سورة المعارج
مكية عدد آيها أربع وأربعون آية
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) سأل سائل بعذاب واقع أي دعا داع به بمعني استدعاه وقرئ سأل بالألف وهو إما لغة فيه وإما من السيلان.
(2) للكافرين.
في الكافي مقطوعا انها نزلت للكافرين بولاية علي (عليه السلام) قال هكذا والله نزل بها جبرئيل على محمد (صلى الله عليه وآله) وهكذا هو والله مثبت في مصحف فاطمة (عليها السلام).
أقول: ويدل على هذا ما مر في سبب نزولها في سورة الأنفال عند قوله تعالى وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم.
والقمي عن الباقر (عليه السلام) إنه سئل عن معنى هذه الآية فقال نار تخرج من المغرب وملك يسوقها من خلفها حتى تأتي دار بني سعد بن همام عند مسجدهم فلا تدع دارا لبني أمية إلا أحرقتها وأهلها ولا تدع دارا فيها وتر لآل محمد صلوات الله عليهم إلا أحرقتها وذلك المهدي قال في حديث آخر لما اصطفت الخيلان يوم بدر رفع أبو جهل يده فقال اللهم إن محمدا أقطعنا للرحم واتانا بما لا نعرفه فأجأه العذاب فأنزل الله تبارك وتعالى سأل سائل بعذاب واقع لكافرين ليس له دافع يرده.
(3) من الله ذي المعارج ذي المصاعد وهي الدرجات التي يصعد فيها الكلم الطيب والعمل الصالح ويترقى فيها المؤمنون في سلوكهم وتعرج الملائكة والروح فيها.
(4) تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة استئناف لبيان ارتفاع تلك المعارج وبعد مداها على سبيل تمثيل الملكوت بالملك في نحو الامتداد الزماني المنزه عنه الملكوت.
والقمي عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال تعرج الملائكة والروح في صبح ليلة القدر إليه من عند النبي (صلى الله عليه وآله) والوصي (عليه السلام).
وفي الاحتجاج عن أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد ذكر النبي (صلى الله عليه وآله) قال أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى مسيرة شهر وعرج به في ملكوت السماوات مسيرة خمسين ألف عام أقل من ثلث ليلة حتى انتهى إلى ساق العرش.
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) إن للقيامة خمسين موقفا كل موقف مقام ألف سنة ثم تلا في يوم الآية.
وفي المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) قيل له يا رسول الله ما أطول هذا اليوم فقال والذي نفس محمد (صلى الله عليه وآله) بيده إنه ليخف على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا وعن الصادق (عليه السلام) لو ولي الحساب غير الله لمكثوا فيه خمسين ألف سنة من قبل أن يفرغوا والله سبحانه يفرغ من ذلك في ساعة.
وعنه (عليه السلام) قال لا ينتصف ذلك اليوم حتى يصل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار.
(5) فاصبر صبرا جميلا القمي أي لتكذيب من كذب أن ذلك يكون.
(6) إنهم يرونه بعيدا من الامكان.
(7) ونريه قريبا من الوقوع.
(8) يوم تكون السماء كالمهل القمي قال الرصاص الذائب والنحاس كذلك تذوب السماء.
(9) وتكون الجبال كالعهن كالصوف المصبوغ ألوانا قيل لان الجبال مختلفة الألوان فإذا بست وطيرت في الجو أشبهت العهن المنفوش إذا طيرته الريح.
(10) ولا يسئل حميم حميما ولا يسأل قريب قريبا عن حاله وقرئ على البناء للمفعول.
(11) يبصرونهم القمي عن الباقر (عليه السلام) قال يقول يعرفونهم ثم لا يتساءلون يود المجرم لو يفتدى من عذاب يومئذ ببنيه.
(12) وصاحبته وأخيه.
(13) وفصيلته قيل وعشيرته التي فصل عنهم التي تؤويه تضمه في النسب وعند الشدائد والقمي هي أمه التي ولدته.
(14) ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه.
(15) كلا ردع للمجرم عن الودادة ودلالة على أن الافتداء لا ينجيه إنها لظى إن النار لهب خالص.
(16) نزاعة للشوى وقرئ بالنصب والشوى الأطراف أو جمع شواة وهي جلدة الرأس القمي قال تنزع عينيه وتسود وجهه.
(17) تدعوا من أدبر وتولى قال تجره إليها.
وجمع فأوعى وجمع المال فجعله في وعاء وكنزه حرصا وتأميلا القمي قال جمع مالا ودفنه ووعاه ولم ينفقه في سبيل الله.
(19) إن الانسان خلق هلوعا شديد الحرص قليل الصبر.
(20) إذا مسه الشر جزوعا القمي قال الشر هو الفقر والفاقة.
(21) وإذا مسه الخير منوعا قال الغنا والسعة.
(22) إلا المصلين.
القمي عن الباقر (عليه السلام) قال ثم استثنى فوصفهم بأحسن أعمالهم.
