قال عز من قائل: ﴿انما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله﴾
496 - في عيون الأخبار في باب ذكر ما كتب به الرضا عليه السلام إلى محمد بن سنان في جواب مسائله في العلل وحرمت الميتة لما فيها من فساد الأبدان والأفة ولما أراد الله عز وجل أن يجعل التسمية سببا للتحليل، وفرقا بين الحلال والحرام وحرم الله تعالى الدم كتحريم الميتة لما فيه من فساد الأبدان، ولأنه يورث الماء الأصفر، ويبخر الفم وينتن الريح، ويسئ الخلق ويورث القسوة للقلب، وقلة الرأفة والرحمة، حتى لا يؤمن ان يقتل ولده ووالده وصاحبه وحرم الخنزير لأنه مشوه جعله الله تعالى عظة للخلق وعبرة وتخويفا ودليلا على ما مسخ على خلقته وصورته وجعل فيه شبها من الانسان ليدل على أنه من الخلق المغضوب عليه وحرم ما أهل به لغير الله للذي أوجب الله عز وجل على خلقه من الاقرار به، وذكر اسمه على الذبائح المحللة ولئلا يسوى بين ما تقرب به وبين ما جعل عبادة للشياطين والأوثان لان في تسمية الله عز وجل الاقرار بربوبيته وتوحيده، وما في الاهلال لغير الله من الشرك والتقرب إلى غيره ليكون ذكر الله تعالى وتسميته على الذبيحة فرقا بين ما أحل الله وبين ما حرم الله.
497 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى محمد بن عذافر عن بعض رجاله عن أبي جعفر (ع) قال: قلت له: لم حرم الله عز وجل الخمر والميتة والدم ولحم الخنزير؟فقال: ان الله تبارك وتعالى لم يحرم ذلك على عباده وأحل لهم ما سوى ذلك من رغبة فيما أحل لهم، ولازهد فيما حرم عليهم، ولكنه عز وجل خلق الخلق فعلم ما يقوم به أبدانهم وما يصلحهم فأحل لهم واباحه وعلم ما يضرهم فنهاهم عنه وحرمه عليهم، ثم أحل للمضطر في الوقت الذي لا يقوم بدنه الا به.
فأمره ان ينال منه بقدر البلغة لاغير ذلك، ثم قال: اما الميتة فإنه لم ينل أحد منها الأضعف بدنه، وأوهنت قوته، وانقطع نسله، ولا يموت آكل الميتة الا فجأة، واما الدم فإنه يورث اكله الماء الأصفر ويورث الكلب (1) و قساوة القلب وقلة الرأفة والرحمة، حتى لا يؤمن على حميمه (2) ولا يؤمن على من صحبه: واما الخنزير فان الله عز وجل مسخ قوما في صور شتى مثل الخنزير والقرد والدب، ثم نهى عن اكل الميتة لكيما ينتفع بها ولا يستخف بعقوبته، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة،
498 - في كتاب الخصال عن أبي عبد الله (ع) قال: عشرة أشياء من الميتة ذكية العظم والشعر، والصوف، والريش، والقرن، والحافر، والبيض، والإنفحة، واللبن، والسن.
499 - في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن عاصم ابن حميد عن علي بن أبي المغيرة قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام، جعلت فداك الميتة ينتفع بشئ منها؟قال: لا، قلت: بلغنا ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مر بشاة ميتة فقال: ما كان على أهل هذه الشاة إذا لم ينتفعوا بلحمها ان ينتفعوا باهابها؟قال: تلك شاة كانت لسودة بنت زمعة زوج النبي صلى الله عليه وآله، وكانت شاة مهزولة لا ينتفع بلحمها، فتركوها حتى ماتت فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما كان على أهلها إذا لم ينتفعوا بلحمها ان ينتفعوا باهابها أي تذكى (3).
500 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن حماد بن عيسى عن حريز عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل والمرأة يذهب بصره فيأتيه الأطباء فيقولون، نداويك شهرا أو أربعين ليلة، مستلقيا كذلك تصلى، فرخص في ذلك وقال: (فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا اثم عليه).
501 - فيمن لا يحضره الفقيه روى عبد العظيم بن عبد الله الحسنى عن أبي - جعفر محمد بن علي الرضا (ع) قال: قلت.
