الآية 19 - 27

﴿إن الدين عند الله الأسلم وما اختلف الذين أو توا الكتب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب (19)﴾

وموضع سري وعيبة علمي وأميني على وحيي وخليفتي في أرضي.

لك ولمن تولاك أو جبت رحمتي، ومنحت جناني، وأحللت جواري.

ثم وعزتي وجلالي لأصلين من عاداك أشد عذابي، وإن وسعت عليه في دنياي من سعة رزقي.

فإذا انقضى الصوت - صوت المنادي - أجابه هو واضعا يديه رافعا رأسه إلى السماء، يقول: " شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم " فإذا قال ذلك أعطاه الله العلم الأول والعلم الآخر واستحق زيادة الروح في ليلة القدر (1).

إن الدين عند الله الأسلم: جملة مستأنفة مؤكدة للأولى، أي لا دين مرضي عند الله، إلا الاسلام وهو التوحيد والتورع بالشرع الذي جاء به محمد (صلى الله عليه وآله) الذي لا يتم إلا بالولاية يدل على ذلك ما رواه الشيخ الطوسي (رحمه الله) في أماليه قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن النعمان (رحمه الله)، قال: حدثنا الشيخ أحمد بن محمد بن الحسن بن الحسن بن الوليد قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا محمد ابن الحسن الصفار (رحمه الله) عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن المفضل بن عمر، عن الصادق (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أعطيت تسعا، لم يعطها أحد قبلي سوى رسول الله (صلى الله عليه وآله) لقد فتحت لي السبل، وعلمت المنايا والبلايا والأنساب وفصل الخطاب، ولقد نظرت إلى الملكوت بإذن ربي فما غاب عني ما كان قبلي ولا ما يأتي بعدي، فإن بولايتي أكمل الله لهذه الأمة دينهم وأتم عليهم النعم ورضي لهم الاسلام، إذ يقول يوم الولاية لمحمد (صلى الله عليه وآله): يا محمد أخبرهم أني أكملت لهم اليوم دينهم وأتممت عليهم النعم ورضيت إسلامهم، كل ذلك من الله به علي، فلله الحمد (2).

ولا فرق بينه وبين الايمان في المتعلق، وإنما الفرق بأنه يقال له الايمان: بعد رسوخه ودخوله في القلب، وقبل ذلك يسمى إسلاما.

يدل على ذلك ما رواه في أصول الكافي، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عمن ذكره، عن يونس بن يعقوب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث طويل يقول فيه (عليه السلام): إن الاسلام قبل الايمان، وعليه يتوارثون ويتناكحون، والايمان عليه يثابون (3).

وما رواه عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ومحمد بن يحيى، عن أحمد ابن محمد جميعا، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر (عليه السلام (قال: سمعته يقول: الاسلام لا يشرك الايمان، والايمان يشرك الاسلام، وهما في القول والفعل يجتمعان، كما صارت الكعبة في المسجد والمسجد ليس في الكعبة، وكذلك الايمان يشرك الاسلام والاسلام لا يشرك الايمان، وقد قال الله عز وجل " قالت الاعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الايمان في قلوبكم " فقول الله عز وجل أصدق القول والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة (4).

وفي الآية دلالة على ذلك، حيث أفادت أن ليس دينا مرضيا عند الله سوى الاسلام.

ولو كان الاسلام أعم، بمعنى أن الاسلام كان عبارة عن الاقرار بالتوحيد والنبوة، والايمان عبارة عنهما و عن الاقرار بالولاية لكان الاقراران بدون الولاية دينا مرضيا عنده، وليس كذلك بالاتفاق منا.

لا يقال: الآية دلت على أن الدين المرضي مما يصدق عليه الاسلام، ولم يدل على أن كل إسلام دين مرضي، فلعل ذلك باعتبار بعض أفراده.

وأيضا يكفي في كونه مرضيا، كونه مما يحقن به الدم وترتب بعض الأحكام عليه ولا يلزم كونه مما يثاب عليه ويصير سبب نجاة في الآخرة.