(23) الذين هم على صلاتهم دائمون دائمون قال يقول إذا فرض على نفسه شيئا من النوافل دام عليه.
وفي الخصال عن أمير المؤمنين (عليه السلام) يعني الذين يقضون ما فاتهم من الليل.
بالنهار وما فاتهم من النهار بالليل.
(24) والذين في أموالهم حق معلوم.
(25) للسائل والمحروم في الكافي عن السجاد (عليه السلام) الحق المعلوم الشئ يخرجه من ماله ليس من الزكاة ولا من الصدقة المفروضتين وهو الشئ يخرجه من ماله إن شاء أكثر وإن شاء أقل على قدر ما يملك يصل به رحما ويقوي به ضعيفا ويحمل به كلا ويصل به أخا له في الله أو لنائبة تنوبه وفي معناه أخبار أخر.
وعن الصادق (عليه السلام) المحروم المحارف الذي قد حرم كد يده في الشراء والبيع وفي رواية المحروم الذي ليس بعقله بأس ولم يبسط له في الرزق وهو محارف.
(26) والذين يصدقون بيوم الدين.
في الكافي عن الباقر (عليه السلام) قال بخروج القائم (عليه السلام.
(27) والذين هم من عذاب ربهم مشفقون خائفون على أنفسهم.
(28) إن عذاب ربهم غير مأمون اعتراض يدل على أنه لا ينبغي لاحد أن يأمن من عذاب الله وإن بالغ في طاعته.
(29) والذين هم لفروجهم حافظون.
(30) إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمنهم فإنهم غير ملومين.
(31) فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون مضى تفسيرها في سورة المؤمنون.
(32) والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون حافظون وقرئ لأمانتهم.
(33) والذين هم بشهادتهم قائمون لا يكتمون ولا ينكرون وقرئ بشهاداتهم لاختلاف الأنواع.
(34) والذين هم على صلواتهم يحافظون فيراعون شرائطها وآدابها.
في الكافي والمجمع عن الباقر (عليه السلام) قال هي الفريضة والذين هم على صلواتهم دائمون هي النافلة.
وعن الكاظم (عليه السلام) أولئك أصحاب الخمسين صلاة من شيعتنا.
(35) أولئك في جنات مكرمون.
(36) فمال الذين كفروا قبلك حولك مهطعين مسرعين.
(37) عن اليمين وعن الشمال عزين قيل فرقا شتى جمع عزة والقمي يقول قعود.
وفي الاحتجاج عن أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد ذكر المنافقين قال وما زال رسول الله (صلى الله عليه وآله) يتألفهم ويقربهم ويجلسهم عن يمينه وشماله حتى أذن الله عز وجل له في ابعادهم بقوله واهجرهم هجرا جميلا وبقوله فمال الذين كفروا قبلك مهطعين الآيات.
(38) أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم بلا إيمان قيل هو إنكار لقولهم لو صح ما يقوله لنكون فيها أفضل حظا منهم كما في الدنيا.
(39) كلا ردع عن هذا الطمع إنا خلقناهم مما يعلمون القمي قال من نطفة ثم علقة.
أقول: يعني إن المخلوق من النطفة القذرة لا يتأهل لعالم القدس ما لم يستكمل بالايمان والطاعة ولم يتخلق بالأخلاق الملكية.
(40) فلا اقسم لا مزيدة للتأكيد وهو شائع في كلامهم القمي أي اقسم برب المشارق والمغارب قال قال مشارق الشتاء ومشارق الصيف ومغارب الشتاء ومغارب الصيف.
وفي المعاني عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في هذه الآية قال لها ثلاثمأة وستون مشرقا وثلاثمأة وستون مغربا فيومها الذي تشرق فيه لا تعود فيه إلا من قابل ويومها الذي تغرب فيه لا تعود فيه إلا من قابل.
وفي الاحتجاج عنه (عليه السلام) فيها قال لها ثلاثمأة وستون برجا تطلع كل يوم من برج وتغيب في آخر فلا تعود إليه إلا من قابل في ذلك اليوم إنا لقادرون.
(41) على أن نبدل خيرا منهم أي نهلكهم ونأتي بخلق أمثل منهم وما نحن بمسبوقين بمغلوبين إن أردنا ذلك.
(42) فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلقوا يومهم الذي يوعدون.
(43) يوم يخرجون من الأجداث من القبور سراعا مسرعين كأنهم إلى نصب يوفضون إلى منصوب للعبادة أو علم يسرعون القمي قال إلى الداعي يبادرون وقرئ نصب بضمتين على الجمع.
(44) خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون في الدنيا.
في ثواب الأعمال عن الصادق (عليه السلام) أكثروا من قراءة سئل سائل فان من أكثر قراءتها لم يسأله الله تعالى يوم القيامة عن ذنب عمله وأسكنه الجنة مع محمد (صلى الله عليه وآله) وفي المجمع عن الباقر (عليه السلام) مثله.