قال عز من قائل: ﴿وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت﴾

363 - في كتاب علل الشرايع باسناده إلى أبى عبد الله عليه السلام قال إن الله عز وجل انزل الحجر الأسود لآدم من الجنة وكان البيت درة بيضاء، فرفعه الله عز وجل إلى السماء وبقى اسه فهو بحيال هذا البيت، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، لا يرجعون إليه ابدا فأمر الله إبراهيم وإسماعيل يبنيان البيت على القواعد.

364 - وباسناده إلى محمد بن إسحاق عن أبي جعفر عن آبائه عليهم السلام ان الله عز وجل أوحى إلى جبرئيل عليه السلام انا الله الرحمن الرحيم، انى قد رحمت آدم وحوا لما شكيا إلى ما شكيا فاهبط عليهما بخيمة من خيم الجنة، فانى قد رحمتهما لبكائهما ووحشتهما ووحدتهما، فاضرب الخيمة على النزعة (1) التي بين جبال مكة قال: والنزعة مكان البيت وقواعده التي رفعتها الملائكة قبل آدم، فهبط جبرئيل على آدم عليه السلام بالخيمة على مقدار مكان البيت وقواعده فنصبها، قال، وانزل جبرئيل عليه السلام من الصفا وأنزل حوا من المروة وجمع بينهما في الخيمة إلى أن ثم قال إن الله تبارك وتعالى أوحى إلى جبرئيل عليه السلام بعد ذلك ان أهبط إلى آدم وحوا فنحهما عن مواضع قواعد بيتي وارفع قواعد بيتي لملائكتي ولخلقي من ولد آدم، فهبط جبرئيل عليه السلام على آدم وحوا فأخرجهما من الخيمة ونحاهما عن نزعة البيت ونحى الخيمة عن موضع النزعة، (إلى أن قال) فرفع قواعد البيت الحرام بحجر من الصفا، وحجر من المروة وحجر من طور سيناء، وحجر من جبل السلم وهو ظهر الكوفة، فأوحى الله عز وجل إلى جبرئيل عليه السلام ان ابنه وأتمه واقتلع جبرئيل عليه السلام على الأحجار الأربعة بأمر الله عز وجل من موضعها بجناحه، فوضعها حيث أمر الله تعالى في أركان البيت على قواعده التي قدره الجبار جل جلاله ونصب اعلامها ثم أوحى الله عز وجل إلى جبرئيل عليه السلام ابنه وأتمه من حجارة من أبى قبيس واجعل له بابين بابا شرقا وبابا غربا فأتمه جبرئيل فلما فرغ طافت الملائكة حوله، فلما نظر آدم وحوا إلى الملائكة يطوفون حول البيت انطلقا فطافا سبعة أشواط ثم خرجا يطلبان ما يأكلان.

365 - في تفسير العياشي عن أبي الورد قال: قلت لعلي بن أبي طالب عليه السلام ما أول شئ نزل من السماء؟قال أول شئ نزل من السماء إلى الأرض فهو البيت الذي بمكة، أنزله الله ياقوتة حمراء ففسق قوم نوح في الأرض فرفعه الله حيث يقول: (وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل.

366 - في الكافي باسناده إلى أبى الحسن عليه السلام قال في حديث طويل: السكينة ريح تخرج من الجنة، لها صورة كصورة وجه الانسان، ورايحة طيبة وهي التي نزلت على إبراهيم فأقبلت تدور حول أركان البيت وهو يضع الأساطين.