لأنا نقول: في الجواب عن الأول: إن تعريف جزئي الجملة يفيد انحصار كل منهما في صاحبه كما حقق في موضعه، فيفيد أن الاسلام لا يكون دينا غير مرضي أصلا.

وعن الثاني: أن المتبادر الصريح من كونه مرضيا عند الله كونه مما يثيب عليه في الآخرة.

وأما كونه مرضيا بالمعنى الذي ذكرته فمما لا ينقاد له الذهن، فلا يحمل عليه بوجه.

وقرأ الكسائي بالفتح على أنه بدل " أنه ".

وقرئ " إنه " بالكسر، و " أن " بالفتح على وقوع الفعل على الثاني واعتراض ما بينهما.

أو إجزاء " شهد " مجرى قال تارة، وعلم أخرى، لتضمنه معناهما.

وما اختلف الذين أو توا الكتب: في دين الاسلام، فقال قوم: حق، وقال قوم: مخصوص بالعرب، ونفاه آخرون مطلقا.

أو في التوحيد، فثلث النصارى، وقالت اليهود: عزير بن الله.

" والذين أوتوا الكتاب " أصحاب الكتب المتقدمة، وقيل: اليهود والنصارى، وقيل: هم قوم موسى اختلفوا بعده، وقيل: هم النصارى اختلفوا في أمر عيسى.

إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيابينهم: أي من بعد ما جائهم الآيات الموجبة للعلم.

ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب: وعيد لمن كفر منهم.

وفي الآية دلالة على كفر من تمكن من العلم بدين الحق، وأنكر، وإن لم يحصل له العلم باعتبار تهاونه.

وبذلك يظهر كفر من سمع من أهل السنة من أهل تقليدهم، أن دينا غير دينهم موجود يتدين به غيرهم، وتهاون في تحصل العلم مع تمكنه منه.

فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن وقل للذين أوتوا الكتب والأميين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلغ والله بصير بالعباد إن الذين يكفرون بآيات ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم فإن حاجوك: في الدين بعد إقامة الحجج وجاد لوك عنادا فقل أسلمت وجهي لله: أخلصت له نفسي، لا أشرك فيها أحدا.

وعبر بالوجه لأنه أشرف الأعضاء الظاهرة، ومظهر القوى المدركة.

ومن اتبعن: عطف على الضمير المرفوع للفصل، أو مفعول معه.

وقل للذين أوتوا الكتب والأميين: الذين لا كتا ب لهم، كمشركي العرب.

أأسلمتم: كما أسلمت بعد إقامة الحجة، أم أنتم باقون على كفركم.

وفيه تعيير لهم بالبلادة، أو المعاندة.

فإن أسلموا فقد اهتدوا: فقد انتفعوا بالهداية.

وإن تولوا فإنما عليك البلغ: فلم يضروك، إذ ما عليك إلا التبليغ، وقد بلغت.

والله بصير بالعباد: وعد للنبي (صلى الله عليه وآله) وللمؤمنين، ووعيد للمتولين.

إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم: هم أهل ﴿أولئك الذين حبطت أعملهم في الدنيا والآخرة وما لهم من نصرين (22)﴾

الكتاب الذين في عصره.

قتل أولوهم الأنبياء ومتابعيهم ومشايعيهم ورضوا به.

وقصدوا قتل النبي والمؤمنين، ولكن الله عصمهم.

ونقل أن بني إسرائيل قتلوا ثلاثة وأربعين نبيا من أول النهار في ساعة واحدة، فقام مائة رجل واثنى عشر رجلا من عباد بني إسرائيل، فأمروا قتلتهم بالمعروف ونهوهم عن المنكر، فقتلوا جميعا من آخر النهار (5).

وقرأ حمزة: يقاتلون الذين (6).

فبشرهم: خبر المبتدأ، ودخول الفاء لتضمن المبتدأ معنى الشرط.

ويمنع سيبويه دخول الفاء في خبر إن ك? " ليت ولعل ولذلك " قبل الخبر.

أولئك الذين حبطت أعملهم في الدنيا والآخرة: كقولك: زيد - فافهم - رجل صالح.

