سورة التحريم
مدنية عدد آيها اثنتا عشرة آية بالاجماع
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغى مرضات أزواجك والله غفور رحيم.
القمي عن الصادق (عليه السلام) قال اطلعت عائشة وحفصة على النبي (صلى الله عليه وآله) وهو مع مارية فقال النبي (صلى الله عليه وآله) ما أقربها فأمره الله أن يكفر عن يمينه وروي أنه خلا بمارية في يوم حفصة أو عائشة فاطلعت على ذلك حفصة فعاتبته فيه فحرم مارية فنزلت وقيل شرب عسلا عند حفصة فواطأت عائشة وسودة وصفية فقلن له انا نتبسم منك ريح المغافير فحرم العسل فنزلت ويأتي تمام الكلام فيه.
(2) قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم قد شرع لكم تحليلها وهو حل ما عقدته بالكفارة والله مولاكم متولي أموركم وهو العليم بما يصلحكم الحكيم المتقن في أفعاله وأحكامه.
(3) وإذ أسر النبي إلى بعض أزوجه حديثا فلما نبات به أخبرت به وأظهره الله عليه وأطلع الله النبي على الحديث أي على افشائه عرف بعضه عرف الرسول بعض ما فعلت وأعرض عن بعض عن إعلام بعض تكرما وقرئ عرف بالتخفيف في المجمع واختار التخفيف أبو بكر بن أبي عياش وهو من الحروف العشرة التي قال إني أدخلتها في قراءة عاصم من قراءة علي بن أبي طالب (عليه السلام) حتى استخلصت قراءته يعني قراءة علي (عليه السلام) فلما نبأها به قالت من أنباك هذا قال نبأني العليم الخبير القمي كان سبب نزولها أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان في بعض بيوت نسائه وكانت مارية القبطية تكون معه تخدمه وكان ذات يوم في بيت حفصة فذهبت حفصة في حاجة لها فتناول رسول الله (صلى الله عليه وآله) مارية فعلمت حفصة بذلك فغضبت وأقبلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالت يا رسول الله في يومي وفي داري وعلى فراشي فاستحيى رسول الله (صلى الله عليه وآله) منها فقال كفي قد حرمت مارية على نفسي ولا أطأها بعد هذا أبدا وأنا أفضي إليك سرا إن أنت أخبرت به فعليك لعنة الله والملائكة والناس أجمعين فقالت نعم ما هو فقال إن أبا بكر يلي الخلافة بعدي ثم بعده أبوك فقالت من أنباك هذا قال نبأني العليم الخبير فأخبرت حفصة به عائشة من يومها ذلك وأخبرت ذلك عائشة أبا بكر فجاء أبو بكر إلى عمر فقال له إن عائشة أخبرتني عن حفصة بشئ ولا أثق بقولها فاسأل أنت حفصة فجاء عمر إلى حفصة فقال لها ما هذا الذي أخبرت عنك عائشة فأنكرت ذلك وقالت ما قلت لها من ذلك شيئا فقال لها عمر إن هذا حق فأخبرينا حتى نتقدم فيه فقالت نعم قد قال رسول الله فاجتمعوا أربعة على أن يسموا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فنزل جبرئيل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) بهذه السورة قال وأظهره الله عليه يعني أظهره الله على ما أخبرت به وما هموا به من قتله عرف بعضه أي أخبرها وقال لم أخبرت بما أخبرتك وأعرض عن بعض قال لم يخبرهم بما يعلم مما هموا به من قتله وفي المجمع قيل إن النبي (صلى الله عليه وآله) خلا في بعض يوم لعائشة مع جاريته أم إبراهيم مارية القبطية فوقفت حفصة على ذلك فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا تعلمي عائشة ذلك وحرم مارية على نفسه فأعلمت حفصة عائشة الخبر واستكتمتها إياه فأطلع الله نبيه على ذلك وهو قوله وإذ أسر النبي إلى بعض أزوجه حديثا يعني حفصة ولما حرم مارية القبطية أخبر حفصة أنه يملك من بعده أبو بكر وعمر فعرفها بعض ما أفشت من الخبر وأعرض عن بعض أن أبا بكر وعمر يملكان بعدي قال وقريب من ذلك ما رواه العياشي عن أبي جعفر (عليه السلام) إلا أنه زاد في ذلك أن كل واحدة منهما حدثت أباها بذلك فعاتبهما في أمر مارية وما أفشتا عليه من ذلك وأعرض عن أن يعاتبهما في الامر الاخر.