367 - وباسناده إلى أبى عبد الله عليه السلام قال: أمر الله تعالى إبراهيم عليه السلام أن يحج ويحج بإسماعيل معه، ويسكنه الحرم، فحجا على جمل أحمر وما معهما الا جبرئيل عليه السلام، (إلى قوله): فلما كان من قابل اذن الله لإبراهيم عليه السلام في الحج وبناء الكعبة، وكانت العرب تحج إليه وانما كان ردما (2) الا أن قواعده معروفة، فلما صدر الناس جمع إسماعيل الحجارة وطرحها في جوف الكعبة، فلما اذن الله له في البناء قدم إبراهيم عليهما السلام فقال، يا بنى قد أمرنا الله ببناء الكعبة، وكشفا عنها، فإذا هو حجر واحد أحمر، فأوحى الله تعالى إليه، ضع بناها عليه، وانزل الله أربعة أملاك يجمعون إليه الحجارة فكان إبراهيم وإسماعيل يضعان الحجارة والملائكة تناولهما حتى تمت اثنى عشر ذراعا هيئا له بابين بابا يدخل منه، وبابا يخرج منه ووضعا عليه عتبا وشرجا (3) من حديد على أبوابه والحديث طويل أخذنا منه الموضع الأهم من الحاجة خوف الإطالة

368 - وباسناده إلى عقبة بن بشير عن أحدهما عليهما السلام قال إن الله تعالى أمر إبراهيم ببناء الكعبة وأن يرفع قواعدها، ويرى الناس مناسكهم، فبنى إبراهيم وإسماعيل البيت كل يوم ساقا حتى انتهى إلى موضع الحجر الأسود، قال أبو جعفر عليه السلام فنادى أبو قبيس إبراهيم عليه السلام ان لك عندي وديعة، فأعطاه الحجر فوضعه موضعه، ولحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

369 - وباسناده إلى سعيد بن جناح عن عدة من أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كانت الكعبة على عهد إبراهيم عليه السلام تسعة أذرع، وكان لها بابان، فبناها عبد الله بن الزبير فرفعها ثمانية عشر ذراعا، فهدمها الحجاج وبناها سبعة وعشرين ذراعا.

370 - وروى عن ابن أبي نصر عن أبان بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان طول الكعبة يومئذ تسعة أذرع، ولم يكن لها سقف فسقفها قريش ثمانية عشر ذراعا.

371 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن النعمان عن سعيد بن عبد الله الأعرج عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن قريشا في الجاهلية هدموا البيت، فلما أرادوا بناءه حيل بينهم وبينه، والقى في روعهم الرعب حتى قال قائل منهم.

ليأتي كل رجل منكم بأطيب ماله ولا تأتوا بما اكتسبتموه من قطيعة رحم أو حرام ففعلوا، فخلى بينهم وبين بنائه، فبنوه حتى انتهوا إلى موضع الحجر الأسود، فتشاجروا فيه أيهم يضع الحجر الأسود في موضعه، حتى كاد أن يكون بينهم شر.

فحكموا أول من يدخل باب المسجد، فدخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلما اتاهم أمر بثوب فبسط ثم وضع الحجر في وسطه، ثم أخذت القبايل بجوانب الثوب فرفعوه ثم تناوله صلى الله عليه وآله فوضعه في موضعه فخصه الله به.

372 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن داود بن سرحان عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ساهم قريشا في بناء البيت فصار لرسول الله صلى الله عليه وآله من باب الكعبة إلى النصف، ما بين الركن اليماني إلى الحجر الأسود.

373 - وفى رواية أخرى كان لبنى هاشم من الحجر الأسود إلى الركن الشامي

374 - وباسناده إلى أبان بن تغلب قال: لما هدم الحجاج الكعبة فرق الناس ترابها، فلما صاروا إلى بنائها فأرادوا أن يبنوها خرجت عليهم حية فمنعت الناس البناء حتى هربوا، فأتوا الحجاج فأخبروه فخاف أن يكون قد منع بناها فصعد المنبر ثم أنشد الناس وقال: أنشد الله عبدا عنده مما ابتلينا به علم لما أخبرنا به، قال: فقام إليه شيخ.

