الآية 93 - 101

﴿ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خلدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما (93)﴾

ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خلدا فيها و غضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما في أصول الكافي: علي بن محمد، عن بعض أصحابه، عن آدم بن إسحاق، عن عبد الرزاق بن مهران، عن الحسن بن ميمون، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، حديث طويل، يقول فيه: فلما أذن الله لمحمد (صلى الله عليه وسلم) في الخروج من مكة إلى المدينة بني الاسلام على خمس: شهادة أن لا إليه إلا الله، وأن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عبده ورسوله، وأقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصيام شهر رمضان، وأنزل عليه الحدود وقسمة الفرائض، وأخبره بالمعاصي التي أوجب الله عليها النار لمن عمل بها، وأنزل عليه في بيان القاتل " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما " ولا يلعن الله مؤمنا، قال الله (عز وجل): " إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا خالدين فيها أبدا لا يجدون وليا ولا نصيرا " (1) وكيف تكون في المشيئة وقد ألحق به - حين جزاه جهنم -، الغضب واللعنة (2)، قد بين ذلك من الملعونين في كتابه (3).

وفي كتاب علل الشرائع: حدثنا محمد بن موسى قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني قال: حدثنا محمد بن علي، عن أبيه، عن جده قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: قتل النفس من الكبائر، لان الله (عز وجل) يقول: " ومن يقتل مؤمنا " إلى قوله: " وأعد له عذابا عظيما " (4).

وفي كتاب معاني الأخبار: عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألته عن قول الله (عز وجل): " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم " قال: من قتل مؤمنا على دينه فذلك المتعمد الذي قال الله (عز وجل) في كتابه: " وأعد له عذابا عظيما " قلت: فالرجل يقع بين الرجل وبينه شئ فيضربه بالسيف، فيقتله؟قال: ليس ذلك الذي قال الله (عز وجل) (5).

وفي الكافي: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله (عز وجل)، ونقل مثل ما في معاني الأخبار سواء (6).

وفي كتاب معاني الأخبار: حدثنا محمد بن الحسن قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن أبي السفاتج، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله (عز وجل): " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم " قال: إن جازاه (7).

وفي الكافي: عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، ومحمد بن يحيى، عن أحمد ابن محمد جميعا، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان وابن بكير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سئل عن المؤمن يقتل المؤمن يقتل المؤمن متعمدا، أله توبة؟فقال: إن كان قتله لايمانه فلا توبة له، وإن كان لغضب أو لسبب شئ من أشياء الدنيا، فإن توبته أن يقاد منه، وإن لم يكن علم به انطلق إلى أولياء المقتول فأقر عندهم بقتل صاحبهم، فإن عفوا عنه فلم يقتلوه أعطاهم الدية وأعتق نسمة وصيام شهرين متتابعين وأطعم ستين مسكينا، توبة إلى الله (عز وجل) (8).

محمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما، وقال: لا يوفق قاتل المؤمن متعمدا للتوبة (9).

وفي تفسير علي بن إبراهيم: قال: من قتل مؤمنا على دينه لم يقبل توبته ومن قتل نبيا أو وصي نبي فلا توبة له لأنه لا يكون مثله فيقاد به (10).

وقيل: إن الآية نزلت في مقيس بن صبابة وحد أخاه هشام في بني النجار، ولم يظهر قاتله، فأمرهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يدفعوا إليه ديته، فدفعوا إليه، ثم حمل على مسلم فقتله، ورجع إلى مكة مرتدا (11).

﴿يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلم لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا إن الله كان بما تعملون خبيرا (94)﴾

يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم سبيل الله: سافرتم وذهبتم للغزو.

فتبينوا: فاطلبوا بيان الامر وثباته، وميزوا بين الكافر والمؤمن.

وقرأ حمزة والكسائي " فتثبتوا " من التثبيت، هنا وفي الحجرات.

ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلم: لمن حياكم بتحية السلام.

وقرأ نافع وابن عامر وحمزة السلم بغير ألف، أي الاستسلام والانقياد، وفسر به السلام أيضا.

لست مؤمنا: وإنما فعلت ذلك من الخوف.

وقرئ مؤمنا بالفتح، أي مبذولا له الأمان.

وفي تفسير العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام): ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلم (12).

تبتغون عرض الحياة الدنيا: تطلبون ماله الذي هو حطام سريع النفاد.

وهو حال من الضمير في " تقولوا " وهو مشعر بما هو الحامل لهم على العجلة وتر التثبت.

فعند الله مغانم كثيرة: تغنيكم عن قتل أمثاله، لماله.

كذلك كنتم من قبل: أي أول ما دخلتم في الاسلام تفوهتم بكلمتي الشهادة، فحصنت بها دماؤكم وأموالكم، من غير أن يعلم مواطاة قلوبكم ألسنتكم.

فمن الله عليكم: بالاشتهار بالايمان والاستقامة في الدين.

فتبينوا: فافعلوا بالداخلين، كما فعل الله بكم، ولا تبادروا إلى قتلهم ظنا بأنهم دخلوا فيه اتقاء وخوفا، فإن إبقاء الكافر أهون عند الله من قتل امرئ مسلم.

وتكريره تأكيد لتعظيم الامر وترتيب الحكم، على ما ذكر من حالهم.

إن الله كان بما تعملون خبيرا: عالما به وبالغرض منه، فلا تتهافتوا في القتل واحتاطوا فيه.

وفي تفسير علي بن إبراهيم: أنها نزلت لما رجع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من غزوة خيبر وبعث أسامة بن زيد في خيل إلى بعض قرى اليهود في ناحية فدك، ليدعوهم إلى الاسلام، وكان رجل من اليهود يقال له مرداس بن نهيك الفد كي في بعض القرى، فلما أحس بخيل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جمع أهله وماله وصار في ناحية الجبل، فأقبل يقول: أشهد أن لا إيه إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فمر به أسامة بن زيد فقتله، فلما رجع إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، أخبره بذلك، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) قتلت رجلا شهد أن لا إله إلا الله وأني محمد رسول الله ؟! فقال: يا رسول الله قالها تعوذا من القتل.

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أفلا شققت الغطاء عن قلبه؟لا ما قال بلسانه قبلت، ولا ما كان في نفسه علمت.

فحلف أسامة بعد ذلك أن لا يقاتل أحدا شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فتخلف عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حروبه، وأنزل الله في ذلك: " ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام " الآية (13).

﴿لا يستوى القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما (95) درجت منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفورا رحيما (96)﴾

وفي رواية العامة: أن مرداس أضاف إلى الكلمتين: السلام عليكم (14).

وهي تؤيد قراءة (السلام) وتفسيره بتحية السلام.

لا يستوى القاعدون: عن الحرب.

من المؤمنين: في موضع الحال من " القاعدون " أو من الضمير الذي فيه، ويحتمل الصفة.

غير أولى الضرر: الأصحاء بالرفع صفة للقاعدين، لأنه لم يقصد قوم بأعيانهم، أو بدل منه.

وقرأ نافع وابن عامر والكسائي بالنصب على الحال، أو الاستثناء.

وقرئ بالجر على أنه صفة للمؤمنين أو بدل منه.

في مجمع البيان: نزلت في كعب بن مالك من بني سملة، ومرارة بن ربيع من بني عمرو بن عوف وهلال بن أمية من بني واقف، تخلفوا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم تبوك، وعذر الله اولي الضرر، وهو عبد الله بن أم مكتوم، قال: رواه أبو حمزة الثمالي في تفسيره (15).

