الآية 1 - 7

سورة الفاتحة

في مجمع البيان: روى جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن النبي (عليهم السلام): لما أراد الله عز وجل أن ينزل فاتحة الكتاب، وآية الكرسي، و شهد الله، وقل اللهم مالك الملك - إلى قوله - بغير حساب، تعلقن بالعرش وليس بينهن وبين الله حجاب، وقلن: يا رب، تهبطنا إلى دار الذنوب، وإلى من يعصيك، ونحن معلقات بالطهور والقدس؟فقال: وعزتي وجلالي، ما من عبد قرأ كن في دبر كل صلاة إلا اسكنه حظيرة القدس على ما كان فيه، ونظرت إليه بعيني المكنونة في كل يوم سبعين نظرة، وإلا قضيت له في كل يوم سبعين حاجة أدناها المغفرة، وإلا أعذته من كل عدو ونصرته عليه، ولا يمنعه من دخول الجنة إلا الموت (1).

وفي كتاب ثواب الأعمال: بإسناده: قال أبو عبد الله (عليه السلام): اسم الله الأعظم مقطع في أم الكتاب (2).

وفي كتاب الخصال: عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: رن إبليس أربع رنات: أولهن يوم لعن، وحين اهبط إلى الأرض، وحين بعث محمد على حين فترة من الرسل، وحين أنزلت أم الكتاب (3).

وعن الحسن بن علي (عليهما السلام) - في حديث طويل - قال: جاء نفر من اليهود إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فسأله أعلمهم عن أشياء، فكان فيما سأله: أخبرنا عن سبع خصال أعطاك الله من بين النبيين، وأعطى أمتك من بين الأمم، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): أعطاني الله فاتحة الكتاب.

إلى قوله: صدقت يا محمد، فما جزاء من قرأ فاتحة الكتاب؟فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من قرأ فاتحة الكتاب أعطاه الله بعدد كل آية نزلت من السماء ثواب تلاوتها (4).

وعن جابر، عن النبي (صلى الله عليه وآله) - حديث طويل يقول فيه حاكيا عن الله تعالى -: وأعطيت أمتك كنزا من كنوز عرشي فاتحة الكتاب (5).

وفي أصول الكافي: محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن عبد الله بن فضل النوفلي - رفعه - قال: ما قرأت الحمد على وجع سبعين مرة إلا سكن (6).

علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لو قرءت الحمد على ميت سبعين مرة ثم ردت فيه الروح ما كان عجبا (7).

وفي عيون الأخبار: حدثنا محمد بن القاسم المفسر، المعروف ب? أبي الحسن الجرجاني (رضي الله عنه) قال: حدثنا يوسف بن محمد بن زياد، وعلي بن محمد بن سيار، عن أبويهما، عن الحسن بن علي، عن أبيه علي بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه الرضا علي بن موسى، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام) قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إن الله تبارك وتعالى قال لي: " ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم " فأفرد علي الامتنان بفاتحة الكتاب وجعلها بإزاء القرآن العظيم، وإن فاتحة الكتاب أشرف ما في كنوز العرش، وإن الله عز وجل خص محمدا وشرف بها ولم يشرك معه فيها أحدا من أنبيائه، ما خلا سليمان (عليه السلام) فإنه أعطاه منها " بسم الله الرحمن الرحيم " ألا ترى أنه يحكي عن بلقيس حين قالت: " إني القي إلي كتاب كريم، إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم " ألا فمن قرأها معتقدا لموالاة محمد وآله الطيبين، منقادا لامرهما مؤمنا بظاهرهما وباطنهما أعطاه الله تعالى بكل حرف منها حسنة، كل واحدة منها أفضل له من الدنيا وما فيها من أصناف أموالها وخيراتها، ومن استمع إلى قارئ يقرؤها كان له بقدر ما للقارئ، فليستكثر أحدكم من هذا الخير المعرض لكم، فإنه غنيمة لا يذهبن أو انه فتبقى في قلوبكم الحسرة (8).

وفي تفسير العياشي: عن الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني عن أبيه قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): اسم الله الأعظم مقطع في أم الكتاب (9).

عن محمد بن سنان، عن أبي الحسن موسى بن جعفر، عن أبيه (عليهم السلام) قال: قال لأبي حنيفة: ما سورة أولها تحميد، وأوسطها إخلاص، وآخرها دعاء؟فبقي متحيرا ثم قال: لا أدري، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): السورة التي أولها تحميد، وأوسطها إخلاص، وآخرها دعاء، سورة الحمد (10).

عن إسماعيل بن أبان - يرفعه إلى النبي (صلى الله عليه وآله) - قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لجابر بن عبد الله: يا جابر ألا أعلمك أفضل سورة أنزلها الله في كتابه؟قال: فقال جابر: بلى بأبي أنت وأمي - يا رسول الله علمنيها، قال: فعلمه الحمد لله أم الكتاب، قال: ثم قال له: يا جابر، ألا أخبرك عنها؟قال: بلى بأبي أنت وأمي فأخبرني، قال: هي شفاء من كل داء إلا السام، يعني الموت (11).

عن أبي بكر الحضرمي، قال أبو عبد الله (عليه السلام): إذا كانت لك حاجة فاقرأ المثاني، وسورة أخرى وصل ركعتين وادع الله، قلت: أصلحك الله وما المثاني؟قال: فاتحة الكتاب (12).

﴿بسم الله الرحمن الرحيم ( 1) الحمد لله رب العالمين ( 2) الرحمن الرحيم ( 3) ملك يوم الدين ( 4) إياك نعبد وإياك نستعين ( 5)﴾

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين: مكية، قيل: ومدنية أيضا، لأنها نزلت بمكة حين فرضت الصلاة، وبالمدينة لما حولت القبلة إليها.

سبع آيات بالاتفاق، إلا أن بعضهم عد " بسم الله الرحمن الرحيم " آية، دون " أنعمت عليهم " وهم: الامامية، وقراء مكة والكوفة، وفقهاؤهما، وابن المبارك، والشافعي.

ومنهم: من عكس وعليه قراء المدينة والبصرة والشام وفقهاؤها، ومالك، والأوزاعي.

واستدلت الامامية بما روي في تفسير أبي محمد العسكري (عليه السلام)، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن " بسم الله الرحمن الرحيم " آية من فاتحة الكتاب، وهي سبع آيات، تمامها " بسم الله الرحمن الرحيم " (13).

وفي تفسير العياشي: عن يونس بن عبد الرحمان، عمن رفعه قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله تعالى " ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم "، قال: هي سورة الحمد، وهي سبع آيات، منها " بسم الله الرحمن الرحيم " وإنما سميت المثاني، لأنها تثنى في الركعتين (14).

وعن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سرقوا أكرم آية في كتاب الله " بسم الله الرحمن الرحيم " (15).

وفي تهذيب الأحكام: محمد بن علي بن محبوب، عن العباس، عن محمد بن أبي عمير، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن السبع المثاني والقران العظيم، هي الفاتحة؟قال: نعم، قلت: " بسم الله الرحمن الرحيم " من السبع المثاني؟قال: نعم، هي أفضلهن (16).

وفي عيون الأخبار بإسناده إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، حديث طويل، وفيه قيل لأمير المؤمنين: أخبرنا عن " بسم الله الرحمن الرحيم " أهي آية من فاتحة الكتاب؟قال: نعم، كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقرؤها ويعدها منه، و يقول: فاتحة الكتاب هي السبع المثاني (17).

وبإسناده عن الرضا، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام) قال: " بسم الله الرحمن الرحيم " آية من فاتحة الكتاب، وهي سبع آيات، تمامها " بسم الله الرحمن الرحيم " (18).

وفيه عن الرضا (عليه السلام) قال: والاجهار ب? " بسم الله الرحمن الرحيم " في جميع الصلاة سنة (19).

وعن الرضا (عليه السلام): أنه كان يجهر ب? " بسم الله الرحمن الرحيم " في جميع صلاته بالليل والنهار (20).

وفي الكافي: علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إذا قمت للصلاة أقرأ " بسم الله الرحمن الرحيم " في فاتحة الكتاب؟قال: نعم، قلت: فإذا قرأت فاتحة الكتاب أقرأ " بسم الله الرحمن الرحيم " مع السورة؟قال: نعم (21).

محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن مهزيار، عن يحيى بن أبي عمران الهمداني قال: كتبت إلى أبي جعفر (عليه السلام): جعلت فداك، ما تقول في رجل ابتداء ب? " بسم الله الرحمن الرحيم " في صلاته وحده في أم الكتاب، فلما صار إلى غير أم الكتاب من السورة تركها، فقال العباسي: ليس بذلك بأس.

فكتب (عليه السلام) بخطه: يعيدها مرتين، على رغم أنفه، يعني العباسي (22).

محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن صفوان الجمال، قال: صليت خلف أبي عبد الله (عليه السلام) أياما، فكان إذا كانت صلاة لا يجهر فيها، جهر ب? " بسم الله الرحمن الرحيم " وكان يجهر في السورتين جميعا (23).

وفي تفسير علي بن إبراهيم عن ابن أذينة، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) " بسم الله الرحمن الرحيم " أحق ما جهر به، وهي الولاية التي قال الله عز وجل: " وإذا ذكرت ربك في القرآن ولوا على أدبارهم نفورا " (24).

وفي مجمع البيان: عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله تعالى من علي بفاتحة الكتاب من كنز الجنة، فيها " بسم الله الرحمن الرحيم " الآية التي يقول الله تعالى: " وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على ادبارهم نفورا " (25).

وفي تفسير العياشي: عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان رسول الله يجهر ب? " بسم الله الرحمن الرحيم " ويرفع بها صوته، فإذا سمعها المشركون ولوا مدبرين، فأنزل الله: " إذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا " (26).

وفيه عن عيسى بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، عن علي (عليه السلام) قال: بلغه أن أناسا ينزعون " بسم الله الرحمن الرحيم " فقال: هي آية من كتاب الله أنساهم إياها الشيطان (27).

عن خالد المختار قال: سمعت جعفر بن محمد يقول: ما لهم - قاتلهم الله - عمدوا إلى أعظم آية في كتاب الله، فزعموا أنها بدعة إذا أظهروها، وهي " بسم الله الرحمن الرحيم " (28).

وفي كتاب الخصال: عن الأعمش، عن جعفر بن محمد (عليه السلام) أنه قال: والاجهار ب? " بسم الله الرحمن الرحيم " في الصلاة واجب (29).

واعلم أن بعض تلك الأخبار يدل على أنها آية، وبعضها يؤيده.

وأما فضلها

ففي تفسير العياشي: عن صفوان الجمال قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): ما أنزل الله من السماء كتابا إلا وفاتحته " بسم الله الرحمن الرحيم " وإنما كان يعرف انقضاء السورة بنزول " بسم الله الرحمن الرحيم " ابتداء للأخرى (30).

وفي الكافي: محمد بن يحيى، عن علي بن الحسن بن علي، عن عباد بن يعقوب، عن عمرو بن مصعب، عن فرات بن أحنف، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقول: أول كل كتاب نزل من السماء " بسم الله الرحمن الرحيم " فإذا قرأت " بسم الله الرحمن الرحيم " فلا تبال أن لا تستعيذ، وإذا قرأت " بسم الله الرحمن الرحيم " سترتك فيما بين السماء والأرض (31).

ويمكن الجمع بين هذين الخبرين وخبر سليمان السابق: أن غير سليمان أعطي البسملة بغير العربية، وسليمان اعطيها بالعربية.

وفي أصول الكافي: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عمر بن عبد العزيز، عن جميل بن دراج قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لا تدع " بسم الله الرحمن الرحيم " وإن كان بعده شعر (32).

عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن علي، عن الحسن بن علي، عن يوسف بن عبد السلام، عن سيف بن هارون - مولى آل جعدة - قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): اكتب " بسم الله الرحمن الرحيم " من أجود كتابك، ولا تمد الباء حتى ترفع السين (33).

عنه، عن علي بن الحكم، عن الحسن بن سري، أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا تكتب: " بسم الله الرحمن الرحيم " لفلان، ولا بأس أن تكتب على ظهر الكتاب، لفلان (34).

عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن إدريس الحارثي، عن محمد بن سنان، عن مفضل بن عمر قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): يا مفضل، احتجبوا من الناس كلهم ب? " بسم الله الرحمن الرحيم " وب? " قل هو الله أحد " اقرأها عن يمينك وعن شمالك ومن بين يديك ومن خلفك ومن فوقك ومن تحتك.

وإذا دخلت على سلطان جائر فاقرأها حين تنظر إليه، ثلاث مرات، واعقد بيدك اليسرى، ثم لا تفارقها حتى تخرج من عنده (35).

وفي كتاب التوحيد: بإسناده إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، حديث طويل، وفيه: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من حزنه أمر يتعاطاه، فقال " بسم الله الرحمن الرحيم " وهو يخلص لله ويقبل بقلبه إليه، لم ينفك من إحدى اثنتين، إما بلوغ حاجته في الدنيا، وإما يعد له عند ربه ويدخر لديه، وما عند الله خير وأبقى للمؤمنين (36).

