قال عز من قائل: ﴿وأيدناه بروح القدس﴾

272 - في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن جابر الجعفي عن أبي عبد الله عليهما السلام حديث طويل ذكرناه بتمامه أول الواقعة، وفيه يقول عليه السلام.

هم رسل الله وخاصة الله من خلقه جعل فيهم خمسة أرواح، أيدهم بروح القدس فيه عرفوا الأشياء.

273 - باسناده إلى المنخل عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن علم العالم؟فقال لي، يا جابر ان في الأنبياء والأوصياء خمسة أرواح، روح القدس، وروح الايمان، وروح الحياة وروح القوة وروح الشهوة فبروح القدس يا جابر عرفوا ما تحت العرش إلى ما تحت الثرى، ثم قال: يا جابر ان هذه الأربعة الأرواح يصيبها الحدثان الا روح القدس فإنها لا تلهو ولا تلعب.

274 - وباسناده إلى محمد بن سنان عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن علم الإمام بما في أقطار الأرض وهو في بيته مرخى عليه ستره فقال: يا مفضل ان الله تبارك وتعالى جعل في النبي صلى الله عليه وآله وسلم خمسة أرواح روح الحياة فبه دب ودرج وروح القوة فبه نهض وجاهد وروح الشهوة فبه أكل وشرب وأتى النساء من الحلال، و روح الايمان فبه آمن وعدل، وروح القدس فبه حمل النبوة، فإذا قبض النبي صلى الله عليه وآله وسلم انتقل روح القدس فصار إلى الامام.

وروح القدس لا ينام ولا يغفل، ولا يلهو ولا يزهو ولا يعلب والأربعة الأرواح تنام وتغفل، وتلهو وتزهو وروح القدس كان يرى به.

275 - في تفسير العياشي عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: أما قوله أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم (الآية قال أبو جعفر عليه السلام، ذلك مثل موسى والرسل من بعده وعيسى عليه السلام ضرب مثلا لامة محمد، فقال الله لهم.

فان جاءكم محمد بما لا تهوى أنفسكم بموالاة على استكبرتم وفريقا من آل محمد كذبتم، وفريقا تقتلون فذلك تفسيرها في الباطن.

276 - في أصول الكافي باسناده إلى منخل عن جابر عن أبي جعفر عليها السلام قال جائكم محمد صلى الله عليه وآله بما لا تهوى أنفسكم بموالاة علي عليه السلام فاستكبرتم ففريقا من آل محمد كذبتم وفريقا تقتلون.

277 - وباسناده إلى أبى عمر الزبيري عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له.

أخبرني عن وجوه الكفر في كتاب الله عز وجل، قال: الكفر في كتاب الله على خمسة أوجه، فمنها كفر الجحود على وجهين (إلى قوله) اما وجه الاخر من الجحود على معرفة، وهوان يجحد الجاحد وهو يعلم أنه حق قد استقر عنده، وقد قال الله عز وجل: (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا) وقال الله عز وجل: وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جائهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين.

278 - في تفسير علي بن إبراهيم حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن حماد عن حريز عن أبي عبد الله عليه السلام قال.

نزلت هذه الآية في اليهود والنصارى يقول الله تبارك وتعالى، (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه) يعنى رسول الله صلى الله عليه وآله (كما يعرفون أبنائهم) لان الله عز وجل قد انزل عليهم في التوراة والإنجيل والزبور صفة محمد صلى الله عليه وآله وصفة أصحابه ومبعثه ومهاجرته، وهو قوله تعالى: (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تريهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من اثر السجود ذلك مثلهم في التورة ومثلهم في الإنجيل) فهذه صفة رسول الله صلى الله عليه وآله في التوراة والإنجيل وصفة أصحابه فلما بعثه الله عز وجل عرفه أهل الكتاب كما قال جل جلاله، (فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به) فكانت اليهود يقولون للعرب قبل مجئ النبي صلى الله عليه وآله أيها العرب هذا أوان نبي يخرج بمكة ويكون مهاجرته بمدينة وهو آخر الأنبياء وأفضلهم في عينيه حمرة وبين كتفيه خاتم النبوة يلبس الشملة ويجتزى بالكسرة والتمرات، ويركب الحمار العرى، وهو الضحوك القتال يضع سيفه على عاتقه، ولا يبالي من لاقى يبلغ سلطانه منقطع الخف والحافر، لنقتلنكم به يا معشر العرب قتل عاد، فلما بعث الله نبيه بهذه الصفة حسدوه وكفروا به كما قال الله تعالى: (وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به).

279 - في روضة الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن زرعة بن محمد عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله عز وجل: (وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا) فقال: كانت اليهود تجد في كتبها أن مهاجر محمد صلى الله عليه وآله وسلم ما بين عير (1) واحد فخرجوا يطلبون الموضع، فمروا بحبل يسمى حداد (2) فقالوا، حداد واحد سواء، فتفرقوا عنده فنزل بعضهم بتيماء وبعضهم بفدك، وبعضهم بخيبر، فاشتاق الذين بتيماء إلى بعض اخوانهم فمر بهم أعرابي من قيس فتكاروا (3) منه وقال لهم: أمر بكم ما بين عير وأحد فقالوا له: إذا مررت بهما فآذنا بهما، فلما توسط بهم أرض المدينة قال لهم: ذلك عير وهذا أحد، فنزلوا عن ظهر إبله.

