الآية 66 - 76

﴿ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا (66)﴾

حديث طويل، وفيه: وليس كل من أقر أيضا من أهل القبلة بالشهادتين كان مؤمنا، إن المنافقين كانوا يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويدفعون عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بما عهد به من دين الله وعزائمه وبراهين نبوته إلى وصيه، ويضمرون من الكراهية لذلك والنقص لما أبرمه منه عند إمكان الامر لهم فيما قد بينه الله تعالى لنبيه بقوله: " فلا وربك - وتلا إلى قوله - ويسلموا تسليما " (1).

ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم: قيل تعرضوا بها للقتل بالجهاد، أو اقتلوها كما قتل بنو إسرائيل.

و " أن " مصدرية، أو مفسرة، لان كتبناه في معنى أمرنا.

أو اخرجوا من دياركم: خروجهم.

وقرأ أبو عمرو ويعقوب " أن اقتلوا " بكسر النون على التحريك، واو اخرجوا بضم الواو للاتباع والتشبيه بواو الجمع في نحو " ولا تنسوا الفضل " (2) وقرأ عاصم وحمزة بكسر هما على الأصل، والباقون بضمهما، وإجراء لهما مجرى الهمزة المتصلة بالفعل (3) ما فعلوه إلا قليل منهم: توبيخ لهم.

والضمير للمكتوب المدلول عليه بقوله " كتبنا " أو لاحد مصدري الفعلين.

وقرأ ابن عامر بالنصب على الاستثناء، أو على، إلا فعلا قليلا.

ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به: من مطاوعة الرسول وما يقوله طوعا ورغبة.

لكان خيرا لهم: في العاجل والآجل.

وأشد تثبيتا: لايمانهم، ونصبه على التمييز.

قال البيضاوي: والآية أيضا نزلت في شأن المنافق واليهودي.

وقيل: إنها والتي قبلها نزلت في حاطب بن أبي بلتعة (4) خاصم زبيرا في شراج من الحرة (5) كانا يسقيان بها النخل، فقال (عليه السلام): اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك، فقال حاطب: لان كان ابن عمتك، فقال (عليه السلام): اسق يا زبير ثم احبس الماء إلى الجدر واستوف حقك ثم أرسله إلى جارك (6).

وفي روضة الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن إسباط، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم وسلموا للامام تسليما أو اخرجوا من دياركم رضا له ما فعلوه إلا قليلا منهم ولو أن أهل الخلاف فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا وفي هذه الآية: " ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت " في أمر الولي ويسلموا لله الطاعة تسليما (7).

﴿وإذا لاتينهم من لدنا أجرا عظيما (67) ولهديناهم صراطا مستقيما (68) ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا (69)﴾

وفي أصول الكافي: أحمد بن مهران، عن عبد العظيم، عن بكار، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: هكذا نزلت هذه الآية: " ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به (في علي عليه السلام) لكان خيرا لهم " (8).

علي بن محمد، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن أبي طالب، عن يونس، عن بكار، عن أبيه، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام): " ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به (في علي عليه السلام) لكان خيرا لهم (9).

وإذا لاتينهم من لدنا أجرا عظيما: جواب لسؤال مقدر، كأنه قيل: وما يكون لهم بعد التثبيت؟فقال: وإذا لو ثبتوا لآتيناهم، لان (إذا) جواب وجزاء، والواو للاستئناف.

ولهديناهم صراطا مستقيما: يصلون بسلوكه إلى رضوان الله وجنته، كما يقول: ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين: الذين في أعلى عليين.

والصديقين: الذين صدقوا في أقوالهم وأفعالهم.

والشهداء: المقتولين في سبيل الله.

والصالحين: الذين صلحت حالهم، واستقامت طريقتهم.

وكلمة " من " مع ما يتبعها، بيان ل? " الذين " أو حال منه أو من ضميره.

وحسن أولئك رفيقا: فيه معنى التعجب.

و " رفيقا " نصب على التميز، أو الحال.

ولم يجمع، لأنه يقال للواحد والجمع، كالصديق.

أو لأنه أريد به، وحسن كل واحد منهم رفيقا.

وفي أصول الكافي: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن الحسين بن علوان الكلبي، عن علي بن الحزور الغنوي، عن الأصبغ بن نباتة الحنظلي قال: رأيت أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم افتتح البصرة وركب بغلة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثم قال: أيها الناس ألا أخبركم بخير الخلق يوم يجمعهم الله؟فقام إليه أبو أيوب الأنصاري فقال: بلى يا أمير المؤمنين حدثنا، فإنك كنت تشهد ونغيب، فقال: إن خير خلق الله يوم يجمعهم الله سبعة من ولد عبد المطلب لا ينكر فضلهم إلا كافر ولا يجحد بهم إلا جاحد، فقام عمار بن ياسر (رحمه الله) فقال: يا أمير المؤمنين، سمهم لنا فلنعرفنهم فقال: إن خير الخلق يوم يجمعهم الله، الرسل، وإن أفضل الرسل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإن أفضل كل أمة بعد نبيها، وصي نبيها حتى يدركه نبي، الا وأن أفضل الأوصياء وصى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، الا وأن أفضل الخلق بعد الأوصياء الشهداء، الا وأن أفضل الشهداء حمزة بن عبد المطلب، وجعفر بن أبي طالب، له جناحان خضيبان يطير بهما في الجنة لم ينحل أحد من هذه الأمة جناحان غيره، شئ كرم الله به محمد (صلى الله عليه وآله) وشرفه، والسبطان الحسن والحسين (عليهما السلام)، والمهدي يجعله الله من شاء منا أهل البيت، ثم قرأ هذه الآية: " ومن يطع الله - إلى - وحسن أولئك رفيقا " (10) (11).

محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: أعينونا بالورع، فإنه من لقي الله (عز وجل) منكم بالورع كان له عند الله فرجا، إن الله (عز وجل) يقول: " من يطع الله - وقرأ إلى - وحسن أولئك رفيقا " فمنا النبي ومنا الصديق والشهداء والصالحين (12).

أبو علي الأشعري، عن محمد بن سالم، عن أحمد بن النصر الخزاز، عن جده الربيع بن سعد قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام): يا ربيع إن الرجل ليصدق حتى يكتبه الله صدقا (13).

عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عبد الله، عن خالد الرقي، عن خضر بن عمرو، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: المؤمن مؤمنان، مؤمن وفي لله بشروطه التي اشترطها عليه، فذلك مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، وذلك ممن يشفع ولا يشفع له، وذلك ممن لا يصيبه أهوال الدنيا ولا أهوال الآخرة ومؤمن زلت به قدم فذلك كخامة (14) الزرع كيف ما كفته الريح انكفى أو ذلك ممن يصيبه أهوال الدنيا وأهوال الآخرة ويشفع له وهو على خير (15).

وفي روضة الكافي: بإسناده إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، حديث طويل، يقول فيه (عليه السلام): ألم تسمعوا ما ذكر الله من فضل اتباع الأئمة الهداة، وهم المؤمنون قال: " أولئك - إلى - حسن أولئك رفيقا " فهذا وجه من وجوه فضل اتباع الأئمة، فكيف بهم وفضلهم (16).

عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال لأبي بصير: يا أبا محمد لقد ذكركم الله في كتابه، فقال: " أولئك) - إلى - حسن أولئك رفيقا " فرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الآية النبيون ونحن في هذا الموضع الصديقون والشهداء، وأنتم الصالحون، فتسموا بالصلاح كما سماكم الله (عز وجل)، والحديث طويل، أخذت منه موضع الحاجة (17).

وفي تفسير العياشي: عن عبد الله بن جندب، عن الرضا (عليه السلام) قال: حق على الله أن يجعل ولينا رفيقا للنبين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا (18).

وفي كتاب الخصال عن الحسين بن علي (عليهما السلام) قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أوصى إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) وكان فيما أوصى به أن قال له: يا علي من حفظ من أمتي أربعين حديثا يطلب بذلك وجه الله تعالى والدار الآخرة حشره الله يوم القيامة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، فقال علي (عليه السلام): يا رسول الله ما هذه الأحاديث؟فقال: أن تؤمن بالله وحده لا شريك له وتعبده ولا تعبد غيره - إلى أن قال -: بعد تعدادها (صلوات الله عليه وآله)، فهذه أربعون حديثا من استقام عليها وحفظها عني من أمتي دخل الجنة برحمة الله، وكان من أفضل الناس وأحبهم إلى الله بعد النبيين والوصيين، وحشره الله تعالى يوم القيامة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا (19).

عن محمد بن أبي ليلى قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الصديقون ثلاثة، علي بن أبي طالب، وحبيب النجار، ومؤمن آل فرعون (20).

وفي عيون الأخبار: عن الرضا (عليه السلام)، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لكل أمة صديق وفاروق، وصديق هذه الأمة وفاروقها علي بن أبي طالب (عليه السلام) (21).

وفي شرح الآيات الباهرة وذكر الشيخ أبو جعفر الطوسي (رحمه الله) في كتاب مصباح الأنوار قال: حدث النبي (صلى الله عليه وآله) لعمه العباس، بمشهد كم من القرابة والصحابة، روى النبي (صلى الله عليه وآله) لعمه الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في بعض الأيام صلاة الفجر ثم أقبل علينا بوجهه الكريم، فقلت: يا رسول الله أرأيت أن تفسر لنا قوله تعالى: " فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا " فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): أما النبيون فأنا، وأما الصديقون فأخي علي، وأما الشهداء فعمي حمزة، وأما الصالحون فابنتي فاطمة وأولادها الحسن والحسين، قال: وكان العباس حاضرا فوثب وجلس بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: ألسنا أنا وأنت وعلي وفاطمة والحسن والحسين من نبعة واحدة؟قال: وما ذاك يا عم؟قال: لأنك تعرف بعلي وفاطمة والحسن والحسين دوننا ؟! قال: فتبسم النبي (صلى الله عليه وآله) وقال: وأما قولك: ألسنا من نبعة واحدة، فصدقت، ولكن يا عم إن الله خلقني وخلق عليا وفاطمة والحسن والحسين قبل أن يخلق آدم حين لا سماء مبنية ولا أرض مدحية ولا ظلمة ولا نور ولا شمس ولا قمر ولا جنة ولا نار، فقال العباس: فكيف كان بدء خلقكم يا رسول الله؟فقال: يا عم لما أراد الله أن يخلقنا تكلم كلمة خلق منها نورا، ثم تكلم كلمة أخرى فخلق منها روحا، ثم مزج النور بالروح فخلقني وخلق عليا وفاطمة والحسن والحسين فكنا نسبحه حين لا تسبيح ونقدسه حسين لا تقديس فلما أراد الله تعالى أن ينشئ الصنعة شق نوري فخلق منه العرش، فالعرش من نوري ونوري من نور الله، ونوري أفضل من العرش، ثم فتق نور أخي علي فخلق منه الملائكة فالملائكة من نور علي ونور علي من نور الله وعلي أفضل من الملائكة، ثم فتق نور ابنتي فاطمة فخلق منه السماوات والأرض فالسماوات والأرض من نور ابنتي فاطمة ونور ابنتي فاطمة من نور الله (عز وجل) وابنتي فاطمة أفضل من السماوات والأرض، ثم فتق نور ولدي الحسن وخلق منه الشمس والقمر فالشمس والقمر من نور ولدي الحسن ونور الحسن من نور الله والحسن أفضل من الشمس والقمر، ثم فتق نور ولدي الحسين ثم خلق منه الجنة والحور العين فالجنة والحور العين من نور ولدي الحسين ونور ولدي الحسين من نور الله والحسين أفضل من الجنة والحور العين، ثم أمر الله الظلمات أن تمر على الحساب المنظر، فأظلمت السماوات على الملائكة فضجت الملائكة بالتسبيح والتقديس وقالت: إلهنا وسيدنا منذ خلقتنا وعرفتنا هذه الأشباح لم نر بؤسا، فبحق هذه الأشباح إلا ما كشفت عنا هذه الظلمة، فأخرج الله من نور ابنتي فاطمة قناديل فعلقها في بطنان العرش، فأزهرت السماوات والأرض، ثم أشرقت بنورها، فلأجل ذلك سميت الزهراء، فقالت الملائكة، إلهنا وسيدنا لمن هذا النور الزاهر الذي قد أشرقت به السماوات والأرض؟فأوحى الله إليها هذا نور اخترعته من نور جلالي لامتي فاطمة بنت حبيبي وزوجة وليي وأخي نبيي وأبي حججي على عبادي، أشهدكم ملائكتي أني قد جعلت ثواب تسبيحكم وتقديسكم لهذه المرأة المرأة وشيعتها ومحبيها إلى يوم القيامة، قال: فلما سمع العباس من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ذلك، وثب قائما وقبل بين عيني علي (عليه السلام)، وقال: والله يا علي أنت الحجة البالغة لمن آمن بالله واليوم الآخر (22).

