الآية 98 - 112

﴿قل يأهل الكتب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعملون (98) قل يأهل الكتب لم تصدون عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجا وأنتم شهداء وما الله بغفل عما تعملون (99) يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتب يردوكم بعد إيمنكم كفرين (100)﴾

خير من عشرين صلاة نافلة، ومن طاف بهذا البيت طوافا أحصى فيه أسبوعه، وأحسن ركعتيه غفر له، وقال: في يوم عرفة ويوم المزدلفة ما قال (1)، والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

وفي نهج البلاغة: قال (عليه السلام): جعله سبحانه وتعالى للاسلام علما، وللعائذين حرما، فرض حجه، وأوجب حقه، وكتب عليكم وفادته، فقال سبحانه: " والله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فان الله غني عن العالمين " (2).

قل يأهل الكتب لم تكفرون بئايت الله: السمعية والعقلية الدالة على صدق محمد (صلى الله عليه وآله) فيما جاء به من وجوب الحج وغيره.

وتخصيص أهل الكتاب بالخطاب يدل على أن كفرهم أقبح.

وأنهم وإن زعموا أنهم مؤمنون بالتوراة والإنجيل، فهم كافرون بهما (3)، وأن الكفر ببعض كتاب كفر بكله.

فالكفر بولاية على (عليه السلام) كفر بجميع آيات الله، فافهم.

والله شهيد على ما تعملون: والحال أنه شهيد مطلع على أعمالكم واعتقاداتكم فيجازيكم عليها لا ينفعكم التحريف والاستسرار.

قل يأهل الكتب لم تصدون عن سبيل الله من آمن: تكرير الخطاب والاستفهام لزيادة التقريع ونفي العذر لهم، وللاشعار بأن كل واحد من الامرين مستقبح في نفسه، مستقل باستجلاب العذاب.

وسبيله، دينه الحق المأمور بسلوك، وهو الاسلام المرادف للايمان.

قيل: كانوا يفتنون المؤمنين ويحرشون بينهم حتى أتوا الأوس والخزرج فذكروهم ما بينهم في الجاهلية من التعادي والتحارب، ليعودوا لمثله، لمثله، ويحتالون لصدهم عنه (4).

تبغونها عوجا: حال من الواو.

واللام في المفعول الأول محذوف، أي طالبين لسبيل الله اعوجاجا.

أو " عوجا " تمييز من النسبة إلى المفعول، أي طالبين عوجها، بأن تلبسوا عن الناس توهموا أن فيه عوجا عن الحق، بمنع النسخ، وتغير صفة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونحوهما، أو بأن تحرشوا بين المؤمنين، ليختلف كلمتهم ويختل أمر دينهم.

وأنتم شهداء: إنها سبيل الله والصد عنها ضلال وإضلال وأنتم عدول عند أهل ملتكم، يثقون بأقوالكم ويستشهدونكم في القضايا.

وما الله بغفل عما تعملون: وعيد لهم.

ولما كان المنكر في الآية الأولى، كفرهم، وهم يجهزون به، ختمها بقوله: " والله شهيد ".

وفي هذه الآية صدهم المؤمنين عن الاسلام، وكانوا يخفون ويحتالون فيه، قال: " وما الله بغافل عما تعملون ".

يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتب يردوكم بعد إيمنكم كافرين: ﴿كيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ومن يعتصم بالله فقد هدى إلى صرط مستقيم (101)﴾

قيل: نزلت في نفر من الأوس والخزرج كانوا جلوسا يتحدثون فمر بهم شامر بن قيس اليهودي، فغاظوا تألفهم واجتماعهم، فأمر شابا من اليهود أن يجلس إليهم ويذكرهم يوم (بعاث) (5) وينشدهم بعض ما قيل فيه، وكان الظفر في ذلك اليوم للأوس، ففعل، فتنازع القوم وتفاخروا وتغاضبوا، وقالوا: السلاح السلاح، واجتمع مع القبيلتين خلق عظيم، فتوجه إليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأصحابه، فقال: أتدعون الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد إذا أكرمكم الله بإسلام وقطع به عنكم أمر الجاهلية وألف بين قلوبكم، فعلموا أنها نزعة من الشيطان وكيد من عدوهم، فألقوا السلاح، واستغفروا، وعانق بعضهم بعضا، وانصرفوا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) (6).

وإنما خاطبهم الله تعالى بنفسه بعد ما أمر الرسول (صلى الله عليه وآله) بأن يخاطب أهل الكتاب، إظهارا لجلالة قدرهم، وإشعارا بأنهم هم الأحقاء بأن يخاطبهم تعالى ويكلمهم.

وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله: إنكار وتعجب لكفرهم في حال اجتمع لهم الأسباب الداعية إلى الايمان الصارفة عن الكفر.

ومن يعتصم بالله: ومن يستمسك بدينه، أو يلتجأ إليه في مجامع أموره.

في كتاب الخصال: عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: قال إبليس: خمسة أشياء ليس لي فيهن حيلة، وسائر الناس في قبضتي: من اعتصم بالله عن نية صادقة فاتكل عليه في جميع أموره كلها، الحديث (7).

فقد هدى إلى صرط مستقيم: فقد اهتدى لا محالة.

وفي كتاب معاني الأخبار: بإسناده إلى حسين الأشقر قال: قلت لهشام بن الحكم: ما معنى قولكم: إن الامام لا يكون إلا معصوما؟فقال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن ذلك فقال: المعصوم هو الممتنع بالله من جميع محارم الله، وقال الله (تبارك وتعالى): " ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم " (8).

وفي أصول الكافي: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أيما عبد أقبل قبل ما يحب الله عز وجل، اقبل الله قبل ما يحب (9).

ومن اعتصم بالله عصمه الله.

﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون (102)﴾

ومن أقبله الله قبله وعصمه لم يبال لو سقطت السماء على الأرض (10).

أو كانت نازلة نزلت على أهل الأرض فشملتهم بلية، كان في حزب الله بالتقوى من كل بلية (11)، أليس الله عز وجل يقول: " إن المتقين في مقام أمين " (12) (13) (14).

يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته: حق تقواه وما يجب منها.

وهو استفراغ الوسع في القيام بالواجب والاجتناب عن المحارم.

أصله (وقية) فقلبت واوها المضمومة تاء كما في تؤدة وتخمة، والياء ألفا.

وفي مجمع البيان: وذكر في قوله تعالى: " حق تقاته " وجوه، ثانيها: أنه المجاهدة في الله، وأن لا تأخذه لومة لائم، وأن يقام له بالقسط في الخوف والامن، عن مجاهد، ثم اختلف فيه أيضا على قولين: أحدهما: أنه منسوخ بقوله: " فاتقوا الله ما استطعتم " (15) وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) (16).

وفي كتاب معاني الأخبار: بإسناده إلى أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله (عز وجل): " اتقوا الله حق تقاته "؟قال: يطاع ولا يعصى، ويذكر ولا ينسى، ويشكر ولا يكفر (17).

ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون: أي ولا تكونن على حال سوى حال الاسلام إذا أدرككم الموت.

فإن النهي عن المقيد بحال وغيرها، قد يتوجه بالذات نحو الفعل تارة والقيد أخرى، وقد يتوجه نحو المجموع، وكذلك النفي.

