سورة النجم
مكية وعن ابن عباس غير آية منها نزلت بالمدينة الذين يجتنبون كبائر الإثم وعن الحسن قال هي مدنية عدد آيها اثنتان وستون آية
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) والنجم إذا هوى أقسم بالنجم إذا سقط.
(2) ما ضل صاحبكم ما عدل محمد (صلى الله عليه وآله) عن الطريق المستقيم وما غوى وما اعتقد باطلا والمراد نفي ما ينسبون إليه.
وما ينطق عن الهوى.
(3) إن هو أي الذي ينطق به إلا وحى يوحى يوحيه الله إليه.
في المجالس عن ابن عباس قال صلينا العشاء الآخرة ذات ليلة مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلما سلم أقبل علينا بوجهه ثم قال إنه سينقض كوكب من السماء مع طلوع الفجر فيسقط في دار أحدكم فمن سقط ذلك الكوكب في داره فهو وصيي وخليفتي والإمام بعدي فلما كان قرب الفجر جلس كل واحد منا في داره ينتظر سقوط الكوكب في داره وكان أطمع القوم فذلك أبي العباس بن عبد المطلب فلما طلع الفجر انقض الكوكب من الهواء فسقط في دار علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام) يا علي والذي بعثني بالنبوة لقد وجبت لك الوصية والخلافة والإمامة بعدي فقال المنافقون عبد الله ابن أبي وأصحابه لقد ضل محمد في محبة ابن عمه وغوى وما ينطق في شأنه إلا بالهوى فأنزل الله تبارك وتعالى والنجم إذا هوى يقول عز وجل وخالق النجم إذا هوى ما ضل صاحبكم يعني في محبة علي بن أبي طالب وما غوى وما ينطق عن الهوى يعني في شأنه إن هو إلا وحى يوحى.
وعن الصادق عن أبيه عن آبائه (عليهم السلام) ما يقرب منه.
والقمي عن الرضا (عليه السلام) إن النجم رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وعن الباقر (عليه السلام) يقول ما ضل في علي (عليه السلام) وما غوى وما ينطق فيه عن الهوى وما كان ما قاله فيه إلا بالوحي الذي أوحي إليه.
وفي الكافي عنه (عليه السلام) والنجم إذا هوى قال أقسم بقبر محمد (صلى الله عليه وآله) إذا قبض ما ضل صاحبكم بتفضيله أهل بيته وما غوى وما ينطق عن الهوى يقول ما يتكلم بفضل أهل البيت بهواه وهو قول الله عز وجل إن هو إلا وحى يوحى.
وفي المجالس عن الصادق (عليه السلام) إن رضى الناس لا يملك وألسنتهم لا تضبط وكيف تسلمون مما لم يسلم منه أنبياء الله ورسله وحجج الله ألم ينسبوا نبينا محمد (صلى الله عليه وآله) إلى أنه ينطق عن الهوى في ابن عمه علي (عليه السلام) حتى كذبهم الله فقال وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى.
(5) علمه شديد القوى قيل يعني والقمي يعني الله عز وجل.
(6) ذو مرة ذو حصافة في عقله ورأيه فاستوى فاستقام قيل يعني جبرئيل استقام على صورته الحقيقية التي خلقه الله عليها فإنه روي ما رآه أحد من الأنبياء في صورته غير محمد (صلى الله عليه وآله) مرة في السماء ومرة في الأرض والقمي يعني رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعن الرضا (عليه السلام) ما بعث الله نبيا إلا صاحب مرة سوداء صافية.
(7) وهو بالأفق الا على قيل يعني جبرئيل (عليه السلام) والقمي يعني رسول الله (صلى الله عليه وآله).
(8) ثم دنا قيل يعني جبرئيل من رسول الله (صلى الله عليه وآله) والقمي يعني رسول الله (صلى الله عليه وآله) من ربه عز وجل فتدلى فزاد منه دنوا هذا تأويله وأصل التدلي استرسال مع تعلق القمي قال إنما نزلت فتدانى.
وفي العلل عن الباقر (عليه السلام) فتدلى قال لا تقرأ هكذا اقرأ ثم دنا فتدانا.