يا بن رسول الله فما معنى قوله عز وجل.
(فمن اضطر غير باغ ولا عاد)؟قال.
العادي السارق، والباغي الذي يبغي الصيد بطرا أو لهوا لا ليعود به على عياله ليس لهما ان يأكلا الميتة إذا اضطرا، هي حرام عليهما في حال الاضطرار كما هي حرام عليهما في حلال الاختيار.
502 - وقال الصادق (ع)، من اضطر إلى الميتة والدم ولحم الخنزير فلم يأكل شيئا من ذلك حتى يموت فهو كافر.
503 - في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى البزنطي عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل، (فمن اضطر غير باغ ولا عاد) قال.
الباغي الذي يخرج على الامام، والعادي الذي يقطع الطريق لا يحل لهما الميتة.
504 - في الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشا عن حماد بن عثمان عن أبي عبد الله (ع) في قول الله عز وجل: (فمن اضطر غير باغ ولا عاد) قال.
الباغي باغي الصيد، والعادي السارق، ليس لهما ان يأكلا الميتة إذا اضطرا إليها هي حرام عليهما ليس هي عليهما كما هي على المسلمين.
505 - في من لا يحضره الفقيه وفى رواية محمد بن عمرو بن سعيد رفعه ان امرأة أتت عمر فقالت، يا أمير المؤمنين انى فجرت فأقم على حد الله عز وجل، فأمر برجمها وكان أمير المؤمنين عليه السلام حاضرا فقال، سلها كيف فجرت؟فسألها فقالت، كنت في فلاة من الأرض فأصابني عطش شديد فرفعت لي خيمة فأتيتها فأصبت فيها رجلا أعرابيا فسألته ماءا فأبى على أن يسقيني الا ان أكون أمكنه من نفسي فوليت منه هاربة فاشتد بي العطش حتى غارت عيناي وذهب لساني، فلما بلغ منى العطش أتيته فسقاني وقع على، فقال علي عليه السلام.
هذه التي قال الله عز وجل.
(فمن اضطر غير باغ ولا عاد) هذه غير باغية ولا عادية، فخلى سبيلها فقال عمر، لولا على لهلك عمر.
506 - في تهذيب الأحكام الحسين بن سعيد عن الحسن بن زرعة عن سماعة قال.
سألته عن الرجل يكون في عينه الماء إلى قوله، فقال.
وليس شئ مما حرم الله الا وقد أحله لمن اضطر إليه.
507 - في مجمع البيان وقوله.
(غير باغ ولا عاد) فيه ثلاثة أقوال إلى قوله وثالثها غير باغ على امام المسلمين ولا عاد بالمعصية طريق المحقين، وهو المروى عن أبي - جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام.
508 - في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن عثمان بن عيسى عن عبد الله بن مسكان عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل فما أصبرهم على النار فقال: ما أصبرهم على فعل ما يعلمون انه يصيرهم إلى النار.
509 - في مجمع البيان وقوله: (فما أصبرهم على النار) فيه أقوال أحدها: ان معناه ما أجرأهم على النار، رواه علي بن إبراهيم باسناده عن أبي عبد الله عليه السلام، والثاني ما أعملهم بأعمال أهل النار، وهو المروى عن أبي عبد الله عليه السلام (ذوي القربى) يحتمل أن يكون قرابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما في قوله: (قل لا أسئلكم عليه أجرا الا المودة في القربى) وهو المروى عن أبي جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام.
1- الحميم: القريب الذي تهتم بأمره.
2- قال الفيض (ره) في الوافي. أريد بالميتة المنهى عن الانتفاع بها ما عرضه الموت بعد حلول الحياة فلا يشمل مالا تحله الحياة فلا ينافي جواز الانتفاع بالأشياء المستثناة.
3- قال الفيض (ره) في الوافي: سبيل الله عند العامة الجهاد ولما لم يكن جهادهم مشروعا جاز العدول عنه إلى فقراء الشيعة وشلقان: لقب عيسى بن أبي منصور كان خيرا فاضلا (انتهى) وفى رجال الكشي انه كان من وكلائه (ع). س