وفي عوالي اللآلئ: روى زيد بن ثابت أنه لم يكن في آية نفي المساواة بين المجاهدين والقاعدين استثناء " غير اولي الضرر " فجاء ابن أم مكتوم وكان أعمى وهو يبكي، فقال: يا رسول الله كيف لمن لا يستطيع الجهاد؟فغشيه الوحي ثانيا، ثم سرى عنه فقال: اقرأ " غير اولي الضرر " فألحقتها، والذي نفسي بيده، لكأني أنظر إلى ملحقها عند صدع في الكتف (16).

والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم: أي لا مساواة بينهم وبين من قعد عن الجهاد من غير علة.

وفائدته تذكير ما بينهما من التفاوت، ليرغب القاعد في الجهاد، رفعا لرتبته، وإنفة عن انحطاط منزلته.

فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة: جملة موضحة لما نفي الاستواء فيه والقاعدون على التقيد السابق.

و " درجة " نصب بنزع الخافض، أو على المصدر، لأنه تضمن معنى التفضيل ووقع موقع المرة منه، أو الحال بمعنى ذوي درجة.

وكلا: من القاعدين والمجاهدين.

وعد الله الحسنى: المثوبة الحسنى، وهي الجنة، لحسن عقيدتهم وخلوص نيتهم، وإنما التفاوت في زيادة العمل المقتضي لمزيد الثواب.

في الجوامع: عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): لقد خلفتم في المدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم، وهم الذين صحت نياتهم، ونصحت جيوبهم، وهوت أفئدتهم إلى الجهاد وقد منعهم من المسير ضررا وغيره (17).

وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما: نصب على المصدر، لان فضل بمعنى أجرا، والمفعول الثاني له، لتضمنه معنى الا عطاء، كأنه قيل: وأعطاهم زياد على القاعدين أجرا عظيما.

درجت منه ومغفرة ورحمة: كل واحدة منهما بدل من " أجر " ويجوز أن ينتصب " درجات " على المصدر، كقولك: ضربته أسواطا، و " أجرا " على الحال عنها، تقدمت عليها، لأنها نكرة، و " رحمة ومغفرة " على المصدر بإضمار فعليهما.

في مجمع البيان: وجاء في الحديث أن الله سبحانه فضل المجاهدين على القاعدين سبعين درجة، بين كل درجتين مسيرة سبعين خريفا للفرس الجواد المضمر (18).

كرر تفضيل المجاهدين وبالغ فيه إجمالا وتفصيلا، وتعظيما وترغيبا فيه.

وقيل: الأول ما حق لهم في الدنيا من الغنيمة والظفر وجميل الذكر.

والثاني ما جعل لهم في الآخرة.

وقيل: المراد بالدرجة الأولى ارتفاع منزلتهم عند الله تعالى، والدرجات منازلهم في الجنة.

وقيل: القاعدون الأول، هم الاضرار، والقاعدون الثاني، هم الذين أذن لهم في التخلف اكتفاء بغيرهم.

وقيل: المجاهدون الأولون من جاهد الكفار، والآخرون من جاهد نفسه، كما في الحديث: رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر (19).

وقيل: يحتمل أن يكون المراد بالأول، قوما، وبالآخر، آخرين، فإن ما بين القاعد والمجاهد كما بين السماء والأرض.

وكان الله غفورا: لما عسى أن يفرط منهم.

رحيما: يرحمهم بإعطاء الثواب.

﴿* إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله وسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا (97)﴾

إن الذين توفاهم الملائكة: يحتمل الماضي والمضارع.

وقرئ " توفتهم وتوفاهم " على مضارع وفيت، بمعنى أن الله يوفي الملائكة أنفسهم فيتوفونها، أي يمكنهم من استيفائها، فيتوفونها.

ظالمي أنفسهم: في حال ظلمهم أنفسهم بترك الهجرة وموافقة الكفرة.

في كتاب الاحتجاج: عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه سئل عن قول الله تعالى: " الله يتوفى الأنفس حين موتها " (20) وقوله: " قل يتوفاكم ملك الموت " (21) وقوله (عز وجل): " توفته رسلنا " (22) وقوله: " الذين توفاهم الملائكة " فمرة يجعل الفعل لنفسه، ومرة لملك الموت، ومرة للرسل، ومرة للملائكة ؟! فقال: إن الله (تبارك وتعالى) أجل وأعظم من أن يتولى ذلك بنفسه، وفعل رسله وملائكته، فعله، لأنهم بأمره يعملون، فاصطفى من الملائكة رسلا وسفرة بينه وبين خلقه، وهم الذين قال الله فيهم: " الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس " (23) فمن كان من أهل الطاعة تولت قبض روحه ملائكة الرحمة، ومن كان من أهل المعصية تولت قبض روحه ملائكة النقمة، ولملك الموت أعوان من ملائكة الرحمة والنقمة، يصدرون عن أمره وفعلهم فعله وكل ما يؤته منسوب إليه، وإذا كان فعلهم فعل ملك الموت، ففعل ملك الموت فعل الله، لأنه يتوفى الأنفس على يد من يشاء، ويعطي ويمنع ويثيب ويعاقب على يد من يشاء، وإن فعل امناؤه فعله، كما قال: " وما تشاؤون إلا أن يشاء الله " (24) (25).

وفي من لا يحضره الفقيه: عن الصادق (عليه السلام) أنه سئل عن ذلك، فقال: إن الله (تبارك وتعالى) جعل لملك الموت أعوانا من الملائكة يقبضون الأرواح بمنزلة صاحب الشرطة له أعوان من الانس يبعثهم في حوائجه، فيتوفاهم الملائكة، ويتوفاهم ملك الموت من الملائكة، مع ما يقبض هو ويتوفاها الله من ملك الموت (26).

وفي كتاب التوحيد: سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن ذلك فقال: إن الله (تبارك وتعالى) يدبر الأمور كيف شاء، ويوكل من خلقه من يشاء بما يشاء، أما ملك الموت فإن الله يوكله بخاصة من يشاء، ويوكل رسله من الملائكة خاصة بمن يشاء من خلقه، والملائكة الذين سماهم الله (عز ذكره) وكلهم بخاصة من يشاء من خلقه والله (تبارك وتعالى) يدبر الأمور كيف يشاء، وليس كل العلم يستطيع صاحب العلم أن يفسره لكل الناس، لان منهم القوي والضعيف، ولان منه ما يطاق حمله ومنه ما لا يطيق حمله إلا من يسهل الله له حمله وأعانه عليه من خاصة أوليائه، وإنما يكفيك أن تعلم أن الله المحيي والمميت، وأنه يتوفى الأنفس على يدي من يشاء من خلقه من ملائكته وغيرهم (27).

قالوا: أي الملائكة توبيخا لهم.

فيم كنتم: في أي شئ كنتم من أمر دينكم.

قالوا كنا مستضعفين في الأرض: اعتذار عما وبخوا به، بضعفهم عن إظهار الدين وإعلاء كلمته، لقلة الغدد وكثرة العدو (28).

قالوا: أي الملائكة تكذيبا لهم.

ألم تكن أرض الله وسعة فتهاجروا فيها: إلى قطر آخر كما فعل المهاجرون إلى المدينة والحبشة.

