3 - محمد بن إسماعيل البخاري

وقد شرط البخاري في كتابه: أن يخرج الحديث المتّفق على ثقة نقلته إلى الصحابي المشهور من غير اختلاف بين الثقات الأثبات، ويكون إسناده متّصلاً غير مقطوع، وإن كان للصحابي راويان فصاعداً فحسن، وإن لم يكن إلاّ راو واحد وصحّ الطريق إليه كفى(1).

وعن البخاري أنّه قال: " ما وضعت في كتاب الصحيح حديثاً إلاّ اغتسلت قبل ذلك وصلّيت ركعتين "(2).

وعنه أيضاً: " صنّفت كتابي الصحيح في المسجد الحرام وما أدخلت فيه حديثاً حتّى استخرت الله تعالى وصلّيت ركعتين وتيقّنت صحّته "(3).

وعنه: " صنّفت الجامع من ستمائة ألف حديث في ستّ عشرة سنة وجعلته حجّة فيما بيني وبين الله "(4).

وعنه أيضاً: " رأيت النبي صلّى الله عليه (وآله) وسلّم وكأنّني واقف بين يديه وبيدي مروحة أذبّ بها عنه، فسألت بعض المعبّرين فقال لي: أنت تذبّ عنه الكذب.

فهذا الذي حملني على إخراج الجامع الصحيح "(5).

وعنه أنّه قال: " لم اخرج في هذا الكتاب إلاّ صحيحاً وما تركت من الصحيح أكثر... "(6).

وقال الحافظ ابن حجر: " تقرّر أنّه التزم فيه الصحّة، وأنّه لا يورد فيه إلاّ حديثاً صحيحاً، هاذ أصل موضوعه، وهو مستفاد من تسميته إيّاه الجامع الصحيح المسند من حديث رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم وأيّامه، وممّا نقلناه عنه من رواية الأئمة عنه صريحاً... "(7).

وقال ابن الصلاح: " أول من صنّف في الصحيح: البخاري أبو عبدالله محمد بن إسماعيل، وتلاه أبو الحسين مسلم بن الحجّاج القشيري، ومسلم مع أنّه أخذ عن البخاري واستفاد منه فإنّه يشارك البخاري في كثير من شيوخه، وكتاباهما أصحّ الكتب بعد كتاب الله العزيز... ثمّ إنّ كتاب البخاري أصحّ الكتابين صحيحاً وأكثرهما فوائد... "(8).

وقد نقل هذا الحافظ ابن حجر وأثبت اصحيّة كتاب البخاري من كتاب مسلم، وذكر أنّ هذا ممّا اتّفق عليه العلماء، واستشهد بكلمات الأئمّة على ذلك(9).

وكذا الحافظ النووي في التقريب، ووافقه الحافظ السيوطي في شرحه وقال: " وعليه الجمهور، لأنّه أشدّ اتصالاً وأتقن رجالاً... "(10).


1- هدى الساري: 2: 261.

2- هدى الساري 2: 261.

3- هدى الساري 2: 261.

4- هدى الساري 2: 261.

5- هدى الساري 1: 18.

6- هدى الساري 1: 18.

7- هدى الساري 1: 19.

8- مقدّمة ابن الصلاح: 13 - 14.

9- هدى الساري 1: 21.

10- تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي 1: 88 - 91.