سورة القلم

وتسمى سورة ن وهي مكية وقال ابن عباس من أولها إلى قوله سنسمه على الخرطوم مكي وما بعده إلى قوله لو كانوا يعلمون مدني وما بعده إلى قوله يكتبون مكي وما بعده مدني وهي اثنتان وخمسون آية بالاجماع

بسم الله الرحمن الرحيم

(1) ن والقلم وما يسطرون.

في المعاني عن سفيان عن الصادق (عليه السلام) قال وأما فهو نهر في الجنة قال الله عز وجل اجمد فجمد فصار مدادا ثم قال عز وجل للقلم اكتب فسطر القلم في اللوح المحفوظ ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة فالمداد مداد من نور والقلم قلم من نور واللوح لوح من نور قال سفيان فقلت له يا بن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين لي أمر اللوح والقلم والمداد فضل بيان وعلمني مما علمك الله فقال يا بن سعيد لولا أنك أهل للجواب ما أجبتك فنون ملك يؤدي إلى القلم وهو ملك والقلم يؤدي إلى اللوح وهو ملك واللوح يؤدي إلى إسرافيل وإسرافيل يؤدي إلى ميكائيل وميكائيل يؤدي إلى جبرئيل وجبرئيل يؤدي إلى الأنبياء والرسل صلوات الله عليهم قال ثم قال لي قم يا سفيان فلا أمن عليك.

وفي العلل عنه (عليه السلام) وأما ن فكان نهرا في الجنة أشد بياضا من الثلج وأحلى من العسل قال الله عز وجل له كن مدادا ثم أخذ شجرة فغرسها بيده ثم قال واليد القوة وليس بحيث يذهب إليه المشبهة ثم قال لها كوني قلما ثم قال له اكتب فقال له يا رب وما اكتب قال ما هو كائن إلى يوم القيامة ففعل ذلك ثم ختم عليه وقال لا تنطقن إلى يوم الوقت المعلوم.

والقمي عنه (عليه السلام) أول ما خلق الله القلم فقال له اكتب فكتب ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة.

وفي المجمع عن الباقر (عليه السلام) ن نهر في الجنة قال الله له كن مدادا فجمد وكان أبيض من اللبن وأحلى من الشهد ثم قال للقلم اكتب فكتب القلم ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة وقد مر حديث آخر في هذا المعنى في سورة الجاثية.

وفي الخصال عنه (عليه السلام) قال إن لرسول الله (صلى الله عليه وآله) عشرة أسماء خمسة في القرآن وخمسة ليست في القرآن فمحمد وأحمد وعبد الله ويس ون (صلى الله عليه وآله).

(2) ما أنت بنعمة ربك بمجنون جواب القسم أي ما أنت بمجنون منعما عليك بالنبوة وحصافة الرأي وهو جواب لقولهم يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون.

(3) وإن لك على تحمل أعباء الرسالة وقيامك بمواجبها لاجرا لثوابا غير ممنون غير مقطوع أو غير ممنون به عليك.

(4) وإنك لعلى خلق عظيم إذ تحتمل من قومك ما لا يحتمله غيرك.

في الكافي عن الصادق (عليه السلام) إن الله عز وجل أدب نبيه فأحسن أدبه فلما أكمل له الأدب قال إنك لعلى خلق عظيم وفي رواية أدب نبيه (صلى الله عليه وآله) على محبته وفي البصائر مقطوعا إن الله تعالى أدب نبيه (صلى الله عليه وآله) فأحس تأديبه فقال خد العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين فلما كان ذلك أنزل الله إنك لعلى خلق عظيم.

والقمي عن الباقر (عليه السلام) يقول على دين عظيم.

ومثله في المعاني وعنه (عليه السلام) هو الاسلام.

(5) فستبصر ويبصرون.

(6) بأييكم المفتون أيكم الذين فتن بالجنون والباء مزيدة أو بأيكم الجنون على أن المفتون مصدر أو بأيكم أحرى هذا الاسم أنت أم هم.

