سورة الجمعة
مدنية وهي إحدى عشرة آية بالاجماع
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض الملك القدوس العزيز الحكيم.
(2) هو الذي بعث في الأميين الذين ليس معهم كتاب رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم من خبائث العقائد والأخلاق ويعلمهم الكتب والحكمة القرآن والشريعة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين من الشرك وخبث الجاهلية القمي عن الصادق (عليه السلام) في الأميين قال كانوا يكتبون ولكن لم يكن معهم كتاب من عند الله ولا بعث إليهم رسول فنسبهم الله إلى الأميين وفي العلل عن الجواد (عليه السلام) إنه سئل لم سمي النبي الأمي فقال ما يقول الناس قيل يزعمون أنه إنما سمي الأمي لأنه لم يحسن أن يكتب فقال كذبوا عليهم لعنة الله انى ذلك والله يقول هو الذي بعث في الأمين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة فكيف كان يعلمهم ما لا يحسن والله لقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقرأ ويكتب باثنين وسبعين أو قال بثلاث وسبعين لسانا وإنما سمي الأمي لأنه كان من أهل مكة ومكة من أمهات القرى وذلك قول الله عز وجل لتنذر أم القرى ومن حولها وقد مضى هذا الحديث في سورة الأعراف.
(3) وآخرين منهم لما يلحقوا بهم لم يلحقوا بهم بعد وسيلحقون قيل وهم الذين جاؤوا بعد الصحابة إلى يوم الدين فإن دعوته وتعليمه يعم الجميع.
وفي المجمع عن الباقر (عليه السلام) هم الأعاجم ومن لا يتكلم بلغة العرب وقال وروي ان النبي (صلى الله عليه وآله) قرأ هذه الآية فقيل له من هؤلاء فواضع يده على كتف سلمان وقال لو كان الايمان في الثريا لنالته رجال من هؤلاء وهو العزيز الحكيم.
(4) ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم الذي يستحقر دونه نعم الدنيا ونعيم الآخرة.
(5) مثل الذين حملوا التورية علموها وكلفوا العمل بها ثم لم يحملوها لم يعملوا بها ولم ينتفعوا بما فيها كمثل الحمار يحمل أسفارا كتب من العلم يتعب في حملها ولا ينتفع بها القمي قال الحمار يحمل الكتب ولا يعلم ما فيها ولا يعمل بها كذلك بنو إسرائيل قد حملوا مثل الحمار لا يعلمون ما فيه ولا يعملون به بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدى القوم الظالمين.
(6) قل يا أيها الذين هادوا تهودوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس إذ كانوا يقولون نحن أولياء الله وأحباؤه فتمنوا الموت فتمنوا من الله أن يميتكم وينقلكم من دار البلية إلى دار الكرامة القمي قال إن في التوراة مكتوب أن أولياء الله يتمنون الموت إن كنتم صادقين في زعمكم.
(7) ولا يتمنونه أبدا بما قدمت أيديهم بسبب ما قدموا من الكفر والمعاصي والله عليم بالظالمين سبق تمام تفسير هذه الآية في سورة البقرة.
(8) قل إن الموت الذي تفرون منه وتخافون أن تتمنوه بلسانكم مخافة أن يصيبكم فتؤخذوا بأعمالكم فإنه ملاقيكم لا تفوتونه لاحق بكم.
القمي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال أيها الناس كل امرئ لاق في فراره ما منه يفر والأجل مساق النفس إليه والهرب منه موافاته.
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) في هذه الآية قال تعد السنين ثم تعد الشهور ثم تعد الأيام ثم تعد الساعات ثم تعد النفس فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون بأن يجازيكم عليه.
(9) يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة أي اذن لها من يوم الجمعة قيل سمي بها لاجتماع الناس فيه للصلاة.
وفي الكافي عن الباقر (عليه السلام) إن الله جمع فيها خلقه لولاية محمد (صلى الله عليه وآله) ووصيه في الميثاق فسماه يوم الجمعة لجمعه فيه خلقه فاسعوا إلى ذكر الله يعني إلى الصلاة كما يستفاد مما قبله ومما بعده قيل أي فامضوا إليها مسرعين قصدا فإن السعي دون العدو وفي المجمع قرأ عبد الله بن مسعود فامضوا إلى ذكر الله.
قال وروي ذلك عن أمير المؤمنين والباقر والصادق (عليهم السلام) والقمي قال الاسراع في المشي.
وعن الباقر (عليه السلام) اسعوا أي امضوا.
وفي العلل عن الصادق (عليه السلام) معنى فاسعوا هو الانكفاء.