فأولئك مأواهم جهنم: لتركهم الواجب ومساعدتهم الكفار وكفرهم.

وهو خبر (إن) والفاء فيه لتضمن الاسم معنى الشرط، و " قالوا فيم كنتم " حال من الملائكة بإضمار (قد)، أو الخبر (قالوا) والعائد محذوف، أي قالوا لهم، وهو جملة معطوفة على الجملة مستنتجة منها.

وساءت مصيرا: أي مصيرهم، أو جهنم.

وقيل: الآية نزلت في ناس من مكة أسلموا ولم يهاجروا حين كانت الهجرة واجية (29).

والظاهر أنها في الكفرة.

وفي مجمع البيان: عن الباقر (عليه السلام)، هم قيس بن الفاكهة بن المغيرة والحارث بن زمعة بن الأسود وقيس بن الوليد بن المغيرة وأبو العاص بن منبه بن الحجاج وعلي بن أمية بن خلف (30).

وفي نهج البلاغة قال (عليه السلام): ولا يقع استضعاف على من بلغته الحجة فسمعتها اذنه ووعاها قلبه (31).

وفي تفسير علي بن إبراهيم: نزلت في من اعتزل أمير المؤمنين (عليه السلام) ولم يقاتلوا معه، فقال الملائكة لهم عند الموت: " فيم كنتم "؟قالوا كنا مستضعفين في الأرض " أي لم نعلم مع من الحق، فقال الله: " ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا ﴿إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا (98)﴾

فيها " أي دين الله وكتابه واسع فتنظروا فيه (32).

والجمع بينه وبين الأول: أنها نزلت في الأول وجرت في الثاني وفي الآية دلالة على وجوب الهجرة من موضع لا يتمكن الرجل فيه من إقامة دينه.

وفي مصباح الشريعة: قال الصادق (عليه السلام) بعد أن أمر بالكلام بما ينفع ولا يضر: فإن لم تجد السبيل إليه، فالانقلاب والسفر من بلد إلى بلد وطرح النفس في براري (33) التلف، بسر صاف وقلب خاشع وبدن صابر، قال الله تعالى: " إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها " (34).

وفي تفسير علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن يسار، عن معروف بن خربوذ، عن الحكم بن المستنير، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): الأرض مسيرة خمسمائة عام، الخراب منها مسيرة أربعمائة، والعمران منها مسيرة مائة عام، والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة (35).

إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان: استثناء منقطع لعدم دخولهم في الموصول بظلموا ولا في ضميره، ولا في الإشارة إليه.

وذكر الولدان، إن أريد به المماليك فظاهر، وإن أريد به الصبيان فللمبالغة في الامر، والاشعار بأنهم على صدد وجوب الهجرة، فإنهم إذا بلغوا وقدروا على الهجرة، فلا محيص لهم عنها، وإن قوامهم يجب عليهم أن يهاجروا بهم متى أمكنت.

لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا: صفة للمستضعفين، إذ لا توقيت فيه، أو حال عنه، أو عن المستكن فيه.

واستطاعة الحيلة، قدرة وجدان أسباب دفع الكفر.

واهتداء السبيل، وجدان سبيل الايمان بنفسه أو بدليل.

في كتاب معاني الأخبار: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، وفضالة بن أيوب جميعا، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن قول الله (عز وجل): " إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان " فقال " هو الذي لا يستطيع الكفر فيكفر، ولا يهتدي سبيل الايمان فيؤمن.

والصبيان ومن كان من الرجال والنساء على مثل عقول الصبيان، مرفوع عنهم القلم (36).

قوله: " هو الذي لا يستطيع الكفر " يعني ليس له من العقل ما به يطلع على الكفر، فيكفر أو يدفعه عن نفسه.

وبإسناده إلى سالم بن مكرم الجمال، عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن قوله (عز وجل): " إلا سالم بن مكرم الجمال، عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن قوله (عز وجل): " إلا المستضعفين " إلى قوله " سبيلا " فقال: لا يستطيعون حيلة إلى النصب، فينصبون، ولا يهتدون، سبيلا الحق فيدخلون فيه.

وهؤلاء يدخلون الجنة بأعمال حسنة وباجتناب المحارم التي نهى الله (عز وجل) عنها، ولا ينالون منازل الأبرار (37).

حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله) قال: حدثنا الحسين ابن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن حجر بن زائدة، عن حمران قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله (عز وجل): " إلا المستضعفين " الآية، قال: هم أهل الولاية: قلت: وأي ولاية؟فقال أما إنها ليست بولاية في الدين، لكنها الولاية في المناكحة والموارثة والمخالطة، وهم ليسوا بالمؤمنين ولا بالكفار، وهم المرجون لأمر الله (38).

حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه، عن علي بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي، عن عبد الكريم بن عمروا الخثعمي، عن سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله (عز وجل): " إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان " الآية؟قال: يا سليمان في هؤلاء المستضعفين من هو أثخن رقبة منك، المستضعفون قوم يصومون ويصلون تعف بطونهم وفروجهم لا يرون أن الحق في غيرنا، آخذين بأغصان الشجرة فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم إذا كانوا آخذين بالأغصان، وإن لم يعرفوا أولئك فإن عفى الله عنهم فبرحمته وإن عذبهم فبضلالتهم عما عرفهم (39).

أبي (رحمه الله) قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي الصباح، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال في المستضعفين الذين لا يجدون حيلة ولا يهتدون سبيلا: لا يسطيعون حيلة فيدخلوا في الكفر، ولم يهتدوا فيدخلوا في الايمان، فليس هم من الكفر والايمان في شئ (40).

وفي أصول الكافي: عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن سليم طربال قال: حدثني هشام، عن حمزة بن الطيار قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): الناس على ستة أصناف، قال: قلت: أتأذن لي أن أكتبها؟قال: نعم، قلت: ما أكتب؟قال: اكتب " إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان "، لا يستطيعون حيلة إلى الكفر، ولا يهتدون سبيلا إلى الايمان، " فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم " (41) (42).

علي بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن زرارة قال: دخلت أنا وحمران، أو أنا وبكير على أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت له: إنا نمد (المطمار) قال: وما (المطمار)؟قلت: التر (43) فمن وافقنا من علوي وغيره تولينا، ومن خالفنا من علوي وغيره برئنا منه، فقال لي: يا زرارة قول الله أصدق من قولك، فأين الذين قال الله (عز وجل) " إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا " (أين المرجون لأمر الله) (44) والحديثان طويلان أخذنا منهما موضع الحاجة.

علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: المستضعفون الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا، قال: لا يستطيعون حيلة إلى الايمان ولا يكفرون، الصبيان وأشباه عقول الصبيان من الرجال والنساء (45).

عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن زرارة قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن المستضعف؟فقال: هو الذي لا يستطيع حيلة يدفع بها عنه الكفر ولا يهتدي بها سبيلا إلى الايمان، لا يستطيع أن يؤمن ولا يكفر، قال: والصبيان ومن كان من الرجال والنساء على مثل عقول الصبيان (46).

محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن عبد الله ابن جندب، عن سفيان بن السمط البجلي قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما تقول في المستضعفين؟فقال لي شبيها بالفزع (47): فتركتم أحدا يكون مستضعفا، وأين المستضعفون؟فوالله لقد مشى بأمركم هذا العواتق إلى العواتق في خدورهن، وتحدث به السقايات في طريق المدينة (48).

الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشا، عن مثنى، عن إسماعيل الجعفي قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام)، في حديث طويل: فهل سلم أحد لا يعرف هذا الامر؟فقال: لا إلا المستضعفين، قلت: من هم؟قال: نساؤكم وأولادكم، ثم قال: أرأيت أم أيمن؟فإني أشهد أنها من أهل الجنة، وما كانت تعرف ما أنتم عليه (49) (50).

وبإسناده إلى أيوب بن الحر قال: رجل لأبي عبد الله (عليه السلام) ونحن عنده: جعلت فداك إنا نخاف أن ننزل بذنوبنا منازل المستضعفين، قال: فقال: لا والله، لا يفعل الله ذلك بكم أبدا (51).

عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن إسماعيل بن مهران، عن محمد بن منصور الخزاعي، عن علي بن سويد، عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال: سألته عن الضعفاء؟فكتب إلى، الضعيف من لم يرفع إليه حجة ولم يعرف الاختلاف، فإذا عرف الاختلاف فليس بضعيف (52).

وفي الكافي: أبو علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن مسكان، عن يحيى الحلبي، عن عبد الحميد الطائي، عن زرارة بن أعين قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أتزوج بمرجئة أو حرورية (53)؟قال: لا، عليك بالبله من النساء، قال زرارة: فقلت: والله ما هي إلا مؤمنة أو كافرة، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): وأين أهل ثنوي الله (54) (عز وجل)؟قول الله أصدق من قولك " إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا " (55).

وفي تفسير العياشي: عن سليمان بن خالد، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن المستضعفين؟فقال: البلهاء في خدرها، والخادم تقول لها: صلي، فتصلي، لا تدري إلا ما قلت لها، والجليب الذي لا يدري إلا ما قلت له (56)، والكبير الفاني، والصبي والصغير، هؤلاء المستضعفين (57).

﴿فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا (99) * ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مرغما كثيرا وسعة ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفورا رحيما (100)﴾

فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم: دكر بكلمة الأطماع ولفظ العفو إيذانا بأن ترك الهجرة أمر خطير حتى المضطر من حقه أن لا يأمن ويترصد الفرصة ويعلق بها قلبه.

وكان الله عفوا غفورا: ذا صفح عن ذنوب عباده، ساتر عليهم ذنوبهم.

ومن يهاجر: يفارق أهل الشرك ويهرب بدينه من وطنه إلى أرض الاسلام.

في سبيل الله: في منهاج دينه.

يجد في الأرض مرغما كثيرا: متحولا، من الرغام وهو التراب (58).

وقيل: طريقا يراغم قومه بسلوكه، أي يفارقهم على رغم أنوفهم، وهو أيضا من الرغام.

وسعة: في الرزق وإظهار الدين، فيرغم بذلك أنوف قومه ممن ضيق عليه.

ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت: وقرئ يدركه على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي ثم هو يدركه، وبالنصب على إضمار (أن) كقوله: (وألحق بالحجاز فأستريحا) (59).

فقد وقع أجره على الله: الوقوع والوجوب متقاربان، وفي لفظ الوقوع زيادة مبالغة لاشعاره بأن أجره وقع.

وكان الله غفورا رحيما: في مجمع البيان: عن أبي حمزة الثمالي، لما نزلت آية الهجرة سمعها رجل من المسلمين، وهو جندع، أو جندب بن حمزة، وكان بمكة، فقال: والله ما أنا ممن استثنى الله، إني لا جد قوة، وإني لعالم بالطريق، وكان مريضا شديد المرض، فقال لبنيه: والله لا أبيت بمكة حتى أخرج منها، فإني أخاف أن أموت فيها، فخرجوا يحملونه على سرير حتى إذا بلغ النعيم مات، فنزلت الآية (60).

ومما جاء في معنى الآية من الحديث.

ما رواه الحسن، عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: من فر بدينه من أرض إلى أرض وإن كان شبرا من الأرض، استوجب الجنة وكان رفيق إبراهيم ومحمد (عليهما السلام) (61).

وفي أصول الكافي: علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمان قال: حدثنا حماد، عن عبد الاعلى قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول العامة (62): إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية؟قال: الحق والله قلت، فإن إماما هلك ورجل بخراسان لا يعلم من وصيه، لم يسعه ذلك، قال: لا يسعه أن الامام إذا هلك، وقعت حجة وصيه على من هو معه في البلد، وحق النفر على من ليس بحضرته إذا بلغهم، أن الله (عز وجل) يقول: " فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون " (63) قلت: فنفر قوم فهلك بعضهم قبل أن يصل فيعلم؟قال إن الله (عز وجل) يقول: " ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله " (64).

والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد، عن النضر ابن سويد، عن يحيى الحلبي، عن بريد بن معاوية، عن محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد الله: أصلحك الله، بلغنا شكواك (65) وأشفقنا، فلو أعلمتنا أو علمتنا من؟فقال: إن عليا (عليه السلام) كان عالما، والعلم يتوارث، فلا يهلك عالم إلا بقي من بعده من يعلم مثل علمه، أو ما شاء الله، قلت أفيسع الناس إذا مات العالم ألا يعرفوا الذي بعده؟فقال: أما أهل هذه البلدة فلا (يعني المدينة) وأما غيرها من البلدان فبقدر مسيرهم، إن الله يقول: " وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلو لا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون " قال: قلت: أرأيت من مات في ذلك؟هو بمنزلة من خرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله (66).

وفي تفسير العياشي: بإسناده عن محمد بن أبي عمير قال: وجه زرارة بن أعين ابنه عبيدا إلى المدينة يستخبر له خبر أبي الحسن موسى بن جعفر وعبد الله، فمات قبل وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا (101) أن يرجع إليه عبيد ابنه، قال محمد بن أبي عمير: حدثني محمد بن حكيم قال: ذكرت لأبي الحسن (عليه السلام) زرارة وتوجيهه عبيدا إلى المدينة، فقال: إني لأرجو أن يكون زرارة ممن قال الله " ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله " (67) الآية.

عن أبي الصباح الكناني قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما تقول في رجل دعي إلى هذا الامر فعرفه وهو في أرض منقطعة إذ جاء موت الامام، فبينا هو ينتظر إذ جاءه الموت؟فقال: هو والله بمنزلة من هاجر إلى الله ورسوله فمات قد وقع أجره على الله (68).

وفي الكافي: علي بن محمد بن بندار، عن إبراهيم بن إسحاق، عن محمد بن سليمان المديني، عن أبي حجر الأسلمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من أتى مكة حاجا ولم يزرني إلى المدينة جفوته يوم القيامة (69)، ومن أتاني زائرا وجبت له شفاعتي، ومن وجبت له شفاعتي وجبت له الجنة، ومن مات في أحد الحرمين مكة والمدينة لم يعرض ولم يحاسب، ومن مات مهاجرا إلى الله تعالى حشره الله تعالى يوم القيامة مع أصحاب بدر (70).

وإذا ضربتم في الأرض: سافرتم.

فليس عليكم جناح أن تقسروا من الصلاة: بتنصيف الرباعيات، و " من الصلاة " صفة محذوف، أي شيئا من الصلاة، عند سيبويه.

