فقال: لم يجئ تأويل هذه الآية بعد، ان رسول الله صلى الله عليه وآله رخص لهم لحاجته وحاجة أصحابه، فلو قد جاء تأويلها لم يقبل منهم، ولكنهم يقتلون حتى يوحد الله عز وجل وحتى لا يكون شرك.

96 - في مجمع البيان " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة " الآية وروى زرارة وغيره عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: لم يجئ تأويل هذه الآية، ولو قد قام قائمنا بعد، سيرى من يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية، وليبلغن دين محمد صلى الله عليه وآله ما بلغ الليل حتى لا يكون شرك على ظهر الأرض كما قال الله تعالى.

97 - في تهذيب الأحكام علي بن الحسن بن فضال عن محمد ابن إسماعيل الزعفراني عن حماد بن عيسى عن عمر بن أذينة عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: سمعته يقول كلاما كثيرا ثم قال: وأعظم من ذلك كله سهم ذي القربى الذين قال الله تعالى: ان كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان نحن والله عنى بذي القربى والذين قرنهم الله بنفسه ونبيه فقال: فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل منا خاصة ولم يجعل لنا في سهم الصدقة نصيبا، أكرم الله نبيه وأكرمنا أن يطعمنا وساخ أيدي الناس.

98 - في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن أورمة ومحمد بن عبد الله عن علي بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله تعالى: " واعلموا انما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى " قال: أمير المؤمنين والأئمة عليهم السلام.

99 - الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن ابان عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل: " واعلموا انما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى " قال: هم قرابة رسول الله صلى الله عليه وآله والخمس للرسول صلى الله عليه وآله ولنا.

100 - احمد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الرضا عليه السلام قال: سئل عن قول الله: " واعلموا انما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى " فقيل له: فما كان لله فلمن هو؟فقال لرسول الله صلى الله عليه وآله، وما كان لرسول الله فهو للامام فقيل له: أرأيت إن كان صنف من الأصناف أكثر وصنف أقل ما يصنع به؟قال: ذلك إلى الامام أرأيت رسول الله صلى الله عليه وآله كيف يصنع؟أليس انما كان يعطي على ما يرى؟ كذلك الامام.

101 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن عبد الصمد بن بشير عن حكيم مؤذن بن عيسى قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: " و اعلموا انما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى " فقال أبو عبد الله عليه السلام بمرفقيه على ركبتيه ثم أشار بيده (67) ثم قال: هي والله الإفادة يوما بيوم، الا ان أبي جعل شيعته في حل.

102 - في روضة الكافي خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام يقول فيها: قد عملت الولاة قبلي أعمالا خالفوا فيها رسول الله صلى الله عليه وآله. ولو حملت الناس على تركها وحولتها إلى مواضعها والى ما كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله لتفرق عني جندي حتى أبقى وحدي أو قليل من شيعتي الذين عرفوا فضلي وفرض إمامتي من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله أرأيتم لو أمرت بمقام إبراهيم صلى الله عليه فرددته إلى الموضع الذي وضعه فيه رسول الله (68) وأعطيت من ذلك سهم ذي القربى الذي قال لله عز وجل: ان كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان فنحن والله عني بذلك القربى الذي قرننا الله بنفسه وبرسوله صلى الله عليه وآله، فقال: " فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى و المساكين وابن السبيل " فينا خاصة.

103 - علي بن محمد عن علي بن العباس عن الحسن بن عبد الرحمن عن عاصم بن حميد عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: ان بعض أصحابنا يفترون ويقذفون من خالفهم فقال لي: الكف عنهم أجمل ثم قال: والله يا أبا حمزة ان الناس كلهم أولاد بغايا ما خلا شيعتنا. قلت: كيف لي بالمخرج من هذا؟فقال: يا أبا حمزة كتاب الله المنزل يدل عليه.

ان الله تبارك وتعالى جعل لنا أهل البيت سهاما ثلاثة في جميع الفئ، ثم قال عز وجل: " واعلموا انما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى و اليتامى والمساكين وابن السبيل " فنحن أصحاب الخمس والفئ، وقد حرمنا على جميع الناس ما خلا شيعتنا والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

104 - في كتاب الاحتجاج للطبرسي " رحمه الله " عن علي بن الحسين عليهما السلام حديث طويل يقول فيه لبعض الشاميين: فهل قرأت هذه الآية: " واعلموا انما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى "؟فقال له الشامي: بلى فقال له عليه السلام: فنحن ذو القربى.