في المحاسن عن الباقر (عليه السلام) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما من مؤمن إلا وقد خلص ودي إلى قلبه وما خلص ودي إلى قلب أحد إلا وقد خلص ود علي إلى قلبه كذب يا علي من زعم أنه يحبني ويبغضك قال فقال رجلان من المنافقين لقد فتن الله رسول الله (صلى الله عليه وآله) بهذا الغلام فأنزل الله تبارك وتعالى فستبصر ويبصرون بأييكم المفتون قال نزلت فيهما إلى آخر الآيات وقيل نزلت في الوليد بن المغيرة كان يمنع عشيرته عن الاسلام وكان موسرا وله عشر بنين فكان يقول لهم وللحمته من أسلم منكم منعته رفدي وكان دعيا ادعاه أبوه بعد ثماني عشرة من مولده كذا في الجوامع.

(7) إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين.

(8) فلا تطع المكذبين.

(9) ودوا لو تدهن فيدهنون تلاينهم فيلاينونك القمي قال أي أحبوا أن تغش في علي (عليه السلام) فيغشون معك.

(10) ولا تطع كل حلاف كثير الحلف مهين حقير الرأي.

(11) هماز عياب طعان مشاء بنميم نقال للحديث على وجه السعاية.

(12) مناع للخير يمنع الناس عن الخير من الايمان والانفاق والعمل الصالح.

معتد متجاوز في الظلم أثيم كثير الآثام.

(13) عتل جاف غليظ بعد ذلك بعدما عد من مثالبه زنيم.

في المعاني عن الصادق (عليه السلام) إنه سئل عن قوله تعالى عتل بعد ذلك زنيم فقال العتل العظيم الكفر والزنيم المستهتر بكفره.

وفي المجمع سئل النبي (صلى الله عليه وآله) عن العتل الزنيم فقال هو الشديد الخلق الشحيح الأكول الشروب الواجد للطعام والشراب الظلوم للناس الرحب الجوف وعنه (عليه السلام) لا يدخل الجنة جواظ (1) ولا جعظري ولا عتل زنيم قيل فما الجواظ قال كل جماع مناع قيل فما الجعظري قال الفظ الغليظ قيل فما العتل الزنيم قال كل رحب الجوف سئ الخلق أكول شروب غشوم ظلوم.

وعن علي (عليه السلام) الزنيم هو الذي لا أصل له والقمي قال الحلاف الثاني حلف لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ويهمز بين أصحابه مناع للخير قال الخير أمير المؤمنين (عليه السلام) معتد قال اي اعتدى عليه عتل بعد ذلك زنيم قال العتل العظيم الكفر والزنيم الدعي.

(14) أن كان ذا مال وبنين لان كان متمولا مستظهرا بالبنين وهو إما متعلق بلا تطع أو بما بعده وقرئ إن كان على الاستفهام.

(15) إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين أي أكاذيبهم قاله من فرط غروره.

(16) سنسمه على الخرطوم على الانف قيل وقد أصاب أنف الوليد جراحة يوم بدر فبقي على أثره وقيل إنه كناية عن أن يذله غاية الاذلال كقولهم جدع أنفه ورغم أنفه والقمي إذا تتلى عليه قال كنى عن الثاني قال أساطير الأولين أي أكاذيب الأولين سنسمه على الخرطوم قال في الرجعة إذا رجع أمير المؤمنين (عليه السلام) ويرجع أعداؤه فيسمهم بميسم معه كما يوسم البهايم على الخراطيم الانف والشفتان.

أقول: وقد مضى بيانه في تفسير دابة الأرض في سورة النمل.

(17) إنا بلوناهم اختبرنا أهل مكة بالقحط كما بلونا أصحاب الجنة أصحاب البستان الذي كان بدون صنعا.

القمي عن الباقر (عليه السلام) إن أهل مكة ابتلوا بالجوع كما ابتلي أصحاب الجنة وهي جنة كانت في الدنيا وكانت باليمن يقال لها الرضوان على تسعة أميال من صنعاء إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين ليقطعنها وقت الصباح.

ولا يستثنون ولا يقولون إن شاء الله وإنما سمي استثناء لما فيه من الاخراج.

(19) فطاف عليها على الجنة طائف بلاء طائف من ربك وهم نائمون.