وفي أصول الكافي (23): عن رجاله، عن إسماعيل بن جابر قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): من سره أن يلقى الله وهو مؤمن حقا حقا فليتول الله ورسوله والذين آمنوا، وليتبرأ إلى الله من عدوهم، وليسلم إلى ما انتهى إليه من فضلهم، إن فضلهم لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا من دون ذلك، ألم تسمعوا ما ذكره الله من فضل أتباع الأئمة الهداة، وهم المؤمنون، قال (تبارك وتعالى): " ومن يطع الله - وتلا إلى قوله - وحسن أولئك رفيقا " وقال: وهذا وجه من وجوه فضل أتباع الأئمة، فكيف بهم وفضلهم (24).

وفي كتاب معاني الأخبار: حدثنا محمد بن القاسم الأسترآبادي المفسر قال: حدثني يوسف بن محمد بن زياد وعلي بن محمد بن سيار، عن أبويهما، عن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) في قول الله (عز وجل): " صراط الذين أنعمت عليهم " أي: اهدنا صراط الذين أنعمت عليهم بالتوفيق لدينك وطاعتك، وهم الذين قال الله (عز وجل): " ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا " (25).

حكى هذا بعينه، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) (26).

وفي بصائر الدرجات: الحسن بن أحمد، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن العباس والحريش، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن لنا لشأنا - وذكر حديثا، وفي آخر ما قلت - ما عندي كثير صلاح، قال: لا تكذب على الله، فإن الله قد سماك صالحا حيث يقول: " أولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا " يعني الذين آمنوا بنا وبأمير المؤمنين (عليه السلام) (27).

﴿ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما (70) يا أيها الذين آمنوا خذوا - حذركم فانفروا ثبات أوا نفروا جميعا (17)﴾

وفي تفسير علي بن إبراهيم: وأما قوله: " ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا " قال: النبيين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والصديقين والشهداء الحسن والحسين، والصالحين الأئمة، وحسن أولئك رفيقا، القائم من آل محمد (صلوات الله عليهم) (28).

ونقل في سبب نزول هذه الآية: إن ثوبان مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أتاه يوما وقد تغير وجهه ونحل جسمه، فسأله عن حاله؟فقال: ما بي من وجع غير أني إذا لم أرك اشتقت إليك واستوحشت وحشة شديدة حتى ألقاك، ثم ذكرت الآخرة فخفت أن لا أراك هناك، لأني عرفت أنك ترفع مع النبيين، وإن أدخلت الجنة كنت في منزل دون منزلك، وإن لم أدخل فذاك حين لا أراك أبدا، فنزلت (29).

ذلك: إشارة إلى ما للمطيعين من الاجر ومزيد الهداية، ومرافقة المنعم عليهم، أو إلى فضل هؤلاء المنعم عليهم ومرتبتهم.

الفضل من الله: خبره، أو " الفضل " خبره، و " من الله " حال والعامل فيه معنى الإشارة.

وكفى بالله عليما: بجراء من أطاعه، أو بمقادير الفضل واستحقاق أهله.

وفي تفسير فرات بن إبراهيم الكوفي: قال حدثني عبيد بن كثير معنعنا، عن اصبغ بن نباتة قال: لم هزمنا أهل البصرة جاء علي بن أبي طالب (عليه السلام) حتى استند إلى حائط من حيطان البصرة واجتمعنا حوله وأمير المؤمنين راكب والناس نزول فيدعوا الرجل باسمه فيأتيه حتى وافاه بها نحو ستين شيخا كلهم قد صفروا اللحى وعقصوها وأكثرهم يومئذ من همدان، فأخذ أمير المؤمنين في طريق من طرق البصرة ونحن معه وعلينا الدروع والمغافر متقلدين السيوف متنكبي الا ترسة حتى انتهى إلى دار قوز فدخلنا فإذا فيها نسوة يبكين فلما رأينه صحن صيحة واحدة وقلن: هذا قاتل الا حبة، الا حبة، فأسكت عنهم ثم قال: أين منزل عائشة فأومؤوا إلى حجرة في الدار فحملنا عليا عن دابته فأنزلناه فدخل عليها فلم أسمع من قول علي شيئا إلا أن عائشة امرأة كانت عالية الصوت فسمعت كهيئة المعاذير إني لم أفعل، ثم خرج علينا أمير المؤمنين (عليه السلام).