وفي مجمع البيان: وروي عن أبي عبد الله (عليه السلام) " وأنتم مسلمون " بالتشديد، ومعناه مستسلمون لما أتى النبي (صلى الله عليه وآله) به ومنقادون له (18).

وفي تفسير العياشي: عن الحسين بن خالد قال: قال أبو الحسن الأول (عليه السلام) لبعض أصحابه: كيف تقرأ هذه الآية؟" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون " ما ذا؟قلت: " مسلمون " فقال: سبحان الله يوقع عليهم الايمان فيسميهم مؤمنين، ثم يسألهم الاسلام، والايمان فوق الاسلام؟قلت: هكذا يقرأ في قراءة زيد، قال: إنما هي في قراءة علي (عليه السلام) وهو التنزيل الذي نزل به جبرئيل على محمد (صلى الله عليه وآله)، إلا وأنتم مسلمون لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم الامام من بعده (19).

وفي كتاب المناقب لابن شهرآشوب: عن الباقر (عليه السلام) في قراءة علي (عليه السلام) وهو التنزيل الذي نزل به جبرئيل على محمد (صلى الله عليه وآله)، ﴿واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون (103)﴾

ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون لرسول الله (صلى الله عليه وآله) والامام بعده (20).

وفي عيون الأخبار: بإسناده إلى داود بن سليمان (القارئ) (21)، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام) أنه قال: الدنيا كلها جهل إلا مواضع العلم، والعلم كله حجة إلا ما عمل به، والعمل كله رياء إلا ما كان مخلصا، والاخلاص على خطر حتى ينظر العبد بما يختم له (22).

وفي نهج البلاغة: قال (عليه السلام): فبادروا العمل، وخافوا بغتة الاجل، فإنه لا يرجى من رجعة العمر ما يرجى من رجعة الرزق، ما فات اليوم من الرزق رجى غدا زيادته، وما فات الأمس من العمر لم ترج اليوم رجعته، الرجاء مع الجائي، واليأس مع الماضي " فاتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ".

(23) واعتصموا بحبل الله: بدينه الاسلام الذي ملاكه الولاية والكتاب.

وفي الكتاب استعارة تبعية، ووجه الشبه التمسك به، فإن المتمسك به سبب النجاة عن الردى، كما أن التمسك بالحبل سبب السلامة عن التردي: والاعتصام ترشيح للاستعارة.

جميعا: مجتمعين عليه.

وفي أمالي شيخ الطائفة (رحمه الله): بإسناده إلى عمر بن راشد، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام) في قوله: " واعتصموا بحبل الله جميعا " قال: نحن الحبل (24).

وفي تفسير العياشي: عن ابن يزيد قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن قوله: " واعتصموا بحبل الله جميعا " قال: علي بن أبي طالب (عليه السلام) حبل الله المتين (25).

وعن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: آل محمد (عليهم السلام) هم حبل الله الذي أمرنا بالاعتصام به، فقال " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا " (26).

وفي كتاب معاني الأخبار: بإسناده إلى موسى بن جعفر (عليهما السلام)، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين (عليهم السلام) قال: الامام منا لا يكون إلا معصوما، وليست العصمة في ظاهر الخلقة فيعرف بها، ولذلك لا يكون إلا منصوصا، فقيل له: يا بن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فما معنى المعصوم؟فقال: هو المعتصم بحبل الله، وحبل الله هو القرآن لا يفترقان إلى يوم القيامة، والامام يهدي إلى القرآن، والقرآن يهدي إلى الامام، وذلك قول الله (عز وجل): " إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم " (27) (28).

وفي مجمع البيان: روى أبو سعيد الخدري، عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: أيها الناس إني تركت فيكم حبلين إن أخذتم بهما لن تضلوا من بعدي، أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض (29).

وفي تفسير علي بن إبراهيم: قوله " واعتصموا بحبل الله جميعا " قال: التوحيد والولاية (30).

أولا تفرقوا: أي لا تتفرقوا عن الحق بوقوع الاختلاف بينكم كأهل الكتاب، أولا تتفرقوا تفرقكم الجاهلي يحارب بعضكم بعضا، أولا تذكروا ما يوجب التفرق ويزيل الألفة.

وفي تفسير علي بن إبراهيم: وفي رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى: " ولا تفرقوا " قال: إن الله (تبارك وتعالى) علم أنهم سيتفرقون بعد نبيهم ويختلفون، فنهاهم عن التفرق كما نهى من قبلهم، فأمرهم أن يجتمعوا على ولاية آل محمد (صلى الله عليه وآله)، ولا يتفرقوا (31).

وفي شرح الآيات الباهرة: وروى الشيخ المفيد (رحمه الله) في تأويل هذه الآية، وهو من محاسن التأويل، عن محمد بن الحسن، عن أبيه، عن جده قال: قال علي بن الحسين (صلوات الله عليهما): كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم جالسا في المسجد وأصحابه حوله، فقال لهم: يطلع عليكم رجل من أهل الجنة يسأل عما يعنيه، قال: فطلع علينا رجل شيبه برجال مصر، فتقدم وسلم على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وجلس وقال: يا رسول الله إني سمعت الله يقول: " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا " فما هذا الحبل الذي أمر الله بالاعتصام به ولا نتفرق عنه؟قال: فأطرق ساعة ثم رفع رأسه وأشار إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) وقال: هذا حبل الله الذي من تمسك به عصم في دنياه ولم يضل في اخراه، قال: فوثب الرجل إلى علي بن أبي طالب واحتضنه من وراء ظهره، وهو يقول: اعتصمت بحبل الله وحبل رسوله، ثم قام فولى وخرج، فقام رجل من الناس فقال: يا رسول الله (صلى الله عليك وآلك) الحقه واسأله أن يستغفر لي؟فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا تجده مرفقا، قال: فلحقه الرجل وسأله أن يستغفر له؟فقال له: هل فهمت ما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) وما قلت له: قال الرجل: نعم، فقال له: إن كنت متمسكا بذلك الحبل فغفر الله لك، وإلا فلا غفر الله لك، وتركه ومضى (32).

وفي تفسير فرات بن إبراهيم الكوفي: قال: حدثني الحسين بن محمد، قال: حدثنا محمد بن مروان بن أعين، قال: حدثنا أبو حفص الأعمش، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام) قال: جاء رجل في صورة اعرابي إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله بأبي أنت وأمي ما معنى " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا " فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): أنا نبي الله وعلي بن أبي طالب حبله، فخرج الاعرابي وهو يقول: آمنت بالله وبرسوله وبحبله (33).

وقال: حدثني محمد بن الحسن بن إبراهيم معنعنا عن ابن عباس (رضي الله عنه) قال: كنت عند النبي (صلى الله عليه وآله) فأقبل إعرابي فقال: يا رسول الله ما قول الله في كتابه: " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا " فما حبل الله؟فقال النبي (صلى الله عليه وآله): يا إعرابي أنا نبيه وعلي بن أبي طالب حبله، فخرج الاعرابي وهو يقول: آمنت بالله وبرسوله واعتصمت بحبله (34).