105 - في تهذيب الأحكام سعد بن عبد الله عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان ابن يحيى عن عبد الله بن مسكان قال: حدثنا زكريا بن مالك الجعفي عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئله عن قول الله عز وجل: " واعلموا انما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل " فقال: اما خمس الله عز وجل فللرسول يضعه في سبيل الله، واما خمس الرسول فلأقاربه، وخمس ذوي القربى فهم أقرباؤه، واليتامى يتامى أهل بيته، فجعل هذه الأربعة أسهم فيهم، واما المساكين وابن السبيل فقد عرفت انا لا نأكل الصدقة ولا تحل لنا فهي للمساكين وأبناء السبيل.

106 - وعنه عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضال عن أبيه عن عبد الله بن بكير عن بعض أصحابه عن أحدهما عليهما السلام في قول الله عز وجل: " واعلموا انما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل " قال: خمس الله عز وجل للامام وخمس الرسول للامام، وخمس ذي القربى لقرابة الرسول الامام، واليتامى يتامى آل الرسول والمساكين منهم، وأبناء السبيل منهم، فلا يخرج منهم إلى غيرهم.

107 - في عوالي اللئالي ونقل عن علي عليه السلام انه قيل له: ان الله تعالى يقول: " واليتامى والمساكين " فقال ايتامنا ومساكيننا.

108 - وفي تفسير الثعلبي عن المنهال بن عمرو قال: سألت زين العابدين عليه السلام عن الخمس؟قال: هو لنا، فقلت: ان الله تعالى يقول: " واليتامى والمساكين " قال: أيتامنا ومساكيننا.

109 - في كتاب الخصال عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي بن أبي طالب عليهم السلام عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال في وصية له: يا علي ان عبد المطلب سن في الجاهلية خمس سنن أجراها الله له في الاسلام، إلى قوله: ووجد كنزا فأخرج منه الخمس وتصدق به فأنزل الله تعالى: " واعلموا انما غنمتم من شئ فأن لله خمسه " الآية.

110 - في عيون الأخبار في باب مجلس الرضا عليه السلام مع المأمون في الفرق بين العترة والأمة حديث طويل وفيه قالت العلماء له: فأخبرنا هل فسر الله تعالى الاصطفاء في الكتاب؟فقال الرضا عليه السلام فسر الاصطفاء في الظاهر دون الباطن في اثنى عشر موطنا وموضعا، فأول ذلك قوله عز وجل إلى أن قال: واما الآية الثامنة فقوله عز وجل: " واعلموا انما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى " فقرن سهم ذي القربى مع سهمه وسهم رسول الله صلى الله عليه وآله، فهذا فصل أيضا بين الآل والأمة، لان الله تعالى جعلهم في حيز وجعل الناس في حيز دون ذلك، ورضى لهم ما رضى لنفسه، و اصطفاهم فيه فبدأ بنفسه، ثم ثنى برسوله ثم بذي القربى فكل ما كان من الفئ والغنيمة وغير ذلك مما رضيه عز وجل لنفسه فرضيه لهم، فقال وقوله الحق: " واعلموا انما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى " فهذا تأكيد مؤكد وأثر قايم لهم إلى يوم القيامة في كتاب الله الناطق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، واما قوله: " واليتامى والمساكين " فان اليتيم إذا انقطع يتمه خرج من الغنايم ولم يكن له فيها نصيب، وكذلك المسكين إذا انقطع مسكنته لم يكن له نصيب من المغنم ولا يحل له أخذه، وسهم ذي القربى إلى يوم القيامة قايم فيهم للغني والفقير منهم، لأنه لا أحد أغنى من الله عز وجل ولا من رسوله صلى الله عليه وآله، فجعل لنفسه منها سهما ولرسوله سهما فما رضيه لنفسه ولرسوله رضيه لهم، و كذلك الفئ ما رضيه منه لنفسه ولنبيه رضيه لذي القربى كما اجراهم في الغنيمة، فبدأ بنفسه جل جلاله ثم برسوله ثم بهم، وقرن سهمهم بسهمه وسهم رسوله وكذلك في الطاعة قال: " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الامر منكم " فبدأ بنفسه ثم برسوله ثم بأهل بيته، وكذلك آية الولاية " انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا " فجعل ولايتهم مع طاعة الرسول مقرونة بطاعته، كما جعل سهمه مع سهم الرسول مقرونا بسهمه في الغنيمة والفئ، فتبارك الله تعالى ما أعظم نعمته على أهل هذا البيت، فلما جاءت قصة الصدقة نزه نفسه ورسوله ونزه أهل بيته فقال: " انما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله " فهل تجد في شئ من ذلك أنه عز وجل سمى لنفسه أو لرسوله أو لذي القربى، لأنه لما نزه نفسه عن الصدقة ونزه رسوله نزه أهل بيته، لا بل حرم عليهم لان الصدقة محرمة على محمد وآله وهي أوساخ أيدي الناس لا تحل لهم لأنهم طهروا من كل دنس ووسخ، فلما ظهرهم واصطفاهم رضى لهم ما رضى لنفسه، وكره لهم ما كره لنفسه فهذه الثامنة.