وقالوا قد أصبنا بغيتنا (4) فلا حاجة لنا في إبلك، فاذهب حيث شئت وكتبوا إلى اخوانهم الذين بفدك وخيبر انا قد أصبنا الموضع فهلموا إلينا.

فكتبوا إليهم انا قد استقرت بنا الدار واتخذنا الأموال، وما أقربنا منكم، فإذا كان ذلك فما أسرعنا إليكم فاتخذوا بأرض المدينة الأموال، فلما كثرت أموالهم بلغ تبعا (5) فغزاهم فتحصنوا منه، فحاصرهم وكانوا يرقون لضعفاء أصحاب تبع فيلفون إليهم بالليل التمر والشعير، فبلغ ذلك تبع، فرق لهم وآمنهم.

فنزلوا إليه فقال لهم: انى قد استطبت بلادكم ولا أراني الا مقيما فيكم، فقالوا له: انه ليس ذاك لك، انها مهاجر نبي وليس ذلك لاحد حتى يكون ذلك، فقال لهم: فانى مخلف فيكم من أسرتي من إذا كان ذلك ساعده ونصره، فخلف حيين الأوس والخزرج، فلما كثروا بها كانوا يتناولون أموال اليهود، وكانت اليهود تقول لهم: اما لو قد بعث محمد لنخرجنكم (6) من ديارنا وأموالنا، فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وآله آمنت به الأنصار وكفرت به اليهود، وهو قول الله عز وجل: وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين).

280 - علي بن إبراهيم عن أبيه عن صفوان بن يحيى عن إسحاق بن عمار قال سألت أبا عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: (وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به) قال: كان قوم فيما بين محمد وعيسى صلوات الله عليهما، وكانوا يتوعدون أهل الأصنام بالنبي صلى الله عليه وآله ويقولون ليخرجن نبي فليكسرن أصنامكم وليفعلن بكم وليفعلن، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله كفروا به.

281 - في تفسير العياشي عن جابر قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن هذه الآية من قول الله، (لما جاءهم ما عرفوا كفروا به) قال، تفسيرها في الباطن لما جاءهم ما عرفوا في علي كفروا به، فقال الله فيه يعنى بنى أمية هم الكافرون في باطن القرآن.

282 - قال أبو جعفر عليه السلام نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هكذا، (بئسما اشتروا به أنفسهم ان يكفروا بما انزل الله في علي بغيا) وقال الله في علي، (ان ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده) يعنى عليا قال الله، (فباؤا بغضب على غضب) يعنى بنى أمية (وللكافرين) يعنى بنى أمية عذاب اليم.

283 - وقال جابر قال أبو جعفر عليه السلام، نزلت هذه الآية على محمد صلى الله عليه وآله هكذا والله، (وإذا قيل لهم ما ذا أنزل ربكم في علي) يعنى بنى أمية (قالوا نؤمن بما انزل علينا) يعنى في قلوبهم بما انزل الله عليه (ويكفرون بما وراءه) بما انزل الله في علي (وهو الحق مصدقا لما معهم) يعنى عليا.

284 - عن ابن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه السلام قال، قال الله في كتابه يحكى قول اليهود، (ان الله عهد إلينا ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان) الآية وقال: (فلم تقتلون أنبياء الله من قبل ان كنتم مؤمنين) وانما نزل هذا في قوم من اليهود وكانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يقتلوا الأنبياء بأيديهم، ولا كانوا في زمانهم، وانما قتل أوايلهم الذين كانوا من قبلهم، فجعلهم الله منهم وأضاف إليهم فعل أوايلهم بما تبعوهم وتولوهم.

285 - عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله، واشربوا في قلوبهم العجل قال: فعمد موسى فبرد العجل (7) من أنفه إلى طرف ذنبه، ثم أحرقه بالنار فذره في اليم قال: وكان أحدهم ليقع في الماء وما به إليه من حاجته، فيتعرض لذلك الرماد فيشربه، وهو قول الله: (واشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم).

قال مؤلف هذا الكتاب: وهذا الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

286 - في أصول الكافي باسناده عن منخل عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: نزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية على محمد صلى الله عليه وآله هكذا بئسما اشتروا به أنفسهم ان يكفروا بما انزل الله في علي بغيا.


1- في القاموس: حدد - محركة -: جبل بتيماء وتيماء: اسم موضع قريب من المدينة. وقال المجلسي (ره) لعله زيد الف حداد من النساخ أو كان جبل يسمى بكل منها.

2- من الكراء أي استأجروا منه.

3- البغية: الحاجة.

4- تبع: اسم كل ملك من ملوك حمير.

5- كذا في النسخة الأصل وفى المصدر وبعض النسخ (ليخرجنكم) بالياء.

6- البرد: القطع بالمبرد وهو السوهان

7- الغلالة - بالكسر - شعار يلبس تحت الثوب الدرع.