(20) فأصبحت كالصريم قيل كالبستان الذي صرم ثماره بحيث لم يبق فيه شئ أو كالليل المظلم باحتراقها واسودادها أو كالنهار بابيضاضها من فرط اليبس والصريمان الليل والنهار لانصرام أحدهما من الاخر.

(21) فتنادوا مصبحين.

(22) أن اغدوا على حرثكم أخرجوا إليه غدوة ضمن معنى الاقبال أو الاستيلاء فعدي بعلى إن كنتم صارمين قاطعين له.

(23) فانطلقوا وهم يتخافتون يتسارون فيما بينهم.

(24) أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين.

(25) وغدوا على حرد قادرين على نكد قادرين لا غير مكان قدرتهم على الانتفاع يعني إنهم عزموا أن يتنكدوا على المساكين فتنكد عليهم بحيث لم يقدروا فيها إلا على النكد والحرمان.

(26) فلما رأوها أول ما رأوها قالوا إنا لضالون أخطأنا طريق جنتنا وما هي بها.

(27) بل نحن محرومون أي بعدما تأملوا وعرفوا أنها هي قالوا بل نحن حرمنا خيرها لجنايتنا على أنفسنا.

(28) قال أوسطهم خيرهم ألم أقل لكم لولا تسبحون لولا تذكرون الله وتشكرونه بأداء حقه وتتوبون إليه من خبث نيتكم.

(29) قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين.

(30) فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون يلوم بعضهم بعضا فإن منهم من أشار بذلك ومنهم من استصوبه ومنهم من سكت راضيا ومنهم من أنكره.

(31) قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين متجاوزين حدود الله.

(32) عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها ببركة التوبة والاعتراف بالخطيئة وقد روي أنهم أبدلوا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون راجون العفو طالبون الخير.

في الكافي عن الباقر (عليه السلام) قال إن الرجل ليذنب الذنب فيدرأ عنه عليه الرزق وتلا هذه الآية إذ اقسموا ليصرمنها إلى قوله وهم نائمون.

والقمي عن ابن عباس أنه قيل له إن قوما من هذه الأمة يزعمون أن العبد قد يذنب الذنب فيحرم به الرزق فقال ابن عباس فوالذي لا إله غيره لهذا نور في كتاب الله من الشمس الضاحية ذكره الله في سورة ن والقلم إن شيخا كانت له جنة وكان لا يدخل بيته ثمرة منها ولا إلى منزله حتى يعطي كل ذي حق حقه فلما قبض الشيخ ورثه بنوه وكان له خمس من البنين فحملت جنته في تلك السنة التي هلك فيها أبوهم حملا لم يكن حملت قبل ذلك فراحوا الفتية إلى جنتهم بعد صلاة العصر فأشرفوا على ثمرة ورزق فاضل لم يعاينوا مثله في حياة أبيهم فلما نظروا إلى الفضل طغوا وبغوا وقال بعضهم لبعض إن أبانا كان شيخا كبيرا قد ذهب عقله وخرف فهلموا فلنتعاقد عهدا فيما بيننا أن لا نعطي أحدا من فقراء المسلمين في عامنا هذا شيئا حتى نستغني وتكثر أموالنا ثم نستأنف الصنعة فيما يستقبل من السنين المقبلة فرضي بذلك أربعة وسخط الخامس وهو الذي قال الله قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون فقيل يا بن عباس كان أوسطهم في السن فقال لا بل كان أصغر القوم سنا وكان أكبرهم عقلا وأوسط القوم خير القوم قال الله وكذلك جعلناكم أمة وسطا فقال لهم أوسطهم اتقوا الله وكونوا على منهاج أبيكم تسلموا وتغنموا فبطشوا به فضربوه ضربا مبرما فلما أيقن الأخ أنهم يريدون قتله دخل معهم في مشورتهم كارها لامرهم غير طائع فراحوا إلى منازلهم ثم حلفوا بالله أن يصرموا إذا أصبحوا ولم يقولوا إن شاء الله فابتلاهم الله بذلك الذنب وحال بينهم وبين ذلك الرزق الذي كانوا أشرفوا عليه فأخبر عنهم في الكتاب وقال إنا بلونهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ اقسموا ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم قال كالمحترق فقيل لابن عباس ما الصريم قال الليل المظلم ثم قال لا ضوء به ولا نور فلما أصبح القوم تنادوا مصبحين أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين قال فانطلقوا وهم يتخفتون قيل وما التخافت يا بن عباس قال يتسارون يسار بعضهم بعضا لكيلا يسمع أحد غيرهم فقالوا ألا يدخلنها اليوم عليكم مسكين وغدوا على حرد قادرين وفي أنفسهم أن يصرموها ولا يعلمون ما قد حل بهم من سطوات الله ونقمته فلما رأوها وعاينوا ما قد حل بهم قالوا إنا لضالون بل نحن محرومون فحرمهم الله ذلك الرزق بذنب كان منهم ولم يظلمهم شيئا.