111 - في تفسير العياشي عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن قول الله " واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى " قال: هم أهل قرابة رسول الله صلى الله عليه وآله فسألته: منهم اليتامى والمساكين وابن السبيل؟قال: نعم.

112 - عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: إن نجدة الحروري كتب إلى ابن عباس يسئله عن موضع الخمس لمن هو؟فكتب إليه: اما الخمس فانا نزعم انه لنا، ويزعم قومنا انه ليس لنا فصبرنا.

113 - عن زرارة ومحمد بن مسلم وأبي بصير انهم قالوا له: ما حق الامام في أموال الناس؟قال: الفئ والأنفال والخمس، فكل ما دخل منه فئ أو أنفال أو خمس أو غنيمة فان لهم خمسه فان الله تعالى يقول: " واعلموا انما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين " وكل شئ في الدنيا فان لهم فيه نصيبا، فمن وصلهم بشئ مما يدعون له أكبر مما يأخذون منه.

114 - عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عن قول الله: " واعلموا انما غنمتم من شئ فان لله خمس وللرسول ولذي القربى " قال: الخمس لله وللرسول وهو لنا.

115 - عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل من أصحابنا في لوائهم فيكون معهم فيصيب غنيمة قال: يؤدي خمسنا ويطيب له.

116 - عن إسحاق بن عمار أبي عبد الله عليه السلام قال: في تسعة عشر من شهر رمضان يلتقي الجمعان، قلت ما معنى قوله: يلتقي الجمعان قال: يجمع فيها ما يريد من تقديمه وتأخيره وارادته وقضائه.

117 - في كتاب الخصال عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: الغسل في سبعة عشر موطنا، ليلة سبعة وعشرين من شهر رمضان وهي ليلة التقى الجمعان ليلة بدر.

118 - في تفسير علي بن إبراهيم قوله عز وجل: إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى يعني قريشيا حين نزلوا بالعدوة اليمانية ورسول الله صلى الله عليه وآله حين نزل بالعدوة الشامية والركب أسفل منكم وهي العير التي أفلتت.

119 - في تفسير العياشي عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: " والركب أسفل منكم " قال: أبو سفيان وأصحابه 120 - في كتاب مقتل الحسين (ع) لأبي مخنف ان الحسين عليه السلام بعد أن بلغه قتل مسلم وهاني ونزوله بالعقبة قال له بعض من حضرنا: فأنشدك الله الا ما رجعت ، فوالله ما تقدم الا على أطراف الأسنة وحرارات السيوف، وان هؤلاء القوم الذين بعثوا إليك لو كان فيهم صلاح، لكفوك مؤنة الحرب والقتال، وطيبوا لك الطريق، ولكان الوصول إليهم رأيا سديدا، فالرأي عندنا ان ترجع عنهم ولا تقدم عليهم، فقال له الحسين عليه السلام: صدقت يا عبد الله فيما تقول ولكن ليقضي الله أمرا كان مفعولا.

121 - في مصباح شيخ الطايفة خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام خطب بها في يوم الغدير وفيها و لم يدع الخلق في بهم صما ولا عميا بكما، بل جعل لهم عقولا ما زخت شواهدهم وتفرقت في هياكلهم حفقها في نفوسهم واستعبد لها حواسهم، فقرر بها على أسماع ونواظر أفكار وخواطر ألزمهم بها حجته واراهم بها محجته، وأنطقهم عما شهدته بالسن ذربة بما قام فيها من قدرته وحكمته، وبين عندهم بها ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة وان الله لسميع عليم بصير شاهد خبير.

122 - في تفسير علي بن إبراهيم: " ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة " قال: يعلم من بقي ان الله عز وجل نصره.


