سورة المطففين
وتسمى سورة التطفيف مكية وقيل مدنية إلا ثماني آيات منها وهي إن الذين أجرموا إلى آخر السورة عدد آيها ست وثلاثون بالاجماع
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) ويل للمطففين أي للمبخسين القمي قال الذين يبخسون المكيال والميزان.
وعن الباقر (عليه السلام) قال نزلت على نبي الله حين قدم المدينة وهم يومئذ أسوء الناس كيلا فأحسنوا بعد عمل الكيل فأما الويل فبلغنا والله أعلم انها بئر في جهنم.
وفي الكافي عنه (عليه السلام) وأنزل في الكيل ويل للمطففين ولم يجعل الويل لاحد حتى يسميه كافرا قال الله تعالى فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم.
(2) الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون أي إذا اكتالوا من الناس حقوقهم يأخذونها وافية.
(3) وإذا كالوهم أو وزنوهم أي إذا كالوا للناس أو وزنوا لهم يخسرون.
(4) ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون أليس يوقنون أنهم مبعوثون.
كذا عن أمير المؤمنين (عليه السلام) رواه في الاحتجاج.
(5) ليوم عظيم عظمه لعظم ما يكون فيه.
(6) يوم يقوم الناس لرب العلمين لحكمه.
في المجمع جاء في الحديث أنهم يقومون في رشحهم إلى انصاف اذانهم.
وفي حديث آخر يقومون حتى يبلغ الرشح إلى أطراف اذانهم.
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) قال مثل الناس يوم القيامة إذا قاموا لرب العالمين مثل السهم في القراب ليس له من الأرض إلا موضع قدمه كالسهم في الكنانة لا يقدر أن يزول هيهنا ولا هيهنا.
(7) كلا ردع عن التطفيف والغفلة عن البعث والحساب إن كتاب الفجار لفي سجين.
(8) وما أدريك ما سجين.
(9) كتاب مرقوم القمي قال ما كتب الله لهم من العذاب لفي سجين.
وعن الباقر (عليه السلام) السجين الأرض السابعة وعليون السماء السابعة.
وفي المجمع عنه (عليه السلام) قال أما المؤمنون فترفع أعمالهم وأرواحهم إلى السماء فتفتح لهم أبوابها وأما الكافر فيصعد بعمله وروحه حتى إذا بلغ إلى السماء نادى مناد اهبطوا به إلى سجين وهو واد بحضرموت يقال له برهوت.
في الكافي عن الكاظم (عليه السلام) أنه سئل عن قوله تعالى إن كتاب الفجار لفي سجين قال هم الذين فجروا في حق الأئمة (عليهم السلام) واعتدوا عليهم.
والقمي عن الصادق (عليه السلام) قال هو فلان وفلان.
(10) ويل يومئذ للمكذبين.
(11) الذين يكذبون بيوم الدين قال الأول والثاني.
(12) وما يكذب به إلا كل معتد أثيم.
(13) إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين قال وهو الأول والثاني كانا يكذبان رسول الله (صلى الله عليه وآله).
(14) كلا ردع عن هذا القول بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون.
في الكافي والعياشي عن الباقر (عليه السلام) قال ما من عبد مؤمن إلا وفي قلبه نكتة بيضاء فإذا أذنب ذنبا خرج في تلك النكتة نكتة سوداء فان تاب ذهب ذلك السواد وإن تمادى في الذنوب زاد ذلك السواد حتى يغطي البياض فإذا غطى البياض لم يرجع صاحبه إلى خير أبدا وهو قول الله عز وجل كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون.
(15) كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون.
في العيون والتوحيد عن الرضا (عليه السلام) انه سئل عن هذه الآية فقال إن الله تعالى لا يوصف بمكان يحل فيه فيحجب عنه فيه عباده ولكنه يعني أنهم عن ثواب ربهم لمحجوبون.
وفي المجمع عن أمير المؤمنين (عليه السلام) عن ثوابه ودار كرامته.
(16) ثم إنهم لصالوا الجحيم يدخلون النار ويصلون بها.
(17) ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون.
في الكافي عن الكاظم (عليه السلام) قال يعني أمير المؤمنين (عليه السلام) قيل تنزيل قال نعم.
(18) كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين القمي أي ما كتب لهم من الثواب (19) وما أدراك ما عليون (20) كتاب مرقوم.
(21) يشهده المقربون.
في الكافي عن الباقر (عليه السلام) قال إن الله خلقنا من أعلى عليين وخلق قلوب شيعتنا مما خلقنا منه وخلق أبدانهم من دون ذلك وقلوبهم تهوى إلينا لأنها خلقت مما خلقنا ثم تلا هذه الآية كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين وما أدراك ما عليون كتاب مرقوم يشهده المقربون وخلق عدونا من سجين وخلق قلوب شيعتهم مما خلقهم منه وأبدانهم من دون ذلك فقلوبهم تهوى إليهم لأنها خلقت مما خلقوا منه ثم تلا هذه الآية كلا إن كتاب الفجار لفي سجين وما أدراك ما سجين كتاب مرقوم ويل يومئذ للمكذبين.