وفيه: عن الصادق (عليه السلام)، حديث طويل، وفيه: ولربما ترك بعض شيعتنا في افتتاح أمره " بسم الله الرحمن الرحيم " فيمتحنه الله عز وجل بمكروه، لينبهه على شكر الله تبارك وتعالى والثناء عليه، ويمحق عنه وصمة تقصيره عند تركه قول " بسم الله الرحمن الرحيم " (37).

وفي تهذيب الأحكام: محمد بن علي بن محبوب، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن حماد، بن زيد، عن عبد الله بن يحيى الكاهلي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن أبيه (عليه السلام) قال: " بسم الله الرحمن الرحيم " أقرب إلى اسم الله الأعظم من ناظر العين إلى بياضها (38).

وفي مهج الدعوات: باسناده إلى محمد بن الحسن الصفار، من كتاب فضل الدعاء، بإسناده إلى معاوية بن عمار، عن الصادق (عليه السلام) قال: " بسم الله الرحمن الرحيم " اسم الله الأكبر، أو قال: الأعظم (39).

وبرواية ابن عباس قال (صلى الله عليه وآله): " بسم الله الرحمن الرحيم " اسم من أسماء الله الأكبر، وما بينه وبين اسم الله الأكبر إلا كما بين سواد العين و بياضها (40).

وفي عيون الأخبار: بإسناده إلى محمد بن سنان، عن الرضا (عليه السلام) قال: إن " بسم الله الرحمن الرحيم " أقرب إلى اسم الله الأعظم من سواد العين إلى بياضها (41).

وفي كتاب علل الشرايع: بإسناده إلى الصادق (عليه السلام)، حديث طويل يقول فيه (عليه السلام)، بعد أن حكى عن النبي (صلى الله عليه وآله) ما رأى إذ عرج به، وعلة الاذان والافتتاح: فلما فرغ من التكبير والافتتاح قال الله عز وجل: الآن وصلت إلي فسم باسمي، فقال: " بسم الله الرحمن الرحيم "، فمن ذلك جعل " بسم الله الرحمن الرحيم " في أول السورة، ثم قال: احمدني، فقال: " الحمد لله رب العالمين " وقال النبي (صلى الله عليه وآله) في نفسه: شكرا، فقال الله: يا محمد: قطعت حمدي فسم باسمي، فمن ذلك جعل في الحمد لله " الرحمن الرحيم " مرتين، فلما بلغ " ولا الضالين " قال النبي (صلى الله عليه وآله): الحمد لله رب العالمين شكرا، فقال العزيز الجبار: قطعت ذكري فسم باسمي، فمن ذلك جعل " بسم الله الرحمن الرحيم " بعد الحمد في استقبال السورة الأخرى (42).

وفي تفسير العياشي: قال الحسن بن حرزا: وروى عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا أم الرجل القوم جاء شيطان إلى الشيطان الذي هو قريب الامام فيقول: هل ذكر الله؟يعني هل قرأ " بسم الله الرحمن الرحيم " فإن قال: نعم، هرب منه، وإن قال: لا، ركب عنق الامام ودلى رجليه في صدره، فلم يزل الشيطان إمام القوم حتى يفرغوا من صلاتهم (43).

وفي الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، وصفوان بن يحيى جميعا - عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: فإذا جعلت رجلك في الركاب فقل: " بسم الله الرحمن الرحيم " بسم الله والله أكبر (44).

بسم الله: الباء: متعلقه بمحذوف، تقديره، بسم الله أقرأ، لان الذي يتلوه مقروء، وكذلك يضمر كل فاعل ما يجعل التسمية مبدأ له، دون أبدأ، لعدم ما يطابقه، أو ابتدائي لزيادة إضمار فيه.

وتقديم المفعول هنا كما في " بسم الله مجراها ومرساها " لأنه أهم، لكونه أدل على الاختصاص، وأدخل في التعظيم، وأوفق للوجود، فإن اسمه تعالى متقدم على القراءة من حيث أنه جعل آلة لها، من أجل أن الفعل لا يتم ولا يعتد به شرعا ما لم يصدر باسمه تعالى.

والباء للاستعانة، وقيل: للمصاحبة، والمعنى: متبركا باسم الله أقرأ، وهو أحسن لرعاية الأدب.

ولم يزد في هذا المقام على هذين الاحتمالين، وهذا وما بعده مقول على ألسنة العباد ليعلموا كيف يتبرك باسمه ويحمد على نعمه.

ويحتمل أنه تعال صدر كتابه به، للاشعار بأن التصدير به في كل فعل و تأليف أمر واجب، وإن كان مؤلفه هو الله سبحانه.

والتعبير بلفظ الغائب للتعظيم، كقول بعض الخلفاء: الأمير يأمرك بكذا.

وكسر الباء، ولام الامر، ولام الإضافة داخلا على المظهر، وحق الحروف المفردة الفتح، لاختصاصها بلزوم الجر والامتياز عن لام الابتداء، وإنما كان حقها ذلك لأنها أخت السكون في الخفة.

والاسم عند أهل البصرة من الأسماء المحذوفة الاعجاز، لكثرة الاستعمال، المبنية أوائلها على السكون، وهي عشرة: اسم واست، وابن وابنة وابنم، و اثنان واثنتان، وامرؤ وامرأة وأيمن في القسم عند البصرية، ادخل عليها مبتدأ بها همزة الوصل، لان من رأيهم أن يبتدؤا بالمتحرك ويقفوا على الساكن، ومنهم من ابتدأ بتحريك الساكن، فقال: سم وسم فقال: بسم الذي في كل سورة سمه واشتقاقه من السمو، لأنه رفعة للمسمى وإشارة إليه، ويدل عليه تصريفه على أسماء وأسامي، وسمي وسميت، ومجئ سمى كهدى، قال: والله أسماك سمى مباركا * آثرك الله به تباركا (45) - ومن المقلوبة الأوائل عند الكوفيين، أصله (وسم) قلبت واوه همزة.

وقيل: حذفت واوه وعوضت عنها همزة الوصل، ليقل إعلاله.

ورد بأن الهمزة لم تعهد داخلة على ما حذف صدره في كلامهم.

ورد بأن كلمة اتصر قد حذفت منها التاء وأدخلت عليها الهمزة.

ورد ذلك بأن غير المعهود ما حذف صدره وأدخلت عليه الهمزة، وهو ليس كذلك.

وأجيب بكلمة (أكرم) فإنه حذف منه الهمزة التي )هي( صدره وأدخل عليه همزة المتكلم، فتأمل.

والمراد منه اللفظ المغاير للمسمى، الغير المتألف من الأصوات، المتحد باختلاف الأمم والاعصار، وإرادة المسمى منه بعيد، لعدم اشتهاره بهذا المعنى، وقوله تعالى: " سبح اسم ربك الاعلى " (46).

المراد منه تنزيه اللفظ، أو هو مفحم فيه، كقوله: إلى الحول ثم اسم السلام عليكما *.

(47) - ورأي أبي الحسن الأشعري، أن المراد بالاسم الصفة، وهو ينقسم عنده إلى ما هو نفس المسمى، وإلى ما هو غيره، وإلى ما ليس هو ولا غيره.

قيل: وهو عند أهل الظاهر من الألفاظ، فعلى هذا لا يصح قولهم: الاسم عين المسمى.

وعند الصوفية عبارة عن ذات الحق والوجود المطلق، إذا اعتبرت مع صفة معنية وتجل خاص، فالرحمن مثلا، هو الذات الإلهية مع صفة الرحمة، والقهار مع صفة القهر، فعلى هذا الاسم عين المسمى بحسب التحقق والوجود وإن كان غيره بحسب التعقل، والأسماء الملفوظة هي أسماء هذه الأسامي، وإضافته إلى الله على التقديرين لامية، والمراد به بعض أفراده التي من جملتها الله والرحمن والرحيم.

ويمكن أن تراد به هذه الأسماء بخصوصها بقرينة التصريح بها.

ويحتمل أن تكون الإضافة بيانية، أما على التقدير الثاني فظاهرة، وأما على الأول فبأن يراد بالأسماء الثلاثة أنفسها لا معانيها، ويكون الرحمن الرحيم جاريين على الله على سبيل الحكاية عما أريد به من المعنى، والاستعانة والتبرك بالألفاظ بإجرائها على اللسان وإخطار معانيها بالبال، وبالمعاني بإخطارها بالبال وإجراء ما ناسبها على اللسان.

واقحم الاسم لكون التبرك والاستعانة باسمه، والفرق بين اليمين واليمن، ولم يكتب الألف لكثرة الاستعمال، وتطويل الباء عوض عنه.

" والله ": أصله الاله - فحذفت الهمزة وعوض عنها حرف التعريف، ولذلك قيل (يا الله) بالقطع - علم الذات الواجب المستحق لجميع المحامد، وقد يستعمل في المعبود بالحق مجازا.

والدليل على الأول أن كلمة (لا إله إلا الله) يفيد التوحيد من غير اعتبار عهد و غلبة ضرورة، وبالاتفاق من الثقات، فلو لم يكن علما لم يكن مفيدا، وهو ظاهر.

وعلى الثاني قوله تعالى: " وهو الله في السماوات " (48) قيل: لو لم يكن علما.

فالمراد بكلمة (إله) الواقعة اسم (لا) أما مطلق المعبود، فيلزم الكذب، أو المعبود بالحق فيلزم استثناء الشئ عن نفسه.

ورد، بأن المراد المعبود بالحق، ولا يلزم استثناء الشئ عنه، لان كلمة (الله) صارت بالغلبة مختصة بفرد من مفهومها.

وقيل: لأنه يوصف ولا يوصف به، ولأنه لابد له من اسم يجري عليه صفاته ولا يصلح له مما يطلق عليه سواه.

ورد بأنه يمكن أن يقال: إنه كان في الأصل وصفا لكنه لما غلب عليه بحيث لا يستعمل في غيره، صار كالعلم، مثل: الثريا والصعق، أجري مجراه في إجراء الوصف عليه.

واستدل الذاهبون إلى أنه كان في الأصل وصفا فغلب، بأن ذاته من حيث هو بلا اعتبار أمر حقيقي أو غيره غير معقول للبشر، فلا يمكن أن يدل عليه بلفظ، وبأنه لو دل على مجرد ذاته المخصوصة لما أفاد ظاهر قوله تعالى: " وهو الله في السماوات " معنى صحيحا، وبأن معنى الاشتقاق هو كون أحد اللفظين مشاركا للآخر في المعنى والتركيب، وهو حاصل بينه وبين بعض الألفاظ.

والجواب عن الأول: أنه يكفي في الوضع ملاحظة الذات المخصوصة بوجه، وهو معقول للبشر.

وعن الثاني: بأنا قد بينا أنه يطلق على مفهوم المعبود مجازا.

وعن الثالث: بأن اشتقاقه من لفظ آخر لا ينافي علميته، لجواز اشتقاق لفظ من لفظ ثم وضعه لشئ مخصوص.

واشتقاقه من أله آلهة وألوهة وألوهية بمعنى عبد، ومنه تأله واستأله، فالإله المعبود.

أو من أله إذا تحير، إذ العقول تحير في معرفته.

أو من ألهت فلانا أي سكنت إليه، لان القلوب تطمئن بذكره والأرواح تسكن إلى معرفته.

أو من أله إذا فزع من أمر نزل عليه.

أو ألهه أجاره، إذ العابد يفزع إليه، أو هو يجيره حقيقة، أو بزعمه إذا أطلق على غير الله كاطلاقهم الاله على الصبح.

أو من أله الفصيل إذا ولع بأمه، إذ العباد يولعون بالتضرع إليه في الشدائد.

أو من وله إذا تحير وتخبط عقله.

وكان أصله (ولاه) فقلبت الواو همزة، لاستثقال الكسرة عليها استثقال الضمة، في وجوه، فقيل: أله كأعاء وأشاح.

ويرده الجمع على آلهة دون أولهة.

و قيل: أصله (لاه) مصدر لاه يليه ليها ولاها إذا احتجب أو ارتفع، لأنه تعالى محجوب عن إدراك الابصار ومرتفع على كل شئ وعما لا يليق به، ويشهد له قول الشاعر: كحلفة من أبي رباح * يسمعها لاهه الكبار (49) وقيل: أصله (لاها) بالسريانية، فعرب بحذف الألف الأخيرة وإدخال اللام عليه، قيل: تفخيم لامه إذا انفتح ما قبله أو انضم سنة، وقيل: مطلقا، وحذف ألفه لحن تفسد به الصلاة، ولا ينعقد به صريح اليمين، وقد جاء لضرورة الشعر.

ألا لا بارك الله في سهيل * إذا ما الله بارك في الرجال (50) هذا أصله، ثم وضع علما للذات المخصوصة.

قيل: وهو اسم الله الأعظم، لأنه لا يخرج بالتصرف فيه ما أمكن عن معنى.