1. قال الفيض (ره): يعني ليس المعنى يسئلونك عن حقيقة الأنفال وانما المعنى يسئلونك ان تعطيهم من الأنفال " انتهى " ويمكن أن يكون المراد - بقرينة ما مر من كتاب مجمع البيان في حديث - 4 هو قراءة الآية وانها في قرائتهم عليهم السلام " يسئلونك الأنفال " لكن توافقت النسخ حتى المصدر والوافي والوسائل على قوله " يسئلونك عن الأنفال " باثبات لفظة " عن " قبيل هذا والله أعلم. .

2. جدعه: قطع انفه. ولعل الوجه في كلامه عليه السلام هو اشتمال السورة على ذكر الخمس لذوي القربى، فهذا قطع أنف المخالفين الجاحدين لحقوقهم عليهم السلام. .

3. الآجام جمع الأجمة - بحركة -: الشجر الملتف الكثير ويقال له بالفارسية " بيشه ". .

4. اي هلكوا أو انقرضوا. .

5. ما بين العلامتين غير موجود في المصدر. .

6. العير: قافلة الحمير مؤنثة، ثم كثرت حتى سميت بها كل قافلة. .

7. النقرة - بفتح النون وسكون القاف أو كسرها: موضع في طريق مكة كما قاله الحموي وفي المصدر " البهرة " بدل النقرة " قال الفيروزآبادي: البهرة - بالضم -: موضع بنواحي المدينة. .

8. القلوص من الإبل: الشابة. .

9. صباة - كغلاة - جمع الصابئ وهو الذي خرج من دين إلى دين آخر. .

10. اي يشق وترة أنفه. .

11. وفي المصدر " ويستوثق به " والظاهر أنه مصحف. .

12. دهده الحجر: دحرجه. .

13. النش: نصف الأوقية، وكانت الأوقية عند العرب أربعين درهما. .

14. القينات جمع القينة، الأمة المغنية. .

15. فت الشئ: : دقه وكسره بالأصابع. .

16. هي قرية بين جبلين .

17. الخيلاء: الكبر والاعجاب. .

18. الجمر: النار المتوقد والغضاة شجر عظيم وخشبه من أصلب الخشب وهو حسن النار، وجمره يبقى زمانا طويلا لا ينطفئ والشوك: ما يخرج من النبات شبيها بالابر. و الهراس: شجر كثير الشوك طويلة. .

19. انجاد جمع نجد: الشجاع الماضي في ما يعجزه غيره، سريع الإجابة فيما دعى إليه. .

20. انفتل عن الصلاة: انصرف عنها. .

21. الجزور: الناقة التي تنحر. .

22. هذا إشارة إلى قصة عبد الله بن جحش وسريته التي سار فيها إلى نخلة وقتل فيها عمرو بن الحضرمي - وكان حليف عتبة بن ربيعة وكان اخوه عامر بن الحضرمي في المشركين في وقعة بدر - وقتال عبد الله مع المشركين في تلك السرية حتى غلبهم وأسر منهم عثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان وهزم الباقي، فأقبل عبد الله بن جحش وأصحابه بالعير وبالأسيرين إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وكان ذلك في رجب فأنكر النبي صلى الله عليه وآله والناس ذلك منهم وقال: ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام " فنزل يسئلونك عن الشهر الحرام.. اه " إلى آخر ما ذكره المؤرخون فراجع النهاية والطبري والسيرة لابن هشام وغيرها. .

23. اي قد فعلت وأنت الشاهد على ذلك. .

24. الخباء: الخيمة إذا كانت من صوف أو وبر أو شعر. .

25. اي نهجم عليهم. .

26. جن عليه الليل وجنه: ستره وأظلم عليه. .

27. السماء هنا بمعنى المطر، وفي المصدر " الماء " بدل " السماء ". .

28. التلبيد: الالصاق. .

29. العزالي جمع العزلاء: مصيب الماء من الراوية، ومنه قولهم: أرخت السماء عزاليها. .

30. الرذاذ. المطر الضعيف. .

31. صهل الفرس: صوت. الجحفلة لذي الحافر كالشفة للانسان. .

32. عبأ الجيش للحرب: جهزه وهيأه. .

33. النواضح: الإبل التي يستقى عليها الماء: والناقع: الثابت البالغ في الأفناء. .

34. تلمظ الحية: اخرج لسانها .

35. السحر: الرية، وانتفاخ السحر كناية عن الجبن .

36. ذؤبان جمع الذئب. .

37. عرقبه: قطع عرقوبه، والعرقوب: عصب غليظ فوق عقب الانسان ومن الدابة في رجلها. .

