الآية 136 - 142

﴿يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله والكتب الذي نزل على رسوله والكتب الذي أنزل من قبل ومن يكفر بالله وملئكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضللا بعيدا (136) إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا (137)﴾

تعملون خبيرا (1).

يا أيها الذين آمنوا: بألسنتهم وظاهرهم.

آمنوا: بقلوبكم وباطنكم.

وقيل: خطاب لمؤمني أهل الكتاب، إذ روي أن ابن سلام وأصحابه قالوا: يا رسول الله إنا نؤمن بك وبموسى والتوراة وعزير، ونكفر بما سواه، فنزلت (2).

فعلى هذا معنى " آمنوا " آمنوا إيمانا عاما يعم الكتب والرسل.

وقيل: خطاب للمسلمين، أي أثبتوا على الايمان بذلك، ودوموا على الايمان (3).

بالله ورسوله والكتب الذي نزل على رسوله والكتب الذي أنزل من قبل: الكتاب الأول القرآن، والثاني الجنس.

وقرأ نافع والكسائي " الذي نزل " و " الذي أنزل " بفتح النون والهمزة والزاي، والباقون بضم النون والهمزة وكسر الزاي.

ومن يكفر بالله وملئكته وكتبه ورسله واليوم الآخر: أي من يكفر بشئ من ذلك.

فقد ضل ضللا بعيدا: عن المقصد بحيث لا يكاد يعود إلى طريقه.

إن الذين آمنوا: كاليهود آمنوا بموسى.

ثم كفروا: حين عبدوا العجل.

ثم آمنوا: حين يرجع إليهم.

ثم كفروا: بعيسى.

ثم ازدادوا كفرا: بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم).

وفي تفسير علي بن إبراهيم: نزلت في الذين آمنوا برسول الله إقرارا، لا تصديقا، ثم كفروا لما كتبوا الكتاب فيما بينهم أن لا يردوا الامر في أهل بيته أبدا، فلما نزلت الولاية وأخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الميثاق عليهم لأمير المؤمنين، آمنوا إقرارا، لا تصديقا، فلما مضى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كفروا وازدادوا كفرا (4).

وفي أصول الكافي: الحسين بن محمد بن، عن معلى بن محمد، عن محمد بن أو رمة، وعلي بن عبد الله، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في هذه الآية، قال: نزلت في فلان وفلان وفلان، آمنوا بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في أول الأمر، وكفروا حين عرضت عليهم الولاية، حين قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من كنت مولاه فعلي مولاه، ثم آمنوا بالولاية لأمير المؤمنين (عليه السلام) ثم كفروا حيث مضى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلم يقروا بالبيعة، ثم ازدادوا كفرا بأخذهم من تابعه بالبيعة لهم، فهؤلاء لم يبق فيهم من الايمان شئ (5).