وفي تهذيب الأحكام: محمد بن علي بن محبوب، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن حماد بن زيد، عن عبد الله يحيى الكاهلي، عن أبي عبد الله، عن أبيه (عليهما السلام) قال: " بسم الله الرحمن الرحيم " أقرب إلى اسم الله الأعظم من ناظر العين إلى بياضها (51).

وفي مهج الدعوات: بإسنادنا إلى محمد بن الحسن الصفار، من كتاب فضل الدعاء بإسناده إلى معاوية بن عمار، عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: " بسم الله الرحمن الرحيم " من اسم الله الأكبر، أو قال: الأعظم (52).

وبرواية ابن عباس قال (صلى الله عليه وآله): " بسم الله الرحمن الرحيم " اسم من أسماء الله الأكبر، وما بينه وبين اسم الله الأكبر، إلا كما بين سواد العين و بياضها (53).

الرحمن الرحيم: صفتان للمبالغة، من رحم بالضم، كالغضبان من غضب، والعليم من علم، بعد نقله إلى فعل.

وهي انعطاف للقلب يصير سبب الاحسان.

و منه الرحم، لانعطافها على ما فيها.

وأسماء الله تعالى تؤخذ باعتبار الغايات التي هي الافعال، دون المبادئ التي هي الانفعالات.

وفي نهج البلاغة: رحيم لا يوصف بالرقة (54).

وفي كتاب الإهليلجة، قال الصادق (عليه السلام): إن الرحمة وما يحدث لنا، منها شفقة، ومنها جود، وإن رحمة الله ثوابه لخلقه، والرحمة من العباد شيئان، أحدهما يحدث في القلب الرأفة والرقة لما نرى بالمرحوم من الضرر والحاجة وضروب البلاء، والآخر ما بعد الرقة واللطف على المرحوم، والرحمة منا ما نزل به، وقد يقول القائل: أنظر إلى رحمة فلان، وإنما يريد الفعل الذي حدث عن الرقة التي في قلب فلان، و إنما يضاف إلى الله عز وجل من فعل ما حدث عنا من هذه الأشياء، وأما المعنى الذي هو في القلب فهو منفي عن الله كما وصف عن نفسه، فهو رحيم لا رحمة رقة (55).

وفي الرحمن من المبالغة ما ليس في الرحيم، لان زيادة البناء يكون لزيادة المعنى، كما يكون للالحاق والتزيين، ويكون ذلك باعتبار الكمية أو الكيفية.

فعلى الأول يقال: رحمن الدنيا، لأنه يعم المؤمن والكافر، ورحيم الآخرة لأنه يخص المؤمن.

وعلى الثاني رحمن الدنيا والآخرة ورحيم الدنيا، لان النعم الأخروية كلها جسام، وأما الدنيوية فجليلة وحقيرة.

وقدم - والقياس يقتضي الترقي من الأدنى إلى الاعلى - لأنه صار كالعلم من حيث إنه لا يوصف به غيره، أو لان الرحمن لما دل على أصول النعم، ذكر الرحيم ليشمل ما يخرج منها فيكون كالتتمة له، أو للمحافظة على رؤوس الآي، أو لتقدم نعم الدنيا، أو لما ذهب إليه الصوفية من أن الرحمة هي الوجود، فإن اعتبرت من حيث وحدتها وإطلاقها نظرا إلى محتدها، اشتق منه الرحمن، وإن اعتبرت من حيث تخصصها وتخصيصها باعتبار متعلقاتها، اشتق منه الرحيم، ولا شك أن الحيثية الأولى متقدمة على الثانية.

وهو غير منصرف حملا على نظيره في بابه، وإن منع اختصاصه بالله أن يكون له مؤنث على فعلى أو فعلانة.

وفي الحديث: إذا قال العبد " بسم الله الرحمن الرحيم " قال الله عز وجل: بدأ عبدي باسمي، حق علي أن أتمم أموره، وأبارك له في أحواله (56).

وفي الكافي: محمد بن يحيى، عن علي بن الحسين بن علي، عن عباد بن يعقوب، عن عمرو بن مصعب، عن فرات بن أحنف، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقول: أول كل كتاب نزل من السماء " بسم الله الرحمن الرحيم " فإذا قرأت " بسم الله الرحمن الرحيم " فلا تبالي أن لا تستعيذ، وإذا قرأت " بسم الله الرحمن الرحيم " سترك فيما بين السماء والأرض (57).

وفي أصول الكافي: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عمر بن عبد العزيز، عن جميل بن دراج قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لا تدع " بسم الله الرحمن الرحيم " وإن كان بعده شعر (58).

عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن علي، عن الحسن بن علي، عن يوسف بن عبد السلام، عن سيف بن هارون - مولى آل جعدة - قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): أكتب " بسم الله الرحمن الرحيم " من أجود كتابك، ولا تمد الباء حتى ترفع السين (59).

عنه، عن علي بن حكم، عن الحسن بن السري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا تكتب " بسم الله الرحمن الرحيم " لفلان، ولا بأس أن تكتب على ظهر الكتاب: لفلان (60).

عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن إدريس الحارثي، عن محمد بن سنان، عن مفضل بن عمر قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): احتجبوا من الناس كلهم ب? " بسم الله الرحمن الرحيم " وب? " قل هو الله أحد " اقرأها عن يمينك، وعن شمالك، ومن بين يديك، ومن خلفك، ومن فوقك، ومن تحتك.

فإذا دخلت على سلطان جائر، فاقرأها حين تنظر إليه ثلاث مرات، واعقد بيدك اليسرى، ثم لا تفارقها حتى تخرج من عنده (61).

وفي كتاب التوحيد بإسناده إلى أبي عبد الله (عليه السلام)، في حديث طويل فيه: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من حزنه أمر يتعاطاه فقال: " بسم الله الرحمن الرحيم " وهو مخلص لله ويقبل بقلبه إليه، لم ينفك من إحدى اثنتين: إما بلوغ حاجته في الدنيا، وإما يعد له ويدخر لديه، وما عند الله خير وأبقى للمؤمنين (62).

وفيه عن الصادق (عليه السلام) في حديث طويل، فيه: ولربما ترك بعض شيعتنا في افتتاح أمره " بسم الله الرحمن الرحيم " فيمتحنه الله عز وجل بمكروه، لينبهه على شكر الله تبارك وتعالى والثناء عليه، ويمحق عنه وصمة تقصيره عند تركه قول: بسم الله (63).

وفي عيون الأخبار، في تأويل " بسم الله الرحمن الرحيم " بإسناده إلى الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه قال: سألت الرضا (عليه السلام) عن " بسم الله الرحمن الرحيم "، قال: معنى قول القائل: بسم الله، أسم على نفسي بسمة من سمات الله عز وجل، وهي العبادة قال: فقلت له: ما السمة؟قال: العلامة (64).

وبالاسناد إلى عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن " بسم الله الرحمن الرحيم "، فقال: الباء بهاء الله، والسين سناء الله، والميم مجد الله (65).

وروى بعضهم: الميم ملك الله، والله إله كل شئ، الرحمن بجميع خلقه، والرحيم بالمؤمنين خاصة (66).

وفي كتاب التوحيد بإسناده إلى صفوان بن يحيى، عمن حدثه، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أنه سئل عن " بسم الله الرحمن الرحيم "، فقال: الباء بهاء الله، والسين سناء الله، والميم ملك الله، قال: قلت: (الله) قال: الألف آلاء الله على خلقه من النعيم بولايتنا، واللام إلزام الله خلقه ولايتنا، قلت: (فالهاء)؟قال: هوان لمن خاف محمدا وآل محمد (صلوات الله عليهم)، قلت: (الرحمن)؟قال: بجميع العالم، قلت: (الرحيم)؟قال: بالمؤمنين خاصة (67).

وبإسناده إلى الحسن بن راشد، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام) قال: سألته عن معنى (الله)، قال: استولى على ما دق وجل (68).

وخص التسمية بهذه الأسماء، ليعلم العارف أن الحقيق لان يستعان به في جميع الأمور هو المعبود الحقيقي الذي هو مولى النعم كلها عاجلها وآجلها، جليلها و حقيرها، فيتوجه بشراشره إلى جنابه.

الحمد الله: الحمد هو الثناء باللسان على الجميل الاختياري من نعمة أو غيرها.

والمدح هو الثناء على الجميل مطلقا.

وفي الكشاف: أنهما أخوان (69)، لتخصيصه المدح أيضا بالجميل الاختياري، وقد صرح به في تفسير قوله تعالى: " ولكن الله حبب إليكم الايمان " (70).

لا يقال: إذا خص الحمد بالجميل الاختياري، لزم أن لا يحمد الله تعالى على صفاته الذاتية كالعلم والقدرة والإرادة، بل اختص بأفعاله الصادرة عنه باختياره.

لأنا نقول: تجعل تلك الصفات لكون ذاته كافية فيها، بمنزلة أفعال اختيارية يستقل بها فاعلها.

ولا يخفى على المتأمل أن ذلك الجعل لا يقتضي صحة الحمل على الصفات الذاتية، بل يقتضي صحة إطلاق لفظ الحمد على الثناء على صفاته تجوزا، وأين أحدهما عن الآخر.

وحقيقته عند العارفين إظهار كمال المحمود قولا أو فعلا أو حالا، سواء كان ذلك الكمال اختياريا أو غير اختياري، والشكر مقابلة النعمة قولا وعملا واعتقادا، قال: أفادتكم النعماء مني ثلاثة * يدي ولساني والضمير المحجبا - فهو أعم منهما من وجه، وأخص من آخر.

ولما كان الحمد من شعب الشكر أشيع للنعمة وأدل على مكانها، لخفاء الاعتقاد وما في آداب الجوارح من الاحتمال، جعل رأس الشكر والعمدة فيه، فقال (عليه السلام): الحمد لله رأس الشكر، ما شكر الله من لم يحمده (71).

والذم نقيض الشكر، ورفعه بالابتداء وخبره لله، وأصله النصب وقد قرئ به.

وإنما عدل به إلى الرفع دلالة على الدوام والثبات.

وقرئ " الحمد لله " باتباع الدال اللام وبالعكس، تنزيلا لهما لكثرة استعمالهما معا بمنزلة كلمة واحدة، كقولهم: منحدر الجبل ومغبره.

واللام فيه لتعريف الجنس، وهو الإشارة إلى ما يعرفه كل أحد من معنى الحمد، بناء على أن الاختصاص يكون حينئذ مستفادا من جوهر الكلام من غير استعانة بالأمور الخارجة، ويكون مستلزما لاختصاص جميع الافراد، و للاستغراق بناء على أن المتبادر إلى الذهن من المحلى بلام الجنس في المقامات الخطابية هو الاستغراق، وهو الشائع في الاستعمال، وحينئذ يكون اختصاص الافراد مصرحا به.

فإن قلت: لا يصح تخصيص جنس الحمد ولا تخصيص أفراده به، فإن خلق الافعال إن كان من عند الله فللكسب فيه مدخل، فرجع إليه بهذا الاعتبار، وأما عند المعتزلة فلان خالق الافعال هو العبد، وبمجرد تمكين الله وإقداره عليها لا يختص الحمد به، بل يرجع إليه سبحانه أيضا كل باعتبار، وهو لا يفيد التخصيص بل الاشتراك.

قلت: لا يبعد أن يقال: إنه جعل الجنس في المقام الخطابي منصرفا إلى الكامل، كأنه كل الحقيقة، فاختص الجنس من حيث هو أو أفراده به سبحانه.

فإن قلت: كيف يصح قصد تخصيص الجنس أو أفراده والحال أن قوله تعالى: الحمد لله، كان في الأصل: أحمد الله حمدا، أو نحمده حمدا، فلا يكون المراد إلا الحمد المستند إلى المتكلم الواحد، أو مع الغير، فبعد إفادة الكلام التخصيص لا يفيد إلا تخصيص المخصوص لا مطلقا.

قلت: كما أنه في صورة الرفع يتجرد الكلام عن التجدد والحدوث، كذلك يتجرد من النسبة إلى فاعل مخصوص، وأيضا يمكن أن يكون صيغة المتكلم مع الغير على ألسنة جميع الحامدين حقا وخلقا.

ثم قيل: إعلم أنه إذا كان الحامد في مقام الجمع، فالمناسب أن يحمل اللام على الجنس، وإن كان في مقام الفرق قبل الجمع فالمناسب الاستغراق ولكن بالتأويل، وإن كان في مقام الفرق بعد الجمع فالمناسب الاستغراق ولكن بلا تأويل، وإن كان في مقام جمع الجمع فالمناسب الجنس والاستغراق معا من غير احتجاب بأحدهما عن الآخر.

ثم اعلم أنه يمكن أن يراد بالحمد الحامدية والمحمودية جميعا بناء على أنه مشترك معنوي، فإنه فعل واحد بين الحامد والمحمود، وإذا اعتبرت نسبته إلى الحامد يكون حامدية، وإن اعتبرت إلى المحمود يكون محمودية.

أو لفظي ويجوز استعمال المشترك في معنييه أو معانيه كما ذهب إليه المحققون، أو يكون مجازا عن معنى مشترك بين المعنيين.