فقال إن يكن عند أحد علم فعند رجل رايته جاء إلى الكعبة فأخذ مقدارها ثم مضى، فقال الحجاج: من هو؟قال: علي بن الحسين، فقال: معدن ذلك (فبعث إلى علي بن الحسين صلوات الله عليهما فأتاه فأخبره ما كان من منع الله إياه البناء، فقال له علي بن الحسين: يا حجاج عمدت إلى بناء إبراهيم وإسماعيل، فألقيته في الطريق وأنهبته كأنك ترى انه تراث لك، اصعد المنبر وانشد الناس ان لا يبقى أحد منهم أخذ منه شيئا الا رده، قال: ففعل وأنشد الناس الا لا يبقى منهم أحد عنده شئ الا رده قال: فردوه فلما رأى جمع التراب أتى علي بن الحسين صلوات الله عليه فوضع الأساس وأمرهم ان يحفروا، قال: فتغيبت عنهم الحية وحفروا، حتى انتهوا إلى موضع القواعد قال لهم علي بن الحسين عليه السلام تنجوا فتنحوا فدنا منها فغطاها بثوبه ثم بكى ثم غطاها بالتراب بيد نفسه، ثم دعا الفعلة فقال: ضعوا بناءكم، فوضعوا البناء فلما ارتفعت حيطانها أمر بالتراب فقلب.

فألقى في جوف الكعبة.

فلذلك صار البيت مرتفعا يصعد إليه بالدرج.

374 - وباسناده إلى أبى عبد الله عليه السلام قال: إن قريشا لما هدموا الكعبة وجدوا في قواعده حجرا فيه كتاب لم يحسنوا قرائته، حتى دعوا رجلا فقرأه فإذا فيه: انا الله ذوبكة، حرمتها يوم خلقت السماوات والأرض، ووضعتها بين هذين الجبلين، وحففتها بسبعة املاك حفا.

375 - محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن معاوية بن عمار قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الحجر امن البيت هو أو فيه شئ من البيت؟فقال: لا ولا فلامة ظفر، ولكن إسماعيل دفن أمه فيه، فكره ان توطى فحجر عليه حجرا وفيه قبور أنبياء.

376 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن النضر بن سويد عن هشام عن أبى عبد الله عليه السلام قال: لما بلغ إسماعيل مبلغ الرجال أمر الله إبراهيم عليه السلام ان يبنى البيت فقال: يا رب في أي بقعة؟قال: في بقعة التي أنزلت على آدم القبة، فأضاء لها الحرم فلم تزل القبة التي أنزلها الله على آدم قائمة حتى كان أيام الطوفان أيام نوح عليه السلام، فلما غرقت الدنيا رفع الله تلك القبة وغرقت الدنيا الا موضع البيت، فسمى البيت العتيق، لأنه أعتق من الغرق، فلما أمر الله عز وجل إبراهيم ان يبنى البيت ولم يدر في أي مكان يبنه فبعث الله جبرئيل عليه السلام، فخط له موضع البيت، فأنزل الله عليه القواعد من الجنة، وكان الحجر الذي أنزله الله على آدم أشد بياضا من الثلج، فلما مسه أيدي الكفار سود، فبنى إبراهيم البيت ونقل إسماعيل الحجر من ذي طوى، فرفعه في السماء تسعة أذرع، ثم دله على موضع الحجر فاستخرجه إبراهيم عليه السلام، ووضعه في موضعه الذي هو فيه الآن، فلما بنى جعل له بابين، بابا إلى المشرق وبابا إلى المغرب، والباب الذي إلى المغرب يسمى المستجار، ثم القى عليه الشجر والإذخر، وعلقت هاجر على بابه كساء كان معها، وكانوا يكنسون تحته والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة

377 - في مجمع البيان وروى عن الباقر عليه السلام ان إسماعيل أول من شق لسانه بالعربية وكان أبوه يقول له وهما يبنيان البيت، يا إسماعيل هابى ابن أي اعطني حجرا فيقول له إسماعيل.

بالعربية يا أبة هاك حجرا، فإبراهيم يبنى وإسماعيل يناوله الحجارة.


1- الردم: ما يسقط من الجدار المنهدم.

2- الشرج: العروة.

3- كذا في النسخ وفى المصدر (هو أعلم بمصلحتهم).