وفي تفسير العياشي: عن جابر قال: قلت لمحمد بن علي (عليهما السلام): في قول الله في كتاب " الذين آمنوا ثم كفروا "، قال: هما، والثالث والرابع وعبد الرحمن وطلحة، وكانوا سبعة عشر رجلا، قال: لما وجه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) علي بن أبي طالب وعمار بن ياسر (رحمه الله) إلى أهل مكة، قالوا: بعث هذا الصبي ولو بعث غيره يا حذيفة إلى أهل مكة، وفي مكة صناديدها - وكانوا في مكة يسمون عليا، الصبي لأنه كان اسمه في كتاب الله الصبي لقول الله (عز وجل): " ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا " وهو صبي، " وقال إنني من المسلمين " - (6) والله الكفر بنا أولى مما نحن فيه، فساروا فقالوا لهما وحرفوهما بأهل مكة، فعرضوا لهما وخوفوهما وغلظوا عليهما الامر، فقال علي (صلوات الله عليه): " حسبنا الله ونعم الوكيل " (7) ومضى، فلما دخلا مكة، أخبر الله نبيه بقولهم لعلي، ويقول على لهم، فأنزل الله بأسمائهم في كتابه، وذلك قول الله: " ألم تر إلى الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل " إلى قوله " والله ذو فضل عظيم " (8) وإنما نزلت: ألم تر إلى فلان وفلان لقوا عليا وعمارا فقالا: إن أبا سفيان وعبد الله بن عامر وأهل مكة قد جمعوا لكم فاخشوهم، فقالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل، وهما اللذان قال الله: " إن الذين آمنوا ثم كفروا "، إلى آخر الآية، فهذا أول كفرهم، والكفر الثاني قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): يطلع عليكم من هذا الشعب رجل، فيطلع عليكم بوجهه، فمثله عند الله كمثل عيسى، لم يبق منهم أحد إلا تمنى أن يكون بعض أهله، فإذا بعلي قد خرج وطلع بوجهه، قال: هو هذا، فخرجوا غضابا، وقالوا: ما بقي إلا أن يجعله نبيا، والله الرجوع إلى آلهتنا خير مما نسمع منه في ابن عمه، وليصدنا علي إن رام هذا، فأنزل الله " ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون " (9) إلى آخر الآية، فهذا الكفر الثاني، وزادوا الكفر حين قال الله: " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية " (10) وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): يا علي أصبحت وأمسيت خير البرية، فقال له ناس: هو خير من نوح وإبراهيم ومن الأنبياء، فأنزل الله: " إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم " إلى " سميع عليم " قالوا: فهو خير منك يا محمد؟قال: (قال - ظ) الله: " قل إني رسول الله إليكم جميعا " (11).

ولكنه خير منكم وذريته خير من ذريتكم، ومن اتبعه خير ممن اتبعكم، فقاموا غضابا وقالوا زيادة: الرجوع إلى الكفر أهون علينا مما يقول في ابن عمه، وذلك قول الله: " إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا " (12).

عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) في هذه الآية قال: نزلت في عبد الله بن أبي سرح (13) الذي بعثه عثمان إلى مصر، قال: وازدادوا كفرا، حتى لم يبق فيه من الايمان شئ (14).

عن أبي بصير قال: سمعته يقول في هذه الآية: من زعم أن الخمر حرام، ثم شربها، ومن زعم أن الزنا حرام، ثم زنا، ومن زعم أن الزكاة حق ولم يؤدها (15).

لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا: إذ يستبعد منهم أن يتولوا عن الكفر ويثبتوا على الايمان، فإن قلوبهم ضربت بالكفر وبصائرهم عميت، لا أنهم لو أخلصوا الايمان لم يقبل منهم ولم يغفر لهم.

وخبر كان في أمثال ذلك محدوف، وتعلق به اللام، مثل لم يكن الله مريدا ليغفر لهم.

﴿بشر المنفقين بأن لهم عذابا أليما (138) الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا (139) وقد نزل عليكم في الكتب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنفقين والكافرين في جهنم جميعا (140)﴾

بشر المنفقين بأن لهم عذابا أليما: وضع " بشر " موضع " أنذر " تهكما لهم.

الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين: في محل النصب أو الرفع على الذم، يعنى أريد الذين، أوهم الذين.

أيبتغون عندهم العزة: أيتعززون بموالاتهم.

فإن العزة لله جميعا: لا يتعزز إلا من أعزه، وقد كتب العزة لأوليائه، قال " ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين " (16) لا يؤبه بعز غيرهم بالإضافة إليهم.

وفي تفسير علي بن إبراهيم: نزلت في بني أمية حيث خالفوهم على أن لا يردوا الامر في بني هاشم (17).

وقد نزل عليكم في الكتب: يعني القرآن.

وقرأ غير عاصم " نزل " على البناء للمفعول، والقائم مقام فاعله.

أن إذا سمعتم آيات الله: وهي المخففة، والمعنى أنه إذا سمعتم.