وبينه وبينهما فرق فإنها لا تغير معنى الجملة، بخلافهما.

وقد دخلت الفاء في خبر " إن " في قوله: " إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم " (7).

وما لهم من نصرين: في الدنيا يدفع عنهم الخزي واللعن، وفي الآخرة يدفع عنهم العذاب.

وفي إيراد الجمع إشعار بأن خزيهم وعذابهم عظيم على تقدير وجود الناصرين، لا يمكن لواحد منهم دفعه.

وفي كتاب الخصال: عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال: قال رسول الله ﴿ألم تر إلى الذين أو توا نصيبا من الكتب يدعون إلى كتب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون (23)﴾

(صلى الله وعليه وآله): لن يعمل ابن آدم عملا أعظم عند الله تبارك وتعالى من رجل قتل نبيا أو إماما، أو هدم الكعبة التي جعلها الله تعالى قبلة لعباده، أو أفرغ ماءه في امرأة حراما (8).

وفيه: فيما علم أمير المؤمنين (عليه السلام) أصحابه: إحذروا السفلة، فإن السفلة من لا يخاف الله، فيهم قتله الأنبياء وهم أعداؤنا (9).

وفي أصول الكافي: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، عن يونس بن ظبيان قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله: " إن الله عز وجل يقول: ويل للذين يجتلبون الدنيا بالدين، وويل للذين يقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس، وويل للذين يسير المؤمن فيهم بالتقية.

أبي يغترون، أم علي يجترؤون، فبي حلفت لأتيحن لهم فتنة تترك الحليم منهم حيرانا " (10).

ألم تر إلى الذين أو توا نصيبا: أي حظا وافيا، والتنكير للتعظيم.

من الكتب: أي التوراة، أو جنس الكتب السماوية، و " من " للتبعيض، أو للتبيين.

يدعون إلى كتب الله ليحكم بينهم: أي يدعوهم محمد إلى القرآن، ليحكم ﴿ذلك بأنهم قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون (24) فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه ووفيت كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون (25)﴾

بينهم، أو التوراة.

لما نقل أنه (عليه السلام) دخل مدارسهم فقال له نعيم بن عمرو والحارث بن زيد: على أي دين أنت؟فقال: على دين إبراهيم، فقال له نعيم: إن إبراهيم كان يهوديا، فقال هلموا إلى التوراة ليحكم بيننا وبينكم، فأبيا (11).

وقيل: نزلت في الرجم، وقد اختلفوا فيه.

وقرئ " ليحكم " على البناء للمفعول فيكون الاختلاف فيما بينهم.

ثم يتولى فريق منهم: استبعاد لتوليهم مع علمهم بأن الرجوع إليه واجب.

وهم معرضون: حال من " فريق " لتخصيصه بالصفة، أي وهم قوم عادتهم الاعراض عن الحق، وهو نهاية التقريع.

ذلك: أي الاعراض.

بأنهم قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات: بسبب تسهيلهم أمر العذاب.

وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون: من قولهم السابق، أو أن آبائهم الأنبياء يشفعون لهم، أو أنه تعالى وعد يعقوب أن لا يعذب أولاده.

إلا تحلة القسم، وتكرير الكذب والافتراء يصيره في صورة الصدق عند قائله ومفتريه.

فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه: تكذيب لقولهم: " لن تمسنا النار إلا أياما " ولغرورهم بما كانوا يفترون.

﴿قل اللهم ملك الملك تؤتى الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيديك الخير إنك على كل شئ قدير (26)﴾

ووفيت كل نفس ما كسبت: جزاء ما كسبت.

قال البيضاوي: وفيه دليل على أن العبادة لا تحبط، وأن المؤمن لا يخلد في النار، لان توفية إيمانه وعمله لا يكون في النار، ولا قبل دخولها، فإذن هي بعد الخلاص (12).

ويرد عليه في الأول.

أنه على تقدير الاحباط يصدق على النفس المحسنة التي أحبطت حسنته بالسيئة التي صدرت عنها، أنها وفيت ما كسبت، بمعنى أنها لحسنتها لم تعاقب بالسيئة التي صدرت عنها.

