سورة الطلاق
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) يا أيها النبي القمي المخاطبة للنبي (صلى الله عليه وآله) والمعنى للناس إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وقت عدتهن وهو الطهر القمي عن الباقر (عليه السلام) قال العدة الطهر من المحيض.
وفي المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) والسجاد والصادق (عليهما السلام) فطلقوهن في قبل عدتهن.
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) قال قال أمير المؤمنين (عليه السلام) إذا أراد الرجل الطلاق طلقها في قبل عدتها بغير جماع.
وعن الباقر (عليه السلام) إنما الطلاق أن يقول لها في قبل العدة بعد ما تطهر من حيضها قبل أن يجامعها أنت طالق أو اعتدي يريد بذلك الطلاق ويشهد على ذلك رجلين عدلين وأحصوا العدة اضبطوها واكملوها ثلاثة قروء واتقوا الله ربكم في تطويل العدة والاضرار بهن لا تخرجوهن من بيوتهن من مساكنهن وقت الفراق حتى تنقضي عدتهن ولا يخرجن.
في الكافي عن الكاظم (عليه السلام) إنما عنى بذلك التي تطلق تطليقة بعد تطليقة فتلك التي لا تخرج ولا تخرج حتى تطلق الثالثة فإذا طلقت الثالثة فقد بانت منه ولا نفقة لها والمرأة التي يطلقها الرجل تطليقة ثم يدعها حتى يخلو اجلها فهذه أيضا تقعد في منزل زوجها ولها النفقة والسكنى حتى تنقضي عدتها إلا أن يأتين بفاحشة مبينة.
في الفقيه عن الصادق (عليه السلام) انه سئل عنه فقال إلا أن تزني فتخرج ويقام عليها الحد.
وفي الكافي عن الرضا (عليه السلام) قال أذاها لأهل الرجل وسوء خلقها.
وعنه (عليه السلام) يعني بالفاحشة المبينة أن تؤذي أهل زوجها فإذا فعلت فإن شاء أن يخرجها من قبل أن تنقضي عدتها فعل.
وفي المجمع عنه وعن الباقر والصادق (عليهم السلام) ما في معناه والقمي معنى الفاحشة أن تزني أو تشرف على الرجال ومن الفاحشة السلاطة على زوجها فإن فعلت شيئا من ذلك حل له أن يخرجها.
وفي الاكمال عن صاحب الزمان (عليه السلام) الفاحشة المبينة السحق دون الزنى الحديث وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه بأن عرضها للعقاب لا تدرى أي النفس لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا وهي الرغبة في المطلقة برجعة أو استئناف والقمي قال لعله أن يبدو لزوجها في الطلاق فيراجعها.
وفي الكافي عن الباقر (عليه السلام) أحب للرجل الفقيه إذا أراد أن يطلق امرأته ان يطلقها طلاق السنة ثم قال وهو الذي قال الله عز وجل لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا يعني بعد الطلاق وانقضاء العدة التزويج بها من قبل أن تزوج زوجا غيره.
وعن الصادق (عليه السلام) المطلقة تكتحل وتختضب وتطيب وتلبس ما شاءت من الثياب لان الله عز وجل يقول لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا لعلها أن تقع في نفسه فيراجعها.
(2) فإذا بلغن أجلهن شارفن آخر عدتهن فأمسكوهن راجعوهن بمعروف بحسن عشرة وإنفاق مناسب أو فارقوهن بمعروف بإيفاء الحق والتمتيع وإتقاء الضرار وأشهدوا ذوي عدل منكم على الطلاق القمي معطوف على قوله إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن.
في الكافي عن الكاظم (عليه السلام) قال لأبي يوسف القاضي ان الله تبارك وتعالى أمر في كتابه بالطلاق وأكد فيه بشاهدين ولم يرض بهما إلا عدلين وأمر في كتابه بالتزويج فأهمله بلا شهود فأثبتم شاهدين فيما أهمل وأبطلتم الشاهدين فيما أكد وأقيموا الشهادة أيها الشهود عند الحاجة لله خالصا لوجهه ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ومن يتق الله يجعل له مخرجا (3) ويرزقه من حيث لا يحتسب القمي عن الصادق (عليه السلام) قال في دنياه.
وفي المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) إنه قرأها فقال مخرجا من شبهات الدنيا ومن غمرات الموت وشدائد يوم القيامة.
وعنه عليه السلام) إني لاعلم آية لو اخذ بها الناس لكفتهم ومن يتق الله الآية فما زال يقولها ويعيدها وفي نهج البلاغة مخرجا من الفتن ونورا من الظلم.
وفي المجمع عن الصادق (عليه السلام) ويرزقه من حيث لا يحتسب أي يبارك له فيما أتاه.