(33) كذلك العذاب مثل ما بلونا به أهل مكة وأصحاب الجنة العذاب في الدنيا ولعذاب الآخرة أكبر أعظم منه لو كانوا يعلمون لاحترزوا عما يؤديهم إلى العذاب.

(34) إن للمتقين عند ربهم جنات النعيم جنات ليس فيها الا التنعم الخالص.

(35) أفنجعل المسلمين كالمجرمين إنكار لقولهم إن صح انا نبعث كما يزعم محمد (صلى الله عليه وآله) ومن معه لم يفضلونا بل نكون أحسن حالا منهم كما نحن عليه في الدنيا.

(36) ما لكم كيف تحكمون التفات فيه تعجيب من حكمهم واستبعاد له واشعار بأنه صادر من اختلال فكر واعوجاج رأي.

(37) أم لكم كتب من السماء فيه تدرسون تقرؤون.

(38) إن لكم فيه لما تخيرون إن لكم ما تختارونه وتشتهونه يقال تخير الشئ واختاره أخذ خيره وكسر إن لمكان اللام ويحتمل الاستئناف.

(39) أم لكم أيمان علينا عهود مؤكدة بالايمان بالغة متناهية في التوكيد إلى يوم القيمة ثابتة لكم علينا إلى يوم القيامة لا تخرج عن عهدته حتى نحكمكم في ذلك اليوم إن لكم لما تحكمون جواب القسم المضمن في أم لكم أيمان.

(40) سلهم أيهم بذلك زعيم بذلك الحكم كفيل يدعيه ويصححه.

(41) أم لهم شركاء يجعلونهم في الآخرة مثل المؤمنين أو يشاركونهم في هذا (42) القول فهم يقلدونهم إذ لا أقل من التقليد فليأتوا بشركائهم إن كانوا صادقين في دعواهم.

(42) يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون.

(43) خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة يوم يشتد الامر ويصعب الخطب وكشف الساق مثل في ذلك وأصله تشمير المخدورات عن سوقهن في الهرب أو يوم يكشف عن أصل الامر وحقيقته بحيث يصير عيانا مستعار من ساق الشجر وساق الانسان وتنكيره للتهويل أو للتعظيم.

في المجمع عن الباقر والصادق (عليهما السلام) إنهما قالا في هذه الآية افحم القوم ودخلتهم الهيبة وشخصت الابصار وبلغت القلوب الحناجر لما رهقهم من الندامة والخزي والذلة وفي التوحيد عن الصادق (عليه السلام) مثله.

وفيه وفي العيون عن الرضا (عليه السلام) قال حجاب من نور يكشف فيقع المؤمنون سجدا ويدبح أصلاب المنافقين فلا يستطيعون السجود وفي المجمع في الخبر أنه يصير ظهور المنافقين كالسفافيد وفي الجوامع وفي الحديث تبقى أصلابهم طبقا واحدا أي فقارة واحدة لا تثنى وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون.