وفي الثاني: أنه يمكن توفية إيمانه وعمله في النار، بأن يخفف عذابه عن قدر ما ينبغي لسيئته، لايمانه وعمله.

والتحقيق: أن المؤمن يعني الموالي اللائمة (عليهم السلام) لا يدخل النار، وغيره يدخل ولا يخرج، ومناط الايمان ما جعله الله ورسوله إيمانا، لا ما جعله كل حزب إيمانا وعده عملا صالحا.

فكم من يعد نفسه مؤمنا، وهو مؤمن بنفسه وهواه، وكم ممن يعد نفسه مواليا، وهو يوالي الشيطان.

وهم لا يظلمون: الضمير ل? " كل نفس " على المعنى، لأنه في معنى كل إنسان.

قل اللهم: الميم عوض عن حرف النداء، ولذلك لا يجتمعان، وقد وقع في الشعر ضرورة (13).

وهو من خصائص هذا الاسم، كدخولها عليه مع لام التعريف وقطع همزته، وتاء القسم.

وقيل: أصله يا الله آمنا بخير، فخفف بحذف حرف النداء ومتعلقات الفعل وهمزته.

ملك الملك: على الحقيقة، وهو صفة لله.

وعند سيبويه نداء ثان، فإن الميم عنده يمنع الوصفية.

تؤتى الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء: أي تعطي منها ما تشاء من تشاء وتسترد، فالملك الأول عام والأخيران بعضان منه.

وقيل: المراد بالملك النبوة، ونزعها نقلها من قوم إلى قوم.

وفي روضة الكافي: بإسناده إلى عبد الاعلى مولى آل سام، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: " قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء " أليس قد آتي الله عز وجل بني أمية الملك؟قال: ليس حيث تذهب، إن الله عز وجل آتانا الملك وأخذته بنو أمية بمنزلة الرجل يكون له الثوب فيأخذه الآخر، فليس هو للذي أخذه (14).

فالمراد بإيتاء الملك بناء على هذا الخبر، جعل الملك لاحد وجعله جائز التصرف فيه، لا التسليط على الملك كما يتوهم بعض الأوهام وذهب إليه، وهو مولى آل سام.

وهو الآن لمن جعل الله الملك له وجعله قائما فيه.

وتعز من تشاء وتذل من تشاء: في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما بالنصر والادبار والتوفيق والخذلان.

بيدك الخير: أي ما هو فعلك خير والشر مما يرجع إلينا مع كون الشر مقدورا لك أيضا.

إنك على كل شئ قدير: خيرا كان أو شرا، لكن ما يصدر عن يدك وقدرتك، هو الخير، هذا.

وقال البيضاوي: ذكر الخير وحده؟لأنه المقضي بالذات، والشر مقضي بالعرض، إذا لا يوجد شر جزئي ما لم يتضمن خيرا كليا، أو لمراعاة الأدب في الخطاب أو لان الكلام وقع فيه، إذ روي أنه (عليه السلام) لما خط الخندق وقطع لكل عشرة أربعين ذراعا وأخذوا يحفرون، فظهر فيه صخرة عظيمة لم تعمل فيه المعاول، فوجهوا سلمان إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بخبره، فجاء فأخذ المعول منه، فضربها ضربة صدعتها وبرق منها برق أضاء ما بين لابتيها، لكأن بها مصباحا في جوف لبلة (15)، فكبر وكبر معه المسلمون، وقال: أضاءت لي منها قصور الحيرة كأنها أنياب الكلاب، ثم ضرب الثانية فقال: أضاءت لي منها القصور الحمر من أرض الروم، ثم ضرب الثالثة فقال: أضاءت لي قصور صنعاء، وأخبرني جبرائيل أن أمتي ظاهرة على كلها، فأبشروا، فقال المنافقون: ألا تتعجبون ؟! يمنيكم ويعدكم الباطل ويخبركم أنه يبصر من يثرب قصور الحيرة ومدائن كسرى وأنها تفتح لكم وأنتم تحفرون الخندق من الفرق، فنزلت.

