الآية 71 - 80

﴿قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقى الحرث مسلمة لا شية فيها قالوا الآن جئت بالحق فذبحوها وما كادوا يفعلون (71) وإذ قتلتم نفسا فادارءتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون (72)﴾

وفيه أن الصفرة بهذا المعنى لا تؤكد بالفقوع، وأن الإبل وإن وصفت به فلا توصف به البقر.

تسر النظرين: أي يوقعهم في السرور بالفتح، وهو لذة في القلب عند حصول نفع، أو توقعه، من السر بالضم، كأنه يحصل لهم من رؤيتها نفع أو توقعه.

وروي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: من لبس نعلا صفراء لم يزل مسرورا حتى يبليها، كما قال الله تعالى: " صفراء فاقع لونها تسر الناظرين " (1).

وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): أن من لبس نعلا صفراء قل همه، لقوله تعالى: " تسر الناظرين " (2).

قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي: كرر السؤال الأول لزيادة الاستكشاف، وقوله: إن البقر تشبه علينا: اعتذار عنه، أي إن البقر الموصوف بالتعوين وفقوع الصفرة كثير فاشتبه علينا.

وقرئ (الباقر) وهو اسم لجماعة البقرة والأباقر والبواقر، ويتشابه بالياء والتاء، ويشابه بالياء والتاء، وتشديد الشين بادغام تاء التفاعل فيها، وتشابهت مخففا ومشددا، إما بزيادة الألف في باب التفعيل، أو بإلحاق التاء الساكنة بالمضارع إلحاقا له بالماضي، وتشبه بحذف إحدى التائين من مضارع تفعل، ويشبه بالتذكير، ومتشابه ومتشابهة ومشتبه ومتشبه ومشتبهة.

وإنا إن شاء الله لمهتدون: إلى المراد ذبحها، أو إلى القاتل.

روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: وأيم الله لو لم يستثنوا ما بينت لهم آخر الأبد (3).

واحتج به الأشاعرة على أن الحوادث بإرادة الله تعالى، وأن الامر قد ينفك عن الإرادة، وإلا لم يكن للشرط بعد الامر معنى.

والكرامية والمعتزلة على حدوث الإرادة.

ويرد عليهم أن هذا إنما يمكن الاستدلال به إذا كان من كلامه تعالى، لا على سبيل الحكاية، وليس كذلك فإنه حكاية لما يقولونه.

ويحتمل أن لا يكون حقا في نفس الامر، وإذا قام ذلك الاحتمال، لم يمكن الاستدلال، ولو سلم فيرد على الأشاعرة وجوه من النظر.

الأول: أن الآية يحتمل أن يكون المراد بها، أنه إن شاء الله هدايتنا لكنا من مهتدين على سبيل الجزم، ولو لم يشأ يحتمل الاهتداء وعدمه.

الثاني: أنه إنما يتم لو كان الإرادة والمشيئة بمعنى واحد، وهو ممنوع، فلو دلت الآية على أن الحوادث بمشيئة الله فلم يدل على أنها بإرادته.

الثالث: أن قولهم دلت الآية على أن الامر قد ينفك عن الإرادة ممنوع، والملازمة التي ادعوها في بيانه ممنوعة، لان معنى الشرط بعد الامر أنه تعالى لو شاء هدايتهم، لهداهم، أي لو لم يشأ لم يهدهم، وذلك لا ينافي أنه شاء أمرهم فأمرهم.

والحاصل: أن الامر لا ينفك عن الإرادة، بمعنى أنه لا يجوز أن يأمر ولا يريد، والآية لم تدل على الجواز بهذا المعنى - كما قررنا - بل التحقيق أن أمره كاشف عن إرادته، وأما أن مراده هل ينفك عن إرادته أم لا؟فشئ آخر، سيحقق في موضعه.

وعلى المعتزلة والكرامية أنه يحتمل أن يكون التعليق باعتبار التعلق، أو كان المعنى لو كان شاء الله هدايتنا الآن لنهتدي.

والحق أن الامر لا ينفك عن الإرادة بالمعنى الذي حققته، وأن الإرادة حادثة من صفات الفعل، وسنحقق ذلك في موضع آخر إن شاء الله.

قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقى الحرث: أي لم تذلل للكراب (4) وسقي الحرث، ولا ذلول، صفة البقرة، بمعنى غير ذلول، و (لا) الثانية زائدة لتأكيد الأولى، والفعلان صفتا ذلول، كأنه قيل: لا ذلول مثيرة ولا ساقية.

وقرئ لا ذلول بالفتح أي هناك، أي حيث هي، كقولك: مررت برجل لا بخيل ولا جبان، أي هناك، أي حيث هو وتسقي من أسقى.

مسلمة: سلمها الله من العيوب، أو أهلها من العمل، أو خلص لونها، من سلم له كذا، إذا خلص له، أي لم يشب صفرتها شئ من الألوان.

لا شية فيها: لا لون فيها يخالف لون جلدها، فهي صفراء كلها حتى قرنها و ظلفها، وهي في الأصل مصدر، وشاه وشيا وشية إذا خلط بلونه لون آخر.

قالوا الآن جئت بالحق: أي الحق البين الذي لا يشتبه علينا.

وقرئ الآن بالمد على الاستفهام، ولان بحذف الهمزة وإلقاء حركتها على اللام.

فذبحوها: فيه اختصار، والتقدير فحصلوا البقرة المنعوتة، فذبحوها.

وما كادوا يفعلون: لتطويلهم في السؤال وكثرة مراجعاتهم.

وروي أنهم كانوا يطلبون البقرة الموصوفة أربعين سنة، أو لخوف الفضيحة في ظهور القاتل، أو لغلاء ثمنها، إذ روي أنه كان في بني إسرائيل شيخ صالح له عجلة، فأتى بها الغيضة (5) وقال: اللهم إني أستودعكها لا بني حتى يكبر، وكان برا بوالديه، فشبت وكانت من أحسن البقرة وأسمنها، ووحيدة بتلك الصفات، فساوموها اليتيم وأمه حتى اشتروها بملأ مسكها ذهبا، وكانت البقرة إذ ذاك بثلاثة دنانير (6).

وفي رواية العياشي أنه قال الرضا (عليه السلام): قال لرسول الله (صلى الله عليه وآله) بعض أصحابه: إن هذه البقرة ما شأنها؟فقال: إن فتى من بني إسرائيل كان بارا بأبيه، وإنه اشترى سلعة فجاء إلى أبيه فوجده نائما والاقليد تحت رأسه، فكره أن يوقظه، فترك ذلك، واستيقظ أبوه فأخبره، فقال له: أحسنت، خذ هذه البقرة فهي لك عوض ما فاتتك، قال: فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): انظروا إلى البر ما بلغ بأهله (7).

وروي أن ذلك الشاب من بني إسرائيل قد رأى محمدا وعليا في منامه و أحبهما، وقالا له: لأنك تحبنا نجزيك ببعض جزائك في الدنيا، فإذا جاءك بنو إسرائيل يريدون شراء البقرة منك، فلا تبعها إلا برضى أمك، فلما أرادوا شراءها كلما زادوا في ثمنها لم ترض أمه حتى شرطوا على أن يملؤوا ثور بقرة عظيمة في ثمنها فرضيت (8).

والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة، والحديث بتمامه مذكور في شرح الآيات الباهرة منقولا عن التفسير المنسوب إلى الحسن العسكري (عليه السلام)، و قد ذكرته بتمامه في تفسيرنا الموسوم بالتبيان وعلى الله التكلان.

وكاد من أفعال المقاربة، وضع لدنو الخبر حصولا، فإذا دخل عليه النفي، قيل: معناه الاثبات مطلقا، وقيل: ماضيا، والحق أنه كسائر الافعال.

ولا ينافي قوله تعالى: " وما كادوا يفعلون "، قوله: (فذبحوها) لاختلاف وقتيهما، إذ المعنى أنهم ما قاربوا أن يفعلوا حتى انتهت سؤالاتهم وانقطعت تعللاتهم، ففعلوا كالمضطر الملجأ إلى الفعل.

وإذ قتلتم نفسا: خاطب الجمع لوجود القتل فيهم.

فادارءتم فيها: اختصمتم في شأنها، إذ الخصمان يدفع بعضهم بعضا.

وأصل الدرء: الدفع، ومنه الحديث: ادرؤوا الحدود بالشبهات (9).

وقول رؤبة: أدركتها قدام كل مدره * بالدفع عني درء كل عنجة (10) فعلى هذا يحتمل أن يكون المعنى: تدافعتم، بأن طرح قتلها كل عن نفسه إلى صاحبه.

وقيل: الدرء: العوج، ومنه قول الشاعر: فنكب عنهم درء الأعادي * وداووا بالجنون من الجنون (11)

﴿فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون (73) ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهر وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله وما الله بغفل عما تعملون (74) * أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلم الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون (75)﴾

وأصله تدارأتم فأدغمت التاء في الدال، واجتلبت بها همزة الوصل.

والله مخرج ما كنتم تكتمون: مظهره.

وأعمل (مخرج) لأنه حكاية مستقبل، كما أعمل " باسط ذراعيه " (12) لأنه حكاية حال ماضيه.

فقلنا اضربوه: عطف على (ادارأتم) وما بينهما اعتراض، والضمير للنفس، و تذكير على تأويل الشخص أو القتيل.

ببعضها: أي بعض كان، وفيه أقوال أخر مستندها غير معلوم.

روي أنه لما ضرب ببعضها قام حيا وأوداجه تشخب دما، قال: قتلني فلان ابن عمي، ثم قبض.

كذلك يحيي الله الموتى: يدل على ما حذف، أي فضربوه فحيي، والخطاب من حضر القتيل، أو نزول الآية.

ويريكم آياته لعلكم تعقلون: لكي يكمل عقلكم، وتعلموا أن من قدر على إحياء نفس، قدر على إحياء الأنفس.

وفي الآية مع ما ذكر في بيانه من الأحاديث دلالة على أن التمول والغني من عند الله ينبغي أن يطلب منه، لا بمخالفة أمره، كما ناله الفتى من بني إسرائيل ولم ينله القاتل ابن عمه.

ثم قست قلوبكم: القساوة: الغلظ مع الصلابة كما في الحجر، وقساوة القلب مثل في نبوه من الاعتبار وأن المواعظ لا يؤثر فيه.

و (ثم) لاستبعاد القسوة، ونحوه: " ثم أنتم تمترون " (13).

من بعد ذلك: يعني إحياء القتيل، أو جميع ما عدد من الآيات، فإنها مما توجب لين القلب.

فهي كالحجارة: في قسوتها أو أشد قسوة: منها، يعني أنها في القساوة مثل الحجارة، أو زائدة عليها، أو أنها مثلها، أو مثل ما هو أشد منها قسوة كالحديد، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، ويعضده قراءة الجر، بالفتح عطفا على الحجارة، وإنما لم يقل أقسى، لما في (أشد) من المبالغة، والدلالة على اشتداد القسوتين، واشتمال المفضل على زيادة.

و (أو) للتخيير أو للترديد، بمعنى أن من عرف حالها شبهها بالحجارة، أو بما هو أقسى منها.

وقد ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله، فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله يقسي القلب، وإن أبعد الناس من الله القاسي القلب (14).

وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهر وإن منها لما يشقق فيخرج منه.

﴿وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم أفلا تعقلون (76)﴾

الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله: تعليل للتفصيل، فإن الحجارة ينفعل، فإن منها ما يتفجر منه الأنهار، والتفجير: الفتح بسعة، ومنها ما ينبع منه الماء، ومنها ما يتردى من أعلى الجبل انقيادا لما أراد الله تعالى به، وقلوب هؤلاء لا تتأثر من أمر الله تعالى، والخشية مجاز من الانقياد.

وما الله بغفل عما تعملون: وعيد على ذلك.

وقرأ ابن كثير (15) ونافع ويعقوب وخلف وأبو بكر بالياء، والباقون بالتاء.

أفتطمعون: الخطاب لرسول الله (صلى الله عليه وآله).

أن يؤمنوا لكم: أي اليهود.

وقد كان فريق منهم: من أسلافهم.

يسمعون كلم الله: أي التوراة، أو حين كلم موسى.

ثم يحرفونه: يغيرونه أو يأولونه بما يشتهون.

من بعد ما عقلوه: ولم يبق لهم فيه ريبة.

وهم يعلمون: أنهم مبطلون.

فإذا كان أخيار هؤلاء وأسلافهم بهذه الحالة، فما طمعكم بجهالهم وسفلتهم! وإذا لقوا الذين آمنوا: أي اليهود.

قالوا آمنا: أي قال منافقوهم: آمنا بأنكم على الحق، ورسولكم هو المبشر به.