أقول: الا فاعيل المتكررة والاعتقادات الراسخة في النفوس بمنزلة النقوش الكتابية في الألواح فمن كانت معلوماته أمورا قدسية وأخلاقه زكية وأعماله صالحة يأتي كتابه بيمينه أي من جانبه الأقوى الروحاني وهو جهة عليين وذلك لان كتابه من جنس الألواح العالية والصحف المكرمة المرفوعة المطهرة بأيدي سفرة كرام بررة يشهده المقربون ومن كانت معلوماته مقصورة على الجرميات وأخلاقه سيئة وأعماله خبيثة يأتي كتابه بشماله أي من جانبه الأضعف الجسماني وهو جهة سجين وذلك لان كتابه من جنس الأوراق السفلية والصحائف الحسية القابلة للاحتراق فلا جسم يعذب بالنار وإنما عود الأرواح إلى ما خلقت منه كما قال الله سبحانه كما بدأكم تعودون فما خلق من عليين فكتابه في عليين وما خلق من سجين فكتابه في سجين.
(22) إن الأبرار لفي نعيم.
(23) على الأرائك ينظرون على الأسرة في الحجال ينظرون إلى ما يسرون به من النعيم.
(24) تعرف في وجوههم نضرة النعيم بهجة التنعم وبريقه وقرئ تعرف على بناء المفعول ونضرة بالرفع.
(25) يسقون من رحيق شراب خالص مختوم.
(26) ختامه مسك قيل أي مختوم أوانيه بالمسك مكان الطين ولعله تمثيل لنفاسته والقمي قال ماء إذا شربه المؤمن وجد رائحة المسك فيه.
أقول: لعله أراد به أنه يجدها في آخر شربه وقرئ خاتمه بفتح التاء أي ما يختم به وفى ذلك فليتنافس المتنافسون فليرتغب المرتغبون.
(27) ومزاجه من تسنيم علم لعين بعينها سميت تسنيما لارتفاع مكانها أو رفعة شرابها قيل هو مصدر سنمه إذا رفعه لأنه أرفع شراب أهل الجنة أو لأنها تأتيهم من فوق والقمي قال أشرف شراب أهل الجنة يأتيهم من عالي يسنم عليهم في منازلهم.
(28) عينا يشرب بها المقربون وهم آل محمد صلوات الله عليهم يقول الله السابقون السابقون أولئك المقربون رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخديجة وعلي بن أبي طالب (عليه السلام) وذرياتهم تلحق بهم يقول الله ألحقنا بهم ذريتهم والمقربون يشربون من تسنيم صرفا وسائر المؤمنين ممزوجا قيل إنما يشربونها صرفا لأنهم لم يشتغلوا بغير الله.
(29) إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون يستهزؤن.
(30) وإذا مروا بهم يتغامزون يغمض بعضهم بعضا ويشيرون بأعينهم.
(31) وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فاكهين متلذين بالسخرية منهم وقرئ فكهين القمي قال يسخرون القمي ان الذين أجرموا الأول والثاني ومن تابعهما يتغامزون برسول الله آخر السورة وفي المجمع قيل نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السلام) وذلك إنه كان في نفر من المسلمين جاؤوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فسخر منهم المنافقون وضحكوا وتغامزوا ثم رجعوا إلى أصحابهم فقالوا رأينا اليوم الأصلع فضحكنا منه فنزلت الآيات قبل أن يصل علي وأصحابه إلى النبي (صلى الله عليه وآله).
وعن ابن عباس إن الذين أجرموا منافقوا قريش والذين آمنوا علي بن أبي طالب (عليه السلام).
(32) وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون وإذا رأوا المؤمنين نسبوهم إلى الضلال.
(33) وما أرسلوا عليهم على المؤمنين حافظين يحفظون عليهم أعمالهم ويشهدون برشدهم وضلالهم.
(34) فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون حين يرونهم أذلاء مغلولين في النار وروي أنه يفتح لهم باب إلى الجنة فيقال لهم اخرجوا إليها فإذا وصلوا أغلق دونهم فيضحك المؤمنون منهم.
(35) على الأرائك ينظرون.
(36) هل ثوب الكفار هل أثيبوا ما كانوا يفعلون.
في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) من قرأ في الفريضة ويل للمطففين أعطاه الله الامن يوم القيامة من النار ولم يراها ولا يمر على جسر جهنم ولا يحاسب يوم القيامة إنشاء الله.