ومفعول " تقصروا " بزيادة " من " عند الأخفش.

والقصر واجب، ونفي الجناح لأنهم ألقوا التمام وكان مظنة لان يخطر ببالهم.

أن عليهم نقصانا في التقصير، فرفع عنهم الجناح لتطيب نفوسهم بالقصر ويطمئنوا إليه.

وفي من لا يحضره الفقيه وتفسير العياشي: روى عن زرارة ومحمد بن مسلم أنهما قالا: قلنا لأبي جعفر (عليه السلام): ما تقول في الصلاة في السفر، كيف هي؟وكم هي؟فقال: إن الله (عز وجل) يقول: " وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة " فصار التقصير في السفر واجبا كوجوب التمام في الحضر، قالا: قلنا: إنما قال الله تعالى " فليس عليكم جناح " ولم يقل افعلوا، كيف أوجب ذلك كما أوجب التمام في الحضر؟فقال (عليه السلام) أوليس قد قال الله (عز وجل): " إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما " (71) ألا ترون أن الطواف بهما واجب مفروض، لان الله (عز وجل)، ذكره في كتابه وصنعه نبيه (صلى الله عليه وآله)، وكذلك التقصير في السفر، شئ صنعه النبي (صلى الله عليه وآله) وذكره الله تعالى في كتابه، قالا: قلنا: فمن صلى في السفر أربعا أيعيد أم لا؟قال: إن كان قد قرئت عليه آية التقصير وفسرت له وصلى أربعا أعاد، وإن لم يكن قرئت عليه ولم يعلمها فلا إعادة عليه.

والصلاة كلها في السفر الفريضة ركعتان كل صلاة إلا المغرب فإنها ثلاث ليس فيها تقصير تركها رسول الله (صلى الله عليه وآله) في السفر والحضر ثلاث ركعات وزاد في الفقيه، وقد سافر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى ذي خشب، وهي مسيرة يوم من المدينة، يكون إليها بريدان أربعة وعشرون ميلا، فقصر وأفطر فصارت سنة، وقد سمى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قوما صاموا حين أفطر: العصاة، قال: فهم العصاة إلى يوم القيامة، وإنا لنعرف أبناءهم وأبناء أبنائهم إلى يومنا هذا (72) (73) (74).

وفي عيون الأخبار: في باب العلل التي ذكر الفضل بن شاذان أنه سمعها من الرضا (عليه السلام)، فإن قال: فلم قصرت الصلاة في السفر؟قيل: لان الصلاة المفروضة أولا، إنما هي عشر ركعات، والسبع إنما زيدت فيما بعد، فخفف الله عنه تلك الزيادة لموضع سفره وتعبه ونصبه و اشتغاله بأمر نفسه، وظعنه وإقامته، لئلا يشتغل عما لابد له من معيشته، رحمة من الله تعالى، وتعطفا عليه إلا صلاة المغرب، فإنها لم تقصر، لأنها صلاة مقصرة في الأصل.

فإن قال: فلم وجب التقصير من في ثمانية فراسخ؟لا أقل من ذلك ولا أكثر؟قيل: لان ثمانية فراسخ ميسرة يوم للعامة والقوافل والأثقال فوجب التقصير في مسيرة يوم، فإن قال: فلم وجب التقصير في مسيرة يوم؟قيل: لأنه لو لم يجب في مسيرة يوم، لما وجب في مسيرة سنة، وذلك أن كل يوم يكون بعد هذا اليوم فإنما هو نظير هذا اليوم، فلو لم يجب في هذا اليوم لما وجب في نظيره إذ كان نظيره مثله لا فرق بينهما (75).

وفي الكافي: علي بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن علي بن الحكم، عن ربيع ابن محمد السلمي، عن عبد الله بن سليمان العامري، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لما عرج برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نزل بالصلاة عشر ركعات، ركعتين ركعتين، فلما ولد الحسن (عليه السلام) والحسين (عليه السلام) زاد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سبع ركعات شكرا لله، فأجاز الله له ذلك، وترك الفجر ولم يزد فيها شيئا لضيق وقتها، لأنه يحضرها ملائكة الليل وملائكة النهار، فلما أمره الله بالتقصير في السفر وضع عن أمته ست ركعات وترك المغرب لم ينقص منها شيئا (76).

وفي كتاب علل الشرائع: بإسناده إلى أبي محمد العلوي الدينوي، بإسناده رفع الحديث إلى الصادق (عليه السلام) قال: قلت: لم صارت المغرب ثلاث ركعات وأربعا بعدها، ليس فيها تقصير في حضر ولا في سفر؟فقال: إن الله (عز وجل) أنزل على نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) كل صلاة ركعتين في الحضر، فأضاف إليها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لكل صلاة ركعتين في الحضر، وقصر فيها في السفر إلا المغرب، فلما صلى المغرب، بلغه مولد فاطمة (عليهما السلام) فأضاف إليها ركعة شكرا لله (عز وجل) فلما أن ولد الحسن (عليه السلام) أضاف إليها ركعتين شكرا لله (عز وجل)، فلما أن ولد الحسين (عليه السلام) أضاف إليها ركعتين شكرا لله (عز وجل)، فقال: " للذكر مثل خط الأنثيين " فتركها على حالها في الحضر والسفر (77).

وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): فرض المسافر ركعتان غير قصر (78).

ومعنى قوله: (غير قصر) أي ثوابه تمام.

وفي كل الاسفار المشروعة القصر واجب إلا في أربعة مواضع، مكة والمدينة ومسجد الكوفة وحرم الحسين (عليه السلام).

فإن المسافر فيها مخير بين القصر والاتمام، والاتمام أفضل.

ففي الكافي: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن الحسين بن المختار، عن أبي إبراهيم (عليه السلام) قال: قلت له: إنا إذا دخلنا مكة والمدينة، نتم أو نقصر؟قال: إن قصرت فذاك فإن أتممت فهو خير يزداد (79).

عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن عبد الملك القمي، عن إسماعيل بن جابر، عن عبد الحميد خادم إسماعيل بن جعفر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: تتم الصلاة في أربعة مواطن، المسجد الحرام، ومسجد الرسول (عليه السلام)، ومسجد الكوفة، وحرم الحسين (عليه السلام) (80).

والاخبار في معناه كثيرة.

وفي بعضها قال أبو إبراهيم (عليه السلام): - وقد ذكر الحرمين -: كان أبي يقول: إن الاتمام فيهما من الامر المذخور (81).

إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا: شريطة باعتبار الغالب في ذلك الوقت، ولذلك لم يعتبر مفهومها، وقد تظاهرت الاخبار على وجوبه أيضا في حال الامن.

ويحتمل أن يكون المراد (والله أعلم) أنه لا جناح عليكم في القصر في صورة الامن في السفر فيقصر أربع ركعات إلى ركعتين، وأما مع الخوف فيقصر الركعتين إلى ركعة واحدة، بمعنى كون إحدى الركعتين مع الجماعة والأخرى بدونها، أو كونهما بإيماء، ونقص الكيفية يعد الركعتان معها بركعة واحدة.

وعلى هذا المعنى يحمل ما رواه في الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه وأحمد بن إدريس ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد جميعا، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله (عز وجل): " فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا " قال: في الركعتين تنقص.

1- الكافي: ج 4 ص 139، كتاب الصيام، باب من وجب عليه صوم شهرين متتابعين فعرض له أمر يمنعه عن إتمامه ح 7.