وفي الفقيه عنه عن آبائه عن علي (عليهم السلام) من أتاه الله برزق لم يخط إليه برجله ولم يمد إليه يده ولم يتكلم فيه بلسان ولم يشد إليه ثيابه ولم يتعرض له كان ممن ذكره الله عز وجل في كتابه ومن يتق الله الآية.
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) إن قوما من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما نزلت هذه الآية اغلقوا الأبواب وأقبلوا على العبادة وقالوا قد كفينا فبلغ ذلك النبي (صلى الله عليه وآله) فأرسل إليهم فقال ما حملكم على ما صنعتم فقالوا يا رسول الله تكفل لنا بأرزاقنا فأقبلنا على العبادة فقال إنه من فعل ذلك لم يستجب له عليكم بالطلب.
وعنه (عليه السلام) هؤلاء قوم من شيعتنا ضعفاء ليس عندهم ما يتحملون به إلينا فيسمعون حديثنا ويقتبسون من علمنا فيرحل قوم فوقهم وينفقون أموالهم ويتعبون أبدانهم حتى يدخلوا علينا فيسمعوا حديثنا فينقلوه إليهم فيعيه هؤلاء ويضيعه هؤلاء فأولئك الذين يجعل الله عز وجل لهم مخرجا ويرزقهم من حيث لا يحتسبون ومن يتوكل على الله فهو حسبه كافيه إن الله بالغ أمره يبلغ ما يريده ولا يفوته مراد وقرئ بالإضافة قد جعل الله لكل شئ قدرا تقديرا أو مقدارا لا يتغير وهو بيان لوجوب التوكل وتقرير لما تقدم من الاحكام وتمهيد لما سيأتي من المقادير.
في الكافي عن الكاظم (عليه السلام) انه سئل عن هذه الآية فقال للتوكل على الله درجات منها أن تتوكل على الله في أمورك كلها فما فعل بك كنت عنه راضيا تعلم أنه لا يألوك خيرا وفضلا وتعلم أن الحكم في ذلك له فتوكل على الله بتفويض ذلك إليه وثق به فيها وفي غيرها وفي المعاني مرفوعا جاء جبرائيل إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال له يا جبرئيل ما التوكل على الله فقال العلم بأن المخلوق لا يضر ولا ينفع ولا يعطي ولا يمنع واستعمال اليأس من الخلق فإذا كان العبد كذلك لم يعتمد إلى أحد سوى الله ولم يرج ولم يخف سوى الله ولم يطمع في أحد سوى الله فهذا هو التوكل.
(4) واللائي يئسن من المحيض من نسائكم فلا يحضن إن ارتبتم شككتم في أمرهن أي جهلتم فلا تدرون لكبر ارتفع حيضهن أم لعارض.
في المجمع عن أئمتنا (عليهم السلام) هن اللواتي أمثالهن يحضن لأنهن لو كن في سن من لا تحيض لم يكن للارتياب معنى فعدتهن ثلاثة أشهر روي أنه لما نزلت والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء قيل فما عدة اللائي لم يحضن فنزلت واللائي لم يحضن أي واللائي لم يحضن بعد ذلك وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن.
في المجمع عنهم (عليهم السلام) هي في الطلاق خاصة.
أقول: يعني دون الموت فإن عدتهن فيه أبعد الأجلين.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) سئل عن رجل طلق امرأته وهي حبلى وكان في بطنها اثنان فوضعت واحدا وبقي واحد قال تبين بالأول ولا تحل للأزواج حتى تضع ما في بطنها.
وعنه (عليه السلام) سئل عن الحبلى يموت زوجها فتضع وتزوج قبل أن يمضي لها أربعة أشهر وعشر فقال إن كان دخل بها فرق بينهما ثم لم تحل له أبدا واعتدت بما بقي عليها من الأول واستقبلت عدة أخرى من الأخير ثلاثة قروء وإن لم يكن دخل بها فرق بينهما واعتدت بما بقي عليها من الأول وهو خاطب من الخطاب ذلك ومن يتق الله في أحكامه فيراعي حقوقها يجعل له من أمره يسرا يسهل عليه أمره ويوفقه للخير.
(5) ذلك إشارة إلى ما ذكر من الاحكام أمر الله أنزله إليكم ومن يتق الله في أمره يكفر عنه سيئاته فإن الحسنات يذهبن السيئات ويعظم له أجرا بالمضاعفة.
