سورة الطور
مكية عدد آيها تسع وأربعون آية.
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) والطور قيل يريد طور سينين وهو جبل بمدين سمع فيها موسى (عليه السلام) كلام الله والقمي ما يقرب منه.
(2) وكتاب مسطور مكتوب.
(3) في رق منشور الرق الجلد الذي يكتب فيه استعير لما كتب فيه الكتاب وتنكيرهما للتعظيم والاشعار بأنهما ليسا من المتعارف بين الناس.
(4) والبيت المعمور القمي قال هو في السماء الرابعة وهو الضراح يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون إليه أبدا.
في المجمع عن الباقر (عليه السلام) إنه قال إن الله وضع تحت العرش أربع أساطين وسماهن الضراح وهو البيت المعمور وقال للملائكة طوفوا به ثم بعث ملائكة فقال ابنوا في الأرض بيتا بمثاله وقدره وأمر من في الأرض أن يطوفوا بالبيت.
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال ويدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون إليه أبدا وعن النبي (صلى الله عليه وآله) البيت المعمور في السماء الدنيا.
وعنه (عليه السلام) البيت الذي في السماء الدنيا يقال له الضراح وهو بفناء البيت الحرام لو سقط لسقط عليه يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون فيه أبدا.
: أقول وفي حديث المعراج إنه في السماء السابعة رواه القمي والعياشي.
(5) والسقف المرفوع القمي قال السماء.
ورواه في المجمع عن علي (عليه السلام).
(6) والبحر المسجور قيل أي المملوء وهو المحيط أو الموقد من قوله وإذا البحار سجرت والقمي قال يسجر يوم القيامة وروي أن الله يجعل يوم القيامة البحار نارا يسجر بها جهنم.
(7) إن عذاب ربك لوقع لنازل.
(8) ما له من دافع يدفعه قيل وجه دلالة هذه الأمور المقسم بها على ذلك انها أمور تدل على كمال قدرة الله وحكمته وصدق اخباره وضبط اعمال العباد للمجازاة.
(9) يوم تمور السماء مورا تضطرب.
(10) وتسير الجبال سيرا القمي أي تسير مثل الريح.
وعن السجاد (عليه السلام) في حديث النفختين وقد سبق في سورة الزمر قال يعني تبسط.
(11) فويل يومئذ للمكذبين.
(12) الذين هم في خوض يلعبون القمي قال يخوضون في المعاصي.
(13) يوم يدعون إلى نار جهنم دعا يدفعون إليها بعنف.
(14) هذه النار التي كنتم بها تكذبون أي يقال لهم ذلك.
(15) أفسحر هذا أي كنتم تقولون للوحي هذا سحر فهذا المصداق أيضا سحر أم أنتم لا تبصرون هذا كما كنتم لا تبصرون في الدنيا ما يدل عليه وهو تقريع وتهكم.
(16) اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا أي ادخلوها على أي وجه شئتم من الصبر وعدمه فإنه لا محيص لكم عنها سواء عليكم أي الأمران الصبر وعدمه إنما تجزون ما كنتم تعملون تعليل للاستواء.
(17) إن المتقين في جنات ونعيم في أية جنات وأي نعيم.
(18) فاكهين ناعمين متلذذين بما آتاهم ربهم ووقاهم ربهم عذاب الجحيم.
(19) كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون.
(20) متكئين على سرر مصفوفة مصطفة وزوجناهم بحور عين سبق حديثهن في سورة الدخان.
(21) والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وقرئ واتبعناهم وذرياتهم.
روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) إن الله يرفع ذرية المؤمن في درجته وإن كانوا دونه لتقر بهم عينه ثم تلا هذه الآية.
وفي الكافي والفقيه والتوحيد عن الصادق (عليه السلام) في هذه الآية قال قصرت الأبناء عن عمل الاباء فالحقوا الأبناء بالاباء لتقر بذلك أعينهم.