2- قوله: (هما الشهران) هذه الآية وردت ظاهرا في كفارة قتل الخطأ ولا خلاف في أنه لا يجزي هذان الشهران عنها، ويحتمل أن يكون أولا كذلك ثم نسخ، أو يكون المراد أنهما نظير هذين الشهرين في كون كل منهما كفارة من الذنوب، ولا يبعد أن يكون في بطن الآية هذا أيضا مرادا (مرآة العقول: ج 3 ط حجري ص 221).

3- الكافي: ج 4 ص 92، كتاب الصيام، باب فضل صوم شعبان وصلته برمضان وصيام ثلاثة أيام في كل شهر ح 5 وتمام الحديث (وقد يستحب للعبد أن لا يدع السحور).

4- قوله: (يصومه) أي العيد وأيام التشريق أو سواهما، والأول أظهر، كما فهمه الشيخ وقال به. ورد الأكثر الخبر بضعف السند ومخالفة الأصول، مع أنه ليس بصريح في صوم الأيام المحرمة كما عرفت: وقال المحقق في المعتبر: الرواية مخالفة لعموم الأحاديث المجمع عليها، على أنه ليس بصريح في صوم العيد انتهى. في المعتبر: الرواية مخالفة لعموم الأحاديث المجمع عليها، على أنه ليس بصريح في صوم العيد انتهى. أما مخالفته لسائر الاخبار فظاهر، وأما ضعف السند فليس كذلك لما سيأتي بسند حسن، ورواه الشيخ في التهذيب بسند صحيح وسند موثق عن زرارة، والمسألة محل إشكال وإن كان التحريم أقوى (مرآة العقول: ج 3 ص حجري ص 232).

5- الكافي: ج 4 ص 139 باب من وجب عليه صوم شهرين متتابعين فعرض له أمر يمنعه عن اتمامه ح 8.

6- الأحزاب: 64 و 65.

7- قوله: (وكيف تكون المشيئة) كيف للانكار، ردا على من زعم أن القاتل في مشيئة الله تعالى، إن شاء عذبه وأخزاه، وان شاء رحمه ونجاه، أي كيف يكون هو في المشيئة وقد ألحقه بالكافر في دخوله النار أبدا وصرح بالغضب واللعن عليه (شرح أصول الكافي للمازندراني: ج 8 ص 92).

8- الكافي: ج 2 ص 31 كتاب الايمان والكفر باب (بدون عنوان بعد باب أن الاسلام قبل الايمان) قطعة من ح 1.

9- علل الشرائع: ج 2 ص 164 ب 228 العلة التي من أجلها حرم قتل النفس ج 2.

10- معاني الأخبار: باب نوادر المعاني، ص 380 ح 4.

11- الكافي: ج 7 ص 275 كتاب الديات، باب أن من قتل مؤمنا على دينه فليست له توبة ح 1.

12- معاني الأخبار: ص 380، باب نوادر معاني ح 5.

13- الكافي: ج 7 ص 276 كتاب الديات، باب أن من قتل مؤمنا على دينه فليست له توبة ح 2.

14- الكافي: ج 7 ص 272 كتاب الديات، باب القتل ح 7.

15- تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 148.

16- في النسخة - أ: (مقيس بن ضبانة) والظاهر أنه تصحيف والصحيح ما أثبتناه من المصادر و الآية نزلت في مقيس ابن صبابة (النكاني خ ل) الكندي وجد أخاه هشاما قتيلا في بني النجار: فذكر ذلك لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأرسل معه قيس بن هلال الفهري، وقال له: قال لبني النجار: إن علمتم قاتل هشام فادفعوه إلى أخيه ليقتص منه، وإن لم تعلموا فادفعوا إليه ديته: فبلغ الفهري الرسالة، فأعطوه الدية، فلما انصرف ومعه الفهري وسوس إليه الشيطان فقال: ما صنعت شيئا أخذت دية أخيك فيكون سبة عليك، اقتل الذي معك لتكون نفس بنفس والدية فضل، فرماه بصخرة فقتله وركب بعيرا ورجع إلى مكة كافرا وأنشد بقول: قلت به فهرا وحملت عقله * سراة بني النجار لا رباب فارع فأدركت ثأري واضطجعت موسدا * وكنت إلى الأوثان أول راجع فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): لا أو منه في حل ولا حرم، فقتل يوم الفتح وهو متعلق بأستار الكعبة (نقله الطبرسي (رحمه الله) في مجمع البيان. والبغوي في معالم التنزيل - والآلوسي في روح المعاني - والسيوطي في الدر المنثور وغيرهم من المفسرين).

17- تفسير العياشي: ج 1 ص 297 ح 242.

18- تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 148 في تفسيره لآية 94 من سورة النساء. ورواه مجملا في مجمع.

19- البيان: ج 3 ص 95 في نقله سبب نزول آية 94 ثم قال بعد نقل القصة: (وبهذا اعتذر إلى علي (عليه السلام) لما تخلف عنه، وإن كان عذره غير مقبول، لأنه قد دل الدليل على وجوب طاعة الامام في محاربة من حاربه من البغاة لا سيما وقد سمع النبي يقول: حربك يا علي حربي وسلمك سلمي).

20- الدر المنثور في التفسير بالمأثور: ج 2 ص 634 في تفسيره لآية 94 من سورة النساء، وفيه (فقال: السلام عليكم، أشهد أن لا إله إلا الله الخ).

21- مجمع البيان: ج 3 ص 96 في نقله سبب نزول آية 95 من سورة النساء.

22- عوالي اللآلئ: ج 2 ص 99 ح 272.

23- جوامع الجامع: ص 94 في تفسيره لآية 95 من سورة النساء.

24- مجمع البيان: ج 3 ص 97 في تفسيره لآية 95 من سورة النساء.

25- من قوله: (كرر تفضيل المجاهدين) والأقوال المذكورة إلى هنا، مأخوذ من البيضاوي، لاحظ تفسير (أنوار التنزيل وأسرار التأويل) ج 1 ص 238 في تفسيره لآية 96 من سورة النساء.

26- الزمر: 42.

27- السجدة: 11.

28- الانعام: 61.

29- الحج: 75.

30- الانسان: 30.

31- الاحتجاج: ج 1 ص 244، احتجاجه على زنديق جاء مستدلا بآي من القرآن متشابهة تحتاج إلى التأويل، والأسئلة س 26، والأجوبة في ص 247 س 8.

32- من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 82 باب 23 غسل الميت، قطعة من ح 26.

33- التوحيد: ص 268 باب 26 الرد على الثنوية والزنادقة، س 16.

34- وفي هامش النسخة: وفسر البيضاوي الاستضعاف بالعجز عن الهجرة، وفيه أنه لا يكون قوله: (ألم.

35- تكن أرض الله واسعة) إلى آخره واردا عليهم - منه دام عزه -:.

36- قاله البيضاوي في تفسيره أنوار التنزيل وأسرار التأويل: ج 1 ص 239 في تفسيره لآية 97 من سورة النساء.

37- مجمع البيان: ج 3 ص 98 في نقله سبب نزول آية 97 من سورة النساء نقلا عن أبي جعفر (عليه السلام).

38- نهج البلاغة: ص 279 ومن كلام له (عليه السلام) في الايمان ووجوب الهجرة صبحي الصالح.

39- تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 149 في تفسيره لآية 97 من سورة النساء.

