سورة الانسان

وتسمى سورة الدهر قيل مكية كلها وقيل مدنية كلها وقيل مدنية إلا قوله ولا تطع الآية وهي إحدى وثلاثون آية بالاجماع

بسم الله الرحمن الرحيم

(1) هل أتى على الانسان استفهام تقرير وتقريب ولذلك فسر بقد حين من الدهر طائفة من الزمان لم يكن شيئا مذكورا.

في الكافي عن الصادق (عليه السلام) قال كان مقدورا غير مذكور.

وفي المجمع قال كان شيئا مقدورا ولم يكن مكونا.

وعن الباقر (عليه السلام) قال كان شيئا ولم يكن مذكورا.

ومثله في المحاسن عن الصادق (عليه السلام) وفي المجمع عنهما (عليهما السلام) كان مذكورا في العلم ولم يكن مذكورا في الخلق.

(2) إنا خلقنا الانسان من نطفة أمشاج أخلاط.

القمي عن الباقر (عليه السلام) ماء الرجل والمرأة اختلطا جميعا نبتليه نختبره فجعلنه سميعا بصيرا ليتمكن من استماع الآيات ومشاهدة الدلائل.

(3) إنا هديناه السبيل بنصب الدلائل وانزال الآيات.

القمي أي بينا له طريق الخير والشر إما شاكرا وإما كفورا.

في الكافي والتوحيد عن الصادق (عليه السلام) قال عرفناه إما آخذا وإما تاركا.

والقمي عن الباقر (عليه السلام) اما آخذ فشاكر وإما تارك فكافر.

(4) إنا اعتدنا للكافرين سلاسل بها يقادون وأغلالا بها يقيدون وسعيرا بها يحرقون وقرئ سلاسلا للمناسبة.

(5) إن الأبرار يشربون من كأس من خمر وهي في الأصل القدح تكون فيه كان مزاجها ما يمزج بها كافورا لبرده وعذوبته وطيب عرفه.

(6) عينا يشرب بها عباد الله القمي أي منها يفجرونها تفجيرا يجرونها حيث شاؤوا إجراء سهلا.

في المجالس عن الباقر (عليه السلام) هي عين في دار النبي (صلى الله عليه وآله) يفجر إلى دور الأنبياء والمؤمنين.

(7) يوفون بالنذر بيان لما رزقوه لأجله وهو أبلغ في وصفهم بالتوفر على أداء الواجبات لان من وفى بما أوجبه على نفسه كان أو في بما أوجبه الله عليه ويخافون يوما كان شره مستطيرا شدائده فاشيا منتشرا غاية الانتشار القمي المستطير العظيم.

وفي المجالس عن الباقر (عليه السلام) يقول كلوحا عابسا.

(8) ويطعمون الطعام على حبه حب الطعام.

في المجالس عن الباقر (عليه السلام) يقول على شهوتهم للطعام وإيثارهم له مسكينا قال من مساكين المسلمين ويتيما قال من يتامى المسلمين وأسيرا قال من أسارى المشركين.

(9) إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا قال يقولون إذا أطعموهم ذلك قال والله ما قالوا هذا لهم ولكنهم اضمروه في أنفسهم فأخبره الله باضمارهم يقولون لا نريد منكم جزاءا تكافؤننا به ولا شكورا تثنون علينا به ولكنا إنما أطعمنا كم لوجه الله وطلب ثوابه.

(10) إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا يعبس فيه الوجوه قمطريرا شديد العبوس.

في المجمع قد روى الخاص والعام إن الآيات من هذه السورة وهي قوله إن الأبرار يشربون إلى قوله وكان سعيكم مشكورا نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) وجارية لهم تسمى فضة والقصة طويلة جملتها أنه مرض الحسن والحسين فعادهما جدهما ووجوه العرب وقالوا يا أبا الحسن لو نذرت على ولديك نذرا فنذر صوم ثلاثة أيام إن شفاهما الله سبحانه ونذرت فاطمة (عليها السلام) وكذلك فضة فبرءا وليس عندهم شئ فاستقرض علي (عليه السلام) ثلاثة أصوع من شعير من يهودي وروي انه أخذها ليغزل له صوفا وجاء به إلى فاطمة فطحنت صاعا منها فاختبزته وصلى علي (عليه السلام) المغرب وقربته إليهم فأتاهم مسكين يدعو لهم وسألهم فأعطوهم ولم يذوقوا إلا الماء فلما كان اليوم الثاني اخذت صاعا فطحنته واختبزته وقدمته إلي علي (عليه السلام) فإذا يتيم بالباب يستطعم فأعطوه ولم يذوقوا إلا الماء فلما كان اليوم الثالث عمدت إلى الباقي فطحنته واختبزته وقدمته إلى علي (عليه السلام) فإذا أسير بالباب يستطعم فأعطوه ولم يذوقوا إلا الماء فلما كان اليوم الرابع وقد قضوا نذورهم أتى علي (عليه السلام) ومعه الحسن والحسين (عليهما السلام) إلى النبي (صلى الله عليه وآله) وبهما ضعف فبكى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونزل جبرئيل (عليه السلام) بسورة هل أتى.