وفي المجمع عنه (عليه السلام) قال أطفال المؤمنين يهدون إلى آبائهم يوم القيامة والقمي مثله.
وفي الفقيه عنه (عليه السلام) قال إن الله تبارك وتعالى كفل إبراهيم وسارة أطفال المؤمنين يغدونهم بشجرة في الجنة لها أخلاف كأخلاف البقر في قصر من درة فإذا كان يوم القيامة البسوا وطيبوا واهدوا إلى آبائهم فهم ملوك في الجنة مع آبائهم وهدا قول الله عز وجل والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم الآية وما ألتناهم وما نقصناهم وقرئ بكسر اللام وهو بمعناه من عملهم من شئ بهذا الالحاق بل نتفضل عليهم.
في الكافي والقمي عن الصادق (عليه السلام) الذين آمنوا النبي وأمير المؤمنين وذريته الأئمة والأوصياء (عليهم السلام) ألحقنا بهم ولم ننقص ذريتهم الحجة التي جاء بها محمد في علي وحجتهم واحدة وطاعتهم واحدة كل امرئ بما كسب رهين بعمله مرهون عند الله فإن عمل صالحا فكه وإلا أهلكه.
(22) وأمددناهم بفاكهة ولحم مما يشتهون وزدناهم وقتا بعد وقت ما يشتهون من أنواع النعم.
(23) يتنازعون فيها يتعاطون هم وجلسائهم بتجاذب كأسا خمرا سمي باسم محلها ولذلك أنث ضميرها لا لغو فيها ولا تأثيم أي لا يتكلمون بلغو الحديث في أثناء شربها ولا يفعلون ما يؤثم به فاعله كما هو عادة الشاربين في الدنيا وذلك مثل قوله لا فيها غول وقرئ بالفتح القمي قال ليس في الجنة غناء ولا فحش ويشرب المؤمن ولا يأثم.
(24) ويطوف عليهم أي بالكأس غلمان لهم أي مماليك مخصوصون بهم وقيل أولادهم الذين سبقوهم كأنهم لؤلؤ مكنون مصون في الصدف من بياضهم وصفائهم.
في المجمع عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه سئل الخادم كاللؤلؤ فكيف المخدوم فقال والذي نفسي بيده إن فضل المخدوم على الخادم كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب.
(25) وأقبل بعضهم على بعض يتسائلون يسأل بعضهم بعضا عن أحواله وأعماله.
(26) قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين القمي أي خائفين من العذاب.
(27) فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم عذاب النار النافذة في المسام نفوذ السموم.
القمي قال السموم الحر الشديد.
(28) إنا كنا من قبل من قبل ذلك في الدنيا ندعوه نعبده إنه وقرئ بالفتح هو البر المحسن الرحيم الكثير الرحمة.
(29) فذكر فاثبت على التذكير ولا تكترث بقولهم فما أنت بنعمة ربك بحمد الله وإنعامه بكاهن ولا مجنون كما يقولون.
(30) أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون ما يقلق النفوس من حوادث الدهر وقيل المنون الموت.
(31) قل تربصوا فإني معكم من المتربصين أتربص هلاككم كما تربصون هلاكي.
(32) أم تأمرهم أحلامهم عقولهم.
القمي قال لم يكن في الدنيا أحلم من قريش بهذا بهذا التناقض في القول فإن الكاهن يكون ذا فطنة ودقة نظر والمجنون مغطى عقله والشاعر يكون ذا كلام مخيل موزون ولا يتأتى ذلك من المجنون أم هم قوم طاغون مجاوزون الحد في العناد.
(33) أم يقولون تقوله اختلقه من تلقاء نفسه بل لا يؤمنون فيرمون بهذه المطاعن لكفرهم وعنادهم.
(34) فليأتوا بحديث مثله مثل القرآن إن كانوا صادقين في زعمهم إذ فيهم كثير ممن عدوا من الفصحاء فهو رد للأقوال المذكورة بالتحدي أو رد للتقول خاصة فإن سائر الاقسام ظاهر الفساد.