40- بوادي خ ل.

41- مصباح الشريعة: ص 18 الباب الثالث والعشرون س 13.

42- تفسير علي بن إبراهيم: ج 2 ص 17 س 1 في تفسيره لآية 97 من سورة بني إسرائيل وصدره (قال: وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): الأرض مسيرة الخ وصدر الحديث في ص 14 س 22.

43- و.

44- معاني الأخبار: ص 201، باب معنى المستضعف ح 4 و 5.

45- معاني الأخبار: ص 202، باب معنى المستضعف، ح 8.

46- معاني الأخبار: ص 202، باب معنى المستضعف، ح 9.

47- معاني الأخبار: ص 203، باب معنى المستضعف، ح 11.

48- الكافي: ج 2 ص 381، كتاب الايمان والكفر، باب أصناف الناس، ح 1.

49- الظاهر أن غرض المؤلف (قدس سره) إيراد الحديث كان الاستشهاد بالآية الشريفة فقط، ولذا

أورده مقطعا، ولما كان فهم الحديث موكولا إلى إيراده بتمامه، فتقول: بعد قوله (عليه السلام): (اكتب) (قال: اكتب أهل الوعيد من أهل الجنة وأهل النار، واكتب " آخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا " (التوبة: 102) قال: قلت: من هؤلاء؟قال: وحشي منهم (هو الذي قتل حمزة في الجاهلية ومسيلمة الكذاب في الاسلام) قال: واكتب (وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم) (التوبة: 106) قال: واكتب " إلا المستضعفين من الرجال " إلى قوله: " عسى الله أن يعفو عنهم " قال: واكتب، أصحاب الأعراف، قال: قلت: وما أصحاب الأعراف؟قال: قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فإن أدخلهم النار فبذنوبهم وإن أدخلهم الجنة فبرحمته). ثم اعلم أن للعلامة المجلسي (طيب الله رمسه) وللمولى صالح المازندراني (قدس سره) تحقيقات أنيقة في شرج الحديث ولوجه الحصر في ستة أصناف، فلا حظ إن شئت (شرح أصول الكافي للمازندراني: ج 10 ص 41، ومرآة العقول: ح 11 ص 100).

50- في النسخة - أ: (المضار) بدل (المطمار) و (النز) بدل (التر) والصحيح ما أثبتناه والتر بالضم والتثقيل خيط البناء، والمطمر مثله (مجمع البحرين: ج 3 ص 233 لغة ترر).

51- الكافي: ج 2 ص 382 كتاب الايمان والكفر، باب أصناف الناس ح 3.

52- الكافي: ج 2 ص 404 كتاب الايمان والكفر، باب المستضعف ح 2.

53- الكافي: ج 2 ص 404 كتاب الايمان والكفر، ح 3.

54- (شبيها بالفزع) بكسر الزاي، أي الخائف المضطرب، وكان ذلك غيظا وإنكارا على أهل الإذاعة من الشيعة، فإنهم لتركهم التقية أفشوا هذا الامر حتى عرف الناس كلهم مذهب الشيعة حتى الجواري الباكرات المخدرات مع عدم خروجهن من الخدور، والنساء السقايات اللواتي ليس شأنهن تفحص المذاهب. السقايات بالياء، جمع سقاءة بالهمزة. وهذه الإذاعة صارت سببا للضرر على الأئمة وشيعتهم ولم ينفع لهداية الخلق، وصارت سببا لصيرورة المستضعفين نواصب غير معذورين. و (تركتم) استفهام للانكار وكذا (أين). ثم اعلم أن المستضعف عند أكثر الأصحاب: من لا يعرف الامام ولا ينكره ولا يوالي أحدا بعينه كما ذكره الشهيد (قدس سره) في الذكرى، وحكي عن المفيد في الغرية: أنه عرفه بأنه الذي يعرف بالولاء ويتوقف عن البراءة، وقال ابن إدريس: هو من لا يعرف اختلاف الناس في المذاهب ولا يبغض أهل الحق على اعتقادهم، وهذا أوفق بأخبار هذا الباب (مرآة العقول: ج 11 ص 209).

55- الكافي: ج 2 ص 404 كتاب الايمان والكفر، باب المستضعف، ح 4.

56- أم أيمن مولاة رسولا الله (صلى الله عليه وآله)، وهي من شهود فدك، وروى الخاصة والعامة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أنها من أهل الجنة، قال في المغرب: الأيمن خلاف الأيسر وهو جانب اليمنى، أو من فيه، وبه سمي أم أيمن حاضنة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أي حافظته، وهو أخو أسامة بن زيد لامه، انتهى. (وما كانت تعرف ما أنتم عليه) أي إمامة سائر الأئمة سوى أمير المؤمنين (عليه السلام) وكانت معذورة في ذلك لعدم سماعها ذلك وعدم تمام الحجة عليها، فكذا المستضعف، معذور لذلك، أو صفات الأئمة وكمالهم، أو لم تكن تعرف ذلك بالدليل بل بالتقليد، وأما أصل معرفة إمامة أمير المؤمنين، فعدم معرفتها ذلك بعيد جدا، وكون أم أيمن امرأة أخرى معروفة للمخاطب سوى الحاضنة، فأبعد. (مرآة العقول: ج 11 ص 211).

57- الكافي: ج 2 ص 405 كتاب الايمان والكفر، باب المستضعف، قطعة من ح 6.

58- الكافي: ج 2 ص 406 كتاب الايمان والكفر، باب المستضعف، ح 9.

59- الكافي: ج 2 ص 406 كتاب الايمان والكفر، باب المستضعف، ح 11.

60- المرجئة بالميم ثم الراء ثم الهمزة بغير تشديد من الارجاء بمعنى التأخير، وقد وقع الخلاف في تفسير اللفظة فقيل: هم فرقة من المسلمين يقولون: الايمان قول بلا عمل، كأنهم قدموا القول وأرجؤوا العمل أي أخروه، لأنهم يريدون أنهم لو لم يصوموا لنجاهم إيمانهم، وقيل: هم فرقة من المسلمين يعتقدون أنه لا يضر مع الايمان معصية، كما لا ينفع مع الكفر طاعة، سموا مرجئة، لاعتقادهم أن الله تعالى أرجأ تعذيبهم عن المعاصي، أي أخره عنه، وقيل: هم الفرقة الجبرية، وقيل: هم الذين يقولون كل الافعال من الله تعالى، وقيل: المرجئ هو الأشعري، وربما يطلق على أهل السنة لتأخيرهم عليا (عليه السلام) عن الثلاثة. والحرورية، هم الذين تبرؤوا من علي (على السلام) وشهدوا عليه بالكفر لعنهم الله، والحرورية نسبة إلى حروراء موضع بقرب الكوفة كان أول مجمعهم فيه (تلخيص من مقياس الهداية: ص 85 - 86).

61- قوله (ثنوي الله) استثناء الله (مرآة العقول ط حجري: ج 3 ص 450).

62- الكافي: ج 5 ص 348 كتاب النكاح، باب مناكحة النصاب والشكاك ح 2.

63- الجليب الذي يجلب من بلد إلى آخر غيره، وعبد جليب (لسان العرب: ج ص 268 لغة جلب).

64- تفسير العياشي: ج 1 ص 270 قطعة من ح 251.