رب العلمين: الرب في الأصل: هو المالك، فهو إما صفة مشبهة من فعل متعد لكن بعد جعله لازما من (ربه يربه) بفتح العين في الماضي وضمها في الغابر، وإما وصف بالمصدر للمبالغة كما وصف بالعدل، وهو مفرد لا يطلق على غير الله إلا نادرا، وقرئ بالنصب على المدح أو النداء، أو بالفعل الذي دل عليه الحمد.

قيل: هذا الاسم يفيد إثبات خمسة أحكام للحق سبحانه وتعالى، وهي: الثبات، والسيادة، والاصلاح، والملك، والتربية.

لان الرب في اللغة هو المصلح، والسيد، والمالك، والثابت، والمربي، ففيه دليل على أن الممكنات كما هي مفتقرة إلى المحدث حال حدوثها، مفتقرة إلى المبقي حال بقائها.

والعالم: اسم لما يعلم به، كالخاتم لما يختم به، غلب فيما يعلم به الصانع مما سوى الله من الجواهر والاعراض، فإنها لامكانها وافتقارها إلى مؤثر واجب لذاته تدل على وجوده.

وقيل: اسم لذوي العلم من الملائكة والثقلين، وتناوله لغيرهم على سبيل الاستتباع.

وقيل: عنى به الناس هنا، فإن كل واحد منهم عالم من حيث أنه يشمل على نظائر ما في العالم الكبير من الجواهر والاعراض، يعلم بها الصانع كما يعلم بما أبدعه في العالم، ولذلك سوى بين النظر فيهما، وقال: " وفي أنفسكم أفلا تبصرون " (72).

وإنما جمع لئلا يتوهم أن القصد إلى استغراق أفراد جنس واحد مما سمي به، أو إلى حقيقة القدر المشترك، فلما جمع، وأشير بصيغة الجمع إلى تعدد الأجناس، و بالتعريف إلى استغراق أفرادها، أزال التوهم بلا شبهة.

وإنما جمعه بالواو والنون، مع أنه مختص بصفات العقلاء أو ما في حكمها من أعلامهم، لمشابهته الصفة في دلالته على الذات، باعتبار معنى هو كونه يعلم أو يعلم به، واختصاصه بأولي العلم حقيقة أو تغليبا.

وقيل: وصفيته العالمين إنما هي بتقدير ياء النسبة، يعنى العالميين، كالأعجمين بمعنى الأعجميين، واختصاصه بأولي العلم على سبيل التغليب.

ويمكن أن يجعل جمعه بالواو والنون إشارة إلى سريان الصفات الكمالية من العلم والحياة وغيرهما في كل موجود من الموجودات، فالكل أولو العلم، وقد ذهب إليه بعض، كما يعلم من عبارة بعض.

وعن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث طويل، وفيه: لعلك ترى أن الله إنما خلق هذا العالم الواحد أو ترى أن الله لم يخلق بشرا غيركم، بلى - والله - لقد خلق ألف ألف عالم، وألف ألف آدم، أنت في آخر تلك العوالم وأولئك الآدميين (73).

وفي كتاب الخصال بإسناده إلى أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال في حديث طويل: إن علم عالم المدينة ينتهي إلى حيث لا يقفو الأثر ويزجر الطير، ويعلم ما في اللحظة الواحدة مسيرة الشمس تقطع اثني عشر بروجا واثني عشر برا واثني عشر بحرا، واثني عشر عالما (74).

وبإسناده إلى العباد بن عبد الخالق، عمن حدثه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن لله عز وجل اثني عشر ألف عالم، كل عالم منهم أكبر من سبع سماوات و سبع أرضين، ما يرى عالم منهم أن لله عز وجل عالما غيرهم، وأنا الحجة عليهم (75).

وفي عيون الأخبار: حدثنا محمد بن القاسم الأسترآبادي المفسر (رضي الله عنه) قال: حدثني يوسف بن محمد بن زياد، وعلي بن محمد بن سيار، عن أبو يهما، عن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) قال: جاء رجل إلى الرضا (عليه السلام) فقال: يا بن رسول الله، أخبرني عن قول الله تعالى: " الحمد لله رب العالمين " ما تفسيره؟فقال: لقد حدثني أبي عن جدي، عن الباقر، عن زين العابدين، عن أبيه (عليهم السلام)، أن رجلا جاء إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: أخبرني عن قول الله تعالى: " الحمد لله رب العالمين " ما تفسيره؟فقال: الحمد لله، هو أن عرف عباده بعض نعمه عليهم جملا، إذ لا يقدرون على معرفة جميعها بالتفصيل، لأنها أكثر من أن تحصى أو تعرف، فقال لهم: قولوا: الحمد لله على ما أنعم به علينا رب العالمين، وهم الجماعات من كل مخلوق من الجمادات والحيوانات.

فأما الحيوانات فهو يقلبها في قدرته، ويغذوها من رزقه، ويحوطها بكنفه، ويدبر كلا منها بمصلحته، وأما الجمادات فهو يمسكها بقدرته، ويمسك المتصل منها أن يتهافت، ويمسك المتهافت منها أن يتلاصق، ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، ويمسك الأرض أن تنخسف إلا بأمره، إنه بعباده رؤوف رحيم.

قال (عليه السلام): ورب العالمين: مالكهم وخالقهم وسائق أرزاقهم إليهم من حيث يعلمون ومن حيث لا يعلمون، فالرزق مقسوم، وهو يأتي ابن آدم على أي سيرة سارها من الدنيا، ليس تقوى متق بزائده، ولا فجور فاجر بناقصه، وبينه و بينه ستر وهو طالبه، فلو أن أحدكم يفر من رزقه لطلبه رزقه كما يطلبه الموت، فقال الله جل جلاله: قولوا: الحمد لله على ما أنعم به علينا وذكرنا به من خير، في كتب الأولين قبل أن نكون، ففي هذا إيجاب على محمد وآل محمد (صلوات الله عليهم) وعلى شيعتهم أن يشكروه بما فضلهم، وذلك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: لما بعث الله عز وجل موسى بن عمران (عليه السلام) واصطفاه نجيا وفلق له البحر ونجى بني إسرائيل وأعطاه التوراة والألواح، رأى مكانه من ربه عز وجل فقال: يا رب أكرمتني بكرامة لم تكرم بها أحدا قبلي.

فقال الله جل جلاله: يا موسى، أما علمت أن محمدا أفضل عندي من جميع ملائكتي وجميع خلقي؟قال موسى: يا رب، فإن كان محمد أكرم عندك من جميع خلقك، فهل في آل الأنبياء أكرم من آلي؟قال الله جل جلاله: يا موسى، أما علمت أن فضل آل محمد على جميع آل النبيين كفضل محمد على جميع المرسلين؟فقال موسى: يا رب، فإن كان آل محمد كذلك، فهل في أمم الأنبياء أفضل عندك من أمتي، ظللت عليهم الغمام، وأنزلت عليهم المن والسلوى، وفلقت لهم البحر؟فقال الله جل جلاله: يا موسى أما علمت أن فضل أمة محمد على جميع الأمم كفضله على جميع خلقي؟فقال موسى: يا رب، ليتني كنت أراهم.

فأوحى الله عز وجل إليه يا موسى، إنك لن تراهم، وليس هذا أوان ظهورهم، ولكن سوف تراهم في الجنات جنات عدن والفردوس بحضرة محمد في نعيمها يتقلبون، وفي خيراتها يتبجبجون، أفتحب أن أسمعك كلامهم؟قال: نعم إلهي.

قال الله جل جلاله: قم بين يدي واشدد مئزرك قيام العبد الذليل بين يدي الملك الجليل.

ففعل ذلك موسى (عليه السلام)، فنادى ربنا عز وجل يا أمة محمد فأجابوه كلهم وهم في أصلاب آبائهم وأرحام أمهاتهم: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة والملك لك لا شريك لك.

قال: فجعل الله عز وجل تلك الإجابة شعار الحاج، ثم نادى ربنا عز وجل: يا أمة محمد، إن قضائي عليكم أن رحمتي سبقت غضبي، و عفوي قبل عقابي، فقد استجبت لكم من قبل أن تدعوني، وأعطيتكم من قبل أن تسألوني، من لقيني منكم بشهادة (أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، صادق في أقواله، محق في أفعاله، وأن علي بن أبي طالب أخوه و وصيه من بعده ووليه، ويلتزم طاعته كما يلتزم طاعة محمد، وأن أولياءه المصطفين الطاهرين المطهرين المنبئين بعجائب آيات الله ودلائل حجج الله من بعدهما أولياؤه أدخلته جنتي وإن كانت ذنوبه مثل زبد البحر قال: فلما بعث الله عز وجل نبينا محمدا (صلى الله عليه وآله) قال: يا محمد، وما كنت بجانب الطور إذ نادينا أمتك بهذه الكرامة، ثم قال الله عز وجل لمحمد (صلى الله عليه وآله): قل: الحمد لله رب العالمين على ما اختصني به من هذه الفضيلة، وقال لامته: قولوا أنتم: الحمد لله رب العالمين على ما اختصنا به من هذه الفضائل (76).

وفي الحديث: إذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال الله: حمدني عبدي وعلم أن النعم التي له من عندي، وأن البلايا التي اندفعت عنه بتطولي، أشهدكم أني أضيف له إلى نعم الدنيا نعم الآخرة، وأدفع عنه بلايا الآخرة كما دفعت عنه بلايا الدنيا (77).

الرحمن الرحيم: قد مر تفسيرهما وكرره للتفصيل.

ويحتمل أن يكون المراد ب? (الرحمن الرحيم) في البسملة، هو المتجلي بصور الأعيان الثابتة بفيضه الأقدس، فإنه تعالى باعتبار عموم هذا الفيض وإطلاقه هو الرحمن، وباعتبار تخصصه وتخصيصه هو الرحيم.

والمراد بهما فيما بعدها هو المتجلي بصور الأعيان الوجودية بالاعتبارين المذكورين.

وقيل: ذكر الرحمة بعد ذكر العالمين وقبل ذكر (ملك يوم الدين) ينطوي على فائدتين عظيمتين في تفصيل مجاري الرحمة.

إحداهما تنظر إلى الرحمة في خلق العالمين، وأنه خلقها على أكمل أنواعها و آتاها كلما احتاجت إليه.

وأخراهما يشير إلى الرحمة في المعاد يوم الجزاء، عند الانعام بالملك المؤبد في مقابلة كلمة وعبادة، وهو يلائم ما ورد من قولهم: يا رحمن الدنيا ورحيم الآخرة، حيث قورن الرحمن ب? (رب العالمين) المشير إلى المبدأ، والرحيم ب? (ملك يوم الدين) المشير إلى المعاد.

وفي من لا يحضره الفقيه فيما ذكره الفضل من العلل عن الرضا (عليه السلام) أنه قال، بعد أن شرح رب العالمين: " الرحمن الرحيم " استعطاف وذكر لآلائه و نعمائه على جميع خلقه (78).

وفي تفسير علي بن إبراهيم في الموثق عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال بعد أن شرح الحمد لله رب العالمين: الرحمن بجميع خلقه، الرحيم بالمؤمنين خاصة (79).

وفي الحديث: إذا قال العبد: " الرحمن الرحيم " قال الله تعالى: شهد لي بأني الرحمن الرحيم، أشهدكم لأوفرن من رحمتي حظه، ولأجزلن من عطائي نصيبه.

ملك يوم الدين: وقرئ مالك وملك بتخفيف اللام، وملك بصيغة الفعل و نصب اليوم، وملك ومالك بالنصب على المدح والحال.

ويحتمل النداء، ومالك بالرفع منونا ومضافا على أنه خبر مبتدأ محذوف، ويعضد قراءته على اسم الفاعل قوله تعالى: " يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والامر يومئذ لله " (80).

وعلى الصفة المشبهة قوله تعالى: " لمن الملك " (81)، وهي أولى لأنها قراءة أهل الحرمين، ولان بعض معاني الرب هو المالك فذكره ثانيا لا يخلو عن تكرار.

ولان الآخر وهو سورة الناس نظير الأول، والمذكور فيها بعد ذكر الرب، هو الملك لا المالك.

ولان للملك زيادة عموم ليست للمالك، لان ما تحت حياطة الملك، من حيث أنه ملك أكثر مما تحت حياطة المالك، فإن الشخص يوصف بالمالكية نظرا إلى أقل قليل، ولا يوصف بالملكية إلا بالنظر إلى أكثر كثير، وللتناسب الحاصل بينه وبين الآيتين الأولتين.

ويوم الدين: يوم الجزاء، وقيل: زمان الجزاء، ومنه: " كما تدين تدان " (82).

و بيت الحماسة: ولم يبق سوى العدوان * دناهم كما دانوا (83) - وفي اختياره على سائر الأسامي رعاية للفواصل، وإفادته للعموم، فإن الجزاء يتناول جميع أحوال القيامة إلى السرمد.

وللدين معان أخر، مثل العبادة والطاعة والشريعة والشأن.