ونبه على أن الشر أيضا بيده، بقوله: " إنك على كل شئ قدير " (16) انتهى كلامه.

وهذا بناء على زعمه الكاسد مما ذهب إليه الأشعرية: من أن الخير والشر كليهما من أفعال الله تعالى، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.

بل ما يصدر عنه تعالى مما ظاهره الشر من التعذيب والخزي والإماتة والتمريض وغير ذلك فهو خير في الواقع وحسن بالنظر إلى مصالحه وحكمه، كيف والشر قبيح يقبح صدوره عنه تعالى.

* * *

﴿تولج الليل في النار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب (27)﴾

تولج الليل في النار وتولج النهار في الليل: أي تزيد في النهار وتنقص من الليل، وبالعكس، أو تعقب أحدهما الآخر، والولوج: الدخول في مضيق.

وفي كتاب الإهليلجة، قال: الصادق (عليه السلام): بعد أن ذكر الليل والنهار يلج أحدهما في الآخر، ينتهي كل واحد منهما إلى غاية معروفة محدودة في الطول والعرض على مرتبة ومجرى واحد (17).

وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي: تنشئ الحيوانات من موادها وتميتها، أو تخرج الحيوان من النطفة والنطفة منه، أو تخرج المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن.

وفي كتاب معاني الأخبار: وسئل الحسن بن علي بن محمد (عليهم السلام) عن الموت ما هو؟فقال: هو التصديق بما لا يكون.

حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن الصادق (عليه السلام) قال: إن المؤمن إذا مات لم يكن ميتا، فإن الميت هو الكافر، إن الله عز وجل يقول: " يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي " يعني المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن (18).

وفي مجمع البيان " وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي " قيل: معناه يخرج المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن، وروي ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) (19).


1- كمال الدين وتمام النعمة: ص 433 الباب الثاني والأربعون ح 13.

2- الكافي: ج 1 ص 385 كتاب الحجة، باب مواليد الأئمة، قطعة من ح 1.

3- أما لي الشيخ الطوسي: ج 1 ص 208 ح 1.

4- الكافي: ج 1 ص 173 كتاب الحجة، باب الاضطرار إلى الحجة، قطعة من ح 4.

5- الكافي: ج 2 ص 26 كتاب الايمان والكفر، باب أن الايمان يشرك الاسلام.. قطعة من ح 5.

6- مجمع البيان: ج 1 - 2 ص 423 بيان المعنى لاية 21 من سورة آل عمران.

7- أنوار التنزيل: ج 1 ص 153 في تفسير آية 21 من سورة آل عمران.

8- الجمعة: 8.

9- الخصال: ص 120 باب الثلاثة لن يعمل ابن آدم عملا أعظم عند الله عز وجل من ثلاثة، ح 109.

10- الخصال: ص 635 باب علم أمير المؤمنين أصحابه في مجلس واحد أربعمائة باب مما يصلح للمسلم في دينه ودنياه، قطعه من ح 10.

11- الكافي: ج 2 ص 299 كتاب الايمان والكفر، باب اختتال الدنيا بالدين، ح 1 وفيه: " يختلون " بدل " يجتلبون ".

12- أنوار التنزيل: ج 1 ص 154 في تفسير آية 22 من سورة آل عمران.

13- أنوار التنزيل وأسرار التأويل: ج 1 ص 154 في تفسيره لآية 25 من سورة آل عمران.

14- كقول أمية بن أبي الصلت: إني إذا ما حدث ألما * أقول: يا اللهم يا اللهما (شرح ابن عقيل: ج 2 ص 265 شاهد " 310 ").

15- الكافي: ج 8 ص 266 ح 389.

16- في المصدر: في جوف بيت مظلم.

17- أنوار التنزيل واسرار التأويل: ج 1 ص 154 - 155 سورة آل عمران في تفسيره لآية الملك.

18- بحار الأنوار: ج 3 ص 165 كتاب التوحيد، باب 5 الخبر المروي عن المفضل بن عمر في التوحيد المشتهر بالاهليلجة.

19- معاني الأخبار: ص 290 باب معنى الموت ح 10.