فحملنا عليا على دابته فعارضت امرأة من قبل الدار فقال: أين صفية؟قالت: لبيك يا أمير المؤمنين، قال: ألا تكفيني عني هؤلاء الكبات التي يزعمن أني قتلت الا حبة، لو قتلت الا حبة لقتلت من في تلك الدار وأو ماء بيده إلى ثلاث حجر في الدار فضربنا بأيدينا على قوائم السيوف وضربنا بأبصارنا إلى الحجر التي أو ماء إليها فوالله ما بقيت في الدار باكية إلا سكتت ولا قائمة إلا جلست قلت: يا أبا القاسم فمن كان في تلك الثلاث حجر؟قال: أما واحدة فكان فيها مروان بن الحكم جريحا ومعه شباب قريش جرحى، وأما الثانية فكان فيها عبد الله بن زبير ومعه آل الزبير جرحى، وأما الثالثة فكان فيها رئيس أهل البصرة يدور مع عائشة أينما دارت قلت: يا أبا القاسم هؤلاء أصحاب القرحة فهلا ملتم عليهم بهذه السيوف قال ابن أخي أمير المؤمنين: كان اعلم منك وسعهم أمانه إنا لما هزمنا القوم نادى مناديه لا يدفف على جريح ولا يتبع مدبر ومن ألقى سلاحه فهو آمن سنة يستن بها بعد يومكم هذا ثم مضى ومضينا معه حتى انتهينا العسكر فقام إليه ناس من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) منهم أبو أيوب الأنصاري وقيس بن سعد وعمار بن ياسر وزيد بن حارثة وأبو ليلى فقال: ألا أخبركم بسبعة من أفضل الخلق يوم يجمعهم الله تعالى؟قال أبو أيوب: بلى والله فأخبرنا يا أمير المؤمنين فإنك كنت تشهد ونغيب قال: فإن أفضل الخلق يوم يجمعهم الله سبعة من بني عبد المطلب لا ينكر فضلهم إلا كافر ولا يجحد إلا جاحد، قال عمار بن ياسر (رضي الله عنه): ما اسمهم يا أمير المؤمنين فلنعرفهم؟قال: إن أفضل الخلق يوم يجمع الله، الرسل، وان من أفضل الرسل محمد (عليهم الصلاة والسلام) ثم أن أفضل كل أمة بعد نبيها وصي نبيها حتى يدركه نبي وأن أفضل الأوصياء وصي محمد (عليهما السلام) ثم أن أفضل الناس بعد الأوصياء الشهداء، وأن أفضل الشهداء جعفر بن أبي طالب (رحمه الله) ذا جناحين مع الملائكة لم يحل بحليته أحد من الآدميين في الجنة شئ شرفه الله به والسبطان الحسين والحسين سيدي شباب أهل الجنة من ولدت أباهما (30) والمهدي يجعله الله من أحب منا أهل البيت، ثم قال: أبشروا ثلاثة من يطع الله والرسول " فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما " (31).

وقال: حدثني الحسن بن علي بن بزيع معنعنا، عن الأصبغ بن نباتة قال: قال علي بن أبي طالب (عليه السلام): إني أريد أن أذكره حديثا، قلت: فما يمنعك يا أمير المؤمنين أن تذكره؟فقال: ما قلت هذا إلا وأنا أريد أن أذكره، ثم قال: إذا جمع الله الأولين والآخرين كان أفضلهم سبعة منا بني عبد المطلب، الأنبياء أكرم الخلق ونبينا أفضل الأنبياء (عليهم السلام) ثم الأوصياء أفضل الام ووصيه أفضل الأوصياء (عليهم السلام) ثم الشهداء أفضل الأمم بعد الأوصياء وحمزة سيد الشهداء، وجعفر ذو الجناحين يطير مع الملائكة لم ينحله الله شهيدا قط قبله (رحمة الله عليهم أجمعين) " أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما " ثم السبطان حسنا وحسينا، والمهدي (عليهم السلام) والتحية والاكرام، جعلهم الله ممن يشاء أهل البيت (32).

وقال: حدثني محمد بن القاسم بن عبيد معنعنا، عن سليمان الديلمي قال: كنت عند أبي عبد الله.

(عليه السلام) إذ دخل عليه أبو بصير وقد أخذه النفس فلما أن أخذ مجلسه قال أبو عبد الله (عليه السلام) يا أبا محمد ما هذا النفس العالية؟قال: جعلت فداك يا بن رسول الله كبرت سني ودق عظمي واقترب أجلي ولست أدري ما أرد عليه من أمر آخرتي، فقال أبو عبد الله: يا أبا محمد وإنك لتقول هذا؟قال: وكيف لا أقول هذا فذكر كلاما ثم قال: يا أبا محمد لقد ذكركم الله في كتابه المبين " أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا " فرسول الله (صلى الله عليه وآله) في الآية النبيين ونحن في هذا الموضع الصديقين والشهداء، وأنتم الصالحون فسموا بالصلاح كما سماكم يا أبا محمد (33).

يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم: فتيقظوا واستعدوا للأعداء.

الحذر والحذر كالأثر والأثر، وقيل: ما يحذر به كالحزم والسلاح، ويؤيده ما رواه في مجمع البيان، عن أبي جعفر (عليه السلام): أن معناه خذوا أسلحتكم (34).

فانفروا: فاخرجوا إلى الجهاد.