(9) فكان قاب قوسين قدرهما القمي قال كان من الله كما بين مقبض القوس إلى رأس السية.
أقول: ويأتي بيان ذلك وتأويله أو أدنى قال بل أدنى من ذلك.
وعن الصادق (عليه السلام) أول من سبق من الرسل إلى بلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وذلك أنه أقرب الخلق إلى الله وكان بالمكان الذي قال له جبرئيل لما أسري به إلى السماء تقدم يا محمد فقد وطأت موطأ لم يطأه ملك مقرب ولا نبي مرسل ولولا أن روحه ونفسه كانت من ذلك المكان لما قدر أن يبلغه وكان من الله عز وجل كما قال قاب قوسين أو أدنى أي بل أدنى.
وفي العلل عن السجاد (عليه السلام) أنه سئل عن الله عز وجل هل يوصف بمكان فقال تعالى الله عن ذلك قيل فلم أسري بنبيه محمد (صلى الله عليه وآله) إلى السماء قال ليريه ملكوت السماوات وما فيها من عجائب صنعه وبدائع خلقه قيل فقول الله عز وجل ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى قال ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) دنا من حجب النور فرأى ملكوت السماوات ثم تدلى فنظر من تحته إلى ملكوت الأرض حتى ظن أنه في القرب من الأرض كقاب قوسين أو أدنى.
وعنه (عليه السلام) فلما أسري بالنبي (صلى الله عليه وآله) وكان من ربه كقاب قوسين أو أدنى رفع له حجاب من حجبه.
وفي الا مالي عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال لما عرج بي إلى السماء ودنوت من ربي عز وجل حتى كان بيني وبينه قاب قوسين أو أدنى فقال لي يا محمد من تحب من الخلق قلت يا رب عليا قال فالتفت يا محمد فالتفت عن يساري فإذا علي بن أبي طالب.
وفي الاحتجاج عن السجاد (عليه السلام) قال أنا ابن من علا فاستعلا فجاز سدرة المنتهى فكان من ربه قاب قوسين أو أدنى.
وعن الكاظم (عليه السلام) أنه سئل عن قوله دنا فتدلى فقال إن هذه لغة في قريش إذا أراد الرجل منهم أن يقول قد سمعت يقول قد تدليت وإنما التدلي الفهم.
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) إنه أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى مسيرة شهر وعرج به في ملكوت السماوات مسيرة خمسين ألف عام في أقل من ثلث ليلة حتى انتهى إلى ساق العرش فدنا بالعلم فتدلى فدلي له من الجنة رفرف أخضر وغشى النور بصره فرأى عظمة ربه عز وجل بفؤاده ولم يرها بعينه فكان كقاب قوسين بينها وبينه أو أدنى.
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) انه سئل كم عرج برسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال مرتين فأوقفه جبرئيل (عليه السلام) موقفا فقال له مكانك يا محمد فلقد وقفت موقفا ما وقفه ملك قط ولا نبي إن ربك يصلي فقال يا جبرئيل وكيف يصلي قال يقول سبوح قدوس أنا رب الملائكة والروح سبقت رحمتي غضبي فقال اللهم عفوك عفوك قال وكان كما قال الله قاب قوسين أو أدنى قيل ما قاب قوسين أو أدنى قال ما بين سيتها إلى رأسها قال فكان بينهما حجاب يتلألأ بخفق ولا أعلمه إلا وقد قال زبرجد فنظر في مثل سم الإبرة إلى ما شاء الله من نور العظمة فقال الله تبارك وتعالى يا محمد قال لبيك ربي قال من لامتك من بعدك قال الله اعلم قال علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وسيد المسلمين وقائد الغر المحجلين ثم قال الصادق (عليه السلام) والله ما جاءت ولاية علي من الأرض ولكن جاءت من السماء مشافهة.