وفي الكافي عن الباقر (عليه السلام) فاسعوا إلى ذكر الله قال اعملوا وعجلوا فإنه يوم مضيق على المسلمين فيه وثواب أعمال المسلمين على قدر ما ضيق عليهم والحسنة والسيئة تضاعف فيه قال والله لقد بلغني أن أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) كانوا يتجهزون للجمعة يوم الخميس لأنه يوم مضيق على المسلمين وذروا البيع واتركوا المعاملة في الفقيه روي أنه كان بالمدينة إذا أذن المؤذن يوم الجمعة نادى مناد حرم البيع ذلكم خير لكم أي السعي إلى ذكر الله خير لكم من المعاملة فإن نفع الآخرة خير وأبقى إن كنتم تعلمون الخير والشر.
في الكافي عن الباقر (عليه السلام) قال فرض الله على الناس من الجمعة إلى الجمعة خمسا وثلاثين صلاة منها صلاة واحدة فرضها الله في جماعة وهي الجمعة ووضعها عن تسعة عن الصغير والكبير والمجنون والمسافر والعبد والمرأة والمريض والأعمى ومن كان على رأس فرسخين.
وفي التهذيب والفقيه عن الصادق (عليه السلام) إنه سئل على من تجب الجمعة قال تجب على سبعة نفر من المسلمين ولا جمعة لأقل من خمسة من المسلمين أحدهم الامام فإذا اجتمع فإذا سبعة ولم يخافوا أمهم بعضهم وخطبهم.
أقول: لعل المراد أنها تجب على سبعة حتما وعزيمة من دون رخصة في تركها وتجب لخمسة تخييرا وعلى الأفضل مع الرخصة في تركها وبهذا تتوافق الاخبار المختلفة في الخمسة والسبعة ويؤيده تعدية الوجوب باللام في الخمسة وبعلى في السبعة وأما إذا كانوا أقل من خمسة فليس عليهم ولا لهم جمعة بل عليهم حتما أن يصلوا أربعا والاخبار في وجوب الجمعة أكثر من أن تحصى.
(10) فإذا قضيت الصلاة أديت وفرغ منها فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله.
في المجمع والمحاسن عن الصادق (عليه السلام) الصلاة يوم الجمعة والانتشار يوم السبت.
وفي العيون والقمي ما في معناه.
وفي المجمع عنه (عليه السلام) قال إني لا ركب في الحاجة التي كفاها الله ما اركب فيها إلا التماس ان يراني الله أضحى في طلب الحلال أما تسمع قول الله عز وجل اسمه فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله.
وبرواية أنس عن النبي (صلى الله عليه وآله) وابتغوا من فضل الله ليس بطلب دنيا ولكن عيادة مريض وحضور جنازة وزيارة أخ في الله واذكروا الله كثيرا واذكروا الله في مجامع أحوالكم ولا تخصوا ذكره بالصلاة.
في المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال من ذكر الله مخلصا في السوق عند غفلة الناس وشغلهم بما هم فيه كتب الله له ألف حسنة ويغفر الله له يوم القيامة مغفرة لم تخطر على قلب بشر لعلكم تفلحون بخير الدارين.
(11) وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها انصرفوا إليها كذا في المجمع.
والقمي عن الصادق (عليه السلام) وتركوك قائما تخطب على المنبر كذا روياه قل ما عند الله من الثواب خير من اللهو ومن التجارة فإن ذلك محقق مخلد بخلاف ما تتوهمون من نفعهما.
القمي عن الصادق (عليه السلام) نزلت خير من اللهو ومن التجارة للذين اتقوا.
وفي العيون عن الرضا (عليه السلام) انه كان يقرأ خير من اللهو ومن التجارة للذين اتقوا والله خير الرازقين فتوكلوا عليه واطلبوا الرزق منه القمي قال كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يصلي بالناس يوم الجمعة ودخلت ميرة وبين يديها قوم يضربون بالدفوف والملاهي فترك الناس الصلاة ومروا ينظرون إليهم فأنزل الله.
وفي المجمع عن جابر بن عبد الله قال أقبلت عير ونحن نصلي مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) فانفض الناس إليها فما بقي غير اثنى عشر رجلا أنا فيهم فنزلت الآية وفي رواية قال (صلى الله عليه وآله) والذي نفسي بيده لو تتابعتم حتى لا يبقى أحد منكم لسال بكم الوادي نارا.
في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) الواجب على كل مؤمن إذا كان لنا شيعة أن يقرأ في ليلة الجمعة بالجمعة وسبح اسم ربك الاعلى وفي صلاة الظهر بالجمعة والمنافقين فإذا فعل ذلك فكأنما يعمل بعمل رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكان ثوابه وجزاؤه على الله الجنة.