ثبات: جماعات متفرقة، جمع ثبة، من ثبت على فلان تثبته، إذا ذكرت متفرق محاسنه، ويجمع أيضا على ثبين جبرا لما حذف من عجزه.

أو انفروا جميعا: مجتمعين كوكبة واحدة.

وروي في مجمع البيان، عن أبي جعفر (عليه السلام): أن المراد بالثبات السرايا، وبالجميع العسكر (35).

﴿وإن منكم لمن ليبطئن فإن أصابتكم مصيبة قال قد أنعم الله على إذ لم أكن معهم شهيدا (72) ولئن أصابكم فضل من الله ليقولن كأن لم تكن بينكم وبينه مودة يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما (73) * فليقتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة ومن يقتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما (74)﴾

والآية إن نزلت في الحرب، لكن يقتضي إطلاق لفظها وجوب المبادرة إلى الخيرات كلها كيف ما أمكن قبل الفوات.

وإن منكم لمن ليبطئن: الخطاب لعسكر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المؤمنين منهم والمنافقين، والمبطئون منافقوهم تثاقلوا وتخلفوا عن الجهاد، من بطأ بمعنى إبطاء، وهو لازم، أو ثبطوا غيرهم كما ثبط ابن أبي ناسا يوم أحد من بطأ منقولا من بطئ، كثقل من ثقل، واللام الأولى للابتداء دخلت على اسم إن للفصل، والثانية جواب قسم محذوف، والقسم بجوابه صلة " من " والراجع إليه ما استكن في " ليبطئن " والتقدير: وإن منكم من لا قسم بالله ليبطئن.

فإن أصابتكم مصيبة: كقتل وهزيمة.

قال قد أنعم الله على إذ لم أكن معهم شهيدا: أي المبطئ حاضرا فيصيبني ما أصابهم.

وفي مجمع البيان: عن الصادق (عليه السلام): لو أن أهل السماوات والأرض قالوا: قد أنعم الله علينا إذ لم أكن مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لكانوا بذلك كفارا مشركين (36).

وفي تفسير علي بن إبراهيم، والعياشي: عن الصادق (عليه السلام): لو قال هذه الكلمة أهل الشرق والغرب لكانوا بها خارجين من الايمان، ولكن الله سماهم مؤمنين بإقرارهم (37) (38).

وفي رواية سماهم مؤمنين بإقرارهم.

وفي رواية سماهم مؤمنين، وليسوا هم بمؤمنين ولا كرامة (39).

ولئن أصابكم فضل من الله: كفتح وغنيمة.

ليقولن أكده تنبيها على فرط تحسرهم.

وقرئ بضم اللام إعادة للضمير على المعنى.

كأن لم تكن: وقرأ ابن كثير وحفص، عن عاصم ورويس، عن يعقوب.

بالتاء لتأنيث لفظ المودة.

بينكم وبينه مودة: اعتراض بين الفعل ومفعوله، وهو.

يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما: تنبيه على ضعف عقيدتهم، وإن قولهم هذا قول من لا مواصلة بينكم وبينه، وإنما يريد أن يكون معكم لمجرد المال، أو حال عن الضمير في " ليقولن " أي حال كونهم لا مودة وبينكم، بناء على أنه إنما يردى أن يكون معهم لمجرد المال، أو داخل في المقول، أي يقول المبطئ لمن يثبطه من المنافقين وضعفة المسلمين تضريبا وحسدا، كأن لم يكن بينكم وبين محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) مودة، حيث لم يستعن بكم فتفوزوا بما فاز، يا ليتني كنت معهم.

والقول باتصاله بالجملة الأولى ضعيف، إذ لا يفصل أبعاض الجملة بما لا يتعلق بها لفظا ومعنى، و " كأن " مخففة واسمه ضمير الشأن المحذوف والمنادى في " يا ليتني " محذوف، أي يا قوم.

وقيل: " يا " للتنبيه على الاتساع " فأفوز " نصب على جواب التمني.

وقرئ بالرفع على تقدير، فأنا أفوز في ذلك الوقت، أو العطف على " كنت ".

فليقتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا: أي يبيعونها.

بالآخرة: يعني إن بطأ هؤلاء عن القتال، فليقاتل المخلصون الباذلون أنفسهم في طلب الآخرة، أو فليقاتل الذين يشترونها ويختارونها على الآخرة، وهم المبطئون، والمقصود حثهم على ترك ما حكى عنهم.

ومن يقتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما: وعد له الاجر العظيم غلب أو غلب، ترغيبا في القتال، وتكذيبا لقولهم " قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا ".

وإنما قال: " فيقتل أو يغلب " تنبها على أن المجاهد ينبغي أن يثبت في المعركة حتى يعز نفسه بالشهادة، أو الدين بالظفر والغلبة، وأن لا يكون قصده بالذات إلى القتل، بل إغلاء الحق واعزاز الدين (40).

وفي كتاب الخصال: عن جعفر بن محمد، عن أبيه: أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: فوق كل بربر حتى يقتل الرجل في سبيل الله، فإذا قتل في سبيل الله ليس فوقه بر (41).

عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كل ذنب يكفره القتل في سبيل الله إلا الدين لا كفارة له إلا أداؤه أو يقضي صاحبه أو يعفو الذي له عليه الحق (42).

وعن الصادق (عليه السلام): من قتل في سبيل الله لم يعرفه الله شيئا من سيئاته (43).

وعن النبي (صلى الله عليه وآله): للشهيد سبع خصال من الله، أول ﴿وما لكم لا تقتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا (75)﴾

قطرة من دمه مغفور له كل ذنب، والثانية يقع رأسه في حجر زوجيه من الحور العين وتمسحان الغبار عن وجهه، تقولان: مرحبا بك، ويقول هو مثل ذلك لهما، والثالثة يكسى من كسوة الجنة، والرابعة يبتدره خزنة الجنة بكل ريح طيبة أيهم يأخذه منه، والخامسة أن يرى منزله، والسادسة يقال لروحه: اسرح في الجنة حيث شئت، والسابعة أن ينظر في وجه الله وأنها الراحة لكل نبي وشهيد (44).