يكفر بها ويستهزأ بها: حالان من الآيات، جئ بهما لتقييد النهي (عن المجالسة) (18) في قوله: فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره: الذي هو جزاء الشرط بما إذا كان من (يجالسه) (19) هازئا معاندا غير (مرجو) (20)، ويؤيده الغاية.

والضمير في " معهم " للكفرة المدلول عليهم بقوله: " يكفر بها ويستهزأ بها ".

وفي تفسير علي بن إبراهيم: آيات الله هم الأئمة (عليهم السلام) (21).

وفي تفسير العياشي: عن محمد بن الفضل، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) في تفسيرها: إذا سمعت الرجل يجحد الحق ويكذب به ويقع في أهله فقم من عنده ولا تقاعده (22).

وفي أصول الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن (القاسم بن بريد) (23) قال: حدثنا أبو عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال في حديث طويل: إن الله (تبارك وتعالى) فرض الايمان على جوارح ابن آدم وقسمه عليها وفرقه فيها.

وفرض على السمع أن يتنزه عن الاستماع إلى ما حرم الله، وأن يعرض عما لا يحل له مما نهى الله (عز وجل) عنه، والاصغاء إلى ما أسخط الله (عز وجل) فقال في ذلك: " وقد نزل " إلى قوله " حتى يخوضوا في حديث غيره " ثم استثنى الله (عز وجل) موضع النسيان فقال: " واما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين " (24) (25).

عدة من أصحابنا: عن أحمد بن محمد، عن شعيب العقر قوفي قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله (عز وجل): " وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها " إلى آخر الآية (26) فقال: إنما عن بهذه الرجل يجحد الحق ويكذب به، ويقع في الأئمة، فقم من عنده ولا تقاعده كائنا من كان (27).

إنكم إذا مثلهم: في الكفر إن رضيتم به، وإلا ففي الاثم لقدرتكم على الانكار والاعراض.

وفي من لا يحضره الفقيه: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصية لا بنه محمد ابن الحنفية: ففرض على السمع أن لا تصغي به إلى المعاصي فقال (عز وجل): " وقد نزل عليكم في الكتاب ان إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم " (28).

والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

إن الله جامع المنفقين والكافرين في جهنم جميعا: فإذا كان لقاعد معهم مثلهم، والله جامعهم في جهنم، فيجمع القاعد معهم فيها.

وقيل: إن هذا يؤيد أن يكون المراد بالقاعدين قوما من المنافقين، فعلى هذا يكون معناه: إن الله يجمع المنافقين، أي القاعدين والكافرين، أي المقعود معهم في جهنم جميعا، وعلى هذا يلزم أن يكون قوله: " إذا " مستدركا، لان المنافقين مثل الكافرين، قعدوا معهم أم لم يقعدوا، و " إذا " ملغاة، لوقوعها بين الاسم والخبر، ولذلك لم يذكر بعدها الفعل: وإفراد " مثلهم " لأنه كالمصدر، أو بالاستغناء بالإضافة إلى الجمع.

وقرئ بالفتح على البناء لاضافته إلى مبني، كقوله: " مثل ما أنكم ﴿الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين فالله يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا (141) إن المنفقين يخدعون الله وهو خدعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا (142)﴾

تنطقون " (29).

الذين يتربصون بكم: ينتظرون وقوع أمر بكم، وهو بدل من " الذين يتخذون " أو صفة للمنافقين والكافرين، أو ذم مرفوع، أو منصوب، أو متبدأ خبره: فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم: مظاهرين لكم، فأسهموا لنا فيما غنمتم.

وإن كان للكافرين نصيب: من الحرب، فإنها سجال (30).

قالوا ألم نستحوذ عليكم: أي ألم نغلبكم ونتمكن من قتلكم فأبقينا عليكم.

والاستحواذ، الاستيلاء، وكان القياس استحاذ يستحيذ استحاذة، فجاءت على الأصل.

ونمنعكم من المؤمنين: بأن خذلناهم عنكم، بتخييل ما ضعفت به قلوبهم وتوانينا في مظاهرتهم، فأشركونا فيما أصبتم.