وقال: حدثني جعفر بن محمد الفزاري معنعنا عن جعفر بن محمد قال بينا (35) رسول الله (صلى الله عليه وآله) جالس في جماعة من أصحابه إذ (36) ورد عليه اعرابي فبرك بين يديه فقال: يا رسول الله إني سمعت الله يقول في كتابه: " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا " فما هذا الحبل الذي أمرنا الله بالاعتصام به ما هو؟قال: فضرب النبي يده على كتف علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: ولاية لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله واعتصم بحبل الله، قال وشد أصابعه (37).

وقال: حدثني جعفر بن محمد بن سعيد الأحمسي معنعنا عن جعفر بن محمد (عليهم السلام) قال: نحن حبل الله الذي قال: " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا " وولاية علي التي من استمسك به كان مؤمنا ومن تركها خرج من الآيات (38).

واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء: في الجاهلية متقابلين.

فألف بين قلوبكم: بالاسلام.

فأصبحتم بنعمته إخوانا: متحابين مجتمعين على الاخوة في الله.

في كتاب كمال الدين وتمام النعمة: بإسناده إلى عبد الرحمن بن سليمان، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام)، عن الحارث بن نوفل قال: قال علي (عليه السلام) لرسول الله (صلى الله عليه وآله): أمنا الهداة أم غيرنا؟قال: بل منا الهداة إلى الله إلى يوم القيامة، بنا استنقذهم الله (عز وجل) من ضلالة الشرك، وبنا استنقذهم الله من ضلالة الفتنة، وبنا يصبحون إخوانا بعد ضلالة الفتنة كما بنا أصبحوا إخوانا بعد ضلالة الشرك، وبنا يختم الله، وبنا يفتح (39).

وقيل: كان الأوس والخزرج أخوين لأبوين، فوقعت بين أولادهم العداوة، وتطاولت الحروب مائة وعشرين سنة حتى أطفأها الله تعالى بالاسلام وألف بينهم برسوله (صلى الله عليه وآله) (40).

وكنتم على شفا حفرة من النار: أي مشفين على الوقوع في نار جهنم، إذ لو أدرككم الموت في تلك الحال لوقعتم فيها.

فأنقذكم منها: بالاسلام.

والضمير لل? (حفرة) أو ل? (النار) أو لل? (شفا) وتأنيثه لتأنيث ما أضيف إليه، أو لأنه بمعنى الشفة، فإن شفاء البئر وشفتها طرفها، كالجانب والجانبة.

وأصله (شفو) فقلبت الواو في المذكر وحذف في المؤنث.

وفي روضة الكافي: علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: " وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها " بمحمد.

هكذا والله نزل بها جبرئيل (41) على محمد (صلى الله عليه وآله) (42).

﴿ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون (104)﴾

وبإسناده إلى أبي هارون المكفوف عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان أبو عبد الله (عليه السلام) إذا ذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: بأبي وأمي وقومي وعترتي وعشيرتي، عجب للعرب كيف لا تحملنا على رؤوسها، والله (عز وجل) يقول في كتابه: " وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها " فبرسول الله (صلى الله عليه وآله) أنقذوا (43).

وفي تفسير العياشي: عن أبي الحسن علي بن محمد بن ميثم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أبشروا بأعظم المنن عليكم قول الله تعالى: " وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها " فالانقاذ من الله هبة، والله لا يرجع من هبته (44).

وعن محمد بن سليمان البصري الديلمي، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام): " وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها " محمد (صلى الله عليه وآله) (45).

كذلك: مثل ذلك التبيين.

يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون: إرادة ثباتكم على الهدى وازديادكم فيه.

ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر: (من) للتبعيض واللام للاستغراق، أي وليكن بعضكم يدعون بكل خير ويأمرون بكل معروف وينهون عن كل منكر.

وأولئك هم المفلحون: المخصوصون بكمال الفلاح، لا حاجة لهم إلى داع يدعوهم إلى الخير وآمر يأمرهم بالمعروف، وناه ينهاهم عن المنكر.

وفي لفظ " منكم " إشعار بأنه غير النبي، فيجب من دلالة الآية: أن يكون أمة غير النبي يكون نفسه معصوما ويعلم كل خير وكل معروف وكل منكر، يدعو ويأمر وينهى.

وفي الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن يزيد، عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت: أخبرني عن الدعاء إلى الله والجهاد في سبيله، أهو لقوم لا يحل إلا لهم، ولا يقوم به إلا من كان منهم، أم هو مباح لكل من وحد الله (عز وجل) وآمن برسوله (صلى الله عليه) وآله) ومن كان كذا فله أن يدعو إلى الله (عز وجل) وإلى طاعته وأن يجاهد في سبيله؟فقال: ذلك لقوم لا يحل إلا لهم، ولا يقوم بذلك إلا من كان منهم.

قلت: من أولئك؟قال: من قام بشرائط الله (عز وجل) في القتال والجهاد على المجاهدين، فهو مأذون له في الدعاء إلى الله تعالى.

ومن لم يكن قائما بشرائط الله (عز وجل) في الجهاد على المجاهدين، فليس بمأذون له في الجهاد ولا الدعاء إلى الله حتى يحكم في نفسه ما أخذ الله عليه من شرائط الجهاد، إلى أن قال (عليه السلام): ومن كان على خلاف ذلك فهو ظالم وليس من المظلومين، وليس بمأذون له في القتال ولا بالنهي عن المنكر والامر بالمعروف، لأنه ليس من أهل ذلك ولا مأذون له في الدعاء إلى الله تعالى، لأنه ليس مجاهد مثله وأمر بدعائه إلى الله، ولا يكون مجاهدا من قد أمر المؤمنون بجهاده، وحظر الجهاد عليه ومنعه منه، ولا يكون داعيا إلى الله تعالى من أمر بدعاء مثله إلى التوبة والحق والامر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يأمر بالمعروف من قد أمر أن يؤمر به، ولا ينهى عن المنكر من قد أمر أن ينهى عن.

وفي هذا الحديث يقول (عليه السلام): ثم ذكر من أذن له في الدعاء إليه بعده وبعد رسوله في كتابه فقال: " ولتكن منكم أمه يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون " ثم أخبر عن هذه الأمة وممن هي وأنها من ذرية إبراهيم (عليه السلام) ومن ذرية إسماعيل من سكان الحرم ممن لم يعبدوا غير الله قط الذين وجبت لهم الدعوة، دعوة إبراهيم وإسماعيل من أهل المسجد الذين أخبر.

عنهم في كتابه أنهم أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا الذين وصفناهم قبل هذا في صفة أمة محمد (صلى الله عليه وآله)، الذين عناهم الله في قوله: " ادعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني " (46) يعني من اتبعه على الايمان به، والتصديق له وبما جاء به من عند الله تعالى من الأمة التي بعث فيها ومنها وإليها قبل الخلق ممن لم يشرك بالله قط، ولم يلبس إيمانه بظلم وهو الشرك (47).

علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: وسئل عن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، أواجب هو على الأمة جميعا؟فقال: لا، فقيل له: ولم؟قال: إنما هو على القوي المطاع، العالم بالمعروف من المنكر، لا على الضعفة الذين لا يهتدون سبيلا، إلى أي من أي يقول إلى الحق من الباطل والدليل على ذلك كتاب الله تعالى قوله: " ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر " فهذا خاص غير عام كما قال الله تعالى: " ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون " (48) ولم يقل على أمة موسى، ولا على قومه، وهم يومئذ أمم مختلفة، والأمة واحدة فصاعدا، كما قال الله تعالى: " إن إبراهيم كان أمة قانتا لله " (49) يقول: مطيعا لله تعالى (50).

والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

وفي تفسير علي بن إبراهيم: وفي رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) وفي قوله: " ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير " فهذه لآل محمد ومن تابعهم يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف، ينهون عن المنكر (51).

وفي كتاب الخصال: عن يعقوب بن يزيد بإسناده رفعه إلى أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: الامر بالمعروف والنهي عن المنكر خلقان من خلق الله تعالى، فمن نصرهما أعزه الله ومن خذلهما خذله الله تعالى (52).

وفي نهج البلاغة: قال (عليه السلام): انهوا عن المنكر وتناهوا عنه، فإنما أمرتم بالنهي بعد التناهي (53).

وفيه: لعن الله الآمرين بالمعروف التاركين له، والناهين عن المنكر العاملين به (54).

وفي تفسير العياشي: عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: في قوله تعالى: " ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر " قال: في هذه الآية تكفر أهل القبلة بالمعاصي لأنه من لم يكن يدعو إلى الخيرات ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر من المسلمين فليس من الأمة التي وصفها لله لأنكم تزعمون أن جميع المسلمين من أمة محمد وقد بدت هذه الآية وقد وصفت أمة محمد بالدعاء إلى الخير والامر بالمعروف والنهي عن المنكر ومن لم يوجد فيه الصفة التي وصفت بها فكيف يكون من الأمة وهو على خلاف ما شرطه الله على الأمة ووصفها به (55).

واعلم أن الداعي إلى كل خير والآمر بكل معروف والناهي عن كل منكر، لا يكون إلا معصوما وعالما بكل خير ومعروف ومنكر، ويجب وجوده ونصبه في كل زمان على الله تعالى، إذ لا يمكن لاحد العلم بعصمة أحد إلا من طريق النص.

وأما الامر بمعروف علم من الشرع كونه معروفا والنهي عن منكر علم من الشرع كونه منكرا، فيجب على كل من يقدر عليه كفاية، وفي بعض الأخبار السابقة.

دلالة عليه.

وفي التهذيب: عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: لا يزال الناس بخير ما أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وتعاونوا على البر، فإذا لم يفعلوا ذلك نزعت منهم البركات وسلط بعضهم على بعض ولم يكن لهم ناصر في الأرض ولا في السماء (56).

وفي الكافي والتهذيب: عن الباقر (عليه السلام) قال: يكون في آخر الزمان قوم يتبع فيهم قوم مراؤون يتقرؤون (57) وينسكون حدثاء سفهاء لا يوجبون أمرا بمعروف ولا نهيا عن منكر إلا إذا امنوا الضرر، يطلبون لأنفسهم الرخص والمعاذير، يتبعون زلات العلماء وفساد علمهم، يقبلون على الصلاة والصيام وما لا يكلمهم في نفس ولا مال، ولو أضرت الصلاة بسائر ما يعملون بأموالهم وأبدانهم لرفضوها كما رفضوا أسمى الفرائض وأشرفها.

إن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة عظيمة بها تقام الفرائض، هنالك يتم غضب الله عليهم فيعمهم بعقابه، فيهلك الأبرار في دار الفجار، والصغار في دار الكبار، وأن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيل الأنبياء ومنهاج الصالحين، فريضة عظيمة بها تقام الفرائض، وتأمن المذاهب، وتحل المكاسب، وترد المظالم، وتعمر الأرض، وينتصف من الأعداء، ويستقيم الامر، فأنكروا بقلوبكم، والفظوا بألسنتكم، وصكوا بها جباههم، ولا تخافوا في الله لومة لائم، فإن اتعظوا وإلى الحق رجعوا، فلا سبيل عليهم " إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم " (58) هنالك فجاهدوهم بأبدانكم وأبغضوهم بقلوبكم غير طالبين سلطانا، ولا باغين مالا، ولا مريدين بالظلم ظفرا، حتى يفيئوا إلى أمر الله ويمضوا على طاعته.

قال أبو جعفر (عليه السلام): وأوحى الله إلى شعيب النبي أني معذب من قومك مائة ألف، أربعين ألفا من شرارهم وستين ألفا من خيارهم، فقال: يا رب هؤلاء الأشرار فما بال الاخبار؟فأوحى الله (عز وجل) إليه أنهم داهنوا أهل ﴿ولا تكونوا كالذين تفرقوا أو اختلفوا من بعد ما جاء هم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم (105) يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمنكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون (106) وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خلدون (107)﴾

المعاصي ولم يغضبوا الغضبي (59).

وفي شرح الآيات الباهرة: روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: " ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون " نحن هم صدق الله ورسوله لأن هذه الصفات من صفات الأئمة (صلوات الله عليهم)، لأنهم معصومون والمعصوم لا يأمر بطاعة إلا وقد ائتمر بها ولا ينهى عن المعصية إلا وقد انتهى عنها، كما قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه وآله) والله ما أمرتكم بطاعة إلا وقد ائتمرت بها ولا نهيتكم عن معصية إلا وقد انتهيت عنها (60).

ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا: كاليهود والنصارى اختلفوا في التوحيد والتنزيه وأحوال الآخرة.

من بعد ما جاء هم البينات: في موضع الحال من فاعل الفعل السابق، وهي الآيات والحجج المبينة للحق الموجبة للاتفاق عليه.

وفي الآية دلالة على كفر من اختلف وتفرق عن الحق بعد مجئ البينة.

وفي عطف " اختلفوا " على " تفرقوا " دلالة على أن الاختلاف إذا كان بحيث يوجب التفرق، يوجب ذلك، لا مطلقا، كاختلاف الشيعة في بعض الفروع.

وأولئك لهم عذاب عظيم: وعيد للذين تفرقوا، وتهديد على التشبه بهم.

يوم تبيض وجوه وتسود وجوه: نصب بما في " لهم " من معنى الفعل، أو بإضمار (أذكر).

وبياض الوجه وسواده كنايتان عن ظهور بهجة السرور وكآبة الخوف.

وقيل: يوسم أهل الحق ببياض الوجه والصحيفة وإشراق البشرة، وسعي النور بين يديه وبيمينه، وأهل الباطل بأضداد ذلك (61) وفي الاخبار دلالة على ذلك (62).

فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمنكم: أي فيقال لهم: " أكفرتم " والهمزة للتوبيخ والتعجب من حالهم.

في مجمع البيان: عن أمير المؤمنين (عليه السلام): إنهم أهل البدع والأهواء والآراء الباطلة من هذه الأمة (63).

وعن الثعلبي في تفسيره: عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: والذي نفسي بيده ليردن علي الحوض ممن صحبني أقوام حتى إذا رأيتهم اختجلوا (64) دوني، فلأقولن: أصيحابي أصيحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، إنهم ارتدوا على أعقابهم القهقهري (65).

فذوقوا العذاب: أمر إهانة.

بما كنتم تكفرون: بسبب كفركم.

وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله: يعني الجنة والثواب المخلد، عبر عن ذلك بالرحمة: تنبيها على أن المؤمن وإن استغرق عمره في طاعة الله، لا يدخل الجنة إلا برحمته وفضله.

