الآية 201 - 210

﴿ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار (201) أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب (202)﴾

فإذا قضيتم مناسككم: فإذا أديتم العبادات الحجية وفرغتم منها.

فاذكروا الله كذكركم آباءكم: فأكثروا ذكره وبالغوا فيه كما تفعلون بذكر آبائكم في المفاخرة.

أو أشد ذكرا: إما مجرور معطوف على الذكر، بجعل الذكر ذاكرا على المجاز، والمعنى: فاذكروا الله ذكرا كذكركم آبائكم، أو كذكرا أشد منه وأبلغ.

أو على ما أضيف إليه بمعنى أو كذكر قوم أشد منكم ذكرا.

وإما منصوب بالعطف على آبائكم وذكر من فعل المذكور، بمعنى أو كذكركم أشد مذكورا من آبائكم.

أو بمضمر دل عليه المعنى، تقديره أو كونوا أشد ذكرا لله منكم لآبائكم.

في الكافي: أبو علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله تعالى " واذكروا الله في أيام معدودات " قال: هي أيام التشريق، كانوا إذا أقاموا بمنى بعد النحر تفاخروا فقال الرجل منهم: كان أبي يفعل كذا وكذا، فقال الله تعالى: " فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله كذكركم آبائكم أو أشد ذكرا " قال: والتكبير: الله أكبر الله أكبر لا إله الا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد الله أكبر على ما هدانا الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام (1).

وفي مجمع البيان: " كذكركم آبائكم " معناه ما روي عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام): إنهم كانوا إذا فرغوا من الحج يجتمعون هناك ويعدون مفاخر آبائهم ومآثرهم، ويذكرون أيامهم القديمة وأياديهم الجسيمة، فأمرهم الله سبحانه أن يذكروه مكان ذكر آبائهم في هذا الموضع (أو أشد ذكرا) أو يزيدوا على ذلك بأن يذكروا نعم الله سبحانه ويعدوا آلائه ويشكروا نعمائه، لان آبائهم وإن كانت لهم عليهم أياد ونعم، فنعم الله سبحانه عليهم أعظم وأياديه عندهم أفخم، ولأنه سبحانه المنعم بتلك المآثر والمفاخر على آبائهم وعليهم (2).

وفي تفسير علي بن إبراهيم: " فاذكروا الله كذكركم آبائكم أو أشد ذكرا " قال: كانت العرب إذا وقفوا بالمشعر، يتفاخرون بآبائهم، فيقول: لا وأبيك، لا و أبي، فأمرهم الله أن يقولوا: لا والله وبلى والله (3).

وفي تفسير العياشي: عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) مثله بدون لفظ يتفاخرون بآبائهم (4).

فمن الناس من يقول: تفسير للذاكرين، إلى مقل لا يطلب بذكر الله إلا الدنيا، ومكثر يطلب به خير الدارين، أريد به الحث على الاكثار والارشاد إليه.

ربنا آتنا في الدنيا: اجعل ايتائنا في الدنيا.

وما له في الآخرة من خلق: أي نصيب وحظ، لان همه مقصور بالدنيا، أو من طلب خلاق.

ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة: السعة في الرزق والمعاش وحسن الخلق.

وفى الآخرة حسنة: رضوان الله والجنة.

وقنا عذاب النار: بالعفو والمغفرة.

أولئك: إشارة إلى الفريق الثاني، أو إليهما.

لهم نصيب مما كسبوا: أي من جنسه، وهو جزائه، أو من أجله، كقوله: خطيئاتهم أغرقوا " (5) أو مما دعوا به نعطيهم منه ما قدرناه، فسمي الدعاء كسبا، لأنه من الأعمال.

والله سريع الحساب: يحاسب العباد على كثرتهم وكثرة أعمالهم في مقدار لمحة، أو يوشك أن يقيم القيامة ويحاسب الناس فبادروا إلى الطاعات واكتساب الحسنات.

في كتاب معاني الأخبار: وحدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رحمه الله قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: " ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة " قال: رضوان الله والجنة في الآخرة والسعة في الرزق والمعاش وحسن الخلق في الدنيا (6).

وفي الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، وصفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: طف بالبيت سبعة أشواط وتقول في الطواف اللهم إني أسألك، إلى أن قال عليه السلام: وتقول فيما بين الركن اليماني والحجر الأسود " ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار " (7).

عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يستحب أن تقول بين الركن والحجر " اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار " وقال: إن ملكا موكلا يقول: آمين (8).

عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل " ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة " رضوان الله والجنة في الآخرة والمعاش وحسن الخلق في الدنيا (9).

علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعلي بن محمد القاساني جميعا، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن سفيان بن عيينة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سأل رجل أبي بعد منصرفه من الموقف فقال: أترى يخيب الله هذا الخلق كله؟فقال أبي: ما وقف بهذا الموقف أحد إلا غفر الله له مؤمنا كان أو كافرا، إلا إنهم في مغفرتهم على ثلاث منازل، مؤمن غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وأعتقه الله من النار، وذلك قوله تعالى: " ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب " وسنذكر تتمة الحديث إن شاء الله تعالى (10).

وفي كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه الله: روي عن موسى بن جعفر عن أبيه، عن آبائه، عن الحسن بن علي، عن أبيه عليهم السلام قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وآله جالس إذ سأل عن رجل من أصحابه.

فقالوا يا رسول الله: إنه صار في البلاء كهيئة الفرخ لا ريش عليه، فأتاه عليه السلام فإذا هو كهيئة الفرخ لا ريش عليه من شدة البلاء فقال له: تدعو في صحتك دعاء؟قال: نعم أقول: يا رب أيما عقوبة أنت معاقبي بها في الآخرة فعجلها لي في الدنيا، فقال له النبي صلى الله عليه وآله: ألا قلت: اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، فقال: فكأنما.

﴿* واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون (203) ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام (204)﴾

نشط من عقال وقام صحيحا وخرج معنا، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة (11).

وفي مجمع البيان: " والله سريع الحساب " ورد في الخبر: أنه سبحانه يحاسب الخلائق كلهم في مقدار لمح البصر (12).

وروي بقدر حلب شاة (13).

وروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: معناه أنه يحاسب الخلائق دفعة كما يرزقهم دفعة (14).

واذكروا الله في أيام معدودات: في أدبار الصلوات في أيام التشريق.

في الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حرير، عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل " واذكروا الله في أيام معدودات " قال: التكبير في أيام التشريق من صلاة الظهر من يوم النحر إلى صلاة الفجر من يوم الثالث، وفي الأمصار عشر صلوات، فإذا نفر بعد الأولى أمسك أهل الأمصار، ومن أقام بمنى فصلى بها الظهر والعصر فليكبر (15).

وفي كتاب معاني الأخبار: أبي رحمه الله قال: حدثنا محمد بن أحمد بن علي بن الصلت، عن عبد الله بن الصلت، عن يونس بن عبد الرحمن، عن المفضل بن صالح، عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في قول الله عز وجل: " واذكروا الله في أيام معدودات " قال: المعلومات والمعدودات واحدة، وهي أيام، التشريق (16).

وقد سبق من الاخبار ما يدل على صورة التكبير.

فمن تعجل: النفر في يومين: أي نفر في ثاني أيام التشريق.

فلا إثم عليه: باستعجاله.

ومن تأخر: في النفر حتى رمي اليوم الثالث.

فلا إثم عليه: بتأخيره، ومعنى نفي الاثم بالتعجيل والتأخير، التخيير بينهما، والرد على أهل الجاهلية، فإن منهم من إثم المستعجل، ومنهم من إثم المتأخر.

لمن اتقى: أي الذي ذكر من التخيير لمن اتقى الصيد، فإن من لم يتق الصيد ليس له التخيير، بل يتعين عليه التأخير.

في تهذيب الأحكام: محمد بن عيسى، عن محمد بن يحيى، عن حماد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا أصاب المحرم الصيد فليس له أن ينفر في النفر الأول، ومن نفر في النفر الأول فليس له أن يصيب الصيد حتى ينفر الناس، وهو قول الله عز وجل " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه لمن اتقى " قال: إتقي الصيد (17).

عن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد، عن علي، عن أحدهما عليهما السلام أنه قال: في رجل بعث بثقله يوم النفر الأول وأقام هو إلى الأخير؟قال: هو ممن تعجل في يومين (18).

وفي من لا يحضره الفقيه: وروى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول في قول الله عز وجل: " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى " فقال: يتقي الصيد حتى ينفر أهل منى في النفر الأخير (19).

وفي رواية ابن محبوب، عن أبي جعفر الأحول، عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: لمن اتقى الرفث والفسوق والجدال وما حرم الله عليه في إحرامه (20).

وفي رواية علي بن عطية، عن أبيه، عن أبي جعفر عليه السلام قال: (لمن اتقى الله عز وجل (21).

وروي انه يخرج من ذنوبه كهيئته يوم ولدته أمه (22).

وروي: من وفى، وفى الله له (23).

وفي الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعلي بن محمد القاساني جميعا، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن سفيان بن عيينة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سأل رجل أبي بعد منصرفه من الموقف فقال: أترى يخيب الله هذا الخلق كله؟فقال أبي: ما وقف بهذا الموقف أحد إلا غفر الله له مؤمنا كان أو كافرا، إلا أنهم في مغفرتهم على ثلاث منازل، إلى قوله: ومنهم من غفر الله له ما تقدم من ذنبه.

وقيل له: أحسن فيما بقي من عمرك، وذلك قوله تعالى: " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه " يعني من مات قبل أن يمضى فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى الكبائر (24).

عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن داود بن النعمان عن أبي أيوب قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام إنا نريد أن نتعجل السير، وكانت ليلة النفر حين سألته، فأي ساعة ننفر؟فقال لي: أما اليوم الثاني فلا تنفر حتى تزول الشمس، وكانت ليلة النفر، وأما اليوم الثالث فإذا ابيضت الشمس فانفر على بركة الله، فإن الله تعالى يقول: " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه " فلو سكت لم يبق أحد إلا تعجل، ولكنه قال: " ومن تأخر فلا إثم عليه " (25).

حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن معاوية بن وهب، عن إسماعيل بن نجيح الرماح قال: كنا عند أبي عبد الله عليه السلام بمنى ليلة من الليالي فقال: ما يقول هؤلاء: " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه "؟قلنا: ما ندري، قال: بلى يقولون: من تعجل من أهل البادية فلا إثم عليه، ومن تأخر من أهل الحضر فلا إثم عليه، وليس كما يقولون، قال الله جل ثنائه: " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه " ألا لا إثم عليه " ومن تأخر فلا إثم عليه " ألا لا إثم عليه، لمن اتقى، إنما هي لكم، والناس سواد وأنتم الحاج (26).

عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن عبد الاعلى قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: كان أبي يقول: من أم هذا البيت حاجا أو معتمرا مبرء من الكبر رجع من ذنوبه كهيئة يوم ولدته أمه، ثم قرء " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى " قلت: ما الكبر؟قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن أعظم الكبر غمص الخلق وسفه الحق، قلت: ما غمص الخلق وسفه الحق؟قال: يجهل الحق ويطعن على أهله، فمن فعل ذلك نازع الله ردائه (27).

علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقي " قال: يرجع لا ذنب له (28).

وفي كتاب معاني الأخبار: حدثنا أبي رحمه الله قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن عبد الله بن عامر، عن محمد بن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن عبد الله بن علي الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى " قال: يرجع ولا ذنب له.

والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة (29).

وفي تفسير العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن العبد المؤمن حين يخرج من بيته حاجا لا يخطو خطوة ولا تخطو به راحلته إلا كتب الله له بها حسنة، ومحى عنه سيئة، ورفع له بها درجة، فإذا وقف بعرفات فلو كانت ذنوبه عدد الثرى رجع كما ولدته أمة، فقال له: استأنف العمل، يقول الله: " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى " (30).

عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه " الآية قال: أنتم والله هم، إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: لا يثبت على ولاية علي إلا المتقون (31).

عن حماد، عنه عليه السلام في قوله: " لمن اتقى " الصيد، فإن ابتلي بشئ من الصيد ففداه، فليس له أن ينفر في يومين (32).

واتقوا الله: في مجامع أموركم ليعبأ بكم.

واعلموا أنكم إليه تحشرون: للجزاء بعد الاحياء.

وأصل الحشر الجمع، وهو ضم المتفرق.

ومن الناس من يعجبك قوله: يروقك ويعظم في نفسك والتعجب: حيرة تعرض.

﴿وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد (205) وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالاثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد (206) ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد (207)﴾

الانسان لجهله بسبب المتعجب منه.

في الحياة الدنيا: متعلق بالقول، أي ما يقول في أمور الدنيا وأسباب المعاش، وفي معنى الدنيا، فإنها مرادة من ادعاء المحبة وإظهار الايمان.

أو بيعجبك، أي يعجبك قوله في الدنيا حلاوة وفصاحة ولا يعجبك في الآخرة، لما يعتريه من الدهشة والحبسة، أو لأنه لا يؤذن له في الكلام.

ويشهد الله على ما في قلبه.

يحلف ويشهد الله على أن ما في قلبه موافق لكلامه.

وهو ألد الخصام: شديد العداوة والجدال للمسلمين، والخصال: المخاصمة، و يجوز ان يكون جمع خصم كصعب وصعاب، بمعنى أشد الخصوم خصومة.

قيل: نزلت في الأخنس بن شريق الثقفي، وكان حسن المنظر، حلو المنطق، يوالي رسول الله صلى الله عليه وآله ويدعي الاسلام، وقيل: في المنافقين كلهم (33).

وإذا تولى: أدبر وانصرف عنك، وقيل: إذا غلب وصار واليا.

سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل: كما فعل الأخنس بثقيف إذ بيتهم وأحرق زروعهم وأهلك مواشيهم، أو كما يفعله ولاة السوء بالقتل والاتلاف، أو بالظلم حتى يمنع الله بسوء منهم القطر، فيهلك الحرث والنسل.

والله لا يحب الفساد: لا يرتضيه، فاحذروا غضبه عليه.

وفي تفسير العياشي، عن الحسين بن بشار قال: سألت أبا الحسن عليه السلام، عن قول الله " ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا " قال: فلان وفلان " و يهلك الحرث والنسل " النسل هم الذرية والحرث الزرع (34).

عن سعد الإسكاف: عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله يقول في كتابه " وهو ألد الخصام " بل هم يختصمون قال: قلت: وما الفرق؟قال: الخصومة (35).

عن زرارة عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قال: سألتهما عن قوله " و إذا تولى سعى في الأرض " إلى آخر الآية، فقال: النسل: الولد، والحرث: الأرض (36).

وقال أبو عبد الله عليه السلام: الحرث: الذرية (37).

وفي روضة الكافي: عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن محمد بن سليمان الأزدي عن أبي الجارود، عن أبي إسحاق، عن أمير المؤمنين عليه السلام " وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل " بظلمه وسوء سريرته " والله لا يحب الفساد " (38).

في مجمع البيان: روي عن الصادق عليه السلام إن الحرث في هذا الموضع الدين، والنسل: الناس (39).

وفي تفسير علي بن إبراهيم قال: الحرث في هذا الموضع الدين، والنسل: الناس و نزلت في الثاني، وقيل في معاوية (40).

وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالاثم: حملته الانفة على الاثم وألزمته إياه، من قولك: أخذته بكذا حملته عليه.

فحسبه جهنم: كفته جزاء وعذابا.

وجهنم علم لدار العقاب، غير منصرف للتأنيث والعلمية، وهو في الأصل مرادف للنار، وقيل: معرب.

ولبئس المهاد: جواب قسم مقدر، والمخصوص بالذم محذوف، للعلم به، و " المهاد " الفراش وقيل: ما يوطأ للجنب.

ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله: طلبا لرضاه.

روى الثعلبي في تفسيره قال: لما أراد النبي صلى الله عليه وآله الهجرة خلف عليا عليه السلام لقضاء ديونه ورد الودايع التي كانت عنده، وأمره ليلة خروجه إلى الغار، وقد أحاط المشركون بالدار، أن ينام على فراشه، وقال له: يا علي أتشح ببردي الحضرمي، ثم نم على فراشي، فإنه لا يخلص إليك منهم مكروه إن شاء الله.

ففعل ما أمره به، فأوحى الله عز وجل إلى جبرئيل وميكائيل: إني قد آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من الآخر، فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة؟فاختار كل منهما الحياة، فأوحى الله عز وجل إليهما، ألا كنتما مثل علي بن أبي طالب، آخيت بينه وبين محمد، فبات على فراشه يفديه بنفسه ويؤثره بالحياة، إهبطا إلى الأرض، فاحفظاه من عدوه، فنزلا، فكان جبرئيل عند رأسه وميكائيل عند رجليه، وجبرئيل يقول: بخ بخ من مثلك يا علي بن أبي طالب، يباهي الله بك ملائكته، فأنزل الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وآله، وهو متوجه إلى المدينة في شأن علي بن أبي طالب عليه السلام " ومن الناس من يشري " الآية (41).

وروى أخطب خوارزم حديثا يرفعه بإسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: نزل علي جبرئيل عليه السلام صبيحة يوم الغار فقلت: حبيبي جبرئيل مالي أراك فرحا مستبشرا فقال: يا محمد وكيف لا أكون كذلك وقد قرت عيني بما أكرم الله به أخاك ووصيك وإمام أمتك علي بن أبي طالب، فقلت: وبماذا أكرمه الله؟قال: باهى الله بعبادته البارحة ملائكته، وحملة عرشه وقال: ملائكتي انظروا إلى حجتي في أرضي على عبادي بعد نبيي وقد بذل نفسه وعفر خده في التراب تواضعا لعظمتي، أشهدكم بأنه إمام خلقي ومولى بريتي (42).

وفي أمالي شيخ الطائفة رحمه الله: بإسناده إلى حكيم بن جبير، عن علي بن الحسين صلوات الله عليه في قول الله عز وجل: " ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله " قال: نزلت في علي عليه السلام حين بات على فراش رسول الله صلى الله عليه وآله (43).

وبإسناده إلى سعيد بن أوس قال: كان أبو عمرو بن العلا إذا قرء " ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله " قال: كرم الله عليا عليه السلام فيه نزلت هذه الآية (44).

وبإسناده إلى أنس بن مالك قال: لما توجه رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى الغار ومعه أبو بكر أمر النبي صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام أن ينام على فراشه ويتوشح ببردته، فبات علي عليه السلام موطنا نفسه على القتل، وجاءت رجال قريش من بطونها يريدون قتل رسول الله صلى الله عليه وآله، فلما أرادوا أن يضعوا عليه أسيافهم، لا يشكون أنه محمد صلى الله عليه وآله فقالوا: أيقظوه ليجد ألم القتل ويرى السيوف تأخذه فلما أيقظوه فرأوه عليا تركوه، فتفرقوا في طلب رسول الله صلى الله عليه وآله، فأنزل الله عز وجل " ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد " (45) وفي تفسير علي بن إبراهيم قوله: " ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله " قال: ذاك أمير المؤمنين عليه السلام، ومعنى " يشري نفسه " يبذلها (46).

وفي مجمع البيان: روى السدي، عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب عليه السلام حين هرب النبي صلى الله عليه وآله من المشركين إلى الغار ونام علي عليه السلام على فراش النبي صلى الله عليه وآله، ونزلت الآية بين مكة والمدينة (47).

وروي أنه لما نام على فراشه قام جبرائيل عند رأسه وميكائيل عند رجليه، و جبرائيل ينادي بخ بخ من مثلك يا علي بن أبي طالب يباهي الله تعالى الملائكة بك (48).

وما روي عن علي عليه السلام: من أن المراد بالآية: الرجل يقتل بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر (49).

فلا ينافي ما سبق من الاخبار، لان ما ذكر في الاخبار سبب نزوله أولا، ثم جرى فيمن يشاركه في بعض أوصافه ممن ذكر في هذا الخبر.

وقد روي في كتاب الخصال عن الحسن بن علي الديلمي مولى الرضا عليه السلام قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: من حج بثلاثة نفر من المؤمنين فقد اشترى نفسه من الله عز وجل بالثمن ولم يسأله من أين كسب ماله من حلال أو حرام (50).

والله رؤوف بالعباد: حيث أرشدهم على مثل هذا الشراء، ويجازيهم عليه الجزاء.

وورد في تفسير الامام أبي محمد الحسن بن علي العسكري صلوات الله عليهما قال عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: معاشر عباد الله عليكم بخدمة من أكرمه الله بالارتضاء واجتباه بالاصطفاء وجعله أفضل أهل الأرض والسماء بعد محمد صلى الله عليه وآله سيد الأنبياء علي بن أبي طالب وبموالاة أوليائه ومعاداة أعدائه، وقضاء حقوق إخوانكم الذين هم في موالاته ومعاداة أعدائه شركائكم، فإن رعاية علي أحسن من رعاية هؤلاء التجار الخارجين بصاحبكم الذي ذكرتموه إلى الصين الذي عرضوه للفناء وأعانوه بالشراء، أما إن شيعة علي من يأتي يوم القيامة وقد وضع له في كفة ميزانه من الآثام ما هو أعظم من الجبال الرواسي والبحار السيارة، يقول الخلائق: قد هلك هذا العبد، فلا يشكون أنه من الهالكين وفي عذاب الله من الخالدين، فيأتيه النداء من قبل الله تعالى عز وجل، أيها العبد الجاني هذه الذنوب الموبقات فهل لك بإزائها حسنات تكافيها، فتدخل جنة الله برحمة الله، أو تزيد عليها فتدخلها بوعد الله؟فيقول العبد: لا أدري، فيقول منادي ربنا عز وجل: فإن ربي يقول: ناد في عرصات القيامة: ألا وإني فلان بن فلان من أهل بلد كذا وكذا وقرية كذا وكذا، قد رهنت بسيئاتي كأمثال الجبال والبحار ولا حسنات لي بإزائها، فأي أهل هذا المحشر كان لي عنده يدا وعارفة فليغثني بمجازاتي عنها، فهذا أوان شدة حاجتي إليها، فينادي الرجل بذلك، فأول من يجيبه علي بن أبي طالب عليه السلام: لبيك لبيك أيها الممتحن في محبتي المظلوم بعدواتي.

ثم يأتي هو ومعه عدد كبير وجم غفير، وإن كانوا أقل عددا من خصمائه الذين لهم قبله الظلامات.

فيقول ذلك العدد: يا أمير المؤمنين نحن إخوانه المؤمنون وقد كان بنا بارا ولنا مكرما، وفي معاشرته إيانا مع كثرة إحسانه إلينا متواضعا، وقد بذلنا له عن جميع طاعتنا وبذلناها له، فيقول علي عليه السلام فبماذا تدخلون جنة ربكم؟فيقولون: برحمة الله الواسعة التي لا يعدمها من والاك ووالى وليك يا أخا رسول الله، فيأتي النداء من قبل الله تعالى يا أخا رسول الله هؤلاء إخوانه المؤمنون قد بذلوا له، فأنت ماذا تبذل له، فإني أنا الحكم، ما بيني وبينه من الذنوب فقد غفرتها له بموالاته إياك، وما بينه وبين عبادي من الظلامات، فلا بد من فصل الحكم بينه وبينهم، فيقول علي عليه السلام: يا رب أفعل ما تأمرني، فيقول الله تعالى: يا علي أضمن لخصمائه تعويضهم عن ظلاماتهم قبله، فيضمن لهم علي عليه السلام ذلك، ويقول: اقترحوا علي ما شئتم أعطيكم عوضا عن ظلاماتكم، فيقولون: يا أخا رسول الله تجعل لنا بإزاء ظلاماتنا قبله ثواب نفس من أنفاسك ليلة بيتوتك على فراش محمد.

﴿يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوت الشيطان إنه لكم عدو مبين (208)﴾

رسول الله صلى الله عليه وآله، فيقول علي عليه السلام: قد وهبت ذلك لكم، فيقول الله عز وجل فانظروا عبادي الآن إلى ما نلتموه من علي فداء لصاحبه من ظلاماتكم ويظهر لهم ثواب نفس واحد في الجنان من عجائب قصورها وخيراتها، فيكون من ذلك ما يرضي الله عز وجل به خصماء أولئك المؤمنين ثم يريهم بعد ذلك من الدرجات والمنازل ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، فيقولون: يا رب هل بقي من جنتك شئ، إذا كان هذا كله لنا فأين محل سائر عبادك المؤمنين والأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، ويخيل إليهم عند ذلك أن الجنة بأسرها قد جعلت لهم، فيأتي النداء من قبل الله تعالى يا عبادي: هذا ثواب نفس من أنفاس علي الذي اقترحتموه عليه جعلته لكم، فخذوه وانظروا فيبصرونهم، وهذا المؤمن الذي عوض علي عليه السلام إلى تلك الجنان، ثم يرون ما يضيفه الله عز وجل إلى ممالك علي عليه السلام في الجنان ما هو أضعاف ما بذله عن وليه الموالي له مما شاء الله عز وجل من الأضعاف التي لا يعرفها غيره، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم " (51) المعدة لمخالفي أخي ووصيي علي بن أبي طالب (عليه السلام) (52).

* * * يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة: بالكسر والفتح، الاستسلام والطاعة، ولذلك يطلق في الصلح والاسلام، فتحه ابن كثير والنافع والكسائي، والباقون كسروه (53).

و " كافة " اسم للجملة، لأنها تكف الاجزاء عن التفرق، حال من الضمير، أو " السلم " لأنها تؤنث كالحرب (54) والمراد بها ولاية أمير المؤمنين والأئمة عليهم السلام كما سيجئ، والخطاب للمؤمنين بالله والرسول.

ولا تتبعوا خطوت الشيطان.

بالتفرق والتفريق.

إنه لكم عدو مبين: ظاهر العداوة.

في أصول الكافي: الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسين بن علي الوشاء، عن مثنى الحناط، عن عبد الله بن عجلان، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل: " يا أيها الذين امنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين " قال: في ولايتنا (55).

وفي تفسير علي بن إبراهيم: قوله: ادخلوا في السلم كافة " قال: في ولاية أمير المؤمنين عليه السلام (56).

وفي أمالي شيخ الطائفة: باسناده إلى محمد بن إبراهيم قال: سمعت الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام يقول في قوله تعالى: " ادخلوا في السلم كافة " قال: في ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام " ولا تتبعوا خطوات الشيطان " قال: لا تتبعوا غيره (57).

وفي تفسير العياشي: عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: " يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان " قال: أتدري ما السلم؟قال: قلت: لا أعلم قال: ولاية على والأئمة الأوصياء من بعده، قال: و " خطوات الشيطان " والله ولاية فلان وفلان (58).

عن زرارة، وحمران، ومحمد بن مسلم، عن أبي جعفر، وأبي عبد الله عليهما السلام قالوا: سألناهما عن قول الله " يا أيها الذين أمنوا ادخلوا في السلم كافة " قالوا: أمروا بمعرفتنا (59).

عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل: " يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان " قال: السلم هم آل محمد صلى الله عليه وآله، أمر الله بالدخول فيه (60).

عن أبي بكر الكلبي، عن أبي جعفر، عن أبيه عليهما السلام في قوله: " ادخلوا في السلم كافة "، هو ولايتنا (61).

عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام وقد ذكر عترة خاتم النبيين والمرسلين، وهم باب السلم فأدخلوا في السلم ولا تتبعوا خطوات الشيطان (62) والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

روى الشيخ أبو جعفر بن بابويه في أماليه، عن محمد بن القطان بإسناده، عن علي بن بلال، عن الإمام علي بن موسى، عن موسى بن جعفر، عن جعفر بن محمد، عن محمد بن علي، عن علي بن الحسين، عن الحسين بن علي، عن علي بن أبي طالب، عن النبي عليهم السلام، عن جبرئيل، عن ميكائيل، عن إسرافيل، عن اللوح، عن القلم قال: يقول الله تبارك وتعالى: ولاية علي بن أبي طالب حصني ومن دخل حصني أمن من ناري (63).

﴿فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله عزيز حكيم (209) هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضى الامر وإلى الله ترجع الأمور (210)﴾

فإن زللتم: عن الدخول في السلم.

من بعد ما جاءتكم البينات: الآيات والحجج على أنه الحق.

فاعلموا أن الله عزيز: لا يعجزه الانتقام.

حكيم: لا ينتقم إلا على الحق.

هل ينظرون: استفهام في معنى النفي، ولذلك جاء بعده.

إلا أن يأتيهم الله: أي يأتيهم أمره، أو بأسه، أو يأتيهم الله بأمره، أو بأسه، فحذف المأتي به للقرينة.

في ظلل من الغمام: السحاب الأبيض، وانما يأتيهم العذاب فيه، لأنه مظنة الرحمة، فإذا جاء منه العذاب كان أفظع، لان الشر إذا جاء من حيث لا يحتسب كان أصعب، فكيف إذا جاء من حيث يحتسب الخير.

والملائكة: فإنهم الواسطة في إتيان أمره والآتون على الحقيقة ببأسه وقرئ بالجر عطفا على ظلل، أو الغمام.

وفي عيون الأخبار: محمد بن أحمد بن إبراهيم المعاذي قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي الهمداني قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه قال: سألت الرضا عليه السلام، إلى أن قال: وسألته عن قول الله تعالى: " هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة " قال: يقول: هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله بالملائكة في ظلل الغمام، وهكذا نزلت (64).

وأما ما روي عن جابر قال: قال أبو جعفر عليه السلام في قوله تعالى: " في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الامر " قال: ينزل في سبع قباب من نور ولا يعلم في أيها هو، حين ينزل في ظهر الكوفة، فهذا حين ينزل (65).

فيمكن أن يكون المراد منه بيان كيفية نزول أمره حينئذ، ويكون فاعل ينزل الملك الموكل بالامر.

وقضى الامر: أتم أمر اهلاكهم وفرغ منه.

وضع الماضي موضع المستقبل، لدنوه وتيقن وقوعه وقرئ وقضاء الامر عطفا على الملائكة.

وعن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام في حديث طويل، وفي آخره: وأما قضاء الامر، فهو الوسم على الخرطوم يوم يوسم الكافر (66).

وإلى الله ترجع الأمور: قراءة ابن كثير، ونافع، وأبي عمرو، على أنه من الرجع، وقرأ الباقون على البناء للفاعل بالتأنيث غير يعقوب على أنه من الرجوع، و قرئ أيضا بالتذكير وبناء المفعول (67).

علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن عمرو بن أبي شيبة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: ابتداء منه، أن الله إذا بدا له أن يبين خلقه ويجمعهم لما لابد منه، أمر مناديا ينادي، فاجتمع الجن والإنس في أسرع من طرفة عين، ثم أذن لسماء الدنيا فتنزل وكان من وراء الناس، وأذن للسماء الثانية فتنزل وهي ضعف التي تليها، فإذا رآها أهل سماء الدنيا، قالوا: جاء ربنا؟قالوا: لا، وهو آت يعني أمره حتى تنزل كل سماء يكون كل واحدة منها من وراء الأخرى وهي ضعف التي يليها، ثم ينزل أمر الله في ظلل من الغمام والملائكة.


1- الكافي: ج 8، ص 244، ح 339.

2- سورة الحج: الآية 78.

3- وفي حديث الحج: " حتى آتي نمرة " هو الجبل الذي عليه أنصاب الحرم بعرفات. النهاية لابن الأثير: ج 5، ص 118، لغة (نمرة).

4- (خبا) في حديث الاعتكاف: " فأمر بخبائه فقوض " الخباء: أحد بيوت العرب من وبر أو صوف ولا يكون من شعر ويكون على عمودين أو ثلاثة، والجمع أخبية، وقد تكرر في الحديث مفردا ومجموعا. النهاية لابن الأثير: ج 2، ص 9، لغة (خبا).

5- الكافي: ج 4، ص 245، باب حج النبي (صلى الله عليه وآله) قطعة من حديث 4.

6- الكافي: ج 4، ص 467، باب الإفاضة من عرفات، قطعة من حديث 2.

7- الكافي: ج 4، ص 516، باب التكبير أيام التشريق، ح 3.

8- مجمع البيان: ج 2، ص 297، ذيل الآية 200.

9- تفسير علي ابن إبراهيم القمي: ج 1، ص 69.

10- تفسير العياشي: ج 1، ص 98، ح 272، ولفظ الحديث هكذا (عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قوله: " اذكروا الله كذكركم آبائكم أو أشد ذكرا " قال: إن أهل الجاهلية كان من قولهم: كلا وأبيك بلى وأبيك، فأمروا أن يقولوا: لا والله وبلى والله ".

11- سورة نوح: الآية 25.

12- معاني الأخبار: ص 174، باب معنى حسنة الدنيا وحسنة الآخرة، ح 1.

13- الكافي: ج 4، ص 406، كتاب الحج، باب الطواف واستلام الأركان. قطعة من حديث 1.

14- الكافي: ج 4، ص 408، كتاب الحج، باب الطواف واستلام الأركان: ح 7.

15- الكافي: ج 5، ص 711، كتاب المعيشة، باب الاستعانة بالدنيا على الآخرة: ح 2.

16- الكافي: ج 4، ص 521، كتاب الحج، باب النفر من منى الأول والآخر، ح 10.

17- لم نعثر عليه.

18- مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 298، في ذيل الآية 202.

19- مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 298، في ذيل الآية 202.

20- مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 298، في ذيل الآية 202.

21- الكافي: ج 4، ص 516، كتاب الحج، باب التكبير أيام التشريق، ح 1.

22- معاني الأخبار: ص 296، باب معنى الأيام المعلومات والأيام المعدودات، ح 3.

23- التهذيب: ج 5، ص 490، باب 26، من الزيادات في فقه الحج، ح 404.

24- التهذيب: ج 5، ص 490، باب 26، من الزيادات في فقه الحج، ح 403.

25- من لا يحضره الفقيه: ج 2، ص 288، باب 194، النفر الأول والأخير، ح 2.

26- من لا يحضره الفقيه: ج 2، ص 288، باب 194، النفر الأول والأخير، ح 3.

27- من لا يحضره الفقيه: ج 2، ص 288، باب 194، النفر الأول والأخير، ح 4.

28- من لا يحضره الفقيه: ج 2، ص 288، باب 194، النفر الأول والأخير، ح 5.

29- من لا يحضره الفقيه: ج 2، ص 288، باب 194، النفر الأول والأخير، ح 6.

30- الكافي: ج 4، ص 521، كتاب الحج، باب النفر من منى الأول والآخر، قطعة من حديث 10.

31- الكافي: ج 4، ص 519، كتاب الحج، باب النفر من منى الأول والآخر، ح 1.

32- الكافي: ج 4، ص 523، كتاب الحج، باب النفر من منى الأول والآخر، ح 12.

33- الكافي: ج 4، ص 252، كتاب الحج، باب فضل الحج والعمرة وثوابهما، ح 2.

34- الكافي: ج 4، ص 337، كتاب الحج، باب ما ينبغي تركه للمحرم من الجدال وغيره، قطعة من حديث 1.

35- معاني الأخبار: ص 294، باب ما اشترط الله عز وجل على الناس في الحج وما شرط لهم، قطعة من حديث 1.

36- تفسير العياشي: ج 1، ص 100، ح 283 و 285 و 286.

37- تفسير العياشي: ج 1، ص 100، ح 283 و 285 و 286.

38- تفسير العياشي: ج 1، ص 100، ح 283 و 285 و 286.

39- أنوار التنزيل وأسرار التأويل: ج 1، ص 148.

40- تفسير العياشي: ج 1، ص 100، ح 287.

41- تفسير العياشي: ج 1، ص 101، ح 291 وفيه (قلت ما ألد؟قال: شديد الخصومة).

42- تفسير العياشي: ج 1، ص 100، ح 288.

43- تفسير العياشي: ج 1، ص 101، ح 289.

44- الكافي: ج 8، ص 289، ح 435.

45- مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 300، ذيل الآية 205، من سورة البقرة.

46- تفسير علي بن إبراهيم: ج 1، ص 71.

47- تفسير البرهان: ج 1، ص 207، ح 1، نقلا عن تفسير الثعلبي، مع اختلاف يسير.

48- المناقب للخوارزمي: ج 1، ص 288، الفصل التاسع عشر، في فضائل له شتى، وليس فيه كلمة (الغار) ولا (بذل نفسه).

49- الأمالي للطوسي: ج 2، ص 61، (الجزء السادس عشر).

50- الأمالي للطوسي: ج 2، ص 61، (الجزء السادس عشر).

51- الأمالي للطوسي: ج 2، ص 61، (الجزء السادس عشر).

52- تفسير علي بن إبراهيم: ج 1، ص 71، في تفسيره للآية الشريفة.

53- مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 301، في سبب نزول الآية 207.

54- مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 301، في سبب نزول الآية 207.

55- مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 301، في سبب نزول الآية 207.

56- الخصال: ص 118، باب الثلاثة، ح 103.

57- سورة الصافات: الآية 63.

58- تفسير الإمام العسكري عليه السلام: ص 48، في تفسير قوله تعالى " أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى ".

59- تفسير أنوار التنزيل وأسرار التأويل: ج 1، ص 111.

60- تفسير أنوار التنزيل وأسرار التأويل: ج 1، ص 111.

61- الكافي: ج 1، ص 417، كتاب الحجة، باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية، ح 29.

62- تفسير علي بن إبراهيم: ج 1، ص 71.

63- أمالي الشيخ الطوسي: ج 1، ص 306.

64- تفسير العياشي: ج 1، ص 102، ح 294.

65- تفسير العياشي: ج 1، ص 102، ح 295.

66- تفسير العياشي: ج 1، ص 102، ح 296.

67- تفسير العياشي: ج 1، ص 102، ح 297.