وفي رواية ان علي بن أبي طالب (عليه السلام) آجر نفسه ليسقي نخلا بشئ من شعير ليلة حتى أصبح فلما أصبح وقبض الشعير طحن ثلثه فجعلوا منه شيئا ليأكلوه يقال له الحريرة فلما تم انضاجه اتى مسكين فأخرجوا إليه الطعام ثم عمل الثلث الثاني فلما تم انضاجه أتى يتيم فسأل فأطعموه ثم عمل الثلث الثالث فلما تم إنضاجه أتى أسير من المشركين فسأل فأطعموه وطووا يومهم ذلك.

والقمي عن الصادق (عليه السلام) كان عند فاطمة شعير فجعلوه عصيدة فلما أنضجوها ووضعوها بين أيديهم جاء مسكين فقال المسكين رحمكم الله أطعمونا مما رزقكم الله فقام علي (عليه السلام) فأعطاه ثلثها فلم يلبث أن جاء يتيم فقال اليتيم رحمكم الله فقام علي (عليه السلام) فأعطاه الثلث ثم جاء أسير فقال الأسير رحمكم الله فأعطاه علي (عليه السلام) الثلث الباقي وما ذاقوها فأنزل الله سبحانه الآيات فيهم وهي جارية في كل مؤمن فعل ذلك لله عز وجل.

وفي المجالس عن الصادق عن أبيه (عليهما السلام) ما يقرب مما ذكره.

في المجمع بالرواية الأولى ببسط من الكلام مع زيادات من حكاية أفعالهم وأقوالهم (عليهم السلام) وذكر فيه وقال الصبيان ونحن أيضا نصوم ثلاثة أيام فألبسهما الله عافية فأصبحوا صياما وفي آخره فهبط جبرئيل فقال يا محمد خذ ما هنأه الله لك في أهل بيتك قال وما آخذ يا جبرئيل قال هل أتى إلى قوله وكان سعيكم مشكورا وفي المناقب عن أكثر من عشرين من كبار المفسرين.

وبرواية أهل البيت عن الباقر (عليه السلام) ما يقرب مما ذكره في المجالس إلا أنه ليس فيه ذكر صيام الصبيين وفي آخره فرآهم النبي (صلى الله عليه وآله) جياعا فنزل جبرئيل ومعه صحفة من الذهب مرصعة بالدر والياقوت مملوة من الثريد وعراق يفوح منها رائحة المسك والكافور فجلسوا وأكلوا حتى شبعوا ولم ينقص منها لقمة واحدة وخرج الحسين ومعه قطعة من عراق فنادته يهودية يا أهل بيت الجوع من أين لكم هذه أطعمنيها فمد يده الحسين (عليه السلام) ليطعمها فهبط جبرئيل وأخذها من يده ورفع الصحفة إلى السماء فقال لولا ما أراد الحسين (عليه السلام) من إطعام الجارية تلك القطعة وإلا لتركت تلك الصحفة في أهل بيتي يأكلون منها إلى يوم القيامة ونزل يوفون بالنذر وكانت الصدقة في ليلة خمس وعشرين من ذي الحجة ونزلت هل أتى في اليوم الخامس والعشرين منه.

(11) فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقيهم نضرة وسرورا.

في المجالس عن الباقر (عليه السلام) نضرة في الوجوه وسرورا) في القلوب.

(12) وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا قال جنة يسكنونها وحريرا يفترشونه ويلبسونه.

(13) متكئين فيها على الأرائك قال الأريكة السرير عليه الحجلة لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا قيل يعني إنه يمر عليهم هواء معتدل لا حار محمى ولا بارد مؤذي.

(14) ودانية عليهم ظلالها قريبة منهم وذللت قطوفها تذليلا سهل التناول.

القمي ذلت عليهم ثمارها ينالها القائم والقاعد.

وفي الكافي عن النبي (صلى الله عليه وآله) وذللت قطوفها تذليلا من قربها منهم يتناول المؤمن من النوع الذي يشتهيه من الثمار بعينه وهو متكئ.

(15) ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب القمي الأكواب الأكواز العظام التي لا اذان لها ولا عرى كانت قواريرا.

(16) قواريرا من فضة أي تكون جامعة بين صفا الزجاجة وشفيفها وبياض الفضة ولينها.

في المجمع عن الصادق (عليه السلام) والقمي قال ينفذ البصر في فضة الجنة كما ينفذ في الزجاج وقرئ قواريرا بالتنوين فيهما وفي الأولى خاصة قدروها تقديرا قيل أي قدروها في أنفسهم فجاءت مقاديرها وأشكالها كما تمنوها أو قدروها بأعمالهم الصالحة فجاءت على حسبها أو قدر الطائفون بها شرابها على قدر اشتهائهم.

والقمي يقول صنعت لهم على قدر تقلبهم لا تحجر فيها ولا فضل.

(17) ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا ما يشبه الزنجبيل في الطعم قيل كانت العرب يستلذون الشراب الممزوج به.

(18) عينا فيها (1) تسمى سلسبيلا قيل لسلاسة انحدارها في الحلق وسهولة مساغها على أن تكون الباء زائدة والمراد به أن ينفى عنها لذع الزنجبيل.