﴿أو لا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون (77) ومنهم أميون لا يعلمون الكتب إلا أماني وإن هم إلا يظنون (78)﴾

في التوراة.

وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا: أي الذين لم ينافقوا عاتبين على من نافق.

أتحدثونهم بما فتح الله عليكم: وبينه في التوراة من نعت محمد (صلى الله عليه وآله)، أو الذين نافقوا لأعقابهم، إظهارا للتصلب في اليهودية، ومنعا لهم عن أنباء ما وجدوا في كتابهم، فيتناول الفريقين، فالاستفهام على الأول تقريع، وعلى الثاني إنكار ونهي.

ليحاجوكم به عند ربكم: ليحتجوا بما فتح الله عليكم، حال كونه ثابتا عند ربكم، أي من جملة ما ثبت عند ربكم أي من جملة ما أنزل الله في كتابه.

أفلا تعقلون: أما من كلام اللائمين، وتقديره: أفلا تعقلون أنهم يحاجوكم فيغلبون به عليكم أو متصل بقوله: (أفتطمعون) والمعنى: أفلا تعقلون حالهم، وأن لا مطمع لكم في إيمانهم.

أو لا يعلمون: هؤلاء.

أن الله يعلم ما يسرون: من الكفر، وما فتح الله، وتحريف الكلم وغيره.

وما يعلنون: من الايمان، وغير ما فتح الله، وتأويلاتهم وتحريفاتهم.

ومنهم أميون لا يعلمون الكتب: أي التوراة.

إلا أماني: استثناء منقطع، والأماني جمع أمنية، وهي في الأصل ما يقدره الانسان في نفسه.

وإن هم إلا يظنون: لا علم لهم.

روي أن رجلا قال للصادق (عليه السلام): إذا كان هؤلاء العوام من اليهود لا يعرفون الكتاب إلا ما يسمعونه من علمائهم لا سبيل لهم إلى غيره، فكيف ذمهم بتقليدهم والقبول من علمائهم؟وهل عوام اليهود إلا كعوامنا يقلدون علماءهم فإن لم يجز لأولئك القبول من علمائهم، لم يجز لهؤلاء القبول من علمائهم؟فقال (عليه السلام): بين عوامنا وعلمائنا وبين عوام اليهود وعلمائهم، فرق من جهة و تسوية من جهة، أما من حيث استووا، فإن الله قد ذم عوامنا بتقليدهم علماءهم كما قد ذم عوامهم، وأما من حيث افترقوا فلا، قال: بين لي ذلك يا بن رسول الله.

قال (عليه السلام): إن عوام اليهود كانوا قد عرفوا علماءهم بالكذب الصراح، وبأكل الحرام، والرشا، وبتغيير الاحكام عن واجبها بالشفاعات والعنايات والمصانعات، و عرفوهم بالتعصب الشديد الذي يفارقون به أديانهم، وأنهم إذا تعصبوا أزالوا حقوق من تعصبوا عليه، وأعطوا ما لا يستحقه من تعصبوا له من أموال غيرهم وظلموهم من أجلهم، وعرفوهم يقارفون المحرمات، واضطروا بمعارف قلوبهم إلى أن من فعل ما يفعلونه فهو فاسق لا يجوز أن يصدق على الله ولا على الوسائط بين الخلق وبين الله، فلذلك ذمهم لما قلدوا من عرفوا ومن قد علموا أنه لا يجوز قبول خبره ولا تصديقه في حكاياته، ولا العمل بما يؤديه إليهم عمن لم يشاهدوه، ووجب عليهم النظر بأنفسهم في أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، إذ كانت دلالته أوضح من أن تخفى وأشهر من أن لا تظهر لهم وكذلك عوام أمتنا إذا عرفوا من فقهائهم الفسق الظاهر والمعصية الشديدة، والتكالب على حطام الدنيا وحرامها، وإهلاك من يتعصبوا له، وإن كان لاصلاح أمره مستحقا، وبالرفق والبر والاحسان على من تعصبوا له، وإن كان للاذلال والإهانة مستحقا، فمن قلد من عوامنا مثل هؤلاء الفقهاء فهم مثل اليهود الذين ذمهم الله تعالى بالتقليد لفسقة فقهائهم فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه حافظا لدينه مخالفا على هواه مطيعا لأمر مولاه، فللعوام أن يقلدوه، وذلك لا يكون إلا بعض فقهاء الشيعة لا جميعهم، فأما من ركب من القبائح والفواحش مراكب فسقة فقهاء العامة فلا تقبلوا منهم عنا شيئا ولا.