قيل: كان حق الترتيب أن يقدم ذكرهم، ولكن قصد أن يكون مطلع الكلام ومقطعه حلية المؤمنين وثوابهم (66).

هم فيها خلدون: أخرجه مخرج الاستئناف، للتأكيد، كأنه قيل: كيف يكونون فيها؟فقال، هم فيها خالدون.

وفي تفسير علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن صفوان بن يحيى، عن أبي الجارود، عن عمران بن هيثم، عن مالك بن أبي حمزة، عن أبي ذر (رحمه الله) قال: لما نزلت هذه الآية: " يوم تبيض وجوه وتسود وجوه " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) يرد علي أمتي يوم القيامة على خمس رايات، فراية مع عجل هذه الأمة، فأسألهم ما فعلتم بالثقلين من بعدي؟فيقولون: أما الأكبر فحرفناه ونبذناه وراء ظهورنا، وأما الأصغر فعاديناه وأبضغناه وظلمناه، فأقول: ردوا النار ظلماء مظمئين مسودة وجوهكم، ثم يرد علي راية مع فرعون هذه الأمة فأقول لهم: ما فعلتم بالثقلين من بعدي؟فيقولون: أما الأكبر فحرفناه ومزقناه وخالفناه، وأما الأصغر فعاديناه وقاتلناه، فأقول: ردوا النار ظلماء مظمئين مسودة وجوهكم، ثم يرد علي راية مع سامري هذه الأمة فأقول لهم: ما فعلتم بالثقلين من بعدي؟فيقولون: أما الأكبر فعصيناه وتركناه، وأما الأصغر فخذلناه وضيعناه فأقول: ردوا النار ظلماء مظمئين مودة وجوهكم، ثم يرد علي راية ذي الثدية مع أول الخوارج وآخرهم فأسألهم ما فعلتم بالثقلين من بعدي؟فيقولون: أما الأكبر فمزقناه وبرئنا منه وأما الأصغر فقاتلناه وقتلناه، فأقول: ردوا النار ظماء مظمئين مسودة وجوهكم، ثم يرد علي راية إمام المتقين وسيد المرسلين وقائد الغر المحجلين ووصي رسول رب العالمين، فأقول لهم: ما فعلتم بالثقلين من بعدي؟فيقولون: أما الأكبر فاتبعناه وأطعناه، وأما الأصغر فأحببناه وواليناه ونصرناه حتى أهرقت فيه دماءنا، فأقول: ردوا الجنة رواة مرويين مبيضة وجوهكم، ثم تلا رسول الله (صلى الله عليه وآله): " يوم تبيض وجوه " - إلى قوله - " خالدون " (67).

وفي روضة الكافي: خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام)، وهي خطبة الوسيلة، يقول فيها: وعن يسار الوسيلة، عن يسار رسول الله (صلى الله عليه وآله) ظلة يأتي منها النداء، يا أهل الموقف طوبى لمن أحب الوصي وآمن بالنبي والامي، والذي له الملك الاعلى لا فاز أحد ولا نال الروح والجنة إلا من لقي خالقه بالاخلاص لهما والاقتداء بنجومهما، فأيقنوا يا أهل ولاية الله ببياض وجوهكم وشرف مقعد كم وكرم مآبكم، وبفوزكم اليوم على سرر متقابلين، ويا أهل الانحراف والصدود عن الله - عز ذكره - ورسوله وصراطه وأعلام الأزمنة أيقنوا بسواد وجوهكم وغضب ربكم جزاء بما كنتم تعملون (68) (69).

وفي كتاب علل الشرائع: بإسناده إلى أبي سعيد الخدري، عن النبي (صلى الله عليه وآله) في حديث طويل يذكر فيه الوسيلة ومنزلته (صلى الله عليه وآله) ومنزلة علي (عليه السلام) يقول فيه: فيأتي النداء من عند الله (عز وجل) يسمع النبيين وجميع الخلق: هذا حبيبي محمد وهذا وليي علي طوبى لمن أحبه وويل لمن أبغضه وكذب عليه، قال النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): يا علي فلا يبقى يومئذ في مشهد القيامة أحد يحبك إلا استروح إلى هذا الكلام، وابيض ﴿تلك آيات الله نتلو ها بالحق وما الله يريد ظلما للعلمين (108) ولله ما في السماوات وما في الأرض وإلى الله ترجع الأمور (109) كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثر هم الفاسقون (101)﴾

وجهه وفرح قلبه، ولا يبقى أحد ممن عاداك أو نصب لك أو حربا أو جحد لك حقا إلا اسود وجهه واضطربت قدماه (70).

تلك آيات الله: الواردة في وعده ووعيده.

نتلوها عليك بالحق: متلبسة بالحق لا شبهة فيها.

وما الله يريد ظلما للعلمين: إذ يستحيل منه الظلم، إذا فاعل الظلم إما جاهل بقبحه أو محتاج إلى فعله، وتعالى الله عن الجهل والحاجة.

ولله ما في السماوات وما في الأرض: ملكا وملكا وخلقا.

وإلى الله ترجع الأمور: فيجازي بما وعده وأوعده.

كنتم خير أمة: كان مجردة عن الزمان وتعم الزمنة، غير متخصص بالماضي كقوله: " وكان الله غفورا رحيما " (71).

وقيل: " كنتم " في علم الله، أوفي اللوح المحفوظ، أو فيما بين الأمم المتقدمين (72).

أخرجت للناس: أظهرت لهم، أي لانتفاعهم.

والمراد الأئمة (عليهم السلام).

تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر: استئناف بين به كونهم خير أمة، أو خبر ثان ل? " كنتم "، أو حال.

وتؤمنون بالله: يتضمن الايمان بكل ما يجب أن يؤمن به.

إنما يحق ويعتد به إذا حصل الايمان بكل ما أمر أن يؤمن به، وإنما أخره وحقه أن يقدم؟لأنه قصد بذكره الدلالة على أنهم أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر إيمانا بالله وتصديقا به وإظهارا لدينه.

وفي تفسير علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قرأت على أبي عبد الله (عليه السلام) " كنتم خير أمة "، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): خير أمة يقتلون أمير المؤمنين والحسن والحسين ابني علي (عليهم السلام) ؟! فقال القارئ: جعلت فداك كيف نزلت؟فقال: نزلت خير أئمة أخرجت للناس (73)، وألا ترى مدح الله لهم " تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله " (74).

وروى العياشي: عنه (عليه السلام) قال: في قراءة علي (عليه السلام)، كنتم خير أئمة أخرجت للناس قال: هم آل محمد (صلى الله عليه وآله) (75).

وفي تفسير العياشي: أبو بصير، عنه (عليه السلام) قال: قال: إنما نزلت هذه الآية على محمد (صلى الله عليه وآله) فيه وفي الأوصياء خاصة، فقال: أنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر، وهكذا والله نزل بها جبرئيل، وما عنى بها إلا محمدا وأوصياءه (عليهم السلام) (76).

وعن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله تعالى: " كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر " قال: يعني الأمة التي وجبت لها دعوة إبراهيم (عليه السلام)، فهم الأمة التي بعث الله فيها ومنها وإليها، وهم الأمة الوسطى، وهم خير أمة أخرجت للناس (77).