في الخصال عن النبي (صلى الله عليه وآله) أعطاني الله خمسا وأعطى عليا خمسا أعطاني الكوثر وأعطاه السلسبيل.

(19) ويطوف عليهم ولدان مخلدون قيل دائمون والقمي قال مستورون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا من صفاء ألوانهم وانبثاثهم في مجالسهم وانعكاس شعاع بعضهم إلى بعض.

(20) وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا.

في الكافي والقمي عن الباقر (عليه السلام) في حديث يصف فيه حال المؤمن إذا دخل الجنان والغرف إنه قال في هذه الآية يعني بذلك ولي الله وما هومن الكرامة والنعيم والملك العظيم وأن الملائكة من رسل الله ليستأذنون عليه فلا يدخلون عليه إلا بإذنه فذلك الملك العظيم وقد مضى تمام الحديث في الرعد والفاطر والزمر.

وفي المعاني عن الصادق (عليه السلام) إنه سئل ما هذا الملك الكبير الذي كبره الله عز وجل حتى سماه كبيرا قال إذا أدخل الله أهل الجنة الجنة أرسل رسولا إلى ولي من أوليائه فيجد الحجبة على بابه فتقول له قف حتى نستأذن لك فما يصل إليه رسول ربه إلا بإذنه فهو قوله وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا.

وفي المجمع والقمي عنه (عليه السلام) قال أي لا يزول ولا يفنى.

(21) عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق يعلوهم ثياب الحرير الخضر ما رق منها وإستبرق ما غلظ.

في المجمع عن الصادق (عليه السلام) والقمي قال يعلوهم الثياب فيلبسونها وقرئ عاليهم بالرفع وخضر بالجر وإستبرق بالرفع وبالعكس وبالرفع فيهما وحلوا أساور من فضة وسقيهم ربهم شرابا طهورا.

في الكافي والقمي عن الباقر (عليه السلام) في الحديث السابق وعلى باب الجنة شجرة ان الورقة منها ليستظل تحتها ألف رجل من الناس وعن يمين الشجرة عين مطهرة مزكية قال فيسقون منها شربة فيطهر الله بها قلوبهم من الحسد ويسقط عن أبشارهم الشعر وذلك قول الله عز وجل وسقيهم ربهم شرابا طهورا من تلك العين المطهرة.

وفي المجمع عن الصادق (عليه السلام) قال يطهرهم عن كل شئ سوى الله.

(22) إن هذا كان لكم جزاء على إضمار القول وكان سعيكم مشكورا غير مضيع.

(23) إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا مفرقا منجما.

في الكافي عن الكاظم (عليه السلام) قال بولاية علي (عليه السلام).

(24) فاصبر لحكم ربك بتأخير نصرك على الاعداء ولا تطع منهم آثما أو كفورا.

(25) واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا القمي قال بالغداة ونصف النهار.

(26) ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا قال صلاة الليل.

في المجمع عن الرضا (عليه السلام) أنه سئل وما ذلك التسبيح قال صلاة الليل وقيل بكرة صلاة الفجر وأصيلا الظهران ومن الليل فاسجد له العشاءان وسبحه ليلا طويلا أي وتهجد له طائفة طويلة من الليل.

(27) إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون ورائهم أمامهم أو خلف ظهورهم يوما ثقيلا.

(28) نحن خلقناهم وشددنا أسرهم وأحكمنا ربط مفاصلهم بالأعصاب القمي أي خلقهم وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا أهلكناهم وبدلنا أمثالهم في الخلقة وشدة الأسر يعني النشأة الآخرة والمراد تبديلهم بغيرهم ممن يطيع في الدنيا.

(29) إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا تقرب إليه بالطاعة.

في الكافي عن الكاظم (عليه السلام) قال الولاية.

(30) وما تشاؤن إلا أن يشاء الله.

في الخرائج عن القائم (عليه السلام) إنه سئل عن المفوضة قال كذبوا بل قلوبنا أوعية لمشيئة الله عز وجل فإذا شاء شئنا ثم تلا هذه الآية وقرئ يشاؤن بالياء إن الله كان عليما حكيما لا يشاء إلا ما يقتضيه علمه وحكمته.

(31) يدخل من يشاء في رحمته بالهداية والتوفيق للطاعة.

في الكافي عن الكاظم (عليه السلام) قال في ولايتنا والظالمين أعد لهم عذابا أليما.

في ثواب الأعمال والمجمع عن الباقر (عليه السلام) من قرأ هل أتى على الانسان كل غداة خميس زوجه الله من الحور العين ثمانمأة عذراء وأربعة آلاف ثيب وكان مع محمد (صلى الله عليه وآله).

وفي الأمالي عن الهادي (عليه السلام) من أحب أن يقيه الله شر يوم الاثنين فليقرأ في أول ركعة من صلاة الغداء هل أتى على الانسان ثم قرأ فوقهم الله شر ذلك اليوم الآية.


1. أي تمزج الخمر بالزنجبيل، والزنجبيل من عين تسمى تلك العين سلسبيلا. .