سمى ظفر المسلمين فتحا وظفر الكافرين نصيبا، لخسة نصيبهم، فإنه مقصور على أمر دنيوي سريع الزوال.

فالله يحكم بينكم يوم القيمة: يفصل بينكم بالحق.

ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا: بالحجة وإن جاز أن يغلبوهم بالقوة.

وفي عيون الأخبار: حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي (رضي الله عنه) قال: حدثني أحمد بن علي الأنصاري، عن أبي الصلت الهروي قال: قلت للرضا (عليه السلام): يا بن رسول الله إن في سواد الكوفة قوم يزعمون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يقع عليه السهو في صلاته؟فقال: كذبوا لعنهم الله، إن الذي لا يسهو هو الله لا إله إلا هو، قال: قلت: يا بن رسول الله وفيهم قوم يزعمون أن الحسين بن علي (عليهما السلام) لم يقتل، وأنه ألقى سهمه على حنظلة بن أسعد الشامي، وأنه رفع إلى السماء كما رفع عيسى بن مريم (عليه السلام)، ويحتجون بهذه الآية: " ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا " فقال: كذبوا عليهم غضب الله ولعنته، وكفروا بتكذيبهم لنبي الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في أخباره بأن الحسين (عليه السلام) سيقتل، والله لقد قتل الحسين وقتل من كان خيرا من الحسين، أمير المؤمنين والحسن بن علي (عليهم السلام)، وما منا إلا مقتول، وإني والله لمقتول بالسم باغتيال من يغتالني، أعرف ذلك بعهد معهود إلي من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أخبره به جبرئيل عن رب العالمين (عز وجل)، فأما قوله (عز وجل) " ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا " فإنه يقول: لن يجعل الله لهم على أنبيائه (عليهم السلام) سبيلا من طريق الحجة (31).

إن المنفقين يخدعون الله وهو خدعهم: سبق في سورة البقرة.

وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى: متثاقلين على نحو المكره على الفعل.

وقرئ " كسالى " بالفتح، وهما جمع كسلان.

في الكافي: سهل، عن ابن محبوب، عن سعد بن أبي خلف، عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال: قال أبي لبعض ولده: إياك والكسل والضجر، فإنهما يمنعانك من حظك من الدنيا والآخرة (32).

علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من كسل عن طهوره وصلاته فليس فيه خير لأمر آخرته، ومن كسل عما يصلح به أمر معيشته فليس فيه خير الامر دنياه (33).

علي بن محمد رفعه قال: قال أمير المؤمنين علي (صلوات الله عليه): إن الأشياء لما ازدوجت، ازدوج الكسل والضجر، فنتجا بينهما الفقر (34).

يراءون الناس: ليخالوهم مؤمنين.

والمراءاة، المفاعلة، بمعنى التفعيل، كنعم وناعم، أو للمقابلة، فإن المرائي يرى من يرائيه عمله وهو يريه استحسانه.

ولا يذكرون الله إلا قليلا: إذ المرائي لا يفعل إلا بحضرة من يرائيه، وهو أقل أحواله، أو لان ذكره باللسان قليل بالإضافة إلى الذكر بالقلب، ولا يذكرونه بالقلب، وإنما يذكرونه باللسان فقط للمراءاة، أو لان ذكرهم الله بالقلب قليل بالقياس إلى ما يخطر ببالهم من مراءاة من يراؤونه.

وقيل: المراد بالذكر الصلاة.

وقيل: الذكر فيها، فإنهم لا يذكرون فيها غير التكبير (35).

وفي كتاب الخصال: عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال لقمان لابنه: يا بني لكل شئ علامة يعرف بها ويشهد عليها، إلى قوله: وللمنافق ثلاث علامات، يخالف لسانه قلبه، وفعله قوله، وعلانيته سريرته، وللكسلان ثلاث علامات: يتوانى حتى يفرط، ويفرط حتى يضيع، ويضيع حتى يأثم، وللمرائي ثلاث علامات، يكسل إذا كان وحده، وينشط إذا كان الناس عنده، ويتعرض في كل أمر للمحمدة (36).