ان تتوبا إلى الله خطاب لحفصة وعائشة على الالتفات للمبالغة في المعاتبة فقد صغت قلوبكما فقد وجد منكما ما يوجب التوبة وهو ميل قلوبكما عن الواجب من مخالصة الرسول بحب ما يحبه وكراهة ما يكرهه وإن تظاهرا عليه وإن تتظاهرا عليه بما يسوءه وقرئ بالتخفيف.
في المجمع والأمالي عن ابن عباس أنه سأل عمر بن الخطاب من اللتان تظاهرتا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال عائشة وحفصة.
وفي الجوامع عن الكاظم (عليه السلام) إنه قرأ وإن تظاهروا عليه.
أقول: كأنه أشرك معهما أبويهما فإن الله هو موله وجبريل وصالح المؤمنين فلن يعدم من يظاهره فان الله ناصره وجبرئيل رئيس الكروبيين قرينه وعلي بن أبي طالب اخوه ووزيره ونفسه والملائكة بعد ذلك ظهير مظاهرون.
القمي عن الباقر (عليه السلام) قال وصالح المؤمنين هو علي بن أبي طالب (عليه السلام.
وفي المجمع عنه (عليه السلام) قال لقد عرف رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا أصحابه مرتين أما مرة فحيث قال من كنت مولاه فعلي مولاه وأما الثانية فحيث ما نزلت هذه الآية فان الله هو مولاه وجبرئيل وصالح المؤمنين أخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيد علي (عليه السلام) وقال يا أيها الناس هذا صالح المؤمنين وقالت أسماء بنت عميس سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) يقول وصلح المؤمنين علي ابن أبي طالب (عليه السلام.
قال ووردت الرواية من طريق العام والخاص أن المراد بصالح المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام).
(5) عسى ربه إن طلقكن أن يبدله وقرئ بالتخفيف أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات صائمات ثيبات وأبكارا وسط العاطف بينهما لتنافيهما ولأنهما في حكم صفة واحدة إذ المعنى مشتملات على الثيبات والابكار.
(6) يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم بترك المعاصي وفعل الطاعات وأهليكم بالنصح والتأديب نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة تلي أمرها وهم الزبانية غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) لما نزلت هذه الآية جلس رجل من المسلمين يبكي وقال عجزت عن نفسي كلفت أهلي فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) حسبك أن تأمرهم بما تأمر به نفسك وتنهاهم عما تنهى عنه نفسك.
والقمي عنه (عليه السلام) قيل له هذه نفسي أقيها فكيف أقي أهلي قال تأمرهم بما أمرهم الله به وتنهاهم عما نهاهم الله عنه فإن أطاعوك كنت قد وقيتهم وإن عصوك كنت قد قضيت ما عليك.
وفي الكافي ما يقرب منه.
(7) يا أيها الذين كفروا لا تعتذروا اليوم إنما تجزون ما كنتم تعملون أي يقال لهم ذلك عند دخولهم النار والنهي عن الاعتذار لأنه لا عذر لهم أو العذر لا ينفعهم؟؟؟.
(8) يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا بالغة في النصح وهو صفة التائب فإنه ينصح نفسه بالتوبة وصفت به على الاسناد المجازي مبالغة وقرئ بضم النون وهو المصدر.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) انه سئل عن هذه الآية فقال يتوب العبد من الذنب ثم لا يعود فيه وفي رواية قيل له وأينا لم يعد فقال إن الله يحب من عباده المفتن التواب.
والقمي عن الكاظم (عليه السلام) في هذه الآية قال يتوب العبد ثم لا يرجع فيه وأحب عباد الله إلى الله المفتن التائب.
وفي الكافي عنه (عليه السلام) ما في معناه.
وفي المعاني عن الصادق (عليه السلام) التوبة النصوح أن يكون باطن الرجل كظاهره وأفضل.
وفي الكافي عنه (عليه السلام) إذا تاب العبد توبة نصوحا أحبه الله فستر عليه في الدنيا والآخرة قيل وكيف يستر عليه قال ينسي ملكيه ما كتبا عليه من الذنوب ويوحي إلى جوارحه اكتمي عليه ذنوبه ويوحي إلى بقاع الأرض اكتمي ما كان يعمل عليك من الذنوب فيلقى الله حين يلقاه وليس شئ يشهد عليه بشئ من الذنوب عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجرى من تحتها الأنهار قيل ذكر بصيغة الأطماع جريا على عادة الملوك وإشعارا بأنه تفضل والتوبة غير موجب وأن العبد ينبغي أن يكون بين خوف ورجاء يوم لا يخزى الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمنهم.
في المجمع عن الصادق (عليه السلام) في هذه الآية قال يسعى أئمة المؤمنين يوم القيامة بين أيدي المؤمنين وبأيمانهم حتى ينزلوهم منازلهم في الجنة القمي عنه (عليه السلام) ما يقرب منه.
وعن الباقر (عليه السلام) فمن كان له نور يومئذ نجا وكل مؤمن له نور يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شئ قدير.
(9) يا أيها النبي جاهد الكفار والمنفقين.
في المجمع عن الصادق (عليه السلام) إنه قرأ جاهد الكفار بالمنافقين قال إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يقاتل منافقا قط إنما كان يتألفهم.
والقمي عنه (عليه السلام) في قوله جاهد الكفار والمنفقين قال هكذا نزلت فجاهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) الكفار وجاهد علي (عليه السلام) المنافقين فجهاد علي (عليه السلام) جهاد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد سبق تمام بيانه في سورة التوبة واغلظ عليهم ومأويهم جهنم وبئس المصير.
(10) ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما بالنفاق والتظاهر على الرسولين مثل الله حال الكفار والمنافقين في أنهم يعاقبون بكفرهم ونفاقهم ولا يجابون بما بينهم وبين النبي (صلى الله عليه وآله) والمؤمنين من النسبة والوصلة بحال امرأة نوح وامرأة لوط وفيه تعريض بعائشة وحفصة في خيانتهما رسول الله (صلى الله عليه وآله) بإفشاء سره ونفاقهما إياه وتظاهرهما عليه كما فعلت امرأتا الرسولين فلم يغنيا عنهما من الله شيئا فلن يغن الرسولان عنهما بحق الزواج اغناء ما وقيل لهما عند موتهما أو يوم القيامة ادخلا النار مع الداخلين الذين لا وصلة بينهم وبين الأنبياء.
(11) وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون ومثل حال المؤمنين في أن وصلة الكافرين لا تضرهم بحال آسية ومنزلتها عند الله مع أنها كانت تحت اعدى أعداء الله إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله من نفسه الخبيثة وعمله السئ ونجني من القوم الظالمين من القبط التابعين له في الظلم.
(12) ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها.
القمي قال لم ينظر إليها فنفخنا فيه في فرجها من روحنا من روح خلقناه بلا توسط أصل.
والقمي أي روح مخلوقة وصدقت بكلمات ربها وكتبه وقرئ بكتابه وكانت من القانتين من المواظبين على الطاعة.
والقمي من الداعين والتذكير للتغليب والاشعار بأن طاعتها لم تقصر عن طاعة الرجال الكاملين حتى عدت من جملتهم.
في المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال؟كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا أربعة آسية بنت مزاحم امرأة فرعون ومريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله).
وفي الخصال عنه (عليه السلام) أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة (عليها السلام) بنت محمد (صلى الله عليه وآله) ومريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون.
وفي الفقيه دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) على خديجة وهي لما بها فقال لها بالرغم منا ما نرى بك يا خديجة فإذا قدمت على ضرائرك فاقرأيهن السلام فقالت من هن يا رسول الله فقال مريم بنت عمران وكلثم أخت موسى (عليه السلام) وآسية امرأة فرعون فقالت بالرفاء يا رسول الله.
قد سبق ثواب قراءتها.