في التوحيد عن الصادق (عليه السلام) وهم سالمون أي مستطيعون يستطيعون الاخذ بما أمروا به والترك لما نهوا عنه ولذلك ابتلوا ثم قال ليس شئ مما أمروا به ونهوا عنه إلا ومن الله عز وجل فيه ابتلاء وقضاء قيل وفيه وعيد لمن سمع النداء إلى الصلاة فلم يجب وقعد عن الجماعة والقمي قال يكشف عن الأمور التي خفيت وما غصبوا آل محمد صلوات الله عليهم حقهم ويدعون إلى السجود قال يكشف لأمير المؤمنين (عليه السلام) فتصير أعناقهم مثل صياصي البقر يعني قرونها فلا يستطيعون أن يسجدوا وهي عقوبة لأنهم لم يطيعوا الله في الدنيا في أمره وهو قوله وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون قال إلى ولايته في الدنيا وهم يستطيعون.

(44) فذرني ومن يكذب بهذا الحديث كله إلي فاني اكفيكه سنستدرجهم سندنيهم من العذاب درجة درجة بالامهال وإدامة الصحة وازدياد النعمة وانساء الذكر من حيث لا يعلمون إنه استدراج.

(45) واملى لهم وأمهلهم إن كيدي متين لا يدفع بشئ سماه كيدا لأنه في صورته وقد مضى بيان الاستدراج وتفسير الآية في سورة الأعراف.

(46) أم تسئلهم أجرا على الارشاد فهم من مغرم من غرامة مثقلون بحملها فيعرضون عنك.

(47) أم عندهم الغيب فهم يكتبون منه ما يحكمون ويستغنون به عن علمك.

(48) فاصبر لحكم ربك وهو إمهالهم وتأخير نصرتك عليهم ولا تكن كصاحب الحوت يعني يونس لما دعا على قومه ثم ذهب مغاضبا لله إذ نادى في بطن الحوت وهو مكظوم.

القمي عن الباقر (عليه السلام) أي مغموم.

(49) لولا أن تداركه نعمة من ربه التوفيق للتوبة وقبولها القمي قال النعمة الرحمة لنبذ بالعراء بالأرض الخالية عن الأشجار والسقف القمي قال الموضع الذي لا سقف له وهو مذموم مليم.

(50) فاجتباه ربه بأن رد الوحي إليه فجعله من الصالحين من الكاملين في الصلاح وقد مضى قصته في سورته.

(51) وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون.

(52) وما هو إلا ذكر للعالمين يعني إنهم لشدة عداوتهم وانبعاث بغضهم وعهدهم عند سماع القرآن والدعاء إلى الخير ينظرون إليك شزرا بحيث يكادون يزلون قدمك فيصرعونك من قولهم نظر إلي نظرا يكاد يصرعني أي لو أمكنه بنظره الصرع لفعله.

في الكافي والفقيه عن الصادق (عليه السلام) إنه مر بمسجد الغدير فنظر إلى ميسرة المسجد فقال ذاك موضع قدم رسول الله (صلى الله عليه وآله) حيث قال من كنت مولاه فعلي مولاه ثم نظر إلى الجانب الآخر فقال ذاك موضع فسطاط أبي فلان وفلان وسالم مولى أبي حذيفة وأبي عبيدة الجراح فلما أن رأوه رافعا يده قال بعضهم لبعض انظروا إلى عينيه تدوران كأنهما عينا مجنون فنزل جبرئيل بهذه الآية والقمي لما سمعوا الذكر قال لما أخبرهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) بفضل أمير المؤمنين (عليه السلام) قال وما هو يعني أمير المؤمنين (عليه السلام) إلا ذكر للعلمين قيل المعنى إنهم يكادون يصيبونك بالعين إذ روي أنه كان في بني أسد عيانون فأراد بعضهم على أن يعينه فنزلت وفي الحديث إن العين لتدخل الرجل القبر والجمل القدر.

وفي المجمع جاء في الخبر أن أسماء بنت عميس قالت يا رسول الله إن بني جعفر تصيبهم العين فأسترقي لهم قال نعم فلو كان شئ يسبق القدر لسبقه العين وقرئ ليزلقونك بفتح الياء.

وفي ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) من قرأ سورة ن والقلم في فريضة أو نافلة آمنه الله عز وجل من أن يصيبه فقر أبدا وأعاذه الله تعالى إذا مات من ضمة القبر.


1. يعني يوم بدر، وقيل معاينة وقيل أن اللفظ ماض والمراد به المستقبل. .