(6) أسكنوهن من حيث سكنتم أي مكانا من سكناكم من وجدكم من وسعكم ولا تضاروهن في السكنى لتضيقوا عليهن فتلجئوهن إلى الخروج.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) لا يضار الرجل امرأته إذا طلقها فيضيق عليها حتى تنتقل قبل أن تنقضي عدتها فإن الله قد نهى عن ذلك ثم تلا هذه الآية وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فيخرجن من العدة القمي قال المطلقة التي للزوج عليها رجعة لها عليه سكنى ونفقة ما دامت في العدة فإن كانت حاملا ينفق عليها حتى تضع حملها.
وفي الكافي عن الباقر (عليه السلام) إن المطلقة ثلاثا ليس لها نفقة على زوجها إنما هي التي لزوجها عليها رجعة.
وفي التهذيب عن الصادق (عليه السلام) إنه سئل عن المطلقة ثلاثا إلها النفقة والسكنى قال احبلي هي قيل لا قال فلا وفي معناه أخبار أخر فإن أرضعن لكم بعد انقطاع علقة النكاح فآتوهن أجورهن على الارضاع واتمروا بينكم بمعروف وليأتمر بعضكم بعضا بجميل في الارضاع والاجر وإن تعاسرتم تضايقتم فسترضع له أخرى امرأة أخرى وفيه معاتبة للام على المعاسرة.
(7) لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما اتاه الله أي فلينفق كل من الموسر والمعسر ما بلغه من وسعه لا يكلف الله نفسا إلا ما اتاها إلا وسعها وفيه تطييب لقلب المعسر سيجعل الله بعد عسر يسرا أي عاجلا وآجلا وهذا الحكم يجري في كل انفاق.
ففي الكافي عن الصادق (عليه السلام) انه سئل عن الرجل الموسر يتخذ الثياب الكثيرة الجياد والطيالسة والقمص الكثيرة يصون بعضها بعضا يتجمل بها أيكون مسرفا قال لا لان الله عز وجل يقول لينفق ذو سعة من سعته.
وفيه والقمي عنه (عليه السلام) في قوله ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه قال انفق الرجل على امرأته ما يقيم ظهرها مع كسوة وإلا فرق بينهما.
(8) وكأين من قرية أهل قرية عتت عن أمر ربها ورسله أعرضت عنه إعراض العاتي فحاسبنها حسابا شديدا بالاستقصاء والمناقشة وعذبنها عذابا نكرا منكرا أو المراد اما حساب الآخرة وعذابها وإنما عبر بالماضي لتحققه وإما استقصاء ذنوبهم وما أصيبوا به عاجلا.
(9) فذاقت وبال أمرها عقوبة كفرها ومعاصيها وكان عقبة أمرها خسرا لا ربح فيها أصلا.
(10) أعد الله لهم عذابا شديدا فاتقوا الله يا أولى الألباب الذين آمنوا قد أنزل الله إليكم ذكرا.
(11) رسولا يتلوا عليكم آيات الله مبينات.
في العيون الرضا (عليه السلام) في قوله تعالى فاسألوا أهل الذكر إن الذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونحن أهله قال وذلك بين في كتاب الله عز وجل حيث يقول في سورة الطلاق فاتقوا الله يا أولى الألباب الذين آمنوا قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا يتلوا عليكم آيات الله مبينات ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور من الضلالة إلى الهدى ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يدخله جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا وقرئ ندخله بالنون قد أحسن الله له رزقا.
(12) الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن في العدد يتنزل الامر بينهن يجري أمر الله وقضاؤه بينهن وينفذ حكمه فيهن لتعلموا أن الله على كل شئ قدير وأن الله قد أحاط بكل شئ علما علة لخلق أو يتنزل أو ما يعمهما فإن كلا من الامرين يدل على كمال قدرته وعلمه.
القمي عن الرضا (عليه السلام) إنه سئل عن قوله الله تعالى والسماء ذات الحبك فقال هي محبوكة إلى الأرض وشبك بين أصابعه ثم بين كيفية خلق السماوات السبع والأرضين السبع واشتباكهما وأن السماء الدنيا فوق هذه الأرض قبة عليها وأن الأرض الثانية فوق السماء الدنيا والسماء الثانية فوقها قبة وهكذا إلى السابعة منها ثم قال وهو قول الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الامر بينهن قال فأما صاحب الامر فهو رسول الله (صلى الله عليه وآله) والوصي بعده قائم على وجه الأرض وإنما يتنزل الامر إليه من فوق السماء بين السماوات والأرضين وقد مضى تمام الحديث على وجهه في سورة الذاريات.
وفي ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) من قرأ سورة الطلاق والتحريم في فريضة أعاذه الله من أن يكون يوم القيامة ممن يخاف أو يحزن وعوفي من النار وأدخله الله الجنة بتلاوته إياهما ومحافظته عليهما لأنهما للنبي (صلى الله عليه وآله).