أقول: لا تنافي بين هذه الروايات وكلها صدر من معدن العلم على مقادير افهام المخاطبين وسية القوس بكسر المهملة قبل المثناة التحتانية المخففة ما عطف من طرفيها وهو تمثيل للمقدار المعنوي الروحاني بالمقدر الصوري الجسماني والقرب المكاني بالدنو المكاني تعالى الله عما يقول المشبهون علوا كبيرا فسر الإمام (عليه السلام) مقدار القوسين بمقدار طرفي القوس الواحد المنعطفين كأنه جعل كلا منهما قوسا على حدة فيكون مقدار مجموع القوسين مقدار قوس واحد وهي المسماة بقوس الحلقة وهي قبل أن يهيأ للرمي فإنها حينئذ تكون شبه دائرة والدائرة تنقسم بما يسمى بالقوس وفي التعبير عن هذا المعنى بمثل هذه العبارة إشارة لطيفة إلى أن السائر بهذا السير منه سبحانه نزل وإليه صعد وأن الحركة الصعودية كانت انعطافية وانها لم تقع على نفس المسافة النزولية بل على مسافة أخرى كما حقق في محله فسيره كان من الله وإلى الله وفي الله وبالله ومع الله تبارك الله عز وجل والحجاب الذي كان بينهما هو حجاب البشرية وإنما يتلا لا لانغماسه في نور الرب تعالى بخفق أي باضطراب وتحرك وذلك لما كاد أن يفني عن نفسه بالكلية في نور الأنوار بغلبة سطوات الجلال وبانجذابه بشراشره إلى جناب القدس المتعال وهذا هو المعنى بالتدلي المعنوي ووصف الحجاب بالزبرجد كناية عن خضرته وذلك لان النور الإلهي الذي يشبه بلون البياض في التمثيل كان قد شابته ظلمة بشرية فصار ترا أي كأنه أخضر على لون الزبرجد وإنما سأله الله عز وجل عن خليفته لأنه كان قد أهمه أمر الأمة وكان في قلبه أن يخلف فيهم خليفته إذا ارتحل عنهم وقد علم الله ذلك منه ولذلك سأله عنه ولما كان الخليفة متعينا عند الله وعند رسوله قال الله تعالى ما قال ووصفه بأوصاف لم يكن لغيره أن ينال وفي هذا الحديث أسرار غامضة لا ينال إليها أيدي أفهامنا الخافضة فكلما جهدنا في إبدائها زدنا في اخفائها ولا سيما في معنى صلاة الله سبحانه وطلب العفو من نبيه في مقابله ومع ذلك فقد أشرنا إلى لمعة من ذلك في كتابنا المسمى بالوافي في شرح هذا الحديث ومن الله الإعانة على فهم أسراره.
(10) فأوحى إلى عبده ما أوحى في إبهام الموحى به تفخيم له القمي قال وحي مشافهة.
وفي الاحتجاج في الحديث الذي سبق ذكره فكان فيما أو حي إليه الآية التي في سورة البقرة قوله تعالى لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله الآية قال وكانت الآية قد عرضت على الأنبياء من لدن آدم إلى أن بعث الله محمدا (صلى الله عليه وآله) وعرضت على الأمم فأبوا أن يقبلوها من ثقلها وقبلها رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعرضها على أمته فقبلوها الحديث وقد سبق تمامه في سورة البقرة.
(11) ما كذب الفؤاد ما رأى.
في التوحيد عن الكاظم (عليه السلام) إنه سئل هل رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ربه عز وجل فقال نعم بقلبه رآه أما سمعت الله يقول ما كذب الفؤاد ما رأى لم يره بالبصر ولكن رآه بالفؤاد.
وفي المجمع عن أمير المؤمنين (عليه السلام) إن محمدا (صلى الله عليه وآله) رأى ربه بفؤاده.
وعن النبي (صلى الله عليه وآله) إنه سئل عن هذه الآية فقال رأيت نورا.
وفي الكافي والتوحيد عن الرضا (عليه السلام) إنه سئل عن ذلك فقال ما كذب فؤاد محمد (صلى الله عليه وآله) ما رأت عيناه ثم أخبر بما رأى فقال لقد رأى من آيات ربه الكبرى فآيات الله غير الله.
أقول: وقد سبق أنه رأى عظمة ربه بفؤاده وإنما اختلف الأجوبة باختلاف مراتب أفهام المخاطبين وغموض المسؤول عنه.
(12) أفتمرونه على ما يرى أفتجادلونه عليه من المراء وقرئ أفتمرونه أي أفتغلبونه في المراء أو أفتجحدونه وعلى تضمين معنى الغلبة.
القمي سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن ذلك الوحي فقال أو حي إلي أن عليا سيد المؤمنين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين وأول خليفة يستخلفه خاتم النبيين فدخل القوم في الكلام فقالوا أمن الله أو من رسوله فقال الله جل ذكره لرسوله قل لهم ما كذب الفؤاد ما رأى ثم رد عليهم فقال أفتمارونه على ما يرى فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد أمرت فيه بغير هذا أمرت أن أنصبه للناس فأقول هذا وليكم من بعدي وأنه بمنزلة السفينة يوم الغرق من دخل فيها نجا ومن خرج عنها غرق.
(13) ولقد رآه نزلة أخرى مرة أخرى بنزول ودنو.
(14) عند سدرة المنتهى التي ينتهي إليها أعمال أهل الأرض في الصعود كما يأتي.
(15) عندها جنة المأوى التي يأوي إليها المتقون القمي سدرة المنتهى في السماء السابعة وجنة المأوى عندها.
وعن الرضا (عليه السلام) لما أسري به إلى السماء وبلغ عند سدرة المنتهى خرق له في الحجب مثل سم الإبرة فرأى من نور العظمة ما شاء الله أن يرى.
وعن الباقر (عليه السلام) قال فلما انتهى إلى سدرة المنتهى تخلف عنه جبرئيل فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) يا جبرئيل في مثل هذا الموضع تخذلني فقال تقدم امامك فوالله لقد بلغت مبلغا لم يبلغه خلق من خلق الله قبلك فرأيت من نور ربي وحال بيني وبينه السبحة قيل وما السبحة فأومى بوجهه إلى الأرض وبيده إلى السماء وهو يقول جلال ربي جلال ربي ثلاث مرات.
وفي العلل عنه (عليه السلام) ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى يعني عندها وافى به جبرئيل حين صعد إلى السماء فلما انتهى إلى محل السدرة وقف جبرئيل دونها وقال يا محمد إن هذا موقفي الذي وضعني الله عز وجل فيه ولن أقدر على أن أتقدمه ولكن امض أنت أمامك إلى السدرة فوقف عندها قال فتقدم رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى السدرة وتخلف جبرئيل (عليه السلام) قال إنما سميت سدرة المنتهى لان أعمال أهل الأرض تصعد بها الملائكة الحفظة إلى محل السدرة والحفظة الكرام البررة دون السدرة يكتبون ما يرفع إليهم الملائكة من أعمال العباد في الأرض قال فينتهون بها إلى محل السدرة قال فنظر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فرأى أغصانها تحت العرش وحوله قال فتجلى لمحمد (صلى الله عليه وآله) نور الجبار عز وجل فلما غشى محمد النور شخص ببصره وارتعدت فرائصه قال فشد الله عز وجل لمحمد (صلى الله عليه وآله) قلبه وقوى له بصره حتى رأى من آيات ربه ما رأى وذلك قول الله عز وجل ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى يعني الموافاة قال فرأى محمد (صلى الله عليه وآله) ما رأى ببصره من آيات ربه الكبرى يعني أكبر الآيات قال (عليه السلام) وإن غلظ السدرة لمسيرة مائة عام من أيام الدنيا وإن الورقة منها تغطي أهل الدنيا.
وفي المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال رأيت على كل ورقة من أوراقها ملكا قائما يسبح الله تعالى.
(16) إذ يغشى السدرة ما يغشى تعظيم وتكثير لما يغشاها بحيث لا يكتنهها نعت ولا يحصيها عد القمي قال لما رفع الحجاب بينه وبين رسول الله (صلى الله عليه وآله) غشى نوره السدرة.
(17) ما زاغ البصر ما مال بصر رسول الله (صلى الله عليه وآله) عما رآه وما طغى وما تجاوزه بل أثبته إثباتا صحيحا مستقيما.
(18) لقد رأى من آيات ربه الكبرى يعني رأى أكبر الآيات كما سبق.