65- (قوله: متحولا) عن ابن عباس (رضي الله عنهما) أنه فسر (مراغما) بقوله: (متحولا) يتحول إليه، وقال الجوهري: المراغم، المذهب والمهرب، ثم نقل عن الفراء أنه قال: المراغم، المضروب والمذهب في الأرض، والرغام بالفتح التراب. ولما كانت الانف من جملة الأعضاء في غاية العزة والتراب في غاية الذلة، جعل قولهم: (رغم أنفه) كناية عن الذلة، وسميت المفارقة عن القوم بغضا لهم بالمراغمة، لان من يهاجر قومه، يراغمهم، لأنه يجد في البلد الذي هاجر إليه من النعمة والخير ما يكون سببا لرغم أنف أعدائه (من حاشية محيي الدين شيخ زاده على البيضاوي).

66- وقبله: سأترك منزلي لبني تميم. هو لمغيرة بن حنين التميمي الحنظلي، قوله: (بني تميم) قبيلة معروفة و (ألحق) بفتح الحاء المهملة والقاف متكلم من اللحوق بمعنى الادراك والاتيان، قوله: (بالحجاز) أي بقبيلة في الحجاز، وهو بالحاء المهملة والجيم والزاء المعجمة ككتاب مكة والمدينة، و (أستريح) متكلم من الاستراحة (جامع الشواهد: ج 2 ص 39 باب السين بعده الألف).

67- مجمع البيان: ج 3 ص 100 في بيان نزول آية 100 من سورة النساء.

68- مجمع البيان: ج 3 ص 100 في نقله المعنى لآية 100 من سورة النساء، وقد مر نقل الحديث أيضا.

69- قوله: (سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول العامة) أي عن قول عامة الأمة بمعنى جميعهم، أو عن قول أكثر الأمة المخالفين للفرقة الناجية القائلين بخلافة الثلاثة، والحديث حجة عليهم في نفي الامام من عترة الرسول في كل عصر، لنقلهم هذا الحديث في كتبهم وقبولهم له وما ذهب إلى قدمائهم، من أن المراد بالامام فيه، صاحب الشوكة والاقتدار من ملوك الأمة كائنا من كان، عالما أو جاهلا عدلا أو فاسقا، في غاية السخافة، فإنه (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يأمر أمته بمتابعة الجاهل الفاسق، لان متابعته يوجب الخروج عن الدين لمخالفة الحق، ولهذا ذهب بعض متأخريهم إلى أن المراد بالامام فيه، الكتاب، وهو في غاية الضعف، إذ لا يمكن الاقتداء بالقرآن إلا بالاقتداء بإمام يفسره، وهذا الامام ليس بقرآن بالضرورة، ولا جاهل فاسق، بالاتفاق، فتعين ما ذهب إليه الفرقة الناجية من أنه ناطق من الله، وهو المطلوب. قوله: (فقال الحق والله) خبر مبتدأ محذوف، أي هو الحق. قوله: (لم يسعه ذلك) من باب الاستفهام، وذلك إشارة إلى عدم العلم المفهوم من سياق الكلام. قوله: (أن الامام إذا هلك) تعليل لما سبق، توضيح ذلك: أن الناس عند موت الامام على صنفين، صنف حاضرون في بلد موته، عالمون بمن هو وصى له، بوصية ظاهرة أو باطنة، فوجب عليهم الاذعان له والاعتقاد به من غير مهلة، وصنف ناؤون عنه قد بلغهم خبر موت الامام دون خبر وصيه، وهذا الصنف يجب عليهم الايمان اجمالا بأن له وصيا يقوم مقامه، ثم يجب عليهم النفر، ليعرفوه باسمه وشخصه، وقوله: (وحق النفر) جملة فعلية، أي وجب النفر والزم، قوله: (قبل أن يصل فيعلم) أي قبل أن يصل إلى بلد موت الامام، وقبل أن يعلم وصي باسمه وشخصه، والجواب يدل على أنه مؤمن عند الله تعالى، وأنه مثاب لأجل الحركة (شرح أصول الكافي للمولى صالح المازندراني: ج 6 ص 338).

70- التوبة: 122.

71- الكافي: ج 1، ص 378، كتاب الحجة، باب ما يجب على الناس عند مضى الإمام (عليه السلام)، قطعة من ح 2.

72- قوله (بلغنا شكواك) في النهاية: الشكوى المرض، وفي الصحاح: الشكوى اسم من شكوت فلانا اشكوه شكوا، إذا أخبرت عنه سوء فصله، وقد يطلق الشكوى على المكروه والبلية، والمراد بالاشفاق، الخوف من موته (عليه السلام)، أو من الضلالة بعده والترديد في قوله (أو علمتنا) من الراوي، والمراد بقوله (عليه السلام): (أن عليا كان عالما) هو أن الامام يعرف بعلمه جميع الأشياء ولا يشتبه على غيره، فإنه بإضاءة علمه كالنور الساطع، وقد ذكرنا أن القادر على معرفته بسبب علمه هو العالم دون غيره، وقوله: (أو ما شاء الله) يحتمل الترديد من الراوي، وحتم ما لم يكن محتوما قبل، فإنه قد يحصل لكل إمام علم بالحتم الذي لم يكن قبله، والله أعلم. قوله: (أرأيت من مات في ذلك) أي أخبرني من مات في حال نفره ووقت طلبه قبل الوصول إلى المطلوب كيف حالة؟أهو مؤمن أم لا؟ومحصل الجواب: أنه مؤمن ومثاب لأجل النفر. وفيه دلالة على أن الايمان بالامام على سبيل الاجمال عند تعذر معرفة اسمه وشخصه كاف، وهو كذلك، لاستحالة التكليف بالمحال (شرح الأصول للمولى صالح المازندراني: ج 6 ص 342).

.

73- الكافي: ج 1 ص 379 كتاب الحجة، باب ما يجب على الناس عند مضي الإمام (عليه السلام): قطعة من ح 3. وتمام الحديث: (قال: قلت: فإذا قدموا بأي شئ يعرفون صاحبهم؟قال: يعطى السكينة والوقار والهيبة).

74- تفسير العياشي: ج 1 ص 270 ح 253.

75- تفسير العياشي: ج 1 ص 270 ح 252.

76- وإنما نسب الجفاء إلى نفسه (صلى الله عليه وآله وسلم) تجوزا، لان تارك زيارته هو الجاني نفسه، وموصلها بالتأسف والحرمان عن الشفاعة المعبر عنها بالجفاء (الوافي ط حجري: ج 2 ص 193 باب 171 لقاء النبي والامام وزيارة قبورهم).

77- الكافي: ج 4 ص 548 كتاب الحج، باب زيارة النبي (صلى الله عليه وآله) ح 5.

78- البقرة: 158.

79- لما دل ظاهر الآية على مذهب المخالفين القائلين بالتخيير بين القصر والاتمام في السفر، تكلم الرجلان مع الإمام (عليه السلام) من جانبهم في ذلك، ولما لم يكونوا قائلين بالتخيير في الطواف مع أن الآيتين وردتا على وتيرة واحدة عارضهما (عليه السلام) بآية الطواف وجادلهم بالتي هي أحسن، ثم بين أن الآيتين كلتيهما من المتشابهات التي تأويلهما إنما يستفاد من فعل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (الوافي ط حجري: ج 2 باب 2 فرض الصلاة ص 11).

80- من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 278 باب 59 الصلاة في السفر، ح 1.

81- تفسير العياشي: ج 1 ص 271 ح 254.