﴿فويل للذين يكتبون الكتب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون (79) وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة قل أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون (80)﴾

كرامة لهم (16).

فويل: أي تحسر وهلك، مصدر ولا فعل له.

للذين يكتبون الكتب: أي المحرف.

بأيديهم: تأكيد.

ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا: أي يحصلوا غرضا من أغراض الدنيا، فإنه قليل بالنسبة إلى عقابهم.

فويل لهم مما كتبت أيديهم: من المحرف.

وويل لهم مما يكسبون: من الرشى.

وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة: محصورة قليلة.

روي أن بعضهم قالوا: نعذب بعدد أيام عبادة العجل أربعين يوما، وبعضهم قالوا: مدة الدنيا سبعة آلاف سنة، وإنما نعذب مكان كل ألف سنة يوما (17).


1- تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان في هامش تفسير جامع البيان في تفسير القرآن: ج 1، ص 311.

2- تفسير جامع البيان في تفسير القرآن: ج 1، ص 275.

3- في هامش بعض النسخ ما هذا لفظه: في الصحاح: كربت الأرض: قلبتها للحرث، ويقال في المثل: الكراب على البقر (منه رحمه الله).

4- الغيضة الأجمة، وهي الشجر الملتف، وجمعه غياض. المصباح المنير: ص 629.

5- الكشاف: ج 1، ص 152، في تفسيره لقوله تعالى: " إن الله يأمركم " الآية.

6- تفسير العياشي: ج 1، ص 46، ح 57.

7- البرهان: ج 1، ص 109، ح 1، نقلا بالمضمون واليك نص الحديث: " ولم يجدوها إلا عند شاب من بني إسرائيل أراه الله في منامه محمدا وعليا وطيبي ذريتهما، فقالا له: إنك كنت لنا محبا مفضلا و نحن نريد أن نسوق إليك بعض جزائك في الدنيا فإذا راموا شراء بقرتك فلا تبعها إلا بأمر أمك فإن الله عز وجل يلقنها ما يغنيك به وعقبك، ففرح الغلام فجاءه القوم يطلبون بقرة، فقالوا: بكم تبيع بقرتك؟ فقال: بدينارين والخيار لأمي. قالوا: قد رضينا بدينار. فسألها فقالت: بأربعة، فأخبرهم فقالوا: نعطيك دينارين فأخبر أمه فقالت: ثمانية، فما زال يطلبون على النصف مما تقول أمة فتضعف الثمن حتى بلغ ثمنها ملا مسك ثور أكبر ما يكون ملا دنانير، فأوجب لهم البيع إلى آخره. وفي تفسير الإمام العسكري (عليه السلام): ص 111، عند تفسيره لقوله تعالى: " إن الله يأمركم أن تذبحوا ".

8- لاحظ عوالي اللئالي: ج 1، ص 236، ح 147، و ج 2، ص 349، ح 4. و ج 3، ص 545، ح 1.

9- مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 137. والعنجة أن يمسك الراكب بزمام البعير ويجره إليه حتى يتأخر إلى خلف.

10- مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 137.

11- سورة الكهف: الآية 18.

12- سورة الأنعام: الآية 2.

13- الوسائل: ج 8، كتاب الحج، ص 535، الباب 119، من أبواب احكام العشرة، ح 19.

14- مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 138.

15- بحار الأنوار: ج 2، ص 87 الباب 14 من يجوز أخذ العلم منه ومن لا يجوز وذم التقليد، قطعة من حديث 12.

16- مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 147.

17- الكافي: ج 2، ص 85، باب النية، ح 5، ولفظ الحديث قال: أبو عبد الله (عليه السلام): إنما خلد أهل النار في النار لان نياتهم كانت في الدنيا أن لو خلدوا فيها أن يعصوا الله أبدا، وإنما خلد أهل الجنة في الجنة لان نياتهم كانت في الدنيا أن لو بقوا فيها أن يطيعوا الله أبدا، فبالنيات خلد هؤلاء وهؤلاء، ثم تلا قوله تعالى: " قل كل يعمل على شاكلته " قال: على نيته.