وفي التوحيد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث قال وقوله في آخر الآيات ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى رأى جبرئيل في صورته مرتين هذه المرة ومرة أخرى وذلك أن خلق جبرئيل عظيم فهو من الروحانيين الذين لا يدرك خلقهم وصفتهم إلا الله رب العالمين وقيل ما رآه أحد من الأنبياء في صورته غير محمد (صلى الله عليه وآله) مرتين مرة في السماء ومرة في الأرض.
والقمي في هذه الآية يقول لقد سمع كلاما لولا أنه قوي ما قوى.
وفي التوحيد عن الصادق (عليه السلام) إنه سئل عن هذه الآية فقال رأى جبرئيل على ساقه الدر مثل القطر على البقل له ستمائة جناح قد ملا ما بين السماء والأرض.
والقمي عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال لعلي يا علي إن الله أشهدك معي في سبعة مواطن أما أول ذلك فليلة أسري بي إلى السماء قال لي جبرئيل أين أخوك فقلت خلفته ورائي قال ادع الله فليأتك به فدعوت الله فإذا مثالك معي وإذا لملائكة وقوف صفوف فقلت يا جبرئيل من هؤلاء قال هم الذين يباهيهم الله بك يوم القيامة فدنوت فنطقت بما كان ويكون إلى يوم القيامة والثاني حين أسري بي في المرة الثانية فقال لي جبرئيل أين أخوك قلت خلفته ورائي قال ادع الله فليأتك به فدعوت الله فإذا مثالك معي فكشط لي عن سبع سماوات حتى رأيت سكانها وعمارها وموضع كل ملك منها والثالث حين بعثت إلى الجن فقال لي جبرئيل أين أخوك قلت خلفته ورائي فقال ادع الله فليأتك به فدعوت الله فإذا أنت معي فما قلت لهم شيئا ولا ردوا علي شيئا إلا سمعته والرابع خصصنا بليلة القدر وليست لاحد غيرنا والخامس دعوت الله فيك وأعطاني فيك كل شئ إلا النبوة فإنه قال خصصتك بها وختمتها بك وأما السادس لما أسري بي إلى السماء جمع الله لي النبيين فصليت بهم ومثالك خلفي والسابع هلاك الأحزاب بأيدينا.
وفي الكافي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) مالله عز وجل آية هي أكبر مني.
(19) أفرأيتم اللات والعزى.
(20) ومناة الثالثة الأخرى هي أصنام كانت لهم وقرئت اللات بتشديد التاء على أنه صورة رجل كان يلت السويق بالسمن ويطعم الحاج والعزى قيل أصلها تأنيث الأعز ومناة فعلة من مناه إذا قطعه فإنهم كانوا يذبحون عندها القرابين ومنه منى وقرئ منأة على أنها مفعلة من النوء كأنهم يستمطرون الأنواء عندها تبركا بها.
القمي قال اللات رجل والعزى امرأة ومناة صنم بالمسلك الخارج من الحرم على ستة أميال.
(21) ألكم الذكر وله الأنثى قيل إنكار لما قالت قريش إن الملائكة بنات الله وهذه الأصنام هي كلها أو استوطنها جنيات هن بناته تعالى الله عن ذلك.
(22) تلك إذا قسمة ضيزى جائرة حيث جعلتم له ما تستنكفون منه وهي فعلى من الضيز وهو الجور لكنه كسر فائه ليسلم الياء وقرئ بالهمزة من ضأزه إذا ظلمه على أنه مصدر نعت به.
(23) إن هي إلا أسماء الضمير للأصنام أي ما هي باعتبار الألوهية إلا أسماء تطلقونها عليها لأنكم تقولون إنها آلهة وليس فيها شئ من معنى الألوهية سميتموها أنتم وآباؤكم بهواكم ما أنزل الله بها من سلطان برهان تتعلقون به إن يتبعون إلا الظن إلا توهم أن ما هم عليه حق تقليدا وتوهما باطلا وما تهوى الأنفس وما تشتهيه أنفسهم ولقد جائهم من ربهم الهدى الرسول والكتاب فتركوه.
(24) أم للانسان ما تمنى أم منقطعة والهمزة فيه للانكار والمعنى ليس له كل ما يتمناه والمراد نفي طمعهم في شفاعة الآلهة وقولهم لئن رجعت إلى ربى أن لي عنده للحسنى وقولهم لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم ونحوها.