ومالكم: مبتدأ وخبره.

لا تقاتلون في سبيل الله: حال والعامل فيها ما في الظرف من معنى الفعل.

والمستضعفين: عطف على اسم الله، أي وفي سبيل المستضعفين، وهو تخليصهم عن الأسر وصونهم عن العدو، أو على السبيل بحذف المضاف، أي وفي خلاص المستضعفين، ويحتمل النصب على الاختصاص، فإن سبيل الله يعم أبواب الخبر، وتخليص المسلمين من أيدي الكفار أعظمها وأخصها.

من الرجال والنساء والوالدان: بيان للمستضعفين، وهم المسلمون الذين يقوا بمكة، لصد المشركين، أو لضعفهم عن الهجرة مبتذلين.

وإنما ذكر الولدان مبالغة في الحث، وتنبيها على تناهي ظلم المشركين بحيث بلغ أذاهم الصبيان، وإن دعوتهم أجيبت بسبب مشاركتهم في الدعاء حتى يشاركوا في استنزال الرحمة واستدفاع البلية.

وفي الكشاف: إن المراد به العبيد والإماء، وهو جمع وليد (45).

الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا لدنك نصيرا: فاستجاب الله دعاءهم، بأن يسر لبعضهم الخروج إلى المدينة، وجعل لمن بقي منهم خير ولي وناصر، ففتح مكة على نبيه (صلى الله عليه وآله) فتولاهم ونصرهم.

قيل: ثم استعمل عليهم عتاب بن أسيد فحماهم ونصرهم حتى صاروا أعزه أهلها (46).

والقرية، مكة، والظالم صفتها، وتذكيرها لتذكير ما أسند إليه، لان اسم الفاعل أو المفعول إذا أجرى على غير من هوله كان كالفعل يذكر ويؤنث على حسب ما عمل فيه.

في روضة الكافي: ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة، عن سعيد بن المسيب، عن علي بن الحسين (عليهما السلام)، في حديث طويل: وقد كانت خديجة (عليهما السلام) ماتت قبل الهجرة بسنة، ومات أبو طالب (عليه السلام) بعد موت خديجة بسنة، فلما فقد هما رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سئم المقام بمكة ودخله حزن شديد، وأشفق على نفسه من كفار قريش، فشكى إلى جبرئيل ذلك، فأوحى الله (عز وجل) إليه أن اخرج من القرية الظالم أهلها وهاجر إلى المدينة، فليس لك اليوم بمكة ناصر، وانصب للمشركين حربا، فعند ذلك توجه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى المدينة (47).

وفي تفسير العياشي: عن حمران، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه تلا: ﴿الذين آمنوا يقتلون في سبيل الله والذين كفروا يقتلون في سبيل الطاغوت فقتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا (76)﴾

" المستضعفين - إلى - نصيرا "، وقال: نحن أولئك (48).

وعن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام): مثله (49).

الذين آمنوا يقتلون في سبيل الله: أي فيما يصلون به إلى الله.

والذين كفروا يقتلون في سبيل الطاغوت: فيما يبلغ بهم إلى الشيطان.

فقتلوا أولياء الشيطان: لما ذكر مقصد الفريقين أمر أولياءه أن يقاتلوا أولياء الشيطان، ثم شجعهم بقوله.

إن كيد الشيطان كان ضعيفا: أي إن كيده للمؤمنين بالإضافة إلى كيد الله للكافرين، ضعيف لا يؤبه به (50) فلا تخافوا أولياءه، فإن اعتماد هم على أضعف شئ وأوهنه واعتماد كم على أقوى شئ وأحكمه.

وبما سبق من دلالة سبب نزول آية " يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت " من نقل البيضاوي عن ابن عباس، من أن الطاغوت فلان، وبهذه الآية يثبت كفر أوليائه ووجوب مقاتلهم وكونهم أولياء الشيطان.

وفي أصول الكافي: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عمن ذكره، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إذا سمعتم العلم فاستعملوه، ولتتسع قلوبكم فإن العلم إذا

1- هود: 23.

2- الكافي: ج 1 ص 390 كتاب الحجة، باب التسليم وفضل المسلمين، ح 3.

3- كتاب التوحيد: ص 397 باب 61 الأطفال وعدل الله (عز وجل) فيهم قطعة من ح 1.

4- قوله: (فستة أيام) لعله إشارة إلى اختلاف أحواله (عليه السلام) في غيبته، فستة أيام لم يطلع على ولادة إلا خاص الخاص من أهاليه ثم بعد ستة أشهر اطلع عليه غيرهم من الخواص ثم بعد ست سنين عند وفاة والده (عليه السلام) ظهر أمره لكثير من الخلق. أو إشارة إلى أنه بعد إمامته لم يطلع على خبره إلى ستة أيام أحد، ثم بعد ستة أشهر انتشر أمره وبعد ست سنين ظهر وانتشر أمر السفراء. والأظهر أنه إشارة إلى بعض الأزمان المختلفة التي قدرت لغيبته، وأنه قابل للبداء، ويؤيده ما رواه الكليني: بإسناده عن الأصبغ في حديث طويل، قد مر بعضه في باب أخبار أمير المؤمنين (عليه السلام)، ثم قال: فقلت: يا أمير المؤمنين وكم تكون الحيرة والغيبة؟فقال: ستة أيام أو ستة أشهر أو ست سنين، فقلت: وإن هذا الكائن؟فقال: نعم كما أنه مخلوق، وأنى لك بهذا الامر يا أصبغ، أولئك خيار هذه الأمة مع خيار أبرار هذه العترة، فقلت: ثم ما يكون بعد ذلك؟فقال: ثم يفعل الله ما يشاء فإن له بداءات وإرادات وغايات ونهايات. فإنه يدل على أن هذا الامر قابل للبداء. والترديد قرينة على ذلك والله يعلم (بحار الأنوار: ج 51 ص 134) ما روي في ذلك عن علي بن الحسين (عليه السلام).

5- كتاب كمال الدين وتمام النعمة: ص 323 باب 31 ما أخبر به سيد العابدين علي بن الحسين (عليهما السلام) من وقوع الغيبة بالقائم (عليه السلام) ح 8 و 9.

6- كتاب كمال الدين وتمام النعمة: ص 323 باب 31 ما أخبر به سيد العابدين علي بن الحسين (عليهما السلام) من وقوع الغيبة بالقائم (عليه السلام) ح 9.

7- الاحتجاج: ج 1 ص 248، احتجاجه (عليه السلام) على زنديق جاء مستدلا عليه بآي من القرآن متشابهة.. س 20.

8- اقتباس من تفسير البيضاوي: ج 1 ص 227 - 228، لاحظ تفسيره لاية 66 من سورة النساء.

9- في النسخة - أ - بلعة والصحيح ما أثبتناه وهو حاطب بن أبي بلتعة الخالفي اللخمي، من بني خالفة، بالخاء المعجمة والألف واللام والفاء بطن من بني لخم، عده ابن عبد البر وابن مندة وأبو نعيم من الصحابة، شهد بدرا، وحاله مجهول (تنقيح المقال: ج 1 ص 249 تحت رقم 2218). أقول: كفى في ضعفه وعدم وثاقته ما نسب إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله: لان كان ابن عمتك.

10- سراج الحرة، بالكسر وآخره جيم، وهو جمع سرج، وهو مسيل الماء من الحرة إلى السهل، وهي بالمدينة التي خوصم فيها الزبير عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (معجم البلدان: ج 3 ص 331). وفي هامش النسخة: شراج جمع شرج وهو ما بين الحرة إلى السهل، والحرة نهر بالموصل ودار بنجد وآخر بالجزيرة (منه دام عزه).

11- تفسير البيضاوي: ج 1 ص 228، عند تفسيره لآية 66 من سورة النساء.

12- الكافي: ج 8 ص 160 ح 210 ط النجف.

13- الكافي: ج 1 ص 424، كتاب الحجة، باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية، ح 60.

14- الكافي: ج 1 ص 417 كتاب الحجة، باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية، ح 28. وفيه: يونس بن بكار.

15- (علوان) بضم العين وسكون اللام، و (الحزور) بالفتحات وتشديد الواو، و (الغنوي) بفتحتين، و (نباتة) بضم النون، و (الحنظلي) نسبة إلى حنظلة بن مالك أبي بطن من تميم، و (نغيب) بصيغة المتكلم، أي كنت تحضر دائما عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكنا نغيب أحيانا في الغزوات وغيرها، مع أنه (صلوات الله عليه) كان يدخل مداخل من الخلوات لا يدخل فيها غيره، وفي بعض النسخ بصيغة الخطاب، أي تغيب بعد ذلك عنا، والأول أظهر، والمراد بالرسل أولوا العزم أو الأعم منهم وممن له كتاب من غيرهم، أو جميع الأنبياء والأوصياء والأوصياء وهم النبيون والصديقون والأوصياء، والمراد بالشهداء من استشهد من غير الأنبياء والأوصياء بقرينة المقابلة، فالمراد بقوله: (أفضل الشهداء) أفضلهم من غير المعصومين، فلا ينافي فضل الشهداء من الأئمة (عليهم السلام)، (خضيبان) أي ملونان بلون دمه، (لم ينحل) أي لم يعط، و (جناحان) بالرفع على ما في النسخ، حكاية للسابق، وإلا فالظاهر (جناحين) ويمكن حمله على أنه لم ينحل أحد قبله، أو من جملة الصحابة، فلا ينافي اعطاؤهما العباس بن أمير المؤمنين (عليهما السلام) كما ورد في الخبر، وإعطاء الجناحين إما في الجسد الأصلي في الآخرة في جنة الخلد، أو في الجسد المثالي في البرزخ في جنة الدنيا، أو الجسد الأصلي أيضا في البرزخ، و (السبطان) مبتدأ خبره محذوف، أي منهم السبطان، وكذا (المهدي) منصوب بفعل مضمر يفسره (يجعله) فالسبعة: النبي وعلي والحسن والحسين والمهدي وحمزة وجعفر، وكونهم (خير الخلق) إما إضافي بالنسبة إلى غير سائر الأئمة (عليهم السلام)، أو المراد خيرته كل منهم بالنسبة إلى صنفهم، فالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أفضل الأنبياء، وعلي أفضل الأوصياء بلا واسطة، والحسنان والمهدي أفضل الأئمة (عليهم السلام)، وحمزة وجعفر أفضل الشهداء غير المعصومين، واكتفى من ذكر سائر الأئمة بذكر أولهم وآخرهم، أو هو محمول على التقية، أو هو من أخبار المخالفين ذكر إلزاما عليهم كما سيأتي، وعلى بعض الوجوه المراد بالصالحين سائر الأئمة، وعلى بعضها لمن لم يرتكب كبيرة أو لم يصر عليها وعلى الصغائر (أولئك) إشارة إلى الذين، و (رفيقا) تمييز عن النسبة، و (ذلك) إشارة إلى حسن حال رفيقهم، و (الفضل) خبر، أو الفضل صفة ذلك والظرف خبر. وأقول: قد روي مثل هذا الخبر من طرق المخالفين: روى السيد في الطرائف من مناقب ابن المغازلي الشافعي يرفعه إلى أبي أيوب الأنصاري، أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: يا فاطمة إنا أهل بيت أعطينا سبع خصال لم يعطها أحد من الأولين والآخرين من قبلنا، أو قال: الأنبياء، ولا يدركه أحد من الآخرين غيرنا، نبينا أفضل الأنبياء وهو أبوك، ووصينا أفضل الأوصياء وهو بعلك، وشهيدنا أفضل الشهداء وهو حمزة عمك، ومنا من له جناحان يطير بهما في الجنة حيث شاء وهو ابن عمك، ومنا سبطا هذه الأمة، وهما إبناك، ومنا والذي نفسي بيده مهدي هذه الأمة (مرآة) العقول: ج 5 ص 262 - 264). الكافي: ج 1 ص 450، كتاب الحجة، أبواب التاريخ، باب مولد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ووفاته، ح 34. أقول: روى الحافظ الكبير عبيد الله بن أحمد، المعروف بالحاكم الحسكاني الحذاء الحنفي النيسابوري روايات بهذا المضمون، لاحظ شواهد التنزيل: ج 1 ص 154، ح 207 و 208 و 209.

16- تقدم آنفا تحت رقم 1.

17- الكافي: ج 2 ص 78، كتاب الايمان والكفر، باب الورع، ح 12.

18- الكافي: ج 2 ص 105، كتاب الايمان والكفر، باب الصدق وأداء الأمانة، ح 8.

19- خامة كياه تر وتازة: وفي الحديث: مثل المؤمن المنافق مثل الخامة من الزرع يجعلها الريح مرة هكذا ومرة هكذا (منه دام عزه) كذا في هامش النسخة.

20- الكافي: ج 2، ص 248 كتاب الايمان والكفر، باب في أن المؤمن صنفان، ح 2.

21- الكافي: ج 8 ص 404، رسالة أبي عبد الله (عليه السلام) إلى جماعة الشيعة، س 8.

22- الكافي: ج 8 ص 35، في مقامات الشيعة وفضائلهم قطعة من ح 6 س 20.

23- تفسير العياشي: ج 1 ص 256 ح 189.

24- الخصال: ص 543، أبواب الأربعين وما فوقه، قطعة من ح 19.

25- الخصال: ص 184، باب الثلاثة، الصديقون ثلاثة، ح 254.

26- عيون الأخبار: ج 2 ص 13 قطعة من ح 30.

27- مصباح الأنوار مخطوط في المكتبة العامة لآية.. المرعشي دام ظله. ورواه في البرهان في تفسير القرآن: ج 1 ص 392 ح 5 في تفسيره لآية 69 من سورة النساء.

28- هكذا في النسخ التي تحت أيدينا ولم نعثر عليه في الأصول ولكنه موجود في الروضة كما يأتي.

29- الكافي: ج 8 ص 404 في رسالة أبي عبد الله (عليه السلام) إلى جماعة الشيعة س 6.

30- معاني الأخبار: ص 36، باب معنى الصراط قطعة من ح 9.

31- معاني الأخبار: ص 36، باب معنى الصراط قطعة من ح 9.

32- بصائر الدرجات: ج 3 ص 131 باب 8 ما يزاد الأئمة في ليلة الجمعة من العلم المستفاد قطعة من ح 2 س 1.

.

33- تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 142 عند تفسيره لآية 69 من سورة النساء.

34- نقله في مجمع البيان: ج 3 ص 72، والبيضاوي: ج 1 ص 229 عند تفسير هما لآية 69 و 70 من سورة النساء.

35- هكذا في المصدر والعبارة غامضة.

36- تفسير فرات الكوفي: ص 29.

37- تفسير فرات الكوفي: ص 35 وفيه الحسين بدل الحسن.

38- تفسير فرات الكوفي ص 36 وفيه القسم بدل القاسم.

39- مجمع البيان: ج 3 ص 73 عند تفسيره لآية 71 من سورة النساء، قال: أن معناه خذوا أسلحتكم، سمى الأسلحة حذرا، لأنها الآلة بها يتقي الحذر وهو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام) وغيره.

40- مجمع البيان: ج 3 ص 73 في تفسيره لآية 71 من سورة النساء.

41- مجمع البيان: ج 3 ص 74 في تفسيره لآية 72 من سورة النساء.

42- تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 143 س 4 في تفسيره لآية 72 من سورة النساء.

43- تفسير العياشي: ج 1 ص 257 ح 191.

44- تفسير العياشي: ج 1 ص 257 ح 191.

45- من قوله: (وقرأ ابن كثير) إلى هنا مقتبس من تفسير البيضاوي: ج 1 ص 229، فراجع.

46- الخصال: ص 9 باب الواحد، (بر ليس فوقه بر وعقوق ليس فوقه عقوق) ح 31 وتمام الحديث (وفوق كل عقوق عقوق حتى يقتل الرجل أحد والديه، فإذا قتل أحدهما فليس فوقه عقوق).

47- الخصال: ص 12 باب الواحد (كل ذنب يكفره القتل في سبيل الله..) ح 42.

48- الكافي: ج 5 ص 54، كتاب الجهاد، باب فضل الشهادة ح 6.

49- التهذيب: ج 6 ص 121 كتاب الجهاد باب 54 فضل الجهاد وقروضه ح 3.

50- الكشاف: ج 1 ص 534 في تفسيره لآية 75 من سورة النساء، قال: (ويجوز أن يراد بالرجال والنساء الأحرار والحرائر، وبالولدان العبيد والإماء، لان العبد والأمة يقال لهما الوليد والوليدة).