وعن أبي الحسن الأول (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أربع خصال يفسدون القلب وينبتن النفاق في القلب كما ينبت الماء الشجر: استماع اللهو والبذاء، وإتيان باب السلطان الصيد (37).

وفي كتاب علل الشرائع: بإسناده إلى زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، حديث طويل يقول فيه: ولا تقم إلى الصلاة متكاسلا ولا متناعسا ولا متثاقلا، فإنها من خلال النفاق، وقد نهى من خلال النفاق، وقد نهى الله (عز وجل) المؤمنين أن يقوموا إلى الصلاة وهم سكارى - يعني من النوم - وقال للمنافقين: " وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا " (38).

وفي كتاب معاني الأخبار: حدثنا أبي (رضي الله عنه) قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان قال: كنا جلوسا عند أبي عبد الله (عليه السلام) إذ قال له رجل من الجلساء: جعلت فداك يا بن رسول الله أخاف على أن أكون منافقا؟فقال له: إذا خلوت في بيتك ليلا أو نهارا أليس تصلي؟فقال: بلى، فقال: فلمن تصلي؟فقال: لله (عز وجل)، فقال: فكيف تكون منافقا وأنت تصلي لله (عز وجل) لا لغيره (39).


1- تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 156 س 3 في تفسيره لآية 135 من سورة النساء.

2- الخصال: ص 81، باب الثلاثة ح 5.

3- الخصال: ص 131، باب الثلاثة 136 وتمام الحديث (ورجل زار أخاه في الله، ورجل آثر أخاه المؤمن في الله عز وجل).

4- من قوله: (أن يكن أي المشهود عليه) إلى قوله: (أو تعرضوا عن أدائها) مقتبس من تفسير البيضاوي: ج 1 ص 249، لاحظ تفسيره، لآية 135 من سورة النساء.

5- قوله: (لا إليه وإلا لوحد) أي لو كان الضمير راجعا إلى المذكور، وهو أحد الجنسين، لوجب توحد الضمير. لان المرجع واحد وهو أحد الجنسين (من حاشية الكازروني لتفسير البيضاوي).

6- (وان تلووا) قرأ تلووا بواوين، واصله، تلويوا على وزن تفعلوا، من لويت، فنقلت الضمة من الياء إلى ما قبلها، فبقيت الياء ساكنة وواو الجمع ساكنة فحذفت الياء لالتقاء الساكنين، فبقي تلووا على وزن تفعوا. وقرأ تلوا بواو واحدة، ويحتمل وجهين أحدهما: أن يكون من لويت، واصله تلويوا على ما بيناه في القراءة الأولى، إلا أنه لما نقلت الضمة من الياء إلى الواو، حذفت الياء لالتقاء الساكنين ونقلت الضمة على الواو، فقلبت همزة وحذفت، ونقلت حركتها إلى اللام، فبقيت تلوا: والثاني أن يكون تلوا أصله توليوا من وليت، الا أنه حذفت الواو الأولى التي هي الفاء لوقوعها بين تاء وكسرة، حملا للتاء على الياء كما تحذف من نعد حملا لبعض حروف المضارعة على بعض طلبا للتشاكل، وفرارا من نفرة الاختلاف ليجري الباب على سنن واحد ولا تختلف طرق تصاريف الكلمة، فلما حذفت الواو الأولى بقي تليو فاستثقلت الضمة على الياء فنقلت إلى اللام قبلها، وحذف الياء لسكونها وسكون واو الجمع بعدها، وكانت أولى بالحذف، لان واو الجمع دخلت لمعنى والياء لم تدخل لمعنى، فكان حذفها أولى. وصار (تلوا) على وزن (تعوا) لذهاب الفاء واللام (البيان لابن الأنباري: ص 269).