(25) فلله الآخرة والأولى يعطي منهما ما يشاء لمن يريد وليس لاحد أن يتحكم عليه في شئ منهما.
(26) وكم من ملك في السماوات لا تغنى شفعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله في الشفاعة لمن يشاء من الملائكة أن يشفع أو من الناس أن يشفع له ويرضى ويراه أهلا لذلك فكيف يشفع الأصنام لعبدتهم.
(27) إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى بأن سموهم بنات.
(28) وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغنى من الحق شيئا فإن الحق الذي هو حقيقة الشئ لا يدرك إلا بالعلم.
(29) فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا فأعرض عن دعوته والاهتمام بشأنه فإن من غفل عن الله وأعرض عن ذكره وانهمك في الدنيا بحيث كانت منتهى همته ومبلغ علمه لا يزيده الدعوة إلا عنادا وإصرارا على الباطل.
(30) ذلك مبلغهم من العلم لا يتجاوزه علمهم والجملة اعتراض مقرر لقصور هممهم على الدنيا إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى أي يعني إنما يعلم الله من يجيب ممن لا يجيب فلا تتعب نفسك في دعوتهم إذ ما عليك إلا البلاغ وقد بلغت.
(31) ولله ما في السماوات وما في الأرض ليجزى الذين أساؤا بما عملوا بعقاب ما عملوا من السوء ويجزى الذين أحسنوا بالحسنى بالمثوبة الحسنى.
(32) الذين يجتنبون كبئر الاثم ما يكبر عقابه من الذنوب وهو ما رتب الوعيد عليه بخصوصه وقد مر بيانه في سورة النساء وقرئ كبير الاثم على إرادة الجنس أو الشرك والفواحش ما فحش من الكبائر خصوصا إلا اللمم إلا ما قل وصغر فإنه مغفور من مجتنبي الكبائر والاستثناء منقطع.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) قال الفواحش الزنا والسرقة واللمم الرجل يلم بالذنب فيستغفر الله منه.
وعنه (عليه السلام) ما من ذنب إلا وقد طبع عليه عبد مؤمن يهجره الزمان ثم يلم به وهو قول الله تعالى الذين يجتنبون كبئر الاثم والفواحش إلا اللمم قال اللمام العبد الذي يلم بالذنب ليس من سليقته أي من طبيعته وفي رواية قال الهنة بعد الهنة أي الذنب بعد الذنب يلم به العبد وفي أخرى قال هو الذنب يلم به الرجل فيمكث ما شاء الله ثم يلمه به بعد.
أقول: يلم بالذنب أي يقاربه وينزل إليه فيفعله وقد طبع عليه أي لعارض عرض له يمكن زواله عنه ولهذا يمكنه الهجرة عنه ولو كان مطبوعا عليه في أصل الخلقة وكان من سجيته وسليقته لما أمكنه الهجرة عنه والهنة كناية عن الشئ إن ربك واسع المغفرة حيث يغفر الصغائر باجتناب الكبائر وله أن يغفر ما شاء من الذنوب صغيرها وكبيرها لمن يشاء هو أعلم بكم أعلم بأحوالكم منكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم علم أحوالكم ومصارف أموركم حين ابتدأ خلقكم من التراب وحيثما صوركم في الأرحام فلا تزكوا أنفسكم فلا تثنوا عليها بزكاء العمل وزيادة الخير والطهارة عن المعاصي والرذائل هو أعلم بمن اتقى فإنه يعلم التقي وغيره منكم قبل أن يخرجكم من صلب آدم.
في العلل عن الباقر (عليه السلام) في هذه الآية قال يقول لا يفتخر أحدكم بكثرة صلاته وصيامه وزكاته ونسكه لان الله عز وجل أعلم بمن اتقى منكم.
وفي المعاني عن الصادق (عليه السلام) إنه سئل عنها فقال قول الانسان صليت البارحة وصمت أمس ونحو هذا ثم قال (عليه السلام) لكني أنام الليل والنهار ولو أجد بينهما شيئا لنمته.