38. الجني: المجني، وأول من تكلم بهذا المثل عمرو بن عدي بن أخت جذيمة، وذلك أن جذيمة خرج مبتديا بأهله وولده في سنة مكلئة وضربت ابنيته في زهر وروضة فأقبل ولده يجتنون الكماة، فإذا أصاب بعضهم كماة جيدة أكلها، وإذا أصابها عمرو خبأها في حجزته فأقبلوا يتعادون إلى جذيمة وعمرو يقول وهو صغير: " هذا جناي وخياره فيه * إذ كل جان يده إلى فيه " فضمه جذيمة إليه والتزمه وسر بقوله وفعله وأمر ان يصاغ له طوق فكان أول عربي طوق، وكان يقال له عمرو ذو الطوق، وهو الذي قبل فيه المثل المشهور " كبر عمرو عن الطوق " وتقدير المثل: هذا ما اجتنيته ولم آخذ لنفسي خير ما فيه إذ كل جان يده مائلة إلى فيه يأكله، هذا وقد تمثل أمير المؤمنين عليه السلام بهذا الشعر كما رواه العامة بعد ما كان يفرق بيت المال على مستحقة ويقول: يا صفراء غري غيري ويا بيضاء غري غيري، ذكره الأربلي (ره) في كشف الغمة وغيره في غيره. .

39. الهامة الرأس: والاعتجار: لف العمامة على الرأس. .

40. اي انكسرا. .

41. الدرقة - محركة -: الترس. .

42. حبل العاتق: عصب بين العنق ورأس الكتف والإبط: باطن المنكب. .

43. بهره: غلبه. .

44. اي بكى صلوات الله عليه. .

45. ناضله مناضلة: باراه في رمى السهام، وناضل عنه: حامى وجادل ودافع عنه وصرعه: طرحه على الأرض شديدا، والحلائل جمع الحليلة: الزوجة. .

46. النواجذ جمع الناجذ وهي أقصى الأضراس، أربعة وهي أضراس الحلم لأنها تنبت بعد البلوغ وكمال العقل، والعض على النواجذ كناية عن الصبر. .

47. سكب الماء: صب. وفي بعض النسخ " يسلت " ومعناه يمسحه عن وجهه. .

48. حيزوم: اسم فرس جبرئيل اي أقدم يا حيزوم فحذف حرف النداء. .

49. الركل: الضرب برجل واحدة. .

50. أحنه اي أهلكه. .

51. تشحط بالدم: تضرج به وتمرغ فيه. .

52. الدين: القهر والغلبة والاستعلاء، وفي السيرة لابن هشام: " لمن الدائرة.. اه ". .

53. القرن - محركة -: الحبل يجمع به البعيران. .

54. وفي المصدر " ويقوى قلبه ". .

55. في نسخة " واماتته والفساد " .

56. في المصدر " في علم الله " .

57. للمجلسي (ره) بيان فيه راجع البحار ج 8: 152. .

58. الطرد - ويحرك -: الابعاد ومتطردا اي متباعدا. .

59. تاق توقا إليه: اشتاق. .

60. الحديث في " باب شأن انا أنزلناه في ليلة القدر وتفسيرها " من كتاب أصول الكافي (الحديث 4) يعني هذه الآية نزلت في انا أنزلناه في ليلة القدر، وتفسيره يعرف من كلامه عليه السلام. .

61. اي اجمعهم عليكم. .

62. اي جميعا لم يتخلف منهم أحد .

63. هذا مثل يضرب للشيئين المتساويين والمتقاربين في الفضل وغيره. .

64. هرقل: اسم ملك الروم، أراد ان بني هاشم يتوارثون ملك بعد ملك. .

65. الجندلة واحدة الجندل: الحجارة ورضه: دقه والهامة: رأس كل شئ. .

66. صفر صفرا وصفر تصفيرا: صوت بالنفخ من شفتيه وشبك أصابعه ونفيها، و كثيرا ما يفعل ذلك للدابة عند دعائه للماء. وصفق بيديه: صوت بهما ضربا، قيل: وكانوا يطوفون بالبيت عراة يشبكون بين أصابعهم ويصفرون فيها ويصفقون وكانوا يفعلون ذلك إذا قرء رسول الله (ص) في صلاته يخلطون عليه. .

67. ركبتيه حال عن مرفقيه، والمعنى رفع مرفقيه وهما كاينتان على ركبتيه، و العرب تجعل القول عبارة عن جميع الأفعال وتطلقه على غير الكلام (عن هامش أصول الكافي). .

68. لهذا الحديث شرح ذكره في الروضة الطبعة الحروفية الصفحة 59 - 63 فراجع .