وفي كتاب المناقب لابن شهرآشوب: وقرأ الباقر (عليه السلام): " أنتم خير أمة أخرجت للناس " بالألف إلى آخر الآية، نزل بها جبرئيل (عليه السلام)، وما عنى بها إلا محمدا وعليا والأوصياء من ولده (عليهم السلام) (78).

والجمع بين الاخبار بأن المراد بأن (أئمة نزلت) أي بهذا المعنى نزلت.

قال البيضاوي: واستدل بهذه الآية على أن الاجماع حجة، لأنها تقتضي كونهم آمرين بكل معروف وناهين عن كل منكر، إذ اللام فيهما للاستغراق، فلو أجمعوا على باطل كان أمرهم على خلاف ذلك (79).

وفيه: أنه إن أراد أن إجماع كل الأمة بحيث لا يشذ عنه أحد حجة، فهذا مما لا نزاع لاحد فيه، وحجيته حينئذ باعتبار دخول المعصوم فيه، إذ لا يخلو كل الأمة عن المعصوم.

وإن أراد أن إجماع جماعة من الأمة على شئ حجة، فإن خصصهم بمن يكون المعصوم داخلا فيهم فلا نزاع أيضا فيه.

وإن أراد إجماع جماعة أي جماعة كانوا، فلا دلالة في الآية عليه، إذ لا دلالة فيها على أن كل جماعة من الأمة كل ما يأمرون به، معروف، إذ كون اللام للاستغراق لا يفيد إلا أن ما يأمر به الكل لن يضروكم إلا أذى وإن يقتلوكم يولوكم الادبار ثم لا ينصرون (111) ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس وباء وبغضب من الله وضربت عليهم المسكنة ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون (112)﴾

معروف، وأن ما ينهى عنه الكل منكر، ولا يفيد أن ما يأمر به كل أحد، أو كل جماعة معروف، وأن كل ما ينهى عنه كل أحد أو كل جماعة منكر.

ولو آمن أهل الكتب: بمحمد (صلى الله عليه وآله) وما جاء به.

لكان خيرا لهم: مما هم عليه.

منهم المؤمنون: كعبد الله بن سلام وأصحابه.

وأكثرهم الفاسقون: المتمردون في الكفر.

وهذه الجملة معترضة، ولذا لم يعطف على الشرطية قبلها.

لن يضروكم إلا أذى: أي ضررا يسيرا، كطعن وتهديد.

وهذه أيضا معترضة أخرى، ولم يعطف على الأولى، لبعد بينهما، وكون كل منهما نوعا آخر من الكلام.

وإن يقتلوكم يولوكم الادبار: ينهزموا ولا يضروكم بقتل وأسر.

ثم لا ينصرون: ثم لا يكون أحد ينصرهم عليكم، أو يدفع بأسكم عنهم.

وقرئ " لا ينصروا " عطفا على " يولوا " على أن " ثم " للتراخي في المرتبة، فيكون عدم النصر مقيدا بقتالهم.

وكان الامر كذلك، إذ كان كذلك حال قريظة والنضير وبني قينقاع ويهود خيبر.

ضربت عليهم الذلة: تمثيل، أي أحاطت بهم إحاطة البيت المضروب على أهله.

و " الذلة " هدر النفس والمال والاهل، أو ذلة التمسك بالباطل والجزية، أو كلاهما.

أين ما ثقفوا: وجدوا.

وفي تفسير علي بن إبراهيم: " ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا " قال: إنها نزلت في الذين غصبوا حقوق آل محمد (صلى الله عليه وآله) (80).

إلا بحبل من الله وحبل من الناس: استثناء من أعم عام الأحوال، أي ضربت عليهم الذلة في عامة الأحوال إلا في حال اعتصامهم، أو تلبسهم بحبل الله وحبل من الناس.

وفي تفسير العياشي: عن يونس بن عبد الرحمن، عن عدة من أصحابنا رفعوه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) في قال " إلا بحبل من الله وحبل من الناس " قال: الحبل من الله كتاب الله، والحبل من الناس علي بن أبي طالب (عليه السلام) (81).

وفي كتاب نهج الإمامة: روى أبو عبد الله الحسين بن جبير، صاحب كتاب النخب: حدثناه مسندا إلى أبي جعفر الباقر (عليه السلام) في قوله: " ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس " قال: حبل من الله كتاب الله وحبل من الناس علي بن أبي طالب (عليه السلام) (82).

وباؤا بغضب من الله: رجعوا به مستوجبين له.

وضربت عليهم المسكنة: واليهود في غالب الامر مساكين فقراء.

ذلك: أي عدم إيمانهم المشار إليه بقوله: " وأكثرهم الفاسقون " العلة لضرب الذلة والمسكنة عليهم.

وقيل: إشارة إلى ما ذكر من ضرب الذلة والمسكنة والبوء بالغضب.

بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله: أي اعتياد سابقهم صار سببا لذلك الآن.

ويقتلون الأنبياء بغير حق: والتقييد به مع أنه لا يكون إلا كذلك، للدلالة على أنه لم يكن حقا بحسب اعتقادهم أيضا، أو للدلالة على أن القتل إنما يكون قبيحا إذا كان بغير حق، ولو كان بالحق وعلى الحق فليس بقبيح، ولو فرض قتل النبي (صلى الله عليه وآله) بهذه الصفة، لإزالة ما يختلج في صدورهم من قتل النبي (صلى الله عليه وآله) الناس على اتباع الحق.

ذلك: أي الكفر والقتل.

بما عصوا وكانوا يعتدون: بسبب عصيانهم واعتدائهم حدود الله، فإن الاصرار على الصغائر يفضي إلى الكبائر، والاستمرار عليها يؤدي إلى الكفر.

وقيل: إن معناه: أن ضرب الذلة في الدنيا واستيجاب العذاب في الآخرة، كما هو مسبب بكفرهم وقتلهم، فهو مسبب عن عصيانهم واعتدائهم من حيث أنهم مخاطبون بالفروع أيضا (83).

وفي أصول الكافي: يونس، عن ابن سنان، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) وتلا هذه الآية: " ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله " الآية، قال: والله ما قتلوهم بأيديهم، ولا ضربوهم بأسيافهم، ولكنهم سمعوا أحاديثهم فأذاعوها فاخذوا عليها فقتلوا فصار اعتداء ومعصية (84) (85).


1- تفسير العياشي: ج 1 ص 193 ح 115.

2- الكشاف: ج 1 ص 391 في تفسيره لقوله تعالى: " ولله على الناس حج البيت " الآية وفي الهامش (أخرجه الطبري من طريق جرير عن الضحاك).

3- الكافي: ج 2 ص 18 ح 5.

4- نهج البلاغة: ص 45 قطعة من الخطبة 1 ط صبحي الصالح.

5- نقلهما في أنوار التنزيل وأسرار التأويل ج 1 ص 174 في تفسيره لقوله تعالى: " قل يا أهل الكتاب لم تكفرون. وقل يا أهل الكتاب لم تصدون ".

6- نقلهما في أنوار التنزيل واسرار التأويل: ج 1 ص 174 في تفسيره لقوله تعالى " قل يا أهل الكتاب لم تكفرون وقل يا أهل الكتاب لم تصدون ".