وفي الاحتجاج عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ولولا ما نهى الله عنه من تزكية المرء نفسه لذكر ذاكر فضائل جمة تعرفها قلوب المؤمنين ولا تمجها آذان السامعين.
والعياشي عن الصادق (عليه السلام) إنه سئل هل يجوز أن يزكي المرء نفسه قال نعم إذا اضطر إليه أما سمعت قول يوسف (عليه السلام) اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم وقول العبد الصالح وأنا لكم ناصح أمين.
(33) أفرأيت الذي تولى عن اتباع الحق والثبات عليه.
(34) وأعطى قليلا وأكدى وقطع العطاء في المجمع نزلت الآيات السبع يعني هذه وما بعدها في عثمان بن عفان كان يتصدق وينفق فقال له أخوه من الرضاعة عبد الله بن سعد أبي سعيد ما هذا الذي تصنع يوشك أن لا يبقى لك شئ فقال عثمان إن لي ذنوبا وإني أطلب بما أصنع رضا الله وأرجو عفوه فقال له عبد الله أعطني ناقتك برحلها وأنا أتحمل عنك ذنوبك كلها فأعطاه وأشهد عليه وأمسك عن النفقة فنزلت أفرأيت الذي تولى أي يوم أحد حين ترك المركز وأعطى قليلا ثم قطع النفقة إلى قوله وان سعيه سوف يرى فعاد عثمان إلى ما كان عليه.
(35) أعنده علم الغيب فهو يرى يعلم أن صاحبه يتحمل عنه.
(36) أم لم ينبأ بما في صحف موسى.
(37) وإبراهيم الذي وفى وفرو أتم ما امر به وبالغ بالوفاء بما التزمه على نفسه القمي قال وفى بما أمره الله به من الأمر والنهي وذبح ابنه.
وفي الكافي عن الباقر (عليه السلام) إنه سئل ما عنى بقوله وإبراهيم الذي وفى قال كلمات بالغ فيهن قيل وما هن قال كان إذا أصبح قال أصبحت وربي محمود وأصبحت لا اشرك بالله شيئا ولا أدعو معه إلها ولا أتخذ من دونه وليا ثلاثا وإذا أمسى قال ثلاثا قال فأنزل الله عز وجل في كتابه وإبراهيم الذي وفى.
وفي العلل عن الصادق (عليه السلام) ما في معناه.
(38) ألا تزر وازرة وزر أخرى أي لم ينبأ بما في صحفهما أنه لا يؤاخذ أحد بذنب غيره.
(39) وأن ليس للانسان إلا ما سعى إلا سعيه أي كما لا يؤاخذ أحد بذنب الغير لا يثاب بفعله وما جاء في الاخبار من أن الصدقة والحج ينفعان الميت فذلك إنما هو لمحبة زرعها الميت في قلب الناوي له النائب عنه بإحسان أو إيمان أو قرابة أو غير ذلك فهو من جملة سعيه وكذا المريض إنما يكتب له في أيام مرضه ما كان يفعله في صحته لان في نيته أن لو كان صحيحا لفعله فهو إنما يثاب بالنية مع أن المانع له من فعله ليس بيده وإنما غلب الله عليه فعل فضل الله أن يثيبه.
(40) وأن سعيه سوف يرى يراه في الآخرة.
(41) ثم يجزيه الجزاء الا وفى أي يجزى العبد سعيه بالجزاء الأوفر.
(42) وأن إلى ربك المنتهى انتهاء الخلائق ورجوعهم.
وفي الكافي والتوحيد عن الصادق (عليه السلام) إن الله يقول وأن إلى ربك المنتهى فإذا انتهى الكلام إلى الله فامسكوا والقمي مثله مع زيادة.
وفي التوحيد عن الباقر (عليه السلام) قيل له إن الناس من قبلنا قد أكثروا في الصفة فما تقول فقال مكروه أما تسمع الله عز وجل يقول وأن إلى ربك المنتهى تكلموا فيما دون ذلك.
(43) وأنه هو أضحك وأبكى القمي قال أبكى السماء بالمطر وأضحك الأرض بالنبات قال الشاعر كل يوم باقحوان جديد تضحك الأرض من بكاء السماء.
(44) وأنه هو أمات وأحيى لا يقدر على الإماتة والاحياء غيره.