ودانه في اللغة: أذله واستعبده وساسه وملكه (84).

ويمكن حمله على كل واحد، بل على الكل بالمرة، وقد يظهر وجهه بصدق التأمل.

وأما إضافة " ملك يوم الدين " من قبيل إضافة الصفة المشبهة إلى غير معمولها كما في رب العالمين فتكون حقيقية لا لفظية فان اللفظية إضافتها إلى الفاعل لا غير، فيصح جعله صفة لله.

وأما إضافة " مالك يوم الدين " فمن قبيل إضافة اسم الفاعل إلى الظرف على سبيل التجوز، وهي أيضا حقيقية، لان المراد به الاستمرار أو الماضي، لا الحال والاستقبال.

ويصح جعل مالكيته اليوم مستمرة، مع أن يوم الدين وما فيه ليس مستمرا في جميع الأزمنة، لكونه لتحقق وقوعه وبقائه أبدا كالمتحقق المستمر، كما يصح جعله لتحقق وقوعه كالماضي.

وتخصيص اليوم بالإضافة إما لتعظيمه، أو لتفرده تعالى بنفوذ الامر فيه.

ولما دل بلامي التعريف والاختصاص على أن جنس الحمد مختص به وحق له، أجرى عليه تلك الأوصاف العظام، ليكون حجة قاطعة على انحصار الحمد فيه واستحقاقه إياه.

فذكر أولا: ما يتعلق بالابداء من كونه ربا مالكا للأشياء كلها بإفاضة الوجود عليها وأسباب الكمالات لها.

وثانيا: ما يتعلق بالبقاء، من إسباغه عليها نعما ظاهرة وباطنة، جليلة ودقيقة.

وثالثا: ما يتعلق بالإعادة، من كونه مالكا للامر كله يوم الجزاء، فلا يستأهل غيره أن يحمد فضلا من أن يعبد.

قال الإمام الحسن العسكري (عليه السلام): قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه): يوم الدين، هو يوم الحساب، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: ألا أخبركم بأكيس الكيسين وأحمق الحمقى؟قالوا: بلى يا رسول الله.

قال: أكيس الكيسين من حاسب نفسه وعمل لما بعد الموت، وإن أحمق الحمقى من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله تعالى الأماني.

فقال الرجل: يا أمير المؤمنين، فكيف يحاسب الرجل نفسه؟قال: إذا أصبح ثم أمسى رجع إلى نفسه فقال: يا نفس، إن هذا يوم مضى عليك لا يعود إليك أبدا، والله تعالى يسألك منه بما أفنيته، وما الذي عملت فيه؟أذكرت الله، أحمدته، أقضيت حوائج مؤمن، أنفست عنه كربته، أحفظته بظهر الغيب في أهله وولده، أحفظته بعد الموت في مخلفيه، أكففت عن غيبة أخ مؤمن بفضل جاهك، أأعنت مسلما، ما الذي صنعت فيه؟؟؟فيذكر ما كان منه، فإن ذكر أنه جرى منه خير حمد الله تعالى وشكره على توفيقه، وإن ذكر معصية أو تقصيرا استغفر الله تعالى وعزم على ترك معاودته، و محى ذلك عن نفسه بتجديد الصلاة على محمد وآله الطيبين، وعرض بيعة أمير المؤمنين علي (عليه السلام) على نفسه وقبولها لها، وإعادته لعن أعداءه وشانئيه ودافعيه عن حقوقه، فإذا فعل ذلك قال الله تعالى: لست أناقشك في شئ من الذنوب مع موالاتك أوليائي ومعاداتك أعدائي (85).

وفي الحديث: إذا قال العبد " مالك يوم الدين " قال الله تعالى: أشهدكم كما اعترف بأني مالك يوم الدين لأسهلن يوم الحساب حسابه، ولأثقلن حسناته، و لأتجاوزن عن سيئاته (86).

إياك نعبد وإياك نستعين: ذهب الزجاج إلى أن (إيا مظهر مبهم أضيف إلى الشئ بعده إزالة لابهامه، وكان إياك نفسك (87).

والخليل: إلى أنه مضمر مضاف إلى ما بعده، واحتج بما حكاه من بعض العرب: إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإيا الشواب (88).

ورد، بأن الضمير لا يضاف، وما نقل عن بعض العرب شاذ لا يعتمد عليه.

وابن كيسان وبعض الكوفية: إلى أن الكاف وأخواته هي الضمائر التي كانت متصلة و (إيا) دعامة لها لتصير منفصلة (89).

وقوم من الكوفة إلى أن (إياك) بكماله هو الضمير (90).

والأخفش إلى أن (إيا) ضمير منفصل، ولواحقه حروف لا محل لها من الاعراب، تدل على أحوال ما أريد به من الخطاب والتذكير والافراد وما يقابلها (91).

وقرئ (إياك) بتخفيف الياء، و (أياك) بفتح الهمزة وتشديد الياء و (هياك) بقلبها هاء.

والعبادة هي أقصى غاية الخضوع والتذلل، ومنه طريق معبد أي مذلل، وثوب ذو عبدة: إذا كان في غاية الصفاقة، ولذلك لا يستعمل إلا في الخضوع لله.

والاستعانة: طلب المعونة، وهي إما ضرورية لا يتأتى الفعل بدونها كاقتدار الفاعل وتصوره، وحصول آلة ومادة يفعل بها فيها، وعند استجماعها يوصف الرجل بالاستطاعة ويصح أن يكلف بالفعل، وغير ضرورية يسهل الفعل بها كالراحلة في السفر للقادر على المشي، أو يقرب الفاعل إلى الفعل ويحثه عليه، و هذا القسم لا يتوقف عليه صحة التكليف، هكذا قيل.

يقال: استعانه واستعان به، بمعنى، وإنما اختير استعماله بلا واسطة الحرف، إشارة إلى أن العبد ينبغي أن لا يرى بينه وبين الحق سبحانه واسطة في الاستعانة، بأن يقصر نظره إليه، أو يرى الوسائط منه.

وتقديم المفعول لقصد الاختصاص.

وتكريره ليكون نصا في اختصاص كل من العبادة والاستعانة به سبحانه.

وفي إيراد (إياك) دون (إياه) كما هو مقتضى الظاهر، التفات من الغيبة إلى الخطاب.

ومن النكت الخاصة في الالتفات من الغيبة إلى الخطاب في هذا المقام - بعد اشتماله على فائدة عامة، من جهة المتكلم وهي التصرف والافتنان في وجوه الكلام وإظهار القدرة عليها، ومن جهة المخاطب وهي فطرية نشاطة في سماع الكلام وإيقاظه للاصغاء إليه - أنه لما قال: (إياك) بدل (إياه) فقد نزل الغائب بواسطة أوصافه المذكورة - التي أوجبت تمييزه وانكشافه حتى صار كأنه تبدل خفاء غيبته بجلاء ظهوره - منزلة المخاطب في التميز والظهور، ثم أطلق عليه ما هو موضوع للمخاطب، ففي إطلاقه ملاحظة لتلك الأوصاف، فصار الحكم مرتبا على الأوصاف، كأنه قيل: أيها الموصوف المتميز بهذه الأوصاف، نخصك بالعبادة والاستعانة، فيفهم منه عرفا أن العبادة والاستعانة لتميزه بتلك الأوصاف.

ومنها: التنبيه على أن القراءة إنما يعتد بها إذا صدرت عن قلب حاضر وتأمل وافر، يجد القارئ في ابتداء قراءته محركا نحو الاقبال على منعمه الذي أجرى حمده على لسانه، ثم تزداد قوة ذلك المحرك بجنب إجراء تلك الصفات العظام حتى إذا آل الامر إلى خاتمتها أوجب إقباله عليه وخطابه بحصر العبادة والاستعانة فيه.

ومنها: الاعلام بأن الحمد والثناء ينبغي أن يكون على وجه يوجب ترقي الحامد من حضيض بعد الحجاب والمغايبة إلى ذروة قرب المشاهدة والمخاطبة.

ومنها: الإشارة إلى أن العبادة المستطابة، والاستعانة المستجابة في مقام العبودية، إنما يليق بهما أن تعبد ربك كأنك تراه وتخاطبه.

ومنها: الإشارة إلى أنه ينبغي أن يكون تالي كلامه سبحانه بحيث يتجلى له المتكلم فيه ويصير مشهودا له، ليخاطبه بتخصيص العبادة والاستعانة به، كما روى عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: لقد تجلى الله تعالى لعباده في كلامه ولكن لا يبصرون (92).

وعنه أيضا أنه خر مغشيا عليه وهو في الصلاة، فسئل عن ذلك، فقال: ما زلت أردد الآية حتى سمعتها من المتكلم بها (93).

الضمير المستكن في الفعلين للقارئ ومن معه من الحفظة، أو حاضري الجماعة، أو له ولسائر الموحدين، أو له فقط لاستجماعه القوى والحواس فكأن لكل منها عبادة واستعانة، أو لوصوله إلى مقام الجمع فيرى العبادات والاستعانات كلها صادرة عنه.

وتقديم العبادة على الاستعانة لرعاية الفاصلة، أو لان العبادة وسيلة إلى الاستعانة إن كان المراد بها الاستعانة على ما عدا العبادة من المهمات، ولا شك أن تقديم الوسيلة أدخل في استيجاب الإجابة.

وإن كان المراد بها الاستعانة على العبادة، أو الاستعانة مطلقا بحيث تدخل فيها العبادة أيضا، فوجه تقديمها ظاهر أيضا، لأنها مقصودة بالنسبة إلى الاستعانة وإن كان طلب المعونة على الشئ مقدما عليه.

وقيل: لا يبعد أن يجعل العبادة إشارة إلى الفناء في الله، لان غاية الخضوع هي الرجوع إلى العدم الأصلي، والاستعانة إشارة إلى طلب البقاء بعد الفناء لتسير السير في الله، وحينئذ وجه التقديم ظاهر كما لا يخفى، وفيه ما لا يخفى.

وإنما أطلق الاستعانة ولم يقيدها بكل مستعان فيه ولا ببعضه، ليحتمل الكل ويحمله القارئ على ما يناسب حاله.

وقرئ (نستعين) بكسر النون، وهي لغة تميم فإنهم يكسرون حرف المضارعة سوى الياء إذا لم ينضم ما بعدها.

وقيل: الواو للحال، والمعنى نعبدك مستعينين بك، فأقول: لما نسب المتكلم العبادة إلى نفسه أو هم ذلك تبجحا واعتدادا منه بما صدر عنه، فعقبه بقوله: " و إياك نستعين " ليدل على أن العبادة - أيضا - مما لا يتم ولا يستتب إلا بمعونة الله.

وفي الحديث، إذا قال العبد: " إياك نعبد " قال الله: صدق عبدي إياي يعبد، أشهدكم لأثيبه على عبادته ثوابا يغبطه كل من خالفه في عبادته لي، فإذا قال: " وإياك نستعين " قال الله: بي استعان وإلي التجأ أشهدكم لا عينه في شدائده ولأخذت بيده يوم نوائبه (94).

﴿اهدنا الصراط المستقيم ( 6) صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ( 7)﴾

اهدنا الصراط المستقيم: بيان للمعونة المطلوبة، أو إفراد لما هو المقصود الأعظم.

والهداية دلالة بلطف، ولذلك تستعمل في الخبر، فقوله تعالى: " فاهدوهم إلى صراط الجحيم " (95) على التهكم، ومنه الهدية، وهوادي الوحش لمقدماتها (96)، والفعل منه، هدى، وأصله أن يعدى باللام وإلى، فعومل معه معاملة - اختار - في قوله تعالى: (واختار موسى قومه) (97).

ومن هذا يظهر أن لا فرق بين المتعدي بنفسه والمتعدي بالحرف، لكن نقل (98) عن صاحب الكشاف: إن هداه لكذا وإلى كذا إنما يقال: إذا لم يكن فيه ذلك فيصل بالهداية إليه.

وهداه كذا لمن يكون فيه فيزداد أو يثبت ولمن لا يكون فيه فيصل.

وقد يقال: لا نزاع في الاستعمالات الثلاث، إلا أن منهم من فرق، بأن معنى المتعدي بنفسه هو الايصال إلى المطلوب، ولا يكون إلا فعل الله فلا يسند إلا إليه كقوله: " لنهدينهم سبلنا " (99) ومعنى المتعدي بحرف الجر هو الدلالة على ما يوصل إليه، فيسند تارة إلى القرآن، وأخرى إلى النبي (صلى الله عليه وآله) (100).

وهداية الله تتنوع أنواعا لا يحصيها عد، لكنها تنحصر في أجناس مترتبة: الأول: إفاضة القوى التي تمكن بها من الاهتداء إلى مصالحه، كالقوى العقلية، والحواس الباطنية، والمشاعر الظاهرة.

والثاني: نصب الدلائل الفارقة بين الحق والباطل والصلاح والفساد.

والثالث: بإرسال الرسل وإنزال الكتب.

والرابع: أن يكشف على قلوبهم السرائر، ويريهم الأشياء كما هي بالوحي والالهام والمنامات الصادقة، وهذا القسم يختص بنيله الأنبياء والأولياء.