7- في النسخة - ا -: يغاث والصحيح ما أثبتناه، ويوم بعاث بضم الباء يوم معروف كإن فيه حرب بين الأوس والخزرج في الجاهلية ذكره الواقدي ومحمد بن إسحاق في كتابيهما، قال الأزهري: وذكر ابن المظفر هذا في كتاب العين فجعله يوم بغات (بالغين المعجمة) وصحفه، وما كان الخليل (رحمه الله) ليخفى عليه ويوم بعاث لأنه من مشاهير أيام العرب (لسان العرب: ج 2 ص 117 في لغة بعث) وقال أيضا في ص 119 في لغة بغث: يوم بغاث، يوم وقعة كانت بين الأوس والخزرج، قال الأزهري: إنما هو بعاث بالعين، وهو من مشاهير أيام العرب، ومن قال بغاث فقد صحف.

8- نقله في الكشاف: ج 1 ص 393 في تفسيره لقوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا أن تطيعوا " الآية، ونقله ابن هشام في السيرة: ج 2 ص 183.

9- الخصال: ص 285 باب الخمسة ح 37 وتمام الحديث (ومن كثر تسبيحه في ليله ونهاره، ومن رضي لأخيه المؤمن بما يرضاه لنفسه، ومن لم يخزع على المصيبة حين تصيبه، ومن رضي بما قسم الله له ولم يهتم لرزقه).

10- معاني الأخبار: ص 132 باب معنى عصمة الامام، ح 2.

11- يقال: أقبل قبلك، أي قصد قصدك وتوجه إليك وجعلك قبالة وجهه وتلقاءه. والمراد بإقبال العبد نحو ما يحبه الله، قصده والاتيان به طلبا لرضاه. وبإقبال الله نحو ما يحبه العبد إضافة ما يسر به قبله وتقربه عينه. ومن اعتصم بالله عصمه الله من الضياع والحاجة، كما اعتصم به مؤمن آل فرعون بقوله " وأفوض أمري إلى الله بصير بالعباد " فلجأ من شر فرعون وجنوده إليه سبحانه واعتصم به، فوقاه الله سيئات ما مكروا. واعتصم به يونس (عليه السلام) في الظلمات بقوله: " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " فلجأ من غضبه إليه واعتصم به، فأقبل الله إليه بالقبول وعصمه بقوله: " فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين " واعتصم به أيوب (عليه السلام) وأقبل إليه بقول: رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين " فأقبل الله إليه بالقبول وعصمه ورفع عنه الكرب والضر. وكذلك لجأ إليه كثير من الأنبياء والمرسلين والصلحاء والمتقين والفاسقين فأقبل الله إليهم بقضاء حوائجهم وإزاحة مكارههم (شرح أصول الكافي للعلامة المازندراني: ج 8 ص 200).

12- ومن أقبل الله قبله وعصمه لم يبال لو سقطت السماء: إن جعل (لم يبال) وحده جوابا للشرط السابق، كان جواب الشرط اللاحق قوله: " كان في حزب الله " وإن جعل جوابا للشرط اللاحق وجعل المجموع جوابا للشرط السابق، كان قوله: " كان في حزب الله " استئنافا (المصدر نفسه).

13- بالتقوى من كل بلية: أي يقيه من كل بلية في الدنيا والآخرة (المصدر).

14- الدخان: 51.

15- أي المأمون من البلية والآفة فيهما (شرح أصول الكافي للعلامة المازندراني: ج 8 ص 200).

16- الكافي: ج 2 ص 65 كتاب الايمان والكفر، باب التفويض إلى الله والتوكل عليه، ح 4.

17- التغابن: 16.

18- مجمع البيان: ج 2 ص 482 في تفسيره لقوله تعالى: " اتقوا لله حق تقاته ".

19- معاني الأخبار: ص 240 باب معنى اتقاء الله حق تقاته، ح 1.

20- مجمع البيان: ج 2 ص 482 في تفسيره لقوله تعالى: " ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ".

21- تفسير العياشي: ج 1 ص 193 ح 119.

22- ما عثرت عليه في المناقب مع الفحص الشديد هذا لفظه: وعنه (أي الباقر) في قوله: إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون لولاية علي لاحظ المناقب لا بن شهرآشوب: ج 2 ص 353 فصل في ذكره (عليه السلام) في الكتب. وأيضا في ج 3 ص 95 فصل في أنه الايمان والاسلام.

23- في المصدر: (الغازي).

24- عيون أخبار الرضا (عليه السلام): ج 1 ص 219 باب 28 فيما جاء عن الامام علي بن موسى الرضا (عليهما السلام) من الاخبار المتفرقة، ح 25.

25- نهج البلاغة: ص 171 ومن خطبة له، وفيها مواعظ للناس. صبحي الصالح.

26- الأمالي لشيخ الطائفة: ج 1 ص 278، ولفظ الحديث (قال أبو العباس - هو عمر بن راشد أبو سليمان - عن جعفر بن محمد في قوله: " ثم لتسألن يومئذ عن النعيم " قال: نحن من النعيم. وفي قوله: " واعتصموا بحبل الله جميعا " قال: نحن الحبل).

27- تفسير العياشي: ج 1 ص 194 ح 122.

28- تفسير العياشي: ج 1 ص 194 ح 123.

29- الاسراء: 9.

30- معاني الأخبار: ص 132 باب معنى عصمة الامام ح 1.

31- مجمع البيان: ج 2 ص 482 في تفسيره لقوله تعالى: " واعتصموا بحبل الله ".

32- و.

33- تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 108 في تفسيره لقوله تعالى: " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ".

34- لا يوجد لدينا هذا الكتاب بل وجدناه في تأويل الآيات الطاهرة: ص 123.

35- تفسير فرات الكوفي: ص 14.

36- تفسير فرات الكوفي: ص 14.

.

37- ما بين المعقوفتين ليس في نسخة - أ - وأثبتناه من المصدر لاقتضاء سياق الكلام.

38- ما بين المعقوفتين ليس في نسخة - أ - وأثبتناه من المصدر لاقتضاء سياق الكلام.

39- تفسير فرات الكوفي: ص 15.

40- تفسير فرات الكوفي: ص 15.

41- كتاب كمال الدين وتمام النعمة: ص 230 باب اتصال الوصية من لدن آدم. ح 31.

42- مجمع البيان: ج 2 ص 482. والكشاف: ج 1 ص 395 ومن أراد الاطلاع أكثر من ذلك فعليه بمراجعة الكامل لابن الأثير: ج 1 من ص 655 إلى 680.