(45) وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى.
(46) من نطفة إذا تمنى القمي قال تتحول النطفة من الدم فتكون أو لا دما ثم تصير النطفة في الدماغ في عرق يقال له الوريد وتمر في فقار الظهر فلا تزال تجوز فقرا فقرا حتى تصير في الحالبين فتصير أبيض وأما نطفة المرأة فإنها تنزل من صدرها.
(47) وأن عليه النشأة الأخرى الاحياء بعد الموت بعهده.
(48) وأنه هو أغنى وأقنى وأعطى القنية وهي مما يتأصل من الأموال.
في المعاني والقمي عن الصادق (عليه السلام) عن آبائه عن أمير المؤمنين (عليهم السلام) في هذه الآية قال اغنى كل انسان بمعيشته وأرضاه بكسب يده.
(49) وأنه هو رب الشعرى القمي قال نجم في السماء يسمى الشعرى كانت قريش وقوم من العرب يعبدونه وهو نجم يطلع في آخر الليل.
(50) وأنه أهلك عادا الأولى.
(51) وثمودا قرئ بغير تنوين فما أبقى الفرقين.
(52) وقوم نوح من قبل عاد وثمود إنهم كانوا هم أظلم وأطغى من الفريقين لأنهم كانوا يؤذون نوحا وينفرون عنه ويضربونه حتى لا يكون به حراك.
(53) والمؤتفكة والقرى التي ائتفكت بأهلها أي انقلبت وهي قرى قوم لوط أهوى بعد أن رفعها وقلبها.
في الكافي عن الصادق (عليه السلام) هم أهل البصرة هي المؤتفكة والقمي قال المؤتفكة البصرة والدليل على ذلك قول أمير المؤمنين (عليه السلام) يا أهل البصرة ويا أهل المؤتفكة ويا جند المرأة وأتباع البهيمة رغا فأجبتم وعقر فهربتم ماؤكم زعاق وأحلامكم رقاق وفيكم ختم النفاق ولعنتم على لسان سبعين نبيا أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أخبرني أن جبرئيل أخبره انه طوي له الأرض فرأى البصرة أقرب الأرضين من الماء وأبعدها من السماء فيها تسعة أعشار الشر والداء العضال المقيم فيها مذنب والخارج منها برحمة وقد ائتفكت بأهلها مرتين وعلى الله تمام الثالثة وتمام الثالثة في الرجعة.
(54) فغشها ما غشى فيه تهويل وتعميم لما أصابهم.
(55) فبأي آلاء ربك تتمارى تشكك والخطاب لكل أحد.
في الكافي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) الشك على أربع شعب على المرية والهوى والتردد والاستسلام وهو قول الله تعالى فبأي آلاء ربك تتمارى قيل المعدودات وإن كانت نعما ونقما سماها آلاء من قبل ما في نقمه من العبر والمواعظ للمعنبرين والانتقام للأنبياء والمؤمنين والقمي أي بأي سلطان تخاصم.
(56) هذا نذير من النذر الأولى.
القمي عن الصادق (عليه السلام) إنه سئل عنها فقال إن الله تعالى لما ذرأ الخلق في الذر الأول أقامهم صفوفا قدامه وبعث الله محمدا (صلى الله عليه وآله) حيث دعاهم فآمن به قوم وانكره قوم فقال الله عز وجل في الذر الأول وفي البصائر مثله.
(57) أزفت الآزفة القمي قال يعني قربت القيامة.
(58) ليس لها امن دون الله كاشفة ليس لها نفس قادرة على كشفها إلا الله.
(59) أفمن هذا الحديث.
في المجمع عن الصادق (عليه السلام) يعني بالحديث ما تقدم من الأخبار تعجبون إنكارا.
(60) وتضحكون استهزاء ولا تبكون تحزنا على ما فرطتم.
(61) وأنتم سامدون القمي أي لا هون وقيل مستكبرون.
(62) فاسجدوا لله واعبدوا أي واعبدوه دون الآلهة.
في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) من كان يد من قراءة والنجم في كل يوم أو في كل ليلة عاش محمودا بين الناس وكان مغفورا له وكان محبوبا بين الناس إن شاء الله.