وطلب الهداية وغيرها من المطالب، قد يكون بلسان القول، وقد يكون بلسان الاستعداد، فما يكون بلسان الاستعداد لا يتخلف عنه المطلوب، وما يكون بلسان القول ووافقه الاستعداد استجيب، وإلا فلا.

فإن قلت: فعلى هذا لا حاجة إلى لسان القول.

قلت: يمكن أن يحصل في بعض استعداد المطلوب من الطلب بلسان القول، فالاحتياط أن لا يترك الطالب الطلب بلسان القول، فبالنسبة إلى بعض المراتب يطلب بلسان الاستعداد، وفي بعضها بلسان القول.

وطلب الهداية بعد الاهتداء - فإن من خصص الحمد بالله سبحانه وأجرى عليه تلك الصفات العظام، وحصر العبادة والاستعانة فيه كان مهتديا - محمول على طلب زيادة الهداية أو الثبات عليها.

قيل: إذا كان السالك في مقام السير إلى الله ولم يصل إلى مطلوبه، فلا شك أن بينه وبين مطلوبه مسافة ينبغي أن يقطعها حتى يصل إليه، فلا بد له من طلب الهداية ليقطع تلك المسافة.

إذا كان في السير في الله، فليس لمطلوبه نهاية ولا ينتهي سيره أبد الآبدين، فلا بد له من طلب الهداية.

فبالجملة: لا بد من طلبها وإن كانت حاصلة في بعض المراتب.

وهذه الصيغة موضوعة لطلب الفعل مطلقا، لكنه من الأعلى أمر، ومن الأدنى دعاء، ومن المساوي التماس.

واعتبر بعضهم في الأوامر الاستعلاء، وفي الدعاء التضرع، وفي الالتماس عدمهما.

و " السراط ": الجادة، سمى به على ما توهم أنه يبتلع سالكه، أو يبتلعه سالكه، كما يقال: أكلته المفازة، إذا أضمرته أو أهلكته، وأكل المفازة: إذا قطعها، و لذلك سمي باللقم، لأنه يلقمهم أو يلتقمونه.

وقيل: يناسب ابتلاع الصراط السالك السير إلى الله، فإن هذا السير ينتهي إلى فناء السالك، وذلك هو ابتلاع الصراط إياه، وابتلاع السالك الصراط يناسب السير في الله، فإن السالك حينئذ يبقى ببقاء الله سبحانه ويسير في صفاته ويتحقق بها، فكأنه يبتلعها ويتغذى بها.

و " الصراط " من قلب السين صادا لأجل الطاء، لأنها مستعلية، فتوافقها الصاد، لكونها أيضا من المستعلية، بخلاف السين فإنها من المنخفضة، ففي الجمع بينهما بعض الثقل، ويشم الصاد صوت الزاي ليكتسي بها نوع جهر فيزداد قربها من الطاء، وقيل: ليكون أقرب إلى المبدل منه، وقرئ بهن جميعا.

والأفصح إخلاص الصاد، وهي لغة قريش، والجمع سرط ككتب.

والصراط يذكر ويؤنث كالطريق والسبيل.

وقرأ ابن مسعود: أرشدنا (101).

قيل: المراد بالمستقيم ما يؤدي إلى المقصود، سواء كان أقرب الطرق أم لا، أو المراد به أقرب الطرق، فغير المستقيم على هذا لا يجب أن يكون من طرق الضلال، بل يكون أعم، أو المراد به أعدل الطرق، وهو غير المائل عنه يمنة ويسرة.

قيل: فطلب الهداية إلى الأول يناسب أهل السعادة مطلقا، وإلى الثاني يناسب المتوجهين إليه بالوجه الخاص، فإنه أقرب الطرق، وإلى الثالث يناسب طالبي مرتبة الجمع بين الجمع والفرق، فإن طريقهم غير مائل إلى يمين الجمع، ولا إلى يسار الفرق.

وفي من لا يحضره الفقيه: وفيما ذكره الفضل من العلل عن الرضا (عليه السلام) أنه قال: " اهدنا الصراط المستقيم " استرشاد لدينه، واعتصام بحبله، واستزادة في المعرفة لربه عز وجل ولعظمته وكبريائه (102).

وفي مجمع البيان: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله تعالى من علي بفاتحة الكتاب إلى قوله: " اهدنا الصراط المستقيم " صراط الأنبياء، وهم الذين أنعم الله عليهم (103).

وفي تفسير علي بن إبراهيم (في الموثق) عن أبي عبد الله (عليه السلام): " اهدنا الصراط المستقيم " قال: الطريق ومعرفة الامام (104).

وبإسناده إلى أبي عبد الله (عليه السلام): قال: والله نحن الصراط المستقيم (105).

وفي كتاب معاني الأخبار: بإسناده إلى أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: " اهدنا الصراط المستقيم " قال: هو أمير المؤمنين ومعرفته، والدليل على أنه أمير المؤمنين قول الله عز وجل: " وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم " وهو أمير المؤمنين (عليه السلام) في أم الكتاب في قوله: " اهدنا الصراط المستقيم ".

وبإسناده إلى المفضل بن عمر قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الصراط؟فقال: هو الطريق إلى معرفة الله عز وجل، وهما صراطان: صراط في الدنيا وصراط في الآخرة، فأما الصراط الذي في الدنيا فهو الامام المفترض الطاعة، من عرفه في الدنيا واقتدى بهداه، مر على الصراط الذي هو جسر جهنم في الآخرة، ومن لم يعرفه في الدنيا زلت قدمه على الصراط في الآخرة فتردى في نار جهنم (106).

وفي تفسير علي بن إبراهيم: بإسناده إلى حفص بن غياث قال: وصف أبو عبد الله (عليه السلام) الصراط، فقال: ألف سنة صعود، وألف سنة هبوط، و ألف سنة حدال (107) و (108) وإلى سعدان بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن الصراط، قال: هو أدق من الشعر، وأحد من السيف، فمنهم من يمر عليه مثل البرق، ومنهم من يمر عليه مثل عدو الفرس، ومنهم من يمر عليه ماشيا، ومنهم من يمر عليه حبوا، ومنهم من يمر عليه متعلقا فتأخذ النار منه شيئا وتترك شيئا (109).

وفي كتاب معاني الأخبار: بإسناده إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الصراط المستقيم أمير المؤمنين (110).

حدثنا محمد بن القاسم الأسترآبادي المفسر قال: حدثني يوسف بن محمد بن زياد، وعلي بن محمد بن يسار، عن أبويهما، عن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) في قوله: " اهدنا الصراط المستقيم " قال: أدم لنا توفيقك الذي به أطعناك فيما مضى من أيامنا، حتى نطيعك كذلك في مستقبل أعمارنا، والصراط المستقيم هو الصراطان، صراط في الدنيا وصراط في الآخرة.

فأما الطريق المستقيم في الدنيا فهو ما قصر عن الغلو وارتفع عن التقصير واستقام فلم يعدل إلى شئ من الباطل.

والطريق الآخر، طريق أمير المؤمنين إلى الجنة الذي هو مستقيم لا يعدلون عن الجنة إلى النار ولا إلى غير النار سوى الجنة (111).

قال: وقال جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) في قوله عز وجل " اهدنا الصراط المستقيم " قال: يقول: أرشدنا الطريق المستقيم، أرشدنا للزوم الطريق المؤدي إلى محبتك، والمبلغ دينك، والمانع من أن نتبع هوانا فنعطب، أو نأخذ بآرائنا فنهلك (112).

وبإسناده إلى محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر قال: حدثني ثابت الثمالي، عن سيد العابدين علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: نحن أبواب الله ونحن الصراط المستقيم (113).

وبإسناده إلى سعد بن طريف، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي، إذا كان يوم القيامة أقعد أنا وأنت وجبرئيل على الصراط، فلم يجز أحد إلا من كان معه كتاب فيه براءة بولايتك (114).

وفي أصول الكافي إلى أبي جعفر (عليه السلام) قال: أوحى الله إلى نبيه (صلى الله عليه وآله): " فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم " قال: إنك على ولاية علي (عليه السلام)، وعلي هو الصراط المستقيم (115).

علي بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن ابن محبوب، عن محمد بن الفضل، عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام) قال: قلت: " أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أم من يمشي سويا على صراط مستقيم ".

قال: إن الله ضرب مثل الذي حاد عن ولاية علي كمثل من يمشي على وجهه لا يهتدي لامره، وجعل من تبعه سويا على صراط مستقيم، والصراط المستقيم أمير المؤمنين (عليه السلام) (116).

صراط الذين أنعمت عليهم: بدل من الأول بدل الكل، لفائدتين.

إحداهما: التأكيد بذكر الصراط مرتين لفظا، وتكرير العامل تقديرا، و يلزمهما تكرير النسبة.

وثانيتهما: الايضاح بتفسير المبهم، وفيه أيضا نوع تأكيد، فإن ذكر الشئ مبهما وتفسيره يفيد تقريره وتأكيده.

وقرئ " من أنعمت عليهم ".

و (عليهم) في محل النصب على المفعولية.

والانعام إيصال النعمة، وهي في الأصل الحالة التي يستلذها الانسان، فأطلقت على ما يستلذه من النعمة، وهي التنعم.

ونعم الله وإن كانت لا تحصى كما قال: تعالى " وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها " (117)، تنحصر في جنسين، دنيوي وأخروي، والأول: قسمان، موهبي وكسبي، والموهبي قسمان: روحاني كالروح وما يتبعه من القوى كالفهم والفكر والنطق، وجسماني كالبدن والقوى الحالة فيه والهيئات العارضة له من الصحة وكمال الأعضاء، والكسبي تزكية النفس عن الرذائل وتحليتها بالأخلاق والملكات الفاضلة، وتزيين البدن بالهيئات المطبوعة والحلى المستحسنة، وحصول الجاه والمال.

والثاني: أن يغفر ما فرط منه، ويرضى عنه، ويبوئه في أعلى عليين مع الملائكة المقربين أبد الآبدين.

والمراد هو القسم الأخير، وما يكون وصلة إلى نيله من القسم الآخر، وما عدا ذلك يشترك فيه المؤمن والكافر.

فالمراد بالمنعم عليهم: هم المؤمنون مطلقا، وأطلق الانعام ولم يقيد بنعمة خاصة ليشمل كل إنعام، ووجه صحة الشمول هو ادعاء أن من أنعم الله عليه بنعمة الاسلام لم تبق نعمة إلا أصابته.

وقيل: الأنبياء (عليهم السلام).

وقيل: أصحاب موسى وعيسى (عليهما السلام) قبل التحريف والنسخ.

وفي كتاب معاني الأخبار: بإسناده إلى جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: قول الله عز وجل في الحمد: " صراط الذين أنعمت عليهم " يعني محمدا وذريته صلوات الله عليهم (118).

حدثنا محمد بن القاسم الأسترآبادي المفسر قال: حدثني يوسف بن المتوكل، عن محمد بن زياد، وعلي بن محمد بن سيار، عن أبويهما، عن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) في قول الله تعالى " صراط الذين أنعمت عليهم " أي قولوا: اهدنا صراط الذين أنعمت عليهم بالتوفيق لدينك وطاعتك، وهم الذين قال الله عز وجل: " ومن يطع الله ورسوله فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا " وحكي هذا بعينه عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: ثم قال: ليس هؤلاء المنعم عليهم بالمال وصحة البدن، وإن كان كل هذا نعمة من الله ظاهرة، ألا ترون أن هؤلاء قد يكونون كفارا أو فساقا، فما ندبتم إلى أن تدعوا بأن ترشدوا إلى صراطهم، وإنما أمرتم بالدعاء إلى أن ترشدوا إلى صراط الذين أنعم عليهم بالايمان بالله.

وتصديق رسوله وبالولاية لمحمد وآله الطيبين وأصحابه الخيرين المنتجبين، وبالتقية الحسنة التي يسلم بها من شر أعداء الله، ومن الزيادة في آثام أعداء الله وكفرهم، بأن تداريهم ولا تغريهم بأذاك وأذى المؤمنين، وبالمعرفة بحقوق الاخوان من المؤمنين (119).

حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي، قال: حدثنا فرات بن إبراهيم الكوفي، قال: حدثني عبيد بن كثير، قال: حدثنا محمد بن مروان، قال: حدثنا عبيد بن يحيى بن مهران العطار، قال: حدثنا محمد بن الحسين، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): في قول الله عز وجل " صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين " قال: هم شيعة علي (عليه السلام) الذين أنعمت عليهم بولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام)، لم تغضب عليهم ولم يضلوا (120).

وفي كتاب كمال الدين وتمام النعمة: بإسناده إلى خيثمة الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)، حديث طويل، وفيه يقول (عليه السلام): ونحن الطريق الواضح والصراط المستقيم إلى الله عز وجل ونحن من نعمة الله على خلقه (121).

غير المغضوب عليهم: بدل من " الذين أنعمت " أو صفة له مبينة بناء على إجراء الموصول مجرى النكرة، كقوله: ولقد أمر على اللئيم يسبني *.