43- قد تكرر في الحديث مثل هذ التعبير، بشأن كثير من الآيات، ورد في تفسيرها: انها نزلت كذا، أو نزل بها جبرائيل كذا، والمراد: بيان شأن النزول، حسب المصطلح اليوم. اي ان المقصود بنزول الآية والمناسبة المستدعية لنزولها كان كذا. كما ورد في قوله (صلى الله عليه وآله): " ان فيكم من يقاتل على تأويل القرآن، كما قاتلت على تنزيله. وهو علي بن أبي طالب " (تفسير العياشي: ج 1 ص 15 ح 6. فقد قاتل (صلى الله عليه وآله) على تنزيل القرآن أي تطبيقه الخاص بمورد نزوله. وسيقاتل علي (عليه السلام) على تأويله، أي تطبيقه العام على موارد مشابهة لنزوله تماما. فالتعبير " بمحمد " جاء لبيان انه الوسيلة التي تحقق بها هذا الانقاذ، وهو المقصود من فاعل الانقاذ بالمباشر. لا ان الآية كانت كذلك.. وان توهمه بعض من لا خبرة له بلحن الكلام. والدليل القاطع على إرادة هذا المعنى، وفرة الروايات واتفاق كلمة الاعلام على أنه تفسير لا غير، ومن ثم اختلفت التعابير. فتارة: عبر بالاسلام. وأخرى: برسول الله. وثالثة: بمحمد. وما شابه من تعابير، كلها ينم عن حقيقة واحدة: هو بيان وسيلة الانقاذ. وحتى المصنف نفسه جعل من هذه التعابير تفسيرا لا إرادة التغيير. قال - عند تفسير الآية " كنتم خير أمة.. ": أي بهذا المعنى نزلت.

44- الكافي: ج 8 ص 159 ح 208.

45- الكافي: ج 8 ص 221 ح 388.

46- تفسير العياشي: ج 1 ص 194 ح 125 و 124.

47- تفسير العياشي: ج 1 ص 194 ح 125 و 124.

48- يوسف: 108.

49- الكافي: ج 5 ص 13 كتاب الجهاد، باب من يجب عليه الجهاد ومن لا يجب، قطعة من ح 1 والحديث طويل.

50- الأعراف: 158.

51- النحل: 119.

52- الكافي: ج 5 ص 59 كتاب الجهاد، باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ح 16.

53- تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 108 في تفسير لقوله تعالى: " ولتكن منكم أمة ".

54- الخصال: ج 1 ص 42، باب الاثنين، الامر بالمعروف والنهي عن المنكر خلقان من خلق الله عز وجل، ح 32.

55- نهج البلاغة: ص 152 ومن خطبة له (عليه السلام) في بعض صفات الرسول الأكرم (وعظ الناس)، صبحي الصالح.

56- نهج البلاغة: ص 188 ومن خطبة له (عليه السلام) في ذكر المكائيل والموازين، صبحي الصالح.

57- تفسير العياشي: ج 1 ص 195 ح 127.

58- التهذيب: ج 6 ص 181 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ح 22.

59- بيان (يتقرؤون) أي يتعبدون ويتزهدون، فالعطف تفسيري (إذا آمنوا الضرر) أي ما يحسبونه ضررا وليس بضرر، والاتباع، التتبع، والكلم الجح، والصك الضرب الشديد (الوافي: ج 2 ص 28 باب الحث على الامر بالمعروف والنهي عن المنكر).

60- الشورى: 42.

61- التهذيب: ج 6 ص 181 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ح 21 وفي الكافي: ج 5 ص 55 كتاب الجهاد، باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ح 1.

62- لا يوجد لدينا هذا الكتاب بل وجدناه في تأويل الآيات الطاهرة: ص 124.

63- نقله في أنوار التنزيل وأسرار التأويل (تفسير البيضاوي): ج 1 ص 176 في تفسيره لقوله تعالى: " يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ".

64- لاحظ تفسير القمي: ج 1 ص 109 والبرهان: ج 1 ص 308 والصافي: ج 1 ص 340 في تفسير الآية.

65- مجمع البيان: ج 2 ص 485 في تفسيره لقوله تعالى: " يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ".

66- في الهامش (اختلجوا أي احتدبوا واقتطعوا، منه).

67- رواه في مجمع البيان: ج 2 ص 485 نقلا عن الثعلبي في تفسيره.

68- نقله في أنوار التنزيل وأسرار التأويل (تفسير البيضاوي): ج 1 ص 176 في تفسيره لقوله تعالى: " أما الذين ابيضت ".

69- تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 109 في تفسيره لقوله تعالى: " وأما الذين ابيضت وجوهم " الآية.

70- الكافي: ج 8 ص 25 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام)، وهي خطبة الوسيلة.

71- (عن يسار الرسول ظلة) في بعض النسخ (ظلمة). (له الملك الاعلى) وهي الجنة والسعادة العظمى (والاقتداء بنجومهما) المراد بها الأئمة الأئمة (عليهم السلام)، لأنهم نجوم يهتدي بهم أهل الأرض في تيه الجهالة (فأيقنوا يا أهل ولاية الله ببياض وجوهكم) المراد بولاية الله ولايته وولاية من أمر بولايته. وفيه تبشير للتابعين له (عليه السلام) بقرب المنزلة وشرف المقام وتحريض لهم على المتابعة، كما أن ما بعده إنذار للمخالفين ببعد المرتبة وسوء المقام وتخويف لهم عن المخالفة، لعله يتذكر من يتذكر ويخشى (شرح الروضة للعلامة المازندراني: ج 11 ص 242).

72- علل الشرائع: ج 1 ص 159، باب 10 العلة التي من أجلها صار علي بن أبي طالب قسيم الله بين الجنة والنار، ح 6.

73- النساء: 152.

74- أنوار التنزيل وأسرار التأويل (تفسير البيضاوي) ج 1 ص 176 نقله في تفسيره لقوله تعالى: " كنتم خير أمة ".

75- قد تقدم ان المقصود هو مورد النزول، اي أن المراد بالأمة في هذه الآية ليست جميع الأمة، بل البعض وهم الأئمة فالخطاب وإن كان عاما، لكن المقصود هم القادة المسؤولون، بدليل وصفهم بالقيام بالامر بالمعروف والنهى عن المنكر. إذ القيام بهذه الوظيفة انما هو من شؤون الزعامة وظيفة ذاتية اوليه.. وهذا نظير الامر بقطع يد السارق وجلد الزاني ونحو ذلك، فان الخطاب وإن كان عاما، لكن المقصود بهذا التكليف هم أولياء الامر لا غيرهم. ومن ثم فان المصنف قال - بصدد الجمع -: أي بهذا المعنى نزلت.

76- تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 110 في تفسيره لقوله تعالى: " كنتم خير أمة " الآية.

77- تفسير العياشي: ج 1 ص 195 ح 128.

78- تفسير العياشي: ج 1 ص 195 ح 129.

79- تفسير العياشي: ج 1 ص 195 ح 130.

80- لم نعثر عليه في كتاب المناقب وذكره في البحار: الطبعة الحديثة ج 24 باب 46 أنهم (عليهم السلام) خير أمة وخير أئمة أخرجت للناس ص 155 ح 12 نقلا عن المناقب.

81- أنوار التنزيل وأسرار التأويل (تفسير البيضاوي): ج 1 ص 176 في تفسيره لقوله تعالى: " كنتم خير أمة أخرجت للناس ".

82- لم نعثر عليه في تفسير علي بن إبراهيم في تفسير للآية الشريفة على هذا، نعم وجدناه في ج 1 ص 170 من سورة المائدة عند تفسير لقوله تعالى: " من يرتد منكم عن دينه " قال: هو مخاطبة لأصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذين غصبوا آل محمد حقهم وارتدوا عن دين الله.

83- تفسير العياشي: ج 1 ص 196 ح 131.

84- لم نعثر على كتاب نهج البلاغة ولا على كتاب آخر ينقل عنه ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرا.

85- أنوار التنزيل واسرار التأويل (تفسير البيضاوي): ج 1 ص 177 نقله في تفسيره لقوله تعالى: " ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ".