الآية 160 - 170

﴿إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بينه للناس في الكتب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون (159) إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم (160)﴾

للجبارين (1).

ومن تطوع خيرا: أي فعل طاعة فرضا كان أو نفلا.

(وخيرا) نصب على أنه صفة مصدر محذوف، أو بحذف الجار وإيصال الفعل إليه، أو بتعدية الفعل لتضمنه معنى أتى.

وقرأ يعقوب والكسائي وحمزة (يطوع) وأصله يتطوع، فادغم مثل يطوف (2).

فإن الله شاكر: مثيب على الطاعة.

عليم: لا تخفى عليه طاعة.

إن الذين يكتمون: كأحبار اليهود.

ما أنزلنا من البينات: كالآيات الشاهدة على أمر محمد (عليه السلام).

والهدى: وما يهدي إلى وجوب اتباعه والايمان به.

وفي تفسير العياشي: عن ابن أبي عمير، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام): إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى في علي (3).

وعن حمران بن أعين، عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله: " إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس " يعني بذلك نحن، والله المستعان (4).

عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: أخبرني عن قوله: " إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب " قال: نحن يعني بها، والله المستعان، إن الرجل منا إذا صارت إليه لم يكن له، أو لم يسعه، إلا أن يبين للناس من يكون بعده (5).

من بعد ما بينه للناس: لخصناه لهم.

في الكتب: في التوراة، وعلى ما سبق في الحديث يشمل القرآن أيضا.

أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون: أي الذين يتأتى منهم اللعن عليهم من الملائكة والثقلين.

وفي تفسير علي بن إبراهيم: قوله: " أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون " قال: كل من قد لعنه الله من الجن والإنس يلعنهم (6).

وفي كتاب الإحتجاج للطبرسي - رحمه الله - عن أبي محمد العسكري (عليه السلام) في حديث طويل فيه: قيل لأمير المؤمنين (عليه السلام): من خير خلق الله بعد أئمة الهدى ومصابيح الدجى؟قال: العلماء إذا صلحوا، قيل: فمن شر خلق الله بعد إبليس وفرعون وثمود وبعد المتسمين بأسمائهم وبعد المتلقبين بألقابهم و الآخذين لأمكنتكم والمتأمرين في ممالككم؟قال: العلماء إذا أفسدوا، هم المظهرون للأباطيل الكاتمون للحقايق، وفيهم قال الله عز وجل: " أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا " الآية (7).

وفي مجمع البيان: روى عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: من سئل عن علم يعلمه فكتمه، ألجم يوم القيامة بلجام من نار (8).

إلا الذين تابوا: عن الكتمان وسائر ما يجب أن يتاب عنه.

وأصلحوا: ما أفسدوا بالتدارك.

﴿إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين (161) خلدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون (162) وإلهكم إله وحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم (163)﴾

وبينوا: ما بينه الله في كتابهم لتتم توبتهم، وقيل: ما أحدثوه من التوبة ليمحو سمة الكفر عن أنفسهم، ويقتدي بهم أضرابهم.

فأولئك أتوب عليهم: بالقبول والمغفرة.

وأنا التواب الرحيم: المبالغ في قبول التوبة وإفاضة الرحمة.

إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار: أي ومن لم يتب من الكاتمين حتى مات.

أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين: يعني استقر عليهم لعنة الله ولعنة من يعتد بلعنه من خلقه، وقيل: الأول لعنهم أحياء، والثاني لعنهم أمواتا.

وقرئ برفع الملائكة والناس وأجمعون، عطفا على محل اسم (الله) لأنه فاعل في المعنى، كقولك: أعجبني ضرب زيد وعمرو، وفاعلا لفعل مقدر، أي ويلعنهم الملائكة.

خلدين فيها: أي في اللعنة، أو النار، وإضمارها في الذكر تفخيما لشأنها و تهويلا، أو الاكتفاء بدلالة اللعن عليها.

لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون: أي لا يمهلون، أو لا ينتظرون ليعتذروا، أو لا ينظر إليهم نظر رحمة.

وفي الآية دلالة على كفر من كتم ما انزل في علي (عليه السلام) بناء على ما سبق من الخبر.

﴿إن في خلق السماوات والأرض واختلف اليل والنهار والفلك التي تجرى في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الريح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون (164)﴾

وإلهكم إله وحد: خطاب عام، أي المستحق للعبادة منكم واحد لا شريك له يصح أن يعبد ويسمى إلها.

لا إله إلا هو: تقرير للوحدانية وإزاحة لان يتوهم أن في الوجود إلها، ولكنه لا يستحق العبادة منهم.

الرحمن الرحيم: كالحجة عليها، فإنه لما كان مولى النعم كلها أصولها و فروعها، وما سواه أما نعمة أو منعم عليه، لم يستحق العبادة أحد غيره.

وهما خبران آخران لقوله: (إلهكم) أو لمبتدأ محذوف.

قيل: لما سمعه المشركون تعجبوا وقالوا: إن كنت صادقا فأت بآية نعرف بها صدقك، فنزلت.

إن في خلق السماوات والأرض: وإنما جمع السماوات وأفرد الأرض، لأنها طبقات بالذات، مختلفة بالحقيقة، بخلاف الأرضين.

واختلف اليل والنهار: تعاقبهما، كقوله: " جعل الليل والنهار خلفة ".

(9).

والفلك التي تجرى في البحر بما ينفع الناس: أي ينفعهم، أو بالذي ينفعهم، والقصد به إلى الاستدلال بالبحر وأحواله، وتخصيص الفلك بالذكر، لأنه سبب الخوض فيه والاطلاع على عجائبه، ولذلك قدمه على ذكر المطر والسحاب لان منشأهما البحر في غالب الامر، وتأنيث الفلك لأنه بمعنى السفينة.

وقرئ بضمتين على الأصل، أو الجمع، وضمة الجمع غير ضمة الواحد عند المحققين.

وما أنزل الله من السماء من ماء: " من " الأولى للابتداء، والثانية للبيان، و " السماء " يحتمل الفلك والسحاب وجهة العلو.

فأحيا به الأرض بعد موتها: بالنبات.

وبث فيها من كل دابة: عطف على " أنزل " كأنه استدل بنزول المطر و تكون النبات به وبث الحيوانات في الأرض، أو على (أحيا) فإن الدواب ينمون بالخصب ويعيشون بالماء.

والبث: النشر والتفريق.

وتصريف الريح: في مهابها وأحوالها.

وقرأ حمزة والكسائي على الافراد (10).

والسحاب المسخر بين السماء والأرض: لا ينزل ولا يتقشع مع أن الطبع يقتضي أحدهما حتى يأتي أمر الله، وقيل: المسخر للرياح تقلبه في الجو بمشيئة الله تعالى، واشتقاقه من السحب، لان بعضه يجر بعضا.

لآيات لقوم يعقلون: يتفكرون فيها وينظرون إليها بعيون عقولهم.

والكلام المجمل في الاستدلال بهذه الأمور أنها ممكنة، وجد كل منها بوجه مخصوص من وجوه محتملة وأنحاء مختلفة، إذ كان من الجائز مثلا أن لا تتحرك السماوات، أو بعضها كالأرض، وأن تتحرك بعكس حركاتها، وبحيث تصير المنطقة دائرة مارة بالقطبين، وأن لا يكون لها أوج وحضيض أصلا، أو على هذا الوجه لبساطها وتساوي أجزائها، فلابد لها من موجد قادر حكيم يوجدها على ما تستدعيه حكمته وتقتضيه مشيئته، متعاليا عن معارضة غيره، إذ لو كان معه إله يقدر على ما يقدر عليه، فإن توافقت إرادتهما، فالفعل إن كان لهما لزم اجتماع المؤثرين على أثر واحد، وإن كان لأحدهما لزم ترجيح الفاعل بلا مرجح وعجز الآخر المنافي للإلهية، وإن اختلفت لزم التمانع والتطارد كما أشار إليه بقوله: " لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا " (11).

وفي أصول الكافي: بعض أصحابنا رفعه عمن رفعه عن هشام بن الحكم قال: قال أبو الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام): يا هشام، إن الله تبارك وتعالى أكمل للناس الحجج بالعقول ونصر النبيين بالبيان ودلهم على ربوبيته فقال: " و إلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون " (12).

وفي كتاب الإهليلجة: قال الصادق (عليه السلام) في كلام طويل: ثم نظرت العين إلى العظيم من الآيات، مثل السحاب المسخر بين السماء والأرض بمنزلة الدخان لا جسد له يلمس بشئ من الأرض والجبال، يتخلل الشجرة فلا يحرك منها شيئا ولا يهصر منها غصنا ولا يعلق منها بشئ، يعترض الركبان فيحول بعضهم من بعض من ظلمته وكثافته، ويحتمل من ثقل الماء وكثرته ما لا يقدر على صفته، مع ما فيه من الصواعق الصادعة والبروق اللامعة والرعد والثلج والبرد والجليد ما لا تبلغ الأوهام صفته ولا تهتدي القلوب إلى كنه عجائبه، فيخرج مستقلا في الهواء يجتمع بعد تفرقه وينفجر بعد تمسكه.

إلى أن قال (عليه السلام): ولو أن ذلك السحاب والثقل من الماء، هو الذي يرسل نفسه، لما احتمله ألفي فرسخ أو أكثر، و أقرب من ذلك وأبعد ليرسله قطرة بعد قطرة بلا هزة ولا فساد، ولا صار به إلى بلدة وترك أخرى (13).

﴿ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب (165)﴾

وفي عيون الأخبار: عن الرضا (عليه السلام) في حديث طويل يقول فيه: لما نظرت إلى جسدي فلم يمكنني فيه زيادة ولا نقصان في العرض أو الطول ودفع المكاره عنه وجر المنفعة إليه، علمت أن لهذا البنيان بانيا فأقررت به، مع ما أرى من دوران الفلك بقدرته، وإنشاء السحاب، وتصريف الرياح، ومجرى الشمس والقمر والنجوم، وغير ذلك من الآيات العجيبات المتقنات، علمت أن لهذا مقدرا ومنشئا (14).

وفي كتاب التوحيد: قال هشام: فكان من سؤال الزنديق أن قال: فما الدليل عليه؟قال أبو عبد الله (عليه السلام): وجود الأفاعيل التي دلت على أن صانعا صنعها، ألا ترى أنك إذا نظرت إلى بناء مشيد علمت أن له بانيا وإن كنت لم تر الباني ولم تشاهده (15).

وفي أصول الكافي: مثله سواء (16).

ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا: من الرؤساء الذين كانوا يطيعونهم، أو الأعم منهم ومن كل ما يتخذونهم أندادا.

يحبونهم: يعظمونهم ويطيعونهم.

كحب الله: لتعظيمه والميل إلى طاعته، أي يسوون بينه وبينهم في المحبة والطاعة، أو يحبونهم كما ينبغي أن يحب الله، من المصدر المبني للمفعول، وأصله من الحب استعير لحبة القلب ثم اشتق منه الحب لأنه أصابها ورسخ فيها، ومحبة العبد لله: إرادة طاعته والاعتناء بتحصيل مرضاته، ومحبته للعبد: إرادة إكرامه و استعماله وصونه عن المعاصي.

والذين آمنوا أشد حبا لله: لأنه لا تنقطع محبتهم لله، بخلاف محبة الأنداد، فإنها لأغراض فاسدة موهومة تزول بأدنى سبب.

ولو يرى الذين ظلموا: ولو يعلم هؤلاء الذين ظلموا باتخاذهم الأنداد.

إذ يرون العذاب: إذا عاينوه يوم القيامة وأجرى المستقبل مجرى الماضي، لتحققه، كقوله: " ونادى أصحاب الجنة " (17).

أن القوة لله جميعا: ساد مسد مفعولي " يرى " وجواب " لو " محذوف، أي لندموا أشد الندم.

وقيل: هو متعلق الجواب، والمفعولان محذوفان، والتقدير: ولو يرى الذين ظلموا أندادهم لا تنفع، لعلموا أن القوة لله كلها، لا ينفع ولا يضر.

وقرأ ابن عامر ونافع ويعقوب: ولو ترى، على أنه خطاب للنبي (صلى الله عليه وآله) أي ولو ترى ذلك لرأيت أمرا عظيما (18).

وابن عامر: إذ يرون، على البناء للمفعول (19)، ويعقوب (إن) بالكسر (20)، وكذا.

وأن الله شديد العذاب: على الاستئناف، أو إضمار القول.

﴿إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب (166) وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعملهم حسرت عليهم وما هم بخرجين من النار (167)﴾

إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا: بدل من " إذ يرون " أي إذ تبرأ المتبعون من الاتباع، وقرئ بالعكس أي تبرأ الاتباع من الرؤساء.

ورأوا العذاب: أي رائين له، والواو للحال، وقد مضمرة، وقيل: عطف على (تبرأ).

وتقطعت بهم الأسباب: يحتمل العطف على " تبرأ " و " رأوا " والحال والأسباب التي كانت بينهم من الاتباع والاتقان على الدين والاغراض الداعية إلى ذلك.

وأصل السبب: الحبل الذي يرتقى به الشجر.

وقرئ (تقطعت) على البناء للمفعول.

وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا: " لو " للتمني ولذلك أجيب بالفاء، أي ليت لنا كرة إلى الدنيا فنتبرأ منهم.

كذلك: مثل تلك الاراءة القطعية.

يريهم الله أعملهم حسرت عليهم: ندمات، وهي ثالث مفاعيل " يرى " إن كان من رؤية القلب، وإلا فحال.

وما هم بخرجين من النار: أصله وما يخرجون فعدل به إلى هذه العبارة للمبالغة في الخلود والاقناط من الخلاص والرجوع إلى الدنيا.

وفي أمالي شيخ الطائفة قدس سره بإسناده إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش: أين خليفة الله في أرضه؟فيقوم داود النبي (عليه السلام) فيأتي النداء من عند الله عز وجل: لسنا إياك أردنا وإن كنت لله خليفة، ثم ينادي مناد ثانيا: أين خليفة الله في أرضه؟فيقوم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فيأتي النداء من قبل الله عز وجل: يا معشر الخلائق، هذا علي بن أبي طالب خليفته في أرضه وحجته على عباده، فمن تعلق بحبله في دار الدنيا فليتعلق بحبله في هذا اليوم يستضئ بنوره، وليتبعه إلى الدرجات العلى من الجنات، قال: فيقوم الناس الذين قد تعلقوا بحبله في الدنيا فيتبعونه إلى الجنة، ثم يأتي النداء من عند الله جل جلاله: ألا من ائتم (21) بإمام في دار الدنيا فليتبعه إلى حيث يذهب، فحينئذ يتبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب، وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرؤوا منا، كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار (22).

وفي أصول الكافي: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عمر بن ثابت، عن جابر قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل " ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله " (23) قال: هم والله أولياء فلان وفلان، اتخذوهم أئمة من دون الامام الذي جعله الله للناس إماما، ولذلك قال: " ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العقاب، إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب و تقطعت بهم الأسباب وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرؤوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار " ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): هم والله - يا جابر - أئمة الضلال وأشياعهم (24).

وفي تفسير العياشي: عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) في قوله: " ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم.

﴿يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حللا طيبا ولا تتبعوا خطوت الشيطان إنه لكم عدو مبين (168) إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون (169)﴾

كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله " قال: آل محمد (صلى الله عليه وآله) (25).

وعن منصور بن حازم قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): وما هم بخارجين من النار، قال: أعداء علي هم المخلدون في النار أبد الآبدين ودهر الداهرين (26).

وفي الكافي: أحمد بن أبي عبد الله، عمن حدثه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: " كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم " قال: هو الرجل يدع ماله لا ينفقه في طاعة الله بخلا، ثم يموت فيدعه لمن يعمل بطاعة الله أو معصية الله، فإن عمل به في طاعة الله رآه في ميزان غيره، فرآه حسرة، وقد كان المال له، وإن كان عمل به في معصية الله قواه بذلك المال حتى عمل به في معصية الله (27).

وفي نهج البلاغة: وقال (عليه السلام): إن أعظم الحسرات يوم القيامة، حسرة رجل كسب مالا في غير طاعة الله، فورثه رجلا فأنفقه، في طاعة الله - سبحانه فدخل به الجنة ودخل به الأول النار (28).

وفي مجمع البيان: أعمالهم حسرات عليهم، فيه أقوال: إلى قوله: والثالث ما رواه أصحابنا عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: هو الرجل يكتسب المال ولا يعمل به خيرا، فيرثه من يعمل فيه عملا صالحا، فيرى الأول ما كسبه حسرة في ميزان غيره (29).

يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حللا: نزلت في قوم حرموا على أنفسهم رفيع الأطعمة والملابس.

و (حلالا) مفعول (كلوا) أو صفة مصدر محذوف، أو حال من (ما في الأرض) و (من) للتبعيض، إذ لا يؤكل كل ما في الأرض.

طيبا: يستطيبه الشرع، أو الشهوة المستقيمة، أي لا تأكلوا على امتلاء المعدة والشهوة الكاذبة.

ولا تتبعوا خطوت الشيطان: لا تقتدوا به في اتباع الهوى فتحرموا الحلال و تحللوا الحرام.

وروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام): أن من خطوات الشيطان الحلف بالطلاق، والنذور في المعاصي، وكل يمين بغير الله تعالى (30).

وفي تفسير العياشي: عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: لا تتبعوا خطوات الشيطان، قال: يمين بغير الله (31).

وقرأ نافع وأبو عمر وحمزة بتسكين الطاء، وهما لغتان في جمع خطوة، وهي ما بين قدمي الخاطي (32) وقرئ بضمتين وهمزة، جعلت ضمة الطاء كأنها عليها، و بفتحتين على أنه جمع خطوة، وهي المرة من الخطو.

إنه لكم عدو مبين: ظاهر العداوة عند ذوي البصيرة، وإن كان يظهر الموالاة لمن يغويه، ولذلك سماه وليا في قوله: " أولياءهم الطاغوت " (33).

إنما يأمركم بالسوء والفحشاء: بيان لعداوته ووجوب التحرز عن متابعته، واستعير الامر لتزيينه، وبعثه لهم على الشر تسفيها لرأيهم وتحقيرا لشأنهم.

والسوء والفحشاء: ما أنكره العقل واستقبحه الشرع، والعطف لاختلاف الوصفين، فإنه سوء لاغتمام العاقل به، وفحشاء باستقباحه إياه.

﴿وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان ء اباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون (170) ﴾

1- الكافي: ج 4، ص 434، كتاب الحج، باب السعي بين الصفا والمروة وما يقال فيه، ح 4.

2- الكافي: ج 4، كتاب الحج، ص 434، باب السعي بين الصفا والمروة وما يقال فيه، ح 5.

3- تفسير البيضاوي: ج 1، ص 92.

4- تفسير العياشي: ج 1، ص 70، ح 136، ح 137.

5- تفسير العياشي: ج 1، ص 70، ح 136، ح 137.

6- تفسير العياشي: ج 1، ص 71، ح 139.

7- تفسير القمي: ج 1، ص 64.

8- الاحتجاج: ج 1 - 2، ص 458، احتجاج أبي محمد الحسن بن علي العسكري (عليهما السلام) في أنواع شتى من علوم الدين.

9- مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 241.

10- سورة الفرقان: الآية 62.

11- مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 244.

12- سورة الأنبياء: الآية 22.

13- الكافي: ج 1، كتاب العقل والجهل، ص 13، ح 12.

14- بحار الأنوار: ج 3، كتاب التوحيد، ص 163، باب 5، ح 1.

15- عيون أخبار الرضا: ج 1، ص 131، باب 11، ما جاء عن الرضا علي بن موسى (عليهما السلام) من الاخبار في التوحيد، قطعة من حديث 28، في مناظرة الزنديق مع الرضا (عليه السلام).

16- التوحيد: ص 244، باب 36، الرد على الثنوية والزنادقة.

17- الكافي: ج 1، كتاب التوحيد، ص 80، باب حدوث العالم وإثبات المحدث، قطعة من حديث 5.

18- سورة الأعراف: الآية 44.

19- مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 248.

20- مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 248.

21- مجمع البيان، ج 1 - 2، ص 248.

22- وفي نسخة (تعلق).

23- الأمالي: ج 1، الجزء الثالث، ص 61.

24- سورة البقرة: الآية 165.

25- الكافي: ج 1، ص 374، كتاب الحجة، باب من ادعى الإمامة وليس لها بأهل ومن جحد الأئمة أو بعضهم، الحديث 11.

26- تفسير العياشي: ج 1، ص 72، ح 143.

27- تفسير العياشي: ج 1، ص 73، ح 145.

28- الكافي: ج 4، كتاب الزكاة، ص 42، باب الانفاق، ح 2.

29- نهج البلاغة: ص 552، باب المختار من حكم أمير المؤمنين (عليه السلام) رقم 429.

30- مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 251.

31- مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 252.

32- تفسير العياشي: ج 1، ص 74، الحديث 150، ولفظ الحديث " قال: كل يمين بغير الله فهي من خطوات الشياطين ".

33- تفسير مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 251.