(122) - أو على جعل " غير المغضوب عليهم " معرفة، بناء على اشتهار المنعم عليهم بمغايرة المغضوب عليهم، كما في قولك: عليك غير السكون.

أو مقيدة على معنى إن المنعم عليهم هم الذين جمعوا بين النعمة المطلقة - وهي نعمة الايمان - وبين السلامة من الغضب والضلال.

وقرئ بالنصب على الحال، وذو الحال الضمير في عليهم، والعامل أنعمت، أو بإضمار أعني، أو بالاستثناء، إن فسر النعم بما يعم القبيلتين.

والغضب ثوران النفس إرادة الانتقام، فإذا أسند إلى الله أريد الانتهاء والغاية، و (عليهم) في محل الرفع على الفاعلية.

وإنما جاء بالانعام مبنيا للفاعل، ليدل على ثبوت إنعام الله عليهم.

وبالغضب مبنيا للمفعول، لان من طلبت منه الهداية و نسب إليه الانعام، لا يناسبه نسبة الغضب إليه، لان المقام مقام تلطف ورفق لطلب الاحسان، فلا يحسن مواجهته بصفة الانتقام.

وفي كتاب الإهليلجة: قال الصادق (عليه السلام): وأما الغضب فهو منا إذا غضبنا تغيرت طبائعنا، وترتعد أحيانا مفاصلنا، ومالت ألواننا، ثم نجئ من بعد ذلك بالعقوبات، فسمي غضبا، فهذا كلام الناس المعروف.

والغضب شيئان: أحدهما في القلب، وأما المعنى الذي هو في القلب فهو منفي عن الله جل جلاله، و كذلك رضاه وسخطه ورحمته على هذه الصفة (123).

وفي كتاب الإحتجاج للطبرسي رحمه الله: وروينا بالأسانيد المقدم ذكرها عن أبي الحسن العسكري (عليه السلام)، أن أبا الحسن الرضا (عليه السلام) قال: إن من تجاوز بأمير المؤمنين (عليه السلام) العبودية، فهو من المغضوب عليهم ومن الضالين (124).

ولا الضالين: وقرئ (وغير الضالين) و (لا) هذه هي المسماة بالمزيدة عند البصريين، وهي إنما تقع بعد الواو في سياق النفي للتأكيد، والتصريح بتعلق النفي بكل من المعطوفين لئلا يتوهم أن المنفي هو المجموع من حيث هو، فيجوز حينئذ ثبوت أحدهما، والنفي الذي وقعت (لا) بعد الواو في سياقه، هو ما يتضمنه غير، تقول: إنا زيدا غير ضارب، مع امتناع قولك: إنا زيدا مثل ضارب، لأنه بمنزلة قولك: إنا زيدا لا ضارب.

وقال الكوفيون: هي بمعنى غير، وهذا قريب من كونها زائدة، فإنه لو صرح بغير كان للتأكيد أيضا.

والضلال: العدول عن الطريق السوي عمدا أو خطأ، وله عرض عريض، والتفاوت ما بين أدناه وأقصاه كثير.

قيل: المغضوب عليهم: اليهود لقوله تعالى: (من لعنه الله وغضب عليه) (125).

والضالين: النصارى لقوله تعالى: (قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا) (126).

وقيل: يتجه أن يقال: المغضوب عليهم: العصاة، والضالون: الجاهلون بالله، لان المنعم عليه من وفق للجمع بين معرفة الحق لذاته، والخير للعمل به، فكان المقابل له من اختلت إحدى قوتيه العاقلة والعاملة، والمخل بالعمل فاسق: فمغضوب عليه، لقوله تعالى في القاتل عمدا: (وغضب الله عليه) (127).

والمخل بالعلم جاهل ضال لقوله تعالى: (فماذا بعد الحق إلا الضلال) (128).

وأقول: يحتمل أن يكون المراد (بالمغضوب عليهم): الكفار الذين غضب عليهم فلم يهتدوا إلى طريق من طرق الحق أصلا.

وبالضالين: الذين من الله عليهم بالاسلام وأدخلهم في زمرة أهل الايمان، فضلوا الطريق ولم يتفطنوا لما هو المرام.

وقرئ " ولا الضالون " بالرفع، و (لا الضالين) بالهمزة على لغة من جد في الهرب عن التقاء الساكنين.

وفي الحديث: إذا قال العبد: (إهدنا الصراط المستقيم) إلى آخرها، قال الله: هذا لعبدي، ولعبدي ما سأل، قد استجبت لعبدي وأعطيته ما أمل وآمنته ما منه وجل (129).

وروى علي بن إبراهيم بإسناده عن علي بن عقبة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن إبليس رن رنتين: لما بعث الله نبيه (صلى الله عليه وآله) على حين فترة من الرسل، وحين نزلت أم الكتاب (130).

وروي عن أبي محمد العسكري، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن (بسم الله الرحمن الرحيم) آية من فاتحة الكتاب، وهي سبع آيات تمامها (بسم الله الرحمن الرحيم)، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إن الله عز وجل قال لي: يا محمد (ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم) فأفرد الامتنان علي بفاتحة الكتاب وجعلها بإزاء القران، وإن فاتحة الكتاب أشرف ما في كنوز العرش، وإن الله عز وجل خص محمدا و شرفه بها، ولم يشرك معه فيها أحدا من أنبيائه، ما خلا سليمان فإنه أعطاه منها (بسم الله الرحمن الرحيم) ألا فمن قرأها معتقدا لموالاة محمد وآله الطاهرين، منقادا لأمرهم، مؤمنا بظاهرهم وباطنهم، أعطاه الله بكل حرف منها حسنة، كل حسنة منها أفضل من الدنيا وما فيها من أصناف أموالها وخيراتها، ومن استمع قارئا يقرؤها كان له ما للقارئ، فليشكر أحدكم من هذا الخير المعرض لكم، فإنه غنيمة لا يذهبن أوانه فيبقي في قلوبكم الحسرة (131).

وأعلم أن (آمين) ليس من القرآن، ولا تجوز قراءته بعد فاتحة الكتاب عند الشيعة، لا للامام ولا للمأموم ولا للمنفرد، وعليه الآثار الواردة عن الأئمة رضوان الله عليهم.

روي في الصحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: إذا كنت خلف إمام فقرأ الحمد وفرغ من قراءتها، فقل أنت: الحمد لله رب العالمين، ولا تقل: آمين (132).

وروي أيضا أن محمد بن الحلبي قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام): أقول إذا فرغت من فاتحة الكتاب: آمين؟قال: لا (133).

لكن المتسننة ذهبوا إلى أن قراءته بعد فاتحة الكتاب للمأموم مستحبة، لكنه ليس عندهم من القرآن إلا عند مجاهد، وذكروا في ذلك أحاديث تدل على تأكد استحبابها، لا نعرفها.

قالوا: قال (عليه السلام): علمني جبرئيل آمين عند فراغي من فاتحة الكتاب، وقال: إنه كالختم على الكتاب (134).

وفي معناه قول علي (عليه السلام): آمين خاتم رب العالمين، ختم به دعاء عبده (135) يعني: كما أن الختم يحفظ الكتاب عن فساد ظهور مضمونه على غير المكتوب إليه، كذلك يحفظ قول آمين دعاء العبد عن فساد ظهور الخيبة وعدم الإجابة فيه.

وعن النبي (صلى الله عليه وآله) أيضا قال: إذا قال الامام (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) قال الملائكة: آمين، فقولوا: آمين، فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه (136).

وأحاديثنا الصحيحة تدل على وضع تلك الأخبار، كما مر.

وبالجملة: هو اسم فعل، معناه استجب، مبني على الفتح، وفيها لغتان، المد والقصر وقيل: تشديد الميم خطأ، لكنه يجوز التشديد من (أم) إذا قصد، أي حال كوننا قاصدين نحوك.


1- مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 426 ذيل الآية: 26 من سورة آل عمران، " قل اللهم مالك الملك ".

2- ثواب الأعمال: ص 130، ح 1.

3- الخصال: ص 263.

4- الخصال: ص 355.

5- علل الشرائع: باب 106، ص 127 - 128، ح 3. قطعة منه.

6- الكافي: ج 2، باب فضل القرآن، ص 623، ح 15.

7- الكافي: ج 2، باب فضل القرآن، ص 623، ح 16.

8- عيون أخبار الرضا: ج 1، ص 301، ح 60، وصدر الحديث هكذا " عن أبيه الرضا علي بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أخيه الحسن بن علي (عليهم السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن بسم الله الرحمن الرحيم آية من فاتحة الكتاب، وهي سبع آيات تمامها بسم الله الرحمن الرحيم، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إلى آخره.

9- تفسير العياشي: ج 1، ص 19، ح 1، وقد تقدم سابقا.

10- تفسير العياشي: ج 1، ص 19، ح 2.

11- تفسير العياشي: ج 1، ص 20، ح 9، وفي الوسائل: ج 4، باب 37، من أبواب قراءة القرآن، ح 8.

12- تفسير العياشي: ج 1، ص 21، ح 11، وتمام الحديث (بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين).

13- تفسير العسكري: ص 10.

14- تفسير العياشي: ج 1، ص 19، ح 3.

15- تفسير البرهان: ج 1، ص 42، ح 15.

16- التهذيب: ج 2، باب 15، ص 289، ح 13.

17- عيون أخبار الرضا: ج 1، ص 301، ذيل ح 59.

18- الوسائل: ج 4، باب 11، باب أن البسملة آية من الفاتحة ومن كل سورة، ص 747، ح 9.

19- الوسائل: ج 4، باب 21، باب استحباب الجهر بالبسملة في محل الاخفات، ص 758، ح 6.

20- الوسائل: ج 4، باب 21، باب استحباب الجهر بالبسملة في محل الاخفات ص 758، ح 7.

21- الكافي: ج 3، باب قراءة القرآن، ص 312، ح 1.

22- الكافي: ج 3، باب قراءة القرآن، ص 313، ح 2، والعباسي، هو هشام بن إبراهيم العباسي، وكان يعارض الرضا، والجواد (عليهما السلام)، نقلا عن هامش الكافي نفس المصدر السابق.

23- الكافي: ج 3، باب قراءة القرآن، ص 315، ح 20.

24- تفسير القمي: ج 1، ص 28.

25- مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 31، عند قوله: " المعنى واللغة ".

26- تفسير العياشي: ج 1، ص 20، ح 6، والحديث عن أبي حمزة.

27- تفسير العياشي: ج 1، ص 21، ح 12.

28- تفسير العياشي: ج 1، ص 21، ح 16.

29- الخصال: باب المائة فما فوقه: ص 603، ح 9.

30- تفسير العياشي: ج 1، ص 19، ح 5.

31- الكافي: ج 3، باب قراءة القرآن، ص 313، ح 3.

32- الكافي: ج 2، كتاب العشرة، ص 493، ح 1.

33- الكافي: ج 2، كتاب العشرة، باب النوادر، ص 672، ح 2.

34- الكافي: ج 2، كتاب العشرة، باب النوادر، ص 672، ح 3.

35- الكافي: ج 2، كتاب فضل القرآن، ص 624، ح 20، وفيه يا مفضل احتجز من الناس.

36- التوحيد: باب معنى بسم الله الرحمن الرحيم، ص 231، قطعة من ح 5.

37- كتاب التوحيد: باب معنى بسم الله الرحمن الرحيم، ص 232، قطعة من حديث 5.

38- التهذيب: ج 2، باب 15، من كيفية الصلاة وصفتها والمفروض من ذلك، ص 289، ح 15.

39- مهج الدعوات: ص 316.

40- مهج الدعوات: ص 319.

41- عيون أخبار الرضا: ج 2، باب 30، فيما جاء عن الرضا (عليه السلام) في الاخبار المنثورة، ص 5، ح 11.

42- علل الشرائع: ص 315، باب 1، من علل الوضوء والاذان والصلاة.

43- تفسير العياشي: ج 1، ص 20، ح 7.

44- الكافي: ج 4، باب القول إذا خرج الرجل من بيته، ص 285، قطعة من ح 2.

45- لسان العرب: ج 14، ص 401، في مادة " سما " وفيه أربع لغات: اسم واسم بالضم، وسم و سم وينشد: والله أسماك سما مباركا * آثرك الله به إيثاركا -.

46- سورة الاعلى: الآية 1.

47- قاله: لبيد، مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 20 وإليك تمام البيت: ................. * ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر -.

48- سورة الأنعام: الآية 3.

49- لسان العرب: ج 13، ص 470، في لغة (أله). وقد خففها الأعشى وقال: كحلفة من أبي رباح * يسمعها لأهم الكبار وإنشاد العامة: يسمعها لاهه الكبار قال: وانشده الكسائي يسمعها الله والله كبار وقال في الهامش: قوله (من أبي رباح) كذا بالأصل بفتح الراء والباء الموحدة، ومثله في البيضاوي، إلا أن فيه حلقة بالقاف، والذي في المحكم والتهذيب: كحلفة من أبي رياح بكسر الراء وبياء مثناة تحتية، وبالجملة فالبيت رواياته كثيرة.