(35) أم خلقوا من غير شئ أم أحدثوا وقدروا من غير محدث ومقدر فلذلك لا يعبدونه أم هم الخالقون أم خلقوا أنفسهم.
(36) أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون إذ لو أيقنوا لما أعرضوا عن عبادته.
(37) أم عندهم خزائن ربك خزائن رزقه حتى يرزقوا النبوة من شاؤوا أو خزائن علمه حتى يختاروا لها من شاؤوا أم هم المصيطرون الغالبون على الأشياء يدبرونها كيف شاؤوا وقرئ بالسين.
(38) أم لهم سلم مرتقى إلى السماء يستمعون فيه صاعدين فيه إلى كلام الملائكة وما يوحى إليهم من علم الغيب حتى يعلموا ما هو كائن فليأت مستمعهم بسلطان مبين بحجة واضحة تصدق استماعه.
(39) أم له البنت ولكم البنون هو ما قالت قريش أن الملائكة بنات الله كذا رواه القمي وفيه تسفيه لهم وإشعار بأن من هذا رأيه لا يعد من العقلاء فضلا أن يترقى بروحه إلى عالم الملكوت فيتطلع على الغيوب.
(40) أم تسئلهم أجرا على تبليغ الرسالة فهم من مغرم من التزام غرم مثقلون محملون الثقل فلذلك زهدوا في اتباعك.
(41) أم عندهم الغيب اللوح المحفوظ المثبت فيه المغيبات فهم يكتبون منه.
(42) أم يريدون كيدا قيل هو كيدهم في دار الندوة برسول الله (صلى الله عليه وآله).
فالذين كفروا هم المكيدون هم الذين يحيق بهم الكيد أو يعود عليهم وبال كيدهم قيل وهو قتلهم يوم بدر.
(43) أم لهم إله غير الله يعينهم ويحرسهم من عذابه سبحان الله عما يشركون عن إشراكهم أو شركة ما يشركونه به.
(44) وإن يروا كسفا قطعة من السماء ساقطا يقولوا من فرط طغيانهم وعنادهم سحاب مركوم هذا سحاب تراكم بعضها على بعض وهو جواب قولهم فأسقط علينا كسفا من السماء.
(45) فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون قيل هو عند النفخة الأولى.
(46) يوم لا يغنى عنهم كيدهم شيئا في رد العذاب ولا هم ينصرون يمنعون من عذاب الله.
(47) وإن للذين ظلموا القمي ظلموا آل محمد صلوات الله عليهم حقهم عذابا دون ذلك أي دون عذاب الآخرة.
القمي قال عذاب الرجعة بالسيف ولكن أكثرهم لا يعلمون ذلك.
(48) واصبر لحكم ربك بإمهالهم وإبقائك في عنائهم فإنك بأعيننا في حفظنا وحرزنا بحيث نراك ونكلؤك وجمع العين لجمع الضمير والمبالغة بكثرة أسباب الحفظ وسبح بحمد ربك حين تقوم القمي قال لصلاة الليل.
(49) ومن الليل فسبحه قال صلاة الليل وإدبار النجوم إذا أدبرت النجوم من آخر الليل وقرئ بالفتح أي في أعقابها إذا غربت أو خفيت.
في المجمع عنهما (عليهما السلام) في هذه الآية قالا إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يقوم من الليل ثلاث مرات فينظر في آفاق السماء ويقرأ الخمس من آل عمران التي آخرها إنك لا تخلف الميعاد ثم يفتتح صلاة الليل الحديث.
وعنهما (عليهما السلام) وإدبار النجوم يعني الركعتين قبل صلاة الفجر.
ورواه عن النبي (صلى الله عليه وآله) وعلي والحسن بن علي (عليهما السلام) وفي الكافي عن الباقر والقمي عن الرضا (عليهما السلام) مثله.
وفي ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق (عليه السلام) من قرأ سورة الطور جمع الله تعالى له خير الدنيا والآخرة إن شاء الله تعالى.