7- مجمع البيان: ج 3 ص 124 في نقل المعنى لآية 135 من سورة النساء.

8- الكافي: ج 1 ص 421 كتاب الحجة، باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية، قطعة من ح 45.

9- قوله (ان تلوا الامر) لواه أي أماله وصرفه من جانب إلى جانب وقد يجعل كناية عن التأخر والتخلف، يعني إن تصرفوا أمر الخلافة عن موضعها وهو علي بن أبي طالب (عليه السلام)، أو تعرضوا عما أمرتم به من ولايته وتخلفتم عنه، فإن الله كان بما تعلمون خبيرا، فيعاقبكم بذلك (شرح العلامة المازندراني: ج 7 ص 75).

10- غير خفي أن هذا الحديث هو الذي أورده قبل أسطر ولعل نظره رحمه الله إلى ما أوله شراح الأحاديث كما قدمنا نموذجا منه عن المولى صالح المازندراني.

11- قاله البيضاوي: ج 1 ص 250 في تفسيره لآية 136 من سورة النساء.

12- قاله البيضاوي: ج 1 ص 250 في تفسيره لآية 136 من سورة النساء.

13- تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 156 في تفسيره لآية 137 من سورة النساء.

14- الكافي: ج 1 ص 420 كتاب الحجة، باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية، ح 42.

15- فصلت: 33.

16- آل عمران: 173.

17- آل عمران: 174.

18- الزخرف: 57.

19- البينة: 7.

20- آل عمران: 33.

21- الأعراف: 158.

22- تفسير العياشي: ج 1 ص 279 ح 289.

23- عبد الله بن سعد بن أبي سرح، أسلم قبل الفتح وهاجر إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكان يكتب له ثم ارتد مشركا وسار إلى قريش بمكة فلما كان يوم فتح مكة أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بقتله أينما وجد حتى لحق أستار الكعبة، ففر إلى عثمان بن عفان فغيبه حتى أتى به إلى رسول الله وأسلم ثانيا، وولاه عثمان في زمانه مصر سنة خمس وعشرين وفتح إفريقية فأعطاه عثمان جميع ما أفاء الله على المسلمين من فتح إفريقية بالمغرب، وهو أخو عثمان من الرضاع، وأسوأ أحواله خاتمته حيث شهد صفين مع معاوية على ما قيل (تلخيص من تنقيح المقال: ج 2 ص 184 تحت رقم 6876).

24- تفسير العياشي: ج 1 ص 280 ح 287.

25- تفسير العياشي: ج 1 ص 281 ح 288.

26- المنافقين: 8.

27- تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 156 س 14 في تفسيره لآية 139 من سورة النساء.

28- في النسخة - أ: (من المجانسة) و (يجانسه).

29- في النسخة - أ: (من المجانسة) و (يجانسه).

30- في النسخة - أ -: (موجود).

31- تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 156 س 17 في تفسيره لآية 140 من سورة النساء.

32- تفسير العياشي: ج 1 ص 281 ح 290.

33- في النسخة أ: (القاسم بن يزيد)، وهو اشتباه والصحيح ما أثبتناه من المصدر ومعاجم الرجال.

34- الانعام: 68.

35- الكافي: ج 2 ص 33 كتاب الايمان والكفر، باب في أن الايمان مبثوث لجوارح البدن كلها، قطعة من ح 1.

36- وفي الآية إيماء إلى من يجالسهم ولا ينهاهم هو من المنافقين كائنا من كان، أي سواء كان من أقا ربك أم من الأجانب، وسواء كان ظاهرا من أهل ملتك أم لا وسواء كان ظاهرا من أهل العلم أم لا، وسواء كان من الحكام أو غيرهم إذا لم تخف ضررا (مرآة العقول: ج 11 ص 90).

37- الكافي: ج 2 ص 377 كتاب الايمان والكفر، باب مجالسة أهل المعاصي، ح 8.

38- من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 382 باب 227 الفروض على الجوارح قطعة من ح 1.

39- الذاريات: 23.