50- لسان العرب: ج 13، ص 471، في لغة (أله) وفيه: انما أراد الله فقصر ضرورة.

51- التهذيب: ج 2، باب 15، باب كيفية الصلاة وصفتها والمفروض من ذلك والمسنون، ص 289، ح 15.

52- مهج الدعوات: ص 316.

53- مهج الدعوات: ص 319.

54- نهج البلاغة: ص 258، خطبة 179.

55- البحار: ج 3، كتاب التوحيد، ص 196، وصدره (قال: فأخبرني عن قوله: رؤوف رحيم، وعن رضاه ومحبته وغضبه وسخطه، قلت: إن الرحمة وما يحدث لنا...).

56- بحار الأنوار: ج 89، باب 29، باب فضائل سورة الفاتحة، ص 227.

57- الكافي: ج 3، باب قراءة القرآن، ص 313، ح 3.

58- الكافي: ج 2، كتاب العشرة، باب النوادر، ص 672، ح 1.

59- الكافي: ج 2، كتاب العشرة، باب النوادر، ص 672، ح 2.

60- الكافي: ج 2، كتاب العشرة، باب النوادر، ص 672، ح 3.

61- الكافي: ج 2، باب فضل القرآن، ص 624، ح 20.

62- كتاب التوحيد: باب معنى بسم الله الرحمن الرحيم، ص 231، قطعة من ح 5.

63- كتاب التوحيد: باب معنى بسم الله الرحمن الرحيم، ص 232، قطعة من ح 5.

64- عيون أخبار الرضا: ج 1، باب 26، ما جاء عن الرضا (عليه السلام) من الاخبار النادرة، في فنون شتى، ص 260، ح 19.

65- الكافي: ج 1، كتاب التوحيد، باب معاني الأسماء واشتقاقها، ص 114، ح 1.

66- الكافي: ج 1، كتاب التوحيد، باب معاني الأسماء واشتقاقها، ص 114، ح 1.

67- كتاب التوحيد: ص 230، ح 3.

68- كتاب التوحيد: ص 230، ح 4.

69- الكشاف: ج 1، ص 8.

70- سورة الحجرات: الآية 7.

71- الجامع الصغير: ج 1، ص 152، ولفظ الحديث فيه " الحمد رأس الشكر، ما شكر الله عبد لا يحمده ".

72- سورة الذاريات: الآية 21.

73- كتاب التوحيد: باب 38، ذكر عظمة الله جل جلاله، ص 277، قطعة من ح 2.

74- الخصال: أبواب الاثني عشر، ص 490، قطعة من حديث 68.

75- الخصال: باب من روى أن لله عز وجل اثنى عشر الف عالم، ص 639، ح 14.

76- عيون أخبار الرضا: ج 1، باب 28، فيما جاء عن الإمام علي بن موسى (عليهما السلام) من الاخبار المتفرقة، ص 282، ح 30.

77- المستدرك: ج 1، كتاب الصلاة، باب 57، من أبواب القراءة في الصلاة، قطعة من حديث 3، نقلا عن تفسير العسكري (عليه السلام).

78- من لا يحضره الفقيه: ج 1، باب 45، وصف الصلاة، من فاتحتها إلى خاتمتها، ص 203، قطعة من ح 12.

79- تفسير القمي: ج 1، ص 28.

80- سورة الانفطار: الآية 19.

81- سورة غافر: الآية 16.

82- نهج البلاغة: ص 214، الخطبة 153.

83- قبله: صفحنا عن بني ذهل... وقلنا القوم إخوان فلما صرح الشر * فأمسى وهو عريان - لشهل بن شيبان بن ربيعة. الكشاف: ج 1، ص 12.

84- صحاح اللغة للجوهري: ج 5، ص 2118.

85- تفسير الإمام العسكري (عليه السلام): ص 13، وهكذا في بحار الأنوار: ج 89، كتاب القرآن، باب 29، فضل سورة الفاتحة، ص 250.

86- تفسير الإمام العسكري (عليه السلام): ص 21.

87- الانصاف في مسائل الخلاف للأنباري: ج 2، ص 695.

88- الانصاف في مسائل الخلاف للأنباري: ج 2، ص 695.

89- الانصاف في مسائل الخلاف للأنباري: ج 2، ص 695.

90- الانصاف في مسائل الخلاف للأنباري: ج 2، ص 695.

91- تفسير الكشاف: ج 1، ص 13.

92- بحار الأنوار: ج 89، باب فضل التدبر بالقرآن ص 107، ح 2.

93- تفسير القرآن الكريم: ج 1، ص 407.

94- تفسير الإمام العسكري (عليه السلام): ص 21.

95- سورة الصافات: الآية 23.

96- هوادي الليل: أوائله، وفي الحديث: طلعت هوادي الخيل: يعني أوائلها وهاديات الوحش أوائلها، لسان العرب: ج 15، ص 357، في لغة (هدى).

97- سورة الأعراف: الآية 155.

98- الناقل: هو السيد المحقق الشريف الحسيني الجرجاني، قال السيد في شرح ما في الكشاف: " هدى أصله أن يتعدى باللام أو بإلى " ما هذا لفظه: وفيه إشعار بان لا فرق بين المتعدي بنفسه والمتعدي بالحرف، لكنه فرق بين هداه لكذا وإلى كذا، انما يقال: إذا لم يكن فيه ذلك فيصل بالهداية إليه، وهداه كذا لمن يكون فيه... إلى آخره. راجع الكشاف: ج 1، ص 66.

99- سورة العنكبوت: الآية 69.

100- إلى هنا كلام السيد المحقق الشريف.

101- تفسير الكشاف: ج 1، ص 15.

102- من لا يحضره الفقيه: ج 1، باب 45، وصف الصلاة من فاتحتها إلى خاتمتها، ص 204، ح 12.

103- مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 31.

104- تفسير القمي: ج 1، ص 28.

105- تفسير نور الثقلين: ج 1، ص 21، ح 89.

106- معاني الأخبار: ص 32، باب معنى الصراط، ح 1.

107- قال الفراء: الأحدل: المائل، وقد حدل حدلا، وقال أبو زيد: الأحدل: الذي يمشي في شق. لسان العرب: ج 11، ص 147، في لغة (حدل).

108- تفسير القمي: ج 1، ص 29.

109- تفسير القمي: ج 1، ص 29.

110- معاني الأخبار: باب معنى الصراط، ص 33، ح 4.

111- تفسير الإمام العسكري (عليه السلام): ص 15، في ذيل قوله تعالى: " اهدنا الصراط المستقيم ".

112- تفسير الإمام العسكري (عليه السلام): ص 15، في ذيل قوله تعالى: " اهدنا الصراط المستقيم ".

113- معاني الأخبار: باب معنى الصراط، ص 35، ح 5.

114- معاني الأخبار: باب معنى الصراط، ص 35، ح 6.

115- الكافي: ج 1، كتاب الحجة، باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية، ص 416 - 417 - ح 24.

116- الكافي: ج 1، كتاب الحجة، باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية، ص 433، قطعة من ح 91، مع اختلاف يسير في بعض ألفاظ الحديث.

117- سورة إبراهيم: الآية 34.

118- معاني الأخبار: باب معنى الصراط، ص 36، ح 7.

119- معاني الأخبار: باب معنى الصراط، ص 36، ح 9، وتفسير الإمام العسكري (عليه السلام): ص 7، في ذيل قوله تعالى: " صراط الذين أنعمت عليهم ".

120- تفسير فرات الكوفي: ص 2، ومعاني الأخبار: باب معنى الصراط، ص 36، ح 8، وفيه " لم يغصب ".

121- كمال الدين وتمام النعمة: ج 1، ص 206، باب الحادي والعشرون، قطعة من ح 20، وفيه " الله عز وجل ".

122- وتمامه: فمضيت ثمة قلت لا يعنيني، لرجل من بني سلول، نقلا عن هامش الكشاف: ج 1، ص 16.

123- بحار الأنوار: ج 3، كتاب التوحيد، ص 196.

124- الاحتجاج: ج 2، ص 233، باب احتجاج الإمام الرضا (عليه السلام) في ذم الغلاة.

125- سورة المائدة: الآية 60.

126- سورة المائدة: الآية 77.

127- سورة النساء: الآية 93.

128- سورة يونس: الآية 32.

129- عيون أخبار الرضا: ج 1، ص 301، ح 59.

130- تفسير القمي: ج 1، ص 29، وفيه: " إن إبليس أن أنينا ".

131- تفسير الإمام العسكري: ص 10، وأمالي الصدوق: المجلس الثالث والثلاثون: ص 148، وفيه: " فليستكثر أحدكم ".

132- الوسائل: ج 4، كتاب الصلاة، باب 17، من أبواب القراءة في الصلاة، ص 752، ح 1.

133- الوسائل: ج 4، كتاب الصلاة، باب 17، من أبواب القراءة في الصلاة، ص 752، ح 3.

134- بالرغم من الفحص الشديد لم نعثر في الصحاح والسنن والتفاسير على هذين الحديثين. لاحظ ما راجعناه من الموارد المظنونة في الكتب التالية: 1 - صحيح مسلم: ج 1، كتاب الصلاة، ص 306، باب 18، التسميع والتحميد والتأمين. 2 - صحيح البخاري: كتاب الاذان، باب جهر الامام بالتأمين، باب فضل التأمين، باب جهر المأموم بالتأمين. 3 - سنن النسائي: ج 2، كتاب الافتتاح، ص 110، جهر الامام ب? (آمين)، باب الأمر بالتأمين خلف الامام، فضل التأمين. 4 - سنن ابن ماجة: ج 1، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، ص 277، باب 14، باب الجهر ب? (آمين). 5 - سنن الترمذي: ج 2، أبواب الصلاة، ص 27 باب 184، باب ما جاء في التأمين وباب 185، ما جاء في فضل التأمين. 6 - الموطأ: ج 1، كتاب الصلاة، ص 87، باب 11، ما جاء في التأمين خلف الامام. 7 - سنن البيهقي: ج 2، كتاب الصلاة، ص 55، باب التأمين. 8 - جامع الأصول لابن الأثير: ج 6، حرف الصاد، ص 223، الفرع الثاني في الفاتحة والتأمين. 9 - كنز العمال للمتقي: ج 7، حرف الصاد، كتاب الصلاة، ص 445، التأمين. 10 - المصنف للصنعاني: ج 2، ص 95، باب آمين. 11 - المغني لابن قدامة: ج 1، ص 564، مسألة 676. 12 - المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية، لابن حجر العسقلاني: ج 1، ص 123، باب التأمين. 13 - مجمع الزوائد للهيثمي: ج 2، ص 112، باب التأمين. 14 - تفسير الثعالبي (جواهر الحسان في تفسير القرآن): ج 1، ص 26، القول في آمين. نعم: في تفسير روح البيان للشيخ إسماعيل حقي: ط بيروت، ج 1، ص 25، س 13، أورد الحديثين كما في المتن. ويؤيده ما في الدر المنثور: ج 1، ص 43، ذكر آمين، قال: وأخرج أبو داود بسند حسن عن أبي زهير النميري، وكان من الصحابة، أنه كان إذا دعا الرجل بدعاء قال: اختمه ب? (آمين) فإن آمين مثل الطابع على الصحيفة، وقال: أخبركم عن ذلك؟خرجنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ذات ليلة، فأتينا على رجل قد ألح في المسألة، فوقف النبي (صلى الله عليه وآله) يسمع منه، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): أوجب إن ختم. فقال رجل من القوم: بأي شئ يختم؟قال: ب? (آمين)، فإنه إن ختم بآمين فقد أوجب. وفي سنن أبي داود: ج 1، باب التأمين وراء الامام، ص 247، الحديث 938، أورده كما نقله عنه في الدر المنثور، وزاد بعده: فانصرف الرجل الذي سأل النبي (صلى الله عليه وآله) فأتى الرجل فقال: اختم يا فلان بآمين وأبشر. وفي كتاب الترغيب والترهيب لعبد العظيم المنذري: ج 1، ص 327: (الترغيب في التأمين خلف الامام)، الحديث 7، أورده كما في سنن أبي داود. وفي تفسير القرطبي (الجامع لاحكام القرآن) ج 1، ص 127، قال: الباب الثالث في التأمين وفيه ثمان مسائل. وفي المسألة الثالثة أورد الحديث كما في سنن أبي داود، وزاد بعد ذلك: وفي الخبر: لقنني جبرئيل آمين عند فراغي من فاتحة الكتاب، وقال: إنه كالخاتم على الكتاب، قال الهروي: قال أبو بكر: معناه أنه طابع الله على عباده، لأنه يدفع به عنهم الآفات والبلايا، فكان كخاتم الكتاب الذي يصونه و يمنع من إفساده وإظهاره ما فيه.

135- كما ذكر في الهامش رقم 3، من صفحه 52.

136- صحيح البخاري: ج 6، كتاب التفسير، باب غير المغضوب عليهم ولا الضالين، ص 21.